أحدث الأخبار مع #سالمبننجيمالبادي


جريدة الرؤية
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
التصريحات المُستفِّزة
سالم بن نجيم البادي لستُ هنا بصدد التصادم مع أحد، ولا أرغب في أن أتتبع العثرات والهفوات، ولكن من الملاحظ تزايد التصريحات التي تثير الرأي العام، ويمكن وصف هذه التصريحات بأنها غير مقبولة، وغير مسؤولة، وهي كذلك غير مدروسة ومستفزة للرأي العام، خصوصًا إذا كانت تتعلق بقضايا تشغل بال فئات واسعة من المجتمع. تأتي هذه التصريحات وكأنها تستخف بعقول الناس، ومنذ ذلك التصريح الذي يصف الزيادة في أسعار الوقود بأنها تساوي قيمة شطيرة شاورما واحدة فقط، تتوالى التصريحات، مثل تصريح أن الضرائب لن تضر المواطن العادي، والتصريح الذي ينتقد زيادة الرواتب في العام 2011، وتصريح الدفاع عن غلاء الأسعار وبأنه ظاهرة عالمية. وفي مثل هذه التصريحات، هروب من مواجهة المشكلة، وكذلك يُقال بأنَّ كل بلدان العالم فيها باحثون عن عمل، مع أن لكل بلد ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، والاختلاف في عدد السكان والموارد الطبيعية. وهناك من يصرح بأنَّ الشباب لا يقبلون الوظائف المعروضة عليهم، ويصرح آخر لتبرير تحديد الحد الأدنى للأجور وهو 325 ريالًا، وأنه مناسب لحياة كريمة للمواطن وفق دراسات أُجريت في هذا الشأن. ومن يصرح بأنَّ وزارة العمل غير مسؤولة عن التوظيف، دون ذكر الجهة المنوط بها توظيف الباحثين عن عمل، إلا أن يُلقى عبء التوظيف على القطاع الخاص، وهذا القطاع يُسرّح أعدادًا كبيرة من الناس ويوظف أعدادًا أقل. وجاء ذلك القرار الذي يُلزم أصحاب السجلات، كبيرة كانت أو متوسطة أو صغيرة، وسواء تُدر دخلًا على صاحبها أو لا تُدر، بتوظيف عُماني واحد لكل سجل تجاري. ويظهر علينا من يصرح ويدافع عن هذا القرار، وهو لا يعلم أو لا يريد أن يعلم بالواقع، خاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمشكلات التي تُعاني منها هذه المؤسسات. وهناك ذلك التصريح الذي يدعو الباحثين عن عمل إلى الرحيل خارج الوطن للبحث عن فرص العمل، وصاحب هذا التصريح لم يبخل على الناس بنصيحته تلك التي تذكرهم بحمل الوطن في قلوبهم وهم يسافرون بعيدًا عن الوطن طلبًا للرزق، ولكنه لا يصرح ليوضح للناس لماذا لا يتم إحلال المواطن العماني محل الوافد في شغل بعض الوظائف، مع وجود وظائف يستطيع الشاب العماني أن يحل محل الوافد في شغلها. كما إنه يصمت عن قضية السماح للأجانب بدخول البلد بحجة الاستثمار، وقد تبين أن كثيرًا منهم لا يملكون المال للاستثمار، وأن هذا الأجنبي قد ينافس المواطن العماني في بعض الأعمال. وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الباحثين عن عمل، تجد من يدافع عن قرار رفع مدة العمل لمن يرغب في التقاعد المبكر من 20 سنة كما كانت سابقًا إلى 30 سنة حتى يستحق الموظف راتبًا تقاعديًا، وكان من المنتظر أن تُخفض هذه المدة لا أن تزيد، لإتاحة الفرص لتوظيف الشباب في وظائف قدامى الموظفين الذين يرغبون في التقاعد المبكر. ونجد من يصرح دفاعًا عن قرار منح منفعة لكبار السن وهي 115 ريالًا، حتى لو كانوا أغنياء أو رواتبهم التقاعدية عالية، في حين يُترك الباحثون عن عمل دون منفعة مالية ودون عمل. وأحدهم يصرح بأن الموظف لا يحتاج إلى حوافز مالية؛ فهو يعمل بدافع الوطنية، ولكنه لا يتحدث عن تلك الفئة من الموظفين الذين تم منحهم حافزًا ماليًا وقدره 7 آلاف ريال دفعة واحدة، فهل هؤلاء لا تكفيهم الوطنية؟ ومن التصريحات المُستفزة، الدفاع عن منظومة "إجادة"، مع أنها تحتاج إلى إعادة النظر في إجراءات تطبيقها. والتصريحات المستفزة للناس كثيرة، وهي تدل على أن أصحاب هذه التصريحات لا يراعون مشاعر الناس ولا يحسبون حسابًا لردود الفعل التي يمكن أن تسببها تصريحاتهم، وهم يعيشون منفصلين عن واقع الناس ولا يعرفون شيئًا عن أحوال وظروف الناس في المجتمع. وإلى هؤلاء.. نقول لهم: قبل أن تصرحوا، فكروا في عواقب تصريحاتكم، وقولوا خيرًا أو اصمتوا.


جريدة الرؤية
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
مهرجان ينقل لمُزاينة الحيران
سالم بن نجيم البادي مهرجان ينقل لمزاينة الحيران (الحيران: صغار الإبل التي لا تتجاوز أعمارها سنة واحدة) تقليد سنوي يُقام كل عام في مثل هذه الأيام، ويجذب المهرجان إليه الناس من مناطق مختلفة من عُمان ومن بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ويأتي إليه الناس من مختلف الأطياف للترفيه والتسلية وحبًا للإبل، وحضور الفعاليات التراثية المختلفة، ومن أجل التجارة وبيع الأطعمة والمشروبات والحلويات والقهوة والتمور والبخور ومستلزمات الإبل، وفي المهرجان يتم عرض الحيران لاختيار الأجمل من قبل لجنة مختصة في المواصفات الجمالية التي تقدرها اللجنة المكونة من أصحاب الخبرة في هذا المجال. هذه المهرجانات لها فوائد كثيرة ومنها المحافظة على التراث العريق المرتبط بالإبل ومكانتها في المجتمع والدور الهام الذي كانت تقوم بها في حياة الناس؛ فهي كانت وسيلة للتنقل من مكان إلى آخر ووسيلة لجلب المؤنة إلى البيوت من الأسواق البعيدة ومن البلدات المجاورة، ويُستفاد من حليبها ولحومها وتُباع الإبل الأصيلة والمتميزة في الشكل والتي تفوز في السباقات بأسعار غالية. ليس هذا فحسب، فإن للإبل حضور طاغ في ثقافة المجتمع وأساطيره وحكاياته وموروثه الشعبي. وللمهرجان فوائد اقتصادية؛ حيث البيع والشراء وصفقات بيع الإبل وتنشط الحركة التجارية والسياحية في الولاية وفوائد ترفيهية من خلال الأمسيات والمناشط والفعاليات المختلفة، وفوائد اجتماعية حين يلتقي الكبار والصغار والأسر في ساحة المهرجان، ويفد إليه الناس من كل مكان. ولقد أكد المهرجان كرم أهل ينقل كما هو معروف عنهم؛ حيث كانوا يتنافسون في إقامة الموائد العامرة للضيوف القادمين من خارج الولاية سواء في أرض المهرجان أو يصطحبونهم إلى منازلهم لتقديم واجب الضيافة. وقد سعدتُ بحضور بعض أيام وليالي هذا المهرجان البهيج، واستمتعت بالفعاليات المتنوعة من أهازيج ورقصات شعبية وأمسيات شعرية ومسابقات مختلفة، وأبرز هذه المسابقات مسابقة رقصة "اليولة" وتنافس فيها شباب من مختلف مناطق السلطنة ومسابقات للأطفال تعلمهم التنافس الشريف والثقة بالنفس وتبرز مواهبهم. لقد بُذلت جهود جبارة من أجل الإعداد المُتقن لهذا المهرجان حتى ظهر بهذه الصورة الرائعة وكان وراء هذا الجهد أشخاص يعملون ليلًا ونهارًا في الإعداد والتحضير لهذا المهرجان دون مقابل مادي وهم يستحقون الشكر والتقدير والشكر موصول للشركات الراعية وللأفراد الذين تبرعوا بأموالهم ولكل من ساهم في إنجاح المهرجان. لقد عاشت ينقل خلال أيام المهرجان حياة ضاجة بالنشاط والحركة والبهجة، ونتمنى أن نشهد في ينقل مثل هذه المهرجانات والفعاليات المختلفة وينقل الجميلة وأهلها يستحقون كل خير.


جريدة الرؤية
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- جريدة الرؤية
حالات الإعسار في المجتمع.. بين التهويل والإنكار
سالم بن نجيم البادي الكتابة عن الأحوال المعيشية للناس في المجتمع ربما تكون محفوفة بالتحديات، وحين نكتب عن معاناة الناس من حولنا، تكون التهم جاهزة لنا بنشر السلبية والمبالغة والتهويل وتكرر على مسامعنا المقولة المعروفة: "الفقر موجود في كل المجتمعات البشرية"، وقد تكون هذه المقولة غير دقيقة، والمقارنة بمجتمعات أخرى هي مُقارنة غير عادلة مع اختلاف الظروف والموارد وعدد السكان. عدد السكان عندنا قليل والموارد جيدة لو تمَّ استغلالها الاستغلال الأمثل، والله وحده أعلم بالنوايا المخلصة التي تهدف إلى طرح الواقع المعيشي للناس في المجتمع للنقاش بدون رتوش أو تجميل أو مواربة، والهدف لفت نظر الجهات ذات الشأن لهذه المعاناة، حيث إن التستر على مشاكلنا ومحاولة ترسيخ صورة وردية عن أوضاعنا ليس هو الحل، ولا يغير من الواقع شيئًا؛ بل إن الإنكار يُعقِّد الوضع، ولا معنى للإصرار على إنكار وجود فقراء في المجتمع، حتى أن هذه الكلمة تكاد تكون من المحرمات، ولا ينفي ذلك وجود حالات كثيرة ومتزايدة من المُعسِرين نتيجة التسريح والغلاء وندرة الوظائف، وربما زيادة عدد أفراد الأسرة. وليت الجهات الرسمية المختصة تنشر الأعداد الصحيحة للمواطنين الذين يمكن اعتبارهم من المُعسِرين وما هو المعيار الذي تم الاعتماد عليه لتعريف الإعسار حسمًا للجدل الدائر حول عدد المعسرين في المجتمع، على أن يتم تحديث هذه الأعداد بين فترة وأخرى؛ لملاحظة انحسار عدد المعسرين أو زيادة أعدادهم، وصولا إلى معرفة الأسباب ووضع الحلول المناسبة لخفض أعداد المعسرين، قبل أن يتحول الإعسار إلى ظاهرة يصعب القضاء عليها، إذا اتسع نطاقها في المجتمع. في وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر مقاطع لأفراد من المجتمع وهم يشكون سوء أوضاعهم المالية والمعيشية وفئة قليلة منهم يتبين لاحقا أنهم غير صادقين، ولكن أكثر من يظهرون على وسائل التواصل الاجتماعي من هؤلاء يعانون فعلًا ظروفًا صعبة، وما خرجوا على وسائل التواصل الاجتماعي إلّا بعد أن ضاقت بهم كل السبل. ولقد اطلعتُ على عدد الأسر المستحقة للزكاة في 3 ولايات تتفاوت في عدد سكانها وأول هذه الولايات عدد الأسر المستحقة للزكاة فيها بلغ 437 أسرة والولاية الثانية 1535 أسرة والولاية الثالثة 630 أسرة، ولنا أن نتخيل عدد الأسر المستحقة للزكاة في كل ولايات السلطنة وهي 63 ولاية وكم هو عدد أفراد هذه الأسر؟ وبلغ عدد المستفيدين من منفعة دعم دخل الأسرة ضمن منظومة الحماية الاجتماعية 53072 مواطنًا بنهاية فبراير الماضي، وبمناسبة الحديث عن نظام الحماية الاجتماعية وهو النظام الذي حل محل ما كان يسمى بالضمان الاجتماعي، فإن عددًا من الأسر تضررت من النظام الجديد، فقد انخفض المبلغ الذي كان يُصرف لهم قبل تطبيق نظام الحماية الاجتماعية وكانوا يأملون أن يزيد لا أن ينقص، وقد تم استثناء أبناء وبنات هذه الأسر، بعد أن يُنهوا دراسة الصف الثاني عشر، من الاستفادة من نظام الحماية الاجتماعية، حتى وإن لم يحصلوا على وظيفة أو على فرصة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي. ونذكر هنا مثالًا من الواقع لأسرة مكونة من 7 أفراد كانوا يحصلون على مبلغ 240 ريالا أيام الضمان الاجتماعي، وبعد أن تخرج الأبناء من الدبلوم العام صار المبلغ 200 ريال، ثم 180 ريالا، ثم انخفض المبلغ إلى 80 ريالا، والآن يستلمون 161 ريالا، وهم 7 أفراد وكلهم لا يعملون ولا نعرف كيف تم حساب ذلك، هل تدخلت الخوارزميات والمُعامل الاكتواري والضرب والجمع والطرح والقسمة؟! وقد صرحت إحدى المتطوعات في "بنك الطعام" أن عدد المستفيدين من هذا البنك يبلغ 6 آلاف أسرة. ومع بداية العام الدراسي الحالي، قام فريق العوابي بالتعاون مع لجنة الزكاة بتوزيع قسائم شرائية على 600 طالب وطالبة ضمن مشروع الحقيبة المدرسية، وفاعل خير تبرع بقسائم شرائية بقيمة 30 ريالًا لـ147 أسرة معسرة في إحدى الولايات، وهذه أمثلة فقط على ما يتداول عن التبرعات وعن حالات الإعسار عند الأفراد والأسر. ولا نغفل- ونحن نتكلم عن الإعسار- عن ذكر المسرحين من العمل والباحثين عن عمل وأصحاب معاشات التقاعد ومن يتقاضون 325 ريالًا وهو الحد الأدنى للأجور، ومن يتقاضون رواتب أقل من الحد الأدنى، ومن هم في السجن بسبب قضايا مالية، ومبادرة "فك كربة" شاهدة على ذلك، وفئات أخرى من الناس في المجتمع لا أحد يعلم بأحوالهم منعهم الحياء والتعفف من البوح بواقعهم المعيشي وظروفهم المالية، ولا يُمكن التعويل على الفرق الخيرية ولجان الزكاة والصدقات؛ لأنَّ كل ذلك غير دائم ويعتمد على المواسم والمناسبات الدينية واستعداد الناس للتبرع وتوفر الموارد المالية عندهم. الحل يكمن في توفير مصدر دخل كاف ومستمر عن طريق التوظيف وزيادة المخصصات المالية للمستفيدين من نظام الحماية الاجتماعية ورفع معاشات التقاعد وخفض مبالغ الرسوم والضرائب والغرامات بكل أنواعها. وفي حال الاعتراف بوجود مشكلة الإعسار في المجتمع والخوف من تحولها إلى ظاهرة نطرح السؤال التالي، هل توجد خطط فاعلة للحد من تزايد حالات الإعسار في المجتمع تسير جنبا إلى جنب مع خطة ترشيد الإنفاق وخفض الدين العام ورؤية "عُمان 2040"؟


جريدة الرؤية
٠٨-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
ضحي والغرامات المالية والرسوم والضرائب
سالم بن نجيم البادي هل تذكرون ضحي ذلك الرجل المُشاغب؟ وكان يُحدثكم عن قضايا النَّاس بطلب منهم وكان يحب الوحدة والبقاء بعيدًا عن الناس في تلك المنطقة الجبلية التي وُلد فيها. لكنه وعلى غير عادته قرَّر ذات سنة الذهاب إلى المدينة لأنه أراد أن يجرب حظه مع التجارة مع أنه سمع كثيرا عن مشاكل وهموم التجارة وقد افتتح محلاً لخياطة الملابس النسائية ومقهى لبيع شاي الكرك وخبز الرقاق، وقد قيل له إن السوق متشبع في هذه المجالات وإن المنافسة شديدة ورد عليهم قائلاً: كل حد ورزقه ثم مضى في إنجاز إجراءات استقدام العُمال بشغف وحماس وآمال عريضة. ذهب إلى مكتب سند وأعطته الموظفة ورقة مكتوب فيها الرسوم التي عليه دفعها لاستقدام العمال 200 ريال للمأذونية و20 ريالا للتأشيرة و30 ريالاً للفحص الطبي و11 ريالا للشرطة مقابل بطاقة الإقامة و9 ريالات رسوم لمكتب سند، وريال واحد لعقد العمل. ومرت السنوات ومشاريع ضحي متعثرة وجاء وباء كورونا وتضاعفت الخسائر، وضحي يدفع إيجار المحال ويجدد إقامات العمال بذات الإجراءات والرسوم التي دفعها عند استقدامهم أول مرة بما في ذلك التأشيرة والفحص الطبي. وهو صابر ويأمل أن يتحسن الوضع راضيًا بمبلغ مالي زهيد يحصل عليه من العمال ومع ضآلة المبلغ الذي يحصل عليه إلا أنه لا يحصل عليه دائما، ويحصل عوضا عنه على شكوى متكررة: "أرباب كاستمر ما فيه نفرات عُمان الحين فلوس ما فيه سوق كله تعبان". وفي هذا العام تم تطبيق نظام حماية الأجور ومع سذاجة ضحي وإهماله وعادة التسويف التي أبتلي بها ومع صعوبة وتعقيدات التسجيل في نظام حماية الأجور، كما يعتقد ضحي تضاعفت الغرامات، وقد دفع ضحي غرامات تأخير عن شهرين حتى الآن عن كل سجل 50 ريالاًَ وهو لديه أكثر من سجل وعدد من العمال. وطُلب منه استخراج شهادة ضريبة ويجب عليه دفع 10 ريالات رسوم شهادة الضريبة، ثم اكتشف أن عليه ضريبة مالية متراكمة، وكان يعتقد أنه لا ضريبة على المشاريع الصغيرة، أو كما قال المتناهية الصغر والمتعثرة، وتبين أنه نسي كذلك تجديد بطاقة الانتساب لغرفة تجارة وصناعة عُمان، ولذلك يجب عليه دفع 75 ريالا لتجديد بطاقة الانتساب وغرامة تأخير التجديد ودفع 25 ريالا لتجديد السجل التجاري، وهو في الواقع يجهل ما هي الخدمات التي تقدمها له غرفة التجارة والصناعة حتى يصبح الانتساب إليها إجباريًا ولا يمكن إنجاز المعاملات دون الانتساب إليها! تصادف كل ذلك مع انتهاء إقامة عامل مزرعة والد ضحي وهي مزرعة صغيرة بين الجبال وإنتاجها قليل وتموت في معظم أيام السنة، ثم تعود الحياة إليها عند نزول المطر، لكن والده يصر على زراعتها لأنها إرث أجداده. وتجديد إقامة العامل يحتاج إلى 141 ريالا للمأذونية و20 ريالا للتأشيرة و30 ريالا للفحص الطبي و11 ريالا لاستخراج بطاقة الإقامة. وحين ذهب ضحي إلى الشرطة لاستخراج بطاقة إقامة لعامل المزرعة قالوا له "السستم خربان"، وترجمتها "النظام متعطل"، وظل ينتظر حتى نهاية الدوام والسستم لا يزال خربانًا! وعندما عاد بعد يومين وجد الغرامة جاهزة لان فترة السماح من الغرامة انتهت منذ يومين فقط، ولكنهم حسبوها 30 يوما ودفع غرامة 10 ريالات والعتب على "السستم الخربان". وكأن الضرائب والغرامات والرسوم لا تأتي فرادى، فقد سافرت عاملة المنزل التي تعمل عند عائلة ضحي بعد انتهاء مدة عقدها وضحي دفع لها ثمن التذكرة إلى بلادها وبدأ في اجراءات استقدام عاملة جديدة، ودفع للمأذونية 101 ريال وللتأشيرة 20 ريالا وللفحص الطبي 30 ريالا وبطاقة الإقامة 11 ريالا، وخلال ذلك وهو يتردد بين الجبال والمدينة حتى التقطه الرادار أكثر من مرة هو لا يتعمَّد تجاوز السرعة المحددة، لكنه يسهو أحيانا مع طول التفكير في الرسوم والضرائب والغرامات والروتين والسستم الخربان! ويتساءل في قرارة نفسه لماذا كل تلك الرسوم، خاصة على عمال المزارع والمنازل وما هي الخدمات التي تقدمها الحكومة لهذه الفئات، فنحن من نقدم لهم السكن والرواتب والطعام وندفع ثمن العلاج في حالة المرض والحوادث ولماذا لا يتم تخفيض تلك الرسوم إلى النصف؟ وأصدقاء ضحي قالوا له ساخرين: برأيك تستأهل ما أحسن لك لو جالس في ذيك الجبال مع الهوش والبوش بدل ذا المراكض والخسائر! وضحي أعجبته نصيحة أصدقائه وقرر أن يتخلص من السجلات التجارية والرسوم والغرامات والضرائب والروتين، وقال بلهجته المعروفة متحسرًا ونادمًا: "شيش فايدة" وعاد إلى الجبال بعد أن تخلص من كل تلك الأثقال.


جريدة الرؤية
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
رمضان.. وأمي الراحلة
سالم بن نجيم البادي هذا رمضان الأول، يأتي وأمي غائبة، وتتجاذبني مشاعر مُتعارضة، بين فرحة قدوم رمضان، وفقد أمي. أمي لن تكون حاضرة على مائدة الإفطار عند أذان المغرب، ولن تتوكأ على عصاها وهي ذاهبة إلى صلاة التراويح، ولن توقظنا في وقت السحور. أريد الآن أن أجمع شتات نفسي وأنا أركض خلف متطلبات الحياة وأحاول جاهدا أن أكون كما أنا وعلى سجيتي ودون أن ألعب أدوارا تمثيلية متعددة مجبراً وأتقمص دون إجادة أدوار شخصيات لا تشبهني وأدعي الجهل والسذاجة واللامبالاة ولي ذاتٌ واقعية وأخرى مستعارة لا أعرفها أعيش بها بين النَّاس وكنت غريباً ووحيدا مع كل هذا الضجيج من حولي ومبتسماً، رغم احتراقي الداخلي لقد أوجعني هذا التمثيل وأرهقني كثيرا والعيش بين النَّاس صعب جدا والابتعاد عنهم أشد صعوبة. وكانت أمي البلسم الشافي لي من كل ذلك والآن أصبحت أحمل أثقالي وحدي مع ضعفي في مواجهة خيباتي المتوالية وخساراتي الفادحة وكانت أمي تسند ظهري وتمسح بيديها الحانية على تلك الندوب التي تملأ روحي، وفي كل مرة أعود إليها وأنا على حافة الذبول كانت تسقيني من عذب كلماتها المحفزة حتى تورق روحي من جديد وانطلق وفي يدي بقية من شعلة الأمل التي تنفخ فيها أمي كلما خفت ضوؤها. وأعود واقفًا بعد كل سقوط لكنني الآن بالكاد أستطيع أن اعتمد على نفسي بعد أن اعتدت الاتكاء على كتف أمي وكان لدي شعور يلازمني في وجود أمي بأنني طفل كبير يرفض الفطام عن حضورها وحضنها ودعائها وقهوتها وخبزها وقلقها وخوفها عليَّ. في بعض المواسم والأوقات والمناسبات والأماكن، يكبر ألم الغياب وتصير الروح أكثر شفافية وحساسية تجاه فقد من نحبهم وهذا ما حدث معي حين أطل هلال شهر رمضان. لقد أسرعتُ إلى قبر أمي أُخبرها بثبوت رؤية هلال شهر رمضان كما كنت أفعل ذلك كل عام، لكنها لم ترد، ولم تجهر بنية الصيام التي حفظتها من كتاب "تلقين الصبيان" للسالمي، ومكثت معها طويلا، ثم عدت أرحب برمضان وأمي لا تفارق مخيلتي، لكنني عقدت العزم على محاولة التصالح مع رمضان ونفسي ومع الناس، وأن أفر إلى الله وأتوسل إليه سبحانه وتعالي حتى يمنح روح أمي السلام والرحمة.