أحدث الأخبار مع #حربالرمال


الدفاع العربي
منذ 5 أيام
- أعمال
- الدفاع العربي
الجزائر توسع جيشها لمواجهة التهديدات الإقليمية
الجزائر توسع جيشها لمواجهة التهديدات الإقليمية مع ارتفاع ملحوظ في الإنفاق الدفاعي، تتجه الجزائر نحو تحديث جيشها الوطني الشعبي وتوسيع قدراته. وتعزز عمليات الاستحواذ الجديدة قواتها البرية والجوية والبحرية، وتعزز قدراتها الاستخباراتية والتكنولوجية. منذ عام ٢٠٢٣، ارتفعت الميزانية العسكرية الجزائرية بأكثر من ملياري دولار سنويًا. وفي عام ٢٠٢٤، أنفقت ٢١.٦ مليار دولار. وهذا العام، بلغت رقمًا قياسيًا بلغ ٢٥ مليار دولار. السبب الرسمي هو الأمن الداخلي. ولكن بالنظر إلى التنافس التاريخي بينهما، ويمثل هذا التعزيز العسكري مصدر قلق للمغرب المجاور. زيادة الإنفاق العسكري في الجزائر ذكرت خدمات الاستخبارات الجيوسياسية (GIS) في تقرير صدر في 5 مارس/آذار: 'يعتبر مكانتها بين أكبر 40 دولة منفقة عسكريًا عالميًا . إنجازًا استراتيجيًا على الصعيد المحلي'. وأضافت: 'بحلول أواخر ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، تخطط الجزائر لتعزيز شبكتها من الأقمار الصناعية للتطبيقات المدنية. والعسكرية، مما يعكس استراتيجية أوسع نطاقًا لتعزيز استقلالها التكنولوجي وقدراتها الاستراتيجية'. رغم المخاوف الأمنية الإقليمية، التي تشمل الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، إلا أن إجراءات الجزائر تؤثر على المغرب. حيث أثارت تقارير عن بناء مهبط طائرات عسكري جزائري قرب بشار مخاوف بشأن حشد عسكري قرب الحدود. إلا أن محللًا على صلة بالقوات المسلحة الملكية المغربية حاول تهدئة مخاوف مواطنيه. وقال لموقع 'ذا أفريكا ريبورت' الإخباري: 'الجزائر دولة ذات سيادة. تبني ما تشاء على أراضيها، طالما أنها لا تشكل تهديدًا مباشرًا للمغرب'. وأضاف: 'هذه المهابط بعيدة بما يكفي كي لا تُعتبر معادية'. قال المحلل إنه على الرغم من تضاعف عدد المنشآت العسكرية الجزائرية على طول الحدود مع بلاده ثلاث مرات خلال 15 عامًا. إلا أن ذلك يُ\عد جزءًا من اتجاه أوسع. كما وسّعت الجزائر وجودها العسكري على طول حدودها مع ليبيا ومالي والنيجر وتونس. منذ استقلالها عام 1962 وخوضها حرب الرمال . ضد المغرب عام 1963 على خطوط الحدود بين البلدين، شهدت الجزائر علاقات متوترة مع جارتها الغربية. واليوم، لا تزال هذه التوترات مرتفعة مع تصعيد الدولتين لمشتريات الأسلحة التي تؤثر على المغرب الكبير. المواجهة الخطابية مع دول الجوار وكتبت المخابرات العامة أن 'الجزائر تحافظ حاليا على موقف المواجهة الخطابية مع جارتها، مدعومة باستثمارات كبيرة في القدرات العسكرية. في حين تتجنب عمدا الخطوط الحمراء التي يمكن أن تثير صراعا مفتوحا'، مضيفة أن سباق التسلح مع المغرب تحتضنه الجزائر علنا. و'يستمد النظام الجزائري شرعيته الداخلية من خلال وضعه في موقع الفاعل الوحيد القادر على موازنة النفوذ المغربي.' وقال جينبو سيسي، المتخصص في الديناميكيات الاستراتيجية والأمنية في أفريقيا، إن البلدين يسعيان إلى الحصول على أدوار. في منطقة الساحل، التي يعتقد الآن أنها مركز الإرهاب العالمي. وأضاف في تصريح لموقع 'أفريقيا ريبورت' أن 'التنافس الجزائري المغربي شكل مواقف والتزامات البلدين في منطقة الساحل'. ازداد عزل الجزائر نفسها باتخاذها مواقف صارمة تجاه جيرانها. شرقًا، تراقب الجزائر المشير خليفة حفتر، الذي تقدّم جيشه الوطني الليبي. في أغسطس/آب 2024 نحو مهبط غدامس، على بعد 10 كيلومترات فقط من الحدود الجزائرية. جنوبًا، نشرت الجزائر قواتها على طول حدودها مع مالي لمنع تسلل الجماعات المتطرفة المدججة بالسلاح. وتصاعدت التوترات في الأول من أبريل/نيسان، عندما أسقط الجيش الجزائري طائرة مسيرة مالية قرب الحدود. وأصرّ البلدان على أن الطائرة المسيرة كانت تعمل داخل أراضيهما. سحب تحالف الحكومات التي تقودها المجلس العسكري في بوركينا فاسو ومالي والنيجر سفراءه من الجزائر، وردت الجزائر بسحب سفرائها. في جنوب الجزائر، في مناطق مثل برج باجي مختار، وجانت، وعين قزام، وتمنراست، أنفقت البلاد عشرات المليارات من الدولارات. على القواعد الجوية، وأنظمة الدفاع، وتقنيات المراقبة. وأكدت مصادر أن فرص المواجهة العسكرية المباشرة مع المغرب ضئيلة، لأن أيا من طرفي الصراع المغاربي لن يستفيد من مثل هذا الصراع. وقالت دائرة المخابرات العامة: 'من المرجح أن يصرّ النظام الجزائري على استراتيجيته في اقتناء الأسلحة الحديثة. مستعرضًا قدراته العسكرية بانتظام'. وأضافت: 'رغم هذا الموقف الحازم، يبدو أن قيادة البلاد منشغلة بالداخل أكثر من الاستعداد للمشاركة العسكرية النشطة'. الموقع العربي للدفاع والتسليح | Facebook


يا بلادي
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- يا بلادي
الصحراء في وثائق المخابرات الأمريكية #32: حين راهنت موريتانيا على إقامة دولة في الصحراء لعزلها عن المغرب
تكتسي قضية الصحراء أهمية مركزية في الوثائق الصادرة عن المخابرات الأمريكية حول منطقة المغرب العربي خلال سبعينيات القرن الماضي، وذلك بالنظر إلى تداخل مصالح ثلاث دول رئيسية هي: المغرب، الجزائر، وموريتانيا، إلى جانب قوة الاحتلال آنذاك، إسبانيا. وجاء في وثيقة تعود ليوليوز 1974 رفعت عنها السرية يوم 22 مارس 2006، أن خطة مدريد لإضفاء طابع من الحكم الذاتي على "الصحراء الإسبانية" أعادت إشعال النزاع حول الإقليم، والذي ظلت إسبانيا متورطة فيه منذ أواخر خمسينيات القرن العشرين، في مواجهة مطالب متنافسة من دول شمال أفريقيا. ووصفت الوثيقة المغرب بأنه الطرف "الأكثر نشاطًا" في المطالبة بالسيادة على الإقليم، مشيرة إلى أن الرباط ردت على الخطوة الإسبانية "بحدة"، وربما كانت تفكر في اللجوء إلى "قوة محدودة" لتأكيد موقفها. وكانت مدريد قد قررت آنذاك استبدال المجلس التشريعي الذي أنشأته سنة 1967 في الصحراء، بجمعية جديدة أكثر تأثيرًا، على أن يتم انتخاب ثلثي أعضائها مباشرة من قبل السكان. كما تضمنت الخطة إجراء استفتاء حول تقرير المصير، مع الاحتفاظ ببعض الروابط مع الإقليم، بهدف الحفاظ على المصالح الاقتصادية الإسبانية، خصوصًا المتعلقة بالفوسفاط. تؤكد الوثيقة أن الملك الحسن الثاني، فور علمه بخطط إسبانيا، بعث برسالة إلى الجنرال فرانكو، محذرا من أن المضي قدمًا في هذا المسار سيؤدي إلى تدهور العلاقات الثنائية، ثم أتبع ذلك برسالة أخرى أبرز فيها تاريخ الجهود المغربية لاستعادة "أراضيه المستولى عليها". وشدد العاهل المغربي الراحل على أنه لن يقبل بإقامة "دولة عميلة" في الصحراء، في إشارة إلى مخاوف الرباط من تحركات مدريد، ولوح، في حال فشل الحوار، بإمكانية اللجوء إلى وسائل أخرى للدفاع عن الموقف المغربي. وترى الوثيقة أن المغرب كان يعتقد أن التطورات السياسية في البرتغال، وانسحابها من مستعمراتها في أفريقيا، ستسهم في تسريع إنهاء الاستعمار في الصحراء. وقد باشرت الرباط حملة دبلوماسية واسعة لكسب الدعم الدولي لمطالبها. موريتانيا.. بين الحسابات الجيوسياسية والمخاوف الأمنية في هذا السياق، دعت موريتانيا إلى عقد اجتماع ثلاثي في نواكشوط يوم 20 يوليوز 1974، بحضور وزيري خارجية المغرب والجزائر، لمناقشة مستقبل الصحراء الإسبانية. وتوضح الوثيقة أن نواكشوط كانت ما تزال ترفع رسميًا مطالب بالمنطقة، لكنها أبدت استعدادًا لدعم خيار تقرير المصير. وأوردت الوثيقة أن وزير الخارجية الموريتاني صرح بأن بلاده ستدعم، في حال اختار الصحراويون الاستقلال، استمرار الوجود العسكري الإسباني في الإقليم "لعدة سنوات"، حفاظًا على استقرار الدولة الوليدة، وهو ما يشير إلى قلق نواكشوط من فراغ أمني قد يفتح المجال لتدخلات عسكرية من المغرب أو الجزائر. ومن الأسباب الأساسية لهذا التخوف، بحسب الوثيقة، أن موريتانيا التي كانت في بدايات بناء مؤسساتها بعد الاستقلال، كانت لا تزال تخشى من وجود حدود مشتركة مع المغرب، لكون أن الرباط لم تعترف رسميًا باستقلال موريتانيا إلا سنة 1970، أي بعد ثماني سنوات من استقلالها، ما جعل الثقة بين الطرفين ضعيفة، وهو ما جعل نواكشوط تفضل خيار إنشاء كيان مستقل في الصحراء الغربية ليكون "منطقة عازلة" تمنع الاحتكاك المباشر مع المغرب. كما كانت موريتانيا تتخوف من أن انسحاب إسبانيا دون توافق إقليمي قد يؤدي إلى اندلاع صراع مباشر بين المغرب والجزائر، على غرار ما حدث في حرب الرمال سنة 1963. و تشير الوثيقة أيضًا إلى أن اللقاءات الثلاثية بين المغرب والجزائر وموريتانيا، والتي بدأت منذ عام 1970، لم تؤد إلى أي نتائج ملموسة، بسبب تضارب المصالح بين الدول الثلاث. فالمغرب كان يطالب بضم الصحراء، بينما كانت موريتانيا تسعى لتأسيس دولة عازلة، في حين كانت الجزائر ترفض بشدة أي توسع مغربي في المنطقة، وتصر على أن تكون طرفًا أساسيًا في أي تسوية. وتخلص الوثيقة إلى أن لا الجزائر ولا موريتانيا ترغبان في رؤية السيادة المغربية تمتد إلى الصحراء، مشيرة إلى أن الجزائر على وجه الخصوص "ستعارض بقوة أي إجراء أحادي الجانب من قبل المغرب" لفرض سيطرته على الإقليم.


يا بلادي
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- يا بلادي
الصحراء في وثائق المخابرات الأمريكية #31: حين راهنت موريتانيا على إقامة دولة في الصحراء لعزلها عن المغرب
تكتسي قضية الصحراء أهمية مركزية في الوثائق الصادرة عن المخابرات الأمريكية حول منطقة المغرب العربي خلال سبعينيات القرن الماضي، وذلك بالنظر إلى تداخل مصالح ثلاث دول رئيسية هي: المغرب، الجزائر، وموريتانيا، إلى جانب قوة الاحتلال آنذاك، إسبانيا. وجاء في وثيقة تعود ليوليوز 1974 رفعت عنها السرية يوم 22 مارس 2006، أن خطة مدريد لإضفاء طابع من الحكم الذاتي على "الصحراء الإسبانية" أعادت إشعال النزاع حول الإقليم، والذي ظلت إسبانيا متورطة فيه منذ أواخر خمسينيات القرن العشرين، في مواجهة مطالب متنافسة من دول شمال أفريقيا. ووصفت الوثيقة المغرب بأنه الطرف "الأكثر نشاطًا" في المطالبة بالسيادة على الإقليم، مشيرة إلى أن الرباط ردت على الخطوة الإسبانية "بحدة"، وربما كانت تفكر في اللجوء إلى "قوة محدودة" لتأكيد موقفها. وكانت مدريد قد قررت آنذاك استبدال المجلس التشريعي الذي أنشأته سنة 1967 في الصحراء، بجمعية جديدة أكثر تأثيرًا، على أن يتم انتخاب ثلثي أعضائها مباشرة من قبل السكان. كما تضمنت الخطة إجراء استفتاء حول تقرير المصير، مع الاحتفاظ ببعض الروابط مع الإقليم، بهدف الحفاظ على المصالح الاقتصادية الإسبانية، خصوصًا المتعلقة بالفوسفاط. تؤكد الوثيقة أن الملك الحسن الثاني، فور علمه بخطط إسبانيا، بعث برسالة إلى الجنرال فرانكو، محذرا من أن المضي قدمًا في هذا المسار سيؤدي إلى تدهور العلاقات الثنائية، ثم أتبع ذلك برسالة أخرى أبرز فيها تاريخ الجهود المغربية لاستعادة "أراضيه المستولى عليها". وشدد العاهل المغربي الراحل على أنه لن يقبل بإقامة "دولة عميلة" في الصحراء، في إشارة إلى مخاوف الرباط من تحركات مدريد، ولوح، في حال فشل الحوار، بإمكانية اللجوء إلى وسائل أخرى للدفاع عن الموقف المغربي. وترى الوثيقة أن المغرب كان يعتقد أن التطورات السياسية في البرتغال، وانسحابها من مستعمراتها في أفريقيا، ستسهم في تسريع إنهاء الاستعمار في الصحراء. وقد باشرت الرباط حملة دبلوماسية واسعة لكسب الدعم الدولي لمطالبها. موريتانيا.. بين الحسابات الجيوسياسية والمخاوف الأمنية في هذا السياق، دعت موريتانيا إلى عقد اجتماع ثلاثي في نواكشوط يوم 20 يوليوز 1974، بحضور وزيري خارجية المغرب والجزائر، لمناقشة مستقبل الصحراء الإسبانية. وتوضح الوثيقة أن نواكشوط كانت ما تزال ترفع رسميًا مطالب بالمنطقة، لكنها أبدت استعدادًا لدعم خيار تقرير المصير. وأوردت الوثيقة أن وزير الخارجية الموريتاني صرح بأن بلاده ستدعم، في حال اختار الصحراويون الاستقلال، استمرار الوجود العسكري الإسباني في الإقليم "لعدة سنوات"، حفاظًا على استقرار الدولة الوليدة، وهو ما يشير إلى قلق نواكشوط من فراغ أمني قد يفتح المجال لتدخلات عسكرية من المغرب أو الجزائر. ومن الأسباب الأساسية لهذا التخوف، بحسب الوثيقة، أن موريتانيا التي كانت في بدايات بناء مؤسساتها بعد الاستقلال، كانت لا تزال تخشى من وجود حدود مشتركة مع المغرب، لكون أن الرباط لم تعترف رسميًا باستقلال موريتانيا إلا سنة 1970، أي بعد ثماني سنوات من استقلالها، ما جعل الثقة بين الطرفين ضعيفة، وهو ما جعل نواكشوط تفضل خيار إنشاء كيان مستقل في الصحراء الغربية ليكون "منطقة عازلة" تمنع الاحتكاك المباشر مع المغرب. كما كانت موريتانيا تتخوف من أن انسحاب إسبانيا دون توافق إقليمي قد يؤدي إلى اندلاع صراع مباشر بين المغرب والجزائر، على غرار ما حدث في حرب الرمال سنة 1963. و تشير الوثيقة أيضًا إلى أن اللقاءات الثلاثية بين المغرب والجزائر وموريتانيا، والتي بدأت منذ عام 1970، لم تؤد إلى أي نتائج ملموسة، بسبب تضارب المصالح بين الدول الثلاث. فالمغرب كان يطالب بضم الصحراء، بينما كانت موريتانيا تسعى لتأسيس دولة عازلة، في حين كانت الجزائر ترفض بشدة أي توسع مغربي في المنطقة، وتصر على أن تكون طرفًا أساسيًا في أي تسوية. وتخلص الوثيقة إلى أن لا الجزائر ولا موريتانيا ترغبان في رؤية السيادة المغربية تمتد إلى الصحراء، مشيرة إلى أن الجزائر على وجه الخصوص "ستعارض بقوة أي إجراء أحادي الجانب من قبل المغرب" لفرض سيطرته على الإقليم.


الأيام
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الأيام
الأوراق الساخنة لمذكرات فتح الله ولعلو (4): يوم هدّدنا وزير الداخلية بالإعدام
تعززت الخزانة الوطنية قبل أيام بمولود جديد عبارة عن مذكرات أصدرها الوزير والقيادي الاتحادي السابق فتح الله ولعلو، طافحة بالعديد من الأحداث التي عاشها خلال مساره السياسي والأكاديمي على عهد ملكين، الملك الراحل الحسن الثاني ووارث عرشه الملك محمد السادس. هي مذكرات رجل استثنائي، كان لعقود واجهة الاتحاد الاشتراكي البرلمانية، التي ظلت تهز الرأي العام المتعطش للديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كان فتح الله ولعلو خطيبا مفوها شاء القدر أن تتطابق قدراته البرلمانية مع الوزن السياسي لحزب القوات الشعبية. هذه هي الصورة التي يحفظها جيلان على الأقل عن هذا الرباطي ذي الملامح الطفولية، وهي مغايرة نسبيا للصورة التي خلفها الرجل نفسه وهو أول وزير للمالية في حكومة التناوب سنة 1998. وإضافة إلى أنه اقتصادي بارز وثاني مغربي يحصل على الدكتوراه من باريس في هذا التخصص بعد الراحل عزيز بلال، فإن من سيقرأ مذكراته التي نزلت يوم الخميس 24 أبريل 2025 في المعرض الدولي للكتاب بالرباط، سيكتشف رجلا آخر، وسيخلق بالتأكيد حميمية مع رجل لا يمكن أن تميز في سيرته بين ما هو خاص وما هو عام، بين حياته ونضاله. وربما لهذا أعطى هذه المذكرات عنوان «زمن مغربي» وهو يرجح العام على الخاص وهذا مفهوم عموما، ولكنه سيفهم أكثر عندما يبحر القارئ في الصفحات الطويلة والغنية في مجلدين بالتمام والكمال. يبدأ ولعلو مذكراته منذ الولادة حين تزوج والده بنعيسى ولعلو بنت خاله غيثة الجزولي، وسكن دار أبيها بالسويقة في المدينة القديمة بالرباط، ليفتح عينيه في أسرة ليست أرستقراطية ولكنها أسرة «عمل وكد واجتهاد» كما يصفها. وأما عن جده من والده، فيقول إنه كان بائع خضر صغيرا قرب زنقة القناصل، ولكن من بيت جده لأمه مصطفى الجزولي سيبني ولعلو كل عالمه في بيت كبير سيتحول إلى قبلة للوطنيين إلى أن يقرر والده الرحيل إلى حي العكاري ويواصل الفتى دراسته وينخرط في العمل النضالي. المذكرات طويلة جدا، ونحن هنا سنقوم بانتقاء، هو على أية حال تعسفي، وما نتمناه أن يكون هذا التعسف مهنيا نابها. وأن نقرب القارئ من حياة هذه الشخصية المغربية الوازنة وهي تقدم روايتها للتاريخ بمرافقة الزميل لحسن العسيبي، الذي أعد المذكرات للنشر، وخصنا بهذا السبق، فشكرا على ثقة الرجلين. إليكم الجزء الرابع من الصفحات الساخنة التي ارتأت الأيام نشرها: يوم هدّدنا وزير الداخلية بالإعدام سنة 1963 تحملنا المسؤولية، نحن الطلبة الجدد في قيادة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، في ظرف جد جد عويص، فقد كنا أشبه بالقابض على الجمر. من جهة، كل قيادات وأطر الإتحاد الوطني للقوات الشعبية في المعتقلات، ومن جهة أخرى رئيسنا حميد برادة حكم عليه رفقة المهدي بنبركة غيابيا بالإعدام بسبب موقفهما من حرب الرمال. فأصدرنا بلاغا في شهر أكتوبر، فيه نوع من التأييد لرئيسنا حميد برادة، فتم استدعاؤنا على وجه السرعة من قبل وزير الداخلية أحمد الحمياني (بقي في المنصب الوزاري ذاك ستة أشهر فقط)، ووزير التعليم يوسف الطعارجي. ما أن ولجنا مقر وزارة التعليم، نحن أعضاء اللجنة التنفيذية للأوطم وأنا منهم، حتى لمحنا قوات الجيش والدرك تطوق المكان كله. طرح علينا في ذلك الإجتماع سؤال وحيد: هل أنتم مع حميد برادة أم لستم معه؟. وهدَّدَنَا وزير الداخلية أننا نحن بدورنا مهددون بصدور حكم بالإعدام في حقنا (!!). تناول محمد الحلوي الكلمة، وبنوع من الدهاء والشجاعة، قال لهما: 'إن برادة هو رئيس الإتحاد المنتخب، وهو رئيسنا، لكنه بعيد في ظروف لا نعلم عنها أي شئ، ولا نستطيع الجزم بأي شئ'. بقينا وقتا طويلا في مكتب الوزير المطوق، تحركت فيها الهواتف بقوة، فتقرر في النهاية السماح لنا بالمغادرة. قررنا في قيادة الإتحاد، بعد ذلك الإجتماع، بسبب وضعية الأزمة والحصار، وبسبب أن القيادة السياسية للإتحاد الوطني للقوات الشعبية في السجون والمعتقلات، وعبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة في الخارج منذ مدة، أن نمنح الأولوية للشؤون النقابية وكذا لبعض الأنشطة الثقافية التي تسمح بتواجد عمومي للمنظمة الطلابية. أسسنا جمعية مسرحية أسميناها «المسرح الجامعي المغربي» (T . U. M.) تكلفت بترأسها، فشرعنا نبحث عن بعض فناني المسرح، ووقع اختيارنا على المسرحي الشاب حينها، فريد بنمبارك كمخرج. وضمن تلك الجمعية التي أشرفت عليها إداريا، سنلتقي لأول مرة مع طالب جديد، قادم من فاس، هو عبد اللطيف اللعبي، الذي التحق في تلك السنة بالكلية. أول المسرحيات التي تم إعدادها هي مسرحية «بنادق الأم كرار» للمسرحي الألماني برتولد بريخت، التي كتبها سنة 1937، وهي مندرجة ضمن المسرح التقدمي. عرضت تلك المسرحية في شهر فبراير من سنة 1964، بسينما «أكدال» التي اختفت الآن وأصبحت مكانها مقهى، قبالة كنيسة أكدال التي اختفت الآن أيضا. لم تمنعنا السلطات من ممارسة تلك الأنشطة الثقافية، فاستدْعَيْنَا لحضور العرض الأول لتلك المسرحية، بعد عودته من فرنسا، عبد الرحيم بوعبيد وكذا الدكتور عبد الهادي مسواك من قيادة الحزب الشيوعي. أثناء عرض المسرحية تَقَدَّمَ محام اتحادي من بوعبيد وطلب منه مرافقته إلى المحكمة، التي أصدرت لحظتها حكمها بالإعدام في حق كل من الفقيه البصري وعمر بنجلون ومومن الديوري وتم إطلاق سراح عبد الرحمان اليوسفي، ضمن ما سمي ب «مؤامرة يوليوز 1963». شهدت حينها جامعة القرويين بفاس، إضرابا طلابيا امتد سبعة أشهر، حتى شهر فبراير 1964، تزعمه طالب إسمه المزكلدي، هو الذي عرف في ما بعد في الحركة الإتحادية، باسم «مُلاقاتْ»، الذي أصبح من القادة النقابيين بالمغرب. الفضل في خلق تلك التنظيمات الطلابية بالقرويين، التي أصبحت تطالب بإصلاح التعليم الأصلي، لتحديثه وإدخال الرياضيات وتحسين الأوضاع المادية للطلبة، يعود إلى محمد الحلوي، بحكم انتمائه عائليا إلى المدينة القديمة بفاس. لكن، ما لبث أن توسع النقاش وطنيا حول إصلاح منظومة التعليم كلها في المغرب، فبادرت الدولة، بسبب اتساع حجم تلك المطالبة، إلى تنظيم أول مناظرة وطنية حول التعليم في فبراير 1964، بغابة المعمورة قرب الرباط، وَوُجِّهَتْ إلينا الدعوة للمشاركة كتنظيم طلابي. ترأس الملك الحسن الثاني الجلسة الإفتتاحية، وهناك اتضح لي أنه رجل يَحْكُمُ بالخطاب، وأنه أداة أساسية بالنسبة له في الحكم. مباشرة بعد الجلسة الإفتتاحية، خرجنا لنصف ساعة، وعُدْتُ لوحدي إلى القاعة، بينما بقي وفد الأوطم يُنَسِّقُ مع وفد طلبة القرويين، فبدأ وزير التعليم يوسف الطعارجي في تسيير الجلسة الأولى، فبادرت إلى طلب نقطة نظام، استغرب لها الجميع، كونها تقليدا جديدا حينها، حيث طلبتُ تأجيل انطلاق الجلسة حتى يلتحق زملائي من قيادة الأوطم، فتمت الإستجابة لذلك الملتمس، مما ترجم رغبة سياسية في التفاوض مع الوفد الطلابي.


شفق نيوز
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- شفق نيوز
التعبئة العامة في الجزائر: هل المنطقة مقبلة على حرب؟
أثار إقرار مجلس الوزراء الجزائري لمشروع قانون يتعلق بالتعبئة العامة، الكثير من الجدل والتساؤلات في وسائل الإعلام، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. فالجزائر قوة إقليمية كبرى، والمنطقة تشهد توتراً سياسياً وأمنياً غير مسبوق. وليس غريباً أن يشعر الناس بالقلق والخوف عندما يسمعون عن التعبئة العامة. فهو مصطلح سياسي عسكري مرتبط بالأزمات والكوارث والحروب. ويعني فيما يعنيه استعداد الدولة والمجتمع لمواجهة الخطر الداهم، وربما الحرب. فهل الجزائر مقبلة على حرب، أم أنها تستعد لمواجهة تهديد خارجي؟ أقر مجلس الوزراء يوم 20 أبريل\ نيسان الماضي مشروع القانون. وستحيله الحكومة إلى البرلمان بغرفتيه، للمناقشة والتصديق عليه، قبل أن يصبح قانوناً. وينص الدستور الجزائري في مادته 99 على إجراء التعبئة العامة، وشروط إعلانها. ويتولى رئيس الجمهورية، بحكم الدستور، مسؤولية إعلان التعبئة العامة، بعد "الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني". فالمشروع ليس قانوناً جديداً، وإنما هو تشريع تنظيمي جاء لتفصيل الإجراءات التنفيذية. ولم تعلن الجزائر التعبئة العامة، مثلما ورد في بعض المواقع الإخبارية، وانتشر بعدها على مواقع التواصل الاجتماعي. كل ما في الأمر أن القانون، بعد التصديق عليه في البرلمان، سيحدد الإطار التنفيذي للإجراء، المنصوص عليه أصلاً في الدستور. والواقع أن مشروع القانون كان مبرمجاً على جدول أعمال مجلس الوزراء، منذ العام الماضي. ولكن هذا لا ينفي أن تكون التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، هي التي ربما دفعت بالحكومة إلى التعجيل بعرضه على المجلس وإقراره. ماذا تعني التعبئة العامة؟ التعبئة العامة هي قرار سياسي تتخذه الدولة بحشد جميع القوات المسلحة، التي تتوفر عليها، من أجل الانخراط في عمل عسكري أو لمواجهة كارثة كبرى، تتعرض لها البلاد. ويشمل الإجراء الجنود العاملين في الجيش وأجهزة الأمن الأخرى، كما يستدعى بموجبه جنود الاحتياط أيضاً. وسبق أن استعدت السلطات الجزائرية دفعات من جنود الاحتياط أثناء حربها على الجماعات الإسلامية المتطرفة في التسعينيات من القرن الماضي. وأعلنت التعبئة العامة، أول مرة، في حرب الرمال مع المغرب عام 1963، وهي مواجهة عسكرية، وقعت بسبب نزاع حدودي بين البلدين. ولا تخص التعبئة العامة أفراد الجيش والأجهزة الأمنية في البلاد وحدهم، بل تشمل جميع شرائح المجتمع، في كل القطاعات والهيئات الاجتماعية والاقتصادية. وتوجه كل أجهزة الدولة ومصالحها إلى هدف واحد هو الاستعداد للتعامل مع الخطر الذي يهدد البلاد. وفي هذه الحالة الاستثنائية، تعتمد الحكومة اقتصاد الحرب، الذي يقتضي التكيف مع الظروف الخاصة، التي تمر بها البلاد. فتسخر جميع الموارد الاستراتيجية مثل الطاقة والتكنولوجيا والمواصلات والصناعة، للمجهود العسكري. هل هو إعلان حرب؟ التعبئة العامة ليست إعلان حرب، ولا هي في حد ذاتها عمل عدائي ضد طرف بعينه. ولكنها استعداد صريح لمواجهة خطر داهم أو محتمل يهدد البلاد. وقد يكون هذا الخطر من قوة معادية قريبة أو بعيدة، أو من جماعات مسلحة أو عصابات، داخل الحدود أو خارجها. ويحقّق إعلان التعبئة العامة عدة أهداف، منها ما هو سياسي نفسي، ومنها ما هو استرتيجي عسكري. فالدولة تسعى، في مثل هذه الظروف الاستثنائية، إلى التأكيد على الوحدة الوطنية، وعلى التفاف جميع القوى السياسية والاجتماعية في البلاد حولها. وهي بذلك تهيئ المجتمع نفسياً للتعامل من التطورات السياسية والأمنية الخطيرة، بهدوء وثقة وبأقل قدر من القلق والاضطراب. وتطمئن الناس في الداخل بأن الدولة تمسك بزمام الأمور كلها، وبأنها قادرة على حمايتهم من أي خطر، داخلي أو خارجي، يهددهم. ويرسل إعلان التعبئة العامة، في الوقت نفسه، إشارة إلى القوى الخارجية، مفادها بأن البلاد مستعدة وجاهزة للتحرك عسكريا، إذا تطلب الأمر. وبأنها ستدافع عن سيادتها ومصالحها الاستراتيجية. فهو عمل ردعي أساسا، ولكنه يفتح الباب واسعا أمام المواجهة العسكرية. أين مكمن الخطر الذي تستشعره الجزائر؟ تواجه الجزائر، في واقع الأمر، تحديات سياسية ودبلوماسية على حدودها من جميع الجهات. أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع فرنسا شمالاً، وتوتر سياسي مع مالي في الجنوب، وعلاقات مقطوعة مع الرباط على حدودها الغربية، وتهديدات أمنية على الحدود مع ليبيا في الجنوب الشرقي. ويردد المسؤولون الجزائريون منذ سنوات بأن بلادهم محاطة "بحزام من التهديدات"، وبأنها "مستهدفة من الأعداء" بسبب "مواقفها وقرارتها السيادية". وعبّرت عن ذلك مجلة "الجيش"، الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني، في افتتاحيتها لشهر يناير كانون الثاني 2025، بقولها: "إن المشهد واضح كل الوضوح، ولا يتطلب تفكيراً طويلاً، وتحليلاً عميقاً حتى ندرك خبث نوايا أعداء الجزائر". الأزمة مع المغرب قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في عام 2021. واتهمت جارتها الغربية بتدبير "أعمال عدائية" ضدها، بعد اندلاع حرائق غابات مدمرة، في العديد من مناطق البلاد. ووصفت السلطات الجزائرية تلك الحرائق بأنها إجرامية، ومدعومة من الخارج. وهو ما نفته الرباط. وفي العام نفسه، نشرت 17 وسيلة إعلامية دولية تحقيقاً يكشف استعمال المغرب لبرمجية بيغاسوس الإسرائيلية، للتجسس على هواتف سياسيين وصحافيين وحقوقيين عبر العالم. وكان من بين المستهدفين بالتجسس مسؤولون جزائريون في الجيش والدولة. وتعتبر الجزائر التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل تهديداً لأمنها، إذ قال الرئيس عبد المجيد تبون تعليقاً على تصريح لوزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، في المغرب في 2021: "لأول مرة منذ 1948، وزير من هذا الكيان يزور بلدا عربيا ويهدد بلداً عريباً آخر. هذا خزي وعار"، بحسب تعبيره. وتنفي الرباط أن يكون تقاربها العسكري مع إسرائيل موجهاً ضد أمن الجزائر أو مصلحتها. وهو ما عبر عنه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطاب العرش في عام 2023، إذ قال: "نؤكد مرة أخرى لإخواننا الجزائريين أن المغرب لن يكون مصدر شر أو سوء". وفي نوفمبر\ تشرين الثاني 2021، اتهمت الجزائر الجيش المغربي بقتل ثلاثة سائقين جزائريين على متن شاحنتين تجاريتين، في الطريق الصحراوي الرابط بين الجزائر وموريتانيا. وتوعدت بأن "اغتيالهم لن يمر دون عقاب". ولم تردّ الرباط على الاتهامات الجزائرية. ويذكر معهد ستوكهولم الدولي لدراسات السلام سيبري، أن إسرائيل أصحبت، في السنوات الأخيرة، ثالث أكبر مورد أسلحة للمغرب، بعد الولايات المتحدة وفرنسا. وتستحوذ بذلك على نسبة 11 في المئة من السوق العسكرية المغربية. وفي 2024، أبرمت شركة الصناعات الفضائية الإسرائيلية صفقة مع المغرب، بقيمة 1 مليار دولار، لتزويد الرباط بقمرين اصطناعيين للتجسس، من طراز أوفيك 13، في الخمس سنوات المقبلة. وهذه أكبر صفقة عسكرية بين البلدين، منذ عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما. التوتر مع مالي دفع الخلاف بين الجزائر ومالي، بشأن إسقاط طائرة مسيرة على الحدود بينهما، إلى سحب السفراء، وإغلاق المجال الجوي. وتضامنت النيجر وبوركينا فاسو مع باماكو، في خلافها مع جارتها الشمالية. واتهمت الدول الثلاث الجزائر "بدعم الإرهاب". وأسقطت الدفاعات الجزائرية مسيرة عسكرية، في ليلة أول أبريل\نيسان 2025، قالت إنها اخترقت حدودها الجنوبية، بمنطقة تين زواتين. أما السلطات المالية، فقالت إن الطائرة أسقطت داخل أراضيها، وهي في مهمة للإغارة على موقع "لجماعات إرهابية"، قرب الحدود الجزائرية. وتنتشر العديد من الجماعات المسلحة في شمال مالي منذ سنوات 2000، من بينها الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة. ويطلق قادة الانقلاب في باماكو منذ 2020 توصيف "الجماعات الإرهابية" على جميع المسلحين في الشمال، بمن فيهم عناصر حركة تحرير الأزواد. أما الجزائر فتعتبر حركة تحرير الأزواد شريكاً في اتفاق السلام، الذي وقعته الحكومة المالية في 2015 بالجزائر، برعاية أفريقية وأوروبية، وترفض توصيفها "بالجماعة الإرهابية"، وهي نقطة الخلاف التي أدت إلى توترعلاقاتها مع باماكو. وأزواد هي منطقة شمال مالي، ويسكنها مزيج من العرب والطوارق وأقليات عرقية أخرى. وترفع حركة تحرير أزواد، منذ عقود، مطالب اجتماعية وسياسية لسكان المنطقة. ودخلت في مواجهات مسلحة مع الحكومة في باماكو، ولكنها تنأى بنفسها عن الجماعات الإسلامية المتطرفة، المنتشرة هناك. وتعمق الخلاف بين البلدين، بعدما جلبت السلطات العسكرية في باماكو قوات من مرتزقة فاغنر الروسية إلى شمال البلاد. وشرع الجيش المالي، بداية من 2023 في شن هجمات مشتركة مع قوات فاغنر في المناطق المحاذية للحدود الجزائرية. وفي أبريل\ نيسان 2012 اختطف مسلحون، في شمال مالي، قنصل الجزائر في مدينة غاو، بوعلام سايس، وستة من مساعديه. وتوفي القنصل في الاختطاف، بينما أعدم المسلحون نائبه، الطاهر تواتي، وأفرجوا عن الآخرين لاحقا، في ظروف غير معروفة. في السنوات الأخيرة، أصبحت منطقة الساحل الأفريقي نقطة انطلاق لعدد كبير من التنظيمات المتطرفة والجماعات المسلحة. وذكر المؤشر العالمي للإرهاب لعام 2024 أن نسبة 51 في المئة من عمليات القتل المرتبطة بالإرهاب في العالم، وقعت في دول الساحل. التهديدات الأمنية في ليبيا أدى النزاع المستمر في ليبيا بين حكومة معترف بها دولياً، لا تسيطر على جميع مناطق البلاد، وسلطة موازية في الشرق، إلى انفلات أمني خطير. وسمح غياب سلطة أمنية وعسكرية واحدة بانتشار الجماعات المتطرفة وازدهار تهريب السلاح، دون مراقبة. وتستفيد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس من دعم عدد من الدول، مثلما يستفيد خصمها أمير الحرب خليفة حفتر، من دعم دول أخرى منافسة. ويعني الدعم توفير العتاد والأسلحة، التي تتدفق على ليبيا، منذ اندلاع الحرب الأهلية وسقوط نظام معمر القذافي، في 2011. وتنتشر في ليبيا جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية، وتنظيم القاعدة، وجماعات متطرفة أخرى. وفي غياب جيش رسمي موحد، فإن المليشيا بولاءاتها المختلفة، والمتضاربة، هي سيدة الموقف بقوة السلاح الذي تحمله. وتشكل الحالة الليبية المضطربة تهديداً مستمراً للأمن القومي في المنطقة كلها. ففي 2016 توغل مسلحون تابعون لتنظيم الدولة الإسلامية إلى الأراضي التونسية، عبر الحدود الليبية، واشتبكوا مع قوات من الجيش التونسي. وإلى جانب الجماعات المتطرفة والمليشيا الحزبية والقبلية، دخلت إلى الساحة الأمنية الليبية قوات أجنبية بعتاد وأسلحة حربية متطورة. وتشارك هذه القوات في المعارك أو تقدم الدعم والمشورة العسكرية للأطراف المتحالفة معها. وكشف تحقيق لبي بي سي أن خليفة حفتر يستعين، في عملياته العسكرية، بمرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية. وشاركت قوات قوامها ألف جندي من المرتزقة الروس في الهجوم، الذي شنه حفتر على طرابلس في 2019، بهدف إسقاط الحكومة الليبية المعترف بها دوليا. وتشترك الجزائر مع ليبيا في 989 كيلومتر من الحدود. وتخشى، مثلما تخشى دول الجوار الأخرى، من تسلل الجماعات المسلحة إلى أراضيها، ومن تهريب السلاح، عبر الحدود الليبية في غياب سلطة مركزية، وأجهزة أمنية قادرة على مراقبة وضبط الحركة بين البلدين. ففي 2013، هاجمت جماعة مسلحة منشأة للغاز في تقنتورين بالجنوب الجزائري، واحتجزت مئات العمال والموظفين الجزائريين والأجانب. وقتل في العملية 37 شخصاً. ويعتقد أن المسلحين جاءوا من الحدود الليبية، التي تبعد عن المنشأة بمسافة 100 كيلومتر. وهدد حفتر في 2018 بشن "حرب على الجزائر"، واتهم جيشها "بالتدخل في الأراضي الليبية". ولم تعلق الجزائر رسميا على تهديدات حفتر، ولكنها أكدت أنها "لن تسمح بسقوط طرابلس في أيدي المتمردين على الحكومة المعترف بها دوليا". فإقرار قانون التعبئة العامة في الجزائر لا يعني بالضرورة أن البلاد ستعلنه قريباً. ولكنه دليل على الحاجة إليه في الوقت الراهن. ولا يعني إعلان التعبئة العامة أيضاً أن البلاد مقبلة على حرب وشيكة، ولكنه مؤشر واضح على حالة قصوى من التوتر في المنطقة.