أحدث الأخبار مع #بينيتوموسوليني

المدن
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- المدن
"بيلا تشاو": من إيطاليات حقول الأرزّ إلى مناضلي العالم
في 25 نيسان من كل سنة، تحتفل إيطاليا بيوم التحرير الذي يخلد ذكرى انتهاء الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية وسقوط الفاشية أمام قوات المقاومة الإيطالية (بارتيجانو) العام 1945، بفعاليات رسمية وثقافية وموسيقية احتفاء ببدء مسيرة البلاد نحو إعلان الجمهورية بنتيجة استفتاء حزيران 1946. والقاسم المشترك في احتفالات المدن الإيطالية هو أغنية "بيلا تشاو" التي تجاوزت حدود إيطاليا وأضحت نشيداً عالمياً يرمز الى الحرية والاحتجاج على الظلم والمطالبة بالعدالة. اكتسبت "بيلا تشاو" (وداعاً أيتها الجميلة) وهي أغنية فولكلورية إيطالية، شعبية واسعة في العالم، بسبب لحنها البسيط الذي يسهل حفظه وإيقاعها المناسب للغناء الجماعي والحماسة، مما يعزز شعور التضامن بين منشديها، بالإضافة الى رمزيتها التاريخية التي تعكس مقاومة المحتل والنضال من أجل الحرية، وباتت بنسخها المتعدّدة على كل شفة ولسان في مختلف أنحاء العالم تُردد في جميع المناسبات، الاحتجاجات كما حصل في تظاهرات اسطنبول العام 2013 أو البرازيل في 2018، أو حركة "احتلوا وول ستريت" العام 2011، وصولاً إلى الحرب الأوكرانية، أو خلال فترات الحجر الصحّي حين كانت إيطاليا أول دولة متضررة من وباء كوفيد. في تشرين الأول الماضي، أظهر مقطع فيديو تم تداوله بشكل واسع في الشبكات الاجتماعية، عدداً من نواب البرلمان الأوروبي ينتفضون ويغنون "بيلا تشاو" خلال كلمة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، اعتراضاً على تقاربه مع روسيا، قبل أن تتدخل رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا لضبط الوضع قائلة "هذه ليست مسابقة يوروفيجن" للأغاني. كما تم التداول أيضاً بنسخ من الأغنية خلال التظاهرات التي شهدتها بعض البلدان العربية العام 2019. فما هي قصة هذه الأغنية وكيف شقت طريقها الى العالمية؟ "ذات صباح استيقظت، وداعاً أيتها الجميلة، ذات صباح استيقظت ووجدتُ الغازي". يقول مؤرخون وصحافيون إيطاليون إن الأغنية في الأساس تعود الى القرن التاسع عشر وكانت تمثل أصوات نساء يعملن في حقول الأرز الرطبة، شمال شرقي إيطاليا، وهن يشتكين من ظروف العمل الصعبة، وعبارة "وداعاً أيتها الجميلة" كان المقصود بها وداعهن لشبابهن الذاوي. ثم في أربعينيات القرن الماضي، ومع نشوب الحرب العالمية الثانية، تم اقتباس اللحن وتعديل الكلمات لكي تتماشى مع الحركة الثورية، فباتت تروي قصة أحد المحاربين (بارتيجانو) وهو يتوجه بالكلام الى حبيبته ويقول لها "وداعاً أيتها الجميلة". مطلع الأغنية في النسخة الأساسية كان "ذات صباح استيقظت، وداعاً أيتها الجميلة، ذات صباح استيقظت الى حقول الأرزّ التي يجب أن أتوجه اليها". هكذا انتقلت "بيلا تشاو" من أغنية شعبية إيطالية الى نشيد للمقاومين الإيطاليين المناهضين لنظام بينيتو موسوليني الفاشي، والاحتلال النازي، خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن تلاقي أصداء واسعة لدى الحركات اليسارية أو الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، لا سيما أن كلماتها لا تنحصر في حدث تاريخي محدد، إنما تنقل رسالة عالمية تتمثل في التصدي لأنظمة متسلطة أو مؤسسات ينخرها الفساد. انعطافة مهمة شهدها مسار هذه الأغنية الى العالمية في العام 2018 مع اعتمادها في المسلسل الإسباني الشهير "لا كاسا دي بابيل" الذي عرض في "نتفليكس"، ما ساهم في إعادة إحيائها كـ"تريند" وإيصالها الى جيل جديد من المستمعين، خصوصاً أنها عكست في هذه الحالة النضال ضد نخب المال والرأسمالية، واقتبست منذ ذلك الحين في نسخ لا تحصى من إعداد فنانين وموسيقيين معروفين. في نيسان من العام 2021 كتبت ماريانا غيوتسي في صحيفة "فايننشال تايمز" أن الممثل الفرنسي-الإيطالي إيف مونتان، كان أول من نقل الأغنية الى جمهور عالمي وأداها للمرة الأولى العام 1964 خارج إيطاليا، لتبدأ رحلتها من أغنية محازبة فولكلورية الى أغنية تمثل النضال ضد الظلم. وكتبت أنه في "أربعينيات القرن العشرين، عدّل مؤلف مجهول أغنية احتجاجات مزارعات الأرز لكي تتطابق مع حركة المقاومة الإيطالية وتروي قصة شاب يترك حبيبته للانضمام الى الثوار ويودعها، ربما للمرة الأخيرة، قائلاً: أشعر بأن الموت يقترب". ويقول الثائر: "إذا متُّ محارباً، يجب أن تدفنوني في الجبل تحت ظل زهرة جميلة، وكل من يمر سيقول ما أجمل هذه الزهرة، هذه زهرة المحارب الذي مات من أجل الحرية". وتختتم أغنية "بيلا تشاو" بوداع هذه الجميلة في سبيل الحرية، مرسخة أهمية دور أغاني الاحتجاجات في التغيير السياسي والاجتماعي، وقول مارتن لوثر كينغ العام 1963 في أوج حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة إن "أغاني الحرية تمنح الحراك الوِحدة".


بلدنا اليوم
٢٣-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- بلدنا اليوم
ذكرى تأسيس الحزب الفاشي في إيطاليا وبداية عهد موسوليني وصعود الفاشية
في مثل هذا اليوم من عام 1919، أسس بينيتو موسوليني الحزب الفاشي في إيطاليا، وهو الحدث الذي شكل نقطة تحول في التاريخ السياسي الأوروبي ومهد الطريق لصعود الأنظمة الشمولية في القرن العشرين. الأيديولوجيا والتوجهات الفاشية هي تيار سياسي وفكري من أقصى اليمين، ظهر في أوروبا في العقد الثاني من القرن العشرين، وله نزعة قومية عنصرية تمجد الدولة إلى حد التقديس، وترفض نموذج الدولة القائم على الليبرالية التقليدية والديمقراطية البرلمانية التعددية. تُعتبر الفاشية شكلاً راديكاليًا من الهيمنة، حيث تمثلت تاريخيًا في حركات سياسية قومية أو وطنية، وأنظمة حكم شمولية. وقد تبلور الفكر الفاشي عبر التجارب السياسية التي خاضتها عدة دول أوروبية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين. بداية الفاشية وظهور موسوليني واجهت إيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن حلها، مما أدى إلى فقدان الدولة هيبتها. استغل موسوليني هذه الأوضاع لتأسيس الحزب الفاشي، الذي تمكن من الوصول إلى الحكم عام 1922 بعد "المسيرة إلى روما"، حيث عينه الملك فيكتور إيمانويل الثالث رئيسًا للوزراء، ليبدأ بعدها بترسيخ حكمه وتحويل إيطاليا إلى دولة فاشية تحت سلطته المطلقة. أهداف الفاشية سعت الحركات الفاشية إلى توحيد الأمة عبر الدولة الشمولية، وروجت للتحرك الجماعي للمجتمع الوطني. وتميزت بحركات تهدف إلى إعادة تنظيم المجتمع وفق مبادئ الأيديولوجية الفاشية، مثل تبجيل الدولة، والولاء الشديد لقائد قوي، والتعصب الوطني والعسكري. كما اعتمدت على العنف السياسي والحرب كوسيلة لإحياء نهضة وطنية، واعتقد الفاشيون أن الأمم الأقوى لها الحق في فرض نفوذها بإزاحة الأمم الأضعف. نشأة المصطلح والفكر الفاشي إن كلمة الفاشية (Fascism) مستمدة من الكلمة اللاتينية (Fasces)، ومعناها العصبة أو الاتحاد. وقد نشأ المذهب الفاشي في إيطاليا عام 1920، على إثر اضطرابات عمالية حاول فيها العمال الاستيلاء على عناصر الإنتاج، مثل مصانع شركة "فيات" للسيارات، مما أدى إلى شل حركة الاقتصاد. استغل موسوليني هذه الأحداث، وبدعم من جماعات كبيرة، أعاد النظام إلى نصابه وتولى الحكم بالقوة، ومنذ ذلك الحين اقترنت الفاشية باسمه. التأثير الفاشي على الأنظمة الأخرى يلخص موسوليني الفاشية بأن إرادة الشعب ليست الوسيلة للحكم، بل القوة التي تفرض القانون. وقد أثرت هذه الأيديولوجية في نشوء أنظمة أخرى، مثل النازية في ألمانيا بزعامة أدولف هتلر عام 1933، وحركة الفلانجية الإسبانية بقيادة فرانكو عام 1939. الجانب الاقتصادي للفاشية من الناحية الاقتصادية، تقوم الفاشية على تكوين نقابات تجمع العمال وأرباب العمل، بشرط أن يكونوا جميعهم أعضاءً في الحزب الفاشي. لا تؤمن الفاشية بحق الإضراب، لكنها لا تستهدف القضاء على الرأسمالية الوطنية، بل تسعى لإيجاد نوع من التعاون بين الطبقات لتحقيق السلام الاجتماعي. كما ترى أن تدخل الدولة يجب أن يكون فقط عند فشل المشروعات الفردية، على أن يأخذ هذا التدخل شكل الرقابة أو تحسين النوعية أو الإدارة المباشرة في حالات العجز الإداري. الإرث والتداعيات شكلت الفاشية نموذجًا للحكم الديكتاتوري ألهم أنظمة أخرى وأسهمت في اندلاع الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من انهيار حكم موسوليني عام 1943 وإعدامه لاحقًا، إلا أن إرث الفاشية ظل جزءًا من النقاش السياسي والتاريخي حول الديكتاتورية وتأثيرها المدمر على الشعوب.