أحدث الأخبار مع #حموني


الجريدة 24
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الجريدة 24
هل فشلت الحكومة في تنزيل التزاماتها العشر؟... معركة الأرقام والواقع تكشف التباين
منذ تعيينها سنة 2021، رفعت الحكومة المغربية الحالية سقف التطلعات بتحديد عشرة التزامات كبرى ضمن برنامجها الحكومي، كان من شأنها إحداث تحولات بنيوية في الاقتصاد والمجتمع، وتحقيق قفزة تنموية تطال مختلف الفئات والمجالات. غير أن مرور أكثر من نصف الولاية الحكومية، يفتح باب التساؤل: هل نجحت الحكومة في الوفاء بتلك الوعود؟ أم أن الواقع المعيشي وتقديرات المؤسسات يفضح عجزاً ملموساً في التنفيذ؟ ورفعت الحكومة سقف وعودها بتحديد عشرة التزامات مركزية ضمن برنامجها الحكومي، تشمل مجالات حيوية كالتشغيل، الحماية الاجتماعية، تمكين النساء، إصلاح التعليم، تقليص الفوارق، والنهوض بالعالم القروي. غير أن مرور أزيد من نصف الولاية الحكومية يفتح باب التقييم والمساءلة حول مدى الوفاء بهذه الالتزامات، خاصة في ظل المعطيات والمؤشرات التي تكشف عن تباعد واضح بين التصريحات الرسمية والواقع المعيشي للمواطنين. أبرز تلك الالتزامات يتمثل في إحداث مليون منصب شغل صافي خلال خمس سنوات، ورفع نسبة نشاط النساء إلى 30% عوض 20%، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، إضافة إلى حماية الطبقة الوسطى وتوسيعها، وإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة. كما شمل البرنامج الحكومي هدف الرفع من نسبة النمو إلى 4% سنوياً، وتعميم التعليم الأولي ابتداء من سن الرابعة، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال صندوق خاص بميزانية مليار درهم بحلول 2025، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، إلى جانب تصنيف المغرب ضمن أفضل 60 دولة في مؤشرات التعليم. وفي هذا السياق، قدم رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، خلال مشاركته في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بعنوان: "معركة الحجج… الأغلبية والمعارضة وجها لوجه"، قراءة نقدية حادة لأداء الحكومة، واصفاً ما تحقق على الأرض بـ"الجهد الذي بلا أثر ملموس". وأوضح حموني أن المعارضة لا ترفض العمل الحكومي لمجرد المعارضة، بل تستند في تقييمها إلى معطيات موضوعية مستقاة من أربع مصادر رئيسية: الوثائق الرسمية الصادرة عن الحكومة نفسها، وتقارير مؤسسات الحكامة مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والواقع المعيشي اليومي للمواطنين، وأخيراً، اعترافات بعض مكونات الأغلبية نفسها بفشل بعض التدابير المتخذة. وذهب إلى التأكيد بأن الدعم الاجتماعي المباشر، رغم ضخامته وعدد الأسر المستفيدة منه، لم يُحدث التغيير المنتظر، حيث استمرت الأسعار في الارتفاع، وازداد الضغط على الطبقات المتوسطة والفقيرة، مع تسجيل ضعف في فعالية الإجراءات الرامية إلى كبح موجة الغلاء. وأشار إلى أن الحكومة لم تنجح في التصدي للمضاربات داخل أسواق الجملة، رغم مقترحات المعارضة بإنشاء وكالة خاصة لتدبير سلاسل الإنتاج، وهو ما تم تجاهله بشكل تام من قبل الحكومة. ولم يتوقف حموني عند هذا الحد، بل اعتبر أن الحكومة "تتحدث بلغة الأرقام"، لكنها لا تعكس واقع الناس، مؤكداً أن الحكومة قد تصرف المليارات لدعم القطاعات الاجتماعية أو لاستيراد المواشي، لكن إذا لم يلمس المواطن أثراً لذلك في معيشه اليومي، فإن ذلك يعني أن المجهود لم يكن ناجعاً أو أنه أُدير بطريقة غير فعالة. وفي مثال واضح عن ضعف أثر السياسات الحكومية، أشار إلى استمرار البطالة في صفوف الشباب، مشيراً إلى وجود أكثر من 4 ملايين شاب مغربي خارج سوق الشغل أو منظومة التعليم، في وقت يُفترض أن تكون الحكومة قد شرعت في تحقيق هدف خلق مليون منصب شغل. كما تناول مسألة الدين العمومي التي اعتبرها مؤشراً دقيقاً على الوضع الاقتصادي للبلاد، مشدداً على أن الحكومة تقول إن الدين العمومي لا يتجاوز 70% من الناتج الداخلي الخام، لكنها تتجاهل، حسب قوله، ديون المؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وهو ما يجعل النسبة الحقيقية تصل إلى 83% من الناتج الداخلي الخام. وقال: 'كل من الحكومة والمعارضة تعتمد قراءة مختلفة، لكن الأهم أن تكون الشفافية والمصارحة أساس النقاش، لأن الدين ليست أرقاماً فقط، بل هو عبء يتحمله المواطن في نهاية المطاف'. وأشار حموني إلى تقارير رسمية، من بينها تقرير المندوبية السامية للتخطيط، التي أوضحت أن 2.3 مليون مغربي انزلقوا إلى دائرة الفقر، وأن 85% من المواطنين شهدوا تراجعاً في مستوى معيشتهم سنة 2024، بالإضافة إلى نسبة بطالة تجاوزت 13%، مع تسجيل توتر اجتماعي واضح في عدد من القطاعات الحيوية. كما انتقد غياب النقد الذاتي من جانب الحكومة، رغم أن بعض مكوناتها اعترفت صراحة بأن العديد من التدابير لم تنجح في بلوغ أهدافها. وأشار إلى أن الحكومة ينبغي أن تتحلى بالتواضع وتُقر بإخفاقاتها مثلما تطالب الآخرين بالاعتراف بتراكماتها. وتوقف عند مخطط "المغرب الأخضر"، الذي كان يوماً خياراً حكومياً مدعوماً من عدة أحزاب، لكنه، وفق حموني، "ساهم في استنزاف المياه الجوفية ودمّر الفلاح الصغير والكساب"، معتبراً أن السياسات الزراعية ينبغي أن تعيد ترتيب الأولويات، خصوصاً في ظل أزمة ندرة المياه. واستحضر في هذا السياق واقعة إعفاء الوزيرة المنتدبة السابقة المكلفة بالماء شرفات أفيلال، التي كانت من المدافعين عن توجيه المياه أساساً للشرب وليس للسقي. كما انتقد الجمود التشريعي داخل البرلمان، مشيراً إلى أن اللجان الموضوعاتية، مثل لجنة تقييم المخطط الأخضر، تم تجميدها وعرقلة أشغالها، مما يطرح تساؤلات حول استقلالية المؤسسة التشريعية ودورها الرقابي، قائلاً: 'البرلمان أصبح في بعض الأحيان مجرد غرفة للمصادقة على مشاريع القوانين دون نقاش فعلي للمواضيع الحارقة'. وأكد حموني أن المعارضة لا تستهدف الأشخاص، بل تنتقد السياسات والمؤسسات، معتبراً أن فشل الحكومة هو فشل جماعي، وليس مسؤولية حزب دون آخر. ودعا إلى تعزيز أدوار المعارضة التي أصبحت، حسب تعبيره، تحظى بمكانة دستورية يجب أن تُفعل بشكل كامل لبناء ديمقراطية متوازنة. وختم مداخلته بالتشديد على أن المعارضة لن تتوقف عن لعب دورها الرقابي، لأنها "لا تعارض من أجل المعارضة"، بل من أجل دفع الحكومة إلى تصحيح المسار، بما يعود بالنفع على المواطنين، داعياً إلى ضرورة بناء مغرب قوي بتراكمات الجميع، دون احتكار للإنجاز أو تنصل من المسؤولية.


المغرب الآن
١٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- المغرب الآن
النائب حموني يتهم: 'المغاربة لا يرون سوى الغلاء… والدعم ذهب إلى جيوب المستوردين والوسطاء'
رغم صرخات نواب المعارضة الذين يكشفون عن نهب بعض المسؤولين للملايين، ويكشفون عن الفوضى والفساد الذي ينخر مفاصل الدولة، تبقى الحقيقة الأكثر غرابة هي أنه ليس هناك رجل رشيد في هذا البلد ليوقف هذا العبث. مع كل فضيحة جديدة، يتسابق المسؤولون لتبرير مواقفهم أو الهروب من المساءلة، بينما المواطن العادي يدفع الثمن من جيبه وكرامته. في ظل هذه الفوضى، يتساءل الجميع: إلى متى سيظل الشعب المغربي ينتظر تغييرات حقيقية في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية، وهل من مخلص لوقف هذا الانزلاق نحو الأسوأ؟ في جلسة برلمانية تحولت إلى ما يشبه 'محاكمة سياسية'، فجر رشيد حموني ، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية (معارضة)، قنبلة مدوية باتهامه الحكومة بـ'تبذير وتوجيه خاطئ لمئات الملايين من أموال المغاربة'، في ما وصفه بـ'صفقة دعم الأضاحي الفاشلة'، متسائلًا عن مصير 437 مليون درهم تم تخصيصها لدعم الأضاحي خلال سنتي 2023 و2024. دعم بلا أثر… أين الخرفان المدعومة؟ البرنامج الحكومي، بحسب حموني، خصص دعمًا مباشرًا يناهز 500 درهم عن كل رأس غنم لتخفيف العبء على المواطن، لكن 'النتائج على الأرض كانت كارثية' حسب قوله: 'في السوق، استمرت الأسعار في الارتفاع، لتتراوح بين 2000 و4000 درهم، رغم أن الهدف كان التخفيف. المواطن لم يلمس شيئًا، فأين ذهب الدعم؟' وسرد النائب أرقامًا موثقة تشير إلى صرف: 193 مليون درهم في عام 2023. 244 مليون درهم في عام 2024. 'نحن لا نتحدث عن إعفاءات فقط، بل عن أموال خرجت فعلًا من خزينة الدولة… من أموال الشعب!' الغنم في الكوارى… لا في الأسواق! الجانب الأكثر إثارة في تصريح حموني كان تأكيده أن معظم الخرفان المدعومة لم تصل أصلًا إلى الأسواق ، بل تم الاحتفاظ بها في المزارع أو 'الكوارى' ليُعاد بيعها لاحقًا بأسعار خيالية، وكأنها إنتاج وطني غير مدعوم. 'في عيد الأضحى، من منا رأى خرفان الدعم في الأسواق؟ كلنا نشتري من السوق، وكلنا نعلم أن الأسعار لم تنخفض…' الإعفاءات الجمركية: هل ضاعت 13 مليار درهم هباءً؟ الانتقادات لم تتوقف عند الدعم، بل طالت الإعفاءات الجمركية التي منحتها الدولة لاستيراد اللحوم لمواجهة الغلاء. وحسب حموني: تم إعفاء مستوردي اللحوم من الرسوم، ما كلّف الدولة 13 مليار درهم . ومع ذلك، بقي سعر اللحم الأحمر فوق 150 درهمًا للكيلوغرام . فمن استفاد إذًا؟ وهل كان المستوردون وحدهم من احتكروا الأرباح؟ برلمان بلا رقابة… من يخاف لجان تقصي الحقائق؟ النائب المعارض أشار بوضوح إلى أن أحزاب الأغلبية البرلمانية ترفض تشكيل لجان تقصي الحقائق رغم أن الدستور (الفصل 67) يمنح البرلمان هذا الحق. 'نحن لا نطالب بمحاكمة، بل فقط بكشف الحقيقة. لماذا الخوف من الشفافية؟ هل هناك من يخشى افتضاح المستور؟' السياق السياسي: هل تستعمل الحكومة المال العام كأداة للربح السياسي؟ تصريحات حموني فتحت بابًا واسعًا للنقاش حول الشفافية والنجاعة في صرف المال العام ، خصوصًا وأن البرنامج لم يؤدِّ إلى انخفاض الأسعار، ولم يمنع الغلاء، بل غذّى الشكوك حول وجود شبهات احتكار وتلاعب . ويبقى السؤال مطروحًا: هل استُعملت أموال الدعم كآلية دعائية فقط، فيما ذهب الريع إلى 'شبكة مصالح' تستفيد من الغموض والمحاباة؟ الملكية تدخل الخط: قرارات جريئة ولكن… أشاد حموني بالقرار الملكي الحكيم بإلغاء شعيرة الذبح الجماعي في بعض الحالات حفاظًا على القدرة الشرائية، مؤكدًا أن هذا القرار كان له أثر مباشر على انخفاض الأسعار، على عكس 'كل الإجراءات الحكومية التي لم تُحدث فرقًا'. وهنا تبرز المفارقة: مبادرة واحدة من رأس الدولة كان لها أثر، بينما مئات الملايين أنفقتها الحكومة ولم تغير شيئًا! الخلاصة: هل نعيش أزمة سياسات أم أزمة ضمير؟ تصريحات حموني، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، فتحت الباب أمام أسئلة مؤرقة: لماذا تفشل الحكومة في إيصال الدعم إلى مستحقيه؟ لماذا تتكرر فضائح المال العام دون محاسبة؟ هل يمكن أن تثبت المعارضة مزاعمها بوثائق دامغة؟ وهل سيظل البرلمان عاجزًا عن مساءلة الحكومة رغم صلاحياته الدستورية؟ الجواب عن هذه الأسئلة سيحدد ما إذا كانت هذه مجرد زوبعة سياسية ، أم نقطة تحول نحو مساءلة حقيقية لمافيا الاقتصاد الريعي في المغرب.


بلبريس
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- بلبريس
حموني: 437 مليون درهم من دعم استيراد المواشي اختفت.. والمهمة الاستطلاعية لن تكشف المستفيدين
بلبريس - ياسمين التازي اتهم رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أطرافًا لم يُسمها بالاستفادة من الدعم المخصص لاستيراد المواشي، دون أن ينعكس ذلك على السوق أو على المواطنين. وقال إن مبلغ 437 مليون درهم، الذي رصدته الحكومة خلال عامي 2023 و2024 لهذا الغرض، لم يصل إلى المستهلكين، معتبرًا أن "هذه الأموال قد سُرقت"، على حد تعبيره. وفي كلمة ألقاها خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني مساء الأربعاء بمدينة سلا، تحت عنوان "معركة الحجج: الأغلبية والمعارضة وجهًا لوجه"، انتقد حموني ما وصفه بتقاعس الأغلبية عن المطالبة بلجنة لتقصي الحقائق، مفضلين بدلًا من ذلك مهمة استطلاعية برلمانية، اعتبرها غير كافية للكشف عن هوية المستفيدين من الدعم. وأضاف حموني أن الدعم الموجه لاستيراد رؤوس الأغنام لم يُترجم إلى انخفاض في الأسعار خلال عيد الأضحى، متسائلًا: "هل شاهد المواطن فعليًا تلك الأغنام في الأسواق؟"، قبل أن يجيب: "ما رأيناه هو أغنام خرجت بعد العيد، وكأنها إنتاج محلي، بينما تم دعم استيرادها بأموال عمومية ذهبت إلى جيوب عدد محدود من الأشخاص". واستشهد المتحدث بتصريحات رسمية، من بينها تصريح للأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، نزار بركة، الذي أقر بأن أسعار الأضاحي لم تتأثر بالدعم، مشيرًا كذلك إلى بلاغ المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة في مارس الماضي، والذي دعا إلى إلغاء الدعم والإعفاءات الجمركية المتعلقة باستيراد المواشي. وحذر حموني من التعامل "السطحي" مع الملف، مؤكدًا أن هناك تصريحات تفيد بأن 18 شخصًا فقط استفادوا من مجمل الدعم، مخاطبًا نواب الأغلبية المشاركين في اللقاء، محمد شوكي وأحمد تويزي، بالقول: "هل أنتم كنواب لا تتحملون مسؤولية حماية المال العام؟ هذه مسؤوليتكم الدستورية والرقابية". كما شدد على أن لجنة تقصي الحقائق هي الآلية الأجدر لكشف الحقيقة، مضيفًا: "المهمة الاستطلاعية لن تُمكن من الحصول على أسماء المستفيدين، بينما في لجنة التقصي يمكن إلزام المسؤولين على تقديم المعلومات تحت القسم، وإذا امتنعوا نلجأ للمفوض القضائي". وخلص حموني إلى أن الفارق بين المهمة الاستطلاعية ولجنة التقصي، يشبه الفارق بين من يشاهد مشكلة من نافذة بيته، ومن ينزل ليفهم ما يحدث ويبلغ عن المتورطين، قائلاً: "هذا ملف فيه أموال عمومية، ويستوجب فتح تحقيق حقيقي، لا الاكتفاء بتوصيات غير ملزمة".


الجريدة 24
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الجريدة 24
اتهامات بتبديد المال العام.. الأغنام المستوردة تفجر سجالا بين المعارضة والأغلبية
يعيش المغرب على وقع عاصفة سياسية واجتماعية تتصاعد حدّتها يوماً بعد يوم، عنوانها: "دعم استيراد المواشي"، لكن جوهرها يكشف أزمة ثقة متنامية بين المواطن والحكومة. القضية التي بدأت كإجراء حكومي لتخفيف أسعار الأضاحي، سرعان ما تحولت إلى ملف شائك يُسلط الضوء على اختلالات في الشفافية والحكامة، ويثير أسئلة محرجة حول مدى تحمل المسؤولية السياسية في تدبير المال العام. فبين أرقام رسمية تتحدث عن 437 مليون درهم ومواقف متضاربة من شخصيات سياسية ووزارية، يجد الرأي العام نفسه محاصراً بسحابة كثيفة من الغموض والتناقضات. بدل أن يُسهم الدعم في تخفيف عبء الغلاء، فتح الباب أمام موجة من الشكوك والاتهامات، عمّقت الإحباط الشعبي وأشعلت الجدل داخل المؤسسة التشريعية. وانطلقت الشرارة عندما تحدث نزار بركة، وزير التجهيز والماء، والأمين العام لحزب الاستقلال، عن رقم ضخم يتجاوز 13 مليار درهم ككلفة لدعم استيراد الأغنام، غير أن وزارة الفلاحة لعب دور "الحكم" عبر بيان رسمي قالت فيه إن كلفة الدعم بلغت 437 مليون درهم موزعة على سنتي 2023 و2024 في خضم الجدل المتصاعد حول الدعم الحكومي الموجَّه لاستيراد المواشي، فجّر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، معطيات مثيرة تتعلق بمآل 437 مليون درهم خُصصت لهذا الغرض خلال سنتي 2023 و2024، متهماً جهات لم يسمّها باختلاس هذا الدعم، ومشككاً في قدرة المهمة الاستطلاعية التي تطالب بها الأغلبية على كشف هوية المستفيدين الفعليين من هذه الأموال. وقال حموني، الذي كان يتحدث خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بمدينة سلا تحت عنوان "معركة الحجج، الأغلبية والمعارضة وجهاً لوجه"، بصراحة إن "الحولي تشرا بـ2000 وتباع بـ4000 درهم"، ما يعني، حسب تعبيره، أن الدعم الحكومي لم يصل إلى المواطنين، بل استقر في جيوب قلة من المحظوظين، مطالباً بفتح تحقيق برلماني جاد عبر لجنة تقصي الحقائق، لا مهمة استطلاعية "تطل من بعيد ولا تملك صلاحيات حقيقية". وأكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية أن الأغنام المستوردة لم تظهر في الأسواق خلال فترة عيد الأضحى، مضيفاً أن الجهات المستفيدة احتفظت بها في أماكن خاصة ولم تُطرح للبيع إلا بعد انقضاء المناسبة الدينية، لتبدو وكأنها إنتاج محلي. وفي هذا السياق، كشف عن وجود تصريحات رسمية تؤكد أن 18 شخصاً فقط استفادوا من مجمل هذا الدعم، مما يطرح تساؤلات حول عدالة توزيع الأموال العمومية وفعالية السياسات الحكومية في ضبط السوق. واستدل حموني بتصريحات وزير التجهيز والماء، نزار بركة، الذي أكد استفادة بعض المستوردين من الدعم دون أن ينعكس ذلك على الأسعار، فضلاً عن بلاغ صادر عن المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة دعا إلى إلغاء الإعفاءات الجمركية والدعم الموجه لاستيراد الأغنام، في خطوة تعكس التباين داخل مكونات الأغلبية نفسها بشأن تدبير هذا الملف. وعبر المتحدث ذاته عن استغرابه من وصف خطاب المعارضة بـ"الرومانسي"، داعياً نواب الأغلبية إلى تحمل مسؤولياتهم الرقابية، ومشدداً على أن الحكومة لم تسرق شيئاً بشكل مباشر، لكنها، بحسب قوله، سمحت بمرور الأموال العمومية إلى جيوب أفراد دون مراقبة حقيقية، وهو ما يستوجب مساءلة برلمانية حازمة. وفي مقارنة بين اللجنة الاستطلاعية ولجنة تقصي الحقائق، أوضح حموني أن الأولى تفتقر إلى صلاحيات حقيقية ولا تستطيع الحصول على أسماء المستفيدين، بينما تُمكن الثانية من استدعاء المسؤولين تحت القسم ومطالبتهم بتقديم الوثائق، بل والاستعانة بمفوضين قضائيين عند الضرورة. واعتبر أن الحكومة فوتت فرصة حقيقية لمراقبة سلسلة الدعم من بدايتها إلى نهايتها، معتبراً أن الحديث عن تقارير المهمة الاستطلاعية مجرد تمويه للرأي العام. من جهة أخرى، شكك حموني في جدوى الإعفاءات الضريبية التي منحت لمستوردي الأغنام، مشيراً إلى أن الدولة خسرت مداخيل جمركية تقدر بـ13 مليار درهم، دون أن ينعكس ذلك على أسعار اللحوم، التي بلغت مستويات قياسية خلال الأشهر الماضية. وأوضح أن الحاولي الذي بيع للمواطنين بأكثر من 4000 درهم كان قد تم شراؤه بمبلغ لا يتجاوز 2000 درهم، وهو ما يمثل تضخيماً واضحاً للأسعار في غياب أي آلية رقابة أو ضبط. في المقابل، دافع محمد شوكي، رئيس الفريق النيابي لحزب التجمع الوطني للأحرار، عن موقف الحكومة، مؤكداً أن الرقم الحقيقي للدعم هو 437 مليون درهم فقط، وأن ما تروجه المعارضة بشأن 13 مليار درهم هو ما يُعرف بـ"النفقات الضريبية" التي لم تدخل أصلاً إلى خزينة الدولة. معتبراً أن هذه المعطيات تُستخدم لتضليل الرأي العام. وأضاف أن لجنة تقصي الحقائق لها شروط قانونية صارمة، تتطلب التوافق والنصاب القانوني، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، داعياً المعارضة إلى المشاركة في اللجنة الاستطلاعية المطروحة. وفي السياق ذاته، شدد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي، على أن المعطيات التي قدمتها وزارة الاقتصاد والمالية تؤكد بلوغ الكلفة الحقيقية للدعم حدود 13 مليار درهم، واصفاً التبريرات الحكومية بأنها التفاف على الأرقام الحقيقية. مشيراً إلى أن هذه الأموال كان من الممكن أن تُوجه لدعم الفلاح المغربي وإنعاش القطيع الوطني بدل اللجوء إلى الاستيراد. من جانبه، حمّل أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، المعارضة مسؤولية "تسييس" هذا الملف، معترفاً في الوقت ذاته بأن الدعم لم يُحقق النتائج المرجوة على مستوى الأسعار. وأكد أن الحكومة تحركت بدافع ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، وأطلقت عملية الدعم والإعفاءات الجمركية في محاولة لتوفير الأضاحي بأسعار مناسبة. كما أوضح أن اللجنة الاستطلاعية المقترحة ستُناقش تقريرها في جلسة عامة، مع إمكانية تحرك النيابة العامة إذا ثبت وجود خروقات. وفي ختام هذا السجال السياسي والرقابي المحتدم، يبقى سؤال جوهري مطروحاً بإلحاح: هل أفلحت الحكومة فعلاً في ضبط مسار الدعم وتوجيهه بالشكل الذي يحقق المصلحة العامة؟ أم أن ملايين الدراهم ضاعت بين الإجراءات الغامضة وغياب الشفافية؟ وبين معركة الأرقام والاتهامات المتبادلة، تتعالى أصوات المواطنين في انتظار الحقيقة، لا الخطاب السياسي.


بلبريس
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- بلبريس
جدل الـ1300 مليار ونقاشات "الفراقشية"..الجمعية الوطنية لمربي الأغنام في مرمى التدقيق المالي !
بلبريس - اسماعيل عواد مع الجدل السياسي حول تكتم الحكومة عن لائحة المستوردين الذين استفادوا من الدعم المخصص لاستيراد الأغنام والأبقار والبالغ 1300 مليار، دعا البرلماني رشيد حموني ، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى الكشف عن حجم الدعم المالي المخصص للجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز. وفي سؤال كتابي وجهه إلى الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أشار حموني إلى أن الوضعية الصعبة للقطيع الوطني من الماشية، في ظل التغيرات المناخية والجفاف، وأيضًا في ضوء القرارات الحكومية المتعلقة بدعم وتحفيز استيراد الأغنام والأبقار، تضع الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز في الواجهة مجددًا. وذلك باعتبارها تنظيمًا مهنيًا يرتبط مع وزارة الفلاحة بعقود وبرامج شراكة تدبيرية ومالية ومهنية، تشمل تنفيذ مهام تتعلق بحالة ودعم القطيع الوطني. وأوضح المصدر ذاته أن الجمعية تشرف على شبكة تضم آلاف المنخرطين الذين يربون ملايين من الأغنام والماعز. كما أن الجمعية تتولى مهامًا متعددة، مثل تطوير سلسلة اللحوم الحمراء، والمحافظة على السلالات، وتحسين النسل، وتقديم الدعم الفني للمربين، والمساهمة في توزيع الدعم العمومي على مربي الماشية، بالإضافة إلى تنظيم أسواق مؤقتة لبيع الأضاحي وترقيم رؤوس الأغنام والماعز. ودعا حموني إلى الكشف عن التفاصيل المالية الدقيقة للمبالغ التي تلقتها الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز في إطار الشراكة والتعاقد العمومي المهني، بالإضافة إلى سُبل وأوجه إنفاق الأموال العامة التي تحصل عليها الجمعية. كما تساءل عن مدى قانونية وصحة الاقتطاعات التي تقوم بها الجمعية من الدعم العمومي المخصص للمربين قبل تسليمه لهم. وبعد جدل الأرقام حول استيراد الأغنام والأبقار أفادت وزارة الفلاحة بأن تكلفة عملية دعم الحكومة لتشجيع الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024 بلغت ما مجموعه 437 مليون درهم. وقدمت الوزارة أرقاما تخص فقط استيراد الأغنام دون الأبقار. وأوضحت الوزارة، في بلاغ حول « عملية دعم الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024″، أن 193 مليون درهم تم توجيهها لهذه العملية برسم سنة 2023، و244 مليون درهم برسم سنة 2024. وأضافت أنه تم استيراد ما يناهز 875 ألف رأس من الأغنام، منها 386 ألف رأس خلال سنة 2023، و489 ألف رأس خلال سنة 2024. وأشار البلاغ إلى أنه قد تم فتح المجال أمام جميع المستوردين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري المشترك بين وزارة المالية ووزارة الفلاحة، موضحا أن عدد المستوردين الذين تمكنوا من الانخراط في مسطرة الاستيراد هو 156 مستوردا (61 مستورد سنة 2023، و95 مستورد سنة 2024). وذكرت الوزارة أن « عملية استيراد الماشية لا تزال مفتوحة، مع استمرار العمل بتعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة ». وأكد المصدر ذاته أن هذه الإجراءات كان لها أثر ملموس على توفير وتعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى لسنتي 2023 و2024، علاوة على المساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني، مبرزا أنها مكنت كذلك من ضمان تموين الأسواق باللحوم الحمراء والمحافظة على استقرار الأسعار وعدم ارتفاعها إلى مستويات قياسية. وتابع أنه في ظل ارتفاع نسب التضخم عالميا وتوالي سنوات الجفاف، أقرت الحكومة منذ تنصيبها حزمة إجراءات تروم دعم القدرة الشرائية للمواطنين على غرار إعفاء مجموعة من المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع من الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن إقرار إعفاءات جمركية على عدد من المنتجات (القمح اللين والماشية والمعدات الموجهة للاستخدام الفلاحي)، وهو ما كان له أثر إيجابي على أسعار عدد من المواد الأساسية. وسجلت الوزارة أنه بالنظر إلى الظرفية الراهنة، المطبوعة أساسا بتوالي سنوات الجفاف التي أثرت بشكل سلبي على الموفورات العلفية، وساهمت في تراجع كبير لأعداد القطيع الوطني وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بشكل ملحوظ، وأخذا بعين الاعتبار أن تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة المطبقة على استيراد الأغنام لم يكن لوحده كافيا لرفع وتيرة الاستيراد وتحقيق وفرة في الأغنام خلال عيد الأضحى، فقد اتخذت الحكومة إجراءات استثنائية إضافية خلال سنتي 2023 و2024، من خلال تخصيص دعم يقدر بـ500 درهم لكل رأس من الأغنام الموجهة للذبح خلال عيد الأضحى. وخلص البلاغ إلى أن تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة لم ينتج عنه أي أثر مالي على ميزانية الدولة، بالنظر لكون تطبيق هذه الرسوم خلال السنوات الماضية (200 في المائة) كان ذا طابع حمائي للقطيع الوطني ولم يكن يدر على خزينة الدولة أية موارد.