أحدث الأخبار مع #جبهةالإسناد


الأيام
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الأيام
تحذيرٌ لحماس في لبنان: هل يكون الخطوة الأولى نحو طرح مسألة السلاح الفلسطيني في البلاد؟
REX/Shutterstock في الوقت الذي يسيطر فيه موضوع سلاح حزب الله على الخطاب السياسي والإعلامي في لبنان، يتحرك ملف آخر بشكل كبير وربما أيضاً بسرعة كبيرة، وهو ملف السلاح الفلسطيني في لبنان، وبشكل خاص خارج المخيمات. صحيح أنّ لكلٍّ من الملفين خصوصية وسياقاً مختلفين، لكنهما أيضاً مرتبطان بشكل كبير، ليس فقط من حيث الغاية المُعلنة لهذا السلاح، وهي محاربة إسرائيل، بل كذلك فيما يتعلق بتأثرّهما بمتغيرات الوضعَين المحلي والإقليمي. وفي هذا الإطار، برز تحذير المجلس الأعلى للدفاع اللبناني، يوم الجمعة، لحركة حماس الفلسطينية. وقد حذّر المجلس حماس من "استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمسّ بالأمن القومي اللبناني، إذ ستُتخذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حدّ نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية". وقد اعتُبر ذلك بمثابة إعلان عن تغيّر في المقاربة الرسمية لوضع الحركة في لبنان. وجاء هذا التحذير بعد معلومات صحفية عن أن تحقيقات أظهرت ضلوع عناصر في حماس بعمليتي إطلاق صواريخ من جنوبي لبنان باتجاه إسرائيل في 22 و 28 مارس/آذار 2025، وما سُرّب عن عدم تسليم الحركة لمطلوبين آخرين في الملف نفسه. وهو الأمر الذي أعقبه تسليم الحركة لمطلوب للجيش اللبناني يوم الأحد الماضي. ويُذكر أن حركة حماس كانت قد شاركت في ما سُمّي بـ "جبهة الإسناد" التي فتحها حزب الله من جنوبي لبنان ضد إسرائيل "دعماً لغزة"، وذلك بعد يوم واحد من الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. "ما يحدث هو من نتائج الحرب بين حزب الله وإسرائيل وما انتهت إليه"، هذا ما قاله الصحفي والكاتب الفلسطيني صقر أبو فخر. "من قبلُ، كان الحديث عن السلاح الفلسطيني في لبنان يُذكر بشكل عام، لكن المسألة اليوم تبدو جدية"، يضيف أبو فخر الذي لا يستبعد أن تكون حادِثة إطلاق الصواريخ وما ترتّب عليها، حدثاً فاصلاً في هذا الإطار. وتشدد السلطات اللبنانية على التزامها الكامل بتطبيق القرار الأممي رقم 1701، وبحصرية السلاح بيد الدولة. حماس في لبنان EPA-EFE/REX/Shutterstock وكان الجيش اللبناني قد تسلّم قبل أشهر، نتيجة لاتصالات، آخر المراكز العسكرية والأنفاق التابعة للتنظيم الفلسطيني "الجبهة الشعبية – القيادة العامة"، في منطقة الناعمة والدامور. وفي الوقت الذي يُعتبر فيه إبعاد إسرائيل لقياديين في حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منطقة "مرج الزهور" الحدودية في لبنان في عام 1992، بمثابة بداية وجود حماس في البلاد، فإنه يصعب تحديد تاريخ معين لبدء تنظيم الحركة نفسها عسكرياً داخله. غير أنها تمكنت مع الوقت من تنظيم نفسها في لبنان مستفيدة من علاقات لها مع أطراف متعددة. وقد تكون أبرز تلك الأطراف هي الجماعة الإسلامية التي تربطها بحماس علاقات عضوية وعقائدية، على اعتبار أنهما مرتبطتان بحركة الإخوان المسلمين. وأقامت حركة حماس كذلك علاقات متينة مع حزب الله، بالرغم من تبدّل شكل العلاقة بين الطرفين بحسب المراحل السياسية الإقليمية. لكنها ظهرت بشكل واضح وقوي من خلال عمليات إطلاق الصواريخ التي قامت بها حماس من جنوبي لبنان أثناء الحرب الأخيرة. وكانت إسرائيل قد اغتالت في تلك الحرب وبعدها قادة وعناصر من حماس في لبنان، أبرزهم صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي قُتل بغارة على مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت في يناير/كانون الثاني 2024. لكن السؤال الذي يُطرح في لبنان حالياً هو عما إذا كان هناك أي توجّه للبتّ بملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وهي القضية الإشكالية في البلاد منذ عقود. المخيمات الفلسطينية Reuters في لبنان 12 مخيّماً فلسطينياً، معظمها يضم فصائل فلسطينية مسلحة تتوزع بين الفصائل التقليدية، مثل فتح وتلك المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، ومنها جماعات إسلامية كحماس والجهاد. كما أن هناك منظمات داخل المخيمات توصف بالمتطرفة دينياً، كعُصبة الأنصار، وجند الشام. وتتكرر في عدد من المخيمات، وبشكل أساسي مخيّم عين الحلوة في جنوبي البلاد، اشتباكات عنيفة بين مناصري فصائل متعددة. ولا تتمركز القوى الأمنية اللبنانية داخل المخيمات الفلسطينية، مع اقتصار دورها على إقامة حواجز أمنية على مداخلها فقط. ويُعتقد أن ملف سحب السلاح من المخيمات ودخول الجيش اللبناني إليها سيكون أساسياً في زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان في الـ 21 من شهر مايو/أيار الحالي. ويُتوقع أن يكرر عباس الموقف الذي صدر عن منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، فيما سُمّي بـ "إعلان فلسطين في لبنان" في يناير/كانون الثاني عام 2008. وقد نصّ أحد بنود الإعلان: "السلاح الفلسطيني في لبنان، ينبغي أن يخضع لسيادة الدولة اللبنانية وقوانينها، وفقاً لمقتضيات الأمن الوطني اللبناني، الذي تعرفه وترعاه السلطات الشرعية. وفي هذا السبيل نعلن استعدادنا الكامل والفوري للتفاهم مع الحكومة اللبنانية، على قاعدة أن أمن الانسان الفلسطيني في لبنان هو جزء من أمن المواطن اللبناني". من جانبها، أعلنت حركة حماس قبل أيام على لسان المتحدث باسمها في لبنان، جهاد طه، في تصريح لصحيفة النهار اللبنانية، أن "المسألة برمّتها ليست جديدة، والنقاش حولها قديم ومستفيض، وقد اتخذ أشكالاً شتى، وسبق لكل الجهات الفلسطينية المعنية من فصائل وقوى أن أكدت مراراً على أنها منفتحة على البحث والتحاور حول هذا الموضوع". وأضاف: "المسار الأفضل والأنجع لمناقشة كل القضايا التي تتصل بالوجود الفلسطيني في لبنان يتعيّن أن يكون في حوار لبناني- فلسطيني، شريطة ألّا يقتصر البحث فيه على الجوانب الأمنية والعسكرية، بل أن يتسع ليشمل الملفات السياسية والاجتماعية والقانونية للاجئين في لبنان". وفي الوقت الذي لا يُعرف بعدُ شكل الآلية التي قد تُعتمد لفتح أي حوار بشأن موضوع السلاح، فإن الإطار الذي يضم مختلف الفصائل الفلسطينية في البلاد هو "هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان" التي تأسست عام 2018، بمبادرة من رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بهدف تحييد الساحة اللبنانية عن الخلافات الفلسطينية. لكن الهيئة لم تفلح في تحقيق الكثير، لا سيما على الصعيد الأمني، كما أن الانقسام الداخلي الفلسطيني قد يكون تعمّق أكثر في الفترة الأخيرة. ويُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو190 ألفاً، وهم محرومون من حقوق بدهية كحق العمل في مهن معينة والتملّك وغيرهما، ويعيشون في ظل ظروف معيشية واجتماعية قاسية جداً. وهي مسألة غالباً ما تُثار في الحوارات اللبنانية - الفلسطينية، دون أن تُترجم إلى تغيير حقيقي في ظروف عيش لاجئين يعود وجود بعضهم في لبنان إلى قيام دولة إسرائيل عام 1948، أو ما يُعرف بالنكبة، التي أسفرت عن تهجيرهم من فلسطين.


ليبانون 24
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- ليبانون 24
جنبلاط يتحرّك.. الدروز والعروبة أولويّة
بعد اندلاع الإشتباكات الدامية في جرمانا وأشرفية صحنايا في سوريا ، تحرّك رئيس الحزب "التقدميّ الإشتراكيّ" السابق وليد جنبلاط ، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، للدعوة إلى التهدئة والتمسّك بالهويّة السوريّة العربيّة، ورفض المشروع الإسرائيليّ الهادف إلى تقسيم المنطقة، واستخدام الطائفة الدرزيّة لإشعال حربٍ طائفيّة مع السنّة في دمشق. وبعد خطّة تهجير الفلسطينيين من غزة، على اثر الحرب الدائرة هناك منذ 7 تشرين الأوّل 2023، وبعد وقف إطلاق النار في لبنان ، واستمرار إسرائيل باحتلال 5 تلال استراتيجيّة في الجنوب وقصف الضاحية الجنوبية والعديد من البلدات اللبنانيّة، بات الهدف الإسرائيليّ الآن بعد سقوط نظام بشار الأسد ، السيطرة على أراضٍ داخل العمق السوريّ، وزعزعة الإستقرار في المناطق الدرزية، مستفيداً من الخلافات والإنقسامات بين الأفرقاء السوريين، ووجود قوّات أجنبيّة على الأراضي السوريّة. ومنذ هجوم "طوفان الأقصى"، وقف جنبلاط إلى جانب الغزاويين و" حزب الله"، وفتح منازل المواطنين في المناطق الدرزية لاستقبال النازحين الشيعة، على الرغم من أنّه لم يكن مُؤيّداً للحرب، ولا بفتح "الحزب" جبهة الإسناد. غير أنّ رئيس "التقدميّ" السابق أكّد ولا يزال أنّه يتمسّك بالعروبة وبالقضيّة الفلسطينيّة، ويقف ضدّ أيّ مُحاولة إسرائيليّة لقضم المزيد من الأراضي العربيّة، وتهجير الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، لذا، تحرّك بسرعة بعد سقوط الأسد ، ورحّب بوصول أحمد الشرع إلى السلطة السوريّة، لتعزيز التعاون بين الرئيس السوريّ والطائفة الدرزيّة، وقطع الطريق أمام إسرائيل لعدم إستخدام الدروز لمصالحها الشخصيّة وتغيير هويّتهم. فأولويّة جنبلاط هي الحفاظ على الوجود الدرزيّ في كلّ من لبنان وسوريا، وعدم ربط مصيرهم بإسرائيل، خوفاً من الحروب والنزاعات الطائفيّة. من هنا، أشار إلى أنّه مُستعدٌّ لزيارة الشرع مرّة جديدة، لتلافي أيّ توتّرٍ آخر بين القوّات السوريّة والدروز السوريين. فوفق مراقبين، يعتقد جنبلاط أنّ إنشاء علاقة جيّدة بين الطائفة الدرزيّة والسلطات السوريّة، يُعزّز الشعور بالأمان والإيمان بالدولة التي يُعْمَل على بنائها. أمّا إذا لم تنجح مُحاولات التهدئة على المدى البعيد، فستقوم إسرائيل باستثمار ما يحصل مع دروز سوريا، عبر زيادة قصفها لقوّات الأمن ومواقعهم، وتعزيز الشرخ بين الطائفة الدرزية والحكومة السوريّة، علماً أنّ هناك زيادة في الأصوات في الشارع الدرزيّ السوريّ المُطالبة باللجوء إلى الحماية الإسرائيليّة، والإنفصال عن الحكم في دمشق، الأمر الذي يتماشى مع أهداف حكومة بنيامين نتنياهو بالسيطرة على المزيد من الأراضي، عبر ضمّ الدروز إليها. وفي هذا السياق أيضاً، يتحرّك دروز إسرائيل للتأثير على خيارات الدروز في سوريا، عبر توجيه دعوات لهم لزيارة الأراضي المحتلّة في الجولان ، واللجوء إلى تل أبيب لحمايتهم. فكثُرَت الأصوات لدى الطائفة الدرزيّة التي أبدت خشيتها ومخاوفها من أنّ يكون مصير الدروز كالعلويين في الساحل السوريّ. وأمام المُخطّط الإسرائيليّ التقسيميّ الخطير في المنطقة، القائم على تعزيز النزاعات الطائفيّة، يُحاول جنبلاط مع الإدارة السوريّة الجديدة، مدّ الجسور بين الطائفة الدرزيّة والسنّة، إنطلاقاً من تجربته في لبنان، حيث تُعتبر علاقته بزعماء الشارع السنّي ممتازة. فبهذه الطريقة وحدها يُعرقل الأهداف الإسرائيليّة، ويُبقي الدروز ضمن الكيان السوريّ العربيّ. وكان لافتا ليل امس صدور بيان صدر عن الحزب التقدمي الإشتراكي جاء فيه:نتيجة الاتصالات التي جرت مع الدولة السورية ومع أطراف أخرى، تمّ التوصّل إلى اتّفاق بين الإدارة السورية وأبناء جرمانا على ترتيبات سلمية تعالج الإشكالات الحاصلة وتنزع بذور الفتنة.إذ نتوجه بالشكر لجميع الذين ساهموا في التوصّل إلى هذا الاتفاق، نأمل من جميع الأطراف المعنيّة الالتزام به بغية إعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة. كما كان لافتا ايضا الاعلان ان شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى سيستقبل في دار الطائفة - في فردان عند الساعة الثالثة بعد ظهر اليوم عددا من سفراء الدول في لبنان، للتداول ومتابعة الجهود المبذولة لوقف التدهور الامني في منطقتي جرمانا وأشرفية صحنايا.


ليبانون 24
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ليبانون 24
السلاح في لبنان: بين خطاب عون من بكركي وتحديات الواقع
في ظل تعقيدات الداخل اللبناني وتشابك المحاور الإقليمية ، أطلّ رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون في كلمة ألقاها من بكركي بمناسبة عيد الفصح ليُدلي بموقف وطني تناول فيه موضوعاً لطالما شكّل صلب الجدل السياسي في البلاد: حصرية السلاح بيد الدولة. في خطابه، شدد الرئيس على أن موضوع حصرية السلاح هو مسألة دقيقة لا تُناقش عبر الإعلام أو وسائل التواصل، بل تحتاج إلى ظروفها الملائمة، ومقاربة تحفظ السلم الأهلي وتجنّب البلاد الانزلاق إلى الخراب. ولعلّ هذا الطرح يعكس إدراكاً للتوازنات الداخلية ، ويشير إلى محاولة لفتح الباب أمام نقاش وطني جامع بعيداً عن الانزلاق الى المواجهة. ووفق مصادر سياسية مطّلعة فإنّ الكثير من الناس يخلط بين مفهومي نزع السلاح وحصرية السلاح، إلا أن الفارق بينهما جوهري. إذ توضّح المصادر بأن "نزع السلاح غالباً ما يُفهم كإجراء قسري يستهدف المقاومة ، ويُعتبر خطوة صدامية في السياق اللبناني. أمّا حصرية السلاح، فهي رؤية تدريجية قائمة على حوار وطني داخلي، تسعى من خلاله الدولة إلى أن تكون، عبر مؤسساتها الأمنية، الجهة الوحيدة المخوّلة باستخدام السلاح في الداخل والخارج، وذلك عبر تفاهمات سياسية لا عبر الصدام. وعليه فإنّ الرئيس عون ، في خطابه الأخير، بدا واضحاً في تبنّيه هذه المقاربة، وهو بذلك يُراهن على التهدئة السياسية وحماية النسيج الداخلي، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى خطوات متّزنة تعزّز السيادة من دون إثارة الانقسام، لأنه يدرك أنّ أي معالجة غير واقعية قد تفتح أبواب الفتنة الداخلية، وتطيح بما تبقى من الاستقرار اللبناني". الجدل حول السلاح خرج إلى واجهة الواقع السياسي من جديد مع اندلاع المواجهة في الجنوب اللبناني ضمن سياق معركة"طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023، حيث ظهرت " جبهة الإسناد" التي انخرط فيها " حزب الله" بصفته قوة مقاومة، وأعاد تفعيل سلاحه ضد العدوان الإسرائيلي دعماً لغزة ودفاعاً عن الجنوب اللبناني. هذا الظهور العسكري أعاد فتح الجدل داخلياً حول دور المقاومة، وعدم أحقيّتها في اتخاذ "قرار الحرب والسلم" بمعزل عن مؤسسات الدولة. الأمر الذي أثار انقساماً عمودياً بين الأحزاب وداخل المجتمع اللبناني، بين من اعتبر أن سلاح المقاومة لا يزال ضرورة وطنية، ومن رأى فيه تعدياً على القرار السيادي وتهديداً للأمن الداخلي. ومع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية وتجاوزها الصارخ لقواعد الاشتباك، بدأت أصوات داخلية وخارجية تتحدث بوضوح عن ضرورة نزع سلاح المقاومة بغطاء دولي، خصوصاً بعد الاعتقاد بأن "الحزب" قد هُزِم عسكرياً بفعل الضربات القاسية التي تلقّاها خلال المواجهات. الأمر الذي شجّع بعض الجهات على التمادي لطرح فكرة "نزع السلاح بالقوة"، وهي مقاربة خطرة تنذر بانفجار داخلي كبير. من هنا، جاء خطاب الرئيس عون ليطرح بديلاً واقعياً عن التصعيد، من خلال معادلة "حصرية السلاح" كحلّ سياسي شامل يتمّ عبر نقاش مباشر بينه وبين "حزب الله"، بعيدًا عن أي تدخلات داخلية أو ضغوط خارجية. في المقابل، جاءت مواقف "حزب الله"، خلال اليومين الفائتين، واضحة في رفض منطق نزع السلاح، مع التأكيد على أن هذا السلاح مخصص لمواجهة إسرائيل وليس للاستخدام في الداخل اللبناني. إلا أن هذا الموقف لا يُغلق الباب أمام نقاش جدّي ضمن استراتيجية دفاعية وطنية، وهو ما طرحه عون مع إصرار على أولوية أن تبقى الدولة وحدها مسؤولة عن قرار السلم والحرب. يُجمع المجتمع الدولي ، لا سيّما في قرارات مجلس الأمن ، على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ، كما أن دعمه للبنان، سواء اقتصادياً أو أمنياً، غالباً ما يُربط بإحراز تقدّم في هذا الملف الحساس. إلا أن تجارب المرحلة السابقة أثبتت أن هذه القرارات تحتاج إلى غطاء داخلي جامع لتتحول إلى واقع، وإلا فإن فرضها بالقوة قد يكون أكثر كارثية من تأجيلها. من هنا، تلفت المصادر إلى أنّ "طرح عون قد يُشكّل أرضية حوار جديدة، إن صدقت النوايا وتوفّرت الإرادة السياسية الجامعة". لبنان اليوم عالق بين ضغوط خارجية تطالبه باستعادة سيادته كاملة ، وحسابات داخلية دقيقة تحكمها توازنات طائفية وسياسية معقدة. وفي ظلّ هذا المشهد، يبرز خطاب رئيس الجمهورية كمحاولة عقلانية لإعادة فتح النقاش من داخل المؤسسات، لا من خارجها، ومن منطق الوحدة الوطنية لا الغلبة. وما بين طرحي "نزع السلاح" الصدامي، و"حصرية السلاح" التوافقي، يبدو أن رئيس الجمهورية اختار الطريق الأصعب، لكن الأكثر أماناً؛ طريق الحوار لا الكسر وطريق الدولة لا الفوضى.