أحدث الأخبار مع #جامعةهارفرد


Independent عربية
منذ 17 ساعات
- سياسة
- Independent عربية
جوزيف ناي... آخر حكماء أميركا
عن عمر يناهز الـ88 رحل قبل أيام البروفيسور جوزيف ناي، أحد أكثر علماء السياسة الأميركيين المعاصرين صدقاً وموثوقية، حنكة وتدبراً، الرجل صاحب التأثير الأكبر في سجل العلاقات الدولية، الذي وضع الأساس لمفهوم "القوة الناعمة". شكل رحيل جوزيف ناي نهاية لرحلة علمية وخدمة عامة امتدت أكثر من ستة عقود، وقد ترك رحيله حسرة واضحة لدى كبار السياسيين حول العالم، فقد أشاد وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن به قائلاً "قليل من الناس أسهموا في رأس المال الفكري وفهم العالم ومكانة أميركا فيه مثل جوزيف ناي". في حين نعته صحيفة "فايننشيال تايمز" بالقول "إن رحيل البروفيسور ناي يأتي في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات متزايدة على الساحة الدولية". أما المستشار السابق للشؤون الآسيوية في البيت الأبيض، دينيس وايلدز، فقد قال "نحن نعاني نقصاً في الأشخاص الذين يفهمون الثقافة الآسيوية، وهذا سيكون له عواقب طويلة الأمد". تبدو مسيرة ناي مزيجاً من البحث الفكري السياسي النظري المعمق، ومن الممارسة السياسية على أرض الواقع في كثير من المناصب الرفيعة. حصل ناي على درجة الدكتوراه من جامعة هارفرد عام 1964، وكان أحد المحاضرين الأوائل في كلية هارفرد كينيدي. ثم شغل منصب عميد كلية كينيدي في جامعة هارفرد في الفترة ما بين 1995- 2004، وحولها إلى مركز لتدريب كبار القادة وصناع القرار في العالم. خلال مسيرته المهنية الحافلة في الأوساط الأكاديمية والخدمة الحكومية شغل أيضاً منصب نائب وزير الخارجية ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي. في استطلاع حديث أوائل العام الحالي أجرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، صنف ناي كأكثر العلماء تأثيراً في السياسة الخارجية، ومن قبل في 2011 كانت المجلة عينها قد اختارته ضمن أفضل 100 مفكر عالمي. أحدث كتاب له الذي نشر عام 2024، هو "حياة في القرن الأميركي". من بين كتاباته الأخرى "قوة القيادة" و"مستقبل القوة" و"القيادة الرئاسية ونشأة العصر الأميركي" و"هل انتهى القرن الأميركي"، وقد وجد دوماً طريقه لكبريات الأكاديميات، فكان زميلاً للأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم والأكاديمية البريطانية والأكاديمية الأميركية للدبلوماسية، كذلك كانت له آراء واضحة في الرئيس ترمب. عن النظام العالمي في القرن الـ21 يصعب على المرء أن يختار منصة انطلاق للحديث عن البروفيسور ناي، لتعدد قراءاته الاستراتيجية، وتنوع توجهاته الفكرية، غير أن السؤال المهم الذي تطرحه كبار العقليات شرقاً وغرباً عن السيادة والريادة في القرن الحالي، ربما يكون نقطة البداية. هل القرن الـ21 هو قرن الصدام الأممي أم التعاون الدولي؟ اختلفت الرؤى، في السعي إلى إيجاد جواب، غير أن ناي رأى أن النظريات التي لدينا وتقوم على الفكرة التقليدية لتوازن القوى لا يمكن أن تساعدنا الآن في معالجة القضايا والتحديات، فعلى سبيل المثال إذا أخذنا التغيرات المناخية في العالم فإن الصين تجاوزت الولايات المتحدة في إنتاج غاز ثاني أوكسيد الكربون، وهذا يؤذي الولايات المتحدة ويؤذي باقي دول العالم والسؤال: كيف نحل هذه المشكلة؟ الإجابة والحديث دوماً لناي، ليس بالطرق التقليدية والتهديد بالحرب أو العقوبات أو المقاطعة الاقتصادية، بل تحل هذه المشكلات عبر التعاون المتبادل... هل يعني ذلك أن شكل النظام الدولي آخذ في التغير بصورة سريعة وغير نمطية، مما يعني تشكل عالم جديد، مختلف كلية عن فكرة الثنائيات الضدية التي عرفتها البشرية حتى قبل الميلاد وإلى الساعة؟ عرف عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر الدولة الحديثة بأنها مؤسسة سياسية تحتكر الاستخدام المشروع للقوة، لكن فهمنا للسلطة الشرعية يرتكز على أفكار ومعايير قابلة للتغيير، لذا ينبع النظام الشرعي من أحكام حول قوة المعايير، إضافة إلى أوصاف بسيطة حول حجم وطبيعة العنف داخل الدولة. هنا، وعندما يتعلق الأمر بالنظام العالمي، يمكننا قياس التغيرات في توزيع القوة والموارد، وكذلك في التزام المعايير التي ترسي الشرعية، كما يمكننا قياس وتيرة وشدة الصراعات العنيفة. والثابت أنه غالباً ما ينطوي التوزيع المستقر للقوة بين الدول على حروب توضح توازن القوى المتصور، لكن الآراء حول شرعية الحرب تطورت مع مرور الوقت. على سبيل المثال في أوروبا القرن الـ18، عندما أراد ملك بروسيا فريدريك الكبير الاستيلاء على مقاطعة سيليزيا من النمسا، استولى عليها ببساطة، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية أنشأت الدول الأمم المتحدة التي عرفت حروب الدفاع عن النفس فقط بأنها شرعية، ما لم يصرح مجلس الأمن بخلاف ذلك. بعد ثمانية عقود، باتت هناك متغيرات تشارك في تشكيل النظام العالمي المعاصر، الذي قد يصبح أقوى أو أضعف بسبب التغيرات التكنولوجية التي تغير توزيع القوة العسكرية والاقتصادية، والتغيرات الاجتماعية والسياسية المحلية التي تغير السياسة الخارجية لدولة كبرى، أو القوى العابرة للحدود الوطنية، كالأفكار أو الحركات الثورية، التي قد تتجاوز سيطرة الحكومات وتغير التصورات العامة لشرعية النظام السائد. هل يعني ذلك أن معطيات القوة والقدرة على مائدة التوازنات الدولية، قد بدأت في التغير، من عند القوة الخشنة المطلقة، مروراً بالقوة الناعمة، التي كان ناي أحد أهم منظريها، إلى أنواع أخرى من القوى التكنولوجية والمعرفية، التي ستخلق عالماً جديداً، قد يكون نظامياً أو فوضوياً؟ عن رؤية ناي لفلسفة القوة الناعمة حين يذكر اسم البروفيسور ناي يطفو على سطح العقل مباشرة الحديث عن مفهوم القوة الناعمة، وكأن هذا المعلم الكبير لم يتوقف عند أي معانٍ أو مبانٍ أخرى غير هذا المفهوم. ما الذي يعنيه ناي بهذا المصطلح الذي شاع وذاع في العقود الثلاثة الماضية على وجه التحديد، لا سيما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي؟ يذهب ناي إلى أن القوة العسكرية والقوة الاقتصادية كلتيهما أمثلة على القيادة القاسية التي يمكن استعمالها لإقناع الأخيرين بتغيير مواقفهم. فالقوة القاسية يمكنها أن تستند إلى مبدأ العصا والجزرة، لكن هناك أيضاً طريقة أخرى وغير مباشرة لاستخدام وممارسة القوة، فبإمكان دولة أن تحصل على النتائج التي تريدها في السياسة الدولية لأن الدول الأخرى تريد اللحاق بها واتباعها إعجاباً بقيمها أو تقليداً لنموذجها أو تطلعاً للوصول إلى مستوى ازدهارها ورفاهها وانفتاحها. هنا وفي هذا الاتجاه تمعن هذه الدولة أو تلك في بلورة برامج سياسية تجذب الآخرين وتجبرهم على التغيير، لا من خلال أسنة الرماح وسنابك الخيل، بل من خلال جعل الآخرين يرون ما تريد أن تريهم إياه من قوة ناعمة. هل من مثال على تلك القوة؟ يبدو أن الولايات المتحدة نفسها كانت خير مثال على نموذج القوة الناعمة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بنوع خاص، فقد قدمت للعالم الحلم الأميركي، وكشفت عن المفهومين الشهيرين الخاصين بها، القدر الواضح، والمدينة فوق جبل. نجحت الولايات المتحدة في إسقاط الاتحاد السوفياتي وتفكيكه بعد تفخيخه، لا من خلال القنابل النووية التي أسقطتها على هيروشيما وناغازاكي، وأدت إلى استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، وإنما من خلال مشاهد زجاجة الكوكاكولا والفتاة اللعوب، الشبيهة لاحقاً بمارلين مونور، ومن خلال مأكولات "الفاست فود"، عطفاً على مجلات وإذاعات حملت عبر الأثير نسائم الحرية لأوروبا الشرقية وشعوبها، بل وصل الأمر إلى تسرب فيروس الحرية إلى داخل الجمهوريات السوفياتية نفسها. القوة الناعمة إذاً تستند إلى القدرة على وضع برنامج سياسي يرتب الأولويات بالنسبة إلى الآخرين على المستوى الشخصي، بالضبط مثل الأبوين الحكيمين اللذين يعلمان أنه إذا قاما بتربية أولادهم على القيم والمفاهيم الصحيحة، فإن قوتهم ستكون أكبر وستدوم فترة أطول مما لو كانوا اعتمدوا فقط على الضعف والتوبيخ أو قطع المصروف أو أخذ مفاتيح السيارة مثلاً. كذلك الأمر يتعلق بالمسؤولين السياسيين والمفكرين مثل أنطونيو غرامشي الذين فهموا طويلاً القوة الناجمة عن وضع جدول أعمال إضافة إلى تحديد إطار عمل لنقاش معين. وبلغة فلسفية سياسية فإن القدرة على تأسيس الأولويات كما يقول ناي تميل دائماً إلى الارتباط بمصادر القوة المعنوية كأن تكون ثقافة جذابة أيديولوجياً، أو مؤسسات فاعلة وناجزة محلياً، فإذا استطعت أن تقدم ما يلمع سيظنه الناظرون من دون أدنى شك بريقاً من الذهب. هل هناك ارتباط بين القوتين الخشنة والناعمة؟ بحسب ناي، فإنه إذا رغبت دولة بعينها أن تشرع قوتها الخشنة في عيون الآخرين، فإنها ستواجه مقاومة أقل لرغباتها إذا كانت ثقافتها وأيديولوجيتها جذابة، وساعتها سيرغب الآخرون في اتباعها بأقل مجهود ومن غير ضرورة الدخول في حروب تسيل فيها الدماء وتتعذر من بعدها المصالحة أو المسامحة. هل للقوة الناعمة حضور عالمي؟ إحدى أهم الأطروحات التي كان على ناي التعاطي معها قضية القوة الناعمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وهل فقدتها بالفعل، لا سيما منذ بداية الألفية الثالثة، مع الغزو الأميركي لأفغانستان ومن ثم العراق، عطفاً على الدعم الواضح الذي قدمته لما عرف باسم "ثورات الربيع العربي" بدءاً من 2011. الشاهد أن نظرة ناي للفكرة القوة الناعمة ربما تجاوزت الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما تناوله في محاضرة له في جامعة كامبريدج في يناير (كانون الثاني) 2022. في تلك المحاضرة تساءل بعدما لاحظ في نهاية عام 2021 أن روسيا تحشد قواتها قرب حدودها مع أوكرانيا، والصين تنقل طائرات عسكرية نفاثة قرب تايوان، فيما كوريا الشمالية تتابع برنامجها النووي، بينما مقاتلو "طالبان" عادوا ليسيروا دوريات في شوارع كابول... تساءل ناي: ماذا حدث للقوة الناعمة؟ كان التساؤل يحمل في طياته علامة استفهام عن مستقبل هذه القوة وهل بات لها بالفعل موقع أو موضع فوق الكرة الأرضية في حاضرات أيامنا. في محاضرته هذه اعترف ناي بأن القوة الناعمة ليست المصدر الوحيد أو حتى الأهم للقوة لأن آثارها تميل إلى أن تكون بطيئة وغير مباشرة، لكن تجاهلها أو إهمالها خطأ استراتيجي وتحليلي جسيم. لم تكن قوة الإمبراطورية الرومانية تعتمد على جحافلها العسكرية فحسب، بل كانت تستند أيضاً إلى جاذبية الثقافة الرومانية والقانون الروماني. على نحو مماثل كان الوجود الأميركي في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، كما وصفه محلل نرويجي ذات مرة "إمبراطورية بالدعوة"، لم يسقط سور برلين من القذائف المدفعية، بل أزالته مطارق وجرافات بأيدي أشخاص لمستهم القوة الناعمة الغربية. ومن جديد أوضح ناي مصادر القوة الناعمة، تلك التي يتمتع بها أي بلد، وتأتي بصورة أساسية من ثلاثة مصادر: ثقافتها وقيمها السياسية، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان عندما تدعمها، وسياساتها عندما ترى على أنها مشروعة لأنها تدور في إطار من الوعي بمصالح الآخرين. تستطيع أي حكومة أن تؤثر في الآخرين من خلال العمل كقدوة في ما يتصل بالكيفية التي تتصرف بها في الداخل، بحماية حرية الصحافة والحق في الاحتجاج على سبيل المثال، وفي المواقف الدولية بالتشاور مع الآخرين وتعزيز التعددية، ومن خلال سياستها الخارجية بالترويج للتنمية وحقوق الإنسان. في هذا السياق عقد ناي مقاربة بين القوة الناعمة الصينية ونظيرتها الأميركية، واستخدم فترة تفشي جائحة "كوفيد-19" كمثال على نجاح أو إخفاق تلك السياسة. رأى ناي أنه أثناء الجائحة حاولت الصين استخدام ما يسمى "دبلوماسية اللقاحات"، لتعزيز قوتها الناعمة، التي تضررت بسبب تعاملها المتكتم مع انتشار الفيروس في مدينة ووهان. كانت الجهود التي تبذلها حكومة بكين ترمي إلى تعزيز مبادرة الحزام والطريق التي تدعم مشاريع البنية الأساسية في كثير من أجزاء العالم، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن النتائج كانت مخيبة للآمال بمقاييس الجاذبية، كان أحد أهم الأسباب وراء تدني مستوى القوة الناعمة الصينية هو استخدامها الفظ القوة الصارمة في سعيها وراء سياسة خارجية قومية على نحو متزايد، وكان هذا جلياً واضحاً في عقابها الاقتصادي لأستراليا وعملياتها العسكرية على حدود الهمالايا مع الهند. أوضح ناي كيف أن الصين تواجه مشكلة في التوصل إلى معادلة القوة الذكية، فمن الصعب ممارسة دبلوماسية اللقاح ودبلوماسية المحارب الذئب أي العدوانية والاستئساد القسري على البلدان الأصغر حجماً في الوقت ذاته. هل يعني ما تقدم أن هناك تراجعاً ملحوظاً بالنسبة إلى مفهوم القوة الناعمة حول العالم؟ ربما يكون البحث عن القوة الناعمة الأميركية، من النقاط الجوهرية التي كان ولا بد لناي من أن يشاغبها في أكثر من موقع وموضع، منها ما جاء في محاضرة كامبريدج، ومنها ما هو خارج ذلك. تراجع القوة الناعمة الأميركية من الواضح أن جوزيف ناي كان له رأي واضح في علاقة السياسات الخارجية الأميركية بمعدلات قوتها الناعمة حول العالم في عقود سابقة. غير أنه توقف بصورة خاصة عند سياسات الرئيس دونالد ترمب في ولايته الأولى، التي عاصرها بأكملها، ولم يمهله القدر أن يتابع بقية المشهد في الولاية الثانية التي بدأت منذ خمسة أشهر تقريباً. بعد عام من ولايته الأولى أي في 2018 رأى ناي أن سياسات ترمب قد قوضت القوة الناعمة الأميركية. لم يبد سوى 30 في المئة من المشاركين في استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب أخيراً في 134 دولة رأياً إيجاباً تجاه الولايات المتحدة بقيادة ترمب، وهو انخفاض بنحو 20 نقطة مئوية منذ رئاسة باراك أوباما. ووجد مركز بيو للأبحاث أن الصين بنسبة تأييد بلغت 30 في المئة قد وصلت إلى مستوى قريب من التكافؤ مع الولايات المتحدة. وأظهر مؤشر بريطاني القوة الناعمة 30 في المئة، تراجع أميركا من المركز الأول عام 2016 إلى المركز الثالث عام 2017. في ذلك الوقت رد المدافعون عن ترمب بأن القوة الناعمة لا تهم، فقد أعلن مدير موازنة ترمب، ميك مولفاني، عن موازنة القوة الصلبة، في وقت خفض فيه تمويل وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية بنسبة 30 في المئة. بالنسبة إلى مروجي "أميركا أولاً"، فإن ما يعتقده بقية العالم يأتي في المرتبة الثانية، هل هم محقون؟ الجواب هو أن القوة الناعمة تقوم على الجذب لا على الإكراه أو المال، إنها تستميل الناس ولا تكرههم على المستوى الشخصي. بعد ستة أعوام من هذه الرؤية وفي 2024 تحدث ناي مرة جديدة عن رؤيته القوة الناعمة الأميركية. ذهب ناي إلى أنه وعلى رغم أن استطلاعات الرأي الدولية أظهرت أن الولايات المتحدة عانت هي أيضاً من تراجع قوتها الناعمة أثناء فترة رئاسة دونالد ترمب، فإن من حسن الحظ أنها أكثر من مجرد الحكومة في واشنطن، فعلى النقيض من أصول القوة الصارمة مثل القوات المسلحة، فإن هناك كثيراً من موارد القوة الناعمة منفصلة عن الحكومة، ولا تستجيب لأغراضها إلا جزئياً. على سبيل المثال تلهم الأفلام الهوليوودية التي تسلط الضوء على تجمعات مستقلة أو أقليات محتجة آخرين في مختلف أنحاء العالم. وينطبق هذا أيضاً على العمل الخيري الذي تزاوله المؤسسات الأميركية وحرية الاستقصاء والتساؤل في الجامعات الأميركية. ولعله من حسن حظ الولايات المتحدة أن الشركات والجامعات والمؤسسات والكنائس وحركات الاحتجاج تعمل على تطوير قوة ناعمة من إنتاجها. في بعض الأحيان تعمل أنشطتها على تعزيز أهدافها السياسية الخارجية الرسمية، وفي أحيان أخرى تتعارض معها، غير أنه وفي كلتا الحالتين تشكل مصادر القوة الناعمة الخاصة هذه أهمية متزايدة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. وعند ناي أن تمرد السادس من يناير 2021، الذي شهده مبنى الكابيتول، قد تسبب في ضرر بالغ للقوة الناعمة الأميركية، لكنه رأى أنه على أولئك الذين بالغوا في تقدير الضرر أن يضعوا في حسبانهم أن انتخابات 2020 اجتذبت في الوقت عينه إقبالاً غير مسبوق على صناديق الاقتراع على رغم تفشي جائحة "كوفيد-19" في ذلك الوقت، مما أظهر أن الشعب الأميركي لا يزال قادراً على خلع "زعيم دهماء" في انتخابات حرة ونزيهة. لكن ماذا عن اليوم وبعد أن عاد قائد من وصفهم ناي بالدهماء؟ لقد عاد دونالد ترمب وبغالبية غير متوقعة من اليسار واليمين، فماذا سيكون من شأن مسار القوة الناعمة عام 2029 عندما يسلم الرئيس ترمب الراية إلى رئيس آخر، ما لم يحدث انقلاب على النظام الدستوري الأميركي، ويستطيع الرئيس ترمب أن يظل أربعة أعوام أخرى رئيساً لولاية ثالثة؟ مهما يكن من أمر الجواب، فإن قضية الدهماء والذعر والجعيدية، على حد وصف المؤرخ العربي الكبير الجبرتي، يدفعنا في طريق قراءة معمقة لما رآه ناي في شأن النظام العالمي في ظل الفوضى السيبرانية الحادثة المرتبطة بالعالم الرقمي، والتكنولوجيات المعاصرة في زمن الذكاءات الاصطناعية، وما يمكن أن تتركه من أثر في سياقات الأحداث في عالم غير منضبط... ماذا عن ذلك؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) النظام العالمي والفوضى السيبرانية الثابت أنه ضمن اهتمامات البروفيسور ناي جاء تركيزه المبكر على قضية العالم السيبراني، وكيف يمكن أن ينشئ نظاماً عالمياً فوضوياً، يكون وبالاً على القاصي والداني. في عدد يناير 2022 وعبر مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، كتب ناي يقول "إنه مع هجمات فيروس الفدية على الإنترنت، والتدخل في الانتخابات، والتجسس على الشركات، والتهديدات التي تتعرض لها الشبكات الكهربائية... على وقع الطبول في عناوين الأخبار الراهنة، يبدو الأمل ضئيلاً في إرساء شيء من النظام ضمن الفوضى السيبرانية السائدة، ويسهم سيل الأخبار السيئة الذي لا يتوقف مع تقدم عالم الإنترنت كعالم خارج عن السيطرة ويزداد خطورة يوماً بعد يوم. أما الآثار القائمة المترتبة على هذه الفوضى فهي لا تنحصر في الفضاء السيبراني وحده، بل تمتد لتصيب اقتصادات العالم والجغرافيا السياسية والمجتمعات الديمقراطية والأسئلة البديهية الأولى المتعلقة بالحرب والسلم". هل كان ناي مهموماً فقط بالهجمات السيبرانية التي تتعرض لها الولايات المتحدة؟ مؤكد أنها كانت في المقدمة، لكنه وسع رؤيته إلى الإطار العالمي. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فعلى رغم قدراتها الدفاعية والهجومية تبقى شديدة الهشاشة تجاه الهجمات السيبرانية وغيرها من عمليات التأثير، وذلك نظراً إلى أسواقها الحرة، ومجتمعها المفتوح، ويضيف "أعتقد أنها فكرة جيدة أن نفكر في الأقل بالمثل القديم عن كيف ينبغي على الأشخاص الذين يسكنون بيوتاً زجاجية ألا يرشقوا الآخرين بالحجارة". هذا ما يذكر به جيمس كلابر الذي كان يشغل منصب مدير جهاز الاستخبارات الوطني خلال شهادته أمام الكونغرس عام 2015 عن ردود فعل واشنطن على الهجمات السيبرانية. وكان كلابر يشدد عن وجه حق على أنه وعلى رغم كون الأميركيين أفضل من يرشق بالحجارة ربما، فإنهم يعيشون في بيوت كلها من زجاج، وإن الواقع يمنح الولايات المتحدة مصلحة معينة في تطوير المبادئ التي تخفف من حوافز رمي ورشق الحجارة في الفضاء السيبراني. العالم الذي يحذر من الفوضى فيه جوزيف ناي، هو عالم يختلف عن ذاك الذي يمكن ضبطه بقواعد ومعايير دبلوماسية متفق عليها، فالتفاوض على معاهدات الحد من التسلح السيبراني سيكون أمراً بالغ الصعوبة، لأن مفاهيم الحد من هذا التسلح لا يمكن التحقق منها، بيد أن الدبلوماسية في الفضاء السيبراني ليست أمراً متعذراً تماماً. يخلص ناي إلى أن عالمنا المعاصر قد بلغ حقبة جديدة من الحروب السيبرانية، ويبدو أن العالم ليس مستعداً لها، مما ربما دفعه في نهايات أيامه إلى إصدار عمل متميز يتساءل فيه عن أهمية الأخلاق، وهل لا يزال لها موقع أو موضع في سياسات اليوم، أم أنه وكما يقال "أرسطو له ماضٍ فلسفي فيما ميكافيللي له مستقبل سياسي". هل الأخلاق مهمة في السياسة؟ كان هذا هو عنوان كتاب ناي المهم الذي يشاغب فيه المسألة الأخلاقية عند الرؤساء الأميركيين من روزفلت إلى ترمب، ويطرح فيه قضية الأخلاق وهل هي مهمة في السياسة الخارجية الأميركية، أم أن الأخلاق الأميركية مجرد نفاق كما يقول أصحاب التيار السياسي الواقعي في الداخل الأميركي. يرى ناي أن الأخلاق أمر مهم بالفعل، وأن ما يحاول القيام به في هذا الكتاب هو إثبات أنه إذا تبينت وجهة نظر مفادها أن الأخلاق غير مهمة، فلن نتمكن من فهم تاريخ الأعوام الـ70 الماضية في التاريخ الأميركي. في صفحات كتابه يبين ناي أن هناك ميلاً كبيراً لدى الأميركيين للخلط ببين الأخلاق والقيم، فالأخلاق لا تعني التباهي بها، بل تعني الجمع بين النيات أو الدوافع، والوسائل التي تختارها، والنتائج المترتبة عليها في حزمة واحدة. يجب تقييم هذه الحزمة ككل، لا بمراعاة النيات فحسب، أو حتى النتائج فقط، أحياناً يظن بعضهم أن نجاح سياسة ما في تحقيق مصالح بعينها يجعلها جيدة، فيما قد يكون ذلك خطأ، ذلك أنه إذا سألت عن ماهية السياسة الخارجية الجيدة، فيجب أن تشمل ليس فقط الدوافع، بل أيضاً الوسائل والنتائج المرتبطة بها. هل من خلاصة لفكر ناي؟ مؤكد أن القيم تنتج قوة ناعمة، والسياسة الخارجية للدول الناجحة يجب أن تجمع بين القوة الصارمة والناعمة لإنتاج سياسة مشروعة.

المدن
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- المدن
الانقسام يتجدد: من 8 و14 آذار إلى "كلنا إرادة"
في مشهدٍ سياسيّ واجتماعيّ يعيد إلى الأذهان التقسيمات العمودية التي شهدها لبنان بين 14 آذار و8 منه، يظهر اليوم اصطفاف شعبي حيال المبادرات المدنية، وعلى رأسها مبادرة جمعية "كلنا إرادة"، وأيضا حيال تعيين كريم سعيد حاكما لمصرف لبنان. وفي حين يحمل انقسام 14 و8 آذار تاريخًا من التباين السياسي العميق والذي شكل هوية اللبنانيين لمدة طويلة، يُعتبر الانقسام الحالي حول "كلنا إرادة" وتعيين الحاكم استمرارًا لهذا التقليد وإن بصيغ مختلفة وأفرقاء تحكمهم مصالح خاصة في خياراتهم. ففي بلدٍ اعتاد التجاذبات الحادّة، منذ انتهاء الحرب الأهلية، يسود الخلاف السياسي بطبقات متعددة، وينشط تحت مسمّيات جديدة، وفي حين خمدت الضجة التي أثيرت بشأن الحاكم الجديد لمصرف لبنان، إلا أن عنوان "كلنا إرادة" لا يزال محتدماً. فهذه الجمعية، التي لطالما قدّمت نفسها كمجموعة ضغط مدنية تسعى للإصلاح، أصبحت فجأة امتدادا لصراع مزمن يعكس انقسام اللبنانيين حول الهوية، الخيارات والمصالح. وفي حديث خاص مع "المدن"، تقول المديرة التنفيذية للجمعية ديانا منعم، "إن ما تتعرض له "كلنا إرادة" منذ أسابيع ليس سوى حملة مبرمجة لتشويه صورتها، وإسكاتها بسبب مواقفها الإصلاحية، خصوصاً في الملفات المالية". وتضيف: "للأسف، 99% مما يُنشر عنا في الإعلام لا ينقل وجهة نظرنا. لم يتواصل أحد معنا لسؤالنا عن موقفنا، وهذا بحد ذاته يدل على أن الحملة ضدنا لا تبحث عن الحقيقة، بل عن التشويه". الخلاف على كريم سعيد وخطة "هارفارد" أحد الاتهامات التي طاولت الجمعية مؤخرًا هو شنُها "حملة" ضد حاكم مصرف لبنان الجديد، كريم سعيد، بسبب ما وُصف بأنه ترويج منه لـ"خطة هارفرد" التي تفترض تحميل الدولة مسؤولية التزامات المصارف وفرض "هيركات" على الودائع. لكن منعم تنفي ذلك كلياً، وتوضح: " لم نقم بأي حملة ضده. نعم، أبدينا قلقنا من بعض مواقفه السابقة، خصوصاً مشاركته في خطة تُعرف بخطة هارفرد، لكننا عبّرنا عن ذلك ببيان، ولم نشن أي حملة. في الواقع، تصريحاته الأخيرة كانت إيجابية، والعبرة تبقى بالتنفيذ". في المقابل، قدّم الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل قراءة وافية حول ما يُعرف بـ"خطة هارفرد"، نافياً بشكل قاطع وجود "مخطط" من جامعة هارفرد كما تروج بعض الأطراف. وأوضح أن "التقرير الذي أُعد في تشرين الثاني 2023 من قبل مجموعة باحثين مستقلين لا يمثّلون الجامعة، وهدفه كان فقط طرح أفكار من خارج الصندوق لتحريك مياه الإصلاح الراكدة في لبنان". وأضاف غبريل "اعتمدت الدراسة على الأرقام الموجودة في التقرير المفصّل لصندوق النقد الدولي عن لبنان والصادر في حزيران 2023. كما أخذت برأي خمسة اشخاص، منهم لبنانيان، وقد ذكر التقرير أسماء هؤلاء في صفحاته الأولى، ومن بينهم من شارك وزير الاقتصاد والتجارة الحالي عامر البساط في وضع خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني. فإن كان يجب مساءلة أحد عن مضمون الدراسة، فمن الأجدى التوجه إلى هؤلاء الاشخاص، وبالتحديد اللبنانيين منهم". وعن الموقف من الحاكم، يقول غبريل: "إن سعيد لم يروّج لهذا التقرير، لا سابقًا ولا حاليًا. وقد أعلن موقفه بوضوح في خطاب تسلمه المنصب: حماية الودائع، إعادة هيكلة القطاع المصرفي، الشفافية، وتحميل المسؤولية للدولة والمصارف ومصرف لبنان. كما شدد على أن صغار المودعين يجب أن يكونوا أول من يجب حمايتهم، وأكد على أن جميع الممتلكات الخاصة محمية بموجب الدستور والقانون اللبناني". حملة منظّمة وفي حين رفض غبريل الإجابة عن الاسئلة المتعلقة بجمعية"كلنا إرادة"، تؤكد منعم أن "الجمعية، التي تأسست عام 2017 بتمويل حصري من لبنانيين مقيمين ومغتربين، عملت على ملفات متعددة: من التحذير المبكر من الانهيار المالي، إلى الدفع نحو قانون استقلالية القضاء، والمطالبة بلجنة تحقيق دولية في ملف تفجير مرفأ بيروت، وصولاً إلى ملف عودة اللاجئين السوريين". كما لا تنفي "دعم الجمعية في انتخابات 2022 عدداً من المرشحين التغييريين الذين يتبنون ثلاث أولويات: السيادة، الإصلاح الاقتصادي، وبناء الدولة المدنية". لكنّ هذا الدور لم يرق للكثيرين، فاتهمت الجمعية ب"ارتكاب جرائم جزائية تتعلق بالمس بالاقتصاد الوطني وزعزعة الاسواق المالية" وبأن تمويلها خارجي، كذلك اتهمت الجمعية بأن العلم والخبر الذي حصلت عليه من وزارة الداخلية لا يأتي على ذكر العمل السياسي، وأنها تحاول افلاس المصارف لاستبدالها بمصارف قريبة منها"، وفي هذا السياق توضح منعم، أن "الدعم الانتخابي تم بشفافية كاملة، وأن الجمعية نشرت تقريرها المالي علناً، متحدية كل الاتهامات بوجود تمويل خارجي أو ارتباطات مشبوهة". وتشدد منعم على وجود حملة منظّمة ضد الجمعية، وتقول: "هناك طبقة مصرفية سياسية تواصل الدفاع عن مصالحها، وتستعمل كل الوسائل لإسكاتنا، حتى لا نتحدث عن هذه المواضيع. هذه الحملة لا تقتصر على "كلنا إرادة"، بل توسعت لتشمل منصات إعلامية تتناول المواضيع الاقتصادية والمالية. الهدف واضح: إسكات أي صوت يطالب بمحاسبة المسؤولين عن الأزمة المالية، والإصلاحات التي يجب أن تحدث في المرحلة المقبلة. ويقف وراء هذه الحملات بعض المصرفيين والسياسيين الذين يرفضون هذه الإصلاحات. وأؤكد هنا على كلمة "بعض"، لأن هناك مصارف تدعم هذه الإصلاحات، وتسعى لتحسين الوضع، لكن للأسف هناك مصارف أخرى ترفض هذا الموضوع وتواجهه بأسوأ الطرق". وتضيف "هذه الحملة هي إحدى الأدوات المستخدمة لإسكات الناس وترهيبهم. نحن في "كلنا إرادة" عقدنا مؤتمرا صحافيا الأسبوع الماضي، أجبنا فيه على جميع هذه الاتهامات، وأوضحنا بشكل قاطع أننا سنستمر في عملنا. هذه الحملات لن تخيفنا. نحن كنا نطالب بمحاسبة المسؤولين عن جريمة مرفأ بيروت، وفي وقت كان فيه حزب الله يهدد القضاة في قصر العدل، لم نخف، وكنا في الساحات نطالب بالعدالة. لن نخاف من تصرفات مافياوية، ولم نخف في قضايا أكبر من ذلك. ولن نخاف الآن". وعند سؤالها عن تأثير الحملة الإعلامية على عمل الجمعية تقول منعم: "إذا كان السؤال حول تأثير هذه الحملة من بعض وسائل الاعلام علينا، فإنني أعتقد أن عملنا، الذي قمنا به على مدار السنوات الأخيرة، وأعضاءنا المعروفين وإنجازاتهم في مجالاتهم تتحدث عنهم. الحملة من جهات فاقدة للمصداقية لن تؤثر علينا. نحن شاهدنا في الأسبوعين الأخيرين كيف توسعت هذه الحملة لتشمل شخصيات أخرى تتمتع بمصداقية كبيرة، وبالتالي، هذه الحملات تؤثر فقط على مصداقية الذين يطلقونها. سنستمر في عملنا ولن نخشى هذه الحملات". انقسام يعيد إنتاج ذاته ما يحصل من انقسام حول الرؤية الاقتصادية والنشاط المدني، سواءً لجهة تعيين كريم سعيد، أو الجدل حول "كلنا إرادة" ليس خلافًا حول ملفات، بل تجلٍ لانقسام أعمق. وفي بلد لم يعرف إجماعًا وطنيًا حقيقيًا منذ عقود، يبدو أن هذا الانقسام لن يزول، بل يعيد إنتاج نفسه مع كل مناسبة. بالأمس بين 14 و8 آذار. اليوم حول "كلنا إرادة" و"حزب المصارف" وهذا ما يعكس طبيعة المرحلة التي يعيشها لبنان: مرحلة انتقالية تكثر فيها المبادرات، لكن يغيب فيها الإجماع والثقة.


البلاد البحرينية
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- البلاد البحرينية
هنيئًا لصندوق الثروة السيادي البحريني
من ضمن الفعاليات الأخيرة التي شدت انتباهي في المنامة، منتدى تمكين الشباب بعنوان (وسع آفاقك) بمشاركة 2700 شاب وفتاة، والذي تضمن جملة من الندوات لتحفيز قدرات ومهارات الشباب في ريادة الأعمال. الفقرة المهمة في نظري جلسة جامعة هارفرد للإدارة، والتي جمعت الخبراء والمختصين بكل ما يتعلق بمضمار العمل والأعمال. توصيات المنتدى نادت بضرورة تبني الدوائر المسؤولة فرصًا جديدة في السوق معنية بالتكنولوجيا المالية 'FinTech'، وزيادة دعم تلك الجهات بهذا المجال، خصوصًا فئة الشباب. كذلك اطلعت على التقرير الاقتصادي لمملكة البحرين لعام 2024، والذي يؤكد تراجع الأنشطة النفطية، ونمو الأنشطة غير النفطية، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7 %. هذا دليل على دور المشاريع غير النفطية في دعم النمو الاقتصادي، والتي بلغت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي 86 % خلال 2024. إضافة لذلك، ارتفع نمو رصيد الاستثمار الأجنبي في البحرين بنسبة 5.7 % بنهاية 2024، ليصل إلى 17.3 مليار دينار بحريني، كما سجل صندوق الثروة السيادي البحريني أعلى صافي ربح منذ تأسيسه عام 2006، واحتفلت البحرين كوجهة رائدة للسياحة على خريطة السياحة العالمية. هذا ليس كل شيء، بل أوضحت تقارير التنافسية العالمية أداء مملكة البحرين المميز، حيث تصدرت البحرين دول الوطن العربي في مؤشر ممارسة الأعمال للعام 2025، كما انضمت المنامة إلى تصنيف المدن الذكية الصادر عن مركز التنافسية العالمية التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية. لعلي أضيف أن الرئيس الإقليمي للاستثمار في التكنولوجيا المالية ومشاريع بنك (ستاندرد تشارترد) المعترف به عالميًّا، أكد أن الموقع الاستراتيجي والتسهيلات الحكومية والمواهب الشابة جعلت المملكة مقصدًا رئيسًا لكبريات الشركات المرموقة. كلمة أخيرة.. التهاني للسيدة كريمة محمد العباسي، الأمين العام لمجلس الشورى، التي منحها الاتحاد البرلماني العربي جائزة (التميز البرلماني العربي)، والتهاني أيضًا للطبيبة البحرينية د. فاطمة حاجي لتصدرها مشهد البحث العلمي الأوروبي في مؤتمر الأمراض النادرة في أوروبا.


الشروق
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشروق
الجزائر وتفعيل ديبلوماسيتها الثقافية
إن قوة الأمم وفعاليتها لا تقاس بقوة السلاح والاقتصاد فقط، بل أيضا بالقوة الناعمة المتمثلة في الثقافة والفنون التي تعبر بها عن هويتها وحضارتها في حوارها مع الآخر.. واتباع أسلوب الديبلوماسية الثقافية ظهر منذ القدم. يوضح لنا د.بكري معتوق عساس هذا الأسلوب فيقول: 'وأسلوب «الدبلوماسية الثقافية» تم ممارستها منذ القدم من قبل التجَّار والرحَّالة والمسافرين والمدرِّسين والفنَّانين والمكتشفين في رحلاتهم ومغامراتهم الاستكشافية حول العالم. فقد كانوا جميعاً بمثابة «سفراء غير رسميين»، فقد استطاعوا أن يتعرفوا ويتبادلوا ويمارسوا التفاعل الحي مع ثقافات الشعوب الأخرى'. غير أن مصطلح «الدبلوماسية الثقافية»، لم يظهر إلى العلن إلا عندما طرحه عرّاب مفهوم «القوة الناعمة» البرفيسور «جوزيف ناي» الأستاذ في جامعة هارفرد في كتابه الشهير «القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسات الدولية»، الذي يقول فيه: «إنها القدرة على الحصول على ما تريد بالجذب بدلاً من الإكراه أو الدفع، وهي تنشأ من ثقافة البلد، ومُثله السياسية، وبداية النظر إلى الثقافة كواحدة من محدَّدات السياسة الخارجية لأي بلد»، واستشهد في الكتاب نفسه بعدّة أمثلة 'جعلت الثقافة الأمريكية التي تم تسويقها عالمياً تغزو العالم كقوة ناعمة مؤثرة مثل السينما والمسرح والكتب وافلام الكارتون والوجبات السريعة'(1). عرفها الباحث كامينغز على أنها تبادل للأفكار والمعلومات والفن وغيرها من جوانب الثقافة بين الأمم لتعزيز التفاهم المتبادل، وتشكل عنصراً هاما في الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا، وتحتوي ببساطة على كل ما تفعله الأمة لتعريف نفسها بالعالم (2). كيف تُفعل الجزائر ديبلوماسيتها الثقافية؟ مما لا شك فيه أن الجزائر تملك حضارة عريقة وثقافة ضاربة في اعماق التاريخ بتنوعها وثرائها كأنها لوحة فسيفسائية… فعن طريق دعم المثقفين والفنانين وتيسير مشاركتهم في المناسبات العالمية للتعريف بالثقافة الجزائرية.. – التواصل بكل الجزائريين المؤثرين المقيمين في دول العالم وربطهم بالوطن ليكونوا سندا ثقافيا ترويجيا لثقافتنا الجزائرية الأصيلة/.. -تزويد السفارات والقنصليات بمثقفين يتقنون اللغات يكونون كمستشارين… -تأسيس مجلات عالمية بلغات مختلفة تدعم موقف الجزائر ثقافيا وسياسيا… -التواصل مع مثقفين وفنانين عالميين يحبون الجزائر نعرفهم بثقافتنا ليكونوا همزة وصل بين بلدانهم وبلدنا…


Independent عربية
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- Independent عربية
ترمب يعتزم تجريد "هارفرد" من وضع الإعفاء من الضرائب
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الجمعة إنه يعتزم تجريد جامعة هارفرد من وضعها المعفى من الضرائب، في أحدث هجوم على الجامعة وسط حملة كبرى على جامعات النخبة بالولايات المتحدة. وأضاف في منشور على منصة التواصل الاجتماعي التي يمتلكها "تروث سوشيال"، "سنسحب وضع الإعفاء الضريبي من جامعة هارفرد، هذا ما يستحقونه"، من دون أن يحدد متى سيتخذ هذا الإجراء. ويمارس ترمب منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي ضغوطاً على كبرى الجامعات الأميركية عبر اتخاذ إجراءات منها تجميد التمويل الاتحادي وفتح تحقيقات وإلغاء تأشيرات الطلبة، ويقول إن قطاع التعليم العالي تسيطر عليه أيديولوجيات معادية للسامية وللولايات المتحدة ومناصرة للماركسية و"اليسار الراديكالي". وتصدت جامعة هارفرد للحملة ضدها، ورفعت دعوى قضائية على الإدارة الأميركية لأسباب منها وقف تمويل الأبحاث الأميركية، وانضمت إلى أكثر من 200 رئيس جامعة وكلية في الاحتجاج على سياسات ترمب المتعلقة بالتعليم العالي. من جهة أخرى اقترحت إدارة ترمب خفضاً في الإنفاق الاتحادي بقيمة 163 مليار دولار العام المقبل، مما سيؤدي إلى إلغاء أكثر من خُمس الإنفاق غير العسكري باستثناء البرامج الإلزامية. وأفاد بيان صادر عن مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض بأن الميزانية المقترحة سترفع الإنفاق الدفاعي 13 في المئة والإنفاق على الأمن الداخلي بما يقرب من 65 في المئة مقارنة بالمستويات المقررة للعام الجاري كذلك تشير التقديرات إلى خفض الإنفاق غير الدفاعي 23 في المئة إلى أدنى مستوى منذ عام 2017. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال مدير مكتب الإدارة والميزانية راسل فوت في البيان، "في هذه المرحلة الحرجة نحتاج إلى ميزانية تاريخية، ميزانية تنهي تمويلاً يؤدي إلى تراجعنا، وتضع الأميركيين في المقام الأول، وتقدم دعماً لم يسبق له مثيل لجيشنا وأمننا الداخلي". وتتضمن التقديرات السنوية للبيت الأبيض في شأن الميزانية توقعات اقتصادية، إضافة إلى مقترحات مفصّلة حول حجم الإنفاق في كل وكالة حكومية للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتقع مسؤولية صياغة تشريعات الإنفاق على عاتق الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ويختلف ما يقره المشرعون في النهاية عادة عن طلبات البيت الأبيض.