أحدث الأخبار مع #حربالسويس

القناة الثالثة والعشرون
منذ 18 ساعات
- سياسة
- القناة الثالثة والعشرون
تم إعدامه ببلد قرب لبنان.. قصة مثيرة عن "أخطر جاسوس إسرائيلي"
ضجة كبيرة أثيرت خلال الساعات الماضية بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نقل الأرشيف السوري الرسمي المُتعلق بالجاسوس إيلي كوهين إلى إسرائيل. وذكر المكتب نيابة عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" أنه "في عملية سرية ومعقدة بالتعاون مع جهاز استخباراتي استراتيجي شريك، تم نقل الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بإيلي كوهين إلى إسرائيل". ويضم الأرشيف نحو 2500 مستند وصورة، وأغراضاً شخصية أصلية، معظمها يُكشف لأول مرة. ووفقا للمكتب، يتضمن الأرشيف "تسجيلات، وملفات تحقيقات، ورسائل بخط يد كوهين لعائلته في إسرائيل، وصورا من نشاطه الاستخباري في سوريا، وأغراضا من منزله الذي صودر بعد اعتقاله". وأشار مكتب نتنياهو إلى أنه من بين الأغراض "مفاتيح شقته بدمشق، وجوازات سفر مزورة، وصوراً له مع كبار مسؤولي الجيش والحكومة السورية، كما وُجدت في مذكراته مهام سرية كلّفه بها الموساد، منها مراقبة أهداف وجمع معلومات عن قواعد عسكرية سورية في القنيطرة، إضافة إلى الحكم القضائي الأصلي بإعدامه". وجاء الإعلان عن هذه العملية بمناسبة مرور 60 عاماً على إعدام الجاسوس كوهين، والذي حدث في يوم 18 أيار 1965. ووصف نتنياهو، إيلي كوهين، بأنه "أعظم جاسوس في تاريخ الدولة، ساهم في النصر التاريخي في حرب الأيام الستة (حرب حزيران 1967)". من هو إيلي كوهين؟ إيلي كوهين يهودي من أصل سوري؛ عمل جاسوساً لإسرائيل في سوريا، حيث تمكن من اختراق المجتمع السياسي السوري في ستينيات القرن العشرين تحت اسم منتحَل هو "كامل أمين ثابت". اكتشِف أمره فأعدِم، وبينما تهوّن الرواية الرسمية السورية من دوره، تعتبره إسرائيل بطلا قدم إليها الكثير من المعلومات الحساسة. المولد والنشأة ولد إلياهو (أو إيلي) بن شاؤول كوهين في 26 كانون الأول 1924 في الحي اليهودي بمدينة الإسكندرية شمال مصر، وكان أبوه شاؤول وأمه صوفي كوهين من المهاجرين الذين جاؤوا إلى مصر من مدينة حلب السورية، وكان والده يملك محلا لبيع ربطات العنق، وأبا لثمانية أطفال بينهم إيلي، فحرص على تربيتهم جميعا تربية دينية تلمودية. الدراسة والتكوين درس كوهين في مدرسة الليسيه، وأصبح يجيد الفرنسية إلى جانب العبرية والعربية، وأبدى اهتماما مبكرا بالديانة اليهودية فالتحق بـ"مدرسة الميمونيين" في القاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت رعاية الحاخام موشيه فينتورا حاخام الإسكندرية. التحق إيلي بجامعة القاهرة ليدرس الهندسة الإلكترونية وخرج منها بزعم تعرضه لمضايقات، وانسحب ليتابع دراسته في البيت حيث تمكن من العمل بحرية لأجل الصهيونية، "ولم تعلم العائلة لحسن الحظ بحقيقة كون إيلي مشكوكا في أمره من قبل السلطات المصرية، وكان هذا سر إيلي الأول من بين العديد من أسراره"، على حد تعبير شقيقه. مسار التجسس عمل إيلي كوهين في شبكة تجسس إسرائيلية على مصر تحت قيادة أبراهام دار المعروف بـ"جون دارلينغ"، نفذت سلسلة من التفجيرات ضد مصالح أميركية في الإسكندرية لإفساد العلاقة بين القاهرة وواشنطن، عُرفت لاحقا بـ"فضيحة لافون". وألقي القبض عليه في مصر أكثر من مرة قبل أن يهاجر إلى إسرائيل. وفي كانون الأول 1956 - في أعقاب حرب السويس مباشرة- غادر إيلي كوهين مصر نهائياً، وختم جواز سفره بتأشيرة "سفر بلا عودة". وتوجه كوهين بحراً إلى نابولي في إيطاليا، ومن ثم ركب باخرة إلى ميناء حيفا، وهناك التقطته المخابرات الإسرائيلية وجندته في البداية في إطار الأمن الداخلي، وفي بداية 1960 رشحه للعمل في الخارج إيزاك زالمان أحد كبار مسؤولي "الموساد". وللقيام بتلك المهمة رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو فيها سورياً مسلما يحمل اسم شخص يدعى "كامل أمين ثابت"، هاجر مع عائلته من سوريا إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 ليلحق به كامل وعائلته عام 1947. وحرص "الموساد" على إتقان كوهين للهجة السورية ومتابعة أدق أخبار سوريا، وحفظ أسماء رجالاتها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى تدريبه على استخدام جهاز الاتصال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري. وعند وصول كوهين إلى العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس كان يحمل معه جواز سفر سورياً يحمل صورته واسم "كامل أمين ثابت"، ويشير إلى أنه من المشتغلين بالتجارة والتصدير. وما لبث باسمه الجديد وهويته الجديدة أن اندمج في أوساط السوريين واللبنانيين الذين يعيشون في بوينس أيرس. وبعد شهور أصبح كامل أمين ثابت صاحب شركة ملاحة وله حسابات متعددة في بنوك الأرجنتين وسويسرا. وبنى كوهين على مدار عامين صورته بوصفه رجل أعمال سورياً ناجحاً، وكون لشخصيته الجديدة هوية لا يرقى إليها الشك، فاكتسب وضعاً متميزاً لدى الجالية العربية هناك باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده، وأصبح شخصية مرموقة في بوينس أيرس. بدأ كوهين يدعى إلى احتفالات بعض السفارات العربية وبينها السفارة السورية، وهناك تعرف على الملحق العسكري السوري الجديد العقيد أمين الحافظ وتوثقت الصداقة بين الرجلين، وقـُدّر لاحقا للعقيد الحافظ أن يلعب دورا مهما في دوامة الانقلابات السورية بعد انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا بالانفصال، فأصبح "لواء" ثم "فريقا". دخل إيلي كوهين دمشق 1961 فأعلن تصفية نشاطه الاقتصادي بالأرجنتين والاستقرار في سوريا "لدواع وطنية". وخلال فترة التجربة كان الجاسوس الإسرائيلي ضيفا لدى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية في سوريا. وبدأت رسائل كوهين إلى قيادة الموساد تقنع رئيسها أيسر هاريل بأنه عثر على كنز في العاصمة السورية، فقد كان يدعى إلى كل حفلات النخبة الحاكمة في دمشق ونواديها، وكان يشترك في كثير من المناقشات السياسية والاقتصادية. وتعرف كوهين على كثير من الضباط والدبلوماسيين وكبار الموظفين، وحتى الوزراء الذين أصبحوا يثقون فيه لقربه من السلطة العليا، ووصل الأمر إلى حد أنه قام أكثر من مرة بزيارة الجبهة السورية ودخل أخطر تحصيناتها في الجولان، وبعين خبير بمهمته فقد كان يعرف المعنى الحقيقي لكل شيء تقع عليه عيناه. وحول ملابسات كشف أمر كوهين قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إن المخابرات المصرية هي التي كشفت حقيقته للمخابرات السورية، بعد أن وصلت إلى القاهرة مجموعة من الصور للفريق أمين الحافظ أثناء زيارته لبعض المواقع في الجبهة السورية، وكما يحدث عادة فقد كلف أحد ضباط الاستطلاع بالتدقيق في الصور وتحديد جميع الأشخاص الظاهرين فيها. وأمام وجه كامل أمين ثابت في وسط الصورة بالقرب من الفريق أمين الحافظ توقف ضابط المخابرات المصري لأنه لم يستطع أن يتعرف على شخصيته، وجرى تكبير صورة الشخص المجهول وعممت على عدد من إدارات المخابرات. وتذكر أحد ضباط هيئة الأمن القومي الذين يعملون في مجال مكافحة النشاط الصهيوني في مصر أن الوجه الذي يراه في الصورة ليس غريبا عليه، وبعد عملية مراجعة وتدقيق اكتشف مذهولا أنه يحدق في صورة وجه "إيلي كوهين" الذي كان تحت المراقبة لنشاطه الصهيوني قبل خروجه من مصر نهاية سنة 1956. جرى التعامل مع الموضوع بحذر شديد، وسافر أحد ضباط المخابرات العسكرية المصرية إلى دمشق حاملا معه ملف كوهين وصوره. وهناك، تم الاتصال بقائد الأمن الداخلي في سوريا العميد أحمد سويداني ووضعت أمامه كل التفاصيل، فقام بوضع كوهين تحت المراقبة، واكتشف بالفعل هوائي جهاز الإرسال الذي يستعمله داخل بيته في دمشق لكي يبعث رسائله إلى قيادة الموساد، ثم استطاع في اليوم التالي دهم كوهين والقبض عليه. تهوّن الروايات الرسمية السورية من قيمة الجاسوس إيلي كوهين وتنفي معرفة أمين الحافظ به سواء في الأرجنتين أو سوريا، وتقول إن ما أرسله إلى إسرائيل كان في معظمه معلومات عامة، وأنه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية حسبما يُشاع، واقتصرت علاقاته المُفيدة لنشاطه تقريبا على الضابط معز زهر الدين الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، إضافة إلى مدني يُدعى جورج سالم سيف. وعلى النقيض من ذلك؛ تعتبر إسرائيل إيلي كوهين إحدى معجزاتها، وأصدرت طابعا بريديا تذكاريا يحمل اسمه وصورته، ويُعتقد أنها تقف خلف إنتاج الفيلم الأميركي الشهير "جاسوس المستحيل" عام 1987 الذي تم تصويره في إسرائيل. كما أنشأت موقعا إلكترونيا رسميا خاصا به باللغة العبرية. الوفاة وحوكم إيلي كوهين فصدر حكم بإعدامه شنقا وعلنا في ساحة المرجة ونفذ الحكم يوم 18 أيار عام 1965، رغم أن إسرائيل سعت لدى عدد كبير من السياسيين في العالم -بمن فيهم بابا الفاتيكان ورئيس وزراء فرنسا وقتها جورج بومبيدو- محاولة تأجيل تنفيذ حكم الإعدام فيه. وفي التسعينيات اشترطت إسرائيل استعادة رفات كوهين لإجراء محادثات مع سوريا، وراجت أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الرفض السوري للشرط سببه عدم معرفة سلطاتها بمكان الجثة، خصوصا أن مكان دفنها أصبح مجهولا بعد تحريكها من مكانها ثلاث مرات، تفادياً لإمكانية سرقتها من قبل الموساد الإسرائيلي. وذكرت معلومات أخرى بأن كوهين دفن في منطقة المزة بدمشق داخل بئر خُصصت لهذا الغرض، لكن مكان دفنه المفترض تحول إلى مبان وشوارع وحدائق، ولا يستطيع أحد تحديد مكانه أو الوصول إليه. وفي آذار 2016 استغل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين وجود القوات الروسية في سوريا، ليطلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التدخل لدى الحكومة السورية لإعادة رفات كوهين. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


ليبانون 24
منذ 21 ساعات
- سياسة
- ليبانون 24
تم إعدامه ببلد قرب لبنان.. قصة مثيرة عن "أخطر جاسوس إسرائيلي"
ضجة كبيرة أثيرت خلال الساعات الماضية بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نقل الأرشيف السوري الرسمي المُتعلق بالجاسوس إيلي كوهين إلى إسرائيل. وذكر المكتب نيابة عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" أنه "في عملية سرية ومعقدة بالتعاون مع جهاز استخباراتي استراتيجي شريك، تم نقل الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بإيلي كوهين إلى إسرائيل". ويضم الأرشيف نحو 2500 مستند وصورة، وأغراضاً شخصية أصلية، معظمها يُكشف لأول مرة. ووفقا للمكتب، يتضمن الأرشيف "تسجيلات، وملفات تحقيقات، ورسائل بخط يد كوهين لعائلته في إسرائيل ، وصورا من نشاطه الاستخباري في سوريا ، وأغراضا من منزله الذي صودر بعد اعتقاله". وأشار مكتب نتنياهو إلى أنه من بين الأغراض "مفاتيح شقته بدمشق، وجوازات سفر مزورة، وصوراً له مع كبار مسؤولي الجيش والحكومة السورية ، كما وُجدت في مذكراته مهام سرية كلّفه بها الموساد، منها مراقبة أهداف وجمع معلومات عن قواعد عسكرية سورية في القنيطرة، إضافة إلى الحكم القضائي الأصلي بإعدامه". وجاء الإعلان عن هذه العملية بمناسبة مرور 60 عاماً على إعدام الجاسوس كوهين، والذي حدث في يوم 18 أيار 1965. ووصف نتنياهو، إيلي كوهين، بأنه "أعظم جاسوس في تاريخ الدولة، ساهم في النصر التاريخي في حرب الأيام الستة (حرب حزيران 1967)". من هو إيلي كوهين؟ إيلي كوهين يهودي من أصل سوري؛ عمل جاسوساً لإسرائيل في سوريا، حيث تمكن من اختراق المجتمع السياسي السوري في ستينيات القرن العشرين تحت اسم منتحَل هو "كامل أمين ثابت". اكتشِف أمره فأعدِم، وبينما تهوّن الرواية الرسمية السورية من دوره، تعتبره إسرائيل بطلا قدم إليها الكثير من المعلومات الحساسة. ولد إلياهو (أو إيلي) بن شاؤول كوهين في 26 كانون الأول 1924 في الحي اليهودي بمدينة الإسكندرية شمال مصر، وكان أبوه شاؤول وأمه صوفي كوهين من المهاجرين الذين جاؤوا إلى مصر من مدينة حلب السورية، وكان والده يملك محلا لبيع ربطات العنق، وأبا لثمانية أطفال بينهم إيلي، فحرص على تربيتهم جميعا تربية دينية تلمودية. درس كوهين في مدرسة الليسيه، وأصبح يجيد الفرنسية إلى جانب العبرية والعربية، وأبدى اهتماما مبكرا بالديانة اليهودية فالتحق بـ"مدرسة الميمونيين" في القاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت رعاية الحاخام موشيه فينتورا حاخام الإسكندرية. التحق إيلي بجامعة القاهرة ليدرس الهندسة الإلكترونية وخرج منها بزعم تعرضه لمضايقات، وانسحب ليتابع دراسته في البيت حيث تمكن من العمل بحرية لأجل الصهيونية، "ولم تعلم العائلة لحسن الحظ بحقيقة كون إيلي مشكوكا في أمره من قبل السلطات المصرية ، وكان هذا سر إيلي الأول من بين العديد من أسراره"، على حد تعبير شقيقه. عمل إيلي كوهين في شبكة تجسس إسرائيلية على مصر تحت قيادة أبراهام دار المعروف بـ"جون دارلينغ"، نفذت سلسلة من التفجيرات ضد مصالح أميركية في الإسكندرية لإفساد العلاقة بين القاهرة وواشنطن، عُرفت لاحقا بـ"فضيحة لافون". وألقي القبض عليه في مصر أكثر من مرة قبل أن يهاجر إلى إسرائيل. وفي كانون الأول 1956 - في أعقاب حرب السويس مباشرة- غادر إيلي كوهين مصر نهائياً، وختم جواز سفره بتأشيرة "سفر بلا عودة". وتوجه كوهين بحراً إلى نابولي في إيطاليا، ومن ثم ركب باخرة إلى ميناء حيفا، وهناك التقطته المخابرات الإسرائيلية وجندته في البداية في إطار الأمن الداخلي، وفي بداية 1960 رشحه للعمل في الخارج إيزاك زالمان أحد كبار مسؤولي "الموساد". وللقيام بتلك المهمة رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو فيها سورياً مسلما يحمل اسم شخص يدعى "كامل أمين ثابت"، هاجر مع عائلته من سوريا إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 ليلحق به كامل وعائلته عام 1947. وحرص "الموساد" على إتقان كوهين للهجة السورية ومتابعة أدق أخبار سوريا، وحفظ أسماء رجالاتها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى تدريبه على استخدام جهاز الاتصال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري. وعند وصول كوهين إلى العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس كان يحمل معه جواز سفر سورياً يحمل صورته واسم "كامل أمين ثابت"، ويشير إلى أنه من المشتغلين بالتجارة والتصدير. وما لبث باسمه الجديد وهويته الجديدة أن اندمج في أوساط السوريين واللبنانيين الذين يعيشون في بوينس أيرس. وبعد شهور أصبح كامل أمين ثابت صاحب شركة ملاحة وله حسابات متعددة في بنوك الأرجنتين وسويسرا. وبنى كوهين على مدار عامين صورته بوصفه رجل أعمال سورياً ناجحاً، وكون لشخصيته الجديدة هوية لا يرقى إليها الشك، فاكتسب وضعاً متميزاً لدى الجالية العربية هناك باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده، وأصبح شخصية مرموقة في بوينس أيرس. بدأ كوهين يدعى إلى احتفالات بعض السفارات العربية وبينها السفارة السورية، وهناك تعرف على الملحق العسكري السوري الجديد العقيد أمين الحافظ وتوثقت الصداقة بين الرجلين، وقـُدّر لاحقا للعقيد الحافظ أن يلعب دورا مهما في دوامة الانقلابات السورية بعد انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا بالانفصال، فأصبح "لواء" ثم "فريقا". دخل إيلي كوهين دمشق 1961 فأعلن تصفية نشاطه الاقتصادي بالأرجنتين والاستقرار في سوريا "لدواع وطنية". وخلال فترة التجربة كان الجاسوس الإسرائيلي ضيفا لدى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية في سوريا. وبدأت رسائل كوهين إلى قيادة الموساد تقنع رئيسها أيسر هاريل بأنه عثر على كنز في العاصمة السورية، فقد كان يدعى إلى كل حفلات النخبة الحاكمة في دمشق ونواديها، وكان يشترك في كثير من المناقشات السياسية والاقتصادية. وتعرف كوهين على كثير من الضباط والدبلوماسيين وكبار الموظفين، وحتى الوزراء الذين أصبحوا يثقون فيه لقربه من السلطة العليا، ووصل الأمر إلى حد أنه قام أكثر من مرة بزيارة الجبهة السورية ودخل أخطر تحصيناتها في الجولان، وبعين خبير بمهمته فقد كان يعرف المعنى الحقيقي لكل شيء تقع عليه عيناه. وحول ملابسات كشف أمر كوهين قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إن المخابرات المصرية هي التي كشفت حقيقته للمخابرات السورية، بعد أن وصلت إلى القاهرة مجموعة من الصور للفريق أمين الحافظ أثناء زيارته لبعض المواقع في الجبهة السورية، وكما يحدث عادة فقد كلف أحد ضباط الاستطلاع بالتدقيق في الصور وتحديد جميع الأشخاص الظاهرين فيها. وأمام وجه كامل أمين ثابت في وسط الصورة بالقرب من الفريق أمين الحافظ توقف ضابط المخابرات المصري لأنه لم يستطع أن يتعرف على شخصيته، وجرى تكبير صورة الشخص المجهول وعممت على عدد من إدارات المخابرات. وتذكر أحد ضباط هيئة الأمن القومي الذين يعملون في مجال مكافحة النشاط الصهيوني في مصر أن الوجه الذي يراه في الصورة ليس غريبا عليه، وبعد عملية مراجعة وتدقيق اكتشف مذهولا أنه يحدق في صورة وجه "إيلي كوهين" الذي كان تحت المراقبة لنشاطه الصهيوني قبل خروجه من مصر نهاية سنة 1956. جرى التعامل مع الموضوع بحذر شديد، وسافر أحد ضباط المخابرات العسكرية المصرية إلى دمشق حاملا معه ملف كوهين وصوره. وهناك، تم الاتصال بقائد الأمن الداخلي في سوريا العميد أحمد سويداني ووضعت أمامه كل التفاصيل، فقام بوضع كوهين تحت المراقبة، واكتشف بالفعل هوائي جهاز الإرسال الذي يستعمله داخل بيته في دمشق لكي يبعث رسائله إلى قيادة الموساد، ثم استطاع في اليوم التالي دهم كوهين والقبض عليه. تهوّن الروايات الرسمية السورية من قيمة الجاسوس إيلي كوهين وتنفي معرفة أمين الحافظ به سواء في الأرجنتين أو سوريا، وتقول إن ما أرسله إلى إسرائيل كان في معظمه معلومات عامة، وأنه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية حسبما يُشاع، واقتصرت علاقاته المُفيدة لنشاطه تقريبا على الضابط معز زهر الدين الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، إضافة إلى مدني يُدعى جورج سالم سيف. وعلى النقيض من ذلك؛ تعتبر إسرائيل إيلي كوهين إحدى معجزاتها، وأصدرت طابعا بريديا تذكاريا يحمل اسمه وصورته، ويُعتقد أنها تقف خلف إنتاج الفيلم الأميركي الشهير "جاسوس المستحيل" عام 1987 الذي تم تصويره في إسرائيل. كما أنشأت موقعا إلكترونيا رسميا خاصا به باللغة العبرية. وحوكم إيلي كوهين فصدر حكم بإعدامه شنقا وعلنا في ساحة المرجة ونفذ الحكم يوم 18 أيار عام 1965، رغم أن إسرائيل سعت لدى عدد كبير من السياسيين في العالم -بمن فيهم بابا الفاتيكان ورئيس وزراء فرنسا وقتها جورج بومبيدو- محاولة تأجيل تنفيذ حكم الإعدام فيه. وفي التسعينيات اشترطت إسرائيل استعادة رفات كوهين لإجراء محادثات مع سوريا، وراجت أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الرفض السوري للشرط سببه عدم معرفة سلطاتها بمكان الجثة، خصوصا أن مكان دفنها أصبح مجهولا بعد تحريكها من مكانها ثلاث مرات، تفادياً لإمكانية سرقتها من قبل الموساد الإسرائيلي. وذكرت معلومات أخرى بأن كوهين دفن في منطقة المزة بدمشق داخل بئر خُصصت لهذا الغرض، لكن مكان دفنه المفترض تحول إلى مبان وشوارع وحدائق، ولا يستطيع أحد تحديد مكانه أو الوصول إليه. وفي آذار 2016 استغل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين وجود القوات الروسية في سوريا، ليطلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التدخل لدى الحكومة السورية لإعادة رفات كوهين. (الجزيرة نت)


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- سياسة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : إسرائيل تعلن حصولها على وثائق الأرشيف السوري للجاسوس إيلي كوهين
الاثنين 19 مايو 2025 04:30 صباحاً نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- نشرت إسرائيل صورًا لوثائق قالت إنها مأخوذة من الأرشيف السوري الرسمي الخاص بإيلي كوهين، جاسوسها الشهير في دمشق إبان حقبة الستينيات. وقالت صفحة "إسرائيل بالعربية"، التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد: "بعد مرور 60 عامًا على إعدام رجل الموساد إيلي كوهين في دمشق تمكن جهاز الموساد في عملية سرّية داخل عمق الأراضي السورية، من استعادة أغراض ومتعلّقات شخصية تابعة لإيلي كوهين". وأشارت الصفحة إلى أن من "بين هذه المتعلّقات وُجدت وصيّته التي كتب فيها لأرملته ناديا: "بإمكانكِ أن تتزوّجي من شخص آخر". وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل حصلت على الأرشيف السوري الرسمي لإيلي كوهين عبر "عملية مُعقّدة نُفِّذت بالتعاون مع جهاز استخبارات شريك استراتيجي". ويضمّ الأرشيف "آلاف الوثائق والمواد التي احتفظت بها أجهزة الأمن السورية بسرّية تامة على مدى عقود"، حسبما أفادت صفحة "إسرائيل بالعربية" . وعرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد دافيد برنياع، خلال لقاء خاص عُقد الأحد، على نادية كوهين، أرملة إيلي كوهين، "عددًا من الوثائق الأصلية والمتعلّقات الشخصية التي عُثر عليها في سوريا. ومن بين تلك الوثائق الوصيّة الأصلية التي كتبها إيلي كوهين قبل ساعات من إعدامه، والتي لم يكن متاحًا من قبل سوى نسخة مطبوعة عنها". من هو إيلي كوهين؟ - ولد إيلي كوهين في الإسكندرية في عام 1924، لعائلة يهودية قدمت من حلب إبان الإمبراطورية العثمانية في عام 1914. - غادر من مصر إلى إسرائيل بعد حرب السويس في عام 1956.. وتزوج من نادية ماجد، وهي يهودية عراقية المولد، في عام 1959. - عمل مترجمًا قبل التحاقه بالعمل لصالح الموساد. - اشتهر بعمله الجاسوسي في سوريا لصالح الاستخبارات الإسرائيلية بين عامي 1961 و1965. - أقام علاقات وثيقة مع القيادة السياسية والعسكرية السورية، مثل الملحق العسكري في الأرجنتين، أمين الحافظ الذي أصبح لاحقًا رئيسًا لسوريا. - دخل سوريا باعتباره رجل أعمال سوري مسلم، اسمه كامل أمين ثابت، في عام 1962. - أعدمته السلطات السورية إيلي كوهين شنقًا في ساحة المرجة بدمشق في 18 مايو/أيار 1965. - في مايو/أيار 2018، أعلن الموساد الإسرائيلي استعادة ساعة اليد التي ارتداها كوهين في سوريا، وذلك من خلال عملية خاصة.


المغرب اليوم
منذ 3 أيام
- سياسة
- المغرب اليوم
ترامب يذكّر بإيزنهاور
انتهت زيارة دونالد ترامب، لثلاث دول خليجية هي السعودية وقطر والإمارات. لايزال السؤال الأساسي: من رئيس الولايات المتحدة، المقيم في البيت الأبيض... أم بنيامين نتنياهو؟ يتعلّق الأمر بالدور القيادي الأميركي في المنطقة والعالم وما إذا كان في استطاعة دونالد ترامب، تأكيد أن اليمين الإسرائيلي، بقيادة رئيس الحكومة الحالي، بأجندته المخيفة، لا يتحكم بالسياسة الأميركية. المطروح في خلال مجيء دونالد ترامب في المنطقة موضوع النظرة الأميركيّة للشرق الأوسط والخليج في إطار يتجاوز المنطقتين. يرتبط هذا الإطار في ما إذا كان في استطاعة دونالد ترامب، أن يكون الرئيس دوايت إيزنهاور، الآخر الذي امتد عهده بين 1953 و1961. يفرض السؤال، المتعلق بالدور القيادي الأميركي، نفسه في ضوء قول نتنياهو لأحد الزعماء العرب في الماضي القريب: «لماذا تذهب إلى واشنطن... من الأفضل لك المجيء إلى عندي. أنا رئيس الولايات المتحدة الأميركية». هل آن أوان وضع ترامب حداً لعنجهية رئيس الوزراء الإسرائيلي التي يبدو أنّها من النوع الذي لا حدود له، خصوصاً أنّه يؤمن بإمكان تصفية القضية الفلسطينية. مثل هذا الإيمان بتصفية القضيّة الفلسطينية مستحيل، لا لشيء سوى لأن القضية، بغض النظر عن الفشل الذي يجسّده محمود عباس (أبومازن) و«حماس» في آن، لا يلغي وجود الشعب الفلسطيني بأي شكل. أكثر من ذلك، لا مجال للاستقرار الحقيقي في المنطقة كلّها من دون تسوية سياسية تأخذ في الاعتبار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. تشهد على ذلك الأحداث التي تهزّ المنطقة، وهي أحداث في أساسها قيام «حماس» بشن هجوم «طوفان الأقصى» انطلاقاً من قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. من المتوقع أن تكشف الجولة الخليجية لترامب من الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة في ضوء نجاح «بيبي» في السنوات الماضية، خصوصاً في عهد باراك أوباما، في تأكيد أنّه يمتلك في مجلسي الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) نفوذاً يفوق نفوذ المقيم في البيت الأبيض. في العام 2011، خطب «بيبي» في الكونغرس وتفادى، عن قصد، المرور على البيت الأبيض، أقله للسلام على باراك أوباما. تحدى نتنياهو رئيس الولايات المتحدة في عقر داره من دون أن يرفّ له جفن! كشفت أحداث الأيام الأخيرة أنّ ليس في الإمكان الاستخفاف بدونالد ترامب. أجرت إدارته، في قطر، مفاوضات مباشرة مع «حماس» من خلف ظهر نتنياهو واستطاعت إخراج الجندي عيدان الكسندر، الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية من الأسر. أفهم ترامب «بيبي» أنّه ليس باراك أوباما، بل يمكن أن يصير دوايت إيزنهاور الذي أجبر الإسرائيليين على الانسحاب من سيناء في العام 1956. وقتذاك، علم إيزنهاور متأخراً بالعدوان الثلاثي على مصر، في ضوء تأميم جمال عبدالناصر، لقناة السويس. أجبر إيزنهاور البريطانيين والفرنسيين على الانسحاب من مدن القناة وأجبر إسرائيل على الانسحاب من سيناء بعد انضمامها إلى بريطانيا وفرنسا في حملة عسكرية تستهدف تأديب عبدالناصر. كانت حجة إيزنهاور، قائد القوات الأميركيّة في الحرب العالميّة الثانية، أنّه لا يحق لبريطانيا وفرنسا شنّ حرب من نوع حرب السويس من خلف ظهر الولايات المتحدة وبالتفاهم مع إسرائيل. كانت رسالته أنّهّ يوجد نظام دولي جديد لابدّ من احترامه. لم يكن ممكنا تحقيق انتصار للحلفاء على هتلر من دون الجيش الأميركي. أمر إيزنهاور رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، بوقف حملة السويس وانسحاب الجيشين البريطاني والفرنسي من منطقة قناة السويس وإخلاء إسرائيل لسيناء. لم يضطر إلى التدخل شخصياً في ذلك. تولى وزير الخارجية جون فوستر دالس، ذلك. قال الوزير الأميركي لإيدن ما معناه أنّه إذا لم يحصل الانسحاب البريطاني - الفرنسي من السويس، لن يعود الجنيه الإسترليني صالحاً لغير تلميع الأحذية. لم يجد دالس، حاجة إلى الاتصال بالجانب الفرنسي من أجل تنفيذ تعليمات إيزنهاور. ليس مستبعداً أن يعيد التاريخ نفسه عن طريق جعل رئيس الولايات المتحدة إسرائيل تأخذ حجمها الطبيعي. في النهاية لم يكن في استطاعة إسرائيل الذهاب بعيداً في حربها على غزّة ثم تكبيد «حزب الله» الخسائر من دون الدعم الأميركي الذي أخذ أشكالاً عدة. لن تستطيع إسرائيل منع «الجمهوريّة الإسلاميّة» من امتلاك السلاح النووي من دون الدعم العسكري والسياسي الأميركي. تبقى إسرائيل إسرائيل وتبقى أميركا أميركا. تحكّم بنيامين نتنياهو، بالقرار الأميركي منذ خروج بيل كلينتون، من البيت الأبيض. كان كلينتون آخر رئيس أميركي يحاول بالفعل إيجاد تسوية سياسية تعيد للفلسطينيين بعضاً من حقوقهم. فعل ذلك عندما جمع ياسر عرفات وإيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك، في منتجع كامب ديفيد في العام 2000. كان ذلك في آخر ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة. ستكون خطوة دونالد ترامب الأخيرة المتمثلة بإطلاق الجندي الأميركي – الإسرائيلي، والتي سبقها فتح مفاوضات أميركية – إيرانية بوساطة من سلطنة عمان، مؤشراً إلى تغيّر في المزاج الأميركي تجاه إسرائيل وشخص بنيامين نتنياهو بالذات. يُفترض أن تكشف الأيام القليلة المقبلة هل يستطيع دونالد ترامب، السير على طريق دوايت إيزنهاور في ضوء اكتشافه أن لدى الولايات المتحدة، بين الدول العربية، في مقدمها المملكة العربيّة السعودية، حلفاء تاريخيين في المنطقة وأن لهؤلاء وزناً لا يمكن تجاهله... في حال كان يريد بالفعل السير في شعار «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً». لا يمكن لأميركا أن تكون عظيمة في حال نظرت إلى العالم من زاوية مصلحة اليمين الإسرائيلي و«بيبي» نتنياهو بالذات!


العرب اليوم
منذ 3 أيام
- سياسة
- العرب اليوم
ترامب يذكّر بإيزنهاور
انتهت زيارة دونالد ترامب، لثلاث دول خليجية هي السعودية وقطر والإمارات. لايزال السؤال الأساسي: من رئيس الولايات المتحدة، المقيم في البيت الأبيض... أم بنيامين نتنياهو؟ يتعلّق الأمر بالدور القيادي الأميركي في المنطقة والعالم وما إذا كان في استطاعة دونالد ترامب، تأكيد أن اليمين الإسرائيلي، بقيادة رئيس الحكومة الحالي، بأجندته المخيفة، لا يتحكم بالسياسة الأميركية. المطروح في خلال مجيء دونالد ترامب في المنطقة موضوع النظرة الأميركيّة للشرق الأوسط والخليج في إطار يتجاوز المنطقتين. يرتبط هذا الإطار في ما إذا كان في استطاعة دونالد ترامب، أن يكون الرئيس دوايت إيزنهاور، الآخر الذي امتد عهده بين 1953 و1961. يفرض السؤال، المتعلق بالدور القيادي الأميركي، نفسه في ضوء قول نتنياهو لأحد الزعماء العرب في الماضي القريب: «لماذا تذهب إلى واشنطن... من الأفضل لك المجيء إلى عندي. أنا رئيس الولايات المتحدة الأميركية». هل آن أوان وضع ترامب حداً لعنجهية رئيس الوزراء الإسرائيلي التي يبدو أنّها من النوع الذي لا حدود له، خصوصاً أنّه يؤمن بإمكان تصفية القضية الفلسطينية. مثل هذا الإيمان بتصفية القضيّة الفلسطينية مستحيل، لا لشيء سوى لأن القضية، بغض النظر عن الفشل الذي يجسّده محمود عباس (أبومازن) و«حماس» في آن، لا يلغي وجود الشعب الفلسطيني بأي شكل. أكثر من ذلك، لا مجال للاستقرار الحقيقي في المنطقة كلّها من دون تسوية سياسية تأخذ في الاعتبار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. تشهد على ذلك الأحداث التي تهزّ المنطقة، وهي أحداث في أساسها قيام «حماس» بشن هجوم «طوفان الأقصى» انطلاقاً من قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. من المتوقع أن تكشف الجولة الخليجية لترامب من الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة في ضوء نجاح «بيبي» في السنوات الماضية، خصوصاً في عهد باراك أوباما، في تأكيد أنّه يمتلك في مجلسي الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) نفوذاً يفوق نفوذ المقيم في البيت الأبيض. في العام 2011، خطب «بيبي» في الكونغرس وتفادى، عن قصد، المرور على البيت الأبيض، أقله للسلام على باراك أوباما. تحدى نتنياهو رئيس الولايات المتحدة في عقر داره من دون أن يرفّ له جفن! كشفت أحداث الأيام الأخيرة أنّ ليس في الإمكان الاستخفاف بدونالد ترامب. أجرت إدارته، في قطر، مفاوضات مباشرة مع «حماس» من خلف ظهر نتنياهو واستطاعت إخراج الجندي عيدان الكسندر، الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية من الأسر. أفهم ترامب «بيبي» أنّه ليس باراك أوباما، بل يمكن أن يصير دوايت إيزنهاور الذي أجبر الإسرائيليين على الانسحاب من سيناء في العام 1956. وقتذاك، علم إيزنهاور متأخراً بالعدوان الثلاثي على مصر، في ضوء تأميم جمال عبدالناصر، لقناة السويس. أجبر إيزنهاور البريطانيين والفرنسيين على الانسحاب من مدن القناة وأجبر إسرائيل على الانسحاب من سيناء بعد انضمامها إلى بريطانيا وفرنسا في حملة عسكرية تستهدف تأديب عبدالناصر. كانت حجة إيزنهاور، قائد القوات الأميركيّة في الحرب العالميّة الثانية، أنّه لا يحق لبريطانيا وفرنسا شنّ حرب من نوع حرب السويس من خلف ظهر الولايات المتحدة وبالتفاهم مع إسرائيل. كانت رسالته أنّهّ يوجد نظام دولي جديد لابدّ من احترامه. لم يكن ممكنا تحقيق انتصار للحلفاء على هتلر من دون الجيش الأميركي. أمر إيزنهاور رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، بوقف حملة السويس وانسحاب الجيشين البريطاني والفرنسي من منطقة قناة السويس وإخلاء إسرائيل لسيناء. لم يضطر إلى التدخل شخصياً في ذلك. تولى وزير الخارجية جون فوستر دالس، ذلك. قال الوزير الأميركي لإيدن ما معناه أنّه إذا لم يحصل الانسحاب البريطاني - الفرنسي من السويس، لن يعود الجنيه الإسترليني صالحاً لغير تلميع الأحذية. لم يجد دالس، حاجة إلى الاتصال بالجانب الفرنسي من أجل تنفيذ تعليمات إيزنهاور. ليس مستبعداً أن يعيد التاريخ نفسه عن طريق جعل رئيس الولايات المتحدة إسرائيل تأخذ حجمها الطبيعي. في النهاية لم يكن في استطاعة إسرائيل الذهاب بعيداً في حربها على غزّة ثم تكبيد «حزب الله» الخسائر من دون الدعم الأميركي الذي أخذ أشكالاً عدة. لن تستطيع إسرائيل منع «الجمهوريّة الإسلاميّة» من امتلاك السلاح النووي من دون الدعم العسكري والسياسي الأميركي. تبقى إسرائيل إسرائيل وتبقى أميركا أميركا. تحكّم بنيامين نتنياهو، بالقرار الأميركي منذ خروج بيل كلينتون، من البيت الأبيض. كان كلينتون آخر رئيس أميركي يحاول بالفعل إيجاد تسوية سياسية تعيد للفلسطينيين بعضاً من حقوقهم. فعل ذلك عندما جمع ياسر عرفات وإيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك، في منتجع كامب ديفيد في العام 2000. كان ذلك في آخر ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة. ستكون خطوة دونالد ترامب الأخيرة المتمثلة بإطلاق الجندي الأميركي – الإسرائيلي، والتي سبقها فتح مفاوضات أميركية – إيرانية بوساطة من سلطنة عمان، مؤشراً إلى تغيّر في المزاج الأميركي تجاه إسرائيل وشخص بنيامين نتنياهو بالذات. يُفترض أن تكشف الأيام القليلة المقبلة هل يستطيع دونالد ترامب، السير على طريق دوايت إيزنهاور في ضوء اكتشافه أن لدى الولايات المتحدة، بين الدول العربية، في مقدمها المملكة العربيّة السعودية، حلفاء تاريخيين في المنطقة وأن لهؤلاء وزناً لا يمكن تجاهله... في حال كان يريد بالفعل السير في شعار «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً». لا يمكن لأميركا أن تكون عظيمة في حال نظرت إلى العالم من زاوية مصلحة اليمين الإسرائيلي و«بيبي» نتنياهو بالذات!