logo
#

أحدث الأخبار مع #حزبالبديلمنأجلألمانيا،

واشنطن وبرلين تتبادلان الانتقادات بعد تصنيف حزب "البديل" منظمة متطرفة
واشنطن وبرلين تتبادلان الانتقادات بعد تصنيف حزب "البديل" منظمة متطرفة

الشرق السعودية

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق السعودية

واشنطن وبرلين تتبادلان الانتقادات بعد تصنيف حزب "البديل" منظمة متطرفة

تبادلت ألمانيا والولايات المتحدة الانتقادات بشأن قرار وكالة الاستخبارات الألمانية تصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا" كمنظمة يمينية متطرفة، ما دفع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للتدخل والمطالبة بالتراجع عن التصنيف، ليأتي التعقيب من وزارة الخارجية الألمانية بأن "القرار صدر بعد تحقيق شامل". وقالت وكالة "أسوشيتد برس"، إن هذا الخلاف الذي شهدته منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي قد تصاعد، الجمعة، ليشمل وزارة الخارجية الألمانية إلى جانب روبيو، ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، والملياردير إيلون ماسك. وأشارت الوكالة إلى أن خطوة تصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي احتل المركز الثاني في الانتخابات الوطنية خلال فبراير الماضي، كمنظمة "يمينية متطرفة" تعني أن عملاء وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية يمكنهم الآن استخدام المخبرين وأدوات أخرى مثل التسجيلات الصوتية والمرئية لمراقبة أنشطة الحزب في جميع أنحاء البلاد. وفي منشور كتبه، الجمعة، على حسابه بمنصة "إكس"، دعا روبيو الحكومة الألمانية إلى التراجع عن هذا التصنيف قائلاً: "لقد منحت ألمانيا للتو وكالة استخباراتها صلاحيات جديدة لمراقبة المعارضة، هذه ليست ديمقراطية، بل ديكتاتورية مُقنّعة". وأضاف: "ما هو مُتطرف حقاً ليس حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبي، الذي احتل المركز الثاني في الانتخابات الأخيرة، ولكن سياسات الهجرة المفتوحة القاتلة التي تنتهجها المؤسسة الحاكمة ويُعارضها الحزب. يجب على ألمانيا أن تعكس مسارها". الرد على انتقادات روبيو وفي رد مباشر على انتقادات روبيو، كتبت وزارة الخارجية الألمانية في منشور عبر "إكس": "هذه هي الديمقراطية، هذا القرار هو نتيجة تحقيق شامل ومستقل لحماية دستورنا وسيادة القانون، والمحاكم المستقلة هي التي سيكون لها القول الفصل. لقد تعلمنا من تاريخنا أن التطرف اليميني يجب أن يتوقف". من جانبه، أشار نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، في منشور كتبه على "إكس" إلى الحرب الباردة، قائلاً: "حزب البديل من أجل ألمانيا هو الحزب الأكثر شعبية في البلاد، والأكثر تمثيلاً لألمانيا الشرقية، والآن يُحاول البيروقراطيون تدميره". وأضاف: "لقد هدم الغرب جدار برلين. وأُعيد بناؤه، ليس من قبل السوفييت أو الروس، بل بواسطة المؤسسة الألمانية"، أما إيلون ماسك، مالك منصة "إكس"، فقد أعاد نشر منشور فانس، معلقاً عليه بقوله: "القدر يُحب السخرية". ولطالما واجه حزب "البديل من أجل ألمانيا" انتقادات بسبب مواقفه المؤيدة لروسيا، ومعارضته لموقف ألمانيا تجاه الحرب في أوكرانيا، إذ تعتبر برلين ثاني أكبر مورد للأسلحة لكييف بعد الولايات المتحدة. كما وصف المكتب الفيدرالي لحماية الدستور في ألمانيا الحزب بأنه يشكل "تهديداً للنظام الديمقراطي في البلاد"، قائلاً إنه "يتجاهل كرامة الإنسان"، وخاصةً من خلال ما وصفه بـ"التحريض المستمر" ضد اللاجئين والمهاجرين.

رسميا.. الاستخبارات الألمانية تصنف حزب «البديل» مجموعة متطرفة
رسميا.. الاستخبارات الألمانية تصنف حزب «البديل» مجموعة متطرفة

العين الإخبارية

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العين الإخبارية

رسميا.. الاستخبارات الألمانية تصنف حزب «البديل» مجموعة متطرفة

صنّف جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني، الجمعة، حزب "البديل من أجل ألمانيا" مجموعة يمينية متطرفة، مانحًا السلطات صلاحيات أوسع لمراقبة الحزب بعد أشهر قليلة من تحقيقه نتيجة تاريخية في الانتخابات التشريعية. وكان حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف والمناهض للهجرة، قيد التحقيق من قِبل جهاز الاستخبارات الداخلية لعدة سنوات، وسبق أن صُنفت عدة فروع محلية له على أنها مجموعات يمينية متطرفة. وأعلن جهاز الاستخبارات الداخلية أنه قرر تصنيف الحزب بأكمله نظرا لوجود حالات عديدة حاول فيها الحزب "تقويض النظام الديمقراطي الحر" في ألمانيا. واعتبر جهاز الاستخبارات في بيان أن الحزب "يهدف إلى استبعاد فئات سكانية معينة من المشاركة المتساوية في المجتمع". وسارع الحزب إلى انتقاد القرار، معتبرا ذلك "ضربة موجعة" للديموقراطية، وتعهد برفع دعوى قضائية. وقال زعيما الحزب أليس فايدل وتينو شروبالا في بيان إن "حزب البديل من أجل ألمانيا، كحزب معارض، يتعرض الآن لتشويه سمعته وتجريمه علنًا"، معتبرين أن القرار "له دوافع سياسية واضحة". وأكد جهاز الاستخبارات أن حزب البديل من أجل ألمانيا وبشكل خاص، لا يعتبر المواطنين الألمان من أصول مهاجرة من دول ذات كثافة سكانية مسلمة كبيرة، "أعضاءً متساوين في الشعب الألماني". وتابع أن "ذلك يتجلى في كثرة التصريحات المعادية للأجانب والأقليات والمسلمين والإسلاموفوبيا التي يدلي بها مسؤولون بارزون في الحزب". ويمنح هذا التصنيف أجهزة الاستخبارات صلاحيات إضافية لمراقبة حزب البديل من أجل ألمانيا، مما يقلل الحواجز أمام خطوات مثل اعتراض المكالمات الهاتفية واستخدام عملاء سريين. وسجل الحزب ارتفاعا ملحوظا في شعبيته في السنوات الأخيرة مستغلًا القلق المتزايد بشأن الهجرة في وقتٍ يعاني أكبر اقتصاد في أوروبا من الركود. وحلّ الحزب ثانيًا في الانتخابات التشريعية في فبراير/شباط بحصوله على أكثر من 20% من الأصوات، خلف حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي (يمين الوسط) بزعامة فريدريش ميرتس الذي سيتولى رئاسة ائتلاف حكومي الأسبوع المقبل. aXA6IDgyLjIzLjIwOC4yMDYg جزيرة ام اند امز GB

صعود اليمين الأوروبي والقضية الفلسطينية
صعود اليمين الأوروبي والقضية الفلسطينية

إيطاليا تلغراف

time٠٧-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

صعود اليمين الأوروبي والقضية الفلسطينية

إيطاليا تلغراف عاطف أبو سيف روائي وقاص فلسطيني، وزير الثقافة السابق. يشكّل صعود اليمين الأوروبي تغيّراً ملحوظاً في سياسات أوروبا الداخلية والخارجية، خصوصاً في قضايا تمسّ الأمن الأوروبي والحدود، وبالتأكيد السياسة الخارجية، ليبقى السؤال: هل يمكن لهذا أن يقود إلى تغيّر في سياسات أوروبا الخارجية تجاه الصراع والقضية الفلسطينية؟… ليس ثابتاً أن ثمّة تغيّراتٍ جوهريةً تجاه الصراع، لكن الخشية تظلّ قائمةً مع صعود ترامب والعلاقة الدافئة والمتكاملة معه في توجّهاته الخارجية، وربّما تأثر (أو تبنّي) أقطاب اليمين الأوروبي بهذه التوجّهات في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، كذلك إن حالة المزاج العام تجاه الصراع (طغت في السنوات الماضية) ستجد أثرها في دفع اليمين الاتحاد الأوروبي إلى التخلّي عن سياساته القديمة تجاه الصراع أو التخفيف ممّا يُعتَبر 'توجّهاً' قريباً من المواقف العربية. وكما يُلاحَظ، يواصل اليمين الأوروبي صعوده في أوروبا بشكل لافت، خصوصاً بعد أن حقّق نتائج قوية في انتخابات البرلمان الأوروبي في الصيف الماضي، ما شكلّ انعطافةً مهمّةً في تاريخ السياسة الأوروبية الداخلية تحديداً، وبعد ذلك الخارجية أيضاً. كان آخر ملامح هذا الصعود النتائج المُرضية التي حقّقها حزب 'البديل من أجل ألمانيا'، في انتخابات البلاد البرلمانية الشهر الماضي (فبراير/ شباط). وبشكل عامّ، ثمّة توجّهٌ متصاعدٌ لحضور اليمين الأوروبي في أروقة السياسة الأوروبية، خصوصاً أن بعض الذين باتوا يشكّلون الحكومات في العواصم الأوروبية جاؤوا من أحزابٍ كانت تعتبر قبل سنوات قليلة ممنوعةً أو محظورةً بسبب التقارب بين مواقفها ومواقف الأحزاب المتطرّفة التي اندثرت بعد الحرب العالمية الثانية. ويلاحظ المتابع للسياسة الأوروبية التوتّرات التي أحدثها صعود أجنحةٍ أكثر تطرّفاً في داخل اليمين، حتى بات هناك شيءٌ يمكن تسميته 'يميناً متطرّفاً'، يقع اليمين الكلاسيكي في يساره، بجانب أحزاب الوسط واليسار، فصعود اليمين الأوروبي بدا مبكّراً في القارّة العجوز، ولكن ما يشار إليه هنا صعود اليمين المتطرّف، الذي يأتي من قواعد فكرية وأيديولوجية تفترق مع اليمين الكلاسيكي في نواحٍ كثيرة، قد يعتبر أوّلها نظرته للدولة الوطنية ولوظائفها، الأمر الذي أوجد الحاجة لإعلان الحرب على مؤسّسات بروكسل الوحدوية، والعمل على تقويضها، وفي جزءٍ أساسٍ من هذه الحرب ثمّة الحرب على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، والعمل لوقف هذه السياسة أو تحويلها عملاً فنّياً أو استشارياً، وترك السياسة الخارجية مهمّةً أساسيةً لكلّ دولة عضو. وجوهر ذلك (بالطبع) سعي اليمين المتطرّف لتأكيد الهُويَّة الوطنية لدوله وسيادتها. مثلاً، عبّر قادة اليمين في اجتماعهم في مدريد الشهر الماضي (فبراير/ شباط) عن قلقهم من طبيعة المؤسّسة الأوروبية 'المتحجّرة'، مندّدين بتنامي الهجرة غير الشرعية، وانعدام الأمن، ضمن أشياء أخرى. انتهى 'عصر النخب'، الذي تقوده بروكسل، كما قال بيانهم. وفيما يمكن ملاحظة اختلافاتٍ كثيرة بين قوى اليمين المتطرّف في أوروبا، وربّما أيضاً تصادمها في المستقبل حول مصالح دولها، إلا أن ثمّة تطويراً واضحاً لمقارباتٍ مختلفة حول بعض القضايا، خصوصاً الهجرة والبيئة والهُويَّة والسيادة. وفي هذه الحالة، يدور الحديث عن الهُويَّة والسيادة الأوروبية، بينما عميقاً، تعني توجّهات كلّ حزب هُويَّةَ دولته وسيادتها، الأمر الذي سيُحدِث صراعاً في المستقبل سيكون تجنّبه صعباً. تشبه هذه الأيام وضع أوروبا في عشرينيّات القرن الماضي، أي قبل قرن، حين هيمنت الفِكَر المتطرّفة، والحديث عن العرق، أساسان للهُويَّة، على السياسة الأوروبية، وهي الفِكَر نفسها التي جعلت هتلر يلتقي مع موسوليني مثلاً، رغم أن كلّاً منهما رأى 'سموَّ' عرقه وهُويَّته الوطنية. ومع ذلك، كانت النتيجة تمزّق أوروبا. توجّهات كل حزب يميني متطرّف تُعنى بهُويَّة وسيادة دولته، ما يعلن حرباً على مؤسّسات بروكسل الوحدوية المقلق، إلى جانب أشياء كثيرة، العلاقة 'الروحانية' بين يمين أوروبا المتطرّف والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي وصفه الاجتماع الأوروبي بأنه 'قدوة تُحتذَى'. ورحّب ترامب بقوّة اليمين الأوروبي، الذي يعتبره امتداداً طبيعياً لعالمٍ يرغب في قيادته. ثمّة توافق واضح بين الطرفَين في القضية الأساسية، التي تشغل بال اليمين الأوروبي، التي تعكس التطرّف القومي لهذا اليمين والمتمثّلة بالهجرة، وأيضاً في قضايا المناخ، وهما القضيتَان اللتان أعلن الرئيس الأميركي ترامب الحرب عليهما. وفيما يصعب القول بوجود توافق كبير بين الطرفَين، إلّا أن الإشادات المتبادلة بينهما تعكس التقارب 'المُقلِق' بالنسبة إلينا في ما يتعلّق بمواقف اليمين الأوروبي المتحملة من القضية الفلسطينية. هناك كثيرون من القادة الأوروبيين، الذين تربطهم علاقات عميقة وشخصية بترامب، ربّما أبرزهم رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، ورئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني. يؤمن رئيس الوزراء المجري، الذي يُعدّ من أبرز قادة اليمين الأوروبي، بشكل مطلق بقدرة ترامب على فرض السلام، خصوصاً في أوكرانيا، بل إنّه، فور فوز ترامب، أطلق تصريحاتٍ أثارت قلق نظرائه الأوروبيين بشأن السلام مع روسيا، كذلك فإنه يشاطر ترامب الرأي بخصوص المحكمة الجنائية الدولية، وكان قد تحدّاها وأرسل دعوةً إلى نتنياهو لزيارة المجر، ورفض توقيع البيان الأوروبي المشترك لدعم المحكمة. ومن غير تسرّع، لا بدّ من توقّع انزياحات تدريجية في مواقف أوروبا، يصح أن نقول إنها محايدة، إن لم تكن عكسيةً، لن تصل إلى حدّ تنصّل مؤسّسات بروكسل ودولها من مواقفها الثابتة تجاه الصراع، ولكنّها ستعكس تحوّلات الموقف الدولي، الذي لم يعُد يرى أن الحلّ الوحيد للصراع يكمن في حلّ الدولتَين. الانطباع الخاطئ (لكنّه السائد) أن أوروبا مع الفلسطينيين وواشنطن مع الإسرائيليين. قد لا يغدو هذا مريحاً لأقطاب اليمين، الذين يرون في هيمنة بروكسل سبباً في تغيّراتٍ كثيرة في المواقف الأوروبية. وبالتالي، كفُّ يد بروكسل عن سياسات الدول الأعضاء سيعطيها حرّيةً بالعودة إلى مواقفَ تناسب المزاج العام للأحزاب الحاكمة. مقلقة العلاقة 'الروحانية' بين اليمين المتطرّف وترامب، الذي اعتبر هذا اليمين امتداداً طبيعياً لعالم يرغب في قيادته من جهة أخرى، من المهم فهم هذا التحوّل العامّ لفهم طبيعية ما يجري في أروقة صنع القرار الدولي تجاه الصراع بعد تعطّل حلّ الدولتَين، وانعدام وحدانية وجود مشكلة فلسطينية واحدة، بل هناك مشكلات للفلسطينيين يجب إيجاد حلٍّ لكلّ واحدةٍ وفق طبيعتها، واحدة في غزّة بحاجة إلى حلّ يختلف عن الحلّ الذي تقتضيه طبيعة المشكلة في الضفة الغربية مثلاً. سيضع ترامب حلّ الدولتَين في ملفّات الماضي، وسيستبدله بصفقات تخفّف من التوتّر وتوقف الصراع، واليمين الأوروبي يشاطره من حيث المبدأ الفكرة العامّة من دون أن يتوافق معه في التفاصيل، مثلما هو الحال بشأن روسيا. علينا أن ننتبه إلى أن ثمّة تحوّلات جوهرية في نظرة العالم تجاه الصراع، تتمثّل في الأساس بعدم مركزية القضية الفلسطينية في صراع إسرائيل مع محيطها. هذه حقيقة مؤلمة، ولكن يمكن رؤية الأمر هكذا. لم تعد القضية الفلسطينية في قلب صراع إسرائيل مع الدول العربية، رغم أن الحاجة إلى حلّ هذه القضية تغدو مركزيةً إذا بُحِث في استقرار المنطقة وفي دمج إسرائيل اقتصادياً وسياسياً فيها، ومع ذلك يمكن تجاوز الأمر. إلى جانب ذلك، واضحٌ أن حلّ الدولتَين، وفق 'النموذج' القديم، لم يعد قائماً، إذ بات الحديث مرّة أخرى عن 'تطلّعات' الفلسطينيين السياسية، التي أيضاً قد تعني شيئاً في غزّة، يختلف عمّا يعنيه في الضفة الغربية. لاحظوا ترامب يتحدّث عن غزّة فقط، وسنجد أن أوروبا تدريجياً ستبدأ في التغاضي عن هذا أو عدم انتقاده، وستطوّر برامج تنموية خاصّة لغزّة، ربّما تحت إشراف السلطة في رام الله، ولكنها ستكون برامج خاصّة بغزّة. سيعمل اليمين المتطرّف في البرلمان الأوروبي، بوصفه كتلةً وازنةً لإحداث تغيّر 'إجرائي' في تعامل (وعلاقة) الاتحاد مع الموضوع الفلسطيني فنّياً، بمعنى ما يتعلّق بالدعم المالي ومساراته، وهو تغيّرٌ سيعكس نفسه على فهم طبيعة حلّ الصراع، ومع تخفيف قبضة مؤسّسات بروكسل على السياسة الخارجية، قد نجد تراجعاً في مواقف بعض الدول تجاهنا. ومع مواصلة صعود اليمين، الذي سيجد نفسه في رئاسة الحكومات في بعض الدول الأخرى، وربّما في مواقع مستشارية ألمانية ورئاسة فرنسا، لا بدّ أن نتوقّع اقتراباً أكثر من مواقف ترامب، من دون التماهي معها، لاعتباراتٍ ذات علاقةٍ بناخبي الأحزاب. يشكّل صعود اليمين تهديداً حقيقياً للمواقف الأوروبية تجاه الصراع، التي باتت من مسلّمات السياسة الدولية ما أقترحه، أن التحوّلات التي مسّت مواقف أوروبا، منذ ما يُعرَف بـ'تقرير شومان' عام 1971، وبعد ذلك، مقرّرات قمة البندقية في 1980، وصولاً إلى إعلان برلين، الذي أشار للمرّة الأولى في 1999، إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد إنجازها وفق اتفاق مع إسرائيل ستتوقّف، ولن نشهد المزيد من التحوّلات والاقترابات من الموقف الفلسطيني. قد لا تحدُث انتكاسات، ولكن لا مزيد من التقدّم، بل ستكون بعض المواقف الكلاسيكية موضع جدل ونقاش. ويظلّ السؤال: هل سينجح اليمين الأوروبي في إنتاج مواقف جديدة لأوروبا تجاه الصراع، ودفعها تجاه تبنّي مواقفَ أقرب إلى الحياد التام؟ … أيضاً سيبرز موضوع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بقوّة في السطح. في دولة ليست عضواً في الإتحاد الأوروبي مثل سويسرا، سيصوّت المشرّعون في شهر مارس/ آذار الجاري على وقف تمويل الوكالة بعد أن هيمن اليمين على الحكومة بواقع أربعة أصوات إلى ثلاثة. سويسرا، التي كانت من الدول الأوروبية القليلة التي لم تقاطع الحكومة الفلسطينية بعد فوز حركة حماس عام 2006، ها هي توقف تمويل 'أونروا'. وعليه، يشكّل صعود اليمين تهديداً حقيقياً للمواقف الأوروبية تجاه الصراع، التي باتت من مسلّمات السياسة الدولية.

هل قُرِعت أجراس الخطر في أوروبا؟
هل قُرِعت أجراس الخطر في أوروبا؟

الجزيرة

time٠١-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

هل قُرِعت أجراس الخطر في أوروبا؟

شهدت ألمانيا يوم الأحد 23 فبراير/ شباط الجاري انتخابات سابقة لأوانها، عقب حجب الثقة عن حكومة شولتس منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إثر خلاف حاد داخل الأغلبية الحكومية بشأن تدبير الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت عقب جائحة كوفيد، والحرب الروسية الأوكرانية. وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن تراجع حزب المستشار الألماني "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" إلى المرتبة الثالثة بنسبة 16.41 بالمائة، بينما تقدّم غريمه التاريخي "التحالف المسيحي" إلى المرتبة الأولى بنسبة 28,52 بالمائة، وحلّ الحزب اليميني البديل من أجل ألمانيا في المرتبة الثانية بنسبة 20.80 بالمائة، وبنفس المفاجأة حصل الحزب اليساري على 8.77 بالمائة. أما الحزب الذي كان سببًا في انهيار الائتلاف الحكومي، وهو حزب (FDP)، فإنه لم يجتز العتبة التي تخوّله دخول البرلمان. وقد بلغت نسبة المشاركة في عموم ألمانيا، حوالي، 82.5 بالمائة، مما يعكس حرارة المناخ السياسي في برلين، والتنافس الحاد، ومن ثم الانتظارات إلى الانتخابات الراهنة. اليمين الشعبوي لم يربح الانتخابات ولم يخسر يبدو في الظاهر، أن الانتخابات الراهنة قد أنقذت ألمانيا من الوقوع في قبضة اليمين الشعبوي، لكن حقيقة الأمر وديناميات المشهد السياسي، تبرز أن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، قد أحرز تقدمًا ملحوظًا، وحقق مكاسب سياسية جديدة هامة، تتمثل في مضاعفة مقاعده البرلمانية واتساع قاعدته السياسية والاجتماعية، والتي تجلّت في حصوله على حوالي 20.80 بالمائة من أصوات الناخبين، أي أن حوالي خُمس الألمان قد صوّتوا لحزب البديل (AFD) واختياراته السياسية. وهذا شيء لافت للنظر، إذ إنَّ حزبًا ناشئًا تأسس سنة 2013، لم يحصل في آخر انتخابات -جرت سنة- 2021 إلا على 10.3 بالمائة من الأصوات، يتسع حضوره وتتقوى تمثيليته السياسية والانتخابية بهذا الشكل. إن نتائج الانتخابات الألمانية الراهنة، قد أعاقت مرحليًا وصول اليمين الشعبوي إلى السلطة والحكم، لكنها قد عبّدت طريقه، ورسمت مساره نحو السلطة في أقرب انتخابات، وأن حصول ذلك هو مسألة وقت فقط. وبالأرقام فإن AFD (يمين شعبوي) قد كسب أزيد من عشر نقاط عن آخر انتخابات نظمت سنة 2021. لذلك نقول، إنه لم يربح الانتخابات، لكنه لم يخسر، بل جنى مكاسب سياسية تاريخية في مساره السياسي، جعلته القوة السياسية الثانية في البلاد، فصعوده متنامٍ بشكل مطرد. وفي الواقع، إن الحزب الديمقراطي المسيحي مع "ميرتس" قبل الانتخابات، وفي سياق تجاذبات حكمت أوجهًا من الصراع الحزبي والسياسي، قد تبنّى جانبًا من خطاب اليمين الشعبوي، حصل ذلك على مراحل، بلغت خرق العرف السياسي السائد في المشهد، والذي يقضي بعدم إمكانية التوافق مع اليمين الشعبويّ أو التخندق في نفس الاتجاه، إذ وجد هذا الأخير نفسه، حينما تقدّم بقانون للبرلمان، يروم من خلاله إصلاح سياسة الهجرة، في نفس الخندق، وفي تطابق تامّ في الموقع مع حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD). خلَّف ذلك ردّ فعل سلبي لدى الطبقة السياسية من مختلف الأحزاب، بما فيها أنجيلا ميركل التي انتقدت علانية هذا التوجه السياسي، وكان لانتقادها أثر على حزب الاتحاد الديمقراطي الذي صوَّت بعض برلمانيِّيه مع الكتلة الرافضة والمشكّلة من اليسار وحزب الخضر. هذا الحدث السياسي الذي مثّل جسرًا لإمكانية التطبيع والتوافق مع اليمين الشعبوي، والذي لقي رفضًا، دفع فريدريش ميرتس إلى التأكيد على أن التوافق مع حزب البديل غير ممكن، وهو النهج الذي سيستمرّ في المرحلة السياسية المقبلة. تراجع الأحزاب التقليدية والتحالفات الممكنة عرفت أحزاب الائتلاف الحكومي الذي قاده الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، ويحمل اسم إشارة المرور في ألمانيا، خسارة كبرى، فقد على إثرها الحزب الديمقراطي الحر (FDP) الذي كان سببًا في انهيار الائتلاف الحكومي، حوالي 7.1 من النقاط، ولم يصل إلى العتبة التي تخوّله دخوله البرلمان. بينما خسر حزب الخضر (Grüne) الذي تنتمي إليه وزيرة الخارجية الإلمانية حوالي 3 نقاط، بينما خسر حزب المستشار أولاف شولتس، حوالي 9,3 نقاط، وتراجعت حصيلته لأكبر خسارة مني بها في تاريخه السياسي والانتخابي. أما الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) [وشقيقه الأصغر "المسيحي الاجتماعي" البفاري (CSU)]، الذي تصدر الانتخابات، فإن تقدمه لم يكن إلا بأربع نقاط عن آخر انتخابات، لكن بالنظر إلى منحنى التقدم والتراجع السياسي، فإن الحزب المحافظ الذي سيقود ألمانيا خلال المرحلة المقبلة، والذي ظل مع غريمه الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يتناوبان على حكم ألمانيا منذ 1949، لم يعوض خسارته السياسية السابقة، ولم يصل إلى الثلاثين بالمائة التي كان يتطلع إليها زعيمه والمستشار المستقبلي فريدريش ميرتس، لكن 28.52 بالمائة بالنظر لتاريخه السياسي وللتحديات السياسية والاقتصادية التي تتطلب استقرارًا سياسيًا راسخًا، تعتبر نصرًا انتخابيًا لكنه ليس نصرًا سياسيًا. وهو ما سيجعل الائتلاف الحكومي المقبل، أكثر حذرًا، وفي الآن نفسه أكثر إلحاحًا في خلق ديناميات فاعلة تعالج المشكلات الاقتصادية أساسًا، إذ بدون ذلك ستضعف القوى التقليدية بشكل أكبر، ويرتفع منسوب الارتدادات السلبية للمشكلات الاقتصادية على المجتمع، مما سيعني حتمًا حدة في التنافس السياسي الذي قد يفضي إلى تسليم السلطة فعليًا لليمين. مما رسخته الانتخابات الحالية من مؤشرات الحزبان التاريخيان في ألمانيا، قد ودعا تصدر الانتخابات بما يفوق 30 و40 بالمائة منذ سنة 2017، وهو موعد الانتخابات الثانية التي شارك فيها اليمين الشعبوي (AFD)، والتي حصل فيها على 12 بالمائة، فالتوترات والاضطرابات التي تمر بها أوروبا، والأزمة الاقتصادية، أنهكت القوى التقليدية، سواء كانت في السلطة أو المعارضة. نزعة اليمين الشعبوي تقوض الأحزاب الديمقراطية الأخرى من خلفيات يسارية أو محافظة، كما أن الاضطرابات واللاستقرار التي تمر بها أوروبا سياسيًا واقتصاديًا، تغذي النزوع المجتمعي لاختيار أقصى اليمين، بالإضافة إلى المناخ السياسي الأوروبي والغربي الذي يشهد هذا الصعود المتنامي للأحزاب الشعبوية، وليس آخرها حالة ترامب وإرادة خلق مد يميني يتقاسم هواجس التخويف من المهاجرين، وإغلاق الحدود، والاتجاه للانغلاق، وأوروبيًا، يشكل ذلك تهديدًا للاتحاد كتكتل سياسي واقتصادي، ولهذا سيجد المستشار الحالي نفسه أمام تحدي تمرير تصوره لموضوع الهجرة؛ الذي لا يختلف كثيرًا عن المواقف اليمينية، والتي تخلق حالة توتر مع دول الاتحاد الأوروبي نفسه. ترسيخ معطى أضحى ثابتًا في المشهد السياسي الألماني- وربما الأوروبي بمجمله- وهو الحاجة إلى تشكيل ائتلاف حكومي من أكثر من حزب، والنتائج المحصلة من طرف الأحزاب، تجعل الحزبين: الديمقراطي المسيحي، والاشتراكي الديمقراطي، الأقرب والأقدر على تشكيل حكومة موحدة لحصولهما على الأغلبية، مع إمكانية ضئيلة لفتح منفذ المشاركة أمام حزب الخضر، لكن كما سبقت الإشارة ستعترضها تحديات. الرهانات السياسية والتحديات المنتظرة إن ما أسفرت عنه الانتخابات الراهنة، وبحكم المناخ السياسي الأوروبي والدولي المتوتر الذي نظمت فيه، يعد اختبارًا حقيقيًا لاستقرار النموذج الألماني واختياراته السياسية، ومدى نجاعته في الحفاظ على نسق يضمن التعددية والاختلاف داخل ألمانيا في المدى المتوسط؛ ذلك أن مضاعفة حزب البديل من أجل ألمانيا تمثيلَه في البرلمان وموقعه كقوة سياسية ثانية في البلاد، يعتبر أهم تحدٍّ أمام النموذج السياسي الألماني منذ توحيد الألمانيتين، وأعرافه التي تحكمه، بفعل الاستثمار الحاد لهذا الحزب في موضوعات ذات طابع هوياتي تخلق صدامًا مجتمعيًا، كما أنه يعيد في بعض الأحيان شبحًا مخيفًا في الذاكرة الألمانية، حول بعض الخطابات الشمولية، مما يشكل تهديدًا للديمقراطية والتعددية. إن الائتلاف الحكومي المقبل، سيكون في الواقع مطالبًا بحجب حالة التوتر التي تزرع الخوف في المجتمع، والخوف دافع لاختيارات لاعقلانية في السياسة، إذ تصبح المشكلات الاقتصادية والسياسية، بالصدفة وبفعل الاستغلال السياسيّ الضيق، موضوع هجرة ومهاجرين، أو الآخر في المجمل. هنا نحن في الواقع أمام حالة يشتبك فيها الثقافي بالسياسي بالاقتصادي، سيكون اتساعها خطرًا على مستقبل النموذج إذ لم تتم عقلنة النقاش العمومي، وهذا يفرض بناء حالة وعي لدى الأطراف المتضررة من صعود اليمين الشعبوي، ومن التهديدات التي يمكن أن تنعكس على النسق التعددي برمته. هنا نشير إلى المكوِّن المسلم – والمهاجرين عمومًا-، الذي يفتقر في واقع الأمر إلى بناء خطاب يفكّك الحالة السائدة، ويخلق أفقًا خطابيًا لا يقتصر على المواقف وردود الفعل، وإنما يخلق حالة ثقافية مُسهمةً في الفضاء العمومي، ثم من جانب ثانٍ، التخلي عن سيكولوجيا وعقلية الهجرة ذات الصلة المرتبطة بالشغل وحسب، والانتقال، إلى الفعل المؤثر من خلال ما تتيحه الديناميات السياسية والثقافية والمجتمعية، أي خلق حالة وعي وإدراك ثقافي عميق للبنى التي يتشكل منها المجتمع واختياراته، والمسارات والديناميات التي يمر بها المشهد برمته، والنسق التعددي يتيح ذلك. أما الجانب الآخر من الاختبار، فيرتبط بمدى القدرة والنجاعة في تجاوز الركود الاقتصادي وتبعاته على المجتمع والدولة معًا، في سياق محكوم بنزعة تنافس حادّ أضحت تبديه الصين من ناحية الشرق، وما يمكن أن يطرحه ترامب على شركائه الأوروبيين، ومشكلة المشكلات التي يتغذى منها الاستقطاب السياسي والاجتماعي وغيره، كامنة في الاقتصاد. البعد الثالث، يتعلق مرة أخرى بالرئيس الأميركي، فترامب في واجهة الخلاف في نقاط رئيسية ثلاث: التجارة، الأمن الأوروبي، والوضع الجيوسياسي بأوروبا، والذي يتحدد على أرضية أوكرانيا، نكتفي بذكرها مجملة للإيجاز، وقد تكون موضوع مقالة مستقلة، عن حالة التناقض العميق الذي خلفه الرئيس الأميركي مع حلفائه، مما يحمل تحولًا عميقًا في النظام الدولي برمته. ختامًا: تلك المسارات مجتمعة، ستكون موضوع انشغال سياسي معمق في ألمانيا خلال المرحلة المقبلة، وسيقع مركز الثقل عليها، لأنها واسطة العقد في أوروبا، وواحدة من الأطراف المؤثرة في سياسات الاتحاد الأوروبي. لذلك، فإن الانتخابات الراهنة، وما أفرزته، يعي الساسة الألمان أهميتها في إعادة سكة الاقتصاد إلى قاطرة النمو السريع، من أجل الحفاظ على قوة الاقتصاد الألماني أولًا، ثم استقرار النموذج بصبغته وطبيعته، والحيلولة دون الهيمنة الفعلية لليمين الشعبوي في حالة الإخفاق.

تحولات كبرى في ألمانيا.. ماذا ينتظر أوروبا؟
تحولات كبرى في ألمانيا.. ماذا ينتظر أوروبا؟

الجزيرة

time٢٨-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

تحولات كبرى في ألمانيا.. ماذا ينتظر أوروبا؟

شهدت ألمانيا يوم الأحد 23 فبراير/ شباط الجاري انتخابات سابقة لأوانها، عقب حجب الثقة عن حكومة شولتس منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إثر خلاف حاد داخل الأغلبية الحكومية بشأن تدبير الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت عقب جائحة كوفيد، والحرب الروسية الأوكرانية. وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن تراجع حزب المستشار الألماني "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" إلى المرتبة الثالثة بنسبة 16.41 بالمائة، بينما تقدّم غريمه التاريخي "التحالف المسيحي" إلى المرتبة الأولى بنسبة 28,52 بالمائة، وحلّ الحزب اليميني البديل من أجل ألمانيا في المرتبة الثانية بنسبة 20.80 بالمائة، وبنفس المفاجأة حصل الحزب اليساري على 8.77 بالمائة. أما الحزب الذي كان سببًا في انهيار الائتلاف الحكومي، وهو حزب (FDP)، فإنه لم يجتز العتبة التي تخوّله دخول البرلمان. وقد بلغت نسبة المشاركة في عموم ألمانيا، حوالي، 82.5 بالمائة، مما يعكس حرارة المناخ السياسي في برلين، والتنافس الحاد، ومن ثم الانتظارات إلى الانتخابات الراهنة. اليمين الشعبوي لم يربح الانتخابات ولم يخسر يبدو في الظاهر، أن الانتخابات الراهنة قد أنقذت ألمانيا من الوقوع في قبضة اليمين الشعبوي، لكن حقيقة الأمر وديناميات المشهد السياسي، تبرز أن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، قد أحرز تقدمًا ملحوظًا، وحقق مكاسب سياسية جديدة هامة، تتمثل في مضاعفة مقاعده البرلمانية واتساع قاعدته السياسية والاجتماعية، والتي تجلّت في حصوله على حوالي 20.80 بالمائة من أصوات الناخبين، أي أن حوالي خُمس الألمان قد صوّتوا لحزب البديل (AFD) واختياراته السياسية. وهذا شيء لافت للنظر، إذ إنَّ حزبًا ناشئًا تأسس سنة 2013، لم يحصل في آخر انتخابات -جرت سنة- 2021 إلا على 10.3 بالمائة من الأصوات، يتسع حضوره وتتقوى تمثيليته السياسية والانتخابية بهذا الشكل. إن نتائج الانتخابات الألمانية الراهنة، قد أعاقت مرحليًا وصول اليمين الشعبوي إلى السلطة والحكم، لكنها قد عبّدت طريقه، ورسمت مساره نحو السلطة في أقرب انتخابات، وأن حصول ذلك هو مسألة وقت فقط. وبالأرقام فإن AFD (يمين شعبوي) قد كسب أزيد من عشر نقاط عن آخر انتخابات نظمت سنة 2021. لذلك نقول، إنه لم يربح الانتخابات، لكنه لم يخسر، بل جنى مكاسب سياسية تاريخية في مساره السياسي، جعلته القوة السياسية الثانية في البلاد، فصعوده متنامٍ بشكل مطرد. وفي الواقع، إن الحزب الديمقراطي المسيحي مع "ميرتس" قبل الانتخابات، وفي سياق تجاذبات حكمت أوجهًا من الصراع الحزبي والسياسي، قد تبنّى جانبًا من خطاب اليمين الشعبوي، حصل ذلك على مراحل، بلغت خرق العرف السياسي السائد في المشهد، والذي يقضي بعدم إمكانية التوافق مع اليمين الشعبويّ أو التخندق في نفس الاتجاه، إذ وجد هذا الأخير نفسه، حينما تقدّم بقانون للبرلمان، يروم من خلاله إصلاح سياسة الهجرة، في نفس الخندق، وفي تطابق تامّ في الموقع مع حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD). خلَّف ذلك ردّ فعل سلبي لدى الطبقة السياسية من مختلف الأحزاب، بما فيها أنجيلا ميركل التي انتقدت علانية هذا التوجه السياسي، وكان لانتقادها أثر على حزب الاتحاد الديمقراطي الذي صوَّت بعض برلمانيِّيه مع الكتلة الرافضة والمشكّلة من اليسار وحزب الخضر. هذا الحدث السياسي الذي مثّل جسرًا لإمكانية التطبيع والتوافق مع اليمين الشعبوي، والذي لقي رفضًا، دفع فريدريش ميرتس إلى التأكيد على أن التوافق مع حزب البديل غير ممكن، وهو النهج الذي سيستمرّ في المرحلة السياسية المقبلة. تراجع الأحزاب التقليدية والتحالفات الممكنة عرفت أحزاب الائتلاف الحكومي الذي قاده الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، ويحمل اسم إشارة المرور في ألمانيا، خسارة كبرى، فقد على إثرها الحزب الديمقراطي الحر (FDP) الذي كان سببًا في انهيار الائتلاف الحكومي، حوالي 7.1 من النقاط، ولم يصل إلى العتبة التي تخوّله دخوله البرلمان. بينما خسر حزب الخضر (Grüne) الذي تنتمي إليه وزيرة الخارجية الإلمانية حوالي 3 نقاط، بينما خسر حزب المستشار أولاف شولتس، حوالي 9,3 نقاط، وتراجعت حصيلته لأكبر خسارة مني بها في تاريخه السياسي والانتخابي. أما الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) [وشقيقه الأصغر "المسيحي الاجتماعي" البفاري (CSU)]، الذي تصدر الانتخابات، فإن تقدمه لم يكن إلا بأربع نقاط عن آخر انتخابات، لكن بالنظر إلى منحنى التقدم والتراجع السياسي، فإن الحزب المحافظ الذي سيقود ألمانيا خلال المرحلة المقبلة، والذي ظل مع غريمه الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يتناوبان على حكم ألمانيا منذ 1949، لم يعوض خسارته السياسية السابقة، ولم يصل إلى الثلاثين بالمائة التي كان يتطلع إليها زعيمه والمستشار المستقبلي فريدريش ميرتس، لكن 28.52 بالمائة بالنظر لتاريخه السياسي وللتحديات السياسية والاقتصادية التي تتطلب استقرارًا سياسيًا راسخًا، تعتبر نصرًا انتخابيًا لكنه ليس نصرًا سياسيًا. وهو ما سيجعل الائتلاف الحكومي المقبل، أكثر حذرًا، وفي الآن نفسه أكثر إلحاحًا في خلق ديناميات فاعلة تعالج المشكلات الاقتصادية أساسًا، إذ بدون ذلك ستضعف القوى التقليدية بشكل أكبر، ويرتفع منسوب الارتدادات السلبية للمشكلات الاقتصادية على المجتمع، مما سيعني حتمًا حدة في التنافس السياسي الذي قد يفضي إلى تسليم السلطة فعليًا لليمين. مما رسخته الانتخابات الحالية من مؤشرات الحزبان التاريخيان في ألمانيا، قد ودعا تصدر الانتخابات بما يفوق 30 و40 بالمائة منذ سنة 2017، وهو موعد الانتخابات الثانية التي شارك فيها اليمين الشعبوي (AFD)، والتي حصل فيها على 12 بالمائة، فالتوترات والاضطرابات التي تمر بها أوروبا، والأزمة الاقتصادية، أنهكت القوى التقليدية، سواء كانت في السلطة أو المعارضة. نزعة اليمين الشعبوي تقوض الأحزاب الديمقراطية الأخرى من خلفيات يسارية أو محافظة، كما أن الاضطرابات واللاستقرار التي تمر بها أوروبا سياسيًا واقتصاديًا، تغذي النزوع المجتمعي لاختيار أقصى اليمين، بالإضافة إلى المناخ السياسي الأوروبي والغربي الذي يشهد هذا الصعود المتنامي للأحزاب الشعبوية، وليس آخرها حالة ترامب وإرادة خلق مد يميني يتقاسم هواجس التخويف من المهاجرين، وإغلاق الحدود، والاتجاه للانغلاق، وأوروبيًا، يشكل ذلك تهديدًا للاتحاد كتكتل سياسي واقتصادي، ولهذا سيجد المستشار الحالي نفسه أمام تحدي تمرير تصوره لموضوع الهجرة؛ الذي لا يختلف كثيرًا عن المواقف اليمينية، والتي تخلق حالة توتر مع دول الاتحاد الأوروبي نفسه. ترسيخ معطى أضحى ثابتًا في المشهد السياسي الألماني- وربما الأوروبي بمجمله- وهو الحاجة إلى تشكيل ائتلاف حكومي من أكثر من حزب، والنتائج المحصلة من طرف الأحزاب، تجعل الحزبين: الديمقراطي المسيحي، والاشتراكي الديمقراطي، الأقرب والأقدر على تشكيل حكومة موحدة لحصولهما على الأغلبية، مع إمكانية ضئيلة لفتح منفذ المشاركة أمام حزب الخضر، لكن كما سبقت الإشارة ستعترضها تحديات. الرهانات السياسية والتحديات المنتظرة إن ما أسفرت عنه الانتخابات الراهنة، وبحكم المناخ السياسي الأوروبي والدولي المتوتر الذي نظمت فيه، يعد اختبارًا حقيقيًا لاستقرار النموذج الألماني واختياراته السياسية، ومدى نجاعته في الحفاظ على نسق يضمن التعددية والاختلاف داخل ألمانيا في المدى المتوسط؛ ذلك أن مضاعفة حزب البديل من أجل ألمانيا تمثيلَه في البرلمان وموقعه كقوة سياسية ثانية في البلاد، يعتبر أهم تحدٍّ أمام النموذج السياسي الألماني منذ توحيد الألمانيتين، وأعرافه التي تحكمه، بفعل الاستثمار الحاد لهذا الحزب في موضوعات ذات طابع هوياتي تخلق صدامًا مجتمعيًا، كما أنه يعيد في بعض الأحيان شبحًا مخيفًا في الذاكرة الألمانية، حول بعض الخطابات الشمولية، مما يشكل تهديدًا للديمقراطية والتعددية. إن الائتلاف الحكومي المقبل، سيكون في الواقع مطالبًا بحجب حالة التوتر التي تزرع الخوف في المجتمع، والخوف دافع لاختيارات لاعقلانية في السياسة، إذ تصبح المشكلات الاقتصادية والسياسية، بالصدفة وبفعل الاستغلال السياسيّ الضيق، موضوع هجرة ومهاجرين، أو الآخر في المجمل. هنا نحن في الواقع أمام حالة يشتبك فيها الثقافي بالسياسي بالاقتصادي، سيكون اتساعها خطرًا على مستقبل النموذج إذ لم تتم عقلنة النقاش العمومي، وهذا يفرض بناء حالة وعي لدى الأطراف المتضررة من صعود اليمين الشعبوي، ومن التهديدات التي يمكن أن تنعكس على النسق التعددي برمته. هنا نشير إلى المكوِّن المسلم – والمهاجرين عمومًا-، الذي يفتقر في واقع الأمر إلى بناء خطاب يفكّك الحالة السائدة، ويخلق أفقًا خطابيًا لا يقتصر على المواقف وردود الفعل، وإنما يخلق حالة ثقافية مُسهمةً في الفضاء العمومي، ثم من جانب ثانٍ، التخلي عن سيكولوجيا وعقلية الهجرة ذات الصلة المرتبطة بالشغل وحسب، والانتقال، إلى الفعل المؤثر من خلال ما تتيحه الديناميات السياسية والثقافية والمجتمعية، أي خلق حالة وعي وإدراك ثقافي عميق للبنى التي يتشكل منها المجتمع واختياراته، والمسارات والديناميات التي يمر بها المشهد برمته، والنسق التعددي يتيح ذلك. أما الجانب الآخر من الاختبار، فيرتبط بمدى القدرة والنجاعة في تجاوز الركود الاقتصادي وتبعاته على المجتمع والدولة معًا، في سياق محكوم بنزعة تنافس حادّ أضحت تبديه الصين من ناحية الشرق، وما يمكن أن يطرحه ترامب على شركائه الأوروبيين، ومشكلة المشكلات التي يتغذى منها الاستقطاب السياسي والاجتماعي وغيره، كامنة في الاقتصاد. البعد الثالث، يتعلق مرة أخرى بالرئيس الأميركي، فترامب في واجهة الخلاف في نقاط رئيسية ثلاث: التجارة، الأمن الأوروبي، والوضع الجيوسياسي بأوروبا، والذي يتحدد على أرضية أوكرانيا، نكتفي بذكرها مجملة للإيجاز، وقد تكون موضوع مقالة مستقلة، عن حالة التناقض العميق الذي خلفه الرئيس الأميركي مع حلفائه، مما يحمل تحولًا عميقًا في النظام الدولي برمته. ختامًا: تلك المسارات مجتمعة، ستكون موضوع انشغال سياسي معمق في ألمانيا خلال المرحلة المقبلة، وسيقع مركز الثقل عليها، لأنها واسطة العقد في أوروبا، وواحدة من الأطراف المؤثرة في سياسات الاتحاد الأوروبي. لذلك، فإن الانتخابات الراهنة، وما أفرزته، يعي الساسة الألمان أهميتها في إعادة سكة الاقتصاد إلى قاطرة النمو السريع، من أجل الحفاظ على قوة الاقتصاد الألماني أولًا، ثم استقرار النموذج بصبغته وطبيعته، والحيلولة دون الهيمنة الفعلية لليمين الشعبوي في حالة الإخفاق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store