أحدث الأخبار مع #رضوانالله


المنار
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- المنار
كلمة الشيخ نعيم قاسم كاملة في ذكرى شهادة السيد 'ذوالفقار'
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم الأمين بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد القائد الجهادي السيد مصطفى بدرالدين 12-05-2025: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن في الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار). بهذه المناسبة أُعزّي وأُبارك عائلته الشريفة، وشعب المقاومة، وكل المحبين الذين يُحيطون بهذا المجاهد وبمجاهدي المقاومة الإسلامية في كل مكان. كما أستفيد من الفرصة لأُعزّي بكل الشهداء في فلسطين المحتلة، وفي لبنان الأبي، وفي اليمن السعيد، وفي العراق المعطاء، وفي إيران الأبية، وفي كل مكان قَدّم فيه الشهداء في سبيل المقاومة وعطاءاتها. أُبارك وأُعزّي لكل الأحبة، لكل العائلات، لكل الذين يُحيطون بهؤلاء. نحن اليوم سنتحدث عن السيد مصطفى بدر الدين القائد الجهادي الكبير، وكذلك عن الأوضاع السياسية العامة. أبدأ بالحديث عن السيد الجهادي الكبير. هو من مواليد 1961، وعندما استُشهد في سنة 2016 بلغ من العمر 55 سنة. مع انتصار الثورة الإسلامية المباركة في سنة 1979، كان من الناشطين جدًّا في التظاهرات وفي المحافل التي تُحيي هذا الانتصار، ولم يتجاوز عمره السبعة عشر عامًا. عندما استُشهد السيد محمد باقر الصدر، المرجع الكبير رضوان الله تعالى عليه، كان من الذين قاتلوا وواجهوا البعث العراقي وقتها دفاعًا وانتقامًا ومواجهة، وكان قد بلغ من العمر تسعة عشر عامًا. في سنة 1982 حصل الاجتياح الإسرائيلي، وكان هو من الأوائل الذين قاتلوا في خلدة، مدخل بيروت، وجُرح وقتها، وكان قد بلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا. أي أنه منذ الشباب الأول هو في المواقع المتقدمة يدافع ويقاوم ويجاهد عن القضايا المحقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومواجهة العدو الإسرائيلي. اعتُقل في الكويت بين سنة 1983 و1990 لمدة سبع سنوات، لكنه كان يُخيف سجّانيه بدل أن يُخيفوه. هو قائد عسكري مباشر لحزب الله منذ سنة 1995 إلى سنة 1999، لمدة أربع سنوات. استُهدف في 'عناقيد الغضب' سنة 1996، قاد عملية أنصارية سنة 1997، وعاين مباشرة كل الخطوات التي قام بها المجاهدون في هذه العملية، وهي العملية المشهورة. كان له دور رئيس في سوريا لمدة خمس سنوات، هو مسؤول عن إدارة العمل الأمني والعسكري في سوريا. ذهب إلى سوريا من أجل المقاومة، من أجل طريق المقاومة، وظهر المقاومة، ولم يكن ذهابه جزءًا من أي صراع داخلي. ونحن اليوم نؤكد أيضًا أننا نريد سوريا موحّدة لجميع أبنائها، يتعاونون مع بعضهم، ويُشكلون قياداتهم وحكوماتهم بما يريدون، مع مشاركة الجميع، بعيدًا عن التصفية والانتقام واستهداف الأقليات العلوية والدرزية والمسيحية كما يحصل من بعض الفصائل. نحن نريد لسوريا أن تكون مجتمعة موحّدة، كما نستنكر استنكارًا عظيمًا ما يحصل من عدوان إسرائيلي متكرر، وكلنا أمل بهذا الشعب السوري العروبي البطولي الإسلامي الأبي، أنه سيمنع إسرائيل من أن تحقق أهدافها في سوريا. هذا القائد الجهادي الكبير هو نموذج من النماذج التي عملت في هذه الساحة. قال تعالى: 'الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله، وأولئك هم الفائزون.' هو صديق وأخ الشهيد عماد مغنية، القائد الكبير، رضوان الله تعالى عليه، وعمل مع الشهيد القائد، قائد محور المقاومة، الشهيد قاسم سليماني، رضوان الله تعالى عليه. وكان تحت إدارة وقيادة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه. الشهيد القائد كان يمتلك الوعي السياسي والاستراتيجي، نال البكالوريوس في العلوم السياسية سنة 2005، أتقن اللغة الإنجليزية، له عقل عملي وعلمي، خاض مفاوضات شاقة من أجل إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين والعرب من سجون الكيان الإسرائيلي. كان بارعًا في الحرب النفسية والإعلامية، وكان إداريًّا دقيقًا في تراتبيته التنظيمية. عند شهادة السيد هادي، ابن سماحة الأمين العام، سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه، نظّم تغطية مباشرة لهذه المناسبة، كانت نموذجًا من الإطلالة الإعلامية المؤثرة في ذاك الزمان. هو صلبٌ، له مهامه ومهابته في آنٍ معًا، كان يهتم بالإخوة علميًّا واجتماعيًّا، وعلى المستوى الخاص، حتى أحبوه وارتبطوا به. ولا يخفى أنه كان قائدًا حقيقيًّا في الميدان، يمتلك البأس والجرأة والقدرة، هو أحد النماذج من قيادات المقاومة الإسلامية المظفّرة. أنتقل إلى الوضع السياسي العام، وهنا ضمن نقاط. أولًا: ماذا نواجه؟ نحن نواجه مشروعًا إسرائيليًّا منذ سنة 1948 في المنطقة، أي لأكثر من 77 سنة، يستفيد من قوة عسكرية هائلة، وتدعمه أمريكا ودول الغرب بكل الإمكانات والطاقات والقدرات، والهدف هو زرع كيان في المنطقة استعماري، يريد أن يتوسع ليُغير الشرق الأوسط الجديد. حاولت إسرائيل خلال السنوات الماضية كثيرًا أن تقضم فلسطين تدريجيًّا: في البداية أراضي 1948، ثم 1967أراضي باقي فلسطين، وبعدها أراضٍ من الدول العربية. ولم تكن تتراجع في أي موقع من المواقع إلا بالمواجهة وبالمقاومة. وفي الحقيقة، كانت تهدف إلى أن تزداد من قضم الأراضي، لتصل إلى التوسع الكامل والشامل. غزة الصمود والإباء والعطاء والتضحية، استطاعت أن تخوض معركة طوفان الأقصى من خلال قيادة حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية والشعب الأبي المجاهد بكل أطيافه. واستطاعت أن تفضح وأن تكشف هذا الكيان الغاصب الذي يعمل على الإبادة البشرية، ويعمل على قتل البشر وتدمير الحجر، وإعدام الحياة، وقتل الأطفال. كل ما نسمعه اليوم عن حرب على غزة، هو في الواقع قتل للموجودين في الخيام، من الأطفال والنساء والرجال وعموم الناس، وهم يُمارسون عملية تجويع منذ بداية شهر آذار حتى الآن بشكل ممنهج، وهذا أمر على مرأى العالم، وبتأييد ورعاية أمريكية مباشرة. هذا يدل على أن هناك قرارًا كبيرًا من أجل قتل روح المقاومة، وإعدام قدرة أن يسترد صاحب الأرض أرضه. لكن هذا أمر مستحيل، يريدون إنهاء المقاومة في غزة، ومنذ السنة وسبعة أشهر يقومون بكل هذا الإجرام الموصوف على المستوى العالمي والإنساني، ولم يتمكنوا من تحقيق الهدف. يريد نتنياهو أن يعدم الحياة في فلسطين المحتلة، في غزة بالتحديد، من أجل إنهاء المقاومة وإنهاء المستقبل، ولم يتمكن، ولن يتمكن حتى ولو أطال أمد الحرب، لأن هذا الشعب الفلسطيني شعب مقاوم، شعب صاحب حق، شعب مؤمن، شعب مضحٍ، معطاء. مستحيل أن يتمكن نتنياهو ولو اجتمعت الدنيا معه، أن يسلب الفلسطينيين أرضهم وحقهم ومستقبلهم، حتى ولو استمر كذلك إلى آخر ولايته، لأن هذا الشعب قدّم عشرات الآلاف من الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى، وقدّم كل ما لديه من أجل أن يبقى عزيزًا كريمًا. في لبنان، تعرفون أنه بعد الاجتياح الإسرائيلي في 17 أيار سنة 1983 حاولت إسرائيل أن توقّع اتفاقًا مع لبنان، وهذا الاتفاق يضع شروطًا كثيرة على لبنان، اتفاق مذل، اتفاق يعدم لبنان قدرته، اتفاق يمكن إسرائيل من أن تتصرّف كما تشاء في لبنان، وله تفاصيل يمكن العودة إليها. وقتها لم يكن ميزان القوى لصالح لبنان، ووقف في البرلمان نائبان: النائب زاهر الخطيب والنائب نجاح واكيم اعتراضًا على اتفاقية 17 أيار، وكادت أن تمر، لكن مع ذلك الموقف الشعبي المقاوم المؤثر من العلماء والناس والقوى السياسية وسوريا ولبنان وكل من كان مؤازرًا للمواجهة مع العدو الإسرائيلي، تمكنوا بحمد الله تعالى من إسقاط هذا الاتفاق. يعني هناك حالة قضم كانت تريدها إسرائيل في لبنان باتفاق 17 أيار 1983، لم تتمكن. استمرت إسرائيل بالاحتلال وأنشأت جيش لبنان الجنوبي على قاعدة أن تتمكن من القضم بطريقة أخرى، لكن في سنة 2000 حصل التحرير الكامل وخرجت إسرائيل، ولم تتمكن من القضم في لبنان. أجرت المحاولة سنة 2006 وأيضًا لم تتمكن إسرائيل، فانتصر المقاومون في معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ووصلنا إلى منع إسرائيل من إمكانية القضم. أسمع سؤالًا بين الحين والآخر، يقولون: ماذا قدمت المقاومة في لبنان؟ بعد أن رأوا أن التضحيات في هذه المرحلة كانت كبيرة وعظيمة، وكان هناك آلاف الشهداء وتدمير المنازل وكل ما حصل، يسألون: ماذا قدمت المقاومة حتى تقولوا باستمراريتها؟ المقاومة قدمت من سنة 1982 إلى ما قبل العدوان منع إسرائيل من قضم أراضٍ من لبنان، ومنع إسرائيل من عقد اتفاق مذل للبنان، ومنع إسرائيل من أن تتصرف كما تريد وتضغط على لبنان، وكانت مردوعة من سنة 2006 إلى سنة 2023، 17 سنة، لم تتمكن أن تصنع شيئًا، وشهد الجنوب ولبنان ازدهارًا اقتصاديًا بسبب هذا الموقف. إذًا المقاومة قدمت إنجازات في لبنان حقيقية، منعت إسرائيل، وإلا لو استطاعت إسرائيل أن تقضم تدريجيًا كل كم سنة قسمًا من لبنان، أين كان لبنان اليوم؟ وكيف أصبح وضع لبنان؟ هذا ما قدمته المقاومة. والآن، في معركة أولي البأس، قدّمت المقاومة صمودًا أسطوريًا، للمقاومين منعت إسرائيل من أن تتقدم، وقدّم الشعب اللبناني والجيش اللبناني وكل هذا التفاعل مع المقاومة العطاءات والتضحيات، والجرحى والأسرى والتحمّل، من أجل منع إسرائيل أن تحقق ما تريد في لبنان. نعم، هي بقيت على خمس تلال، أو هي تأخذ مكانًا معينًا محدودًا، كان يمكن أن يكون هذا المكان العاصمة بيروت، وكان يمكن أن يكون العاصمة في صيدا وفي أماكن أخرى، لولا المقاومة ومواجهة المقاومة. هذه الإنجازات موجودة، وهذه الإنجازات حقيقية، لذا نحن نقول إن المقاومة مطلوبة وضرورية. ما هي المقاومة؟ المقاومة خيار دفاعي، المقاومة رؤية سياسية، المقاومة مرتبطة بتحرير الأرض والعزة والاستقلال والصمود. هذه هي المقاومة التي ندعو إلى المحافظة عليها. أما الاستجابة للتهديدات والاستسلام، فهو يمثل خيارًا آخر، هذا الخيار هو خيار الخنوع والخضوع والقبول بمنطق القوة. نحن مع منطق الحق ولسنا مع منطق القوة. نحن بمنطق الحق نلتزم المقاومة ونستمر لندافع عن حقوقنا وأرضنا ومستقبلنا، وعن شبابنا، وعن أمتنا، وعن أجيالنا. أما الذين يقبلون بأن يستسلموا ويقدّموا تحت عنوان منطق القوة، هؤلاء لا خيار لهم، وهؤلاء يتحمّلون مسؤولية أنفسهم. أما نحن فلا نقبل أن نكون أذلاء، سنبقى دائمًا مرفوعي الرأس، أصحاب الحق دائمًا منصورين، ودائمًا في المواقع المتقدّمة. نحن نقول دائمًا، ونعبر دائمًا، نحن نؤمن بالنصر أو الشهادة، على أي قاعدة؟ على قاعدة الالتزام بالحق وتحرير الأرض وتحرير الإنسان. النصر نصر، والشهادة نصر أيضًا، لأنها تمنع أن يحقق العدو أهدافه، وتفتح المجال أمام الأجيال القادمة لتستمر في عملية المواجهة، دون أن يتمكن العدو من تحقيق أهدافه. من كان يؤمن بالنصر أو الشهادة على درب الإمام الحسين، سلام الله تعالى عليه، الذي أبى أن يسلّم، أبى أن يتراجع، أبى أن يبايع يزيد، مع قلة العدد والعدة، كانت النتيجة أنه استشهد في الميدان، لكن حركته وتوجهه وقناعاته استمرت عبر الزمن. وها نحن اليوم من أبناء الإمام الحسين، سلام الله تعالى عليه، في نهجه ورؤيته، وفي عزته وكرامته ومكانته، والعودة إلى الله تعالى. نحن في هذا النهج قدّمنا سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه، الذي يعبر عن هذا المنهج، وهذا المنهج هو منهج للحياة ومنهج للاستمرار، وبالتالي شهادته هي نبراس لنستمر، شهادته هي من أجل أن تكون المقاومة قوية عزيزة، شهادته هي من أجل أن يجتمع الجميع على خط واحد يحافظون على الأرض ويستردونها، ويحافظون على العزة والكرامة والاستقلال، وهذا ما لا يمكن أن نتراجع عنه. نحن في إيماننا، المقاومة دائمًا منصورة بدماء الشهداء وبالعطاءات. أما العدو فهو دائمًا مهزوم. قال تعالى في كتابه العزيز: 'قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد.' كم سيطول أمد الإسرائيلي؟ كم يستطيع أن يجري مناورات؟ كم سيكون عنده دعم؟ كم سيظل يقتل؟ كم سيبقى نتنياهو؟ لن يبقى الوضع على ما هو عليه. نحن لا نستطيع أن نحدد التوقيت صحيح، لكن في النهاية هؤلاء سيخسرون عندما نبقى واقفين، عندما نبقى صامدين، لا يمكن أن نعطيهم وهم في حالة الفشل وحالة التراجع. سنبقى واقفين على أقدامنا وسييأس العدو من وقفتنا ومن تضحياتنا، وهذا الذي يقوم به العدو يزيدنا تشبثًا بمواقفنا والمحافظة على قوتنا، لأننا نرى أننا كلما كنا أقوياء كلما استطعنا أن نُحقّق مدى أكبر من العزة والكرامة والاستقلال، بدليل ما حصل في 44 سنة السابقة. أما عندما يكون هناك تخاذل، فهذا يعني أن يذهب كل شيء، وهذا لن يكون معنا. الأمر الآخر، حصل اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني سنة 2024، بين الدولة اللبنانية والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر، برعاية دولية مع أمريكا وفرنسا وقوات الأمم المتحدة، قوات الطوارئ الدولية. هذا الاتفاق ينص على وقف إطلاق النار، وفيه التزامات على لبنان والتزامات على الكيان الإسرائيلي. لبنان قام بكل التزاماته، والمقاومة الإسلامية وكل المقاومين الشرفاء التزموا بوقف إطلاق النار في جنوب نهر الليطاني، وتمكين الجيش اللبناني من نشر قواته ليكون هو القوة الوحيدة الموجودة في المنطقة، مسلحة وتحفظ الأمن، وهذا ما طبقه لبنان وطبقته المقاومة بالكامل، بشهادة العالم من دون استثناء. بينما إسرائيل لم تنسحب، إسرائيل لم توقف عدوانها، إسرائيل اخترقت أكثر من ثلاثة آلاف مرة، وهذا كله موجود أمام العالم ويصرحون به، حتى قائد قوات الطوارئ الدولية صرح بهذا، وبيّن أن الجانب اللبناني يلتزم، وأن الجانب الإسرائيلي لا يلتزم. عندما حصل وقف إطلاق النار، كان ذلك لأن العدو الإسرائيلي وصل إلى طريق مسدود، أي أن الاستمرار لا فائدة منه، وأيضًا نحن مقتنعون ألا يكون هناك حرب، وبالتالي أيضًا وافقنا مع الدولة اللبنانية على وقف إطلاق النار. لكن ما هو الهدف الذي يعمل عليه العدو الآن؟ هو يريد أن ينهي المقاومة، يعني الذي جعله يقوم بالحرب أولًا، وخضنا معركة البأس للمواجهة، هو مشروع قائم على إنهاء المقاومة. لم يستطع إنهاء المقاومة، وحصل اتفاق وقف إطلاق النار. الآن يعتبر أن استمرار ضغوطاته واستمرار العدوان يمكن أن يؤدي إلى إنهاء المقاومة بالسياسة، من خلال الضغط على الدولة اللبنانية لتضغط على حزب الله في كل لبنان، وتجرّده من إمكاناته وقدراته. هذا أمر لم يحصل، إذا لم تحققوا في الحرب إنهاء المقاومة، هل تتوقعون أن تحققوا بعد الاتفاق هذا الإنهاء بالضغط والخروقات؟ هذا لا يمكن. العدوان الذي قامت به إسرائيل منذ أيام على منطقة النبطية وإقليم التفاح كان عدوانًا صاخبًا، هذا لعب بالنار، وهذا لن يجعل إسرائيل تأخذ أو تحقق ما تريد، وهذا برسم الدولة اللبنانية لتتحرك بفعالية أكثر، وبرسم الرعاة، أمريكا وفرنسا ومن معهم. نحن نعتبر أن هذه المرحلة بعد وقف إطلاق النار هي مرحلة مسؤولية الدولة اللبنانية، التي أخذت على عاتقها أن تطبق وقف إطلاق النار، وأن تلتزم بالقسم المرتبط بالجانب اللبناني، ونحن ساعدنا الدولة على هذا الالتزام. عليها أن تضغط أكثر، عليها أن تتحرك أكثر. وليعلموا بشكل واضح، فليعلم الإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي، أننا لن نخضع للتهديدات والضغوطات، لو اجتمع العالم ليسلبنا حقنا وأرضنا، لن نستسلم، سنواجه بكل أشكال المواجهة المتاحة، وبحسب المرحلة، ولكن لا استسلام. احذفوا الاستسلام من قاموسكم، هذا أمر لن يحصل مع وجود المقاومة إن شاء الله تعالى. هنا ألفت نظركم إلى نقطة هامة، إذا ظنّ البعض أننا نُستفرد الآن في لبنان، وأن الكل ينقض علينا ليضغط بأساليب مختلفة من أجل أن نتراجع ونتخلى عن قوتنا ومقاومتنا، من دون التنسيق التفصيلي مع الدولة اللبنانية فيما يتعلق بحماية لبنان وقوة لبنان، فهو واهم. هذا أمر لن يحصل، مهما كانت الضغوطات. وإذا كان يعتقد البعض أنهم بهذه الضغوطات يخرجوننا من المعادلة، فهم واهمون. أنا أريد أن ألفت نظركم لأمر، اليوم لبنان يتجه نحو الاستقرار، من يعيق الاستقرار في لبنان إسرائيل وعدوان إسرائيل. وأيضًا، إذا ازداد أو إذا تجاوب بعضهم في لبنان مع العدو الإسرائيلي، فهذا يعني أنهم يضعون الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي على طريق الهاوية. لبنان لا يمكن أن يكون مستقرًا بعزل مكون، أو بمحاولة الاستفراد، أو بالضغط على المقاومة من أجل أن تقدم ما لا يصح أن يُقدّم بعد كل ما قدمته ولم تلتزم إسرائيل على الإطلاق. اذهبوا يا أخي، أولًا فلتلتزم إسرائيل بما عليها، ولتُنهي الأمور التي هي جزء من الاتفاق، ونحن نتفاهم على المستوى الداخلي على كل التفاصيل، لا يوجد مشكلة بيننا وبين رئيس الجمهورية، ولا بيننا وبين المكونات في الداخل اللبناني. أما أن يفكر أحد أن الدولة تسير ويسير الاستقرار ونحن نبقى معزولون جانبًا، والضغوطات علينا، ضغوطات من الخارج وضغوطات من الداخل، وأن الأمور عادية؟ لا، ليست عادية، لا يمكن أن يحصل الاستقرار. هذا البلد يستقر عندما نكون جميعنا متعاونين، عندما نكون جميعنا مستقرين، عندما نعيش جميعنا حياتنا بشكل طبيعي. هنا أريد أن أوجه رسالة لجمهور المقاومة: أمامكم أولي البأس الذي خضناه معكم بكل عنفوان وقوة وشرف وعزة وتضحية وجهاد وعطاءات، وأمامكم تجربة وقف إطلاق النار بالصمود وحضور الأهالي في القرى والعمل بشكل متماسك. أثبتت التجربة في أولي البأس وما بعد وقف إطلاق النار أننا أقوياء في الميدان، وأننا يمكن أن نمنع هذه الأخطار عنا، وألا نُحقّق أهداف العدو. أنتم من يهزم الأعداء و'شراشره'. أنتم من يستعيد الأرض بثباتكم. أنتم مستقبل لبنان الواعد، مع مقاومته وجيشه وشعبه التواق إلى الاستقلال والحرية. لا أحد يلعب بيننا، ولا أحد يعتقد أنه يستطيع أن يُثبّط من عزائمنا. أما هؤلاء، وهم قلة في لبنان، الذين يخدمون إسرائيل بمواقفهم، فنقول لهم: لا تكونوا خُدّامًا لإسرائيل. أنتم بهذه الطريقة تعيقون وتعطلون البلد، وتسيئون إلى البلد. أنتم بهذه الطريقة تمنعون المشاركة الحقيقية والتفاعل الحقيقي. على فكرة، خُدّام إسرائيل ليسوا إضافة لإسرائيل، لأنهم هم يعملون توترًا، وهذا التوتر ينعكس سلبًا، وبالتالي ضغوطات على الكيان الإسرائيلي، ليس علينا نحن. لا تبرروا لإسرائيل ما تفعل. معقول أن يقال إن قصف النبطية ليس له علاقة بلبنان؟ لأن هذا قصف على ناس ليس لهم علاقة بالتركيبة اللبنانية أو بالواقع اللبناني؟ من هذا الذي لديه عقل ويقول هذا الكلام ويقف في هذا الموقف؟ على كل حال، خُدّام إسرائيل معروفون بالنسبة إلينا، تاريخهم مظلم، فتنتهم دمّرت لبنان، دائماً يعملون بطريقة تسيء إلى مجتمعهم، وإلى جماعتهم، وإلى من يوالونهم. ارحموا أنفسكم وارحموا البلد، هؤلاء يوتّرون البلد من لا شيء. على علمك، البلد يسير بالتنمية الاقتصادية، يسير بالترتيب الإداري، يسير بالانتخابات البلدية، يسير بترتيبات لينقل لبنان إلى مرحلة أخرى. في نفس الوقت، في مواجهة العدوان الإسرائيلي، هناك مطالبات لوقف العدوان الإسرائيلي، ثم يخرجون ليقولوا: لا، أنتم أولاً يجب أن تقوموا بما عليكم، وإسرائيل معها حق، وبالتالي يوتّرون البلد في وقت يجب أن تتوجه الأنظار إلى إسرائيل من ناحية لمنعها، وإلى بناء البلد من ناحية ثانية. خُدّام إسرائيل يخطئون كثيراً، نقول لهم: عودوا إلى وطنيتكم، عودوا إلى لبنانيتكم، عودوا إلى أن نتعاون ونكون شركاء. الأمر الآخر، اليوم نحن أمام عهد جديد برئاسة فخامة الرئيس العماد عون، وهذا العهد الجديد فيه آمال كبيرة، لا يعتقد أحد أن هذا العهد الجديد يُلغي كل الآخرين، أو أنه يقوم بشيء لا يقوم به الآخرون. لا، هذا العهد الجديد نحن شركاء فيه، ونحن جزء منه، نحن كحزب الله وحركة أمل قدّمنا المساهمة الكبرى يوم انتخاب فخامة الرئيس جوزيف عون، وأثبتنا للجميع أننا في إطار بناء البلد وانطلاقته. إذًا، ما يحصل في لبنان هو عبارة عن مرحلة جديدة فيها بناء، فيها عهد جديد، نحن جزء لا يتجزأ من هذا العهد الجديد، كل خيرات العهد الجديد نحن شركاء فيه ونحن نساهم فيه. عندما يكون هناك انفتاح على بعض الدول العربية والأجنبية والعلاقات التي تعود إلى سابق عهدها أو تتحسن، هذا لأننا جزء من هذه القناعة. نحن نريد للدول العربية أن تعود إلى لبنان، نحن نريد لدول العالم أن تتعاون مع لبنان، نحن نريد لمن اتخذ مواقف سابقة لأسباب مختلفة أن يعود إلى لبنان، لأننا نعتبر أن فيه مصالح مشتركة، لماذا لا تكون هذه المصالح للجميع؟ وبالتالي ما يحصل من خيرات نحن شركاء فيه. لكن أنا أقول لهذه الدول: لا تفرضوا خياراتكم المضرة بلبنان، ولا تغلّبوا فريقًا على آخر بغير وجه حق. إنما لكم مصالح في لبنان، صحتين على قلبكم، خذوا مصالحكم وأعطونا مصالحنا في لبنان كلبنانيين، وبالتالي نتعامل كدولة لدولة، كند لند. هذا أمر يجب أن يكون واضحًا للجميع. على فكرة، نحن لم نبدأ مع العهد الجديد نتصرف بإيجابية حقيقة من أجل لبنان، بل منذ حكومة الرئيس ميقاتي، في 27 تشرين الثاني 2024، تم عقد الاتفاق بين الدولة اللبنانية والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر، اتفاق وقف إطلاق النار، ونحن التزمنا به وساعدنا الدولة. يعني قبل شهر ونصف من انتخاب الرئيس الجديد، شهر ونصف والتزام كامل. هذا يعني أننا مقبلون على دعم الدولة وكيان الدولة، وأن نكون جزءًا لا يتجزأ منها، وأن يكون هناك تقدم في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبعد ذلك تابعنا في هذا المجال. أكرر حتى لا ينسى المسؤولون، هناك أولويات ثلاثة يجب السير بها معًا: أولوية وقف العدوان الإسرائيلي والانتهاكات الجوية المتكررة والاحتلال والإفراج عن الأسرى، هذا أمر أساس يجب أن يحصل، والدولة اللبنانية معنية بأن تضغط بكل إمكاناتها. الأولوية الثانية إعادة الإعمار، وهو واجب على الحكومة، ويجب أن يبدأ موضوع إعادة الإعمار. أطالب الحكومة اللبنانية أن تضع هذه النقطة على أول جلسة من جلسات أعمالها، لأنه لا يصح أن يتأخر هذا الموضوع، لا يوجد مبرر، على الأقل ضعوا الإطار العام، الخطوات العامة، تشكيل اللجنة أو اللجان المعنية، لأنه نحن يتصل بنا عدد من الدول العربية وغير العربية أيضاً، ويقولون نحن حاضرون للدعم، لكن قولوا لنا أولاً أنتم كيف ستبدؤون، وضعوا لنا الإطار الذي ستبدؤون به لبنانياً. مسؤوليتنا أن نضع الإطار كدولة لبنانية، كحكومة لبنانية. أنا أدعو إلى إعطاء هذا الأمر أهمية كبرى، هذا من أول الأولويات الموجودة. والأولوية الثالثة التي تحدّثنا عنها هي موضوع بناء الدولة اقتصادياً واجتماعياً، وإعادة أموال المودعين، وكل هذه الأمور التي يحتاجها لبنان. أهنئ اللبنانيين بالانتخابات البلدية والاختيارية التي حصلت في جبل لبنان، وحصلت في منطقة الشمال وطرابلس، وبالتالي هذه الانتخابات دلّت بطريقتها وبأدائها على حماسة اللبنانيين لبناء الدولة. ونحن كنا من أول المشجعين، ومن المؤكدين على إجرائها في موعدها. وأيضاً هناك نجاحات حققناها بالتعاون بين حزب الله وحركة أمل في بلدات كثيرة، خاصة في منطقة جبل لبنان، عندما عملنا على التوافق، وأعطينا نموذجاً رائداً في المحافظة على صيغة العيش المشترك والتعاون من خلال تجربة حارة حريك. يعني في حارة حريك، الرئيس مسيحي، والأعضاء بحسب العدد مثلناهم بشكل طبيعي بالاتفاق بين حركة أمل وحزب الله مع القوى الموجودة. أيضاً نحن مقتنعون أن بيروت أيضاً يجب أن تُراعى فيها هذه الخصوصية، حتى يكون التمثيل تمثيلاً متوازناً، يأخذ بعين الاعتبار كل المذاهب والطوائف من دون لحاظ العدد ومن دون لحاظ الحسابات السياسية. نحن نشجع، ونحن جزء من هذا، وأعطينا تجربة رائدة في هذا الموضوع. أختم بالتهنئة لليمن بانتصاره على أمريكا، وبقائه شعلة للنور ودعماً لفلسطين. هذا اليمن العظيم بشعبه وقيادته وتضحياته وشهدائه وجرحاه وعطاءاته، الذي استطاع أن يُرغم أمريكا على أن توقف عدوانها، أرغمها غصباً عنها، واستمر في رؤيته وقناعته بضرب الكيان الإسرائيلي دفاعاً عن غزة. كل التحية لهؤلاء الشرفاء. والتحية أيضاً للجمهورية الإسلامية الإيرانية المباركة، التي ترفع علم الحرية، والتي تعمل دائماً من أجل نصرة قضايانا في منطقتنا. لنا الفخر بالعلاقة معها، بقيادة الإمام الخامنئي دام ظله، على نهج الإمام الخميني قدس سره. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المصدر: العلاقات الاعلامية الشيخ نعيم قاسم حزب الله لبنان {{#breaking_news}} {{.}}


المنار
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- المنار
كلمة الشيخ نعيم قاسم كاملة في ذكرى شهادة السيد 'ذوالفقار'
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم الأمين بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد القائد الجهادي السيد مصطفى بدرالدين 12-05-2025: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن في الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار). بهذه المناسبة أُعزّي وأُبارك عائلته الشريفة، وشعب المقاومة، وكل المحبين الذين يُحيطون بهذا المجاهد وبمجاهدي المقاومة الإسلامية في كل مكان. كما أستفيد من الفرصة لأُعزّي بكل الشهداء في فلسطين المحتلة، وفي لبنان الأبي، وفي اليمن السعيد، وفي العراق المعطاء، وفي إيران الأبية، وفي كل مكان قَدّم فيه الشهداء في سبيل المقاومة وعطاءاتها. أُبارك وأُعزّي لكل الأحبة، لكل العائلات، لكل الذين يُحيطون بهؤلاء. نحن اليوم سنتحدث عن السيد مصطفى بدر الدين القائد الجهادي الكبير، وكذلك عن الأوضاع السياسية العامة. أبدأ بالحديث عن السيد الجهادي الكبير. هو من مواليد 1961، وعندما استُشهد في سنة 2016 بلغ من العمر 55 سنة. مع انتصار الثورة الإسلامية المباركة في سنة 1979، كان من الناشطين جدًّا في التظاهرات وفي المحافل التي تُحيي هذا الانتصار، ولم يتجاوز عمره السبعة عشر عامًا. عندما استُشهد السيد محمد باقر الصدر، المرجع الكبير رضوان الله تعالى عليه، كان من الذين قاتلوا وواجهوا البعث العراقي وقتها دفاعًا وانتقامًا ومواجهة، وكان قد بلغ من العمر تسعة عشر عامًا. في سنة 1982 حصل الاجتياح الإسرائيلي، وكان هو من الأوائل الذين قاتلوا في خلدة، مدخل بيروت، وجُرح وقتها، وكان قد بلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا. أي أنه منذ الشباب الأول هو في المواقع المتقدمة يدافع ويقاوم ويجاهد عن القضايا المحقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومواجهة العدو الإسرائيلي. اعتُقل في الكويت بين سنة 1983 و1990 لمدة سبع سنوات، لكنه كان يُخيف سجّانيه بدل أن يُخيفوه. هو قائد عسكري مباشر لحزب الله منذ سنة 1995 إلى سنة 1999، لمدة أربع سنوات. استُهدف في 'عناقيد الغضب' سنة 1996، قاد عملية أنصارية سنة 1997، وعاين مباشرة كل الخطوات التي قام بها المجاهدون في هذه العملية، وهي العملية المشهورة. كان له دور رئيس في سوريا لمدة خمس سنوات، هو مسؤول عن إدارة العمل الأمني والعسكري في سوريا. ذهب إلى سوريا من أجل المقاومة، من أجل طريق المقاومة، وظهر المقاومة، ولم يكن ذهابه جزءًا من أي صراع داخلي. ونحن اليوم نؤكد أيضًا أننا نريد سوريا موحّدة لجميع أبنائها، يتعاونون مع بعضهم، ويُشكلون قياداتهم وحكوماتهم بما يريدون، مع مشاركة الجميع، بعيدًا عن التصفية والانتقام واستهداف الأقليات العلوية والدرزية والمسيحية كما يحصل من بعض الفصائل. نحن نريد لسوريا أن تكون مجتمعة موحّدة، كما نستنكر استنكارًا عظيمًا ما يحصل من عدوان إسرائيلي متكرر، وكلنا أمل بهذا الشعب السوري العروبي البطولي الإسلامي الأبي، أنه سيمنع إسرائيل من أن تحقق أهدافها في سوريا. هذا القائد الجهادي الكبير هو نموذج من النماذج التي عملت في هذه الساحة. قال تعالى: 'الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله، وأولئك هم الفائزون.' هو صديق وأخ الشهيد عماد مغنية، القائد الكبير، رضوان الله تعالى عليه، وعمل مع الشهيد القائد، قائد محور المقاومة، الشهيد قاسم سليماني، رضوان الله تعالى عليه. وكان تحت إدارة وقيادة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه. الشهيد القائد كان يمتلك الوعي السياسي والاستراتيجي، نال البكالوريوس في العلوم السياسية سنة 2005، أتقن اللغة الإنجليزية، له عقل عملي وعلمي، خاض مفاوضات شاقة من أجل إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين والعرب من سجون الكيان الإسرائيلي. كان بارعًا في الحرب النفسية والإعلامية، وكان إداريًّا دقيقًا في تراتبيته التنظيمية. عند شهادة السيد هادي، ابن سماحة الأمين العام، سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه، نظّم تغطية مباشرة لهذه المناسبة، كانت نموذجًا من الإطلالة الإعلامية المؤثرة في ذاك الزمان. هو صلبٌ، له مهامه ومهابته في آنٍ معًا، كان يهتم بالإخوة علميًّا واجتماعيًّا، وعلى المستوى الخاص، حتى أحبوه وارتبطوا به. ولا يخفى أنه كان قائدًا حقيقيًّا في الميدان، يمتلك البأس والجرأة والقدرة، هو أحد النماذج من قيادات المقاومة الإسلامية المظفّرة. أنتقل إلى الوضع السياسي العام، وهنا ضمن نقاط. أولًا: ماذا نواجه؟ نحن نواجه مشروعًا إسرائيليًّا منذ سنة 1948 في المنطقة، أي لأكثر من 77 سنة، يستفيد من قوة عسكرية هائلة، وتدعمه أمريكا ودول الغرب بكل الإمكانات والطاقات والقدرات، والهدف هو زرع كيان في المنطقة استعماري، يريد أن يتوسع ليُغير الشرق الأوسط الجديد. حاولت إسرائيل خلال السنوات الماضية كثيرًا أن تقضم فلسطين تدريجيًّا: في البداية أراضي 1948، ثم 1967أراضي باقي فلسطين، وبعدها أراضٍ من الدول العربية. ولم تكن تتراجع في أي موقع من المواقع إلا بالمواجهة وبالمقاومة. وفي الحقيقة، كانت تهدف إلى أن تزداد من قضم الأراضي، لتصل إلى التوسع الكامل والشامل. غزة الصمود والإباء والعطاء والتضحية، استطاعت أن تخوض معركة طوفان الأقصى من خلال قيادة حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية والشعب الأبي المجاهد بكل أطيافه. واستطاعت أن تفضح وأن تكشف هذا الكيان الغاصب الذي يعمل على الإبادة البشرية، ويعمل على قتل البشر وتدمير الحجر، وإعدام الحياة، وقتل الأطفال. كل ما نسمعه اليوم عن حرب على غزة، هو في الواقع قتل للموجودين في الخيام، من الأطفال والنساء والرجال وعموم الناس، وهم يُمارسون عملية تجويع منذ بداية شهر آذار حتى الآن بشكل ممنهج، وهذا أمر على مرأى العالم، وبتأييد ورعاية أمريكية مباشرة. هذا يدل على أن هناك قرارًا كبيرًا من أجل قتل روح المقاومة، وإعدام قدرة أن يسترد صاحب الأرض أرضه. لكن هذا أمر مستحيل، يريدون إنهاء المقاومة في غزة، ومنذ السنة وسبعة أشهر يقومون بكل هذا الإجرام الموصوف على المستوى العالمي والإنساني، ولم يتمكنوا من تحقيق الهدف. يريد نتنياهو أن يعدم الحياة في فلسطين المحتلة، في غزة بالتحديد، من أجل إنهاء المقاومة وإنهاء المستقبل، ولم يتمكن، ولن يتمكن حتى ولو أطال أمد الحرب، لأن هذا الشعب الفلسطيني شعب مقاوم، شعب صاحب حق، شعب مؤمن، شعب مضحٍ، معطاء. مستحيل أن يتمكن نتنياهو ولو اجتمعت الدنيا معه، أن يسلب الفلسطينيين أرضهم وحقهم ومستقبلهم، حتى ولو استمر كذلك إلى آخر ولايته، لأن هذا الشعب قدّم عشرات الآلاف من الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى، وقدّم كل ما لديه من أجل أن يبقى عزيزًا كريمًا. في لبنان، تعرفون أنه بعد الاجتياح الإسرائيلي في 17 أيار سنة 1983 حاولت إسرائيل أن توقّع اتفاقًا مع لبنان، وهذا الاتفاق يضع شروطًا كثيرة على لبنان، اتفاق مذل، اتفاق يعدم لبنان قدرته، اتفاق يمكن إسرائيل من أن تتصرّف كما تشاء في لبنان، وله تفاصيل يمكن العودة إليها. وقتها لم يكن ميزان القوى لصالح لبنان، ووقف في البرلمان نائبان: النائب زاهر الخطيب والنائب نجاح واكيم اعتراضًا على اتفاقية 17 أيار، وكادت أن تمر، لكن مع ذلك الموقف الشعبي المقاوم المؤثر من العلماء والناس والقوى السياسية وسوريا ولبنان وكل من كان مؤازرًا للمواجهة مع العدو الإسرائيلي، تمكنوا بحمد الله تعالى من إسقاط هذا الاتفاق. يعني هناك حالة قضم كانت تريدها إسرائيل في لبنان باتفاق 17 أيار 1983، لم تتمكن. استمرت إسرائيل بالاحتلال وأنشأت جيش لبنان الجنوبي على قاعدة أن تتمكن من القضم بطريقة أخرى، لكن في سنة 2000 حصل التحرير الكامل وخرجت إسرائيل، ولم تتمكن من القضم في لبنان. أجرت المحاولة سنة 2006 وأيضًا لم تتمكن إسرائيل، فانتصر المقاومون في معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ووصلنا إلى منع إسرائيل من إمكانية القضم. أسمع سؤالًا بين الحين والآخر، يقولون: ماذا قدمت المقاومة في لبنان؟ بعد أن رأوا أن التضحيات في هذه المرحلة كانت كبيرة وعظيمة، وكان هناك آلاف الشهداء وتدمير المنازل وكل ما حصل، يسألون: ماذا قدمت المقاومة حتى تقولوا باستمراريتها؟ المقاومة قدمت من سنة 1982 إلى ما قبل العدوان منع إسرائيل من قضم أراضٍ من لبنان، ومنع إسرائيل من عقد اتفاق مذل للبنان، ومنع إسرائيل من أن تتصرف كما تريد وتضغط على لبنان، وكانت مردوعة من سنة 2006 إلى سنة 2023، 17 سنة، لم تتمكن أن تصنع شيئًا، وشهد الجنوب ولبنان ازدهارًا اقتصاديًا بسبب هذا الموقف. إذًا المقاومة قدمت إنجازات في لبنان حقيقية، منعت إسرائيل، وإلا لو استطاعت إسرائيل أن تقضم تدريجيًا كل كم سنة قسمًا من لبنان، أين كان لبنان اليوم؟ وكيف أصبح وضع لبنان؟ هذا ما قدمته المقاومة. والآن، في معركة أولي البأس، قدّمت المقاومة صمودًا أسطوريًا، للمقاومين منعت إسرائيل من أن تتقدم، وقدّم الشعب اللبناني والجيش اللبناني وكل هذا التفاعل مع المقاومة العطاءات والتضحيات، والجرحى والأسرى والتحمّل، من أجل منع إسرائيل أن تحقق ما تريد في لبنان. نعم، هي بقيت على خمس تلال، أو هي تأخذ مكانًا معينًا محدودًا، كان يمكن أن يكون هذا المكان العاصمة بيروت، وكان يمكن أن يكون العاصمة في صيدا وفي أماكن أخرى، لولا المقاومة ومواجهة المقاومة. هذه الإنجازات موجودة، وهذه الإنجازات حقيقية، لذا نحن نقول إن المقاومة مطلوبة وضرورية. ما هي المقاومة؟ المقاومة خيار دفاعي، المقاومة رؤية سياسية، المقاومة مرتبطة بتحرير الأرض والعزة والاستقلال والصمود. هذه هي المقاومة التي ندعو إلى المحافظة عليها. أما الاستجابة للتهديدات والاستسلام، فهو يمثل خيارًا آخر، هذا الخيار هو خيار الخنوع والخضوع والقبول بمنطق القوة. نحن مع منطق الحق ولسنا مع منطق القوة. نحن بمنطق الحق نلتزم المقاومة ونستمر لندافع عن حقوقنا وأرضنا ومستقبلنا، وعن شبابنا، وعن أمتنا، وعن أجيالنا. أما الذين يقبلون بأن يستسلموا ويقدّموا تحت عنوان منطق القوة، هؤلاء لا خيار لهم، وهؤلاء يتحمّلون مسؤولية أنفسهم. أما نحن فلا نقبل أن نكون أذلاء، سنبقى دائمًا مرفوعي الرأس، أصحاب الحق دائمًا منصورين، ودائمًا في المواقع المتقدّمة. نحن نقول دائمًا، ونعبر دائمًا، نحن نؤمن بالنصر أو الشهادة، على أي قاعدة؟ على قاعدة الالتزام بالحق وتحرير الأرض وتحرير الإنسان. النصر نصر، والشهادة نصر أيضًا، لأنها تمنع أن يحقق العدو أهدافه، وتفتح المجال أمام الأجيال القادمة لتستمر في عملية المواجهة، دون أن يتمكن العدو من تحقيق أهدافه. من كان يؤمن بالنصر أو الشهادة على درب الإمام الحسين، سلام الله تعالى عليه، الذي أبى أن يسلّم، أبى أن يتراجع، أبى أن يبايع يزيد، مع قلة العدد والعدة، كانت النتيجة أنه استشهد في الميدان، لكن حركته وتوجهه وقناعاته استمرت عبر الزمن. وها نحن اليوم من أبناء الإمام الحسين، سلام الله تعالى عليه، في نهجه ورؤيته، وفي عزته وكرامته ومكانته، والعودة إلى الله تعالى. نحن في هذا النهج قدّمنا سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، رضوان الله تعالى عليه، الذي يعبر عن هذا المنهج، وهذا المنهج هو منهج للحياة ومنهج للاستمرار، وبالتالي شهادته هي نبراس لنستمر، شهادته هي من أجل أن تكون المقاومة قوية عزيزة، شهادته هي من أجل أن يجتمع الجميع على خط واحد يحافظون على الأرض ويستردونها، ويحافظون على العزة والكرامة والاستقلال، وهذا ما لا يمكن أن نتراجع عنه. نحن في إيماننا، المقاومة دائمًا منصورة بدماء الشهداء وبالعطاءات. أما العدو فهو دائمًا مهزوم. قال تعالى في كتابه العزيز: 'قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد.' كم سيطول أمد الإسرائيلي؟ كم يستطيع أن يجري مناورات؟ كم سيكون عنده دعم؟ كم سيظل يقتل؟ كم سيبقى نتنياهو؟ لن يبقى الوضع على ما هو عليه. نحن لا نستطيع أن نحدد التوقيت صحيح، لكن في النهاية هؤلاء سيخسرون عندما نبقى واقفين، عندما نبقى صامدين، لا يمكن أن نعطيهم وهم في حالة الفشل وحالة التراجع. سنبقى واقفين على أقدامنا وسييأس العدو من وقفتنا ومن تضحياتنا، وهذا الذي يقوم به العدو يزيدنا تشبثًا بمواقفنا والمحافظة على قوتنا، لأننا نرى أننا كلما كنا أقوياء كلما استطعنا أن نُحقّق مدى أكبر من العزة والكرامة والاستقلال، بدليل ما حصل في 44 سنة السابقة. أما عندما يكون هناك تخاذل، فهذا يعني أن يذهب كل شيء، وهذا لن يكون معنا. الأمر الآخر، حصل اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني سنة 2024، بين الدولة اللبنانية والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر، برعاية دولية مع أمريكا وفرنسا وقوات الأمم المتحدة، قوات الطوارئ الدولية. هذا الاتفاق ينص على وقف إطلاق النار، وفيه التزامات على لبنان والتزامات على الكيان الإسرائيلي. لبنان قام بكل التزاماته، والمقاومة الإسلامية وكل المقاومين الشرفاء التزموا بوقف إطلاق النار في جنوب نهر الليطاني، وتمكين الجيش اللبناني من نشر قواته ليكون هو القوة الوحيدة الموجودة في المنطقة، مسلحة وتحفظ الأمن، وهذا ما طبقه لبنان وطبقته المقاومة بالكامل، بشهادة العالم من دون استثناء. بينما إسرائيل لم تنسحب، إسرائيل لم توقف عدوانها، إسرائيل اخترقت أكثر من ثلاثة آلاف مرة، وهذا كله موجود أمام العالم ويصرحون به، حتى قائد قوات الطوارئ الدولية صرح بهذا، وبيّن أن الجانب اللبناني يلتزم، وأن الجانب الإسرائيلي لا يلتزم. عندما حصل وقف إطلاق النار، كان ذلك لأن العدو الإسرائيلي وصل إلى طريق مسدود، أي أن الاستمرار لا فائدة منه، وأيضًا نحن مقتنعون ألا يكون هناك حرب، وبالتالي أيضًا وافقنا مع الدولة اللبنانية على وقف إطلاق النار. لكن ما هو الهدف الذي يعمل عليه العدو الآن؟ هو يريد أن ينهي المقاومة، يعني الذي جعله يقوم بالحرب أولًا، وخضنا معركة البأس للمواجهة، هو مشروع قائم على إنهاء المقاومة. لم يستطع إنهاء المقاومة، وحصل اتفاق وقف إطلاق النار. الآن يعتبر أن استمرار ضغوطاته واستمرار العدوان يمكن أن يؤدي إلى إنهاء المقاومة بالسياسة، من خلال الضغط على الدولة اللبنانية لتضغط على حزب الله في كل لبنان، وتجرّده من إمكاناته وقدراته. هذا أمر لم يحصل، إذا لم تحققوا في الحرب إنهاء المقاومة، هل تتوقعون أن تحققوا بعد الاتفاق هذا الإنهاء بالضغط والخروقات؟ هذا لا يمكن. العدوان الذي قامت به إسرائيل منذ أيام على منطقة النبطية وإقليم التفاح كان عدوانًا صاخبًا، هذا لعب بالنار، وهذا لن يجعل إسرائيل تأخذ أو تحقق ما تريد، وهذا برسم الدولة اللبنانية لتتحرك بفعالية أكثر، وبرسم الرعاة، أمريكا وفرنسا ومن معهم. نحن نعتبر أن هذه المرحلة بعد وقف إطلاق النار هي مرحلة مسؤولية الدولة اللبنانية، التي أخذت على عاتقها أن تطبق وقف إطلاق النار، وأن تلتزم بالقسم المرتبط بالجانب اللبناني، ونحن ساعدنا الدولة على هذا الالتزام. عليها أن تضغط أكثر، عليها أن تتحرك أكثر. وليعلموا بشكل واضح، فليعلم الإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي، أننا لن نخضع للتهديدات والضغوطات، لو اجتمع العالم ليسلبنا حقنا وأرضنا، لن نستسلم، سنواجه بكل أشكال المواجهة المتاحة، وبحسب المرحلة، ولكن لا استسلام. احذفوا الاستسلام من قاموسكم، هذا أمر لن يحصل مع وجود المقاومة إن شاء الله تعالى. هنا ألفت نظركم إلى نقطة هامة، إذا ظنّ البعض أننا نُستفرد الآن في لبنان، وأن الكل ينقض علينا ليضغط بأساليب مختلفة من أجل أن نتراجع ونتخلى عن قوتنا ومقاومتنا، من دون التنسيق التفصيلي مع الدولة اللبنانية فيما يتعلق بحماية لبنان وقوة لبنان، فهو واهم. هذا أمر لن يحصل، مهما كانت الضغوطات. وإذا كان يعتقد البعض أنهم بهذه الضغوطات يخرجوننا من المعادلة، فهم واهمون. أنا أريد أن ألفت نظركم لأمر، اليوم لبنان يتجه نحو الاستقرار، من يعيق الاستقرار في لبنان إسرائيل وعدوان إسرائيل. وأيضًا، إذا ازداد أو إذا تجاوب بعضهم في لبنان مع العدو الإسرائيلي، فهذا يعني أنهم يضعون الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي على طريق الهاوية. لبنان لا يمكن أن يكون مستقرًا بعزل مكون، أو بمحاولة الاستفراد، أو بالضغط على المقاومة من أجل أن تقدم ما لا يصح أن يُقدّم بعد كل ما قدمته ولم تلتزم إسرائيل على الإطلاق. اذهبوا يا أخي، أولًا فلتلتزم إسرائيل بما عليها، ولتُنهي الأمور التي هي جزء من الاتفاق، ونحن نتفاهم على المستوى الداخلي على كل التفاصيل، لا يوجد مشكلة بيننا وبين رئيس الجمهورية، ولا بيننا وبين المكونات في الداخل اللبناني. أما أن يفكر أحد أن الدولة تسير ويسير الاستقرار ونحن نبقى معزولون جانبًا، والضغوطات علينا، ضغوطات من الخارج وضغوطات من الداخل، وأن الأمور عادية؟ لا، ليست عادية، لا يمكن أن يحصل الاستقرار. هذا البلد يستقر عندما نكون جميعنا متعاونين، عندما نكون جميعنا مستقرين، عندما نعيش جميعنا حياتنا بشكل طبيعي. هنا أريد أن أوجه رسالة لجمهور المقاومة: أمامكم أولي البأس الذي خضناه معكم بكل عنفوان وقوة وشرف وعزة وتضحية وجهاد وعطاءات، وأمامكم تجربة وقف إطلاق النار بالصمود وحضور الأهالي في القرى والعمل بشكل متماسك. أثبتت التجربة في أولي البأس وما بعد وقف إطلاق النار أننا أقوياء في الميدان، وأننا يمكن أن نمنع هذه الأخطار عنا، وألا نُحقّق أهداف العدو. أنتم من يهزم الأعداء و'شراشره'. أنتم من يستعيد الأرض بثباتكم. أنتم مستقبل لبنان الواعد، مع مقاومته وجيشه وشعبه التواق إلى الاستقلال والحرية. لا أحد يلعب بيننا، ولا أحد يعتقد أنه يستطيع أن يُثبّط من عزائمنا. أما هؤلاء، وهم قلة في لبنان، الذين يخدمون إسرائيل بمواقفهم، فنقول لهم: لا تكونوا خُدّامًا لإسرائيل. أنتم بهذه الطريقة تعيقون وتعطلون البلد، وتسيئون إلى البلد. أنتم بهذه الطريقة تمنعون المشاركة الحقيقية والتفاعل الحقيقي. على فكرة، خُدّام إسرائيل ليسوا إضافة لإسرائيل، لأنهم هم يعملون توترًا، وهذا التوتر ينعكس سلبًا، وبالتالي ضغوطات على الكيان الإسرائيلي، ليس علينا نحن. لا تبرروا لإسرائيل ما تفعل. معقول أن يقال إن قصف النبطية ليس له علاقة بلبنان؟ لأن هذا قصف على ناس ليس لهم علاقة بالتركيبة اللبنانية أو بالواقع اللبناني؟ من هذا الذي لديه عقل ويقول هذا الكلام ويقف في هذا الموقف؟ على كل حال، خُدّام إسرائيل معروفون بالنسبة إلينا، تاريخهم مظلم، فتنتهم دمّرت لبنان، دائماً يعملون بطريقة تسيء إلى مجتمعهم، وإلى جماعتهم، وإلى من يوالونهم. ارحموا أنفسكم وارحموا البلد، هؤلاء يوتّرون البلد من لا شيء. على علمك، البلد يسير بالتنمية الاقتصادية، يسير بالترتيب الإداري، يسير بالانتخابات البلدية، يسير بترتيبات لينقل لبنان إلى مرحلة أخرى. في نفس الوقت، في مواجهة العدوان الإسرائيلي، هناك مطالبات لوقف العدوان الإسرائيلي، ثم يخرجون ليقولوا: لا، أنتم أولاً يجب أن تقوموا بما عليكم، وإسرائيل معها حق، وبالتالي يوتّرون البلد في وقت يجب أن تتوجه الأنظار إلى إسرائيل من ناحية لمنعها، وإلى بناء البلد من ناحية ثانية. خُدّام إسرائيل يخطئون كثيراً، نقول لهم: عودوا إلى وطنيتكم، عودوا إلى لبنانيتكم، عودوا إلى أن نتعاون ونكون شركاء. الأمر الآخر، اليوم نحن أمام عهد جديد برئاسة فخامة الرئيس العماد عون، وهذا العهد الجديد فيه آمال كبيرة، لا يعتقد أحد أن هذا العهد الجديد يُلغي كل الآخرين، أو أنه يقوم بشيء لا يقوم به الآخرون. لا، هذا العهد الجديد نحن شركاء فيه، ونحن جزء منه، نحن كحزب الله وحركة أمل قدّمنا المساهمة الكبرى يوم انتخاب فخامة الرئيس جوزيف عون، وأثبتنا للجميع أننا في إطار بناء البلد وانطلاقته. إذًا، ما يحصل في لبنان هو عبارة عن مرحلة جديدة فيها بناء، فيها عهد جديد، نحن جزء لا يتجزأ من هذا العهد الجديد، كل خيرات العهد الجديد نحن شركاء فيه ونحن نساهم فيه. عندما يكون هناك انفتاح على بعض الدول العربية والأجنبية والعلاقات التي تعود إلى سابق عهدها أو تتحسن، هذا لأننا جزء من هذه القناعة. نحن نريد للدول العربية أن تعود إلى لبنان، نحن نريد لدول العالم أن تتعاون مع لبنان، نحن نريد لمن اتخذ مواقف سابقة لأسباب مختلفة أن يعود إلى لبنان، لأننا نعتبر أن فيه مصالح مشتركة، لماذا لا تكون هذه المصالح للجميع؟ وبالتالي ما يحصل من خيرات نحن شركاء فيه. لكن أنا أقول لهذه الدول: لا تفرضوا خياراتكم المضرة بلبنان، ولا تغلّبوا فريقًا على آخر بغير وجه حق. إنما لكم مصالح في لبنان، صحتين على قلبكم، خذوا مصالحكم وأعطونا مصالحنا في لبنان كلبنانيين، وبالتالي نتعامل كدولة لدولة، كند لند. هذا أمر يجب أن يكون واضحًا للجميع. على فكرة، نحن لم نبدأ مع العهد الجديد نتصرف بإيجابية حقيقة من أجل لبنان، بل منذ حكومة الرئيس ميقاتي، في 27 تشرين الثاني 2024، تم عقد الاتفاق بين الدولة اللبنانية والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر، اتفاق وقف إطلاق النار، ونحن التزمنا به وساعدنا الدولة. يعني قبل شهر ونصف من انتخاب الرئيس الجديد، شهر ونصف والتزام كامل. هذا يعني أننا مقبلون على دعم الدولة وكيان الدولة، وأن نكون جزءًا لا يتجزأ منها، وأن يكون هناك تقدم في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبعد ذلك تابعنا في هذا المجال. أكرر حتى لا ينسى المسؤولون، هناك أولويات ثلاثة يجب السير بها معًا: أولوية وقف العدوان الإسرائيلي والانتهاكات الجوية المتكررة والاحتلال والإفراج عن الأسرى، هذا أمر أساس يجب أن يحصل، والدولة اللبنانية معنية بأن تضغط بكل إمكاناتها. الأولوية الثانية إعادة الإعمار، وهو واجب على الحكومة، ويجب أن يبدأ موضوع إعادة الإعمار. أطالب الحكومة اللبنانية أن تضع هذه النقطة على أول جلسة من جلسات أعمالها، لأنه لا يصح أن يتأخر هذا الموضوع، لا يوجد مبرر، على الأقل ضعوا الإطار العام، الخطوات العامة، تشكيل اللجنة أو اللجان المعنية، لأنه نحن يتصل بنا عدد من الدول العربية وغير العربية أيضاً، ويقولون نحن حاضرون للدعم، لكن قولوا لنا أولاً أنتم كيف ستبدؤون، وضعوا لنا الإطار الذي ستبدؤون به لبنانياً. مسؤوليتنا أن نضع الإطار كدولة لبنانية، كحكومة لبنانية. أنا أدعو إلى إعطاء هذا الأمر أهمية كبرى، هذا من أول الأولويات الموجودة. والأولوية الثالثة التي تحدّثنا عنها هي موضوع بناء الدولة اقتصادياً واجتماعياً، وإعادة أموال المودعين، وكل هذه الأمور التي يحتاجها لبنان. أهنئ اللبنانيين بالانتخابات البلدية والاختيارية التي حصلت في جبل لبنان، وحصلت في منطقة الشمال وطرابلس، وبالتالي هذه الانتخابات دلّت بطريقتها وبأدائها على حماسة اللبنانيين لبناء الدولة. ونحن كنا من أول المشجعين، ومن المؤكدين على إجرائها في موعدها. وأيضاً هناك نجاحات حققناها بالتعاون بين حزب الله وحركة أمل في بلدات كثيرة، خاصة في منطقة جبل لبنان، عندما عملنا على التوافق، وأعطينا نموذجاً رائداً في المحافظة على صيغة العيش المشترك والتعاون من خلال تجربة حارة حريك. يعني في حارة حريك، الرئيس مسيحي، والأعضاء بحسب العدد مثلناهم بشكل طبيعي بالاتفاق بين حركة أمل وحزب الله مع القوى الموجودة. أيضاً نحن مقتنعون أن بيروت أيضاً يجب أن تُراعى فيها هذه الخصوصية، حتى يكون التمثيل تمثيلاً متوازناً، يأخذ بعين الاعتبار كل المذاهب والطوائف من دون لحاظ العدد ومن دون لحاظ الحسابات السياسية. نحن نشجع، ونحن جزء من هذا، وأعطينا تجربة رائدة في هذا الموضوع. أختم بالتهنئة لليمن بانتصاره على أمريكا، وبقائه شعلة للنور ودعماً لفلسطين. هذا اليمن العظيم بشعبه وقيادته وتضحياته وشهدائه وجرحاه وعطاءاته، الذي استطاع أن يُرغم أمريكا على أن توقف عدوانها، أرغمها غصباً عنها، واستمر في رؤيته وقناعته بضرب الكيان الإسرائيلي دفاعاً عن غزة. كل التحية لهؤلاء الشرفاء. والتحية أيضاً للجمهورية الإسلامية الإيرانية المباركة، التي ترفع علم الحرية، والتي تعمل دائماً من أجل نصرة قضايانا في منطقتنا. لنا الفخر بالعلاقة معها، بقيادة الإمام الخامنئي دام ظله، على نهج الإمام الخميني قدس سره. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


يمني برس
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- يمني برس
الصرخة مشروع تحرّر وجهاد
يمني برس- بقلم- فيصل الطهيفي إن أولى خطوات التحرّر الحقيقي تبدأ بكسر حاجز الصمت والخوف، وتبني الموقف الذي يرفض الهيمنة والتسلط من أية جهة كانت، وكان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) أول من أدرك هذه الحقيقة بوعيٍ فَذٍّ. فإطلاقه لشعار 'الصرخة' كان أكثر من مُجَـرّد كلمات تقال، بل كان إعلانًا عمليًّا لموقفٍ جهادي شجاع، يعبّر عن البراءة من أعداء الله، ويعيد للأُمَّـة هويتها القرآنية التي حاول الاستكبار العالمي أن يطمس معالمها. ففي مواجهة الظلم الذي يطال الأُمَّــة الإسلامية من قوى الاستكبار العالمي، وعلى رأسها أمريكا و(إسرائيل)، كانت الصرخة بمثابة تجسيد لروح الثورة والرفض. لم تكن مُجَـرّد كلمات تردّد في لحظات عاطفية، بل كانت دعوة صادقة ونداء مدوٍ في مواجهة الظلم والعدوان. ومع مرور الأيّام، أثبتت الصرخة قدرتها على أن تكون أدَاة تحرّرية فعالة، تساهم في إعادة بناء الوعي الجمعي للأُمَّـة، وتبعث في نفوسها روح العزة والكرامة. وفي فكره الثوري، لم يكن الشهيد القائد (رضوان الله عليه) ينظر إلى الصرخة ككلمات وحسب، بل كانت بالنسبة له مشروعًا جهاديًّا حقيقيًّا يساهم في تحفيز الأُمَّــة للتصدي للأعداء. ففي تلك اللحظات الصعبة التي كان يعصف فيها الخوف والجمود بالأمة، كان يطرح هذا السؤال الجوهري: 'هل نحن مستعدون للعمل؟' ويقدم الجواب القاطع: 'انطلقوا بالصرخة!' ليبث في قلوب الأُمَّــة قوة وعزيمة. وتتجلى أهميّة الصرخة في كونها ليست مُجَـرّد شعار سياسي أَو إعلامي، بل هي إعلان للموقف الجهادي، وكسر للجمود الفكري الذي حاول الأعداء أن يغرسوه في الأُمَّــة. إن إطلاق هذه الصرخة على مرأى ومسمع من العالم كان بمثابة تحدٍ هائل لقوى الاستكبار، وأدَاة قوية في معركة الوعي والهوية. الصرخة كانت مصدرًا لإشعار الأُمَّــة بضرورة التحَرّك الجاد، وترك كُـلّ أشكال التحلل والتراخي. ورغم بساطة الكلمات التي تضمنها الشعار، إلا أن له تأثيرا عميقًا في نفوس الأعداء، حَيثُ كان يعكس التحدي والرفض لكل محاولات التسلط. ولعل من أعظم مفاهيم هذه الصرخة هو أنها تأتي في وقت كان فيه الإعلام الغربي يحاول تزوير الحقائق وفرض رواياته المشوهة عن الإسلام والمسلمين. في مواجهة هذا، كانت الصرخة بمثابة جرس إنذار، يفضح ما يدور خلف الستار من مؤامرات، ويكشف الوجه الحقيقي للعدو. وأكّـد الشهيد القائد أن الصرخة ليست مُجَـرّد إعلان لحالة رفض، بل هي جزء من جهادٍ فكري وأيديولوجي طويل. ففي معركة الأفكار، كان هدفه أن يثبت في أذهان الأُمَّــة أن أمريكا هي عدوها الأول، وأن (إسرائيل) هي المصدر الأَسَاسي للشر والفساد في الأرض. هذه المفاهيم، التي حاول الإعلام الأمريكي أن يروجها، كانت بحاجة إلى مواجهة جادة. ولذلك كانت الصرخة الأدَاة التي تنبه الأُمَّــة لما يحاك ضدها، وتنبه أعداءها إلى أن الأُمَّــة الإسلامية لن تبقى صامتة إزاء الجرائم التي ترتكب بحقها. ومن خلال تكرار هذه الصرخة في مختلف الأوساط، كان الشهيد القائد (رضوان الله عليه) يدعو الأُمَّــة إلى أن تكون هي المبادرة في نشر هذه الرسالة، وتوسيع تأثيرها إلى أبعد مدى. فكلما زادت الأصوات التي تردّد هذا الشعار، كلما زادت قوة التأثير النفسي على الأعداء، وأصبح من الصعب على القوى الاستكبارية أن تتجاهل هذه الرسالة الجهادية العميقة. وعندما تردّد الأُمَّــة هذا الشعار في كُـلّ مكان، فَــإنَّها تؤكّـد على رفضها لكل أشكال الاستعباد والهيمنة، وتعلن رفضها للمشاركة في المؤامرات التي تهدف إلى تدمير الهوية الإسلامية. ويستمر الشهيد القائد (رضوان الله عليه) في التأكيد على أن الصرخة لا تقتصر على كونها جهادًا معنويًّا فقط، بل هي جزء من جهاد شامل يشمل كُـلّ المجالات. فعندما يتبنى المسلمون هذا الشعار في حياتهم اليومية، فهم يرسخون في أنفسهم مواقفهم الثابتة تجاه قضايا الأُمَّــة. وهذه الصرخة تُعد جهادًا اقتصاديًّا ونفسيًّا، يؤثر على القوى الاستكبارية بشكل يفوق القوة العسكرية في بعض الأحيان. وقد أكّـد الشهيد القائد (رضوان الله عليه) أن المقاطعة الاقتصادية جزء من هذا الجهاد الشامل في سبيل الله، وأنها أدَاة قوية تكشف حجم التبعية التي فرضها الاستكبار على الأُمَّــة، وتُظهر قدرتها على التأثير على أعدائها من خلال قطع تدفق الأموال التي يستخدمها هؤلاء الأعداء في تنفيذ مؤامراتهم. وبالتالي، فَــإنَّ المقاطعة الاقتصادية تندرج ضمن مفهوم الجهاد الحقيقي في وقتنا الحاضر، حَيثُ تُعتبر سلاحًا اقتصاديًّا ونضاليًّا لا يقل أهميّة عن الجهاد العسكري. وكان الشهيد القائد يؤمن أن هذه الصرخة ليست مُجَـرّد كلمات تردّد بلا معنى، بل هي أدَاة تحرّرية تسهم في كسر العزلة التي فرضتها قوى الاستكبار على الأُمَّــة، وتفتح أمامها آفاقًا جديدة من الصمود والمقاومة. فكلما علت الصرخة في سماء الأُمَّــة، كلما قربت لحظة النصر على الأعداء، وأصبح المستقبل أكثر إشراقًا. وفي الختام، يمكن القول إن الصرخة التي أطلقها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) هي أكثر من مُجَـرّد شعار يردّد في مناسبات معينة، بل هي مشروع تحرّري شامل، يدعو الأُمَّــة إلى الاستيقاظ من سباتها، وتبني الموقف الجهادي بكل أبعاده. هي صرخة عز وفخر، ومفتاح لتحرير الأُمَّــة من قيود الهيمنة الاستكبارية، ودعوة للعمل الجاد في مواجهة أعداء الله، لنكون أُمَّـةً حية، ترفُضُ الظلم والعدوان، وتؤمن بأن النصر لا يأتي إلا بالتحَرّك الفعّال، والعمل الجاد، والتمسك بالهوية القرآنية التي أراد لها الله أن تكون منبعَ عزتنا وقوتنا.


يمني برس
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- يمني برس
شعار الصرخة.. صدارة المشروع القرآني
في الوقت الذي كانت أمريكا وإسرائيل تثقل الأمة الإسلامية بهجمات شرسة من مختلف الحروب والإجرام، حيث سخرت كل قدراتها في تضليل وتشتيت وتفرقة أبناء الأمة الإسلامية بحروبها الميدانية بجانب حروبها الناعمة التضليلة والتي هي أشد خطراً وفتكاً، حتى ظهر من أقصى اليمن قائدٌ يسعى حاملاً معه شعار الحرية والبراءة، شعار العداء لمن هو عدو للأمة، كبدايةٍ تنويريةٍ لانطلاقِ مشروعٍ قرآني عظيم أخرج الأمة من حالة الغفلة والصمت والخنوع، من حالة التدجين والخضوع والاستسلام إلى حالة التحرك العملي والجدي كما ينبغي لها أن تكون تجاه العدو الأخطر الذي يهددها ويستهدفها، فما كاد هذا القائد أن يُصوب صدى شعاره هاتفاً هو ومعه ثلة قليلة من المؤمنين صميم قلب العدو وأذرعه، حتى فتت مزاعمهم وشرد جمعهم، وأطبق سماء الزعامة عليهم. شعارٌ رسخ في نفوس أبناء الأمة الإسلامية حالة السخط تجاه أمريكا وإسرائيل- من هم أئمة الكفر من أهل الكتاب – وحصن الأمة من مؤامراتهم وخططهم وكشف وجوههم الحقيقة التي تظهر العداء والموت لأبناء هذه الأمة بكل السبُل الممكنة لديهم، كموقف لفظي تثبته الأفعال الصادقة من هذا المشروع القرآني ويُجسد الحالة الحقيقية التي تجب أن تكون الأمة عليها؛ وهي حالة إعلان العداء لأهل الكتاب المتمثلة بالصهيونية اليوم أمريكا وإسرائيل. شعار الصرخة الذي تبناه الشهيد القائد رضوان الله عليه كأول موقف لمشروعه القرآني يثبت مدى شمولية هذا المشروع، فالصرخة تتعاظم بمقرونيتها مع المشروع القرآني فهو شعار مفرداته مستوحاة من كتاب الله، وهو استجابة لله سبحانه وتعالى وعملا بتوجيهاته، حيث أن له الأثر البالغ الذي أدى إلى إظهار حالة الرعب والنفور والغضب من قِبل العدو وأذرعه تجاه هذا المشروع العظيم، فالصرخة كما قال عنها الشهيد القائد: 'هي الحكمة والحكمة ضالة المؤمن أنّا وجدها أخذها'. في حالة سعى المتخاذلون في تشكيك الأمة من هذا الشعار في هجمة شرسة يشنها العدو بأدواته وعملائه ضد حاملي الشعار ومتصدريه، في جهالة تامة أن مضمونات هذا الشعار تكمن في الموت لأمريكا ولإسرائيل كوعي ثقافي قرآني لأبناء الأمة الإسلامية من هؤلاء الأعداء في مرحلة أرادت أمريكا وإسرائيل وعملاؤها المنافقون وأولياؤها المرجفون من أبناء الأمة الإسلامية بتقديس الصهيونية المتمثلة بأم الإرهاب أمريكا وربيبتها إسرائيل وأن تخضع الأمة لهم، وأن تفسح المجال لهم بأن تفعل بالأمة ماتشاء وماتريد وأن تقتل وتميت من أبنائها دون رفع صوتٌ واحد من هذه الأمة،وأن تكون أمة ذليلة خانعة مستباحة من قبل العدو الأمريكي والإسرائيلي، معرّضة لجميع أصناف الجرائم والقتل والاحتلال والاستحوذ على مقدراتها وثرواتها،في حالة إعلان «الموت» لهذه الأمة الإسلامية، الموت ذلاً وخضوعاً، الموت صمتاً واستسلاماً، الموت بجميع الوسائل الممكنة المعنوية والمادية على يد العدو الأمريكي والإسرائيلي وأدواته في المنطقة دون أن يكون هناك موقفٌ واحد يصدر من هذه الأمة. واليوم فقد أثبتت الوقائع والأحداث أن « شعار الصرخة »مثّل خطوة حكيمة وعظيمة وفعّالة حيث أن الشعوب التي رفعته تمكنت للوصول إلى ماهو أرقى وأسمى لها من بين بقية الشعوب من العزة والكرامة والغلبة والتأييد الإلهي ،وأن لها القدرة والكفاءة بأن تخوض كبار المعارك مع كبار طواغيت الشر المتمثل بأمريكا وإسرائيل وهي في أهبة الاستعداد وبثبات عظيم ومعية عظيمة من الله وتوفيق منه، فقد كان هذا الشعار التنويري هو تطبيق عملي لأوامر الله سبحانة وتعالى في قوله: 'وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ'. فقد كان هذا الشعار من ضمن الإعداد ضد أعداء الله بما يُرهبهم كأهمية الاستعداد والتحضير لمواجهة الأعداء، من خلال إعداد القوة والعتاد اللازمين، لتحقيق الرهبة والخوف في قلوبهم، وحماية المؤمنين منهم. فتحرك الشعب اليمني بهذا الشعار كان من واقع عملي إيماني قرآني لمواجهة الكفر والظلم وهو نتاج لما وصل إليه هذا الشعب من موقفه العظيم والثابت والراسخ لتحديات المرحلة الحاسمة في مواجهته اليوم المباشرة لطواغيت الشر ورأسه أمريكا وإسرائيل ، فقد كان شعار الأولوية والصدارة في مواجهة مشروعهم الذي يستهدف ديننا وبلادنا وثرواتنا وعزتنا وكرامتنا وهو أيضاً الشعار المتصدر الذي قطع يد وصايتهم على شعبنا و أزال العون والسند الداعم لهؤلاء الفاسدين الذين هم نتاج وثمرة الهيمنة والاستعمار لبلدنا في الفترات السابقة. ولإن أمريكا وإسرائيل هما أئمة الكفر،وأرباب الظلم والفساد وهم رأس الطغيان والإجرام والإرهاب فكان حقٌ علينا بترديد هذا الشعار،ورفعه والهتاف به بكل قوة وعنفوان وعزة وكرامة وثبات،فليس لأمريكا عندنا إلا الموت بأصنافه ،وليس لإسرائيل إلا الزوال والفناء، كمنطلق لمواصلة مشروعنا القرآني الذي بدأه الشهيد القائد لنكمله نحن الأنصار.


يمني برس
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- يمني برس
الصرخةُ.. سلاحُ الوعيِ الذي أرعبَ الأساطيلَ
حينَ صرخَ الشهيد القائد السيدُ القائدُ حسين بدر الدين الحوثي ـ رضوانُ الله عليه ـ في وجهِ المستكبرين، لم تكنْ صرخةً عبثية، ولا شعارًا لحظيًّا، بل كانت استبصارًا قرآنيًّا عميقًا لطبائعِ الصراعِ، واستشرافًا استراتيجيًّا لمآلاتِ الهيمنةِ الأمريكية. لم يكنْ مجردَ هتافٍ، بل إعلانُ تموضعٍ حضاريٍّ في معسكرِ المستضعفين، وبدايةُ مشروعٍ قرآنيٍّ متكاملٍ يواجهُ الهجمةَ العالميةَ بكلِّ أدواتِ المواجهةِ الممكنةِ: النفسيةِ، والعسكريةِ، والسياسيةِ، الاقتصاديةِ، والثقافيةِ. الصرخةُ كفعلٍ عسكريٍّ ونفسيٍّ: قال رضوان الله عليه: «دعوا الشعبَ يصرخْ في وجهِ الأمريكيين، وسترون أمريكا كيف ستتلطف لكم… هي الحكمة، ألسنا نقول: إن الإيمانَ يماني، والحكمةُ يمانية؟». لقد وعى الإمامُ القائدُ طبيعةَ الصراعِ ومفاتيحَه النفسية والسياسية والعسكرية، فحوّل شعار «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام» إلى سلاحٍ نفسيٍّ ووجدانيٍّ وميدانيٍّ، غيّر موازينَ الوعي في الأمة. لقد أثبتتِ التجربةُ أنَّ الحربَ اليومَ لم تَعُدْ حربَ ميادينَ فقط، بل هي حربُ عقولٍ وأعصابٍ وإرادات. ولأنّ أمريكا وحلفاءَها يدركونَ أن الهيمنةَ تبدأُ من كسرِ العزائمِ وتطويعِ النفوسِ، كانت الصرخةُ ـ بما تحملهُ من شحنةِ وعيٍ وعقيدةٍ وثبات ـ حربًا معاكسةً تضربُ في العمقِ النفسيّ للعدو، وتفكّكُ بنيتَهُ الإعلاميةَ والمعنويةَ. فمنذ أن رفعت الصرخةُ، لم تستطعِ الدعايةُ الأمريكيةُ أن تُقنعَ الشعوبَ بعدالةِ مشاريعها، ولا أن تصِمَ أنصارَ الله بالإرهاب، رغمَ سيلِ التهمِ والتضليلِ، لأنها أمامَ جدارِ شعارٍ نقيٍّ، لا يشوبهُ تطرّفٌ ولا يَقبلُ مساومة. أن بُنيةِ الشعارِ ومفاعيلهِ العسكريةِ والنفسيةِ على ساحةِ الصراعِ الكونيِّ، أهان الاستكبار العالمي في فضح هشاشة القبة الحديدية. الصرخةُ ومعادلةُ الردعِ البحرية: في خضمِّ معركةِ الفتحِ الموعود، تحوّل الشعارُ من هتافٍ إلى تكتيك، ومن صوتٍ إلى صاروخ. أغلقتِ الموانئُ، توقّفَ ممرُّ إيلات، وارتبكتْ حاملاتُ الطائرات، وسُحقتِ الهيبةُ الأمريكيةُ في البحرِ الأحمرِ وخليجِ عدن. ولأولِ مرةٍ في التاريخ، تقفُ البوارجُ الأمريكيةُ عاجزةً عن حمايةِ السفنِ الإسرائيليةِ، وتضطرُّ لمواجهةِ طائراتٍ مسيّرةٍ يمنيةٍ وصواريخَ باليستيةٍ ومجنحةٍ، بعضها فرطُ صوتيّ، انطلقتْ باسمِ الشعارِ، وبروحِ المشروعِ القرآنيّ. الصرخةُ ومنظومةُ الدفاعِ الجوّي والمعركةُ النفسية: معركة الثقافة والمصطلحات: حينَ تحوّلتْ المعركةُ إلى السماءِ، وإسقاط 18 طائرة 'إم كيو 9' أمريكي،22 طائرة أمريكية نوع (MQ-9 ) والأف-١٥ والأف-١٦، وسجّلَ أرقامًا غيرَ مسبوقةٍ في التصدي لطيرانِ العدوّ، كانت الصرخةُ هي الموجهَ الأخلاقيّ والعقائديّ للمقاتلِ اليمنيّ. هذا المقاتلُ لا يقاتلُ بدافعِ الأجرِ أو الثأرِ، بل بدافعِ الإيمانِ بالله، والبراءةِ من أمريكا، والولاءِ لمحورِ الحقّ. ومن هنا، فإنّ شعارَ الصرخةِ ـ كما أشار السيد القائد عبد الملك الحوثي، يحفظه الله، أنّ 'الشعار' ليس مجرّد هتاف، بل سلاحٌ ثقافيٌّ وسياسيٌّ وعسكريٌّ في وجه قوى الاستكبار. فهو يفضح الهيمنة الأمريكية، ويُعبّئ الأمة وعيًا ورفضًا للتبعية، ويُمهِّد لموقف عمليٍّ يُثمرُ في ميادين التصنيع العسكري والمواجهة. ومن الشعار بدأت المسيرة، وبالشعار تستمر حتى تحرير القدس. مكاسبُ الصرخةِ: وضوحُ العدوِّ، وكشفُ العملاء، لقد كشفتِ الصرخةُ زيفَ الديمقراطيةِ الغربية، وأظهرتْ أنظمةَ التطبيعِ على حقيقتِها، وأسقطتِ الأقنعةَ عن وجوهِ التبعيةِ السياسيةِ والثقافيةِ والاقتصادية. فضحتْ الحركاتِ التكفيريةَ التي تحرّكت في سورية وصمتتْ في فلسطين، وعرّتْ العقيدةَ القتاليةَ الغربيةَ التي لا تعرفُ الشرفَ ولا تعرفُ القدس وعندما نقضت أمريكا الفيتو في مجلس الأمن، طبقت الصرخة الفيتو في البحر الأحمر. الصرخةُ والبراءةُ: من شعائرِ الحجِّ إلى شعائرِ الجهاد من رميِ الجمراتِ في منى، إلى قصفِ السفنِ في بابِ المندب، تتجلّى الحكمةُ اليمانيةُ في أوضحِ صورِها. فالصرخةُ ليستْ إلا امتدادًا لشعيرةِ البراءةِ التي أُمرنا بها في التوبةِ: (براءةٌ من اللهِ ورسولِه إلى الذين عاهدتم من المشركين). وكما نرمي الجمراتِ إعلانًا للعداءِ مع إبليس، نرمي الصواريخَ والمسيراتِ براءةً من الشيطانِ الأكبر، لقد جاءَ هذا الشعارُ متّصلًا بشعائرِ الله، تمامًا كالرجمِ في مِنى، حيثُ يرمي الحجيجُ الشيطانَ رمزًا للبراءة والمواجهة، وهكذا هي الصرخة، رجمٌ للشيطانِ الأكبرِ أمريكا، وقطعٌ لعهدِ التبعية، وإعلانُ سخطٍ دائمٍ في وجهِ الطغيان. إنها صلةٌ إيمانيةٌ باللهِ تجعلنا أقوياء، وتجعلُ عدوَّ اللهِ ضعيفًا ومرتبكًا أمام ثباتنا. الصرخةُ والقضيةُ المركزية: حينَ ارتبطَ الشعارُ بفلسطين، دوَّى في أصقاع الكوكب لتصبح صرخة عالمية. عندما ارتبطتِ الصرخةُ، شعارُ المشروعِ القرآني، بالقضيةِ المركزيةِ للأمةِ ـ فلسطين ـ تحوّلتْ من مجرّدِ شعارٍ يمنيٍّ إلى صرخةٍ أمميةٍ تتردّدُ في مساجدِ طهران، وساحاتِ بغداد، وجبالِ لبنان، وأزقةِ غزّة، ومدنِ الجنوبِ الأفريقي، وبلدانِ أميركا اللاتينية. لقد أصبحتِ الصرخةُ رايةً تحتمي بها قلوبُ المحرومينَ، ويتسلّحُ بها كلُّ مستضعفٍ في وجهِ الطغاةِ والمحتلين. فحيثُ وُجِدَ الظلمُ، يجبُ أن تُرفَعَ الصرخة، وحيثُ وُجِدَ الاستكبارُ، لا بدّ أن يُسمَعَ صوتُ البراءةِ في وجهِه. وهكذا، لم تعُد الصرخةُ ملكًا لجغرافيا محددة، بل صارتِ الميثاقَ الثوريَّ للأحرار، والدستورَ الأخلاقيَّ للمقاومين، والبوصلةَ التي تُشيرُ دومًا إلى القدسِ، مهما حاولَ المطبّعونَ تشويهَ الطريق.