أحدث الأخبار مع #جامعةإسطنبول،


نافذة على العالم
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : اعتقال رئيس بلدية إسطنبول بتهم "فساد" ومظاهرات تندد بـ"ضربة للديمقراطية"
الخميس 20 مارس 2025 12:00 صباحاً كشف وزير العدل التركي يلماز تونش أن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي اعتقل صباح اليوم الأربعاء من منزله، يواجه تهمتين تتعلقان بـ "الفساد" و"مساعدة منظمة إرهابية"، فيما خرجت مظاهرات في المدينة نددت بالاعتقال ووصفته بأنه "ضربة للديمقراطية". وقال الوزير إنه لا أحد فوق القانون بمن في ذلك رئيس بلدية إسطنبول، وأن التحقيق الجاري لا دخل له برئيس الجمهورية، وشدد على أن الدستور واضح والمحاكم والقضاة في تركيا لا يأخذون تعليماتهم من أحد. وأضاف أن الشرطة أوقفت 100 شخص للتحقيق معهم في شبهات تتعلق بالفساد والرشوة، وأكد أن المحاكم التركية مستقلة والجميع متساوون أمام القانون. وجاء في بيان صادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول، أن إمام أوغلو متهم بالفساد والابتزاز، ووصفه بأنه رئيس "منظمة إجرامية ربحية". وذكرت وكالة الأناضول الرسمية أن سبعة مشتبه بهم، بينهم رئيس البلدية، متهمون بـ"الإرهاب" و"مساعدة حزب العمال الكردستاني" المحظور. وقبل اعتقاله، ظهر أوغلو في مقطع فيديو نشر على منصة "إكس" وهو يرتدي ملابسه ويعقد ربطة عنقه، وندد بدهم منزله، قائلا "مئات عناصر الشرطة وصلوا إلى منزلي. أسلّم نفسي إلى الشعب.. الشرطة تدهم منزلي، إنهم يطرقون باب منزلي.. أثق في أمّتي". وتجمع متظاهرون قرب مقر الشرطة الرئيسي في إسطنبول احتجاجا على اعتقال أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض. وردد المحتجون هتافات دعم لرئيس البلدية وشعارات مناهضة للحكومة. وقال أحد المحتجين واسمه بولانت جولتن "يقومون بانقلاب الآن على إمام أوغلو الذي هزم أردوغان 4 مرات في صناديق الاقتراع منذ عام 2019 بإرادة الأمة"، في إشارة إلى الانتخابات البلدية التي جرت عامي 2019 و2024 عندما هزم حزب الشعب الجمهوري بزعامة إمام أوغلو أردوغان في معظم المدن الكبرى. وأضاف "اليوم، ستتحد الأمة التركية مرة أخرى ضد من يخونون الديمقراطية والإرادة الوطنية. ينمو أكرم إمام أوغلو ويزداد قوة في نظر الشعب". وأقامت قوات الأمن حواجز أمنية في الشوارع المؤدية إلى مقر الشرطة وأغلقت شرطة مكافحة الشغب وشاحنات مدافع المياه الطرق مع حظر مكتب حاكم إسطنبول كل التجمعات العامة بعد اعتقال أوغلو. وقال مراد سابانكايا أحد عمال البلدية المشاركين في الاحتجاج "جئنا إلى هنا لدعم رئيس البلدية. احتجزوه ظلما. لذا نحن هنا لدعمه". وفي جامعة إسطنبول، شق الطلاب الذين يدعمون أوغلو طريقهم عبر حواجز الشرطة، مما دفع الشرطة إلى التدخل بإطلاق الغاز المدمع، بحسب وسائل إعلام محلية. وكثف إمام أوغلو (54 عاما) انتقاداته لأردوغان وحكومته في الأشهر الماضية، وواجه موجة من الدعاوى القضائية عليه وإصدار لوائح اتهام بحقه. وأبطلت جامعة اسطنبول أمس الثلاثاء شهادته، ما أضاف عقبة أخرى أمام مساعي أوغلو للترشح إذ ينص الدستور التركي على وجوب أن يكون أي مرشح رئاسي حائزا شهادة تعليم عال. وأدان حزب الشعب الجمهوري اعتقال أوغلو ووصفه بـ"انقلاب مدني"، قبل أيام فقط من ترشيحه المتوقع بوصفه مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة المقررة في 2028. ودعا الحزب إلى مظاهرات، وحث أنصاره على التجمع عند مكاتب الحزب عبر البلاد. وندد رئيس الحزب أوزغور أوزيل بـ "الانقلاب من أجل عرقلة إرادة الشعب" و"ضد الرئيس المقبل" لتركيا.


Independent عربية
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
أكرم إمام أوغلو... "الكيس الطائر" فوق عرش أردوغان
في كنف طرابزون حيث جنة الأتراك وملاذهم إلى جمال الطبيعة، شق أكرم إمام أوغلو المولود في الثالث من يونيو (حزيران) 1971 طريقه نحو عالم السياسة، حين دارت الأعوام وتحول ذلك الطفل إلى شخصية رئيسة في السياسة التركية تارة بإثارة الجدل وأخرى بطموح قاده إلى تجهيز الذات لمواجهة رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة 2028. لكن الرياح التركية جرت بما لا تشتهي سفن إمام أوغلو، فعصفت به ملفات تتعلق بالفساد والإرهاب وقضايا أخرى تهدد مستقبله السياسي بالكامل. لم يكن إمام أوغلو معروفاً في الوسط السياسي قبل عام 2014، ففي ذلك العام رشحه حزبه (الشعب الجمهوري)، لانتخابات بلدية منطقة بيليك دوزو في إسطنبول، ففاز بها، وبدأ نجمه يبرز بالسياسة التركية على الصعيدين الخدمي في البلديات والسياسي في الحزب المعارض، حتى تمكن من كسب ثقة قادة الحزب ليدعموا ترشيحه لانتخابات بلدية إسطنبول الكبرى، وهنا أيضاً تمكن من الفوز على منافسه مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدرم، على رغم أن الأخير كان يشغل منصب رئيس الوزراء. يتوسط إمام أوغلو عائلته بعد فوزه في انتخابات إسطنبول (أ ف ب) في محاولة لحفظ ماء وجه الحزب الحاكم سارع "العدالة والتنمية" إلى الطعن في نتائج الانتخابات، وبعد تحقيقات أجراها المجلس الأعلى للانتخابات قرر إلغاء النتيجة، وإعادة الجولة التصويتية، فتحولت جولة الإعادة من محاولة هزيمة أكرم إلى تحقيقه فوزاً ساحقاً، ليستمر في منصبه هذا خمسة أعوام. عاد الرجل وترشح مجدداً وفاز مرة ثانية برئاسة بلدية إسطنبول في الـ31 من مارس (آذار) 2024، حتى بات ينظر إليه على أنه المرشح الأقوى للمنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة، إلا أن هذا الاحتمال بدأ يتلاشى تدريجاً بعد إلغاء شهادته الجامعية واعتقاله لتهم متعددة بينها دعم الإرهاب، وهي تهمة يقول مراقبون إنه لا تحمد عقباها. المحطات التعليمية ينحدر إمام أوغلو من عائلة كانت تعمل في الزراعة في طرابزون، وبدأ مسيرة التعليم في مرحلة مبكرة جداً من عمره، فكان يقرأ القرآن الكريم باللغة العربية وهو في سن الخامسة، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بقرية "يلدزلي"، وتابع تعليمه الثانوي في مدرسة مدينة طرابزون للثانوية العامة، وبعد تخرجه التحق بجامعة شرق البحر الأبيض المتوسط في جمهورية شمال قبرص التركية، لكنه لم يدرس فيها سوى أيام قليلة قبل أن ينتقل إلى جامعة جيرني الأميركية، وتحديداً في كلية الاتصالات. عام 1987 انتقل مع عائلته إلى مدينة إسطنبول، العاصمة الفعلية لتركيا وكبرى مدنها وأهمها، فالتحق عام 1990 بكلية إدارة الأعمال (قسم اللغة الإنجليزية) في جامعة إسطنبول، ليتخرج فيها بعد أربعة أعوام، وخلال عام 1995 بدأ إمام أوغلو دراسة الماجستير في معهد العلوم الاجتماعية التابع للجامعة نفسها. الكيس الطائر إلى جانب حياته التعليمية، لدى إمام أوغلو شغف برياضة كرة اليد، فبدأ باللعب منذ التحاقه بالمدرسة الابتدائية، كما التحق بفريق مدرسة طرابزون الثانوية كحارس مرمى، وخلال وجوده في قبرص كان أحد حراس مرمى نادي "ترك أوجاجي ليماسول"، وبدا أداؤه جيداً حتى لقبه الفريق بـ"الكيس الطائر"، في الفترة بين عامي 2002 و2003 كان عضواً في مجلس إدارة نادي طرابزون سبور. في إسطنبول استقرت عائلته بمنطقة "كادي كوي" ذات الطابع الغربي، وخلال الفترة ما بين 1992 وحتى 2001، كان إلى جانب تعليمه، يدير مقهى "إمام أوغلو" الذي تملكه عائلته، وكان له أفرع عدة في مناطق مختلفة من إسطنبول. نفق السياسة على الصعيد السياسي كانت التجربة الأولى لأكرم إمام أوغلو من خلال مشاركته في اجتماعات فرع الشباب في "حزب الوطن الأم" بداية التسعينيات، حين كان والده السيد إمام هو أحد الرؤساء المؤسسين للحزب. ومع مطلع القرن الـ21 بدأت تستهويه أفكار حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، لكنه في البداية لم يستطع الانسجام مع قيادة الحزب بسبب خلافات حول "الأفكار الكمالية"، وفق ما أفادت به وسائل إعلام تركية. ومع ذلك استمر بالعمل مع الحزب، فعُين رئيساً لفرع الحزب في مقاطعة بيليك دوزو عام 2009، وخلال خمسة أعوام في هذا المنصب استطاع تحقيق إنجازات وصفت بـ"الكبيرة" للحزب، لدرجة أن البلدية التي كانت من صالح حزب العدالة والتنمية أصبحت إحدى الحواضن الشعبية لحزب الشعب الجمهوري، لذلك قرر الحزب ترشح إمام أوغلو لمنصب رئيس بلدية بيليك دوزو، واستطاع الفوز في انتخابات 2014، وبقي في منصبه هذا خمسة أعوام أيضاً استطاع خلالها كسب مزيد من ثقة الحزب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) بات أكرم إمام أوغلو شخصية معروفة في إسطنبول، فقرر حزب الشعب الجمهوري وضعه في منافسة مرشح حزب العدالة والتنمية في انتخابات البلديات عام 2019، وعلى رغم أن أملهم في هزيمة الحزب الحاكم كان ضئيلاً فعلها الرجل وفاز برئاسة بلدية إسطنبول، وهنا سطع نجمه وبات شخصاً معروفاً في كل أنحاء تركيا، بل والصعيد الإقليمي والدولي. محاولة اغتيال مزعومة في مساء الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2020، زعمت وسائل إعلامية تابعة للمعارضة التركية، أن تنظيم "داعش" الإرهابي خطط لاغتيال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. من جهتها أكدت بلدية إسطنبول هذه المزاعم، قبل أن تصدر المديرية العامة للأمن في وقت لاحق بياناً رسمياً نفت فيه صحة مثل هذه "الإشاعات". التحالف السداسي مطلع عام 2023 بدأت الانتخابات الرئاسية التركية بالاقتراب، وبات على المعارضة اختيار مرشح قوي يمكنه هزيمة أردوغان، فتشكل قبل ذلك ما يسمى "الطاولة السداسية"، وهو تحالف بين ستة أحزاب تركية معارضة، من بينها حزب الشعب الجمهوري، فظهرت توقعات بأن تقوم "الطاولة السداسية" باختيار إمام أوغلو لمنافسة أردوغان، لكن خلافات حادة بين قادة حزب الشعب الجمهوري حالت دون ذلك. وبالفعل جرى ترشيح كمال كليتشدار أوغلو، الذي لا يتمتع بشخصية قوية مثل أكرم إمام أوغلو، وليس لديه الشعبية التي يمكنه من خلالها مواجهة أردوغان، فركز كليتشدار أوغلو في حملته الانتخابية على معاداة اللاجئين، ووصل به الأمر إلى نشر لافتات طرقية كبيرة يهدد بها اللاجئين السوريين بشكل خاص ومباشر، مما أثار غضب شريحة واسعة من مؤيدي حزب الشعب الجمهوري، وكان أحد أسباب خسارته في الانتخابات، وإعادة فوز أردوغان مجدداً. عواصف داخلية هزيمة كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية فتحت صفحة جديدة من الخلافات بين قادة حزب الشعب الجمهوري، ووصل الأمر إلى خروج أكرم إمام أوغلو في مقطع مصور يدعو فيه إلى "التغيير في قيادة الحزب"، وهو ما اعتبر هجوماً مباشراً من أكرم على كمال. بعد أشهر قليلة انتُخب أوزغور أوزال رئيساً للحزب بدلاً من كليتشدار أوغلو، لكن أوزال أيضاً لا يتمتع بالكاريزما ولا بالشعبية التي يحظى بها إمام أوغلو، فبدأ الأخير يطمح لرئاسة الحزب، ثم رئاسة الجمهورية، لكن بنظرة من كثب هناك منافس آخر يراقب، وهو منصور يافاش، أحد أبرز قادة الحزب، ورئيس بلدية أنقرة، وهو الذي خرج بتصريحات أثارت الجدل بعد اعتقال أكرم، حين قال إن القانون يجب أن يأخذ مجراه. قضايا الفساد والإرهاب خلال ترأسه بلدية إسطنبول، واجه إمام أوغلو عدداً من قضايا الفساد، وأثار الجدل في أكثر من مناسبة، بما في ذلك زياراته المتكررة للدول الأوروبية، ولقاءاته المتعددة في إسطنبول مع سفراء الدول الغربية، كذلك ابتعد كلياً من الشأن السياسي الإقليمي، ولم يكون علاقات مع الدول العربية أو دول الجوار التركي، فيما أثارت السلطات شبهات لتعاون بين حزب الشعب الجمهوري وحزب العمال الكردستاني بتقديم تسهيلات أشرف عليها إمام أوغلو شخصياً، وهذا الأمر يعد واحداً من أكثر القضايا حساسية في البلاد. في مساء الـ18 من مارس الجاري أعلن مجلس إدارة جامعة إسطنبول سحب شهادات 28 شخصاً من بينهم إمام أوغلو، لأسباب عدة وفق بيان الجامعة، بينها "الغياب" و"الخطأ الواضح" و"عملية نقل أفقي غير منتظم في برنامج اللغة الإنجليزية بالجامعة عام 1990"، إلا أن إمام أوغلو رفض القرار ووصفه بأنه "غير قانوني". في صبيحة اليوم التالي اعتقلت الشرطة التركية إمام أوغلو في إطار تحقيقات بـ"الإرهاب والجريمة المنظمة"، ولا يزال رهن الاعتقال حتى لحظة إعداد هذا التقرير.


إيطاليا تلغراف
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
قنبلة سياسية.. ماذا يحدث في إسطنبول؟
إيطاليا تلغراف سمير العركي كاتب وباحث في الشؤون التركية لم يكد تمرّ ساعات قليلة على قرار جامعة إسطنبول، إلغاء شهادة تخرج رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، مع ما صحب القرار من جدل وصخب على المستويين السياسي والشعبي، حتى فوجئ الرأي العام، بنبأ اعتقال إمام أوغلو في الساعات الأولى من صباح يوم 19 مارس/ آذار الجاري، تنفيذًا لقرار المدعي العام، حيث شمل القرار احتجاز أكثر من مائة آخرين. قائمة المحتجزين شملت بيروقراطيين مقربين من أكرم، ورئيس بلدية شيشلي بإسطنبول، ونائب رئيس حزب 'الجيد' في إسطنبول، إضافة إلى رجال أعمال، بعضهم تم اعتقاله وهو يحاول الفرار خارج البلاد وبحوزته 40 مليون ليرة نقدًا، فيما تمكن آخرون من الهرب فعلًا. بالطبع أثارت الاعتقالات حالة واسعة من الجدل، ففيما رآها البعض محاولة من قبل الحكومة وتحديدًا الرئيس، رجب طيب أردوغان، للحيلولة دون ترشح أكرم للرئاسة، اعتبرها آخرون واحدة من أكبر جرائم الفساد ودعم الإرهاب في تاريخ تركيا. إذ تنوعت قائمة الاتهامات ما بين الرشوة والابتزاز والتحايل، والحصول على البيانات الشخصية بدون وجه حق، وصولًا إلى اتهام أكرم بعضوية وقيادة تنظيم للجريمة المنظمة، ودعم الإرهاب كما سيأتي لاحقًا. إجمالي الفساد الذي تم الكشف عنه هو الأكبر في تاريخ تركيا، حيث يقدر بـ 560 مليار ليرة، بحسب ما نشره إعلام تركي منسوبًا إلى جهات التحقيق، فكيف بدأت القضية؟ بداية الحكاية في مارس/ آذار من العام الماضي 2024، تمّ تسريب شريط مصور، لمجموعة من الأفراد في مكانٍ ما تبين لاحقًا أنه مكتب محاماة، وهم يحملون حقائب مختلفة الحجم، ويقومون بإفراغ ما فيها من أموال على منضدة، فيما يقوم شخص بعدّها بواسطة ماكينة إلكترونية. كان من السهل التعرّف عليهم لكن أهم هؤلاء، والذي كان يقوم بعدِّ الأموال، هو فاتح كيليتش، الملقب بـ 'الصندوق الأسود' لرئيس بلدية إسطنبول، وأقرب المقربين إليه، منذ أن كان أكرم رئيسًا لبلدية 'بيليك دوزو'. المفارقة أن الشخص الذي نشر الفيديو، لم يكن ذا علاقة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بل رئيسًا سابقًا لفرع الشباب بحزب الشعب الجمهوري في ولاية موش، ويدعى أركان تشاكير، تمامًا مثل الشخص الذي أثار قضية عدم قانونية شهادة أكرم الجامعية، والذي كان من خارج دائرة مؤيدي أردوغان والحزب الحاكم. حينها قال تشاكير إن صفوف الأموال المتراصة أفقيًا ورأسيًا التي تظهر في الصورة، جاءت من أصحاب شركات الإنشاءات الذين نجحوا في الحصول على مناقصات من بلدية إسطنبول، أي أنها كانت بمثابة رشاوَى! ومنذ تلك اللحظة بدأت جهات التحقيق في ممارسة عملها، ويومًا بعد الآخر كان نطاق العملية يتسع شيئًا فشيئًا، إذ تم اعتقال مقربين من أكرم، ومن المنتمين لحزب الشعب الجمهوري، أبرزهم رئيس بلدية بيشكتاش بإسطنبول، رضا أكبولات، الذي اعتقل في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث تؤكد تقارير صحفية، إدلاءَه باعترافات تفصيلية مذهلة، حمَّل فيها أكرم مسؤولية العمليات المشبوهة المنسوبة إليه. وفي فبراير/ شباط الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية بيكوز بإسطنبول، علاء الدين كوسلر وآخرين، بتهم التلاعب في المناقصات، ومساعدة منظمة مخصصة لارتكاب الجريمة. وقبلهما في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزر، والذي حظي بدعم قوي من أكرم لترشيحه للمنصب على حساب مرشح حزب الشعب الجمهوري، الذي أجبر على الانسحاب، وذلك في إطار ما يعرف بـ 'الإجماع الحضري'. ويعود هذا المفهوم إلى حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية DEM، حيث أعلنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023 أي قبل الانتخابات البلدية الأخيرة بثلاثة أشهر، وذلك بزعم التعاون مع الأحزاب المختلفة لتقديم مرشحين في الولايات والمناطق المختلفة. لكن في نطاق تحقيقات جهات الأمن، اتضح أن أكرم استغل هذه المظلة، لإقامة تحالفات مع تنظيمات إرهابية، حيث تم تسجيل بعض المنتسبين لها على أنهم أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، وذلك قبل أيام قليلة من الانتخابات البلدية في مارس/ آذار 2024. كما اتضح لجهات التحقيق، أن كثيرًا من هذه الأسماء تسللت إلى هياكل المؤسسات التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، وكذلك إلى مناصب قيادية في البلديات الفرعية التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري. قصة الترشح الرئاسي مع تقدم جهات التحقيق في عملها، واعتقال مقربين من أكرم إمام أوغلو، كان الخناق يضيق عليه، فكان اللجوء إلى خطة بديلة، وهو إعلان الترشح الرئاسي، لحمل السلطة على التفكير ألف مرة، قبل اعتقاله حتى لا تشعر بالحرج داخليًا وخارجيًا. وهذا ما اعترف به النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، سيزغين تانريكولو، إذ قال خلال مشاركة متلفزة: ' كنا على علم مسبق بتحقيقات الفساد والإرهاب التي تستهدف أكرم إمام أوغلو، لذا صممنا الانتخابات الرئاسية التمهيدية داخل الحزب لإخراجه من هذه التحقيقات'. ويبدو أن رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، أدرك حقيقة تلك الانتخابات التمهيدية، فاعتذر عن عدم الترشح، وبذلك صار أكرم المرشح الوحيد، لكن الاعتقال عاجله قبل أن يحين موعد تلك الانتخابات. صعود.. وتهاوٍ ما بين صعود أكرم إلى المسرح السياسي التركي، وتهاويه ليست ثمة قصة طويلة، كالتي مرَّ بها أردوغان منذ أن كان شابًا صغيرًا في معية الراحل الأستاذ نجم الدين أربكان في حركة 'المللي غوروش' وأحزابه المختلفة، حتى وصوله للرئاسة. فقد بدأ أكرم حياته السياسية يمينيًا مغمورًا في حزب الوطن الأم، قبل أن يقرر أن ييمم وجهه صوب حزب الشعب الجمهوري 'اليساري الأتاتوركي'، لكن في طريقه إلى ذلك التحول الحاد، حاول أكرم الالتحاق بعربة حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن الحزب رفضه ولم يرحب به لأسباب غير معروفة. ومن خلال حزب الشعب تمكن من الفوز برئاسة بلدية 'بيليك دوزو' في إسطنبول، ومنها شق طريقه إلى الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى. في عام 2019 ترشح أكرم في مواجهة رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في مواجهة رآها البعض غير متكافئة نظرًا لتاريخ يلدريم السياسي، وسجله المهني المعروف، لكن أكرم حقق المفاجأة وفاز عليه في الجولة الأولى ثم في الإعادة بفارق كبير، إضافة إلى نجاحه في استغلال إعادة الانتخابات لبناء مظلومية وظّفها جيدًا في تعظيم شعبيته. كان واضحًا أن الرجل لن يكتفي برئاسة البلدية الأهم في تركيا، بل سيعمل على شق طريقه إلى رئاسة البلاد، وهذا حق مشروع دونما شك، وقد عززت الدعاية الداخلية والغربية هذا الإحساس لديه، خاصة بعد فوزه للمرة الثانية برئاسة البلدية في 2023 على حساب وزير سابق حينها وهو مراد قوروم. في طريقه إلى تحقيق أحلامه، عمل أكرم على تعزيز مكانته داخل الحزب، على حساب شخصيات ذات ثقل، في مقدمتها رئيس حزب الشعب السابق، كمال كليجدار أوغلو، حيث لعب أكرم دورًا مؤثرًا في الإطاحة به لحساب رئيس الحزب الحالي، في المؤتمر العام الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والمفارقة أن وقائع ذلك المؤتمر قيد التحقيق الآن بعد أن اتهم أعضاء من الحزب أكرم باستخدام المال للإطاحة بكليجدار أوغلو. سياسة تأميم الحزب لصالحه، والعصف بالمخالفين والتعالي عليهم، عملت على خلق جبهة عريضة ضده اجتهدت في كشف جميع أوراقه ومخالفاته لجهات التحقيق، ولعبت دورًا مؤثرًا في القضية. تداعيات اعتقال أكرم لم تكن تلك العملية الأمنية من السهولة بمكان، إذ جرَّت خلفها تداعيات اقتصادية وحزبية. فعلى المستوى الاقتصادي، تعرضت الليرة التركية، لهزة عنيفة، حيث شهدت انخفاضًا بنحو 11% قبل أن تقلص خسائرها بنحو 5.5%، حيث اضطر البنك المركزي إلى ضخ نحو 8 مليارات دولار بحسب رويترز. كما انخفض مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي بأكثر من 6% ما اضطرها إلى وقف التداول مؤقتًا. أما حزبيًا.. فإن حزب المعارضة الرئيسي تنتظره أيام صعبة، خاصة إذا قررت جهات التحقيقات القضائية، إلغاء نتائج المؤتمر العام، وأثبتت استخدام المال لشراء الأصوات، ما يعني عودة كليجدار أوغلو إلى رئاسة الحزب، ومن ثم إعادة هيكلته للإطاحة بجميع المقربين من أكرم، وهي عملية ستترك آثارها التنظيمية والشعبوية السلبية على مسيرة الحزب. لكن من غير المتوقع أن تشهد تركيا اضطرابات أمنية عنيفة على غرار أحداث جيزي بارك 2013، فحجم وقائع الفساد التي يتم الكشف عنها منذ اعتقال أكرم كبيرة ومهولة ومدعومة بالوثائق والصور، ما ينفي عنها صفة 'التسييس'، ويقود إلى تقليل حجم التعاطف الشعبي معه يومًا بعد الآخر. كما أن انخراط اليسار الكردي في عملية سلام مع الحكومة، سيجبره على الاكتفاء بالمواقف الكلامية، دون التورط في أي مواجهات في الشارع من أجل أكرم. وبخلاف بعض ردود الفعل الأوروبية الباهتة، فإنه من غير المنتظر أن تصعد القارة العجوز الموقف ضد تركيا، خاصة وهي تخوض معها مفاوضات ومباحثات لضمها إلى نظامها الأمني الجديد ودعم أوكرانيا. كذلك أكدت الولايات المتحدة من جانبها أن حملة الاعتقالات شأن تركي داخلي، ما يعني أن ورقة الضغوط الخارجية التي ربما كان يعول عليها أكرم، تسرّبت من بين يديه. والخلاصة أنه بدا واضحًا أن الحكومة التركية قد أحكمت أمرها قبل الإقدام على هذه العملية الأمنية، الأقوى منذ محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، سواء من حيث إحكام الأدلة، أو التحسّب للتداعيات المحتملة.


الجزيرة
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
قنبلة سياسية.. ماذا يحدث في إسطنبول؟
لم يكد تمرّ ساعات قليلة على قرار جامعة إسطنبول، إلغاء شهادة تخرج رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، مع ما صحب القرار من جدل وصخب على المستويين السياسي والشعبي، حتى فوجئ الرأي العام، بنبأ اعتقال إمام أوغلو في الساعات الأولى من صباح يوم 19 مارس/ آذار الجاري، تنفيذًا لقرار المدعي العام، حيث شمل القرار احتجاز أكثر من مائة آخرين. قائمة المحتجزين شملت بيروقراطيين مقربين من أكرم، ورئيس بلدية شيشلي بإسطنبول، ونائب رئيس حزب "الجيد" في إسطنبول، إضافة إلى رجال أعمال، بعضهم تم اعتقاله وهو يحاول الفرار خارج البلاد وبحوزته 40 مليون ليرة نقدًا، فيما تمكن آخرون من الهرب فعلًا. بالطبع أثارت الاعتقالات حالة واسعة من الجدل، ففيما رآها البعض محاولة من قبل الحكومة وتحديدًا الرئيس، رجب طيب أردوغان، للحيلولة دون ترشح أكرم للرئاسة، اعتبرها آخرون واحدة من أكبر جرائم الفساد ودعم الإرهاب في تاريخ تركيا. إذ تنوعت قائمة الاتهامات ما بين الرشوة والابتزاز والتحايل، والحصول على البيانات الشخصية بدون وجه حق، وصولًا إلى اتهام أكرم بعضوية وقيادة تنظيم للجريمة المنظمة، ودعم الإرهاب كما سيأتي لاحقًا. إجمالي الفساد الذي تم الكشف عنه هو الأكبر في تاريخ تركيا، حيث يقدر بـ 560 مليار ليرة، بحسب ما نشره إعلام تركي منسوبًا إلى جهات التحقيق، فكيف بدأت القضية؟ بداية الحكاية في مارس/ آذار من العام الماضي 2024، تمّ تسريب شريط مصور، لمجموعة من الأفراد في مكانٍ ما تبين لاحقًا أنه مكتب محاماة، وهم يحملون حقائب مختلفة الحجم، ويقومون بإفراغ ما فيها من أموال على منضدة، فيما يقوم شخص بعدّها بواسطة ماكينة إلكترونية. كان من السهل التعرّف عليهم لكن أهم هؤلاء، والذي كان يقوم بعدِّ الأموال، هو فاتح كيليتش، الملقب بـ "الصندوق الأسود" لرئيس بلدية إسطنبول، وأقرب المقربين إليه، منذ أن كان أكرم رئيسًا لبلدية "بيليك دوزو". المفارقة أن الشخص الذي نشر الفيديو، لم يكن ذا علاقة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بل رئيسًا سابقًا لفرع الشباب بحزب الشعب الجمهوري في ولاية موش، ويدعى أركان تشاكير، تمامًا مثل الشخص الذي أثار قضية عدم قانونية شهادة أكرم الجامعية، والذي كان من خارج دائرة مؤيدي أردوغان والحزب الحاكم. حينها قال تشاكير إن صفوف الأموال المتراصة أفقيًا ورأسيًا التي تظهر في الصورة، جاءت من أصحاب شركات الإنشاءات الذين نجحوا في الحصول على مناقصات من بلدية إسطنبول، أي أنها كانت بمثابة رشاوَى! ومنذ تلك اللحظة بدأت جهات التحقيق في ممارسة عملها، ويومًا بعد الآخر كان نطاق العملية يتسع شيئًا فشيئًا، إذ تم اعتقال مقربين من أكرم، ومن المنتمين لحزب الشعب الجمهوري، أبرزهم رئيس بلدية بيشكتاش بإسطنبول، رضا أكبولات، الذي اعتقل في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث تؤكد تقارير صحفية، إدلاءَه باعترافات تفصيلية مذهلة، حمَّل فيها أكرم مسؤولية العمليات المشبوهة المنسوبة إليه. وفي فبراير/ شباط الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية بيكوز بإسطنبول، علاء الدين كوسلر وآخرين، بتهم التلاعب في المناقصات، ومساعدة منظمة مخصصة لارتكاب الجريمة. وقبلهما في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزر، والذي حظي بدعم قوي من أكرم لترشيحه للمنصب على حساب مرشح حزب الشعب الجمهوري، الذي أجبر على الانسحاب، وذلك في إطار ما يعرف بـ "الإجماع الحضري". ويعود هذا المفهوم إلى حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية DEM، حيث أعلنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023 أي قبل الانتخابات البلدية الأخيرة بثلاثة أشهر، وذلك بزعم التعاون مع الأحزاب المختلفة لتقديم مرشحين في الولايات والمناطق المختلفة. لكن في نطاق تحقيقات جهات الأمن، اتضح أن أكرم استغل هذه المظلة، لإقامة تحالفات مع تنظيمات إرهابية، حيث تم تسجيل بعض المنتسبين لها على أنهم أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، وذلك قبل أيام قليلة من الانتخابات البلدية في مارس/ آذار 2024. كما اتضح لجهات التحقيق، أن كثيرًا من هذه الأسماء تسللت إلى هياكل المؤسسات التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، وكذلك إلى مناصب قيادية في البلديات الفرعية التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري. قصة الترشح الرئاسي مع تقدم جهات التحقيق في عملها، واعتقال مقربين من أكرم إمام أوغلو، كان الخناق يضيق عليه، فكان اللجوء إلى خطة بديلة، وهو إعلان الترشح الرئاسي، لحمل السلطة على التفكير ألف مرة، قبل اعتقاله حتى لا تشعر بالحرج داخليًا وخارجيًا. وهذا ما اعترف به النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، سيزغين تانريكولو، إذ قال خلال مشاركة متلفزة: " كنا على علم مسبق بتحقيقات الفساد والإرهاب التي تستهدف أكرم إمام أوغلو، لذا صممنا الانتخابات الرئاسية التمهيدية داخل الحزب لإخراجه من هذه التحقيقات". ويبدو أن رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، أدرك حقيقة تلك الانتخابات التمهيدية، فاعتذر عن عدم الترشح، وبذلك صار أكرم المرشح الوحيد، لكن الاعتقال عاجله قبل أن يحين موعد تلك الانتخابات. صعود.. وتهاوٍ ما بين صعود أكرم إلى المسرح السياسي التركي، وتهاويه ليست ثمة قصة طويلة، كالتي مرَّ بها أردوغان منذ أن كان شابًا صغيرًا في معية الراحل الأستاذ نجم الدين أربكان في حركة "المللي غوروش" وأحزابه المختلفة، حتى وصوله للرئاسة. فقد بدأ أكرم حياته السياسية يمينيًا مغمورًا في حزب الوطن الأم، قبل أن يقرر أن ييمم وجهه صوب حزب الشعب الجمهوري "اليساري الأتاتوركي"، لكن في طريقه إلى ذلك التحول الحاد، حاول أكرم الالتحاق بعربة حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن الحزب رفضه ولم يرحب به لأسباب غير معروفة. ومن خلال حزب الشعب تمكن من الفوز برئاسة بلدية "بيليك دوزو" في إسطنبول، ومنها شق طريقه إلى الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى. في عام 2019 ترشح أكرم في مواجهة رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في مواجهة رآها البعض غير متكافئة نظرًا لتاريخ يلدريم السياسي، وسجله المهني المعروف، لكن أكرم حقق المفاجأة وفاز عليه في الجولة الأولى ثم في الإعادة بفارق كبير، إضافة إلى نجاحه في استغلال إعادة الانتخابات لبناء مظلومية وظّفها جيدًا في تعظيم شعبيته. كان واضحًا أن الرجل لن يكتفي برئاسة البلدية الأهم في تركيا، بل سيعمل على شق طريقه إلى رئاسة البلاد، وهذا حق مشروع دونما شك، وقد عززت الدعاية الداخلية والغربية هذا الإحساس لديه، خاصة بعد فوزه للمرة الثانية برئاسة البلدية في 2023 على حساب وزير سابق حينها وهو مراد قوروم. في طريقه إلى تحقيق أحلامه، عمل أكرم على تعزيز مكانته داخل الحزب، على حساب شخصيات ذات ثقل، في مقدمتها رئيس حزب الشعب السابق، كمال كليجدار أوغلو، حيث لعب أكرم دورًا مؤثرًا في الإطاحة به لحساب رئيس الحزب الحالي، في المؤتمر العام الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والمفارقة أن وقائع ذلك المؤتمر قيد التحقيق الآن بعد أن اتهم أعضاء من الحزب أكرم باستخدام المال للإطاحة بكليجدار أوغلو. سياسة تأميم الحزب لصالحه، والعصف بالمخالفين والتعالي عليهم، عملت على خلق جبهة عريضة ضده اجتهدت في كشف جميع أوراقه ومخالفاته لجهات التحقيق، ولعبت دورًا مؤثرًا في القضية. تداعيات اعتقال أكرم لم تكن تلك العملية الأمنية من السهولة بمكان، إذ جرَّت خلفها تداعيات اقتصادية وحزبية. فعلى المستوى الاقتصادي، تعرضت الليرة التركية، لهزة عنيفة، حيث شهدت انخفاضًا بنحو 11% قبل أن تقلص خسائرها بنحو 5.5%، حيث اضطر البنك المركزي إلى ضخ نحو 8 مليارات دولار بحسب رويترز. كما انخفض مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي بأكثر من 6% ما اضطرها إلى وقف التداول مؤقتًا. أما حزبيًا.. فإن حزب المعارضة الرئيسي تنتظره أيام صعبة، خاصة إذا قررت جهات التحقيقات القضائية، إلغاء نتائج المؤتمر العام، وأثبتت استخدام المال لشراء الأصوات، ما يعني عودة كليجدار أوغلو إلى رئاسة الحزب، ومن ثم إعادة هيكلته للإطاحة بجميع المقربين من أكرم، وهي عملية ستترك آثارها التنظيمية والشعبوية السلبية على مسيرة الحزب. لكن من غير المتوقع أن تشهد تركيا اضطرابات أمنية عنيفة على غرار أحداث جيزي بارك 2013، فحجم وقائع الفساد التي يتم الكشف عنها منذ اعتقال أكرم كبيرة ومهولة ومدعومة بالوثائق والصور، ما ينفي عنها صفة "التسييس"، ويقود إلى تقليل حجم التعاطف الشعبي معه يومًا بعد الآخر. كما أن انخراط اليسار الكردي في عملية سلام مع الحكومة، سيجبره على الاكتفاء بالمواقف الكلامية، دون التورط في أي مواجهات في الشارع من أجل أكرم. وبخلاف بعض ردود الفعل الأوروبية الباهتة، فإنه من غير المنتظر أن تصعد القارة العجوز الموقف ضد تركيا، خاصة وهي تخوض معها مفاوضات ومباحثات لضمها إلى نظامها الأمني الجديد ودعم أوكرانيا. كذلك أكدت الولايات المتحدة من جانبها أن حملة الاعتقالات شأن تركي داخلي، ما يعني أن ورقة الضغوط الخارجية التي ربما كان يعول عليها أكرم، تسرّبت من بين يديه. والخلاصة أنه بدا واضحًا أن الحكومة التركية قد أحكمت أمرها قبل الإقدام على هذه العملية الأمنية، الأقوى منذ محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، سواء من حيث إحكام الأدلة، أو التحسّب للتداعيات المحتملة. إعلان


الديار
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الديار
تركيا: اعتقالات على خلفية احتجاز إمام أوغلو
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب قالت الحكومة التركية، إن السلطات اعتقلت 37 متهما بنشر منشورات "استفزازية" فيما يتعلق باعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. واعتقلت تركيا إمام أوغلو (54 عاما)، بتهم تشمل الفساد ومساعدة جماعة إرهابية، في خطوة انتقدها حزب الشعب الجمهوري المعارض، واعتبرها "محاولة انقلاب على الرئيس المقبل"، وفق تعبيره. كما أبطلت جامعة إسطنبول، شهادة أوغلو، مما أضاف عقبة أخرى أمام مساعيه للترشح للرئاسة، إذ ينص الدستور التركي على وجوب أن يكون أي مرشح رئاسي حائزا شهادة تعليم عالٍ. وخرج آلاف المحتجين إلى الشوارع والجامعات في مدن مختلفة، منها إسطنبول والعاصمة أنقرة، ورددت الحشود شعارات مناهضة للحكومة على الرغم من حظر التجمعات لأربعة أيام، الذي فُرض بعد اعتقال إمام أوغلو. وقال وزير الداخلية علي يرلي قايا على منصة "إكس" إن السلطات التركية حددت 261 حسابا على وسائل تواصل اجتماعي منها 62 في الخارج كتبت "منشورات استفزازية" بعد اعتقال إمام أوغلو و105 آخرين، وإن السلطات تواصل بذل الجهود لتعقب باقي المشتبه بهم. وأضاف الوزير أن منصة "إكس" شهدت مشاركة 18.6 مليون منشور عن إمام أوغلو في أقل من 24 ساعة من اعتقاله. وأغلقت السلطات عددا من الطرق، وقيدت الوصول إلى بعض وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى حظر الاحتجاجات. وقال مكتب المدعي العام في إسطنبول إن السلطات تحفظت على شركة إنشاءات مملوكة بشكل مشترك لإمام أوغلو. وفي بيان صدر ، ذكر مكتب المدعي العام أن التحفظ على شركة إمام أوغلو للإنشاءات والتجارة والصناعة تم بناء على قرار من محكمة، استنادا إلى تقارير التحقيق في جرائم مالية. وذكرت وكالة الأناضول الرسمية أن 7 أشخاص مشتبه بهم متهمون بـ"الإرهاب" و"مساعدة حزب العمال الكردستاني" المحظور، بينهم نائب الأمين العام لبلدية إسطنبول، ورئيس بلدية شيشلي، ونائبته، ورئيس معهد الإصلاح. وتستند تحقيقات الفساد، التي أدت لاعتقال إمام أوغلو وعدد من المسؤولين ببلدية إسطنبول الكبرى، إلى قضيتين أساسيتين أثارتا جدلا واسعا: مشروع "التوافق الحضري"، أطلقته بلدية إسطنبول الكبرى لتحسين التعاون بين البلديات وتعزيز الشفافية في المشاريع العمرانية، لكن النيابة العامة تزعم أن المشروع استخدم كواجهة لتمرير صفقات مشبوهة، وتم منح عقود ضخمة -بشكل غير قانوني- لشركات يقال إنها مقربة من مسؤولي "حزب الشعب الجمهوري"، و"العمال الكردستاني". فضيحة "عدّ النقود داخل حزب الشعب الجمهوري"، حيث انتشرت قبل أشهر صور ومقاطع فيديو مسربة زُعم أنها تُظهر مسؤولين في الحزب أثناء عدّ مبالغ نقدية كبيرة داخل المقرات الحزبية. وأثارت الصور موجة غضب واسعة، واعتبرها معارضو إمام أوغلو دليل تورطه بمعاملات مالية غير قانونية مرتبطة ببلدية إسطنبول الكبرى. وفي السنوات الأخيرة، طالت إمام أوغلو تحقيقات قضائية عدة، وفُتحت بحقه 3 قضايا جديدة هذا العام، وصدر ضده حكم بالسجن 31 شهرا، وحظر مزاولته الأنشطة السياسية في عام 2022 لإدانته بـ"إهانة" أعضاء اللجنة الانتخابية العليا.