#أحدث الأخبار مع #جامعةالشمالسرايا الإخبارية٠٣-٠٣-٢٠٢٥منوعاتسرايا الإخبارية"ذكريات رمضان في الغربة: من ماليزيا إلى الوطن"بقلم : د. محمد عبدالكريم الزيود صمتُ رمضان مرتين في ماليزيا أثناء دراستي هناك ، ربما لا تشعر بقيمة العائلة ودفئها إلا عندما تفطر بعيدا وحيدا… في جامعتي هناك بالقرب من الحدود التايلندية أقام باني ماليزيا الحديثة محمد مهاتير جامعة حكومية في غابة " سنتك" ، التي أخذت اسمها من النهر الذي يمرّ من وسطها ، وأسماها جامعة اوتارا أي جامعة الشمال .. أذهب قبل الآذان إلى مطعم "زبيدة" في الجامعة ، أشتري طبقا من الأرز الماليزي الأبيض المطهو بالماء والأعشاب ، وقطعة من الدجاج التندوري وخبز النان ، وصحن العدس الحار مع شرائح البصل والليمون .. وأحيانا أضيف قليلا من الباميا النصف ناضجة ، أحاول أن أجد شهية لطعام لا يشبهنا .. أذكرُ كان من روّاد المطعم طلابا هنود وصينيون ، وغير صائمين ، جاؤوا يتناولوا العشاء ، رأيتهم يشتروا أطباقهم ولا تمتد أياديهم إلا بعد آذان المغرب ، إحتراما لبقية الطلبة المسلمين هنا .. يرفع الآذان من مسجد " السلطان بدلي شاه" في الجامعة ، يأتي بعض الطلبة ويحضرون إفطارهم لتناوله في ردهاته ، ما زالت هذه العادة موجودة في ماليزيا حيث تفطر العائلات في ساحات المساجد. وفي صلاة التراويح يهرع الجميع إليها ، ويقسم نصف صحن المسجد في الصفوف الخلفية لصلاة النساء وأطفالهن الصغار ، وهنّ يلبسن الأبيض من القماش ، ولم أرَ أو أسمع أن أحدا أزعجهن أو تطاول عليهن. كان فرق الساعات بيني وبين بلادنا تفوق الخمسة ساعات ، أتناول إفطاري وحيدا وعلى عجل ، ليس هناك دفئا للعائلة أو أطباقا متعددة ، أدركت يومها قيمة العائلة وقيمة من يغيب عن المائدة ، غصة هنا وغصة هناك ، وعندما يسألونني : كيف إفطارك اليوم ، أقول : الحمدلله بخير ، وأنا لست بخير ..!! أعود لغرفتي في سكن "Proton" ، كان لي جارٌ مقابل غرفتي طالب من نيجيريا ، كنت أرقبه بعد العصر ينصب طنجرته على صوبة كهربائية ويضع فيها أعشابا وخضارا ولحما ، لا أستسيغ الرائحة .. يدعوني للإفطار فأعتذر منه وشاكرا .. أعود لغرفتي وحيدا ، أصنع شايا ، أتذكر أني لا أحب الشاي بالقرفة عندما كنت في بيتنا ، لكنني كنت أذهب وأشتري أعواد القرفة ربما لأني أشتاق لبيتنا ولعادات رمضان هناك ، أضعها في الإبريق الكهربائي وأجعلها تغلي، ثم أضيف الشاي حتى ينقلب إلى اللون الأحمر ، علّه يسد شيئا من الشوق..! رمضان في الغربة يبدو مختلفا ، والأمر ليس متعلق بالأكل والشرب ، ولكن هناك تفتقد لرائحة رمضان بلادنا ، ثمة أشياء لا تغادرنا ، وثمة ذكريات تحمل معها قسوة الأيام ، عشناها وتجاوزناها بمن ساندونا وقتها، أما ماليزيا والجامعة فقد تعلمنا منهم الكثير.
سرايا الإخبارية٠٣-٠٣-٢٠٢٥منوعاتسرايا الإخبارية"ذكريات رمضان في الغربة: من ماليزيا إلى الوطن"بقلم : د. محمد عبدالكريم الزيود صمتُ رمضان مرتين في ماليزيا أثناء دراستي هناك ، ربما لا تشعر بقيمة العائلة ودفئها إلا عندما تفطر بعيدا وحيدا… في جامعتي هناك بالقرب من الحدود التايلندية أقام باني ماليزيا الحديثة محمد مهاتير جامعة حكومية في غابة " سنتك" ، التي أخذت اسمها من النهر الذي يمرّ من وسطها ، وأسماها جامعة اوتارا أي جامعة الشمال .. أذهب قبل الآذان إلى مطعم "زبيدة" في الجامعة ، أشتري طبقا من الأرز الماليزي الأبيض المطهو بالماء والأعشاب ، وقطعة من الدجاج التندوري وخبز النان ، وصحن العدس الحار مع شرائح البصل والليمون .. وأحيانا أضيف قليلا من الباميا النصف ناضجة ، أحاول أن أجد شهية لطعام لا يشبهنا .. أذكرُ كان من روّاد المطعم طلابا هنود وصينيون ، وغير صائمين ، جاؤوا يتناولوا العشاء ، رأيتهم يشتروا أطباقهم ولا تمتد أياديهم إلا بعد آذان المغرب ، إحتراما لبقية الطلبة المسلمين هنا .. يرفع الآذان من مسجد " السلطان بدلي شاه" في الجامعة ، يأتي بعض الطلبة ويحضرون إفطارهم لتناوله في ردهاته ، ما زالت هذه العادة موجودة في ماليزيا حيث تفطر العائلات في ساحات المساجد. وفي صلاة التراويح يهرع الجميع إليها ، ويقسم نصف صحن المسجد في الصفوف الخلفية لصلاة النساء وأطفالهن الصغار ، وهنّ يلبسن الأبيض من القماش ، ولم أرَ أو أسمع أن أحدا أزعجهن أو تطاول عليهن. كان فرق الساعات بيني وبين بلادنا تفوق الخمسة ساعات ، أتناول إفطاري وحيدا وعلى عجل ، ليس هناك دفئا للعائلة أو أطباقا متعددة ، أدركت يومها قيمة العائلة وقيمة من يغيب عن المائدة ، غصة هنا وغصة هناك ، وعندما يسألونني : كيف إفطارك اليوم ، أقول : الحمدلله بخير ، وأنا لست بخير ..!! أعود لغرفتي في سكن "Proton" ، كان لي جارٌ مقابل غرفتي طالب من نيجيريا ، كنت أرقبه بعد العصر ينصب طنجرته على صوبة كهربائية ويضع فيها أعشابا وخضارا ولحما ، لا أستسيغ الرائحة .. يدعوني للإفطار فأعتذر منه وشاكرا .. أعود لغرفتي وحيدا ، أصنع شايا ، أتذكر أني لا أحب الشاي بالقرفة عندما كنت في بيتنا ، لكنني كنت أذهب وأشتري أعواد القرفة ربما لأني أشتاق لبيتنا ولعادات رمضان هناك ، أضعها في الإبريق الكهربائي وأجعلها تغلي، ثم أضيف الشاي حتى ينقلب إلى اللون الأحمر ، علّه يسد شيئا من الشوق..! رمضان في الغربة يبدو مختلفا ، والأمر ليس متعلق بالأكل والشرب ، ولكن هناك تفتقد لرائحة رمضان بلادنا ، ثمة أشياء لا تغادرنا ، وثمة ذكريات تحمل معها قسوة الأيام ، عشناها وتجاوزناها بمن ساندونا وقتها، أما ماليزيا والجامعة فقد تعلمنا منهم الكثير.