logo
#

أحدث الأخبار مع #اندبندنتعربية

المهر في تونس بين الرمزية الاجتماعية وحقوق المرأة
المهر في تونس بين الرمزية الاجتماعية وحقوق المرأة

Independent عربية

timeمنذ 11 ساعات

  • ترفيه
  • Independent عربية

المهر في تونس بين الرمزية الاجتماعية وحقوق المرأة

بين التقاليد والطقوس الاجتماعية والتشريعات الحديثة، ومنها المطالبة بالمساواة مع الرجل، بات سؤال المهر في المجتمع التونسي محيراً بين من يراه تعبيراً رمزياً عن الحب والرغبة في بناء أسرة، ومن يعده شططاً زائفاً ومساً بكرامة المرأة. بابتسامة خجولة قالت مبروكة (78 سنة) والوشم الأمازيغي يزين جبينها وذقنها "لما تزوجت كان عمري 14 سنة، أي قبل 64 عاماً، لم يشترط والدي أي شرط على عائلة زوجي هي فقط 'لمَّة عائلية' وزفاف متواضع ومهر بسيط قدره 50 مليماً"، وأضافت "المهر ليس عائقاً أمام الزواج، المهم هو التفاهم بين العائلتين وبين الزوجين". مبروكة أصيلة من محافظة الكاف شمال غربي العاصمة لديها خمس بنات وأربعة أولاد كلهم متزوجون ومتزوجات ولديها أحفاد فيهم من بلغ سن الزواج، تنصح حفيداتها وأحفادها بحسن اختيار الزوج بصرف النظر عن وضعه المادي مستحضرة مقولة "تزوجوا فقراء يغنكم الله"، وعن المهر تقول، "هو مسألة رمزية وتعبير عن المحبة والنية الصادقة في بناء أسرة، ولا مجال للشطط فيه، واعتبرته ركناً ثانوياً في الزواج". ومن جهتها ترى هالة (24 سنة) خريجة جامعية وغير متزوجة، أن "المهر هدية رمزية من الزوج إلى الزوجة، وهي عادة توارثتها الأجيال، واليوم لا يمثل المهر مشكلة بقدر ما باتت كلف الزواج حائلاً دون إقبال الشباب على الزواج"، وتضيف "غالب الشباب اليوم يعزفون عن الزواج نظراً إلى تغير العقلية المجتمعية، ونزوع المرأة إلى الاستقلالية المادية، وعدم الرغبة في الالتزام تجاه عائلة وزوج وأطفال"، داعية إلى "تيسير الزواج صوناً للشباب من الانحراف وحفاظاً على توازن المجتمع". وتستغرب هالة مقاربة المهر على أنه "نوع من تشييء المرأة"، واصفة هذا القول بـ"المغالاة في منسوب حقوق المرأة"، ومؤكدة أن المهر هو فقط "تعبير رمزي اجتماعي لا يمس كينونة المرأة ومن حقوقها ومن إنسانيتها، بل هو هدية رمزية والتزام بالدين وبالتقاليد الاجتماعية". ويعد المهر في التشريع التونسي شرطاً قانونياً للزواج، ويعرف الفصل الـ12 من مجلة الأحوال الشخصية المهر بأنه "كل ما كان مباحاً ومقوماً بمال تصلح تسميته مهراً، وهو ملك للمرأة"، كما يعد القانون المهر الذي يقدمه الزوج لزوجته "شرطاً من شروط إتمام الزواج". المهر يختلف حسب الجهات والمرتبة الاجتماعية ويرى أستاذ التاريخ المعاصر عبدالواحد المكني في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "المهر جزء من المنظومة الاجتماعية التونسية، وهو قيمة مالية أو هدايا يعطيها الزوج لزوجته لإتمام شروط الزواج، من شهود وإشهار للزواج علاوة على ركن الصداق"، مشدداً على أن "المهور تقل وترتفع قيمتها حسب الانتماء والطبقة الاجتماعية التي ينحدر منها الزوج أو الزوجة". ويستحضر المكني أن "جهة الساحل التونسي تتميز بارتفاع المهور فيها عند الزواج لأن مصاريف تجهيز العروس مرتفعة"، وتشترط بعض العائلات في هذه المناطق ما يعرف بـ"غربال من الذهب" في إشارة إلى تعلق عائلات عدة بالذهب واعتباره رمزاً للجاه والثراء. ويذكر أستاذ التاريخ المعاصر أنه "في القرن الـ19 كان الزوج يهدي لزوجته الخدم إلى جانب المصوغ، ويتم التنصيص على ذلك في عقد الزواج". وأمام شطط المهور في ثلاثينيات القرن الـ20 ظهرت حركة اجتماعية مناهضة لارتفاع المهر في تونس، وتدعو إلى تيسير الزواج والتخفيض من شروطه المجحفة، وهي عادات وتقاليد اجتماعية حاولت مجلة الأحوال الشخصية عند صدورها الحفاظ على بعضها من خلال النص على أن "يقع العمل بما يجري عليه العرف في كل منطقة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويلفت عبدالواحد المكني إلى أن "بعض العائلات في تونس لها صداق مخصوص مثلاً 'الصداق المخلوفي' في العامرة من محافظة صفاقس، و'الصداق المحجوبي' في جهة جبنيانة من المحافظة نفسها، ويرتفع مهر المرأة عندما يكون لها نصيب مهم من الميراث أو تتحدر من عائلة ثرية". ما حكاية مهر 69 مليماً؟ وفي المقابل ظهر ما يعرف بالمهر الرمزي وفق "طريقة سيدي البشير"، وهو عبدالله بن عبدالرحمن السعدي الونيسي المشيشي أصيل منطقة زواوة، من بجاية الجزائرية، وقدم إلى تونس ودرس الحديث والفقه، ثم اعتزل للعبادة والزهد، وعمل على إصلاح منظومة الزواج وتخليصها من شوائب الطمع في المال والأرزاق، فأوعز إلى القبائل التي هاجرت معه من الجزائر إلى تونس، بألا يشترط أحد من أهلها لتزويج بناته، أكثر من مبلغ يعادل 69 مليماً، وألا يطلب من خاطب ابنته هدايا ذات قيمة، باستثناء ما يقدمه عن طواعية من مواد استهلاكية. وأصبحت هذه العادة بمثابة الطقس الاجتماعي وانتشرت في عدد من جهات تونس وبنزرت وباجة، حيث يقدم الزوج يوم عقد القران ما يسمى في تونس "العقيرة"، وهي ذبح عجل وما تبعه من لوازم وتقديمها إلى عائلة العروس. ويشير أستاذ التاريخ المعاصر إلى أن "بعض العائلات المتصاهرة تتفق فيما بينها على التخفيف في المهر، بينما تتمسك عائلات أخرى بقيمة عالية للمهر، وهو ضمنياً نوع من التعجيز في حال لم تكن العائلة راغبة في تزويج ابنتها من الشخص الذي يطلب يدها". هل يمس المهر من كرامة المرأة؟ وبينما يعد المهر قيمة رمزية لا يحول دون إتمام الزواج يرى البعض أنه يمس بكرامة وإنسانية المرأة، وهو ما ذهبت إليه في وقت سابق لجنة الحريات الفردية والمساواة في تقريرها النهائي لعام 2018، من أن المهر في الزواج هو "إحدى ثلاث مسائل تستحق المراجعة لتخليص شروط الزواج من بعض الحلول التي تمس بكرامة المرأة وحقها في المساواة التامة مع الرجل". وتستند هذه المقاربة إلى أن مجلة الأحوال الشخصية استلهمت من النص الديني، بينما المرأة والرجل يتقاسمان المسؤولية في بناء أسرة، بخاصة بعد خروج المرأة للعمل وتحملها جزءاً مهماً من أعباء الأسرة. ويطالب المدافعون عن هذه الرؤية بضرورة انسجام مجلة الأحوال الشخصية مع الدستور، وبخاصة الفصل الـ23 الذي ينص على أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات". وتؤكد المتخصصة في علم الاجتماع وعضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات فتحية السعيدي أن "المهر موجود في الثقافة العربية الإسلامية والمجتمع التونسي، وهو معلوم يُدفع للزوجة في إطار منظومة تقليدية، وكنوع من إضفاء قيمة على المرأة، إلا أنه هو في جوهره يعني العكس تماماً، ففي ثقافتنا وفي تراثنا، فإن عقد الزواج هو عقد نكاح، والمهر هو نوع من الاعتراف أو الأجر الذي يعطى مسبقاً مقابل وظيفة محددة تتم بن الزوجين، ومن هنا جاءت فكرة المطالبة بإلغاء المهر من قبل عديد من الحقوقيات والمدافعات عن حقوق المرأة اللاتي يعتبرن أن المهر هو نوع من تشييء النساء وكأن العملية هي نوع من البيع والشراء". وقللت فتحية السعيدي من أهمية هذه المطالب واعتبرتها غير ملحة في الوقت الراهن، فإنها لمحت إلى إعادة المطالبة بإلغاء المهر، في حال توجهت الدولة إلى تغيير القوانين التي تمس بحقوق المرأة في سياق المطالبة بالمساواة مع الرجل، ووضع حد لما تسميه الهيمنة الذكورية. تاريخياً، كان المهر مجالاً للمغالاة والتفاخر بين العائلات والقبائل، إلا أن هذه التقاليد والطقوس اندثرت عبر الزمن، وبقي بعضها راسخاً لدى بعض العائلات، إلا أنه أصبح تعبيراً رمزياً لا يحول دون إتمام الزواج الذي بات شأناً مكلفاً بالنسبة إلى الشباب التونسي، إذ تشير الدراسات إلى أن كلفة الزواج تتجاوز الـ50 ألف دينار (17 ألف دولار)، مما دفع عديداً منهم إلى التأجيل أو العزوف النهائي.

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"
رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

Independent عربية

timeمنذ 12 ساعات

  • سياسة
  • Independent عربية

رصاص لبنان "الطائش" لا توقفه "تشريعات جادة"

نايا ومهدي وحسين وتاتيانا وسعاد ومحمد وغيرهم من عشرات الضحايا غدر بهم الرصاص الذي يطلق في لبنان ابتهاجاً أو حزناً أو اعتزازاً بخطاب سياسي، واللائحة تطول عاماً بعد عام ومناسبة تلو الأخرى، في ظاهرة متوارثة عبر الأجيال يواصل فيها الرصاص الطائش تهديد حياة المواطنين بغياب الإجراءات الحاسمة والجدية التي يمكن أن تضع حداً له. وتسبب الرصاص الطائش في إزهاق أرواح عدد كبير من الأبرياء على مر الأعوام، في متوسط سنوي مقلق يقارب الثمانية وأكثر من 15 جريحاً، بحسب أرقام منظمة "الدولية للمعلومات"، فإذا بالأفراح تتحول إلى مآتم ومراسم التشييع تحصد ضحايا إضافيين من أطفال وأمهات وآباء وشباب، حين يقرر بعضهم التعبير عن فرحه أو حزنه بإطلاق النار. وكأن المناسبات على اختلافها تتحول في لبنان إلى مصدر خطر ومآسٍ، كان آخرها صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية وإطلاق النار ابتهاجاً بالأسماء الفائزة، وكانت النتيجة سقوط ضحايا في عكار شمال لبنان ما بين طفل قتيل، وآخر موجود في العناية الفائقة في المستشفى بسبب خطورة حالته، ومن المصابين برصاص مطلقي النار ابتهاجاً الإعلامية ندى أندراوس عزيز أثناء تغطيتها الإعلامية للانتخابات، فكادت تفقد حياتها أيضاً، إذ أصيبت بالرصاص في قدمها على رغم وجودها داخل السيارة. مأساة تتكرر والرادع مفقود تلك التجربة الصعبة التي مرت بها الإعلامية ندى أندراوس كادت تتحول إلى مأساة حقيقية بفقدان أم لا يزال أطفالها الصغار في أشد الحاجة إليها، لو تبدل مسار الرصاصة الطائشة ميليمترات قليلة. وشاءت العناية الإلهية أن تحط الرصاصة في ساقها لتبقى إلى جانب عائلتها، وتستمر بمسيرتها المهنية. في رسالتها عبر "اندبندنت عربية" شددت أندراوس على أن القانون يجب أن يكون أكثر حزماً في المحاسبة ليكون العقاب موجعاً ويشكل رادعاً حقيقياً، قائلة "اتصل بي أحد النواب مؤكداً طرح تعديل للقانون في مجلس النواب من أجلي عبر زيادة الغرامة وعقوبة السجن، لكن هدفي ليس تعديل القانون من أجلي بل من أجل كل مواطن يمكن أن يعيش التجربة نفسها ويفقد حياته بسبب الرصاص الطائش، ولائحة الضحايا تطول خلال الأعوام الأخيرة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضافت، "أنا مواطنة كغيري، وما نريده هو وضع رادع فعلي لهذا التفلت والاستهتار بحياة المواطنين. يجب ألا يقتصر العقاب على التوقيف، بل على مصادرة الأسلحة وعلى غرامة موجعة، والسجن الملزم بحيث لا يكون من الممكن لمطلق النار الخروج منه، ولو بكفالة. يكفي أن مطلق النار يعرض حياة عائلات للخطر، وبسببه تخسر أمهات أطفالهن، ويخسر أطفال أمهاتهم. كما أدعو إلى التشهير بهؤلاء الأشخاص الذين يقدمون على عمل مماثل مع ضرورة تسليط الضوء عليهم ليكون ذلك درساً لهم. فهم مجرمون وجريمتهم لا تقل فظاعة عن تلك التي يقوم بها من يرتكب جريمة عن سابق إصرار وتصميم". في كل مناسبة ضحايا وفي كل مناسبة يسقط مزيد من الضحايا بسبب الرصاص الطائش، وتصبح أسماؤهم متداولة بكثرة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتحرك الأجهزة الأمنية، ونسمع عن عشرات المعتقلين، لكن سرعان ما تصبح أسماء الضحايا في طي النسيان، ولا تزال ثقافة السلاح تسيطر في مختلف المناطق اللبنانية لتعكس أزمة حقيقية في البلاد، حيث يبدو الرصاص وسيلة يتفاخر بها بعضهم ويشكل مظهراً من مظاهر القوة الكاذبة بدلاً من أن يكون أداة تستخدم عند الضرورة القصوى، وفي حالات محدودة، لذلك تتكرر المآسي من دون رادع ومعها المشاهد الصادمة. تقول المحامية فداء عبدالفتاح إن "المحكمة العسكرية تصدر قرارات بملاحقة مطلقي النار، وهناك توقيفات لمئات من مطلقي النار، وكان من المفترض أن يشكل ذلك رادعاً، إنما في الواقع تكون تلك التوقيفات موقتة من دون معالجة جدية بعيدة المدى لهذه القضية، وخلال عام 2017 كان هناك اتجاه جدي لتحويل إطلاق النار إلى جناية، كرد فعل على مقتل فتاة بالرصاص العشوائي، ففي قانون العقوبات يعد إطلاق النار في الهواء جنحة، وعقوبتها السجن لمدة شهر مع حجز السلاح، وغرامة تصل إلى 1500 دولار أميركي، ما لم تحصل إصابة أو ضرر". وتضيف أنه "من السهل شراء السلاح في أي مكان في لبنان من دون ضوابط، وهو موجود في حوزة معظم الناس داخل المنازل بلا تراخيص. وخلال الانتخابات البلدية والاختيارية في عكار، الكل يعرف المنازل التي أطلق منها الرصاص، لكن يغيب الدور الرقابي ويغلب التخاذل، وأجزم أنه على رغم مئات التوقيفات لمطلقي النار خلال الأعوام الأخيرة، لم يحصل مرة أن اعتقل مطلق نار تسبب بوفاة، أو إصابة، أو ضرر. يضاف إلى ذلك أن التوقيفات تحصل أيضاً بطريقة عشوائية من دون إثباتات أن هؤلاء الأشخاص أطلقوا النار فعلاً". تراخيص السلاح بالجملة يبقى السلاح المتفلت أساس المشكلة هنا، ففي لبنان يباع السلاح عشوائياً لأي كان، وتعطى التراخيص بالواسطة بدلاً من أن يكون ترخيص السلاح محصوراً بفئات معينة. وعلى سبيل المثال، يعد تجار الذهب من الفئات التي يحق لها اقتناء السلاح والحصول على تراخيص بعد تقديم الأوراق الشخصية إلى وزارة الدفاع مع سجل عدلي يؤكد أن الشخص المعني لا حكم سابق عليه، وينطبق ذلك على الحالات التي يكون فيها العمل ليلياً، وحتى في المنازل، ففي حال اقتناء قطعة سلاح للدفاع عن النفس، من المفترض أن يكون السلاح مرخصاً، وإلا سيكون غير قانوني، وفق عبدالفتاح. وتشدد المحامية على أن "حيازة السلاح تستدعي الحصول على ترخيص، ولا يمكن أن يكون السلاح بيد أي كان، ويبيعه في أية زاوية كأي غرض آخر، كما يحصل في لبنان حيث يمكن لمن يعرف مسؤولاً أن يحصل على رخصة سلاح، ولو لم يكُن يحق له ذلك. فتجارة السلاح موجودة في كل مكان، وهي متنقلة وبيد كثر". وتضيف أنه "لبناء البلد لا بد من إجراءات متعددة الاتجاهات والجوانب، بدءاً من التوعية لإلغاء ثقافة السلاح التي تربط بين الرجولة واستخدام السلاح. وهنا يأتي دور الإعلام والبلديات لتوعية الشباب، مع أهمية التشديد على ضرورة أن يتقدم بشكوى كل من يكون شاهداً على أعمال شغب مماثلة يمكن أن تهدد حياة كثر". من جهتها توضح المحققة الجنائية الوحيدة المعتمدة من قبل وزارة العدل في لبنان جنان الخطيب أنه "من المفترض تتبع البصمة الباليستية للكشف عن مطلق النار، فهي الطريقة الوحيدة المجدية التي يستند إليها العلم الجنائي. بغير ذلك، خصوصاً في حال أصاب الرصاص أحد الأشخاص أو تسبب بضرر ما، لن يكون من الممكن معرفة مصدر الرصاص". وتذكر الخطيب أنه في إحدى المرات توفيت فتاة بسبب الرصاص الطائش الذي أطلق أثناء تشييع فتاة أقدمت على الانتحار لتصبح المأساة مضاعفة. "ما دام أن سياسة الإفلات من العقاب موجودة وبغياب المحاسبة، ستبقى هذه الظاهرة موجودة، ولن يكون من الممكن وضع حد لها. فلم يحصل مرة أن جرت محاسبة شخص بعد توقيف مطلق نار تسبب بوفاة. فكيف يردع من يطلقون النار عندها؟". وتأسف الخطيب لأنه "حتى اليوم لا يستخدم التحقيق الباليستي في لبنان للكشف عن مطلقي النار، فيسهّل تحديد موقع مطلق النار والمسافة التي تفصله عن الضحية واتجاه الرصاصة. ويؤخذ عندها في الاعتبار الهواء والمطر وغيرهما من العوامل التي يمكن أن تؤثر في مسار الرصاصة. فلكل مسدس بصمة باليستية يمكن الاعتماد عليها في التحقيقات للوصول إلى القاتل بصورة علمية وسريعة، في ما يعرف بـ'العلم الجنائي الباليستي'".

5 أسباب تعزز اتجاه الحكومة المصرية إلى تأجيل رفع أسعار الكهرباء
5 أسباب تعزز اتجاه الحكومة المصرية إلى تأجيل رفع أسعار الكهرباء

Independent عربية

timeمنذ 12 ساعات

  • أعمال
  • Independent عربية

5 أسباب تعزز اتجاه الحكومة المصرية إلى تأجيل رفع أسعار الكهرباء

كشفت مصادر مطلعة عن أسباب عدة من المحتمل أن تدفع الحكومة المصرية تأجيل رفع أسعار الكهرباء، وقالت لـ"اندبندنت عربية" إن العام الحالي لن يشهد أي زيادات في أسعار شرائح الكهرباء لخمسة أسباب، أولها مراعاة للظروف المعيشية، وثانياً التراجع المستمر في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، والحفاظ على معدل تضخم منخفض، إضافة إلى خفض أسعار النفط العالمية، وأخيراً، سعي الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيغاس) إلى إبرام عقود طويلة الأجل كلها عوامل مهد الطريق لتأجيل الزيادة المتوقعة في أسعار الكهرباء. في سوق النفط العالمية، وفي التعاملات الأخيرة، انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي "برنت" بمقدار 5 سنتات إلى 65.36 دولار للبرميل، وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنحو 3 سنتات إلى مستوى 62.52 دولار، وارتفع الخامان بأكثر من واحد في المئة خلال تعاملات الأسبوع الماضي بعدما اتفقت الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين ومستهلكين للنفط في العالم، على تهدئة الحرب التجارية بينهما 90 يوماً سيخفضان خلالها الرسوم الجمركية بصورة كبيرة. كم تبلغ أسعار الكهرباء في الوقت الحالي؟ وكانت التوقعات تشير إلى تطبيق الزيادة الجديدة في يوليو (تموز) المقبل، بعدما قررت الحكومة المصرية في منتصف العام الماضي تأجيل الزيادة التي كانت مقررة آنذاك حتى سبتمبر (أيلول) 2024، لحين حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي عانتها البلاد حينها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويقسم الاستهلاك الشهري إلى سبع فئات، تبدأ من شريحة المستهلكين الذين لا يتجاوز استهلاكهم 50 كيلوواط في الساعة، وتنتهي بالشريحة التي يزيد استهلاكها على 1000 كيلوواط. وعلى رغم توجه الحكومة نحو تحرير أسعار الطاقة خلال العام الحالي، فإنها لا تزال تتحمل جزءاً كبيراً من الكلفة الفعلية لإنتاج الكهرباء، خصوصاً للشرائح الدنيا التي تضم محدودي ومتوسطي الدخل. وقررت مصر زيادة أسعار الكهرباء في أغسطس (آب) 2024 بنسب تراوحت ما بين 14 و40 في المئة للمنازل التي تعمل بالعدادات مسبقة الدفع، و23.5 و46 في المئة للقطاع التجاري، و21.2 إلى 31 في المئة للقطاع الصناعي. وفي سبتمبر 2024 أعلن جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك أسعار شرائح الكهرباء الجديدة التي طبقت بدءاً من فاتورة سبتمبر التي تعبر عن استهلاك أغسطس للاستخدام المنزلي، والتي تضمنت الشريحة الأولى من صفر إلى 50 كيلوواط بقيمة 68 قرشاً (0.0136 دولار)، والشريحة الثانية من 51 إلى 100 كيلوواط بقيمة 78 قرشاً (0.0156 دولار)، والشريحة الثالثة من صفر حتى 200 كيلوواط بقيمة 95 قرشاً (0.019 دولار)، والشريحة الرابعة من 201 إلى 350 كيلوواط بقيمة 155 قرشاً (0.031 دولار)، في حين أن الشريحة الخامسة من 351 إلى 650 كيلوواط بقيمة 195 قرشاً (0.039 دولار). وبالنسبة إلى لشريحة السادسة، والتي يصل حجم الاستهلاك بها من صفر حتى 1000 كيلوواط فبلغ سعرها 210 قروش (0.042 دولار)، والشريحة السابعة في حال تجاوز الاستهلاك 1000 كيلوواط شهرياً، من صفر لأكثر من 1000 بقيمة 223 قرشاً (0.0446 دولار). الحكومة تقرر عدم العودة لتخفيف الأحمال لكن لن يعود جدول انقطاع التيار الكهربائي مجدداً، إذ أصدرت الحكومة تعليمات لإعداد الصيانات اللازمة للمحطات المختلفة قبل موسم الصيف لاستيعاب ذروة الاستهلاك المتوقع، ومع ذلك قد يدفع ارتفاع الأحمال في بعض المناطق إلى التحرك لحماية المحطات في الأوقات شديدة الحرارة، إذ تقل كفاءة الإنتاج. وقالت المصادر إن وزارتي الكهرباء والبترول تعملان معاً من أجل ضمان قدرة محطات الكهرباء على استيعاب الطلب المتزايد خلال أشهر الصيف الحارة، وإن الجانبين سيعملان على دمج قدرات إضافية من مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة القومية لتعزيز الكفاءة وخفض الكلف. وتشير البيانات إلى ارتفاع كلفة إنتاج الكهرباء بعد تعويم الجنيه في مارس (آذار) 2024، وأصبحت تشكل عبئاً أكبر على موازنة الدولة، بخاصة بعد تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي الذي حول البلاد من مصدر صافٍ إلى مستورد صافٍ للغاز الطبيعي المسال العام الماضي. وتشير البيانات المتاحة إلى أن قطاع الكهرباء المصري يستهلك وقوداً بقيمة 18 مليار جنيه شهرياً (0.36 مليار دولار). لكن خلال الفترة الماضية، ظهرت مؤشرات عدة إلى نقص في إمدادات الطاقة، إذ خُفضت إمدادات الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك بنسبة بلغت 10 في المئة منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وهو ما ينذر بتكرار سيناريو العام الماضي الذي شهد انقطاعات في الكهرباء، والتي طاولت القطاع الصناعي بصورة كبيرة. وفي مارس الماضي قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر محمود عصمت إن أزمة تخفيف الأحمال الناتجة من نقص الوقود التي كانت تمر بها البلاد العام الماضي انتهت ولن تعود خلال الموسم المقبل، وأوضح أن رئيس الوزراء وعد منذ سبتمبر 2024 بعدم تكرار تخفيف الأحمال، ونحن ملتزمون تطبيق هذا القرار. وأشار إلى أن هناك تنسيقاً مستمراً على مدار الساعة مع وزارة البترول لتأمين التغذية الكهربائية، لافتاً إلى أن الاستعدادات التي تقوم بها الوزارة حالياً لا علاقة لها بالصيف، لكنها تخص بالتعامل مع أي مستجدات على الشبكة. وذكر أن كميات الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة، تعد مكلفة، لكنها تتميز بأنها نظيفة، مشيراً إلى الاستعداد لصيف 2025، بإضافة 2 غيغاواط جديدة لمواجهة الأحمال المتزايدة، إذ تزيد الأحمال بدرجة غير مسبوقة.

سوريا تدرس طباعة عملة جديدة بمواصفات متميّزة
سوريا تدرس طباعة عملة جديدة بمواصفات متميّزة

حلب اليوم

timeمنذ 15 ساعات

  • أعمال
  • حلب اليوم

سوريا تدرس طباعة عملة جديدة بمواصفات متميّزة

أكد مسؤول سوري أن دمشق بصدد طباعة عملة جديدة، حيث تلقى المصرف المركزي عروضاً من شركات تنتمي إلى عدة دول عربية وأجنبية، فيما تعاني البلاد أزمة اقتصادية حادة. وقال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية لصحيفة 'اندبندنت عربية '، في تقرير نشرته أمس الأحد، إنهم تلقوا عروضاً من شركات من تسع دول عربية وأجنبية لطباعة العملة الجديدة من بينها بريطانيا والولايات المتحدة والنمسا وأيضاً الإمارات وألمانيا. وأوضح أن 'شركات من هذه الدول تواصلت مع المركزي السوري، والعروض قيد الدراسة وسيتم اختيار العرض الأفضل فنياً وكلفةً'، مؤكداً أن الموضوع لا يزال في طور الدراسة ويحتاج إلى تهيئة الظروف المواتية'، قائلاً 'نعمل على تحقيقها حالياً'. وأضاف: 'نعمل على جعل الليرة السورية قابلة للتحويل'، معرباً عن طموحه بأن يكون هناك تصنيف سيادي لسوريا بعد حقبة سيئة جداً، خصوصاً في الأعوام الأخيرة من الحكم البائد، وموضحاً رؤيته لتنظيم العلاقة وضبطها مع وزارة المالية ضمن مبدأ الاستقلالية لعمل البنك المركزي. من جانبه أكد مصرف سوريا المركزي، في بيان نشره أمس، الاستمرار في طباعة كميات من الأوراق النقدية لدى الشركة الروسية المتعاقد معها سابقاً، لكنه لم ينف خيار تغيير العملة الوطنية أو طرح إصدار جديد بالكامل، حيث لا يزال ذلك قيد الدراسة. وأوضح البيان أن الحكومة السورية تستكمل الطباعة لدى الشركة الروسية حاليا، في إطار خطط المصرف الرامية إلى تأمين احتياجات السوق من العملة الوطنية، وذلك 'وفق المعايير المعتمدة، وبموجب اتفاقيات رسمية تضمن جودة الطباعة وسلامة الإجراءات المتّبعة'. وأوضح أن موضوع صباعة العملة الجديدة يخضع لتقييمات دقيقة تشمل الجوانب الاقتصادية والفنية، و'لن يُتخذ أي قرار بهذا الشأن قبل استكمال الدراسات المطلوبة وإجراءات إصدار القرارات اللازمة'. وبالعودة لتصريحات حصرية فقد أشار إلى أن المركزي السوري بدأ فعلياً العمل على إعادة تفعيل نظام 'سويفت' العالمي الخاص بالتحويلات المالية الدولية، بعد أعوام من العزلة التي فرضتها العقوبات، لافتاً إلى أن من شأن هذا الإجراء أن يشكل نقطة انطلاق لتسهيل عمليات التجارة الخارجية وبخاصة لجهة تشجيع الصادرات، وخفض أسعار الواردات، مما سيؤثر في حركة الأسواق الداخلية ويحسن من القدرة الشرائية للمواطنين. وحول التصميم الجديد قال 'متخصصون مصرفيون' إنه من الطبيعي أن تتلقى سوريا هذا العدد الكبير من العروض لطباعة العملة الجديدة، وأن تكون هناك منافسة للفوز بتلك الصفقة التي تكلف عشرات الملايين من الدولارات، وكون سوريا اليوم بلداً منفتحاً والمنافسة فيه مشروعة كما أنها تشكل فرصة استثمارية سخية ومغرية مما يجعلها قبلة الشركات التي تبحث عن استثمار وعقود وصفقات وتصريف لمنتجاتها وتقديم خدماتها. وأضاف المصدر أن 'سوريا تأخرت كثيراً عن التطور الحاصل في العالم وبخاصة في المجال التقني والتكنولوجي، وتعد بكراً للاستثمار وتحظى باهتمام عالمي حالياً على المستويات كافة'، كما أن 'التوجه نحو طباعة عملة جديدة في سوريا يحتاج إلى توفر جملة من العوامل أهمها إرساء أسس اقتصادية صحيحة، خصوصاً أن سوريا في طريق التحرر من عقوبات كبلتها لأكثر من 46 عاماً وتنتقل من اقتصاد موجه ومشوه إلى اقتصاد سوق حرة تنافسية'. وتعاني البلاد تضخماً وانخفاضاً في القيمة الشرائية كما أن طباعة النقود ترتبط بحجم الاقتصاد وإعادة بناء الإنتاج والاحتياطي من القطع والذهب للمحافظة على الاقتصاد، وفقًا للمصدر نفسه. وأوضح أن أن تبديل العملة السورية 'ليس حلاً سحرياً'، بل جزء من عملية إصلاح شاملة تتطلب إصلاحاً سياسياً واقتصادياً لاستعادة الاستقرار، من خلال آليات حماية متعددة الطبقات لمنع اختراق الأموال غير المشروعة، بغياب هذه العوامل قد يتكرر سيناريو زيمبابوي وفنزويلا، مما يفاقم الأزمة بدلاً من حلها. كما نقلت الجريدة عن 'مصدر مصرفي' أن الحكومة 'تخطط لطباعة عملة قوية، لذلك لا بد من تهيئة الظروف المناسبة للانتقال إلى استخدام عملة جديدة'، مؤكداً أن 'العملة بصورتها الحالية لن تبقى وسنشهد ولادة عملة جديدة بتصميم جديد وقد يأخذ الأمر بعض الوقت فنحن نريد أن تكون العملة السورية الجديدة قابلة للتحويل على أن الطموح هو جعل الليرة السورية قابلة للتداول في الأسواق المالية'. الدفع الإلكتروني والعملات المشفرة من جانبه قال حاكم مصرف سوريا السابق والمتخصص المصرفي دريد درغام إن طباعة عملة جديدة في سوريا عملية ضرورية بل أولوية، ولكن نجاحها مرتبط بوجود خطة اقتصادية واضحة وموارد كافية واستقرار عموماً، مشيراً إلى أن كلفة الطباعة لكل ورقة تراوح ما بين ثمانية و20 سنتاً بحسب درجة تعقيد وأمان الأوراق المطبوعة. ولفت إلى أهمية دراسة الفئات المطروحة بعناية في نطاق متطلبات التعاملات التجارية والأهم وضع خطة سحب العملة، وألا يُعرض الناس لطوابير التبديل، وأخيراً لا بد من اختيار توقيت التبديل ومدته بصورة مدروسة جداً. كما أكد ضرورة وجود تصور متكامل لبنية الدفع الإلكتروني القادمة بما فيها تشريعات المصارف الرقمية وشركات المحافظ الإلكترونية وضمان التناغم فيما بينها بحيث لا نكرر التقدم التقني الذي شهدته بعض الدول من دون وجود التناغم المطلوب بين وسائط الدفع المعتمدة بين مختلف المصارف المعنية أو من دون تعميم الدفع الإلكتروني عليها جميعاً، مؤكداً ايضًا ضرورة وجود رؤية مقبولة لدرجة انخراط سوريا في منصات العملات المشفرة وكيفية الاستفادة منها بما يخدم أولويات البلاد. وكانت الليرة السورية قد فقدت أكثر من 95 في المئة من قيمتها منذ عام 2011، مما أدى إلى تضخم مفرط، وتراجع الثقة بالعملة المحلية، وانتشار الاقتصاد الموازي إلى جانب معاناة 90 في المئة من السوريين الفقر وارتفاع معدلات البطالة بحسب تقارير أممية.

نحو نظام دولي من غير دول عظمى
نحو نظام دولي من غير دول عظمى

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • Independent عربية

نحو نظام دولي من غير دول عظمى

تروج، منذ نهاية الحرب الباردة، أواخر القرن الـ20، دعوة إلى إرساء العلاقات الدولية على نظام متعدد الأقطاب، ويحسب أصحاب هذه الدعوة أن العلاقات الدولية لا تستقيم إلا على قاعدة التوازن بين عدد قليل من القوى العظمى الغالبة أو السائدة في مناطق نفوذها. وتناول هذه المسألة نيكولا تانزير، أستاذ فرنسي في العلوم السياسية. وتعرض "اندبندنت عربية" في ما يلي أبرز ما ورد في المقالة المنشورة في صحيفة "لوموند" الفرنسية: تخالف هذه الفكرة، التوازن بين عدد قليل من القوى العظمى الغالبة في مناطق نفوذها، حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو الحق الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة في 1945، وينص عليه ميثاق باريس في 1990 الذي وقعت عليه، في 1990، 34 دولة، بينها دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، وكندا، والاتحاد السوفياتي، ودول أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية. ويقر هذا الميثاق بحق كل شعب في الاستقلال، وفي اختيار تحالفاته. والدعوة إلى عالم متعدد الأقطاب تقود، عملياً، إلى إبطال معارضة الصين حين تدعي لنفسها السيادة على هونغ كونغ والتيبت، أو تايوان. وتبطل الطعن في زعم روسيا أن أوكرانيا جزء طبيعي من منطقة نفوذها، وهذه أمور تكرر سماعها في 2014، حين ضمت روسيا، عنوة، القرم. وقيل يومها: الأوكرانيون سلافيون، والسلافيون هم مادة العالم الروسي. وهذا القول لا معنى ولا سند ولا مشروعية تاريخية له. والموضوع هو الحق (أو القانون) الدولي. فإذا أهمل أو أغفل، تهاوى البنيان الحقوقي الذي شيد منذ الحرب العالمية الثانية كله، وترك المجتمع الدولي وعلاقاته من غير دليل ولا معيار. والحق أن العلاقات الدولية تشهد، منذ بعض الوقت، استراتيجية جديدة تقوم على تحالف الدول الصغيرة والمتوسطة، وعلى دفاعها عن استقلالها. فالقوى العظمى الثلاث، أي الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا، تبدو عليها علامات الضعف على نحو يزداد ظهوراً. وتعاني روسيا، مثلاً، هجرة أدمغة قريبة من النزف منذ 20 عاماً تقريباً. واقتصادها أشبه بهيكل عظمي يفتقر إلى دورة دموية تبث فيه الحيوية وتجدده. والولادات قليلة. والخسائر في الأرواح ثقيلة. وعليه، فالسقوط آت لا محالة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما الولايات المتحدة فمضطرة، منذ أعوام، إلى الانسحاب من انتظامها في شؤون العالم وشجونه. وأضعف انسحابها هذا صدقيتها العالمية على نحو فادح. وتسرع الفوضى المترتبة على قرارات الإدارة الحالية، داخل الولايات وخارجها، ظهور علامات الضعف. وتبدو الصين، في ميزان المقارنة، قطباً متيناً. إلا أن بلداناً كثيرة، تمارس الصين فيها وعليها نفوذها، بدأت تدرك أخطار التبعية للصين. ومن وجه آخر، لم تعد أزمة الاقتصاد الصيني عرضاً عابراً، وإن كانت لا تقارن بأزمة الاقتصادات الأوروبية. وفي الأثناء، يتفاقم تدخل الحزب الشيوعي في الاقتصاد، ويكبح الابتكار، محرك النمو الصيني الأول. وقد لا يؤدي ضعف القوى العظمى إلى تقوية الأمم الصغيرة والمتوسطة. وهذا ما يراه، ويذهب إليه الباحث السياسي الأميركي إيان بريمر، صاحب مفهوم "مجموعة الصفر"- على غرار "مجموعة العشرين" أو "... السبع". والصفر للدلالة على افتقار الصعيد العالمي إلى قوى بنيانية أو محورية، بعدما خلفت العلاقات الدولية وراءها الاثنينية القطبية، واستقرت على نظام من غير قطب، تسوده الفوضى العارمة. وهذا ليس أمراً محتوماً. والأرجح، عندي، أن العلاقات الدولية مقبلة على نظام يسوده عدد غير محدد من القوى الصغيرة والمتوسطة التي تنسق في ما بينها نفوذها. وتتعهد جمعها وتكتيلها. وهذه السيرورة هي قيد الحدوث والبلورة. فثمة بلدان تنسب إلى المربع الصيني، شأن اليابان وكوريا الجنوبية، وأستراليا، أو طبعاً تايوان، تحاول التحرر من التبعية. وفي أنحاء أخرى كثيرة من العالم، تتولى بلدان، في أفريقيا وأميركا اللاتينية، رعاية استقلالها وقوتها، والانعتاق من هيمنة جيرانها الأقوياء. ومنذ اجتياح أوكرانيا، في 2022، ظهرت جلية حصافة الدرس الذي استخلصته بعض البلدان الصغيرة والمتوسطة الأوروبية، مثل بولندا ودول حوض البلطيق وبحر الشمال. ففي ضوء تجربتها التاريخية، أدركت هذه البلدان مقاصد السياسة الروسية ومراميها قبلنا، نحن الأوروبيين. وفي معظم الأحيان، سبقت أوروبا هذه البلدان إلى قيادة الموقف السياسي. وأثبتت جدارتها وقوتها على قدر يفوق حجمها. لذا، تتقدم السيرورة التي أصفها، في الدائرة الأوروبية، مثيلاتها في الدوائر الأخرى. ودور الاتحاد الأوروبي هو رعاية هذه الديناميات والإسهام في هيكلتها وتقوية عودها. ويسع أوروبا التي لم تكن يوماً إمبراطورية تمارس نفوذاً على منطقة نفوذ مزعومة، أن تكون طليعة هذه الكتلة غير المحددة من البلدان الصغيرة والمتوسطة. والإمبراطوريات الاستعمارية، القديمة أفلت غير مأسوف عليها. ولا تملك أوروبا الركيزة الأيديولوجية التي تتيح لها إنشاء إمبراطورية. والركن الذي تنهض عليه هو الحق (والقانون)، والسعي في فض الخلافات من طريق التحكيم القضائي. مما يسوغ أحياناً تهمتها بالسذاجة، والغفلة عن مقتضيات العمل السياسي. وقد تكون قضيتها الأولى، اليوم، هي خروجها من هذه السذاجة. وهي قاصرة عن الدفاع عن الحق من غير تملكها موارد القوة والسلطان، وتمكنها من الدفاع عن أمنها، ومن التدخل في أنحاء العالم دفاعاً عن سيادة دول مهددة. وهذا ما أظن أننا اليوم في طور إدراكه، على رغم بطء خطونا في هذا المضمار. والمضي على هذا المسير هو التحدي الكبير الذي يجابه أوروبا المعاصرة. وحرب أوكرانيا هي اختبارنا الحاسم. فإذا انتصرت أوكرانيا بعوننا، برهنا أننا بددنا أوهامنا وخرجنا منها، وأشهدنا العالم على ذلك. وأما إذا لم نبرهن على حزمنا، ولم نعوض تخلي الولايات المتحدة الأميركية المحتمل عن أوكرانيا، وانتصرت روسيا، خرجت القوى من نمط إمبريالي قوية من الاختبار. ومحا منطق التسلط على دوائر النفوذ، منطق القانون الذي ساد محاكمات نورمبرغ ومقاضاة حرب العدوان، ولربحت جريمة القتل الجماعي السباق أو المباراة (بين الحق والقوة). وخسارة أوكرانيا، في هذا السياق، هي بمثابة كارثة إنسانية، أولاً، ورمزية، ثانياً. وأوكرانيا، على النحو الذي استوت عليه في الأعوام الأخيرة، مثال أمة المستقبل. ونحن قد نخسر هذا المثال، مثال أمة قادرة على رعاية مساكنة بين أقليات شديدة الاختلاف: التتار والمسلمون، والكاثوليك، واليهود، والأرثوذكس... وبين لغات وتواريخ مختلفة. ووجه هذه الأمة إلى المستقبل. وهي لا تقوم على الانتماء العرقي بل على إرادة تحرر مشتركة. وأنا لا أريد تصوير النموذج الأوكراني في صورة مثالية، فثمة في أوكرانيا نزعات عدوانية ينبغي تخطيها. وينبغي أن يبلغ نقد التاريخ الوطني غايته. ويخشى أن يغلب طلب الثأر على العقول والقلوب غداة المصيبة التي أصابت المجتمع كله. خلاصة القول أن أوروبا أمام مفترق طرق الإذعان لسلطان روسيا الإمبراطورية أم حمل راية حقوق القوى المتوسطة والصغيرة والاحتكام إلى القانون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store