أحدث الأخبار مع #الهولوكست


اليوم السابع
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- اليوم السابع
هولوكست غزة و نكبة إسرائيل
قد لا تعرف قطاعات من الشباب الصغير في السن معنى النكبة، وأيضا فهم لا يعرفون في المقابل معنى الهولوكست، وكلاهما مصطلحان يرتبطان بتاريخ عالمى، وكلاهما يحملان قدر كبير من المآسي، فالأولى متصلة ذهنيا بشعب فلسطين، والثانية ترتبط باليهود، غير أن الكل يتفق ويعرف في تلك اللحظة على معنى كلمة غزة، وما يجرى فيها من تدمير وقتل على الهوية، ورغبة جامحة من نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وجماعته في اليمين المتطرف في الإمعان في القتل لكل ماهو فلسطيني، سواء كان حجرا أو بشرا، حتى وصل العدد في تلك اللحظة لأكثر من 200 ألف شهيد ومصاب ومفقود، وتدمير ما لايقل عن 80 % من مساحة قطاع غزة، والذى يتكون من خمس مدن رئيسية وهى شمال غزة، وغزة، ودير البلح، وخان يونس، ورفح الفلسطينية، بكل توابعهما. النكبة التى نحي ذكراها، هي ذكرى احتلال فلسطين، واحتلالها من عصابات الهاجاناه، والتي تم تحويلها لجيش الدفاع الإسرائيلي بعد ذلك، في 15 مايو 1948، وفى النكبة التي تسببت في تهجير ولجوء أكثر من 750 ألف فلسطيني، خرجوا من أرضهم ولم يعودوا إليها بعد ذلك إطلاقا، ولذلك تم إطلاق مصطلح النكبة، ترميزا لما حدث في فلسطين في ذلك التوقيت، والتي بدأ معها سيطرة إسرائيل _ بدعم دولى_ على مساحات كبيرة من فلسطين، وإعلان قيام كيانها حتى تلك اللحظة، وبعدها حدث ماحدث في دخول الجيوش العربية، وما حدث نتيجة ذلك من توابع يسجلها التاريخ. بينما الهولوكست، فهو محرقة قامت ضد عدد كبير من اليهود في أوربا، وعانى منها اليهود، في مشاهد سجلها التاريخ، وتحتفظ بها الأفلام والوثائق، لكن تسجيل التاريخ لتلك الوقائع، جعلها كأنها الواقعة الوحيدة في العالم التي حدثت ضد جماعة أو شعب، ومع الإشارة إلى أن الاستهداف بالقتل والبطش لأي هوية أو معتقد، هو امر مرفوض في المطلق، فما حدث ضد اليهود وقتها، يتفق في رفضه قطاعات كبيرة للغاية حول العالم، وهو ما جعل الكثيرون يتسآلون كيف تفعل إسرائيل ضد شعب فلسطين مارفضته في الحدوث ضدها في الهولوكست، وكأنها هربت من الهولوكست، بقيامها بهولوكست ضد أهل فلسطين. ومابين النكبة والهولوكست، ستظل حرب غزة رقما صعبا للغاية، فحرب غزة الحالية، تفوق في حجم ضحاياها وشهدائها كل ما سبق، وكذلك المهجرين منها ، أضعاف ماحدث في نكبة 1948، مما يجعلنا نطالب الجميع بضرورة توثيق كل ماحدث من إسرائيل من جرائم ضد أهل غزة والضفة، وعدم اليأس في نشره والإشارة إليه، فنكبات غزة أضعاف ماحدث في نكبة فلسطين، وما يحدث يوميا ضد أهل غزة والضفة، أضعاف ماحدث ضد أي شعب آخر، والفيديوهات تملأ وسائل التواصل الاجتماعى، وهى أضعاف ماتم حظره من تلك الوسائل رغبة في حماية إسرائيل وجنودها، حتى أن نكبة غزة قد تكون البداية، لكنها ستكون سبب رئيسى لنكبة إسرائيل في النهاية.


العربي الجديد
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- العربي الجديد
تصنيف "البديل من أجل ألمانيا" منظمةً متطرفةً.. الأسباب ومعضلة أحزاب
صنّفت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور في ألمانيا (جهاز الاستخبارات الداخلية)، أمس الجمعة، "حزب البديل من أجل ألمانيا" بصفته "منظمةً يمينيةً متطرّفة مؤكّدة" وذلك قُبيل احتفالات ألمانيا بالذكرى الثمانين لنهاية النازية والحرب العالمية الثانية، وهو تصنيف يكشف مع ذلك معضلة الأحزاب السياسية التقليدية في التعاطي مع ارتفاع شعبية الحزب اليميني المتطرف. فمن ناحية ثمّة دعوات لحظره، ما قد يظهره "ضحيةً" في أعيُن ناخبيه ومؤيديه، ومن ناحية أخرى، فإذا ما نجا من الحظر، فمن شأن ذلك أن يزيد من شعبيته، ما قد يقوده إلى الفوز في استحقاقات انتخابية قادمة، وربما التقدم بثبات نحو تولّي الحكم. تجربة انتخابات فبراير/شباط الماضي البرلمانية ماثلة أمام الطبقة السياسية التقليدية في ألمانيا، في مضاعفة البديل من أجل ألمانيا حصّته إلى 20.8% من الأصوات في البرلمان ( البوندستاغ )، واحتلاله المرتبة الثانية بعد الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب المستشار المقبل فريدريش ميرز)، متفوقاً على حزب المستشار المنتهية ولايته من يسار الوسط (الاجتماعي الديمقراطي) أولاف شولتز. دواعي تصنيف البديل من أجل ألمانيا جاء تصنيف الاستخبارات الداخلية الألمانية لحزب البديل أمس الجمعة معلّلاً بتقرير شامل أعدّه الجهاز من نحو ألف صفحة، وتضمن تحقيقاً في تصريحات أعضاء الحزب وشعاراته وبرامجه، وخلُص الجهاز الأمني إلى "وجود أدلّة دامغة على أنّ حزب البديل يُهدّد النظام الديمقراطي في ألمانيا"، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية "دي بي إيه"، وشدد الجهاز أن "الفهم السائد في الحزب للأشخاص على أساس العرق والأصل يتعارض مع النظام الأساسي الديمقراطي الحر"، وأن تصريحات قياداته "تنتهك المبدأ الدستوري لحرمة الكرامة الإنسانية". أخبار التحديثات الحية الاستخبارات الألمانية تصنف حزب البديل "منظمة يمينية متطرفة مؤكدة" ومنذ تأسيس الحزب في 2013، حالةً احتجاجيةً على طريقة تعاطي حكومة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل مع أزمة منطقة اليورو، وتقديم مبالغ كبيرة لإنقاذ بعض الدول، كاليونان، تلقى دفعة شعبية نتيجة مواقفه المتشدّدة من الهجرة واللجوء في 2015، مع تزايد احتجاجه على منظومة الاتحاد الأوروبي والطبقة الحاكمة في برلين. برغم خوضه منذ 2013 الانتخابات وتحقيق تقدم على مستوى بعض الولايات، وتحوّله اليوم إلى الحزب الثاني فيدرالياً في البرلمان، بقيت مسألة "جدار الحماية"، بتوافق الأحزاب السياسية على قطع الطريق على نفوذ الأجنحة المتطرّفة في السياسة الألمانية، تمنعه من ترجمة "إنجازاته الانتخابية" على أرض الواقع. وقدمت دائماً تصريحات بعض قيادات البديل من أجل ألمانيا مادةً خصبة للتشكيك بتطرّفه، فعلى سبيل المثال صرح في عام 2018 زعيم الحزب آنذاك ألكسندر غولاند بأن النازية "نقطة صغيرة في تاريخ ألمانيا المزدهر الممتدّ لأكثر من ألف عام"، وحثّ الألمان على الافتخار بتاريخهم، رافضاً النصب التذكاري عن حقبة النازية. وبرغم الضجّة التي أثارها تصريحه لا يزال غولاند في منصب الرئيس الفخري للحزب، ولم يكن زعيم الحزب في ولاية تورينغيا، بيورن هوكه، أقل جدلاً في تصريحاته، معتبراً أن الوقت حان لتخلّص الألمان من ثقافة إحياء ذكرى جرائم النازيين، ولضرورة إزالة نصب الهولوكست من برلين. وفي العام الماضي صرّح المرشح الرئيسي للحزب إلى البرلمان الأوروبي، ماكسيميليان كراه، بأنه يرفض أن يُطلق لقب مجرم على كل من ارتدى زي القوات الخاصة النازية "إس إس"، كراه وبرغم تصريحاته الجدلية سُمح له بالترشح أولاً إلى البرلمان الأوروبي ثم إلى البوندستاغ. وحتى الوجه النسائي القيادي في "البديل"، أليس فايدال، اعتبرت أن "الفتيات المحجّبات والرجال المسلحين بالسكاكين الذين يعتمدون على الرعاية الاجتماعية وغيرهم من الأشخاص عديمي الفائدة لا يمكنهم ضمان ازدهار ألمانيا ونموها ورفاهيتها". تصريحاتها وتصريحاتُ آخرين حول ملايين مواطني وقاطني ألمانيا من أصول مهاجرة تتماشى غالباً مع ما يعتمد عليه حزبها في خطابه خلال حملاته الانتخابية، وكما يردِّد هؤلاء فالرسالة واضحة، ومفادها أن ألمانيا استقبلت عدداً كبيراً من المهاجرين، والكثير منهم لا يتأقلمون أو يشكّلون تهديداً. تقارير دولية التحديثات الحية ماذا تنتظر أوروبا من الألماني المحافظ فريدريش ميرز؟ مع استمرار التصريحات المتطرفة اشتبهت أجهزة الاستخبارات في عام 2021 في أنّ البديل من أجل ألمانيا حزب متطرّف، ما مكّن الجهاز الأمني من اختراق الحزب ومراقبته. وعلى تلك الخلفية قامت مخابرات ألمانيا بتصنيف الحزب كله منظمةً متطرّفةً "تعمل على نحوٍ موثّق على انتهاك الدستور"، إذ رأى الجهاز الأمني أن "البديل" لا يعتبر الألمان من أصول مهاجرة ومن دول ذات أغلبية مسلمة أعضاء متساوين في الشعب الألماني، من بين أمور أخرى، وفقاً لمجلة دير شبيغل . فايدال: تشهير واستهداف سياسي رفضت وزيرة الداخلية الألمانية المنتهية ولايتها نانسي فيزر ، أمس الجمعة، تصريحات قيادات في "البديل"، مثل أليس فايدال وتينو شروبالا حول أن ما قام به جهاز الاستخبارات هو "تشويه سمعة وتجريم علنيَين"، وأكدت فايزر أن التصنيف جاء على خلفية أنه حزب "يمثل مفهوماً عرقياً يُميّز ضدّ فئات سكانية بأكملها، ويُعامل المواطنين من أصول مهاجرة كألمان من الدرجة الثانية". وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإن التصنيف انطلق من أدلة دامغة عن "تهديد البديل للنظام الديمقراطي، إذ إنّ الفهم السائد فيه للأشخاص يقوم على أساس العرق والأصل، ما يتعارض مع النظام الديمقراطي الحرّ، وينتهك المبدأ الدستوري لحرمة كرامة الإنسانية". وتؤمن قيادات البديل من أجل ألمانيا بأنّ تصنيف كل الحزب منظمةً متطرّفةً "يمثّل ضربةً قاسية للديمقراطية"، وبأنه يستبق أي إمكانية لترجمة الفوز الانتخابي الأخير إلى نفوذ وتأثير في حكومة المستشار المسيحي الديمقراطي القادم فريدريش ميرز. معضلة مزدوجة توسُّع شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا أصبحَ يثير قلقاً سياسياً وأمنياً، ففي البرلمان الجديد يمثل الحزب 156 نائباً، لكنّها مقاعد لا يبدو، بعد التصنيف الاستخباري، ستتيح لا لميرز ولا لغيره الانفتاح عليه. ودعت نائبة رئيس البرلمان (عن المسيحي الديمقراطي)، أندريا ليندهولز، بقية الأحزاب إلى إعادة النظر بشأن أي تقارب مع "البديل"، أو منحه مناصب في اللجان البرلمانية المختلفة، كما نقلت عنها دير شبيغل. ولا يبدو أن حصوله على نسبة 20.8% من الأصوات ستسهّل دعوات البعض لتشكيل أغلبية برلمانية لأجل الطلب من المحكمة الدستورية حلّه وحظره، بسبب انعكاسات ذلك على الكتلة الصلبة للناخبين المؤيدين له. وتنبَّه المستشار المنتهية ولايته شولتز إلى الأمر برغم ترحيبه بالتصنيف، داعياً الطبقة السياسية إلى "توخي الحذر" بشأن حظر الحزب، وكذلك فعل نائب المستشار القادم، لارس كلينغبيل، مؤكداً أنه لن يطالب بحظره على الفور. أخبار التحديثات الحية ألمانيا: الاشتراكي الديمقراطي يصوت على اتفاق الدخول بالائتلاف الحاكم في كل الأحوال، يبقى الخروج من المعضلة ممكناً نظرياً، إذا ما اختار البديل من أجل ألمانيا بنفسه تنظيف بيته من العناصر الأكثر تطرّفاً، وإعادة هندسة شعاراته وخطبه الشعبوية وتطرفه القومي، وربما يستلهم تطبيع أوضاعه بين الأحزاب من رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني ، الآتية من صفوف "إخوة إيطاليا" شبه الفاشي، ذلك باعتماد بعض الواقعية والبراغماتية السياسية للنجاة وسط رياح معارضة يمكن أن تشتد أكثر في قادم الأيام. ومن الواضح أن معضلة التعاطي مع البديل باتت مزدوجة؛ فحظره يجعل منه "ضحية مؤامرة" (مع جمهور يستسيغ نظريتها). وعدم حظره يحمل مخاطرة، مع تصاعد شعبيّته، إذا ما حقق الحزب قفزة تضعه في مقدمة الأحزاب في الانتخابات القادمة، ما يعني أنّ الساحة السياسية ستكون أمام فرض البديل لنفسه حزباً يقود الحكومة، وربما بمستشارة تسمى أليس فايدال.


الصحراء
٠٨-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الصحراء
موافقة ضمنية محتملة ما بين إسرائيل وبعض القادة العرب: نحو نكبة ثانية
تثير حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة الذهول: فأكثر من 2% من السكان تمت إبادتهم، أغلبهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى مائة ألف جريح، وعشرة آلاف مطمورين تحت الركام، ومدن مهدّمة بنسبة 80%، وبنى تحتية محطّمة، ومجازر مروّعة في مشاهد فظيعة لا يستطيع المرء تحمل رؤيتها. إنها منطقة مدمّرة بالكامل. ويقدّر الخبراء الغربيون أن الإسرائيليين قد صبّوا على قطاع غزة الضئيل المساحة، وابلا من القنابل الأمريكية بالأساس، ما يعادل قنبلتيْن نوويتيْن. وفي ختام هذه المجازر، يسعى ترامب، ونتانياهو، وزبانية الصهيونية العالمية، بموافقة أنظمة عربية، إلى إزالة الركام عن قطاع غزة وتطهيره من سكانه كما لو كانوا حُثالة من الغبار يجري مسحهم بالمكنسة. وفي هذا السياق، يرى الرئيس الأمريكي أن مساحة إسرائيل ضيقة ويلزم أن تُضم الضفة الغربية إلى الدولة العبرية. وتلك مسرحية هزلية قد تثير الضحك لولا ما تكتسيه من أبعاد خطيرة تتنافى تماما مع المبادئ الأساسية للقانون والأخلاق. ذلك أن الهدف المتوخي في التحليل النهائي من شرْذمة الفلسطينيين (على غرار الأكراد) هو تفريقهم بين عدة بلدان: مصر، الأردن، لبنان، سوريا ... تحذير لترامب من قِبَل المدعي العام لدى محكمة العدل الدولية؟ يستدعى مشروع ترامب إطلاق تحذير يصدر عن المدعي العام لدى محكمة العدل الدولية. فالقانون الدولي العام صريح للغاية في هذه المسألة حيث ينص على أن تهجير السكان من موطنهم يعتبر جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية. والأدهى من ذلك أن هذا التهجير إذا كان مندرجا في خطة ممنهجة ترمي إلى تدمير مجموعة أثنية أو عرقية أو وطنية، يمكن أن أن يشكل إبادة جماعية. وهذا ما ينطبق بالضبط على الحالة الفلسطينية إذا ما قُيّض لمسعى الرئيس الأمريكي أن يتجسّد عمليا. ويحاول الأوربيون، مع بعض الاستثناءات، أن يتظاهروا بالنزاهة، مشيرين من حين لآخر إلى ضرورة إقامة دولتين (إسرائيلية وفلسطينية) كشرط لاستتْباب سلام دائم. غير أنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن الأمر لا يعدو أن يكون ضربا من الأوهام. ولا أدل على ذلك من أن أيا من بريطانيا التي تسبّبت في نكبة 1948 وفي كل مآسي الشعب الفلسطيني الماضية والحاضرة، ولا فرنسا التي أصبحت بعد أن أذاقت الشعوب ويلات الاستعمار معقلا حصينا للصهيونية وتساند الإبادة الجماعية في غزة، ولا ألمانيا التي شهدت فظائع الهولوكست (المحرقة)، ولا إيطاليا التي عرفت أهوال الفاشية، تريد الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي الأمم المتحدة، وعلى الرغم من عديد القرارات الصادرة عن الجمعية العامة بأغلبية ساحقة، دأبت الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام حق النقض بمجلس الأمن في سبيل عرقلة هذا الاعتراف. ويعلن قادة عرب، بدورهم، اعتراضهم بصورة خجولة على مشروع ترامب، لكن ما يخشونه، في الواقع، هو انتفاضة الشارع العربي التي يمكن أن تنتشر انتشار النار في الهشيم. وعلى إثر هذا التشخيص للوضعية المقلقة، ما الذي يمكن عمله لإنقاذ فلسطين؟ في هذه المحنة الوجودية لا ملاذ للفلسطينيين سوى الاعتماد على أنفسهم، وعلى الشعوب العربية بشكل أقل. ولهذا الغرض، عليهم بادئ ذي بدء أن يرصّوا صفوفهم بوضع حد للتنافس العقيم على الزعامة وللخلافات بين فتح وحماس، تلك الخلافات التي لا يستفيد منها إلا أعداء القضية الوطنية. إسرائيل لم تستطع القضاء على حماس لطالما أكدت إسرائيل أن حماس تم تدميرها ولم تعد تشكل تهديدا وجوديا للدولة العبرية، لكن الوقائع الميدانية تدْحض هذه المزاعم: فحرب نتانياهو لم تحقق أيا من أهدافها. وبالفعل، ما تزال حماس موجودة في غزة ومستمرة في إدارتها، والرهائن لم يتم تحريرهم بالقوة. وعلى صعيد آخر، وعلى الرغم من الخسائر، جرى اكتتاب أعداد من المقاتلين الجدد في حماس، ويعتبر الخبراء الغربيون أن أكثر من 60% من الأنفاق ما تزال قائمة. وقد تعرض الجيش الإسرائيلي لخسائر يومية كانت جسيمة في بعض الأحيان. وارتكب هذا الجيش أعمالا وحشية لم يسبق لها نظير في تاريخ الحروب. إن تدمير غزة والتصفية الجسدية لزعماء حماس لا يفُتّان إطلاقا في عضد المقاومة الفلسطينية ولا في قدراتها. فالأفكار لا يمكن قتلها والأيديولوجيات يستحيل استئصالها بالقوة. ومشعل النضال سيلقّفه جيل بعد جيل. تشن إسرائيل على غزة حربا غير متكافئة، ما يعني أنها تستخدم وسائل غير متناسبة. فمن جهة: تستعمل إسرائيل طائرات أف 16، ومروحيات أباتشي، مزوّدة بالقنابل والصواريخ، والبارجات الحربية ذات القوة النارية الضخمة، والدبابات الهجومية، وراجمات القذائف المدمرة، ومن الجهة الأخرى: لا يتوفر مقاتلو حماس على المضادات الجوية، وليس لديهم سوى البنادق والعبوات الناسفة، لكن لديهم من العزيمة والشجاعة ما أدهش العالم. على الرغم من التفاوت في ميزان القوى، لم تهزم دولة إسرائيل حركة حماس. وهذا ما أقر به العديد من الخبراء الغربيين. فعلى سبيل المثال: في مقابلة تلفزيونية أجراها داريس روشبين (Darius Rochebin) على قناة (LCI) بتاريخ 5 فبراير 2025، عن السؤال "هل مشروع ترامب قابل للتحقيق ميدانيا؟ أجاب العقيد (Michel Goya) الخبير العسكري للقناة والمستشار السابق لوزارة الدفاع الفرنسية: يجب أولا إلحاق الهزيمة بحماس، وهو ما لم تتمكن منه إسرائيل حتى الآن". من الوهم إذن ادّعاء أن إسرائيل هزمت حماس. ومن المعهود أن يطلق المسؤولون الإسرائيليون هذه الادعاءات الوهمية. وينطبق الأمر نفسه على خزعبلات الحق اليهودي التاريخي في أرض فلسطين. غزة أرض فلسطينية منذ آلاف السنين (1) من المعلوم أن غزة لم تكن قط خالية من السكان أو منطقة بلا مالك. فقد ظلت على مرّ الحقب ملكا لشعب: هو الشعب الفلسطيني. وفي عام 1948، ألصقت بها زائدة دودية تسمى إسرائيل كورم سرطاني ما فتئ يتمدد. لقد صنع الغرب وطنا قوميا لليهود بشكل مفتعل تكفيرا عن الفظائع التي تعرضوا لها خلال الحرب العالمية الثانية. وتحتل الدولة العبرية حاليا 78% من أرض فلسطين. وتحتوي هذه المساحة إسرائيل ذاتها والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ولم يبق للفلسطينيين سوى 22% من أرضهم. والأدهى والأشنع أن إسرائيل تسعى الآن، بدعم أمريكي، إلى ضمّ مجمل الأراضي الفلسطينية بالقوة. الشارع العربي جزء من المعادلة لا يبدو أن الرئيس الأمريكي يأخذ في الاعتبار التداعيات والتبعات المستقبلية لقراراته. ذلك أن النظر من زاوية مستقبلية يظهر أن مبادرة ترامب بشأن غزة إذا ما تجسّدت عمليا سيتضرر منها بلا ريب تأثيرُ الولايات المتحدة وستهدد وجود الكيان الصهيوني نفسه. كيف ذلك؟ إن تحرك الشارع العربي قد يزعزع الاستقرار الهش في شبه المنطقة. ويشكل انتعاش الشعور القومي تهديدا حقيقيا لبعض الأنظمة المحلية. وتتأكد هذه الملاحظة خاصة على إثر المجازر الرهيبة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة ولم يحرّك أغلب الزعماء العرب إزاءها ساكنا خشية إثارة الغضب الغربي. فكيف يمكن غسل عار الإحجام عن إغاثة مسلمين يُبادون بوحشية، بينما تتوفر الوسائل لإنقاذهم؟ حكام عرب أمام الله كيف ننسى الخالق سبحانه، ونبيه، والموت، والحساب يوم القيامة؟ كيف يغيب عن بالنا أن القبر لا يوجد فيه حرس خاص، ولا بساط أحمر، ولا تشريفات؟ فباستثناء الأنبياء وثلة قليلة من الصالحين، تبقى "مراسم الاستقبال" متساوية للجميع. سواء بالنسبة لمن كانوا عظماء في هذا العالم أو بسطاء متواضعين: يبدأ الجسم في التحلل. وتبدأ الديدان وجْبتها، فتلتهم الأحشاء، وتثقب العضلات حول الحاجب والفكّين ثم تهاجم العينين واللسان ... وبعد أيام لا يبقى سوى ركام من الفضلات النتنة والأوصال الممزّقة التي ستتناثر مع الزمن وقد تظهر على سطح الأرض. فما ذا سيبقى ممن كان يرى نفسه قطب رحى العالم؟ لا شيء. لقد تلاشت الصحة، والأبّهة، والسلطة، والأموال، تبخّرت كسراب بقيعة. من الآن فصاعدا، سيُجزى كل بما عمل في الدنيا. أمام الجبار العدل علام الغيوب لا تخفى خافية، والحساب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة. عندئذ سيصدر حكم لا مردّ له: إما إلى الجنة وإما إلى النار. خلود أبد الآبدين. يجب ألا نغترّ. إذا كان الفلسطينيون بطبيعة الحال في صدارة الدفاع عن قضيتهم، فإن البلدان العربية، على العكس من ذلك، تلتزم الصمت المطبق. تخاذلا واستكانة للغرب. إن مشكلة أغلب الحكام العرب تكْمن في قيمتهم الذاتية وعدم ثقتهم في مستقبل ومصير أمتهم. فهم يكتفون بالتمتّع بريْع السلطة. ففي حين يتقلب بعض الحكام العرب في الملذات والتنعّم، ويجذبهم بريق المال والسلطة والجاه والأبّهة، يظل المسؤولون الإسرائيليون على أهبة الاستعداد للسهر على أمنهم ورفاهية شعبهم. وقد أعطى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تفسيرا لهذه الظاهرة المتمثلة في استكانة وضعف العرب، سواء في مواجهة إسرائيل أو في التصدي للاعتداءات الغربية في العراق، وسوريا، وليبيا ... فقد روى ثوبان أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت ». كان العرب في الماضي مرهوبي الجانب لكنهم أصبحوا الآن كما وصفهم الحديث "غثاء كغثاء السيل" نتيجة "لحبهم للدنيا ولكراهيتهم للموت". موسى حرمة الله أستاذ جامعي حائز على جائزة شنقيط المصادر الأكاديمية: سكن الفلسطينيون منطقة فلسطين منذ آلاف السنين، وتعود جذورهم إلى العصور القديمة في حدود 3000 سنة قبل الميلاد. (1) التاريخ القديم: ● حفريات أثرية (انظر: The Archaeology of Palestine (1949) par W.F.) ● تاريخ الكنعانيين (انظر Canaanites and Their Land. The tradition of the Canaanites (1991 par Niels Peter Lemche (2) العصور الإسلامية والفترة المعاصرة - تاريخ فلسطين: ● (انظر the Ottoman Conquest to the Founding of the State of Israel (2008) par Gudrun Kramer ● الفلسطينيون: The Making of a people (1994) par Baruch Kimmerling et Joel S. Migdal (3) دراسات أثرية وأبحاث للجينات الوراثية ● تظهر دراسات الجينات الوراثية مثل تلك المنشورة في ''Scientific Reports'' (2017) تواصلا جينيا بين السلالات القديمة في المنطقة وبين الفلسطينيين المعاصرين.


بوابة الأهرام
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- بوابة الأهرام
كلمات تعويضات إسرائيل لـ«هولوكوست غزة»
لعل الرئيس الأمريكى ترامب وقادة إسرائيل يعيدون قراءة كتاب «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» للمفكر الفرنسى روجيه جارودي، للوقوف على دور التعويضات الألمانية لإسرائيل، والتى تمت بمفاوضات بين حكومة المستشار كونراد أديناور الألمانية، وناحوم جولدمان رئيس المؤتمر اليهودى العالمي، وأحد المؤسسين لمؤتمر المطالبات المادية اليهودية ضد ألمانيا. أسهمت تلك التعويضات التى قاربت على الـ80 مليار دولار حتى 2020، فى حل تحديات إسرائيلية اقتصادية جمة، خاصة فى عهد بن جوريون، وقت بناء الدولة الإسرائيلية . إسرائيل بعدد سكانها المحدود، تلقت أضعاف مشروع «مارشال الأمريكي» لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وقيمته 13 مليار دولار. لا تزال ألمانيا تدفع تعويضات للرعاية الصحية للناجين من العهد النازي، وأحدثها 767 مليون دولار إضافية 2021، لعلاج من تقدمت أعمارهم و ازدياد احتياجاتهم الطبية. هذه الأموال الضخمة ساعدت إسرائيل فى الخمسينيات والستينيات، عندما كانت تعانى عجزا اقتصاديا كبيرا ونقصا فى الموارد، وأدت لاستقرار الأوضاع المالية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وتمويل المشاريع الاقتصادية الأساسية. والمعروف أن الحكومات الألمانية مولت شحنات ضخمة من المعدات والمواد الخام، مثل الفولاذ والبترول، والتى كانت ضرورية لمشاريع البناء والتصنيع فى إسرائيل، وكذلك ساعدت فى تأسيس صناعات إسرائيلية قوية. كما سمحت التعويضات الألمانية لإسرائيل بإعادة تخصيص ميزانيتها لشراء أسلحة وتطوير جيشها، رغم أن التعويضات لم تكن مخصصة رسميا للأغراض العسكرية، كما أصبحت ألمانيا لاحقا أحد الموردين الأساسيين للأسلحة لإسرائيل. ودليل على أهمية التعويضات الألمانية لإسرائيل، ما قاله بن جوريون لناحوم جولدمان:«أنا وأنت أصحاب معجزتين..أنا صنعت دولة إسرائيل، وأنت توصلت لاتفاقية التعويضات مع ألمانيا». وبعد كل هذا يأتى ترامب ويجهر بشراء غزة وتهجير أهلها، لينقذ إسرائيل من دفع مليارات الدولارات كتعويضات للفلسطينيين عن مأساتهم الإنسانية ودمار أرضهم وخرابها. إسرائيل حصلت على التعويضات الألمانية رغم أن الهولوكست كتاريخ سبق تأسيس الدولة العبرية، فى حين شهد العالم «هولوكوست غزة» وتسويتها بالأرض. التعويضات حق ولعلها آتية فى القريب، ومن يدرى إلى مدى دوام موازين القوة.