أحدث الأخبار مع #ذيإيكونوميست


إيطاليا تلغراف
منذ 4 أيام
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
ترويض الفهود: قصة فشل أوروبي يجب أن ينجح فيها العرب
إيطاليا تلغراف د.حسن أوريد كاتب وأكاديمي من المغرب أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط نعيش عالمًا يطبعه صراع الهُويّات، أو حسب جملة مأثورة للصحفي الأميركي فريد زكريا، 'إنها الهويات يا مُغفّل'، تحويرًا لجملة شهيرة وردت في مجلة ذي إيكونوميست سنة 1992، 'إنه الاقتصاد يا مُغفل' في خضم الانتخابات الرئاسيّة حينها. قضايا الهوية هي قضايا عابرة للمجتمعات قلّما تسلم منها دولة، وإن اختلفت أشكالها وطبيعتها، تتأثر بالسياق التاريخي والجغرافي والثقافي. تعرف قضايا الهوية زخمًا مردّه حسب عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين، إلى الانتقال الذي طبع العالم، من نموذج صناعي يقوم على التنميط وصراع الطبقات، إلى مجتمعات ما بعد صناعية، يطبعها التنوع مما لا يتيح تجاوز الهويات. بدت مطالب الهويات بشكل حادّ عقب سقوط جدار برلين، إذ حلت الهوية كعنصر تحليل محل الطبقة، وأضحى العامل الثقافي عنصر تفسير محلّ العامل الاقتصادي، وعرف العالم فورة مطالب هوياتية، في أوروبا الوسطى، والقوقاز، والبلقان، وانتقل تأثيرها إلى دول أفريقيا وحتى العالم العربي، وهو ما أفرز اهتزازات كبرى لم تخلُ من احتدام وصِدام، كما في يوغسلافيا السابقة، أو في رواندا، والتقتيل الذي عرفه هذا البلد ما بين الهوتو والتوتسي. يستند خطاب الهوية، إلى عناصر موضوعية، إما إثنية، أو لغوية، أو عَقَدية. قد تكون جماعة ما عرضة للاضطهاد، أو محاولات تذويب، أو احتقار، أو تكون لغة ما مهمشة، أو غير معترف بها، أو عرضة للاندثار، أو عقيدة تتعرض للزراية، ولا يتاح لمعتنقيها مزاولة طقوسهم، وما يرتبط بذلك من ثقافة في الأفراح، والأتراح على السواء. يقوم خطاب الهُوية على قيم واعتبارات أخلاقية، منها العدالة، والحقّ في التنوّع، وحقوق الإنسان، والاعتراف، والكرامة، والتوزيع العادل للرموز. يظلُّ الخطاب الهوياتي بناءً بالأساس، يقوم على العناصر الموضوعية المُومأ إليها، من لسان، أو إثنية، أو عقيدة، يوظفها مثقفون، في ظل احتقان يمسّ عنصر هويتهم، إما احتقارًا لها، أو تهميشًا، أو محاولة تنميط، من خلال ردّ الاعتبار لعنصر الهوية المضطهَدة، وتفكيك الخطاب الذي ينالها بالقدح، أو الشيطنة. ولكن خطاب الهُوية يجنح، ويقع فريسة انزلاقين: الأول التمجيد الذاتي المفرط، أو الهيام في الأنا الجمعي، والثاني، وهو نتاج للأول، شطينة الآخر. كل خطاب هوياتي يستعدي آخر، وهو ما يسمى بالعدو الحميم، أي العنصر القريب. وهنا مكمن الخطورة. ومن دون شك، أن الاستعداء أو الشيطنة هو ما ألهم الكاتب أمين معلوف بكتابة كتابه ذائع الصيت عن 'الهويات المتناحرة'، لأن الهويات تناحرت وتنابزت في الفترة التي كتب فيها كتابه، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، في كل ما كان في يوغسلافيا، وما طبعها من حروب أهلية وصور مروّعة للتّطهير العرقي، أو في رواندا، في الاقتتال ما بين الهوتو والتوتسي، وقبل هذا وذاك، في لبنان والحرب الأهلية التي مزّقت البلد منذ أن اندلعت سنة 1975. لم يعد ممكنًا، في ظلّ السياق الذي أفرزته مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين، تجاهل المطالب الهوياتية، ولكن في الوقت ذاته، كان يتوجب حسن تدبيرها، أو ما يسمّيه أمين معلوف بترويض الفهود. ساد في الغرب اتجاهان، اتجاه أول غلب أوروبا، ويستوحي سابقة كندا فيما يسمى التعددية الثقافية، وعرف تطبيقاته في كل من ألمانيا، وهولندا، وإنجلترا، وحتى فرنسا، والاتجاه الثاني، ذلك الذي ساد الولايات المتحدة، ويُعرف بالتوليفة الهوياتية؛ أي الإقرار بنوع من الانفصالية (كذا) التقدمية؛ أي خصوصية بعض الأقليات، والجماعات الإثنية، وبالأخص بالنسبة للسود. فشل النموذجان، لأن التعددية الثقافية في أوروبا أفضت إلى تمايزات مجتمعية أو ما يسمى أرخبيلًا مجتمعيًا، في نوع من أبارتيد فعلي، يسمى مجازًا بالأبارتيد الرخو، أما نموذج التوليفة الهوياتية فقد تعارض مع مقتضيات المواطنة، وأفرز، كرد فعل، الدفاع عن الهوية البيضاء، أو ما يسمى بالامتياز الأبيض، مما يغذي الاتجاهات اليمينية المتطرفة. لذلك أصبحت الهويات وخطابها، يتهددان في الغرب القاسم المشترك، أو المواطنة. يتجلى ذلك في علاقات توتر في بعض مكوناته، ما بين الأصليين والوافدين. لم يكن العالم العربي، بمنأى عن الطلب الهوياتي، وانصاعت كثير من الدول، تحت مطالب داخلية محلية، وضغط خارجي، إلى الاعتراف بحقوق الأقليات العرقية والعقدية، أو في الاعتناء بلغات مهمشة. ضمّنت بعضها في نصوصها الأساسية، وفي اتخاذ إجراءات عملية لرفع الحيف عن وحدات إثنية، أو عقدية، أو لغات، في نوع من التمييز الإيجابي، أو المحاصصة. ولكن هذه الاعترافات لم تسلم من زيغ، من خلال انكفاء الوحدات الثقافية، وهلهلة السبيكة المجتمعية، وإضعاف الدولة، وفي حالات معينة، حمل السلاح، واتخاذها ذرائع للتدخل الأجنبي. لا يمكن أن يجادَل في شرعية الهويات، ولكن يتوجب ألا تتعارض مع مقتضيات أساسية، أولها شخصية بلد ما، أي البنية العميقة التي هي نتاج لتفاعل الجغرافيا والتاريخ، والتي تثبت رغم التغييرات الثقافية والديمغرافية. ولا يجوز أن تتعارض الهويات مع مفهوم الأمة، التي تنصرف إلى أزمّة ثلاثة: ذاكرة جمعية، وحاضر ينبني على التضامن، ومستقبل ينصرف إلى المصير المشترك، وألا تجافي الهويات المواطنة، إذ لا ينبغي للهويات أن تقوم بديلًا للمواطنة، والحال أن الهويات تفضي إلى طائفية تتعارض مع المواطنة، في الغرب، وغيره. بيدَ أن هذه المبادئ، على أهميتها ينبغي أن تستند إلى أدوات، وإلّا تُضحي مجرد شعارات، ومنها العدالة الاجتماعية؛ لأن خطاب الهوية يستمد مشروعيته من التباينات الاجتماعية والحيف الذي يمَس مجموعة ما، وأن تقوم أدوات تنشئة فعّالة، وعلى رأسها المدرسة التي ينبغي أن تكون بوتقة الانتماء، ورافعة اجتماعية، وأن تنهض وسائط مجتمعية، من أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني، تتجاوز الانتماءات الهوياتية وتستوعبها، وأن تقوم رموز تاريخية وسياسية وفكرية ورياضية تكون محط إجماع، وتصلح أن تكون عناصر تمثُّل، فضلًا عما يسميه البعض بالتوزيع العادل للرموز. ليست الهويات قارّة، ولذلك تستلزم حوارًا دائمًا، يضطلع به من يسميهم ت. إس إليوت بالحكماء، وإلا تحولت قضايا الهوية إلى عمليات جراحية يجريها غير الأطباء، ما من شأنه أن يُعرض الجسم للأذى، والحال أن الثورة الرقمية لم تسعف في حوار هادئ ورصين وهادف لقضايا معقدة بطبيعتها، وتختلط فيها الجوانب الذاتية مع الموضوعية، ويمكن بإساءة التعاطي معها، أن تكون مصدر توتر وصِدام، أو تؤجّجهما.


خبرني
منذ 6 أيام
- أعمال
- خبرني
هل يردع التعطيل عن بُعد عمليات التهريب لرقائق إنفيديا؟
خبرني - على وقع سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، تخوض الولايات المتحدة معركة تكنولوجية حاسمة ضد الصين، عنوانها الأبرز منع كل ما له علاقة بصناعة أشباه الموصلات المتقدمة والرقائق فائقة القوة من الوصول إلى أيدي الشركات الصينية. وقد بدأت واشنطن هذا المسار منذ أكتوبر 2022، عندما فرضت إدارة الرئيس بايدن قيودًا صارمة على تصدير بعض أنواع الرقائق الأميركية إلى بكين، لتقوم أميركا بعد عام من هذا التاريخ بتشديد قيودها ومنع وصول أنواع جديدة من الرقائق القوية إلى أيدي الصينيين. وتركّز القيود الأميركية بشكل خاص على منع بيع الرقائق التي تنتجها شركة إنفيديا للشركات الصينية، فشرائح إنفيديا تمثّل أعلى مستوى من قدرات الحوسبة، ما يجعلها حاسمة في عملية تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، كما أن شرائح إنفيديا تُعتبر الخيار المفضل لشركات التكنولوجيا الصينية الكبرى، مثل "بايدو" و"علي بابا" و"تينسنت"، التي تسعى إلى بناء نماذج ذكاء اصطناعي محلية قادرة على منافسة الشركات الأميركية. أميركا تُقسّم العالم إلى فئات وبحسب تقرير أعدّه موقع "ذي إيكونوميست" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإنه وفي محاولة لسد جميع الثغرات التي كانت تستغلها الصين للحصول على الرقائق الإلكترونية الأميركية المحظورة، كشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في يناير 2025، عن "إطار عمل انتشار الذكاء الاصطناعي"، الذي يُقسّم العالم إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى هي فئة الدول الموثوقة، التي لا تواجه أي قيود وتضم 18 دولة، الفئة الثانية تضم 120 دولة وتخضع لبعض القيود. أما الفئة الثالثة فتضم الصين وروسيا، وهي فئة الدول المحظورة تمامًا، حيث إنه وبموجب هذا التصنيف يُمنع أيضًا على مزوّدي الخدمات السحابية الأميركيين تقديم أي خدمات مدعومة بشرائح ممنوع وصولها للعملاء الصينيين. بدورها، لم تكتفِ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما فرضته الإدارة السابقة، بل أقدمت قبل أيام قليلة على إصدار قيود إضافية تستهدف منع وصول أنواع متقدّمة من المعالجات الدقيقة إلى الصين. لكن اللافت فيما يحصل هو أن بكين كانت تقابل كل خطوة أميركية بهذا الشأن بإصرار متزايد على الحصول على رقائق عالية الأداء. أعمال تهريب غامضة وتكمن المشكلة بالنسبة لأميركا في أن رقائق إنفيديا المتطورة لا تزال تصل إلى أيدي مطوّري الذكاء الاصطناعي الصينيين، وذلك بسبب أعمال تهريب عبر سلسلة توريد غامضة مصممة للالتفاف على العقوبات، تتم من خلال سنغافورة وماليزيا، حيث يقول مصدر مطّلع على هذه الممارسة لموقع "ذي إيكونوميست" إن البضائع المُهرّبة غالبًا ما تمر عبر عدة ولايات قضائية وشركات وهمية لإخفاء مصدرها، إذ يتم تزييف أوراق التصدير لتفادي الجمارك. ويقدّر إريك غرونوالد من معهد سياسات واستراتيجية الذكاء الاصطناعي، وهو مركز أبحاث مقره سان فرانسيسكو، أن الرقائق الأميركية المُهرّبة شكّلت العام الماضي ما بين عُشر ونصف قدرة الصين على تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، في حين كشف أحد المسؤولين التنفيذيين في صناعة الرقائق، أن شرائح إنفيديا المُهرّبة تُباع الآن بهامش ربح يتراوح بين 30 و50 في المئة عبر وسطاء. التهريب المعقّد تواجه شركة إنفيديا موقفًا معقّدًا بسبب عمليات التهريب الجارية، إذ رغم تأكيدها التزام قواعد التصدير الأميركية، فإن حجم صادراتها الكبير وتعدّد الأطراف المتعاملة معها يفتح الباب أمام خروقات يصعب ضبطها. ففي كثير من الحالات، تُباع معالجات إنفيديا أولًا إلى شركات غير خاضعة للعقوبات، لتقوم هذه الأخيرة لاحقًا بإعادة بيعها إلى أطراف صينية، ما يجعل مسألة الامتثال مسؤولية موزّعة يصعب تتبّعها بدقة. تعطيل الرقائق عن بُعد ولحل مشكلة تهريب الرقائق المتطورة إلى الصين، اقترح بعض الخبراء الأميركيين على إنفيديا التوصّل إلى طريقة تقنية تسمح لها بتتبّع مكان كل شريحة فائقة القوة بعد بيعها، ما يتيح للشركة تعطيل عمل هذه الشريحة عن بُعد، في حال تبيّن أنها موجودة في الصين أو في أي دولة محظورة أخرى. من جانبها، تعتبر شركة إنفيديا أن فرض ضوابط تقنية على مستوى العتاد سيُنتج ثغرات أمنية جسيمة يصعب السيطرة عليها، وبدلًا من اعتماد آلية تعطيل الرقائق عن بُعد، اقترحت الشركة حلًا يتمثل في تزويد شرائحها بأدوات برمجية ترسل بيانات محدودة عن بُعد، مثل الموقع الجغرافي والنظام المستخدم، وذلك لتمكين الجهات المختصة من التحقق من وجود الرقائق في أماكنها المصرّح بها دون المساس بوظائفها الأساسية. هل ينجح التعطيل عن بُعد؟ هل يمكن تنفيذه؟ ويقول المحلل والكاتب المختص بالذكاء الاصطناعي، ألان القارح، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المقترح الأميركي بتضمين الرقائق خاصية التعطيل عن بُعد، ورغم أنه يبدو من الناحية النظرية أداة فعالة للحد من تسرب التكنولوجيا إلى دول محظورة، إلا أنه يطرح إشكاليات كبيرة من الناحيتين الأمنية والتقنية. فأولًا، إدراج آلية "kill switch" التي تتيح إمكانية تعطيل عمل الرقاقة عن بُعد، يعني أن المنتج سيحتوي دائمًا على بوابة خلفية تسمح لطرف ما بالولوج إلى داخله، وهذا الأمر يُعد مصدر قلق بالغ لشركات تطوير الذكاء الاصطناعي حول العالم، وليس فقط الشركات الصينية، حيث إن معظم عملاء إنفيديا سيرون في هذه الخاصية تهديدًا لسيادتهم الرقمية، ما قد يؤدي إلى عزوفهم عن استخدام رقائق الشركة. ويشرح القارح أنه من حيث التنفيذ، فمن الممكن تقنيًا زرع تعليمات برمجية أو وحدات مراقبة على مستوى العتاد تتيح تتبّع أو تعطيل الرقائق، ولكن المسألة هنا تكمن في مستوى الثقة، ففي نهاية المطاف من يملك مفتاح تعطيل شرائح الذكاء الاصطناعي، يملك القدرة على توقيف البنية التحتية لشركات أو دول بأكملها، وهذا أمر لا يمكن التساهل معه. حل تجميلي لإنفيديا وشدد القارح على أن اقتراح إنفيديا باستخدام أدوات برمجية لإرسال بيانات عن بُعد، مثل الموقع الجغرافي للرقائق والنظام التشغيلي الذي تعمل من خلاله، هو حل تجميلي لا يُغلق الباب تمامًا أمام عمليات التهريب. فصحيح أن هذا الحل لا يتدخل مباشرة في وظائف الشريحة، ولا يُعرّض أمن مستخدميها للاختراق، لكنه غير كافٍ، حيث يمكن ببساطة التحايل عليه من خلال تشغيل الشريحة في بيئة افتراضية توهم نظام التتبّع بأنها موجودة في موقع جغرافي آخر غير محظور، كما أنه لا يمكن استبعاد أن تقوم أطراف بفك التشفير وإلغاء الأدوات البرمجية أو إعادة برمجتها. ما الحلول؟ ويعتبر القارح أنه لا يوجد حل سحري لمعضلة تهريب الرقائق، أو التحكم الكامل في وجهتها النهائية، خصوصاً في ظل سلاسل توريد عالمية شديدة التعقيد، ولكن هناك مقاربة متعددة الأبعاد، يمكن أن تساهم في تقليص حجم المشكلة بشكل ملموس وتتمثل في العناصر الأربعة الآتية: أولاً: تعزيز آليات تتبع سلسلة التوريد عبر ما يُعرف بـ Trusted Supply Chain Framework، بحيث يُفرض على جميع الوسطاء والموزعين المعتمدين، استخدام منصات رقمية موحدة لتوثيق مسار الرقائق، من نقطة التصنيع حتى الاستخدام النهائي. ثانياً: فرض نظام أكثر تشدداً على الشركات التي تشتري الشرائح المتطورة، مع تعهّدات قانونية صارمة ومسؤولية مباشرة في حال حدوث خرق يتثمل في إعادة بيع هذه الشرائح لجهات محظورة. ثالثاً: التعاون مع الدول الوسيطة، مثل ماليزيا وسنغافورة، التي تُستخدم كقنوات عبور لعمليات التهريب، من خلال عقد اتفاقيات لمشاركة البيانات الجمركية والتحقيق في الأنشطة المشبوهة، خصوصاً أن هذه الدول لا ترغب في أن يُنظر إليها كممرات للتهريب التكنولوجي. رابعاً: على المستوى الفني، من المفيد الاستثمار في تطوير شرائح قابلة للرصد الذكي باستخدام تقنيات ذكية، وهي أساليب لا تعطل الرقاقة ولكنها تسمح بتحديدها وتتبع استخدامها دون اختراق خصوصية النظام أو تهديد أمن المستخدم. معركة طويلة الأمد من جهتها، تقول المحللة الاقتصادية باتريسيا جلاد، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن معركة مواجهة عمليات تهريب الرقائق ستكون معركة طويلة الأمد، حيث سيظل المهرّبون قادرين على استغلال الثغرات للقيام بعملياتهم، إذ من المستحيل على إنفيديا مثلًا متابعة جميع الرقائق التي تبيعها، فالشركة تستعد لبيع 6 ملايين شريحة ذكاء اصطناعي في عام 2025 فقط، وهو رقم ضخم يُصعّب من مهمة التتبّع والمراقبة الدقيقة. مشيرةً إلى أن الرقائق لا تُستخدم بالضرورة في مكان واحد، بل يتم تركيبها ضمن أنظمة حوسبية عملاقة أو حتى دمجها في مراكز بيانات خاصة، حيث يمكن أن تنتقل ملكية هذه الخوادم لاحقًا عبر شركات وهمية، مما يُعقّد القدرة على تحديد مكان استخدامها الفعلي. وتوضح جلاد أن جانبًا أساسيًا من جهود الحد من تهريب الرقائق يعتمد على التعاون بين شركات تصنيع الرقائق ومزوّدي الخدمات السحابية، فشركات تصنيع الرقائق تتحقق من هوية العملاء عند البيع، لكن المشكلة الجوهرية هنا تكمن في أن هذه الرقابة مرتبطة فقط بالمرحلة الأولى بعد عملية البيع، حيث إنه بعد اجتياز الفحص الأولي، يمكن لمزوّدي الخدمات السحابية أن ينقلوا ملكية الخوادم لشركة أخرى دون أن يتم رصد هذه التحركات من قبل شركات تصنيع الرقائق، ما يجعل الكشف عن أي خرق بالغ الصعوبة في ظل غياب رقابة دائمة ومستمرة.


ليبانون 24
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- ليبانون 24
ما أسباب ارتفاع إيجارات المنازل في العالم؟
ذكر موقع "سكاي نيوز"، أنّه بعد سنوات من الاستقرار النسبي، سجّلت إيجارات المنازل في الاقتصادات المتقدمة حول العالم، ارتفاعات قياسية في السنوات الأخيرة، متجاوزة المستويات التي اعتادها المستأجرون لعقود، فبينما كانت إيجارات المنازل تنمو بنحو 2 في المئة سنوياً قبل جائحة كوفيد-19، أصبحت اليوم ترتفع بمعدل 5 في المئة سنوياً، وهي أسرع زيادة مستدامة منذ عقود، مما يضع المستأجرين أمام تحدٍّ مالي جديد. وبحسب تقرير أعدته "ذي إيكونوميست"، فإن البيانات الرسمية تظهر أن أسواق الإيجارات في بعض المناطق شهدت مؤخراً جنوناً في الأسعار، فمثلاً في أستراليا، كان معدل تضخم الإيجارات أعلى بثماني مرات مما كان عليه في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في حين ارتفعت الإيجارات في البرتغال بنسبة 7 في المئة على صعيد سنوي. وفي فرنسا بلغ معدل تضخم الإيجارات 2.5 في المئة على أساس سنوي، وهو معدل قد يبدو للوهلة الأولى الأولى ليس بكبير، ولكنه بعيد كل البعد عن معدل 0.3 في المئة الذي كان يُسجل سنوياً قبل جائحة كوفيد-19، والمستغرب أنه حتى في البلدان التي تشهد ركوداً في سوق بيع العقارات، تُسجّل سوق الإيجارات ارتفاعات مذهلة، فمثلاً في نيوزيلندا انخفضت أسعار المنازل بنسبة 15 في المئة عن ذروتها، في حين أن الإيجارات أصبحت أعلى بنسبة 14 في المئة مما كانت عليه. أما في ما يخص الولايات المتحدة ، فقد أشار تقرير صادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي، إلى أن تحديات دفع الإيجار زادت في عام 2023، مع ارتفاع متوسط مدفوعات الإيجار الشهرية بنسبة 10 في المئة. وبالنسبة للعديد من المُستأجرين، وخاصة الفقراء منهم، تُمثل هذه الزيادة نفقات شهرية إضافية مُرهقة، ما يدفعهم إلى تقليص إنفاقهم على الاحتياجات الأساسية أو البحث عن مساكن أقل جودة وفي مناطق بعيدة عن أماكن عملهم. ووفقاً لتقرير "ذي إيكونوميست" يوجد عدة عوامل ساهمت في ارتفاع الإيجارات في الاقتصادات المتقدمة خلال السنوات القليلة الماضية، منها السياسة النقدية التي اتبعها المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة، والتي انسحبت على معظم البنوك المركزية في مختلف دول العالم، فمثلاً في أميركا ارتفع متوسط أسعار الفائدة على القروض العقارية لمدة 30 عاماً من 2.7 في المئة في عام 2020 وهو أدنى مستوى له على الإطلاق، إلى ما يقارب 7 في المئة حالياً. وقد أدى هذا الارتفاع في الفائدة إلى جعل الكثير من الأشخاص غير قادرين على تحمل تكلفة شراء منزل، واضطرّ هؤلاء إلى استئجار منزل بدلاً من ذلك، علاوةً على ذلك، سارع مُلّاك العقارات الذين لديهم قروض عقارية ذات سعر فائدة مُتغير، إلى تحميل المستأجرين تكاليف أعلى. ووفقاً لدراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا، فإن أي زيادة قدرها نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة يمكن أن تساهم برفع أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى بنسبة 5.5 في المئة. أما العامل الثاني الذي ساهم في ارتفاع أسعار إيجارات المنازل في الاقتصادات المتقدمة هو الهجرة، حيث أن توافد المهاجرين إلى "الدول الغنية" مثل بريطانيا واستراليا وأميركا فاقم مشكلة الإيجارات، إذ نادراً ما يمتلك الوافدون الجدد المال أو السجل الائتماني اللازم لشراء عقار، مما يدفعهم إلى البحث عن مساكن للإيجار. وإلى جانب مشكلة المهاجرين، يواجه قطاع الإيجار أيضاً ضغطاً بسبب تناقص المعروض، فقد دفعت جائحة كوفيد-19 شركات البناء إلى التوقف عن بناء الشقق، التي عادةً ما تكون مؤجرة للعائلات، فمثلاً في عام 2020، انخفضت تراخيص بناء المساكن للعائلات في سان فرانسيسكو في أميركا إلى نصف ذروتها قبل الجائحة، وحتى اليوم، يمتلئ مركز المدينة بالشقق التي لم يتم انجاز بنائها بعد. ويقول المطور العقاري إيلي عبود إن السياسة النقدية لعبت دوراً حاسماً في ارتفاع أسعار الإيجارات، فعندما بدأت البنوك المركزية برفع الفائدة لكبح التضخم، لم يؤدِّ ذلك فقط إلى زيادة تكلفة القروض العقارية، بل جعل الحصول على تمويل لشراء منزل أكثر صعوبة، ما دفع العديد من المشترين المحتملين، إلى تأجيل قرار التملك، والبقاء في سوق الإيجارات لفترة أطول، في حين قام المستثمرون العقاريون، الذين واجهوا تكاليف تمويل أعلى ، إلى تعويض هذه التكاليف بزيادة الإيجارات، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الضغوط على المستأجرين، وخلق حلقة مفرغة من ارتفاع التكاليف وصعوبة الوصول إلى السكن الميسر. ويشدد عبود على أن ارتفاع أسعار الإيجارات الذي يحدث في عدد من الدول الغنية، ليس ناتجاً عن عامل واحد، بل هو نتيجة مزيج معقد من العوامل الهيكلية والاقتصادية، فخلال كورونا لم تكن وتيرة بناء الوحدات السكنية الجديدة في كثير من المدن، كافية لمواكبة النمو السكاني والتغيرات في أنماط السكن، حيث أدت مرونة العمل عن بُعد، إلى تحولات في أنماط السكن، ما عزز الطلب في بعض المناطق التي لم تكن تشهد ضغطاً سكانياً في السابق، في حين أن مشكلات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الأولية بسبب عمليات الإغلاق، جعلت المطوّرين العقاريين أكثر حذراً في إطلاق مشاريع جديدة. ويشرح عبود أنه رغم تراجع مستوى التضخم في العديد من الدول الغنية، ورغم توقف ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أن الإيجارات لا تزال مستقرة عند مستوياتها المرتفعة، حيث أن السبب في ذلك هو أن ملاك العقارات، لا يعكسون التغيرات الاقتصادية على الفور، بل يطبقون أي تخفيضات محتملة في الأسعار بشكل تدريجي، وبفارق زمني عن بقية القطاعات، مشيراً إلى أنه حتى عندما تنخفض تكاليف السلع والخدمات الأخرى، تبقى الإيجارات مرتفعة، لأن عقود الإيجار تُجدد بفواصل زمنية طويلة، وغالباً ما يتم استغلال ذلك من قبل أصحاب العقارات، لتعويض أي خسائر سابقة أو لمواكبة مستويات الطلب القوي على السكن، ومن هنا جاءت مقولة إن تضخم الإيجارات يُعد تضخماً مستعصياً في كثير من الأحيان.


سكاي نيوز عربية
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- سكاي نيوز عربية
ما أسباب ارتفاع إيجارات المنازل في العالم؟
وبحسب تقرير أعدته "ذي إيكونوميست" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن البيانات الرسمية تظهر أن أسواق الإيجارات في بعض المناطق شهدت مؤخراً جنوناً في الأسعار، فمثلاً في أستراليا ، كان معدل تضخم الإيجارات أعلى بثماني مرات مما كان عليه في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في حين ارتفعت الإيجارات في البرتغال بنسبة 7 في المئة على صعيد سنوي. وفي فرنسا بلغ معدل تضخم الإيجارات 2.5 في المئة على أساس سنوي، وهو معدل قد يبدو للوهلة الأولى الأولى ليس بكبير، ولكنه بعيد كل البعد عن معدل 0.3 في المئة الذي كان يُسجل سنوياً قبل جائحة كوفيد-19، والمستغرب أنه حتى في البلدان التي تشهد ركوداً في سوق بيع العقارات، تُسجّل سوق الإيجارات ارتفاعات مذهلة، فمثلاً في نيوزيلندا انخفضت أسعار المنازل بنسبة 15 في المئة عن ذروتها، في حين أن الإيجارات أصبحت أعلى بنسبة 14 في المئة مما كانت عليه. أما فيما يخص الولايات المتحدة، فقد أشار تقرير صادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي، إلى أن تحديات دفع الإيجار زادت في عام 2023، مع ارتفاع متوسط مدفوعات الإيجار الشهرية بنسبة 10 في المئة. وبالنسبة للعديد من المُستأجرين، وخاصة الفقراء منهم، تُمثل هذه الزيادة نفقات شهرية إضافية مُرهقة، ما يدفعهم إلى تقليص إنفاقهم على الاحتياجات الأساسية أو البحث عن مساكن أقل جودة وفي مناطق بعيدة عن أماكن عملهم. 3 عوامل ساهمت بارتفاع الإيجارات ووفقاً لتقرير "ذي إيكونوميست" يوجد عدة عوامل ساهمت في ارتفاع الإيجارات في الاقتصادات المتقدمة خلال السنوات القليلة الماضية، منها السياسة النقدية التي اتبعها المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة، والتي انسحبت على معظم البنوك المركزية في مختلف دول العالم، فمثلاً في أميركا ارتفع متوسط أسعار الفائدة على القروض العقارية لمدة 30 عاماً من 2.7 في المئة في عام 2020 وهو أدنى مستوى له على الإطلاق، إلى ما يقارب 7 في المئة حالياً. وقد أدى هذا الارتفاع في الفائدة إلى جعل الكثير من الأشخاص غير قادرين على تحمل تكلفة شراء منزل، واضطرّ هؤلاء إلى استئجار منزل بدلاً من ذلك، علاوةً على ذلك، سارع مُلّاك العقارات الذين لديهم قروض عقارية ذات سعر فائدة مُتغير، إلى تحميل المستأجرين تكاليف أعلى. ووفقاً لدراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا (بيركلي)، فإن أي زيادة قدرها نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة يمكن أن تساهم برفع أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى بنسبة 5.5 في المئة. أما العامل الثاني الذي ساهم في ارتفاع أسعار إيجارات المنازل في الاقتصادات المتقدمة هو الهجرة، حيث أن توافد المهاجرين إلى "الدول الغنية" مثل بريطانيا واستراليا وأميركا فاقم مشكلة الإيجارات، إذ نادراً ما يمتلك الوافدون الجدد المال أو السجل الائتماني اللازم لشراء عقار، مما يدفعهم إلى البحث عن مساكن للإيجار. وإلى جانب مشكلة المهاجرين، يواجه قطاع الإيجار أيضاً ضغطاً بسبب تناقص المعروض، فقد دفعت جائحة كوفيد-19 شركات البناء إلى التوقف عن بناء الشقق، التي عادةً ما تكون مؤجرة للعائلات، فمثلاً في عام 2020، انخفضت تراخيص بناء المساكن للعائلات في سان فرانسيسكو في أميركا إلى نصف ذروتها قبل الجائحة، وحتى اليوم، يمتلئ مركز المدينة بالشقق التي لم يتم انجاز بنائها بعد. ويقول المطور العقاري إيلي عبود في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن السياسة النقدية لعبت دوراً حاسماً في ارتفاع أسعار الإيجارات، فعندما بدأت البنوك المركزية برفع الفائدة لكبح التضخم، لم يؤدِّ ذلك فقط إلى زيادة تكلفة القروض العقارية، بل جعل الحصول على تمويل لشراء منزل أكثر صعوبة، ما دفع العديد من المشترين المحتملين، إلى تأجيل قرار التملك، والبقاء في سوق الإيجارات لفترة أطول، في حين قام المستثمرون العقاريون، الذين واجهوا تكاليف تمويل أعلى، إلى تعويض هذه التكاليف بزيادة الإيجارات، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الضغوط على المستأجرين، وخلق حلقة مفرغة من ارتفاع التكاليف وصعوبة الوصول إلى السكن الميسر. ويشدد عبود على أن ارتفاع أسعار الإيجارات الذي يحدث في عدد من الدول الغنية، ليس ناتجاً عن عامل واحد، بل هو نتيجة مزيج معقد من العوامل الهيكلية والاقتصادية، فخلال كورونا لم تكن وتيرة بناء الوحدات السكنية الجديدة في كثير من المدن، كافية لمواكبة النمو السكاني والتغيرات في أنماط السكن، حيث أدت مرونة العمل عن بُعد، إلى تحولات في أنماط السكن، ما عزز الطلب في بعض المناطق التي لم تكن تشهد ضغطاً سكانياً في السابق، في حين أن مشكلات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الأولية بسبب عمليات الإغلاق، جعلت المطوّرين العقاريين أكثر حذراً في إطلاق مشاريع جديدة. تضخم مستعص ويشرح عبود أنه رغم تراجع مستوى التضخم في العديد من الدول الغنية، ورغم توقف ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أن الإيجارات لا تزال مستقرة عند مستوياتها المرتفعة، حيث أن السبب في ذلك هو أن ملاك العقارات، لا يعكسون التغيرات الاقتصادية على الفور، بل يطبقون أي تخفيضات محتملة في الأسعار بشكل تدريجي، وبفارق زمني عن بقية القطاعات، مشيراً إلى أنه حتى عندما تنخفض تكاليف السلع والخدمات الأخرى، تبقى الإيجارات مرتفعة، لأن عقود الإيجار تُجدد بفواصل زمنية طويلة، وغالباً ما يتم استغلال ذلك من قبل أصحاب العقارات، لتعويض أي خسائر سابقة أو لمواكبة مستويات الطلب القوي على السكن، ومن هنا جاءت مقولة إن تضخم الإيجارات يُعد تضخماً مستعصياً في كثير من الأحيان. إيجارات المنازل إلى أين؟ من جهته يقول الوسيط العقاري ألبير معوّض، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن التضخم في إيجارات المنازل قد يكون بلغ ذروته، ولكن الانخفاضات الكبيرة ليست مضمونة في المستقبل القريب، حتى مع استقرار أسعار الفائدة وتباطؤ الهجرة، فاستمرار الضغوط على المستأجرين يعتمد على مدى سرعة تعافي قطاع البناء ، ومدى توافر التمويل العقاري ، والسياسات الحكومية المتبعة، لافتاً إلى أن العديد من اقتصادات العالم تشهد حالة عدم يقين بسبب الحروب التجارية القائمة، واحتمال أن تتطور الأمور لما هو أسوأ، وهو ما قد ينعكس ضبابية بالنسبة لسوق الإيجارات، علماً أن قطاع البناء يحتاج إلى وقت طويل لتعويض النقص في المعروض السكني، الذي تراكم خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى أن التكاليف المرتفعة للإنشاءات، لا تزال تُبطئ وتيرة بناء وحدات جديدة. وبحسب معوّض فإن السياسات الإسكانية والإصلاحات المحتملة، قد يكون لها تأثير كبير في الفترة المقبلة، فبعض الحكومات قد تتجه إلى فرض مزيد من الضوابط على الإيجارات، بينما قد تدعم حكومات أخرى بناء المزيد من المساكن لخفض الأسعار، في حين قد تلجأ حكومات إلى فرض ضرائب أعلى، على العقارات غير المشغولة للحد من المضاربة، وتحفيز العرض في السوق، ومع ذلك، فإن أي اضطرابات سياسية أو اقتصادية مفاجئة، قد تؤدي إلى مزيد من عدم اليقين، مما قد يعرقل تراجع أسعار إيجارات المنازل ويزيد من الضغوط على المستأجرين، وفي ظل هذه العوامل المتشابكة، يبقى مستقبل الإيجارات في الاقتصادات المتقدمة، مرهوناً بتفاعل السياسات الحكومية مع التحديات الاقتصادية العالمية.

سكاي نيوز عربية
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- سكاي نيوز عربية
تحوّل غير مسبوق.. لماذا يزداد الإقبال على الملابس المستعملة؟
في تحول يعكس تغييرات ملحوظة في اتجاهات المستهلكين على صعيد عالمي، شهدت تجارة "الملابس المستعملة" نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث إن خيار شراء هذا النوع من الملابس لم يعد يقتصر فقط على ذوي الدخل المنخفض. فتجارة "الملابس المستعملة" أصبحت قطاعاً مزدهراً يجذب مختلف فئات المستهلكين، من الباحثين عن التوفير، إلى عشاق الموضة وحتى المهتمين بالاستدامة البيئية. وبحسب تقرير أعدته "ذي إيكونوميست" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فقد أظهرت دراسة أجراها بنك لومبارد أوديير السويسري أن السوق العالمية للملابس والإكسسوارات المستعملة تبلغ قيمتها الآن نحو 100 مليار دولار، ارتفاعاً من ما بين 30 و40 مليار دولار في عام 2020، في حين تقدر شركة ماكينزي الاستشارية أن مبيعات " السلع المستعملة" ستشكل نحو 10 في المئة من سوق الملابس العالمية في 2025. كما يرى محللو بنك ويلز فارغو أن هناك الكثير من النمو الذي يمكن تحقيقه في سوق "الملابس المستعملة"، مع وجود سلع فاخرة بقيمة 200 مليار دولار في خزائن ملابس المستهلكين، وهذه الملابس جاهزة للبيع مرة أخرى، ولا يصل منها إلى السوق سوى 3 في المئة كل عام. ويكشف ماكسيميليان بيتنر الرئيس التنفيذي لشركة Vestiaire لبيع الملابس الجديدة والمستعملة، أن " الملابس المستعملة" تكون عموماً أرخص بنسبة 33 في المئة في المتوسط من الأزياء السريعة من شركات مثل H&M، لترتفع هذه النسبة إلى 64 في المئة بالنسبة للمعاطف و72 في المئة بالنسبة للفساتين، في حين تُظهر الأرقام أنه يتم إدراج حوالي 30 ألف سلعة يومياً على موقع شركة Vestiaire لإعادة بيعها. ولتحفيز شراء "الملابس المستعملة"، تتبنى منصات التسوق الخاصة بهذه المنتجات استراتيجيات مبتكرة لتشجيع المستهلكين، فهي تقوم مثلاً بإلغاء الرسوم المفروضة على البائعين عند إدراج منتجاتهم، مما يتيح لهم عرض منتجاتهم بدون عبء مالي. أما بالنسبة للمشترين، فتقوم المنصات بفرض رسوم صغيرة على مشترياتهم. كما استثمرت العديد من منصات إعادة بيع الملابس في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية إدراج المنتجات، حيث تساعد هذه التكنولوجيا البائعين في كتابة أوصاف منتجاتهم، إضافة إلى تقديمها لهم نصائح حول التسعير، مما يقلل من الوقت والجهد المبذولين في عملية البيع. علاوة على ذلك، تهتم هذه المنصات بضمان أصالة المنتجات، خاصة للسلع الفاخرة، من خلال استخدام أدوات متقدمة مثل أجهزة التحقق الرقمي. كما توفر بعض المنصات خيارات دفع آمنة وطرق شحن سريعة، مما يعزز ثقة العملاء في تجربة التسوق. مخاطر تواجه السوق ورغم الازدهار الكبير الذي تشهده تجارة "الملابس المستعملة"، إلا أن العديد من منصات إعادة بيع الملابس تعاني من عدم قدرتها على تحقيق أرباح. فنمو تجارة "الملابس المستعملة" شيء، وتحقيق أرباح شيء آخر، حيث إن سعي المنصات إلى جذب المزيد من البائعين والمشترين من خلال إلغاء الرسوم يساهم في زيادة حجم المعاملات دون تحقيق أرباح. في حين أن تزايد أعداد منصات إعادة بيع الملابس يخلق بيئة تنافسية شديدة تضغط على الهوامش الربحية وتجعل من الصعب على الشركات تحقيق استدامة مالية. أسباب ازدهار الملابس المستعملة تقول خبيرة التسويق ساندرا ملحم، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ازدهار مبيعات "الملابس المستعملة" يأتي في وقت تعاني فيه العلامات التجارية الكبرى من تراجع في مبيعاتها، مشيرة إلى أن هذا الأمر ليس وليد الصدفة، بل هو انعكاس مباشر لتغيرات جوهرية في سلوك المستهلكين والاقتصاد العالمي. فأحد العوامل الرئيسية لهذا النمو هو تغيير أولويات الإنفاق مع ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث بات المستهلكون يبحثون عن بدائل أقل تكلفة دون التضحية بالجودة، وهنا تأتي الملابس المستعملة كخيار مثالي إذ تتيح الحصول على قطع أنيقة وأحياناً فاخرة بأسعار معقولة. وبحسب ملحم، فإن العامل الثاني الذي ساهم في ازدهار مبيعات "الملابس المستعملة" هو دخول بعض العلامات التجارية الفاخرة إلى هذا المجال، وذلك عبر منصات إعادة البيع الخاصة بها. فسوق "الملابس المستعملة" لم تعد كما كانت، والمنافسة لم تعد بين الماركات الشعبية، بل باتت هناك ماركات تجمع بين الأناقة والفخامة، وهو ما يجعل سوق "الملابس المستعملة" في موقع قوة غير مسبوق. مشيرةً إلى أن نسبة كبيرة من المستهلكين في سوق "الملابس المستعملة" هم من جيل الألفية والجيل زد، إذ يفضل هؤلاء الحصول على ملابس ذات قيمة عالية بميزانية محدودة. وتكشف ملحم أن هناك عاملاً بارزاً آخر أعطى دفعة قوية لسوق "الملابس المستعملة" وهو التكنولوجيا، فانتشار المنصات الرقمية المتخصصة في إعادة بيع الملابس ساهم بشكل كبير في تسهيل عمليات الشراء والبيع، مما جعل الوصول إلى هذه السوق أكثر سهولة وأماناً. إلى جانب ذلك، ساهم تصاعد الاهتمام بالاستدامة والحفاظ على البيئة في دفع الكثير من الأشخاص إلى تبني خيارات أكثر صداقة للبيئة مثل شراء "الملابس المستعملة" كوسيلة فعالة لتقليل التلوث الناتج عن صناعة الأزياء المسؤولة عن حوالي 10 في المئة من الانبعاثات الكربونية العالمية. من جهته، يقول محمد فرحات وهو مستورد وتاجر ملبوسات بالجملة، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه رغم النمو السريع الذي تحققه سوق "الملابس المستعملة"، إلا أنها في الوقت عينه تواجه مجموعة من التحديات التي قد تعيق استدامتها على المدى الطويل. وأحد أبرز تلك التحديات هو تشبع السوق واشتداد المنافسة، فتزايد أعداد المنصات الرقمية والمتاجر المتخصصة في إعادة البيع يؤدي إلى ضغط على الأسعار وتقليص هوامش الأرباح. وما يزيد من تعقيد المشهد هو دور وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى ساحات بيع رئيسية تنافس المنصات التقليدية. فعلى تيك توك وإنستغرام على سبيل المثال، نشهد صعود متاجر صغيرة يقودها أفراد يبيعون الملابس المستعملة مباشرة لمتابعيهم، مما يخلق تجربة شراء تفاعلية وشخصية يصعب على المتاجر الكبرى أو حتى المنصات الرقمية محاكاتها. ومع هذا الاتجاه، يصبح كل شخص تقريباً تاجراً محتملاً دون الحاجة إلى منصات وسيطة. وبحسب فرحات، فإن سوق "الملابس المستعملة" وتحديداً الأونلاين منها تواجه مشكلة ضمان الجودة والمصداقية، إذ قد يكون من الصعب على المستهلكين التحقق من حالة المنتجات ومدى جودتها قبل شرائها، حيث تزداد هذه التحديات مع تزايد المنتجات المزيفة أو الملابس التي لا تتطابق مع أوصافها، مما قد يؤثر على ثقة المستهلكين. ولذلك هناك حاجة ملحة لوضع آليات تحقق أكثر صرامة وسياسات إرجاع مرنة، ما يعزز الموثوقية ويحفز المزيد من المشترين على الإقبال بثقة على هذا النوع من التسوق.