logo
#

أحدث الأخبار مع #سبسطية

مخطط متنزه إسرائيلي يطرد سكان سبسطية من قريتهم التاريخية
مخطط متنزه إسرائيلي يطرد سكان سبسطية من قريتهم التاريخية

الجزيرة

time٠٢-٠٦-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الجزيرة

مخطط متنزه إسرائيلي يطرد سكان سبسطية من قريتهم التاريخية

سبسطية، الضفة الغربية المحتلة – تسميه إسرائيل مشروعا أثريا لتسليط الضوء على التراث اليهودي وإنشاء متنزه جديد. أما الفلسطينيون فيرونه دليلا إضافيا على خطط لضم بلدة قديمة ومحو التاريخ الفلسطيني في منطقة تحكي القصة الممتدة إلى 5 آلاف عام. وكان وزراء في الحكومة الإسرائيلية من اليمين المتطرف والمؤيدين للاستيطان في سبسطية (بلدة فلسطينية أثرية في الضفة) يوم 12 مايو/أيار كجزء من وفد للاحتفال بالاستيلاء الوشيك على المتنزه الأثري في البلدة، وهو أحد أكبر وأهم المواقع الأثرية البالغ عددها 6 آلاف موقع في الضفة المحتلة. وقد أشاد وزير التراث الإسرائيلي المتطرف عميحاي إلياهو، وهو نفسه من سكان مستوطنة غير شرعية في الضفة، ببدء أعمال التنقيب الإسرائيلية في الموقع والإنشاء المرتقب لـ"متنزه السامرة الوطني" الذي سيركز على التاريخ اليهودي للمنطقة. ويقول الفلسطينيون إن ذلك سيترافق مع محاولة لطمس صلاتهم بالأرض. ووصفت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية أعمال التنقيب بأنها "تحضير لضم سبسطية وعزلها عن محيطها". ويشير السياسيون الإسرائيليون إلى سبسطية باسم السامرة، أو شومرون بالعبرية، ويقولون إنها كانت عاصمة مملكة إسرائيل التوراتية قبل ما يقرب من 3 آلاف عام. ولكن الموقع الأثري يضم أنقاض كنيسة بيزنطية، ومنتدى ومدرج رومانيين، وكنيسة القديس يوحنا من العصر الصليبي، والتي أعيد بناؤها لتصبح مسجدا، ويعتقد أنها تضم موقع قبر يوحنا المعمدان، المعروف في القرآن بالنبي يحيى عليه السلام. وتنظر منظمة اليونسكو في إدراج المتنزه الأثري في سبسطية، الذي كان يوما ما نقطة جذب سياحي ولا يزال موقع حج للمسيحيين، على قائمة التراث العالمي ، والقرار رهن استكمال المسؤولين الفلسطينيين لطلب التسجيل. نهر من الدماء لطالما حذر رئيس بلدية سبسطية محمد عازم وسكان البلدة من نية إسرائيل "تهويد" الموقع وتحويله إلى وجهة سياحية حصرية للإسرائيليين. واشتد القلق بعد أن تلقت البلدية أمر مصادرة أراض في يوليو/تموز الماضي لإنشاء منشأة "لأغراض عسكرية" على قمة تل قديم في المنطقة. وفي حديثه للجزيرة، من مكتبه المطل على البلدة القديمة التي تزداد خرابا، قال عازم "إن نهرا من الدماء سيتدفق إلى القرية" إذا بدأ بناء الثكنات، حسب تعبيره. وأشار إلى أكثر من 40 ألف فلسطيني شردتهم العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة هذا العام، وأن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى جعل الحياة لا تطاق للسكان هنا، حتى يستسلموا في النهاية للواقع ويرحلوا. تماما مثل أولئك الذين تم تشريدهم في جنين وطولكرم". وتابع عازم "حاليا، تقتحم القوات الإسرائيلية القرية بشكل يومي وبنية واضحة للقتل". وأضاف "سنقاوم البناء سلميا بالطبع. لن يتخلى أصحاب الأراضي عن أراضيهم". ودعا رئيس البلدية إلى إدانة تصاعد العنف العسكري بالقرية واستهداف الأطفال، لا سيما إطلاق الجيش النار بشكل قاتل على الفتى أحمد جزار البالغ 14 عاما في يناير/كانون الثاني. ومن جانبها، تجادل الحكومة الإسرائيلية بأن قرية سبسطية لن تتأثر بالأعمال الأثرية، لأنها تقع خارج حدود المتنزه المقترح. لكن أمينة متحف سبسطية الأثري ولاء غزال، التي أقامت طوال حياتها في البلدة، تعتبر أن هذه الخطط تمثل تصعيدا في السياسات الإسرائيلية الرامية إلى طرد السكان وأصحاب الأعمال في نهاية المطاف ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى البلدة وأنقاضها والتلال المترامية وحقول الزيتون المحيطة بها. وقالت غزال للجزيرة الإنجليزية إن "السكان خائفون من المستقبل" خاصة أولئك القريبين من الآثار. وأضافت "الوضع خطير للغاية. قريبا، سيمنعوننا من الذهاب إلى الموقع الأثري". وتابعت غزال "في رأيي، لم يتبق لنا سوى أشهر قبل أن يطلب منا مغادرة منازلنا. نحن نرى المستقبل في غزة وفي المخيمات (في الضفة). إنهم يحاولون محونا". عصور متعاقبة قال عازم إن الوزراء الإسرائيليين والسياسيين المستوطنين يستخدمون خطاب حماية التراث اليهودي التوراتي لإخفاء رغبتهم القديمة في ضم سبسطية. وقد انضم إلى إلياهو في سبسطية وزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان ورئيس المجلس الإقليمي شومرون يوسي دغان الذي يسيطر على 35 مستوطنة غير شرعية في الضفة الغربية. وقد أشادت سيلمان بالمخطط، وقالت لوسائل إعلام إسرائيلية "العدالة التاريخية تتحقق الآن" متهمة الفلسطينيين بمحاولة "محو" التراث اليهودي. لطالما كانت الحكومة الإسرائيلية واضحة في أن سبسطية سيتم الاستيلاء عليها وتحويلها إلى محور السياحة الإسرائيلية في الضفة الغربية. وتشير الاكتشافات الأثرية إلى أن موقع السامرة شهد استيطانًا منذ أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد، ويعتقد أنها كانت عاصمة لمملكة إسرائيل الشمالية (باسم السامرة). وتم ذلك على يد الملك عُمري حوالي عام 880 ق.م، وسقطت المنطقة بيد الآشوريين بقيادة سرجون الثاني عام 722 ق.م، وأصبحت مركزًا إداريًا في الإمبراطورية الآشورية، ثم استمرت بهذا الدور تحت الحكم البابلي والفارسي . وعام 331 ق.م، استولى الإسكندر الأكبر على المدينة، وأصبحت فيما بعد تحت حكم السلوقيين. وعام 108 ق.م، دمرت المدينة خلال حملة الملك الحشموني يوحنا هيركانوس. وعام 27 ق.م، أعاد هيرودس الكبير بناء المدينة وسماها "سبسطية" تكريمًا للإمبراطور الروماني أغسطس، حيث شيد معابد، وساحة عامة، ومسرحًا، ومرافق أخرى، مما جعلها مركزًا حضريًا مهمًا بالمنطقة. وفي مايو/أيار 2023، وافقت الحكومة الإسرائيلية على مخطط بقيمة 30 مليون شيكل (وحدة العملة الإسرائيلية) لترميم المتنزه وإنشاء مركز سياحي، وطرق وصول جديدة، وتوسيع الوجود العسكري. كما تم الإعلان عن تجديد محطة سكة حديد الحجاز المهجورة، التي تبعد حوالي ميلين عن سبسطية، والتي توقفت عن العمل بالسنوات الأخيرة من عهد الإمبراطورية العثمانية، بتكلفة 4 ملايين شيكل. وقال مكتب وزير التراث الإسرائيلي إلياهو "تهدف الحفريات الأثرية إلى كشف آثار الموقع وجعل المدينة القديمة متاحة للوصول إليها عبر جميع فتراتها: من بداية الاستيطان في القرن الثامن (ق. م) خلال مملكة إسرائيل القديمة، مرورا بالمدينة الهلنستية، والمدينة الرومانية الرائعة التي بناها الملك هيرودس (سماها "سبسطوس" نسبة إلى الإمبراطور أغسطس) وصولا إلى الفترة البيزنطية عندما تم بناء كنيسة في الموقع". قالت غزال إن آثار سبسطية تظهر "ثقافة محلية متميزة" في منطقة جغرافية "عرفت دائما باسم فلسطين". وقالت إن الآثار تؤكد الأهمية الدينية والثقافية للبلدة للإمبراطوريات الغازية، وتعايش سكانها متعددي الأديان بسلام لقرون. وفي الطلب الفلسطيني المقدم إلى اليونسكو، يشار إلى أن سبسطية الحالية لا تزال تحتفظ "بالاسم القديم وتقع في الجزء الشرقي من المدينة الرومانية، مما يشير إلى عنصر قوي من الاستمرارية الثقافية". ولكن بالنسبة لأولئك الذين يركزون على المتنزه الوطني الإسرائيلي المخطط له، فإن التاريخ اليهودي فقط هو المهم. وردا على استفسار من الجزيرة، قال مكتب إلياهو إن سبسطية كانت "أولا وقبل كل شيء موقع تراث يهودي، حيث تم العثور على بقايا أثرية من فترة مملكة إسرائيل". وأضاف "من المهم التأكيد على أنه حتى لو حفرنا في الموقع حتى نواة الأرض، فلن يتم العثور على أي دليل تاريخي على استيطان فلسطيني قديم في الموقع". أما يوسي دغان، الذي يعيش في مستوطنة شافي شومرون المجاورة، فقد دافع طويلا عن الاستيلاء على سبسطية ويؤكد على مكانتها البارزة في التاريخ التوراتي. وقال لوسائل إعلام إسرائيلية بالموقع الأثري "عندما تحفر هنا، فإنك تلمس الكتاب المقدس بيديك". لكن غزال قالت إن تعامل الحكومة الإسرائيلية مع القصص التوراتية في العهد القديم كواقع تاريخي يهدف إلى تهميش مزاعم الفلسطينيين بأنهم عاشوا على الأرض لآلاف السنين، ويتجاهل روابط الشعب الفلسطيني القديمة بأرضه. وقالت غزال "لا يمكنك أن تبني مطالبتك بالأرض على أساس الدين، فالحضارات تتعلق بالشعوب التي تطور هويتها وأعمالها وآثارها، وحتى لغتها". "إسرائيل تريد قتل قصص ماضينا واستبدالها برواية مسمومة؛ إنها جريمة ضد تاريخنا. عندما يهدمون آثارنا، ويبعدون العائلات التي تحافظ على التاريخ حيا، من سيتحدث بعد ذلك ويحمل قصتنا للجيل القادم؟" وأضافت غزال "إسرائيل تريد قتل قصص ماضينا واستبدالها برواية مسمومة، إنها جريمة ضد تاريخنا. عندما يهدمون آثارنا، ويبعدون العائلات التي تحافظ على التاريخ حيا، من سيتحدث بعد ذلك ويحمل قصتنا للجيل القادم؟". بلدة أشباح قال أحمد كايد، وهو قروي من سبسطية يبلغ من العمر 59 عاما وناشط بارز -للجزيرة الإنجليزية- إن الآثار لن "تؤخذ دون قتال" ويجري على الدوام الحشد لتنظيم المظاهرات. وأضاف أن إسرائيل "تخطط لشيء كبير" في سبسطية، مشيرا إلى إقامة حواجز حديدية جديدة على الطرق المحيطة بالبلدة. وقال إنه من الخطر للغاية بالفعل على سكان سبسطية زيارة المتنزه الأثري جراء هجمات المستوطنين والاقتحامات العسكرية شبه اليومية. ولكن بمجرد إنشاء ثكنة عسكرية، ستصبح المنطقة محظورة بشكل دائم. وأشار كايد إلى ما لا يقل عن 40 عائلة غادرت البلدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "إنهم يعملون خطوة بخطوة للاستيلاء على سبسطية وإبقائنا نعاني طوال الوقت حتى يرحل الناس". وأضاف "نحن نعيش نكبة ثانية، وسبسطية اليوم تحت الحصار. لكن سبسطية قوية، نحن نعرف كيف نواجههم لأننا فعلنا ذلك من قبل". " نعيش نكبة ثانية، وسبسطية اليوم تحت الحصار. لكن سبسطية قوية، نحن نعرف كيف نواجههم لأننا فعلنا ذلك من قبل" وأشار إلى أن السكان انتفضوا لإحباط خطط إسرائيل للاستيلاء على سبسطية أواخر السبعينيات، وفعلوا ذلك مرة أخرى لوقف ضخ المستوطنين لمياه الصرف الصحي على الأراضي الزراعية عام 2013. وبعد ذلك بعامين، أوقفت احتجاجات السكان واعتصاماتهم بناء طريق وصول جديد للمستوطنين، وهو ما برره مكتب إلياهو بأنه ضروري لـ"مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين سيرغبون في المجيء والتعلم وتجربة التراث اليهودي" لسبسطية. لكن كايد يعترف بأن الزمن قد تغير، وأن عنف الجيش (الإسرائيلي) اليوم لا يشبه أي شيء شهده خلال عقود نشاطه. وأضاف "عندما نقرر ما يجب فعله، سنكون أذكياء، وسنتظاهر بطرق جديدة، وسيتبعنا الجميع في سبسطية". كما أعرب عن قلقه البالغ من أنه إذا جرت أعمال تنقيب، فإن الإسرائيليين سيدنسون الاكتشافات الأثرية التي تتعارض مع ادعائهم بالأرض، مع بقاء الكثير مما لم يتم الكشف عنه بعد، إذا لم يتم منع الحفريات التي يقودها الفلسطينيون. ولا تزال البلدية تأمل أن توفر اليونسكو الحماية للقرية، وتضيف الآثار إلى قائمة التراث العالمي الخاصة بها. كما يأمل رئيس البلدية أن ينضم المتنزه الأثري إلى 56 موقعا آخر في سجل اليونسكو للمواقع الهامة التي تعتبر "في خطر". وتقول الشركات القريبة من الموقع الأثري إنها فقدت أكثر من 3 أرباع زبائنها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. وقال سامر شاعر، صاحب مقهى مجاور مباشرة للمتنزه وأعمدة سبسطية الرومانية المهيبة، إن إنشاء موقع عسكري سيكون مدمرا للشركات. وأضاف "ستكون هناك مواجهات يومية، ووجود عسكري دائم، وانعدام للشعور بالأمان. لن يرغب أحد في المجيء والجلوس هنا بينما يتمركز الجيش في مكان قريب، ولن يتمكن أصحاب المتاجر ولا الزوار من البقاء". وبمجرد أن كانت أرضا مقدسة يطمع فيها الأنبياء والأباطرة الغزاة، تحولت سبسطية إلى بلدة أشباح تسكنها أطلال المجد القديم، الذي جعلها أيضا هدفا للضم من قبل الحكومة الإسرائيلية القومية المتطرفة. وقد بدا كايد متأثرا بشكل واضح يصف شبابه وهو يلعب على تلال المتنزه الأثري، وحياته التي قضاها في محاولة إنقاذ منزله. وكان من الواضح أنه يشعر بالأسى لأن البلدة لم تتحرك بسرعة أكبر للتوحد ضد التهديد الزاحف للثكنات العسكرية أو الضم النهائي. ولكن يبدو أن جميع المعنيين، بمن فيهم رئيس البلدية، غير متأكدين مما سيأتي بعد ذلك، أو متى. وأضاف كايد "هذه الأرض تعني كل شيء بالنسبة لي. لقد قضيت كل طفولتي، كل حياتي أذهب إلى المتنزه". وختم بقوله "سيصادرون أرضي (لبناء الثكنات). لقد زرعت أشجار الزيتون هناك مع والدتي، من المؤلم جدا أن أفقدها. القرية لن تتخلى أبدا عن الآثار. هذا تاريخنا، حياتنا. سنقاتل حتى النهاية".

ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفة
ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفة

الجزيرة

time٢٦-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفة

تسابق إسرائيل الزمن للسيطرة على موقع "سبسطية" الأثري، أحد أبرز المعالم التاريخية في الضفة الغربية المحتلة، عبر مشروع استيطاني لإنشاء حديقة تحمل اسم "السامرة"، في خطوة يرى الفلسطينيون أنها تهدف إلى "ضم الموقع وتهويده". وأكد مسؤولان فلسطينيان، أن السلطات الإسرائيلية بدأت فعليا بتنفيذ مخطط استيطاني لضم وتهويد موقع "سبسطية" الأثري شمالي الضفة الغربية. يأتي ذلك بعد نحو أكثر من أسبوع من اقتحام وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية عيديت سيلمان، إلى جانب وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو ورئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة يوسي داغان، يوم 12 مايو/أيار الجاري الموقع الأثري، وإعلانهم إطلاق "عملية إنشاء متنزه السامرة". وتعود جذور الموقع الأثري، بحسب وزارة السياحة الفلسطينية، إلى العصر البرونزي (حوالي 3200 قبل الميلاد)، ويضم آثارا تعود للحضارات الكنعانية والرومانية والبيزنطية والفينيقية والإسلامية. ورصد مراسل الأناضول وجود فرق إسرائيلية في الموقع الأثري تعمل بحماية مشددة من الجيش الإسرائيلي ، في حين أكد مسؤول فلسطيني بدء أعمال حفريات وتنقيب في المكان. هذا المشروع الاستيطاني يستهدف، وفق تصريح لرئيس بلدية سبسطية محمد عازم عام 2023، نحو ألف دونم، أي ما يقارب 80% من مساحة الموقع. وأشار في حديث آنذاك إلى أن إنشاء الحديقة سيتضمن إجراء "حفريات ونبش قبور وشق طرق وإقامة شبكات كهرباء، وإحاطة الموقع بأسلاك شائكة وإقامة بوابة ونقطة أمنية إسرائيلية". تقع بلدة سبسطية على الطريق الرئيسي بين مدينتي نابلس وجنين فوق هضبة وسط سلسلة جبلية، حيث تبلغ مساحتها نحو 4777 دونما، وفق معلومات رسمية نقلها معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" في دليل "بلدة سبسطية" الذي أصدره عام 2014. وبحسب الدليل، فإن السلطات الإسرائيلية سبق أن صادرت 8 دونمات من البلدة لصالح بناء مستوطنة "شافي شمرون"، في حين شهدت المستوطنة توسعا خلال السنوات اللاحقة. تطور خطير وصف رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، في حديثه للأناضول، ما يحدث في الموقع الأثري بأنه "تطور خطير وعدوان"، مشيرا إلى أن "السلطات الإسرائيلية باشرت فعليا أعمالا تهويدية تحت غطاء مشروع ما يسمى بحديقة السامرة، التي تقع على أرض في قلب الموقع الأثري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وأمام رفض فلسطيني واسع". وأكد عازم أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنظيف الموقع من الأعشاب تمهيدا لأعمال "تنقيب وحفريات"، لافتا إلى أن " إسرائيل تسابق الزمن للسيطرة على الموقع مستغلة الانشغال الدولي بالحروب لفرض سيادتها وسيطرتها على الموروث الثقافي والأثري الفلسطيني". وأشار عازم إلى أن الشعب الفلسطيني حافظ على مر العصور على هذا الموقع، الذي يعد من أهم المواقع التاريخية بالضفة الغربية، والذي يضم مواقع تاريخية عديدة، أهمها المقبرة الرومانية وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد، وساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب. وأكد رئيس البلدية أن إسرائيل تعتزم "سرقة أهم موقع تراثي" يزوره فلسطينيون وسياح أجانب، مشيرا إلى أن ذلك سيتسبب أيضا في فقدان عشرات الفلسطينيين مصدر رزقهم الذي يعتمد على السياحة في سبسطية. ووفق موقع "موسوعة القرى الفلسطينية"، فإن بلدة سبسطية تعد بمثابة "متحف أثري"، إذ إن أكثر ما يميزها وجود "سور يلف المنطقة الأثرية من كافة الاتجاهات". ويسكن في البلدة الواقعة شمالي مدينة نابلس نحو 3500 فلسطيني، من بينهم عائلة واحدة مسيحية، وفقا لإحصاءات رسمية. وحسب مؤرخين، فإن بلدة سبسطية خضعت لحكم الآشوريين، ثم الفرس، فالرومانيين، حيث حكمها الملك هيرودس عام 30 قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي"، أي "المبجلة"، وتعود غالبية المباني الأثرية الحالية إلى عهده. وفي العهد البيزنطي، أصبحت سبسطية مركزا دينيا لوجود قبر يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام)، ويعتقد أن جسد النبي يحيى عليه السلام، يوجد في ضريح قرب مسجد قديم وسط البلدة، في حين دفن رأسه في العاصمة السورية دمشق. ضم بحجة التطوير بدوره، قال مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام فارس إن "ما يحدث في سبسطية هو انعكاس لعدة قرارات اتخذها الاحتلال، وهناك تسارع في تلك الإجراءات للسيطرة على المواقع الأثرية الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو". وأضاف فارس، أن "الحكومة الإسرائيلية خصصت عام 2023 مبلغا بقيمة 29 مليون شيكل إسرائيلي (نحو 8 ملايين دولار) لتطوير الموقع الأثري سبسطية عنوةً، وفي حقيقة الأمر هو ليس تطويرا، بل هو ضم وتهويد". وذكر أن هذا القرار يشمل فصل الموقع الأثري في منطقة "ج" عن البلدة للاستيلاء على 1300 متر مربع لإقامة ثكنة عسكرية، بما يؤدي إلى تغيير الطابع التاريخي للموقع، مشيرا إلى أن "إسرائيل بهذا القرار تحوّل المنطقة من موقع أثري إلى ثكنة عسكرية وحديقة استيطانية". ووفق دليل بلدة "سبسطية"، فإن 2702 دونم من أراضي البلدة تقع ضمن المناطق المصنفة "ب" و2074 دونما تقع ضمن المناطق المصنفة "ج"، ودونمين فقط ضمن المناطق المصنفة "أ". وتنص اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995 على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لإدارة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية، أما "ج" فتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة (مدنية وإدارية وأمنية)، وتشكل الأخيرة نحو 61% من مساحة الضفة الغربية. وبيّن المسؤول الفلسطيني أن إسرائيل قررت عام 2024 ضم كافة المواقع الأثرية في الضفة الغربية ضمن مساعيها لمنع إقامة دولة فلسطينية. وفي يوليو/تموز 2024، أقرت الهيئة العامة للكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف ونواب من المعارضة وبدعم الحكومة، مشروع قانون يقضي بسريان صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية على الآثار في جميع مناطق الضفة الغربية المحتلة، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، في خطوة اعتبرها المركز الفلسطيني من أبرز مظاهر "الضم الزاحف"، لأن مشروع القانون الذي بادر إليه النائب عميت هليفي من كتلة الليكود"لم يحدد أي مناطق في الضفة الغربية". وقال فارس إن فلسطين تعمل ضمن ثلاثة مسارات لمواجهة "التغول الإسرائيلي" على المواقع الأثرية؛ أولها المسار السياسي عبر توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ورفعها إلى الجهات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتراث (يونسكو). أما المسار الثاني فيعمل ضمن حشد المواطنين لزيارة الموقع الأثري المهدد والوجود فيه للتأكيد على فلسطينيته، وثالثها عبر المسار العلمي حيث يتم تقديم المواد والدراسات التي من شأنها تفنيد الرواية الإسرائيلية، وفق قوله. وحذر فارس من أن "إتمام المتنزه الاستيطاني سيحرم الفلسطينيين من الوصول إلى الموقع الأثري، وسيصبح الدخول إليه بحاجة إلى تذاكر أو تصاريح، أي أننا سنكون أمام خيار دعم اقتصاد الاحتلال الذي يصادر أرضك وتاريخك". وتحث إسرائيل خطاها للسيطرة على موقع سبسطية الأثري في وقت يصعد فيه جيش الاحتلال ومستوطنوه اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية ، تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 969 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف آخرين واعتقال ما يزيد على 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية. أما في قطاع غزة ، فتواصل إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية بحق السكان، بدعم أميركي مطلق، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store