logo
#

أحدث الأخبار مع #بريتونوودز،

الخلل الكامن في النظام التجاري العالمي
الخلل الكامن في النظام التجاري العالمي

Independent عربية

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • Independent عربية

الخلل الكامن في النظام التجاري العالمي

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري رسوماً جمركية شاملة، وما تبعه من تأجيلات في التطبيق وردود انتقامية من الدول المتضررة، موجة عارمة من القلق العالمي، وانصب تركيز معظم دول العالم على النتائج الفوضوية قصيرة الأمد لهذه السياسات، تقلبات حادة في سوق الأسهم ومخاوف في شأن سوق السندات الأميركية وهواجس من ركود اقتصادي، وتكهنات حول كيفية تفاوض الدول المختلفة أو رد فعلها. لكن مهما كانت تطورات المدى القريب فهناك أمر واضح، إذ تعكس سياسات ترمب تحولاً في نظام التجارة ورأس المال العالمي كان قد بدأ بالفعل، فبشكل أو آخر كان لا بد من حدوث تغيير جذري لمعالجة اختلالات في الاقتصاد العالمي تراكمت على مدى عقود، فالتوترات التجارية الحالية ما هي إلا نتيجة للتباين بين حاجات الاقتصادات الوطنية وحاجات النظام العالمي، وعلى رغم أن النظام العالمي يستفيد من ارتفاع الأجور الذي يعزز الطلب لمصلحة المنتجين في كل مكان، لكن التوترات تنشأ عندما تستطيع بعض الدول تحقيق نمو أسرع من خلال تعزيز قطاعاتها الصناعية على حساب نمو الأجور، مثلاً من خلال كبح النمو في دخول الأُسر بشكل مباشر أو غير مباشر مقارنة بنمو إنتاجية العمال، والنتيجة هي نظام تجاري عالمي تتنافس فيه الدول، بشكل يضر بها جميعاً في نهاية المطاف، على خفض الأجور. ومن غير المرجح أن يحل نظام الرسوم الجمركية الذي أعلنه ترمب في وقت سابق من هذا الشهر هذه المشكلة، فإذا كانت أميركا تريد سياسة تجارية فعالة فعليها أن تعالج الخلل العالمي، إذ تُصدر بعض الدول أكثر بكثير مما تستورد وتقلل من إنفاق شعوبها، بينما تتحمل الولايات المتحدة عبء استيراد هذه الفوائض. ولحل ذلك يجب أن تتغير سياسات هذه الدول أو أن تتوقف أميركا عن تحمل هذا العبء وحدها، أما فرض رسوم على بعض الدول فقط فلن يغير شيئاً في هذين الأمرين. لكن نظراً إلى أن شيئاً ما لا بد من أن يحل محل النظام الحالي، فمن الحكمة أن يبدأ واضعو السياسات في صياغة بديل معقول، وستتمثل أفضل نتيجة في إبرام اتفاق تجاري عالمي جديد بين الاقتصادات التي تلتزم بإدارة اختلالات اقتصاداتها المحلية بدلاً من تحويلها إلى اختلالات خارجية في هيئة فوائض تجارية، وستكون النتيجة اتحاداً جمركياً مثل ذلك الذي اقترحه الاقتصادي جون ماينارد كينز خلال "مؤتمر بريتون وودز" عام 1944، وسيكون من الواجب على الدول الأطراف في الاتفاق تحقيق توازن تقريبي بين صادراتها ووارداتها مع تقييد الفوائض التجارية التي تحققها البلدان غير الموقعة للاتفاق في تجارتها مع البلدان الموقعة، ويمكن لاتحاد كهذا أن يتوسع تدرجياً ليشمل العالم بأسره، مما يؤدي إلى ارتفاع الأجور وتحسن النمو الاقتصادي حول العالم. لم ترَ خطة كينز النور خلال "مؤتمر بريتون وودز"، ويرجع ذلك لحد كبير إلى معارضة الولايات المتحدة، الاقتصاد الرائد في الفوائض التجارية آنذاك، ومع ذلك فثمة فرصة اليوم لإحياء اقتراحه وتكييفه. وجوب أخذ الاختلال في الاعتبار لفهم الاختلالات التي يعانيها نظام التجارة العالمي يجدر النظر في كيفية تأثير الأجور في الاقتصاد الوطني، فالأجور المرتفعة تكون عادة مفيدة للاقتصاد لأنها تعزز الطلب على منتجات الشركات وتزيد حوافزها للاستثمار في الكفاءة، والنتيجة هي دورة اقتصادية فاضلة، إذ يؤدي ارتفاع الطلب إلى زيادة الاستثمارات في وسائل الإنتاج الأكثر كفاءة، مما يرفع الإنتاجية الاقتصادية ويقود بالتالي إلى زيادات إضافية في الأجور. ومع ذلك تختلف الحوافز لدى كل شركة على حدة، فهي تستطيع زيادة الأرباح من طريق كبح نمو الأجور، والمشكلة في الأجور المنخفضة تكمن في أنها قد تفيد شركة بعينها لكنها تقلل أرباح الشركات الأخرى، وفي اقتصاد يُقيّد فيه الاستثمار التجاري بشكل أساس بمدى وجود طلب على الإنتاج، فإن خفض الأجور من قبل جميع الشركات سيؤدي إما إلى ارتفاع في الدَّين الأسري والعجز المالي الحكومي لتعويض الطلب المفقود، أو انخفاض في إجمال الإنتاج والأرباح التجارية. وعلى رغم أن هذه الظاهرة التي تُعرف أحياناً بـ "مفارقة الكُلف" لميشال كاليكي (وهو الاقتصادي الذي طرحها أولاً)، تصف سلوك الشركات، لكنها تنطبق أيضاً على الدول في الاقتصاد العالمي، فإذا كان كبح نمو الأجور يجعل من قطاع التصنيع في بلد ما أكثر قدرة على المنافسة عالمياً، فقد يؤدي ذلك إلى نمو أسرع في ذلك البلد من خلال دعم صادراته الصناعية، لكن إذا اتبعت جميع الدول هذه السياسة فإن الطلب العالمي سيتقلص وستتضرر جميع الاقتصادات. كبح الأجور يدعم الإنتاج المحلي وفي عالم شديد العولمة، حيث تنجح بعض الدول أكثر من غيرها في كبح كلفة العمل، تظهر حال من عدم التوازن بين الطلب على السلع وعرضها، وبما أن الشركات لم تعد مضطرة إلى إنتاج السلع في الأماكن نفسها التي تُباع فيها، فستصبح كلفة العمالة المحلية عاملاً حاسماً في القدرة التنافسية للصناعات، وبالتالي فإن الشركات التي تنقل إنتاجها إلى دول تكون فيها كلفة العمل أقل، مقارنة بإنتاجية العاملين، تستطيع إنتاج سلع أرخص مما يزيد جاذبيتها في الأسواق العالمية. وفي أي بلد معين يؤدي كبح الأجور إلى تقليص الاستهلاك المحلي ودعم الإنتاج المحلي مما يؤدي إلى فجوة متزايدة بين الإنتاج والاستهلاك، وإذا بقي هذا الخلل داخل الاقتصاد، فلا بد من موازنته إما بزيادة الاستثمار المحلي (وهو ما قد يفضي إلى اتساع أكبر للفجوة بين الإنتاج والاستهلاك)، وإلا فإن هذه الفجوة ستنعكس حتماً من خلال رفع الأجور أو تقليص الإنتاج. لكن في اقتصاد معولم هناك خيار آخر وهو تحقيق فائض في الميزان التجاري، وهذا يمكّن الدولة من تصدير كلفة الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج إلى شركائها التجاريين، ولهذا السبب وصفت جوان روبنسون عام 1937 الفوائض التجارية الناتجة من ضعف الطلب المحلي بأنها نتيجة لسياسات "إفقار الجار". واشنطن أخفت عواقب التوظيف المترتبة على عجزها التجاري المستمر ولهذا أيضاً عارض كينز خلال "مؤتمر بريتون وودز" عام 1944 إنشاء نظام تجاري عالمي يسمح للدول بتحقيق فوائض تجارية ضخمة ومستمرة، وقال إن نظاماً كهذا سيشجع الدول الطامحة إلى توسيع صناعتها على دعمها على حساب الطلب المحلي، والنتيجة، بحسب كينز، ستكون ضغطاً هبوطياً على الطلب العالمي، إذ تتنافس الدول على البقاء في دائرة المنافسة من خلال كبح نمو الأجور، والدول التي تنجح في ذلك أكثر من غيرها ستغدو الرابحة في النظام التجاري العالمي، إذ ستتوسع حصتها من الإنتاج الصناعي العالمي بينما تتقلص حصة شركائها التجاريين. وبدلاً من ذلك دعا كينز الدول إلى "تعلم توفير فرص عمل كاملة لنفسها من خلال سياساتها الداخلية"، وقال إن عالماً كهذا سيخلو من "أية قوى اقتصادية مهمة تستطيع وضع مصلحة دولة واحدة في مواجهة مصلحة جاراتها". وفي الحقبة التي كتب فيها كينز وروبنسون كانت كلفة سياسات "أفقِرْ جارك" تظهر في المقام الأول على شكل ارتفاع في معدلات البطالة، إذ كانت الصادرات المرتفعة، من دون توازن يقابلها في الواردات، تقوض قدرة المصنعين في الدول ذات العجز التجاري وتضطرهم إلى تسريح العمال، لكن بعد أن تخلى العالم عن "نظام بريتون وودز" أوائل السبعينيات، بدأت الحكومات، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة، بتعلم كيفية تخفيف كلفة البطالة، إما من خلال خفض أسعار الفائدة لتشجيع الإقراض الاستهلاكي أو عبر الإنفاق بالعجز من دون قيود، وهكذا أخفت الولايات المتحدة الآثار السلبية للعجز التجاري المستمر على الوظائف، لكنها فعلت ذلك من خلال تفاقم ديون الأسر وعجز الموازنة العامة. التصدير بغرض الاستيراد إن الصلة بين الاختلالات الداخلية في اقتصاد بلد ما وتلك الخاصة بشركائه التجاريين تنطوي على تبعات لا يفهمها الاقتصاديون دائماً فهماً كاملاً، ففي كل اقتصاد لا بد من أن تتوافق الاختلالات الداخلية والخارجية، تماماً كما ينبغي أن تتوافق اختلالات كل دولة خارجياً مع اختلالات بقية العالم، وهذا يعني أن الدول القادرة على التحكم باختلالاتها الداخلية ستؤثر، ولو جزئياً، في اختلالات شركائها التجاريين الداخلية، ولهذا السبب، كما شرح الاقتصادي داني رودريك، يجب على الدول في أي نظام عالمي أن تختار بين مزيد من الاندماج العالمي أو مزيد من السيطرة على اقتصادها المحلي. وفي إطار ما طرحه رودريك فهناك طريقتان مختلفتان تماماً لفهم العولمة، ففي النموذج الأول الذي يفترضه معظم المحللين عند وصفهم للعالم، تكون الاقتصادات الكبرى قد تخلت بدرجات متقاربة عن السيطرة على اقتصاداتها المحلية لمصلحة الاندماج العالمي، ونتيجة لذلك يكون ميزان التجارة العالمي متوازناً إجمالاً، إذ تعمل قوى السوق على تصحيح السياسات الحكومية التي تُنتج اختلالات داخلية، فإذا سجل بلد ما فائضاً تجارياً كبيراً ومستمراً فإن عملته ستُقدر قيمتها أو سترتفع الأجور فيه، مما يجعل سلعه أغلى ثمناً، وهذا بدوره يؤدي إلى تقلص الفائض التجاري، بينما تتحسن أوضاع الأسر داخلياً. العالم بحاجة إلى اتحاد جمركي جديد أما في النموذج الآخر من العولمة، والذي يعكس واقع العالم بشكل أفضل، فإن بعض الاقتصادات الكبرى تقلص سيطرتها على اقتصاداتها المحلية من أجل تحقيق اندماج عالمي أكبر، في حين تختار اقتصادات أخرى الحفاظ على سيطرتها الداخلية، سواء عبر ضبط نمو الأجور أو تحديد الأسعار المحلية وتوزيع الائتمان، أو من خلال تقييد الحسابات التجارية ورؤوس الأموال، وبقدر ما تتدخل هذه المجموعة الأخيرة من الدول لمنع تصحيح اختلالاتها الاقتصادية الداخلية فإنها تفرض فعلياً هذه الاختلالات على الدول التي تتمتع بسيطرة أقل على حساباتها التجارية ورؤوس أموالها، فإذا اختارت هذه الدول سياسات صناعية تهدف إلى توسيع قطاعاتها التصنيعية، فإنها تكون بذلك، وبشكل ضمني، فقد فرضت سياسات صناعية على شركائها التجاريين وإن كانت نتائجها تتمثل في انكماش نسبي في الصناعات التحويلية لدى هؤلاء الشركاء. هذا هو بالضبط ذلك النوع من العولمة الذي عارضه كينز وروبنسون، إنه ذلك النوع من العولمة الذي يسمح للحكومات باتباع إستراتيجيات كاليكي الموسعة لاقتصاداتها، لكنها انكماشية للاقتصاد العالمي ككل، وإذا كانت العولمة ستزدهر فلا بد للعالم من أن يعود لنمط من العولمة تقوم فيه الدول بالتصدير من أجل الاستيراد، وتُعالج فيه اختلالات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار داخل الدولة نفسها لا أن تلقى على عاتق الشركاء التجاريين، وبمعنى آخر يحتاج العالم إلى نظام تجاري عالمي جديد تلتزم فيه الدول بكبح اختلالاتها المحلية وموازنة الطلب المحلي مع العرض المحلي، وفقط عندها لن تضطر الدول إلى امتصاص اختلالات بعضها بعضاً. إلى أن يغير واضعو السياسات الحوافز فلن تهدأ التوترات التجارية وأفضل وسيلة لتحقيق هذا النوع من العولمة هي إنشاء اتحاد جمركي جديد، على غرار ما اقترحه كينز خلال "مؤتمر بريتون وودز"، تتعهد فيه الدول المنضوية تحت هذا الاتحاد بالحفاظ على توازن تجاري عام في ما بينها مع فرض عقوبات على الأعضاء الذين يفشلون في تحقيق ذلك، كما ستقيم هذه الدول حواجز تجارية في وجه البلدان غير المشاركة لحماية نفسها من اختلالات الاقتصاد العالمي الخارجي، ومن المفهوم أن التوازن التجاري لن يُطلب أن يتحقق بين كل شريكين على حدة، بل عبر الشركاء التجاريين ككل، وسيتعين على أعضاء هذا الاتحاد الالتزام بإدارة اقتصاداتهم بما لا يؤدي إلى تصدير كلفة سياساتهم الداخلية إلى الشركاء التجاريين، وضمن هذا النظام تستطيع كل دولة أن تختار طريق التنمية الذي يناسبها، لكنها لن تكون قادرة على فعل ذلك بطريقة تفرض بها كلفة اختلالاتها المحلية على الآخرين (قد تُمنح الدول الأصغر والأقل نمواً بعض الإعفاءات المحدودة من قواعد الاتحاد). وقد ترفض كثير من الدول، ولا سيما تلك التي بُنيت اقتصاداتها على ضعف الطلب المحلي والفوائض الدائمة، الانضمام إلى مثل هذا الاتحاد في البداية، لكن من الممكن البدء بجمع مجموعة صغيرة من الدول التي تشكل الجزء الأكبر من العجوز التجارية العالمية مثل كندا والهند والمكسيك والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وضمها إلى الاتحاد، فهذه الدول تملك كل الحوافز للانضمام، وبمجرد أن تفعل ذلك فسيُجبر باقي العالم في نهاية المطاف على المشاركة، فحين ترفض دول العجز الاستمرار في تسجيل عجوز دائمة فإن دول الفائض لن تعود قادرة على تسجيل فوائض دائمة، وستُضطر إما إلى رفع الاستهلاك المحلي أو الاستثمار المحلي، وكلاهما مفيد للطلب العالمي، أو خفض فائض الإنتاج المحلي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وإذا أنشأ العالم اتحاداً جمركياً كهذا "فلن تعود" التجارة الدولية، كما كتب كينز، "وسيلة يائسة للحفاظ على تشغيل العمالة في الداخل من خلال فرض المبيعات على الأسواق الخارجية وتقييد المشتريات"، ولن يكون الحافز وراء تعزيز البلدان الصادرات إلى أقصى حد تصدير كلفة دعم التصنيع المحلي، بل تعزيز الواردات ورفاه الأسر إلى أقصى حد. أما إذا لم يكن من الممكن إنشاء اتحاد جمركي كهذا فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً ستكون الدخول في لعبة "أفقِرْ جارك" التي تنبأت بها روبنسون، إذ تسعى الدول إلى "إلقاء حصة أكبر من العبء على كاهل غيرها"، كما كتبت، "وما إن تنجح دولة ما في زيادة فائضها التجاري على حساب الآخرين حتى يبادر الآخرون بالرد، ويأخذ الحجم الكلي للتجارة الدولية في الانكماش المستمر". وهذه هي الحال التي يبدو أن العالم يسير نحوها، وهي ما أفرز رسوم ترمب الجمركية، إضافة إلى تنامي شكاوى الناس من التجارة في شتى أنحاء العالم، وما لم يُغير صانعو السياسات الحوافز الاقتصادية فلن تهدأ التوترات التجارية الدولية. مترجم عن "فورين أفيرز" 21 أبريل (نيسان) 2025 مايكل بيتيس هو زميل أول في "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"اقتباسات

كيف تؤثر الحرب التجارية الأمريكية على الاقتصاد العالمي؟
كيف تؤثر الحرب التجارية الأمريكية على الاقتصاد العالمي؟

البورصة

time٢٨-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البورصة

كيف تؤثر الحرب التجارية الأمريكية على الاقتصاد العالمي؟

خلال حفل عشاء عقد مساء الأربعاء في قاعة مؤتمرات في واشنطن، قدم وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت دفاعاً صريحاً عن السياسات التجارية للولايات المتحدة، وذلك في أول لقاء مباشر له مع نظرائه من دول مجموعة العشرين. وبحسب الحاضرين لهذا العشاء، الذي أقيم على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، صور بيسنت نهج الرئيس دونالد ترامب باعتباره خطة واضحة ومحكمة لإعادة توازن الاقتصاد العالمي، وليس بأي حال من الأحوال الفوضى العشوائية المليئة بالتراجع عن القرارات كما يراها المسؤولون في أماكن أخرى من العالم. وأكد بيسنت خلال حدث آخر في اليوم نفسه، أن ترامب اتخذ 'تدابير حازمة' لمعالجة اختلالات 'نظام تجاري غير عادل'، مضيفاً أن أكثر من 100 دولة قد استجابت 'بشكل علني وإيجابي'. لكن اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي، شهدت سلسلة جديدة من التراجعات من قبل ترامب، مما ترك حلفاء الولايات المتحدة أكثر حيرة حيال أهداف الإدارة الأمريكية من أجندتها التجارية، وزاد قلقهم من تأثير حالة عدم اليقين المستمرة على اقتصاداتهم. وارتفعت أسعار الأسهم بعد أسابيع من الاضطرابات عقب إعلان ترامب عن استعداده لخفض الرسوم الجمركية البالغة 145% على الصين بشكل كبير، كما دعم الأسواق تصريحه بأنه لا يخطط لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، خلافاً لما كان قد ألمح إليه سابقاً. ومع ذلك، حذر صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي، صدر الثلاثاء الماضي، من أن عدم الاستقرار الذي يضرب التجارة الدولية سيؤثر حتماً سلباً على النمو العالمي. وقالت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي: 'ببساطة، يواجه الاقتصاد العالمي اختباراً جديداً وكبيراً'. وحذر المسؤولون وصُناع السياسات المشاركون في الاجتماعات من أنهم لا يملكون رؤية واضحة عما إذا كانت إدارة ترامب ستواصل جهود تهدئة النزاعات التجارية مع شركائها أو ستستأنف التصعيد، حسب ما نقلته صحيفة 'فاينانشيال تايمز' البريطانية. تحقيق انفراج فعلي يتطلب أفعالاً لا تصريحات وفي مفارقة لافتة، كان الوفد الصيني في عشاء مجموعة العشرين هو من قدم دفاعاً قوياً عن النظام التجاري المتعدد الأطراف المبني على القواعد، ذلك النظام الذي كانت الولايات المتحدة نفسها قد صممته في الأصل، بحسب أشخاص مطلعين على النقاشات. وحذر الوزراء ومحافظو البنوك المركزية من أن الغيوم الكثيفة لحالة عدم اليقين، التي تنبع من عاصمة أهم اقتصاد في العالم، تكاد تجعل من المستحيل رسم خطط اقتصادية دقيقة. وقال وزير المالية الهولندي إيلكو هاينين: 'ماذا تريد هذه الإدارة بالضبط؟ هل تريد اتفاقاً تجارياً جديداً؟ هل تريد فرض رسوم جمركية؟ نحن ببساطة لا نعرف.. نحن نسير وسط ضباب كثيف حالياً'. وبعد أسابيع من العداء، أشارت إدارة ترامب مؤخراً إلى أنها تبحث بنشاط عن سبل لتهدئة النزاعات التجارية مع شركائها. وقدم بيسنت غصن زيتون إلى شركاء الولايات المتحدة خلال اجتماع لجماعة الضغط التابعة لمعهد التمويل الدولي يوم الأربعاء، قائلاً: 'أمريكا أولاً لا تعني أمريكا وحدها'، ومؤكداً أن الشعار هو 'دعوة إلى تعاون أعمق واحترام متبادل بين الشركاء التجاريين'. كما أبدى بيسنت كلمات مطمئنة بشأن مستقبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قائلاً إنه، رغم دعوته لهاتين المؤسستين إلى التراجع عن 'الأجندات المتشعبة وغير المركزة'، فإنه يعتقد أن لهما 'قيمة دائمة'. وقد شكلت هذه التصريحات ارتياحاً للدول القلقة من احتمال انسحاب أمريكي كامل من مؤسسات 'بريتون وودز'، التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، والتي دعمت التعددية الاقتصادية على مدى ثمانية عقود. وقال مسؤول أوروبي إن 'المزاج هنا يتجه نحو التهدئة'، مشيراً إلى أن المسؤولين الأمريكيين ركزوا خلال الاجتماعات على استعدادهم لإبرام اتفاقات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين. ولفت بعض المسؤولين إلى أن مشاركة بيسنت المتزايدة في السياسات التجارية، على حساب تراجع نفوذ وزير التجارة هوارد لوتنيك ومستشار التجارة بيتر نافارو، ساعدت على تهدئة المخاوف. مع ذلك، حذر المسؤولون من أن تحقيق تقدم ملموس على صعيد العلاقات التجارية لن يكون سهلاً، إذ لم تختفِ الخلافات مع أقرب الشركاء التجاريين، في ظل ما وصفه البعض بـ'روح الغطرسة' الصادرة عن الإدارة الأمريكية. وفي اجتماع لمجموعة السبع، أبدى بيسنت انزعاجه من سؤال طرحه محافظ البنك المركزي الفرنسي فرانسوا فيليروي دو جالو بشأن العجز الفيدرالي الأمريكي. ورد بيسنت متهكماً بأنه سيدون في مذكراته أن 'فرنسياً انتقده بشأن العجز'، في إشارة إلى الديون الفرنسية الباهظة، رغم أن العجز الأمريكي، الذي بلغ 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، أصبح أكبر حجماً. وتحدث مسؤولون في اجتماعات خاصة عن رسائل متضاربة صادرة عن الإدارة الأمريكية بخصوص من يقود فعلياً المحادثات التجارية، مما يجعل من الصعب على الأطراف الأخرى تقييم ثقل هذه التصريحات مع الرئيس ترامب. ويجمع معظم المراقبين على أن ترامب سيظل الحكم النهائي لأي اتفاق محتمل، مما يجعل مآلات أي مفاوضات غامضة. ورغم تفاخر الإدارة الأمريكية بعدد الحكومات التي تتواصل مع البيت الأبيض طلباً لاتفاقيات تجارية، يتساءل مسؤولون كيف ستتمكن الإدارة من استيعاب كل هذه الترتيبات في وقت قصير، خصوصاً في ظل حالات التسريح داخل الحكومة الفيدرالية نتيجة أنشطة ما يُعرف بـ'إدارة الكفاءة الحكومية'. فعلى سبيل المثال، استغرق الأمر 18 شهراً لإبرام اتفاقية تجارة مع المكسيك وكندا خلال الولاية الأولى لترامب، والآن، يصرح الرئيس بأن الرسوم الجمركية المتبادلة ستُرفع في غضون 90 يوماً فقط، أي بحلول يوليو. وأكد هاينين، أن عدم وضوح الرؤية يجعل من الصعب على الحكومات إعداد ميزانياتها السنوية قائلاً: 'ما هو السيناريو الأساسي؟ هذا سيؤذي اقتصاداتنا، ولكن إلى أي مدى يصعب التقدير'. وسلط صندوق النقد الدولي الضوء على هذا الغموض في تقريره نصف السنوي، مشيراً إلى أن 'مستويات الغموض في السياسات مرتفعة للغاية'، مما جعله يعرض مجموعة من التوقعات بدلاً من سيناريو رئيسي واحد. وحتى حال مد ترامب تعليق الرسوم الجمركية إلى أجل غير مسمى، فلن 'يغير ذلك بشكل جوهري' التوقعات الأساسية، نظراً لحجم الحواجز التجارية التي أُقيمت بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم. وقالت جورجييفا: 'الدول الأعضاء تشعر بالقلق'. وفي يناير، كان الصندوق لا يزال يتوقع نمواً عالمياً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.3% لعام 2025، وهو ما اعتبر حينها ضعيفاً. أما الآن، فيتوقع الصندوق نمواً بنسبة 2.8% فقط. وخلال الأسبوع الماضي، خفضت الحكومة الألمانية توقعاتها لنمو اقتصادها المعتمد على التجارة إلى 0% لعام 2025، بعد أن كانت تتوقع نمواً بـ0.3%. وأعلنت شركة 'كابيتال إيكونوميكس' خفض توقعاتها للنمو في منطقة اليورو بسبب الرسوم الجمركية، متوقعة نمواً قريباً من صفر في الربعين الثاني والثالث. وقال يورج كوكيز، وزير المالية الألماني، خلال مناسبة الأربعاء: 'كلما طال انتظارنا للتوصل إلى اتفاق تجاري، كلما طالت فترة عدم اليقين في اقتصادينا'. لكن الولايات المتحدة نفسها هي التي تعرضت لأكبر خفض في توقعات النمو بين اقتصادات مجموعة السبع. فقد خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي لعام 2025 بنحو نقطة مئوية كاملة إلى 1.8%، ورفع احتمالية دخول الركود إلى ما يقرب من 40%. ويعتبر بعض المحللين أن هذه التوقعات لا تزال متفائلة للغايةK فقد استغرق الأمر مثلاً خفضاً أكبر بمقدار 1.4 نقطة مئوية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022. كما خفض معهد بيترسون في واشنطن توقعاته لنمو الولايات المتحدة هذا العام إلى 0.1% فقط. وقال آدم بوسن، رئيس المعهد: 'ستكون هناك اضطرابات في سلاسل التوريد تشبه إلى حد ما تأثيرات كوفيد'، مضيفاً أن قطاعي السيارات والإسكان يواجهان نقصاً في الإمدادات وارتفاعاً في الأسعار. وأظهرت تحليلات شركة 'سي-إنتليجنس' ارتفاعاً في عدد إلغاءات رحلات الشحن عبر المحيط الهادئ. وأعلنت شركة 'هاباج لويد' الألمانية مؤخراً أن 30% من رحلاتها من الصين إلى الولايات المتحدة ألغيت. وقال بوسن إن 'الصين تستورد القليل جداً من السلع من الولايات المتحدة لا يمكنها الحصول عليها من أماكن أخرى، لكن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الصين للحصول على منتجات بسرعة وأسعار معقولة'. ويخشى تجار التجزئة من فراغ الأرفف مع ارتفاع الحواجز أمام الواردات من الصين، التي زودت السوق الأمريكية بما يصل إلى 75% من الدمى والدراجات والسكوتيرات ولعب الأطفال ذات العجلات العام الماضي. كما حذرت كبرى شركات السلع الاستهلاكية مثل 'بروكتر آند جامبل' و'بيبسيكو' و'كولجيت-بالموليف'، و'كيمبرلي-كلارك'، من تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وخفضت توقعاتها للمبيعات أو الأرباح، مع إشارة بعضها إلى ارتفاع التكاليف نتيجةً للرسوم الجمركية وتدهور ثقة المستهلك. وقال أندريه شولتِن، المدير المالي لشركة 'بروكتر آند جامبل'، إن 'العوامل المتقلبة مثل التوترات السياسية والاقتصادية والرسوم الجمركية تدفع المستهلكين إلى تبني موقف الانتظار والترقب'. ورغم أن البيانات الاقتصادية لم تُظهر بعد علامات واضحة على التراجع، إلا أن التحذيرات تزداد، فقد وضع تورستن سلُوك، كبير الاقتصاديين في صندوق التحوط 'أبولو'، احتمال حدوث ركود تجاري طوعي بنسبة 90%. وفي حين أن البنوك المركزية في إنجلترا وأوروبا مستعدة لخفض أسعار الفائدة لمواجهة الركود، فإن السياسة النقدية في الولايات المتحدة قد تبقى متشددة لفترة أطول. ويبدو أن البيت الأبيض بات يشعر بتداعيات الحرب التجارية، وسط مؤشرات على رغبة متزايدة في خفض التوتر مع الصين. لكن المسؤولين الدوليين يرون أن تحقيق انفراج فعلي يتطلب أفعالاً، لا مجرد تصريحات. وكما قال أحد المصرفيين السابقين: 'المصداقية قد تلاشت'. : الاقتصاد العالمىالصينالولايات المتحدة الأمريكيةترامب

أيرلندا ترفع مساهمتها لصندوق أفقر الدول إلى 141 مليون يورو
أيرلندا ترفع مساهمتها لصندوق أفقر الدول إلى 141 مليون يورو

صوت بيروت

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • صوت بيروت

أيرلندا ترفع مساهمتها لصندوق أفقر الدول إلى 141 مليون يورو

قال وزير المالية الأيرلندي باسكال دونوهو اليوم الخميس إن أيرلندا ستساهم بنحو 141.4 مليون يورو (161 مليون دولار) في أحدث عملية لتجديد موارد صندوق البنك الدولي المخصص لأفقر الدول، بزيادة 33.5 بالمئة عن مساهمة البلاد السابقة. وسيجري تخصيص هذه الأموال للمؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق يقدم الدعم لأفقر الدول التي تعاني من ديون ساحقة وكوارث مناخية وتضخم وصراعات، وذلك في إطار أحدث جولة تجديد لمواردها. وقال دونوهو في بيان خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن 'أيرلندا دائما داعم قوي لعمل البنك الدولي، وستعزز هذه المساهمة أهداف أيرلندا الإنمائية الدولية التي تركز على تحقيق أهداف الأمم المتحدة المتعلقة بالتنمية المستدامة'. وبرزت مسألة تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، الذي يجرى كل ثلاث سنوات، في الاجتماعات المنعقدة هذا الأسبوع في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعادة هيكلة علاقتها مع مؤسسات نظام بريتون وودز، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وفي ديسمبر كانون الأول، أعلن البنك الدولي أن تعهدات المانحين للمؤسسة الدولية للتنمية بلغت رقما قياسيا عند 100 مليار دولار، ومنها مساهمة قدرها أربعة مليارات دولار قدمتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن العام الماضي. وقال دونوهو 'في ضوء المشهد الدولي الراهن والتوتر الجيوسياسي وقرارات الآخرين بشأن التزامات المساعدة الإنمائية الرسمية، أصبح من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن نكثف جهودنا ونقدم مساهماتنا قدر الإمكان'. (الدولار = 0.8788 يورو)

محمد خروب يكتب: واشنطن إذ تُغلق وكالة لـ "التضليل الإعلامي" .. هل حقّاً؟
محمد خروب يكتب: واشنطن إذ تُغلق وكالة لـ "التضليل الإعلامي" .. هل حقّاً؟

سرايا الإخبارية

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • سرايا الإخبارية

محمد خروب يكتب: واشنطن إذ تُغلق وكالة لـ "التضليل الإعلامي" .. هل حقّاً؟

بقلم : في وقت مُتزامن «صدفة ربما» بثت وكالات الأنباء خبراً لافتاً يقول: إن إدارة ترامب قامت بـ«حلّ» وكالة حكومية كانت تُعنى بـ"التصدّي للتضليل الإعلامي الأجنبي»، مُعتبرة أن قرارها يصبّ في جهود صون «حرّية التعبير». علماً أن الوكالة هذه كانت تحمل اسم «مركز التصدّي للتلاعب بالمعلومات والتدّخل من الخارج»، المعروف سابقاً باسم «مركز الالتزام العالمي». وجاء من دولة العدو الصهيوني تقرير عن قيام الولايات المتحدة بإقامة «قطار جوي» يحمل شحنة من الأسلحة الضخمة إلى الكيان العنصري. تكفّلت قناة «i24news» الصهيونية بكشفه، لافتة ?القناة) إلى أن القطار الجوي الجديد إلى تل أبيب، يضم عشرات الطائرات العسكرية، التي هبطت في قاعدة «نيفاتيم» الجوية. مُوضحة/القناة: أن الطائرات تحمل معها كميات كبيرة من الأسلحة، في شحنة تُعتبر من أكبر النقلات العسكرية في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية. كاشفة أيضاً أن الشحنة العسكرية تحمل قنابل ثقيلة من طِراز (MK-48)، إلى جانب مئات الصواريخ الاعتراضية لـ«منظومة (ثاد/THAAD) وآلاف الذخائر الخارقة للتحصينات، وأخرى مُخصصة لـ«مواصلة القتال في غزة»، والاستعدادات لهجوم مُحتمل على إيران. مُردفة على نحو مثير ولافت أن القطار الجوي (لم يصل من الولايات المتحدة فحسب، بل انطلقت الطائرات الأميركية من قواعد عدة من أوروبا والشرق الأوسط»، واتجهت نحو إسرائيل، بمعدّلِ «6 طائرات» في اليوم الواحد. وإذ يبرع حلف الشر الصهيوأميركي في تزوير الحقائق واختلاق الأحداث ونشر الاشاعات وبث الأكاذيب وشيطنة الدول والزعماء، بل الأديان والعقائد والقوميات، ويكاد لا يتفوّق عليه أحد في العالم في نهج التضليل الإعلامي، ليس فقط في ما يتوافر عليه من إمكانات واصول وموارد وتقنيات متقدمة، بل خصوصاً في مَن يقف خلفه وتحت إمرته من عقول وحلفاء وطوابير عديدة، داخل الولايات المتحدة والكيان الفاشي الصهيوني وخارجهما، أين منها ما كان يُعرّف في عهود سابقة بـ«الطابور الخامس» في هذا البلد أو ذاك. إغلاق وكالة التضليل الإعلامي الأميركية، لن يغيًر كثيراً في النهج العدواني والتضليلي الذي واظبت الولايات المتحدة على اتباعه في الحرب الباردة وخصوصاً بعدها، إثر تفرّدها في قيادة العالم، واستبدت بها نزعة الغطرسة والاستثنائية الأميركية المزعومة، رافعة شعار «مَن ليس معنا فهو ضدنا»، مُروجة لصراع الحضارات واضعة الإسلام/والمسلمين في خانة العدو الأول. إثرَ ما أسمته «هزيمة الشيوعية/ الاشتراكية». فارضة «العولمة» على العالم بكل ما تعنيه من اجتياح شامل للحدود أمام السلع الأميركية والأوروبية، ومُمسكة بالبنك والصندوق الد?ليّين كسيف مُسلَّط على دول الجنوب الفقيرة، ناهيك عن اعتبار «الدولار الأميركي» المرجعية الوحيدة للتبادلات التجارية العالمية، دون أي سند أو ضمانات أصول ذهبية، على ما كانت الحال في اتفاقية بريتون وودز، التي أطاحتها إدارة الجمهوري/نيكسون عام (1971). بإلغاء التحويل الدولي المُباشر «من الدولار الأميركي إلى الذهب» حسب الاتفاقية. ما علينا؛ التضليل الإعلامي الأميركي (قبل اغلاق وكالة التضليل مؤخراً)، نهضَ به وما يزال قادة الولايات المتحدة من إدارة وكونغرس بمجلسيه، ووسائل إعلامها التي تزعم أنها موضوعية ومناصرة لحقوق الإنسان والديموقراطية، كذلك حال مؤسساتها ووكالاتها الاستخبارية وأجهزة إعلامها المرئي منها والمقروء كما المسموع، حتى بعد إغلاق قناة الحرّة وراديو أوروبا الحُرَّة وغيرها مما عجّت به من إذاعات مسموعة/ إقرأ مسمومة، مثل إذاعة أوروبا الحرة، وغيرها نطقت بالعربية والروسية والفارسية والصينية. ولعل أكثر ما فضحَ نهج التضليل والعدوانية الأميركية ووحشيتها، هي حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع والتدمير على قطاع غزة والضفة الغربية المُحتلة، الذي شاركت فيها الولايات المتحدة بحماسة ميدانية مُعلنة. سواء في عهد رئيس الإبادة/بايدن، أم رئيس التهجير الطامع في جائزة نوبل للسلام/ترامب، ناهيك عن سِجل الولايات المتحدة الدموي والعدواني في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، ودائما وخصوصاً في موقفها من الشعب الفسطيني وحقه في الحرية وتقرير المصير. ماذا عن علاقة التضليل الإعلامي بقطار «القنابل الضخمة» الجوّي للعدو؟ من المفيد الإشارة إلى جولات المفاوضات غير المُباشرة الجارية الآن بين الولايات المتحدة وإيران، سواء في مسقط العُمانية أم روما الإيطالية، إن على مستوى وزير الخارجية الإيراني/ عرقتشي والمبعوث الأميركي/ ستيف ويتكوف، أم على مستوى الخبراء وما يرشح عنها من تسريبات أو تصريحات علنية تقول إن تقدماً «مقبولاً» بات يبعث على التفاؤل، باحتمال التوصل الى اتفاق او ربما ـ تقول مصادر أخرى ـ احتمال العودة إلى اتفاق 14 تموز 2015 الذي توصلت إليه مجموعة (5 +1)، وقام ترامب بالانسحاب منه عام/2018 إرضاءً لحليفه مُجرم الحرب/نتنياهو. هنا وحتى لا ننسى فإن القطار الجوي الذي سيّره ترامب لدولة العدو، لم يكن سوى «هدية» مجانية لدعم حرب الإبادة والتهجير على الشعب الفلسطيني والدول العربية الأخرى، سواء توصّل لاتفاق مع إيران أم لا. هلا رأيتم كيف يصل التضليل الإعلامي الأميركي/الرئاسي ذروته، حتى بدون وجود وكالة للتضليل؟ kharroub@ الراي

محمد خروب : واشنطن إذ تُغلق وكالة لـ«التضليل الإعلامي»..هل حقّاً؟
محمد خروب : واشنطن إذ تُغلق وكالة لـ«التضليل الإعلامي»..هل حقّاً؟

أخبارنا

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • أخبارنا

محمد خروب : واشنطن إذ تُغلق وكالة لـ«التضليل الإعلامي»..هل حقّاً؟

أخبارنا : في وقت مُتزامن «صدفة ربما» بثت وكالات الأنباء خبراً لافتاً يقول: إن إدارة ترامب قامت بـ«حلّ» وكالة حكومية كانت تُعنى بـ"التصدّي للتضليل الإعلامي الأجنبي»، مُعتبرة أن قرارها يصبّ في جهود صون «حرّية التعبير». علماً أن الوكالة هذه كانت تحمل اسم «مركز التصدّي للتلاعب بالمعلومات والتدّخل من الخارج»، المعروف سابقاً باسم «مركز الالتزام العالمي». وجاء من دولة العدو الصهيوني تقرير عن قيام الولايات المتحدة بإقامة «قطار جوي» يحمل شحنة من الأسلحة الضخمة إلى الكيان العنصري. تكفّلت قناة «i24news» الصهيونية بكشفه، لافتة ?القناة) إلى أن القطار الجوي الجديد إلى تل أبيب، يضم عشرات الطائرات العسكرية، التي هبطت في قاعدة «نيفاتيم» الجوية. مُوضحة/القناة: أن الطائرات تحمل معها كميات كبيرة من الأسلحة، في شحنة تُعتبر من أكبر النقلات العسكرية في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية. كاشفة أيضاً أن الشحنة العسكرية تحمل قنابل ثقيلة من طِراز (MK-48)، إلى جانب مئات الصواريخ الاعتراضية لـ«منظومة (ثاد/THAAD) وآلاف الذخائر الخارقة للتحصينات، وأخرى مُخصصة لـ«مواصلة القتال في غزة»، والاستعدادات لهجوم مُحتمل على إيران. مُردفة على نحو مثير ولافت أن القطار الجوي (لم يصل من الولايات المتحدة فحسب، بل انطلقت الطائرات الأميركية من قواعد عدة من أوروبا والشرق الأوسط»، واتجهت نحو إسرائيل، بمعدّلِ «6 طائرات» في اليوم الواحد. وإذ يبرع حلف الشر الصهيوأميركي في تزوير الحقائق واختلاق الأحداث ونشر الاشاعات وبث الأكاذيب وشيطنة الدول والزعماء، بل الأديان والعقائد والقوميات، ويكاد لا يتفوّق عليه أحد في العالم في نهج التضليل الإعلامي، ليس فقط في ما يتوافر عليه من إمكانات واصول وموارد وتقنيات متقدمة، بل خصوصاً في مَن يقف خلفه وتحت إمرته من عقول وحلفاء وطوابير عديدة، داخل الولايات المتحدة والكيان الفاشي الصهيوني وخارجهما، أين منها ما كان يُعرّف في عهود سابقة بـ«الطابور الخامس» في هذا البلد أو ذاك. إغلاق وكالة التضليل الإعلامي الأميركية، لن يغيًر كثيراً في النهج العدواني والتضليلي الذي واظبت الولايات المتحدة على اتباعه في الحرب الباردة وخصوصاً بعدها، إثر تفرّدها في قيادة العالم، واستبدت بها نزعة الغطرسة والاستثنائية الأميركية المزعومة، رافعة شعار «مَن ليس معنا فهو ضدنا»، مُروجة لصراع الحضارات واضعة الإسلام/والمسلمين في خانة العدو الأول. إثرَ ما أسمته «هزيمة الشيوعية/ الاشتراكية». فارضة «العولمة» على العالم بكل ما تعنيه من اجتياح شامل للحدود أمام السلع الأميركية والأوروبية، ومُمسكة بالبنك والصندوق الد?ليّين كسيف مُسلَّط على دول الجنوب الفقيرة، ناهيك عن اعتبار «الدولار الأميركي» المرجعية الوحيدة للتبادلات التجارية العالمية، دون أي سند أو ضمانات أصول ذهبية، على ما كانت الحال في اتفاقية بريتون وودز، التي أطاحتها إدارة الجمهوري/نيكسون عام (1971). بإلغاء التحويل الدولي المُباشر «من الدولار الأميركي إلى الذهب» حسب الاتفاقية. ما علينا؛ التضليل الإعلامي الأميركي (قبل اغلاق وكالة التضليل مؤخراً)، نهضَ به وما يزال قادة الولايات المتحدة من إدارة وكونغرس بمجلسيه، ووسائل إعلامها التي تزعم أنها موضوعية ومناصرة لحقوق الإنسان والديموقراطية، كذلك حال مؤسساتها ووكالاتها الاستخبارية وأجهزة إعلامها المرئي منها والمقروء كما المسموع، حتى بعد إغلاق قناة الحرّة وراديو أوروبا الحُرَّة وغيرها مما عجّت به من إذاعات مسموعة/ إقرأ مسمومة، مثل إذاعة أوروبا الحرة، وغيرها نطقت بالعربية والروسية والفارسية والصينية. ولعل أكثر ما فضحَ نهج التضليل والعدوانية الأميركية ووحشيتها، هي حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع والتدمير على قطاع غزة والضفة الغربية المُحتلة، الذي شاركت فيها الولايات المتحدة بحماسة ميدانية مُعلنة. سواء في عهد رئيس الإبادة/بايدن، أم رئيس التهجير الطامع في جائزة نوبل للسلام/ترامب، ناهيك عن سِجل الولايات المتحدة الدموي والعدواني في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، ودائما وخصوصاً في موقفها من الشعب الفسطيني وحقه في الحرية وتقرير المصير. ماذا عن علاقة التضليل الإعلامي بقطار «القنابل الضخمة» الجوّي للعدو؟ من المفيد الإشارة إلى جولات المفاوضات غير المُباشرة الجارية الآن بين الولايات المتحدة وإيران، سواء في مسقط العُمانية أم روما الإيطالية، إن على مستوى وزير الخارجية الإيراني/ عرقتشي والمبعوث الأميركي/ ستيف ويتكوف، أم على مستوى الخبراء وما يرشح عنها من تسريبات أو تصريحات علنية تقول إن تقدماً «مقبولاً» بات يبعث على التفاؤل، باحتمال التوصل الى اتفاق او ربما ـ تقول مصادر أخرى ـ احتمال العودة إلى اتفاق 14 تموز 2015 الذي توصلت إليه مجموعة (5 +1)، وقام ترامب بالانسحاب منه عام/2018 إرضاءً لحليفه مُجرم الحرب/نتنياهو. هنا وحتى لا ننسى فإن القطار الجوي الذي سيّره ترامب لدولة العدو، لم يكن سوى «هدية» مجانية لدعم حرب الإبادة والتهجير على الشعب الفلسطيني والدول العربية الأخرى، سواء توصّل لاتفاق مع إيران أم لا. هلا رأيتم كيف يصل التضليل الإعلامي الأميركي/الرئاسي ذروته، حتى بدون وجود وكالة للتضليل؟ ــ الراي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store