أحدث الأخبار مع #بنعيسى


ألتبريس
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ألتبريس
فى أربعينيّة ابن 'أصيلة' الأصيل.. محمّد بن عيسىَ كما عرفتُه
د. السّفير محمد محمد الخطابي فى العاشر من شهر أبريل الجاري حلّت الذّكرى الأربعون لرحيل أحد أبرز وجوه السياسة، والثقافة، والإعلام فى المغرب السفير الوزير محمد بن عيسى الذي غادرنا الى دار البقاء فى الثامن والعشرين من شهر فبراير 2025 رحمه الله.. ماذا عساني أن أقول عنه بعدما قيل فى حقّه وعن رحيله المُفجع الكثير،هذا المثقف الحصيف الذي تعرّفتُ عليه منذ أوائل السّبعينيات من القرن الفارط إثر عودتي من رحلة الدراسة والتحصيل فى قاهرة المعزّ لدين الله الفاطمي،كنّا آنذاك شباباً فى مقتبل العُمر، وفى شرخ الحياة وريعانها ، كانت رؤوسنا مملوءة بأفكار التحرّر، والإنعتاق، والتّوق، والتطلّع نحو عالم أفضل أكثرَ عدالة، ومساواة، ونزاهة ونبلاً ، وكانت قلوبنا تتفجّر وتلهج بحبً الوطن الغالي الذي غبنا عنه لسنواتٍ بعيدة ، ذقنا خلالها طعم الغربة المرير،والتيه،والبِعاد، والسفر، والترحال ،والتجوال فى بلاد الله الواسعة ،كانت كتاباتنا المبكّرة تنثال على أناملنا كشلاّل منهمر، وكانت تُبصَم على تلك الصّفحات الناصعة البياض من أوراق الفولسكاب التي لم يعد لها وجود فى حياتنا اليوم ،والتي حلّت محلّها دساتين الرّقن على الحروف المرصُوفة على واجهات الحواسيب المختلفة الأحجام والأصناف التي أصبحت تملأ حياتنا فى كلّ مكان ، كانت هذه الكتابات المُبكّرة تأخذ طريقها الى النشرفى الصّحف، والجرائد والمجلاّت العربية والوطنية آنذاك أمثال : ' أخبار اليوم' ،و' العُمّال' ،و'الهلال' المصرية، ثمّ فى ' العَلَم' ، و' المُحرّر'، و' الأنباء' و' دعوة الحقّ ' المغربية ،و بعد ذلك فى 'العربي' الكويتية، و' الدّوحة ' القطرية، و'الأقلام' العراقية'، وبعد ذلك فى صُحف المهجر الدولية اللندنية : 'العرب' ،و' الشرق الأوسط'، و' القدس العربي' ، وسواها من المجلات والصّحف الأخرى . طموح مُبكّر كان محمد بن عيسى إبّانئذٍ لمّا يزلْ فى مقتبل العُمر أنيقاً ، رشيقاً ، تملأ ذقنه لحية خفيفة ، كان دائمَ الابتسام ، يميل للدّعابة،والبسط، والمزاح ، كان كثير السّؤال ، شديد الطموح ،كان أديباً وفناناً ومبدعاً بالفطرة ،وكأنه كان يخبّئ فى صدره مخزناً واسعاً تتزاحم فيه الفِكَر، وهواجس الإبداع ، وتشعّ منه ومضات الإشعاع ، كان دائم البحث، والتنقيب عن الجديد فى مدينته الصغيرة ذات الآمال الكبيرة 'أزيلا ' (التي تعني الجمال باللغة الأمازيغية) والتي أصبحت مع مرور الزمن ( أصيلة ) رفقة ثلة وشلة من أصدقائه ورفاقه الأقربين أمثال الصديقان الفنان المرحوم محمد المليحي ،والشاعر محمد البوعناني وسواهما ، لم يكن بن عيسى يتقلّد بعد أيّا ً من المناصب العليا الرفيعة التي ستسند إليه فيما بعد ، والتي أبلى فيها البلاء الحسَن وتسنّم بها صولة المجد والشهرة والذيوع والانتشار رويداً رويداً فى بلده المغرب ثم امتدّت شهرته وانتشرت فى مختلف بلدان المشرق العربي. تحريك العلاقات الاسبانية -المغربية غداة إلتحاقي للعمل أواخر السبعينيات من القرن الفارط فى سفارتنا بمدريد كان بن عيسى يزورنا مع صفوة من المثقفين والكتّاب والمبدعين المغاربة فى اسبانيا، وكان همّنا هوتحريك العلاقات الاسبانية -المغربية وإخراجها من الرّكود والجمود اللذين كانا يطبعانها آنذاك ، كان المثقفون الإسبان والمغاربة فى الضفّتين ما فتئوا يؤكّدون على الدّورالمحوري الذي تلعبه الثقافة على وجه الخصوص فى توثيق وتعميق وتطويروتفعيل العلاقات بين البلدين الجاريْن ، حيث اضطلع هؤلاء المثقفون بالفعل آنذاك بدورطلائعي فى هذه المهمّة. ففى عام 1978 تمّ تأسيس 'مجموعة المثقفين الإسبان والمغاربة' بمبادرة من صفوةً من الكتّاب، والأدباء، والمفكّرين المغاربة والإسبان 40 مثقفاً من المغرب ( منهم محمد بن عيسى، ومحمد شقور، ومحمد المليحي، وعبد الكريم غلاب، ومحمد العربي المساري، وعبد الجبار السحيمي، ومحمد الصبّاغ ،وفاطمة المرنيسي ، وكاتب هذه السّطور،وآخرين. مقابل 46 مثقفاً من إسبانيا كانوا جميعهم من بين الموقّعين على بيان مشترك نُشر فى كبريات الصحف الاسبانية آنذاك ، الذين طالبوا فيه بضرورة تحريك العلاقات الإسبانية المغربية ، وإعطائها نفساً جديداً ، وإذكاء روح التفاهم والحوار بينهما. وقد أفضت هذه البادرة المبكّرة إلى تنظيم عدّة ندوات حول مختلف أوجه التعاون الثقافي، والأدبي،والتاريخي، منها إرساء قواعد ثابتة ودائمة للحوار والتفاهم والتعايش بين الطرفين وسواها من المبادرات،والخطوات الأخرى التي كانت تهدف برمّتها إلى بلوغ الغايات، والأهداف التي تخدم المصالح المشتركة للبلدين، والتصدّي للأفكارالخاطئة الجاهزة،والأحكام المسبّقة المغلوطة التي لم تكن تقدّم الصّورة الحقيقية لكلا البلدين. كان محمد بن عيسى حريصاً فى مداخلاته خلال هذه اللقاءات – التي كانت تُعقد طوراً فى مدريد، وتارة فى مراكش- على تنبيه الاسبان الى مغبّة ضياع لغتهم وتقهقر ثقافتهم فى مختلف مدن المغرب وهيمنة اللغة الفرنسية فيها وانتشارها بدل الاسبانية، كان يتحدّث بلغة اسبانية بسيطة، وبكلّ تواضع وجرأة كان يضرب المثل بنفسه ويقدّم للإسبان الدليل على تراجع لغتهم فى شمال المغرب وجنوبه كونه كان – يقول- أنه يعجز التحدّث بها اليوم إليهم بطلاقة . محمد بن عيسى وكولومبيا عندما تقلّد محمد بن عيسى منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون كان كثير الأسفار، وكان حريصا على إيلاء العلاقات المغرببية مع بلدان أمريكا الاّتينية على وجه الخصوص عناية كبرى، وفى هذا السياق قام بعدّة زيارات رسمية إلى عواصم أمريكا اللاتينية فى طليعتها العاصمة الكولومبية بوغوطا فى إطار أشغال اللجنة الثنائية العليا للبلدين ، كما انه كان على علم انّ هذا البلد كان هدفاً أساسياً لخصوم وحدة المغرب الترابية بعد ان أوصدت الابواب امامهم ، وبقدر ما كان الجانب السياسي أثيراً لديه خلال هذه الزيارات، كان يولي أهمية خاصّة للجانب الثقافي كذلك ، فقد أشرف على تدشين عدّة ملتقيات وندوات ثقافية ومعارض تشكيلية مغربية نُظّمت بنجاح فى هذا البلد الصّديق فى ذلك الإبّان ، كما انه كان حاضراً عندما دُعيث لإلقاء محاضرة باللغة الاسبانية حول رواية ( مائة سنة من العزلة) للكاتب الكولومبي الذائع الصّيت غابرييل غارسيا مركيز بالديوان الأدبي الذي يحمل إسم ( نوجال) الكائن ببوغوطا،فى إطار ندوة دولية نظمها هذا الديوان المرموق عن مركيز. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد أنه غيرُ خافٍ على أحد الأهمية القصوى التي يوليها الكولومبيّون للثقافة على وجه العموم ، لذا ليس غريباً ان تُلقّب عاصمتهم ب 'أثينا ' أمريكا اللاتينية' . إذا كنتَ فى حاجةٍ مُرسلاً ! وعندما شغل محمد بن عيسى منصب وزير الثقافة فى الفترة المتراوحة بين (1985-1992) قام رئيس الحكومة الكنارية المستقلة آنذاك الإشتراكي 'خِيرُونيمُو ساهافيدرا'بزيارة رسمية للمغرب بدعوة من الملك الراحل الحسن الثاني – وكان الملاحظون يعتبرون جزرالخالدات آنذاك بمثابة 'تندوف الغربية' لتغلغل خصوم المغرب آنذاك فى هذا الأرخبيل الذي شغلت فيه منصب القنصل العام للمغرب وعميد السلك القنصلي، لذا أولى الملك الحسن الثاني أهمية خاصّة لزيارة المسؤول الكناري لبلادنا ، وقد عيّنتني وزارة الشؤون الخارجية مرافقاً ومترجماً خاصّاً لهذا الضيف الكناري الكبير،وبعد ان طفنا فى مختلف المدن المغربية للتعرّف على تاريخ المغرب وحضارته الألفية العريقة تقرّر أن يستقبله العاهل المغربي فى مدينة 'ورزازات ' حيث كان يقوم بزياراتٍ رسميةٍ لها ولبعض المدن الاخرى فى جنوب المغرب ، وقد رافقه خلال هذه الجولة الملكية بعض الوزراء منهم محمد بن عيسى. وما زلت أتذكّر أننا نزلنا فى فندق فاخر كان يُسمّى ' الشمس' ، وذات صباح كان بن عيسى جالساً على أريكة مريحة بجوار مسبح الفندق وبيده جريدة ' الشرق الأوسط' اللندنية وفى عينيه نظارة على جنابيها خيط أسود يمتدّ الى أذنيه، دنوتُ منه ، وسّلّمت عليه، فردّ عليّ السلام بلطف، ثم قال لي : اجلس قليلاً بجانبي . ثم قال لي : لقد لاحظتُ أنك منسجم مع رئيس الحكومة الكنارية المستقلة بعد الجولات التي قمتما بها فى العديد من المدن المغربية ، ولابدّ أنّك أقمتَ معه صداقة خاصّة ، والحالة هذه، أرجوك ان تومئ له وتقنعه بأن يوجّه لي دعوة رسمية لزيارة جزرالكناري لنعمل على تقوية العلاقات والروابط الثقافية والسياسية بين بلادنا وجزر الخالدات ، فقلت له : بكلّ سرور لك أن تطمئن ، ثمّ أردف قائلاً بصوتٍ خفيض : ولكن، لا تقل له أنني طلبتُ منك أن تقول له ذلك ! حينئذٍ قلتُ له على الفور : يا سيدي الوزير أذكّرك بما قاله الشاعر المنكود الطالع طرفة ابن العبد فى هذا القبيل ،فصرتُ أتلو عليه : إِذا كُنتَ في حَاجَةٍ مُرسِلاً / فَأَرسِل حَكيماً وَلا توصِهِ وَإِن ناصِحٌ مِنكَ يَوماً دَنا / فَلا تَنأَ عَنهُ وَلا تُقصِهِ وَإِن بابُ أَمرٍ عَلَيكَ اِلتَوىَ / فَشاوِر لَبيباً وَلا تَعصِهِ فانتفض من مكانه مبتسماً وأخذ قلمَ حبرٍ كان بجانبه وقال لي : قل ..قل لي من جديد.. فأمليتُ عليه هذه الأبيات، وكتبها على الطرف الأعلى من الصّفحة الأولى للجريدة التي كانت بين يديْه . ثم توادعنا والتحقنا بالرّكب الرّسمي الذي بدأ يتحرّك لأنّ ساعة استقبال الملك الحسن الثاني للرئيس الكناري كانت قد أزفت. إتّحاد كتّاب المغرب وموسم أصيلا الشهير كان بن عيسى صديقاً عزيزاً ،ومثقفاً حصيفا .كان شديدَ الذكاء ،حاضرَ البديهة، شغوفاً بالطُرفة الحلوة ،والنكتة اللاّذعة ،وكان خطيباً مِصقعاً،ومتحدثاً لبقاً ،ومحاوراً مفوّهاً،كان شخصاً متواضعاً عكس ما كان يُقال، ويَفتري عليه البعض من باب الحيف فى هذا القبيل . كان أوّل من دافع عنّي الى جانب المشمول برحمة الله الصديق الوزير السفير محمد العربي المساري أوائل السبعينيات من القرن الفارط للإلتحاق وأحظى بعضوية ( إتحاد كتّاب المغرب) اذ كان الإشكال إبانئذٍ قائماً فى التساؤل التالي :هل يحقّ ان يصبح عضواً فى حظيرة هذا الاتحاد مَنْ له كتابات منشورة ومشهودة فى مختلف الصحف والمجلات ولم يصدر له بَعْد أيُّ كتاب ؟ فصوّت الكتّاب الأعضاء آنذاك بالاغلبية على هذا الأمر لصعوبة النشر فى ذلك الوقت. أسّس الفقيد الراحل الى جانب صديق عمره، وصديقنا الفنان التشكيلي المرحوم محمد المليحي مهرجان موسم' أصيلة' الثقافي السنوي الشهير، حيث أمكنه ان يستدعي له العديد من الشخصيات الثقافية والسياسية والفنية الهامة من العالم العربي ،ومن أفريقيا وأوروبا، وأمريكا اللاتينية ، واستمرّ محمد بن عيسى يرعى هذا المهرجان كمثقف، وكعمدة لمدينته الجميلة لمدة تنوف على أربعين سنة، حيث جعل من مدينته الصغيرة واحة فكرية وارفة، ومدينة تعانق وتنشرالثقافة من كلّ صِنف، وتحيي تظاهرات دولية فى مجالات الغناء،والموسيقى، والرّسم ،والتشكيل وجعل جدرانها تشعّ بالألوان فى مختلف أحياء المدينة ، كما جعل الأجواق والفرق الموسيقية الوطنية والعالمية تصدح فى كلِّ ركنٍ وناصية من هذه الحاضرة الأصيلة .وكانت قاعات المحاضرات تعجّ بالكُتّاب، والمثقفين، والفنانين (عرباً وأجانب) فى كلّ فرع من فروع الابداع بحضور جمهور غفير من المغرب ومن مختلف البلدان العربية ،والأوربية وكان بن عيسى حريصاً على المشاركة بحماس في مختلف هذه الأنشطة والملتقيات الثقافية. ومعروف انه تولى الإشراف على جريدة حزب 'التجمع الوطني للاحرار'. ثم التحق فيما بعد بحزب الأصالة والمعاصرة، ونال عام 1988جائزة الأغاخان للعمارة الإسلامية عن اعادة تأهيل مدينة اصيلة، إذ جعل المدينة تنتشر فيها الحدائق الغنّاء ، والرسوم التشكيلية تملأ مختلف جدرانها فى كلّ مكان ، فضلاً عن الجُسور،أوالقناطر، أوالكباري ذات الطابع الاندلسي الفريد. فى ليالي مجريط السّاحرة خلال عملي كمستشار ثقافي، وسياسي وصحافي بسفارتنا بمدريد فى الثمانينات من القرن المنصرم كان محمد بن عيسى يزورنا بين الفينة والاخرى،وكنا نصول ونجول فى مدينة مدريد الى جانب أصدقائنا المشتركين السفير محمد العربي المساري، والمفكّر المهدي المنجرة، والسفير محمد العربي الداودي ، والاديب بهاء الدين الطود ( الذي كانت تجمعه بابن عيسى صلة قرابة عائلية ) ،والأديب الضلّيع فى لغة سيرفانتيس محمد شقور رحمهم الله ، كنّا نذرع شوارع مجريط وأزقّتها العتيقة فى جُنح الليل وهزيعه الأخير ونحن نتجاذب أطراف الحديث من كلّ لون وصنف حتى يستبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود..!. وعندما كنت سفيراً للمغرب فى كولومبيا و فى ( بنما، والإكوادور،سان كيتس إي نييفيس ،وترينيداد وطوباغو ،وغراناد من بلدان الكرايب ) فى الفترة المتراوحة بين (2003- 2008 ) قام محمد بن عيسى بعدّة زياراتٍ رسمية خلال هذه المدّة لهذا البلد الرائع والمُذهل جمالاً ، الذي تربطه علاقات صداقة متينة بالمغرب.. وكان بذلك الوزير العربيّ الأكثرزيارة لكولومبيا من بين الوزراء العرب آنذاك . الحديث عن هذا الرجل حديث ذو شجون ، جميل، وطويل، وممتع ، ومتشعّب ،ويُعتبررحيله المفاجئ خسارة فادحة لمدينته الفيحاء أصيلة (التي كان من أقطابها وأعلامها البارزين) وللثقافة ، وللمغرب عامّة. *********************************************** *كاتب وباحث ومترجم من المغرب ، عضو الأكاديمية الإسبانية – الأمريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا.


أخبار ليبيا
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبار ليبيا
أكاديمية ليبية تحذر من تهميش المرأة في صنع القرار وتدعو لإصلاحات قانونية
ليبيا – 🚺 بن عيسى: استبعاد المرأة من المناصب القيادية نتيجة تأويلات دينية خاطئة وعوامل ثقافية واجتماعية رأت الأكاديمية الليبية جميلة بن عيسى أن استبعاد المرأة من المناصب القيادية يعود بالدرجة الأولى إلى التأويلات الدينية الخاطئة التي يتم استغلالها لتمرير أجندات تُكرّس إقصاء المرأة، بما يخدم مصالح أطراف معينة. بن عيسى أشارت في تصريح لوكالة 'سبوتنيك' إلى أن البعض يروج لفكرة أن المرأة 'ناقصة عقل ودين'، رغم أن الإسلام منحها مكانة لا تقل عن الرجل، وأكد على أهليتها في تحمل المسؤوليات. 🔍 أسباب استبعاد المرأة من القيادة أوضحت بن عيسى أن العوامل الثقافية والاجتماعية تلعب دورًا محوريًا في هذا الإقصاء، إذ ترفض بعض الفئات في المجتمع تولي النساء زمام الأمور، بحجة أن المرأة لا تمتلك القدرة أو الدراية الكافية لشغل المناصب القيادية. أشارت إلى أن الأعراف والتقاليد، خاصة في المجتمعات القبلية المحافظة، لا تزال تشكل حاجزًا أمام وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار، حيث تُنظر إليها بريبة وعدم ثقة. لم تغفل بن عيسى دور التشريعات والقوانين في تكريس هذا الإقصاء، مشيرة إلى أن هناك فجوات قانونية تحد من تولي المرأة المناصب القيادية على قدم المساواة مع الرجل، ورغم وجود بعض القوانين الداعمة للمرأة، إلا أن تطبيقها يظل محدودًا. أضافت أن الأسباب الذاتية تلعب دورًا في هذا المشهد، إذ تعاني بعض النساء من ضعف الثقة بالنفس وعدم الإيمان بقدراتهن وإمكاناتهن، مما يجعلهن مترددات في السعي إلى المناصب القيادية. تابعت بأن الخوف وانعدام الشعور بالأمان، سواء داخل الأسرة أو في المجتمع، يمثلان تحديًا حقيقيًا يمنع الكثير من النساء من خوض غمار المنافسة، رغم أن العديد منهن يتمتعن بإمكانات كبيرة تؤهلهن للقيادة والتميز. 📢 الحاجة إلى توعية وإصلاحات قانونية أكدت بن عيسى على ضرورة توعية المرأة بحجم التفاوت في تمثيلها داخل الهيئات الرسمية، مشيرة إلى أن العديد من النساء لا يدركن مدى انخفاض نسبة تمثيلهن مقارنة بالرجال في المؤسسات الرسمية. شددت على أن هذه المشكلة تتطلب معالجة جدية من خلال المطالبة بتعديل هذا الخلل عبر تنظيم مؤتمرات وندوات وورش عمل وجلسات حوارية، بإشراف خبراء وأكاديميين مختصين، لبحث سبل تمكين المرأة وتعزيز حضورها في مواقع صنع القرار. بيّنت أن المرأة تعد إحدى الركائز الأساسية في المجتمع، وغيابها عن العملية السياسية ومراكز صنع القرار يؤدي إلى صورة غير مكتملة لواقع الأسرة الليبية، حيث يصبح التمثيل مقتصرًا على وجهة نظر الرجل فقط. ⚖️ انعكاسات استبعاد المرأة على المجتمع


الاتحاد
٠٨-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الاتحاد
محمد بنعيسى وسياسات الثقافة
محمد بنعيسى وسياسات الثقافة صبيحة الأول من مارس الجاري، عرفت بوفاة المثقف والسياسي المغربي الكبير محمد بنعيسى عن عمرٍ عالٍ بعد مرض عضال. وفي السنوات الأخيرة كنا نخشى عليه كثيراً ونسأل ماذا سيحدث لمنتدى أصيلة الثقافي إذا توفي؟ فمنذ أكثر من ثلاثين عاماً كان يجمعنا، كباراً وصغاراً، في البلدة الجميلة (أصيلة) بجانب مدينة طنجة. والاجتماع ليس احتفالياً، بل هو اجتماع للتنمية الثقافية، نستفيد منه نحن المثقفين التعرفَ على الأبعاد السياسية للتنمية ومشكلات القارات، بل ويتعرّف بعضُنا على بعض. بينما يستفيد منه الشبان المقبلون على العمل العام معرفةً بالمثقفين البارزين من العرب والأجانب، إلى جانب الفنانين وصانعي الأفلام، وكل مَن يتطلع إلى الإبداع وخدمة المجتمع. منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي عرفنا محمد بنعيسى وزيراً للثقافة بالمغرب، ثم وزيراً للخارجية. وعندما قابلتُه للمرة الأولى عرفت منه أنه كان سفيراً لبلاده بالولايات المتحدة، لذلك تقابلنا في هارفرد عندما كنتُ أستاذاً زائراً هناك! وهذا هو محمد بنعيسى يتذكر وسط الزحمة ويقدّر ويفكّر كيف يجمع الطاقات، وكيف يصنع من لا شيء شيئاً بنّاءً. يقسّم بنعيسى موسم المنتدى في شهري سبتمبر وأكتوبر إلى فقرات منتظمة من الثقافة والسياسات التنموية والفنون، والاحتفاء بالأعلام في شتى المجالات، وبخاصةٍ الفنون (الرسم والشعر والنثر)، إلى جانب الفكر والأدب والتاريخ والمشكلات الحاضرة، ومشكلات أفرقيا وقضاياها. ولا يظنّنّ أحدٌ أنَّ دعواته ومؤتمراته مثل دعوات المنظمات العامة أو المتخصصة.. لا، بل كل المدعوين أو معظمهم معارف شخصيون، ويُكلَّفُ كلٌّ منهم بالجديد الذي يستطيع قوله في عشرين دقيقةً لا أكثر! ولكلٍ منا في كل يومٍ نشاط، والذي يريد زيادة معارفه خارج تخصصه سيجد الجديد الكثير في الندوات الأخرى المتنوعة. في منتدى أصيلة ومواسمه تعرفتُ على عشرات الوزراء السابقين، الأوروبيين والأفارقة والعرب. أما المثقفون، فقد قابلتهم كلهم تقريباً في رحاب بنعيسى، وهذا فضلاً عن الإعلاميين الكبار. وفي منتدى أصيلة خبرتُ الثقافة باعتبارها متعةً وليس تعلّماً فقط. وعرفتُ أن الدعوة لمنتدى أصيلة، سواء أكان أحدنا متكلماً أم مستمعاً، فهي درجةٌ من درجات الاعتراف، فليس كل أحد يُدعى، ولا كل أحد يستطيع المحاضرة. تعلمتُ مع أبناء الجيلين الأخيرين كثيراً عن منتدى أصيلة، وعن محمد بنعيسى شخصياً. عرفنا كيف تكون الثقافة وعياً وتنميةً وصناعةً للجديد والمتقدم. كما عرفنا كيف يكون العمل السياسي وعياً ورقياً ومروءةً ونزاهةً وكفاءة. فالرجل نموذج مِن الجيل الماضي للدولة المغربية العريقة التي طوّرها الحسن الثاني. والثقافة المغربية في أبعادها الإنسانية والإبداعية بارزة وتتجلى عنده في أبعادها العميقة والشاسعة. قلت له ذات مرة ممازحاً، وقد ذكر أنه يفتقر في ثقافته إلى البعد اللبناني: دعك من البعد اللبناني، أين التجربة المصرية؟ فهبَّ ضاحكاً: أتظن أنك ستغلبني؟ ذهبتُ إلى مصر لأدرس الإعلام وأعمل في الصحافة المصرية، ومن هناك ذهبت إلى أميركا. لا أعرف تجارب الآخرين من أبناء جيلي والجيل اللاحق، أما أنا فعرفت تجربتين مع مصر والمغرب. فالراحل الدكتور جابر عصفور عندما كان أميناً عاماً للمجلس الأعلى للثقافة هو الذي أعادنا نحن المثقفين العرب إلى مصر. أما التجربة الثقافية المغربية فإن منتدى أصيلة هو الذي فتح لنا الباب عليها وإليها. رحمك الله يا بنعيسى، يا صاحب الشخصية النادرة، وهل سنعود إلى أصيلة، نلتقي فيها بغيابك؟ *أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية


النهار
٠٧-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- النهار
محمد بن عيسى والفكرة التي لا تموت
في غمرة أحزان تشييع السيد محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة وعمدة المدينة ووزير خارجية المغرب الأسبق، إلى مثواه الأخير، أدليتُ بتصريحٍ صحافي مفاده أن بن عيسى هو فكرة، والفكرة لا تموت، وأن غيابه الجسدي لا يعني غياب أفكاره ورؤاه، التي ستظل حاضرة بقوة وملهمة للأجيال القادمة في أصيلة وغيرها. إن ما قام به بن عيسى في مسقط رأسه هو، في نهاية المطاف، إنجاز يصب في صالح الإنسان، ومن ثم، فإنه، إلى جانب البعدين الثقافي والسياسي اللذين ميزا شخصيته الفذة، كان البعد الإنساني هو الأساس في مسيرته المتميزة.فمنذ انطلاقة مشروعه الثقافي والتنموي في أصيلة، راهن بن عيسى على الطفل باعتباره عماد المستقبل، وحرص على أن ينشأ في بيئة نظيفة تساعده على الإبداع، وتمكنه من النظر إلى العالم بروح إيجابية مفعمة بالجمال والفن. ومن هنا جاءت فكرة إنجاز الجداريات الفنية في أزقة المدينة العتيقة.وبشأن ذلك كان بن عيسى يقول: "إذا كانت بيئة الطفل سليمة، فإن عقله سيكون سليماً لا محالة". لقد رحل بن عيسى عن دنيانا الفانية بعد عقود من النضال والعمل والبناء من أجل مدينته، التي بذل الغالي والنفيس ليرتقي بها، وينتشلها من وهدتها. فقد بنى تقريباً كل شيء جميل فيها، وأخرجها من بوتقة التخلف والهامشية، لتصبح شمساً تشع ضياءً في سماء المغرب والعالم العربي. إن من يعود بذاكرته إلى ما قبل عام 1978 سيدرك كيف كانت عليه الحال في أصيلة، والتطور الذي عرفته، ومدى حجم الإنجازات التي تحققت فيها بمذاق الصبر والأناة. وذلك، لعمري، أمر لا ينكره إلا جاحد. حين بدأ بن عيسى خطوته الأولى في مغامرته غير المسبوقة، رفع شعار 'الثقافة من أجل التنمية'. استصغر البعض الفكرة في الوهلة الأولى واستهجنوها، بل اعتبرها بعضهم ضرباً من الجنون، لكنهم نسوا أن شيئاً من الجنون، أو كثيراً منه، هو ما يصنع التاريخ. وبالفعل، استطاع بن عيسى أن يجد لمشروعه في أصيلة موطئ قدم على أرض الواقع.لم تكن المسيرة سهلة، فقد اعترض طريقه ما لا يخطر على بال، وهي أمور عايشتها من بعد في البداية، قبل أن أعايشها من قرب بحكم العلاقة الروحية التي جمعتني به.إلا أنه، بفضل عزيمته وصبره وثباته، وأيضاً تسامحه، استطاع أن يتجاوز كل الصعاب. ولا يمكننا أن ننسى الدور الكبير الذي لعبه الملك الراحل الحسن الثاني، من أجل ترسيخ مشروع أصيلة، إذ استطاع، بفراسته، أن يستشرف ويستوعب ما كان يعتزم بن عيسى القيام به في مدينته، فسمح بأن يكون ابنه وقرة عينه، ولي العهد آنذاك، الأمير سيدي محمد، رئيساً شرفياً لموسم أصيلة الثقافي الدولي منذ بداياته، قبل أن تستمر فعاليات هذه التظاهرة الثقافية الفريدة تحت رعاية الملك محمد السادس. في ربيعه الخامس عشر، زار الملك محمد السادس أصيلة لأول مرة خلال موسمها الثقافي الأول (1978) للاطلاع على فعالياته، وتفقد أوراش الفنون التشكيلية المقامة في قصر الثقافة. ومنذئذ، أصبح عطفه على أصيلة ملحوظاً لا تخطئه العين. إن من يقرأ رسالة التعزية التي بعث بها الملك محمد السادس إلى عائلة فقيد المغرب وأصيلة، محمد بن عيسى، يلمس أيضاً المكانة التي كان يحظى بها لدى مليكه.ومما جاء فيها قوله: "وإن كان رحمه الله قد رحل إلى مثواه الأخير، فسيظل أثره حياً كرجل دولة مقتدر وديبلوماسي محنك، أبان عن كفاءة عالية في مختلف المناصب السامية التي تقلدها، بكل تفانٍ وإخلاص، سواء كوزير للثقافة، أو وزير للشؤون الخارجية والتعاون، أو كسفير لجلالتنا في واشنطن، أو كمنتخب برلماني وجماعي (محلي). كما نستحضر، بكل تقدير، ما كان يتحلى به من خصال إنسانية رفيعة، ومن سعة الأفق والفكر، وشغف بالثقافة، إذ أخذ على عاتقه هم الإشعاع الثقافي والفني لمدينة أصيلة، مسقط رأسه، التي سخر نشاطه وجهوده لخدمة تنميتها، وفرض إشعاعها الثقافي والجمالي وطنياً ودولياً، لا سيما من خلال تأسيسه وتسييره لمؤسسة "منتدى أصيلة"، مجسداً بذلك مثالاً يُحتذى به في المواطنة المسؤولة". لقد حمى بن عيسى أصيلة على امتداد عقود طويلة، بدعم ملكي موصول، وكانت لديه أفكار وأحلام أخرى كثيرة أراد إنجازها، لكن مشيئة الله كانت أقدر.رحل بن عيسى وهو يلهج حتى لحظات حياته الأخيرة بذكر محبوبته أصيلة تاركاً وصايا كثيرة بشأنها. وها هي أصيلة اليوم قد وصلت إلى مفترق طرق... فإما أن تكون وإما لا تكون. واستمراريتها مسؤولية جماعية تتطلب عناية استثنائية من الدولة، حفاظاً على روح المدينة وإشعاعها الذي امتد إلى مختلف الآفاق، وأيضاً حمايةً للصورة التي قدمتها في الخارج عن المغرب المنفتح والمتعدد والواعد.


صوت العدالة
٠٦-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- صوت العدالة
محمد بن عيسى والفكرة التي لا تموت
حاتم البطيوي في غمرة أحزان تشييع السيد محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة وعمدة المدينة ووزير خارجية المغرب الأسبق، إلى مثواه الأخير، أدليتُ بتصريحٍ صحافي مفاده أن بن عيسى هو فكرة، والفكرة لا تموت، وأن غيابه الجسدي لا يعني غياب أفكاره ورؤاه، التي ستظل حاضرة بقوة وملهمة للأجيال القادمة في أصيلة وغيرها. إن ما قام به بن عيسى في مسقط رأسه هو، في نهاية المطاف، إنجاز يصب في صالح الإنسان، ومن ثم، فإنه، إلى جانب البعدين الثقافي والسياسي اللذين ميزا شخصيته الفذة، كان البعد الإنساني هو الأساس في مسيرته المتميزة. فمنذ انطلاقة مشروعه الثقافي والتنموي في أصيلة، راهن بن عيسى على الطفل باعتباره عماد المستقبل ، وحرص على أن ينشأ في بيئة نظيفة تساعده على الإبداع، وتمكنه من النظر إلى العالم بروح إيجابية مفعمة بالجمال والفن. ومن هنا جاءت فكرة إنجاز الجداريات الفنية في أزقة المدينة العتيقة. وبشأن ذلك كان بن عيسى يقول :' إذا كانت بيئة الطفل سليمة، فإن عقله سيكون سليمًا لا محالة'. لقد رحل بن عيسى عن دنيانا الفانية بعد عقود من النضال والعمل والبناء من أجل مدينته، التي بذل الغالي والنفيس ليرتقي بها، وينتشلها من وهدتها. فقد بنى تقريبًا كل شيء جميل فيها، وأخرجها من بوتقة التخلف والهامشية، لتصبح شمسًا تشع ضياءً في سماء المغرب والعالم العربي. إن من يعود بذاكرته إلى ما قبل عام 1978 سيدرك كيف كانت عليه الحال في أصيلة، والتطور الذي عرفته ، ومدى حجم الإنجازات التي تحققت فيها بمذاق الصبر والأناة. وذلك ، لعمري ، أمر لا ينكره إلا جاحد . حين بدأ بن عيسى خطوته الأولى في مغامرته غير المسبوقة، رفع شعار 'الثقافة من أجل التنمية'. استصغر البعض الفكرة في الوهلة الأولى واستهجنوها، بل اعتبرها بعضهم ضربًا من الجنون، لكنهم نسوا أن شيئًا من الجنون، أو كثيرًا منه، هو ما يصنع التاريخ. وبالفعل، استطاع بن عيسى أن يجد لمشروعه في أصيلة موطئ قدم على أرض الواقع. لم تكن المسيرة سهلة، فقد اعترض طريقه ما لا يخطر على بال، وهي أمور عايشتها عن بعد في البداية، قبل أن أعايشها عن قرب بحكم العلاقة الروحية التي جمعتني به. إلا أنه، بفضل عزيمته وصبره وثباته، وأيضًا تسامحه، استطاع أن يتجاوز كل الصعاب. ولا يمكننا أن ننسى الدور الكبير الذي لعبه الملك الراحل الحسن الثاني، من أجل ترسيخ مشروع أصيلة ، حيث استطاع، بفراسته، أن يستشرف ويستوعب ما كان يعتزم بن عيسى القيام به في مدينته، فسمح بأن يكون ابنه وقرة عينه، ولي العهد آنذاك، الأمير سيدي محمد، رئيسًا شرفيًا لموسم أصيلة الثقافي الدولي منذ بداياته، قبل أن تستمر فعاليات هذه التظاهرة الثقافية الفريدة تحت رعاية الملك محمد السادس. في ربيعه الخامس عشر، زار الملك محمد السادس أصيلة لأول مرة خلال موسمها الثقافي الأول (1978) للاطلاع على فعالياته، وتفقد أوراش الفنون التشكيلية المقامة في قصر الثقافة. ومنذئذ، أصبح عطفه على أصيلة ملحوظًا لا تخطئه العين. إن من يقرأ رسالة التعزية التي بعث بها الملك محمد السادس إلى عائلة فقيد المغرب وأصيلة، محمد بن عيسى، يلمس أيضًا المكانة التي كان يحظى بها لدى مليكه. ومما جاء فيها قوله :'وإن كان رحمه الله قد رحل إلى مثواه الأخير، فسيظل أثره حيًا كرجل دولة مقتدر ودبلوماسي محنك، أبان عن كفاءة عالية في مختلف المناصب السامية التي تقلدها، بكل تفانٍ وإخلاص، سواء كوزير للثقافة، أو وزير للشؤون الخارجية والتعاون، أو كسفير لجلالتنا في واشنطن، أو كمنتخب برلماني وجماعي (محلي). كما نستحضر، بكل تقدير، ما كان يتحلى به من خصال إنسانية رفيعة، ومن سعة الأفق والفكر، وشغف بالثقافة، إذ أخذ على عاتقه هم الإشعاع الثقافي والفني لمدينة أصيلة، مسقط رأسه، التي سخر نشاطه وجهوده لخدمة تنميتها، وفرض إشعاعها الثقافي والجمالي وطنياً ودولياً، لا سيما من خلال تأسيسه وتسييره لمؤسسة 'منتدى أصيلة'، مجسدًا بذلك مثالًا يُحتذى به في المواطنة المسؤولة'. لقد حمى بن عيسى أصيلة على امتداد عقود طويلة، بدعم ملكي موصول، وكانت لديه أفكار وأحلام أخرى كثيرة أراد إنجازها، لكن مشيئة الله كانت أقدر. رحل بن عيسى وهو يلهج حتى لحظات حياته الأخيرة بذكر محبوبته أصيلة تاركا وصايا كثيرة بشأنها . وها هي أصيلة اليوم قد وصلت إلى مفترق طرق .فإما أن تكون أو لا تكون. واستمراريتها مسؤولية جماعية تتطلب عناية استثنائية من الدولة، حفاظًا على روح المدينة وإشعاعها الذي امتد إلى مختلف الآفاق، وأيضًا حمايةً للصورة التي قدمتها في الخارج عن المغرب المنفتح والمتعدد والواعد. عن النهار العربي