أحدث الأخبار مع #ستيفنميران


جريدة الرؤية
منذ 19 ساعات
- أعمال
- جريدة الرؤية
هل حان الوقت لربط الريال العُماني بسلة عملات؟
حمزة بن حسين سلمان اللواتي منذ انطلاق مسيرة النهضة الحديثة في العام 1970، تبنَّت السلطنة سياسة نقدية مستقرة من خلال ربط عملتها الوطنية بالدولار الأمريكي، كانت هذه السياسة النقدية منطقية؛ بل ضرورية خلال كل تلك المدة، وبفضل هذا الربط حَمَتْ الاقتصاد العُماني من تقلُّبات العملة، وحافظت على القوة الشرائية للريال العُماني كما كان لها الدور في توفير ما تحتاجه السلطنة من منتجات وخدمات مستوردة دون تحمل تقلبات العملات، ومما لا شك فيه فإن الخارطة السياسية والاقتصادية في العالم قد تغيرت بشكل كبير جدًا مقارنة بعام 1970، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل حان الوقت لربط الريال العُماني بسلة عملات؟ في هذا المقال أحاولُ طرح رؤية مختلفة تستند لتحليل للمشهد العالمي، وتشير إلى ضرورة أن تبدأ السلطنة في بحث إعادة النظر في عملتها واحتياطاتها النقدية، مُعتمدًا في قراءتي على الأفكار الاقتصادية التي طرحها الخبير الاقتصادي الأمريكي ستيفن ميران الذي يُعد من أحد مُنظِّري السياسة الاقتصادية للإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب. وحتى نفهم لماذا علينا أن نُفكِّر جديًا بربط الريال العُماني بسلة عملات قوية، ينبغي عليّ أن أوضِّح خلفية مختصرة عن الدولار الأمريكي والاقتصاد الأمريكي. يقول ستيفن ميران في ورقة جريئة طرحها في نوفمبر 2024 بعنوان "دليل لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي": إن الولايات المتحدة تواجه معضلة حقيقية: إما أن تظل مهيمنة ماليًا عبر الدولار، أو أن تعيد بناء صناعتها المحلية. لا يمكنها الجمع بين الاثنين إلى الأبد. من أبرز مقترحات ستيفن في هذه الورقة: 1- فرض تعريفات جمركية على الدول التي تستفيد من السوق الأمريكية. 2- عقد اتفاقية دولية جديدة تُخفَّض فيها قيمة الدولار. 3- فرض رسوم على الأجانب الذين يحتفظون بأدوات دين أمريكية (مثل سندات الخزينة)، ولاحظ معي- عزيزي القارئ- هذه النقطة؛ حيث واحدة من أكثر الأفكار جُرأة في ورقة ستيفن، وهي أن تقوم الولايات المتحدة بفرض رسم استخدام على السندات الأمريكية التي تمتلكها الحكومات الأجنبية، بمعنى إذا كانت دولة ما تملك سندات أمريكية بقيمة مليار دولار، فإنها لن تحصل على كامل الفائدة؛ بل تُخصم منها نسبة محددة. وقد يستغرب الكثير من هذا الاقتراح ويصفه بغير المعقول، ولكن الهدف منه هو تمامًا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية: تقليل إقبال الدول على شراء السندات، التخفيف من الضغط الذي يرفع قيمة الدولار. لكن السؤال: لماذا تريد أمريكا خفض قيمة الدولار الأمريكي؟ خلافًا لما يظنه البعض، الولايات المتحدة لا تستفيد دائمًا من قوة الدولار؛ بل إن استمرار ارتفاع قيمته يُشكل عبئًا على الاقتصاد الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بالقدرة التنافسية للصادرات والصناعة المحلية. ووفقًا لستيفن ميران، فإن الدولار المبالغ في قيمته يُضعف قاعدة التصنيع الأمريكية، ويُعمّق العجز التجاري بشكل دائم، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف الصناعية وركود في ولايات كاملة مثل ميشيغان وأوهايو.، وهنا فإن خفض قيمة الدولار يُمكن أن يحقق عدة أهداف استراتيجية: إعادة التوازن التجاري: تصدير المنتجات الأمريكية يصبح أسهل وأرخص، واستيراد السلع يصبح أقل جاذبية. تنشيط الصناعة المحلية: عندما ترتفع كلفة الاستيراد، يُعاد تحفيز الإنتاج الداخلي. ضمان الأمن القومي: الصناعة المحلية لا تُعنى فقط بالاستهلاك المدني؛ بل هي الركيزة الأساسية لقدرة الولايات المتحدة على تصنيع الأسلحة والأنظمة الدفاعية. التباطؤ في القطاع الصناعي يجعل البنتاغون أكثر اعتمادًا على الخارج لتأمين قطع الغيار والمواد الأساسية، وهو أمر يُضعف من الجاهزية العسكرية ويُهدد السيادة الصناعية. في بيئة دولية تتسم بالمنافسة العسكرية المتزايدة، لا يمكن للولايات المتحدة أن تسمح بأن تعتمد في تسليحها على سلاسل توريد أجنبية قد تُقطع في لحظة. تحقيق أهداف سياسية: مثل مطالبة الشركاء الأمنيين للولايات المتحدة بدفع "ثمن الحماية" من خلال قبول خسائر في قيمة احتياطاتهم بالدولار. لهذا السبب.. فإنَّ خفض قيمة الدولار ليس مجرد خطوة مالية؛ بل استراتيجية شاملة لإعادة بناء القاعدة الصناعية، وتعزيز الأمن القومي، وضمان استمرار التفوق الأمريكي على الصعيدين الاقتصادي والعسكري. الان نرجع لعنوان المقال وموضوعه الأساسي، وهو ربط الريال العُماني بالدولار، ونسأل: هل حان الوقت لمراجعة السياسة النقدية للسلطنة في ظل توجه أمريكي واضح بخفض قيمة الدولار وفرض رسوم على حاملي السندات الأمريكية؟ الحقيقة أن ما شهدناه بتاريخ 2 أبريل 2025، ليس سوى بداية التحوُّل نحو نهج اقتصادي جديد شكل صدمة كبيرة للعالم أجمع. ولكن في نفس الوقت، تُجيد أمريكا صدمة العالم فجأةً، وبعدها تُوضِّح ما تريد أن تصل إليه. وليست التعريفات الجمركية إلّا وسائل ضغط لتحقيق المزيد مما ذكره ستيفن ميران. ومع الأخذ بالاعتبار لهذه الأفكار الجريئة من قبل أمريكا، فإن مخاطر ربط العملة بالدولار الأمريكي تزداد؛ حيث قد تنخفض قيمة الاحتياطات، وقد تتآكل العوائد بسبب رسوم محتملة، ناهيك عن نزول قيمة الريال العُماني بسبب انخفاض قيمة الدولار. واستمرار ربط الريال العُماني بالدولار الأمريكي يجعل الاقتصاد العُماني مكشوفًا لتقلبات السياسة النقدية الأمريكية، خصوصًا إذا تم خفض قيمة الدولار كما تُلمّح بعض الخطط الاقتصادية. وهنا فإن ضعف الدولار سينعكس على الاقتصاد العُماني بعدة طرق: زيادة تكلفة الاستيراد: بما أن عُمان تستورد نسبة كبيرة من حاجاتها من دول تتعامل باليورو، اليوان أو الروبية، فإن ضعف الدولار يجعل الاستيراد من هذه الدول أغلى، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في السوق المحلي. ارتفاع التضخم: ارتفاع تكلفة الاستيراد يؤدي إلى موجة تضخمية تؤثر على مستوى المعيشة، وقد تؤثر على الشرائح المتوسطة والمنخفضة الدخل بشكل مباشر. تآكل القوة الشرائية للريال العُماني: رغم ثبات سعر الصرف، إلّا أن القيمة الحقيقية للريال العُماني تنخفض، مما يعني أن المواطن العُماني يستطيع شراء أقل بنفس الدخل. تأثر الشركات المحلية: المشاريع التي تعتمد على استيراد مواد أولية أو منتجات نصف مصنّعة قد تواجه زيادات غير متوقعة في التكاليف، مما يُقلّص الأرباح ويؤثر على النمو والاستدامة. زعزعة ثقة المستثمرين: أي إشارات إلى تراجع قيمة الدولار ستُقلق المستثمرين الأجانب والمحليين، خاصة في غياب إجراءات تنويع وتحصين. كل ما سبق، يجعل من الضروري والمهم أن تبدأ السلطنة في تنويع مصادر قوتها النقدية. لا أدعي أنه من السهل أن يتم اتخاذ خطوة استراتيجية بهذا الحجم، ولكن بكل تأكيد الانتظار حتى تقع الأزمة ليس خيارًا بالنسبة لنا. الدول التي تتحرك مبكرًا تملك مساحة أكبر للمناورة وتفادي الصدمات. وأخيرًا.. إنَّ السياسة النقدية لم تعد مسألة فنية فقط؛ بل أصبحت جزءًا من السيادة في عالم مُتجدد مُتعدد الأقطاب. وما كان يناسبنا سابقًا قد لا يكون مناسبًا اليوم. هذه دعوة لكل الأكاديميين والنُخب والمسؤولين لفتح نقاش جاد حول مستقبل الريال العُماني، قبل أن يُفرض علينا التغير بشروط وظروف لا تناسب مصالحنا القومية.


بوابة الفجر
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- بوابة الفجر
أحمد ياسر يكتب: إعصار ترامب والعالم بـ 3 ألوان
في الفترة التي سبقت "يوم التحرير" في الثاني من أبريل 2025، أشارت تقارير عديدة إلى أن إدارة ترامب كانت لا تزال منشغلة في نقاشات داخلية حول كيفية فرض رسوم جمركية متبادلة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين حتى يوم إعلانها. يثير هذا التردد الواضح شكوكًا حول ما إذا كان ترامب قد راعى تمامًا التحدي المعقد المتمثل في إعادة هيكلة نظام التجارة العالمي الذي يُزعزع استقراره الآن.. ومع ذلك، بما أن بعض مستشاريه قد ألمحوا إلى أن الرسوم الجمركية ليست سوى خطوة أولى في استراتيجية أوسع لمعالجة العجز التجاري الأمريكي المستمر، فمن الجدير دراسة ما قد يأتي لاحقًا. مع هيمنة السياسة التجارية على المناقشات، من السهل إغفال السياق الأوسع لاختلالات التجارة الأمريكية، والأهم من ذلك، أن العجز التجاري الأمريكي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقوة الدولار، الذي لا يزال مرتفعًا نظرًا للطلب العالمي عليه كأصل احتياطي "آمن" ووسيط للمعاملات الدولية. هذا الطلب المستمر على الدولار، الذي تعززه مكانته كعملة احتياطية عالمية، يُؤدي أيضًا إلى طلب غير مرن على سندات الخزانة الأمريكية، نتيجةً لذلك، ارتفع سعر الدولار مقابل العملات الأخرى ليصل إلى أعلى مستوى له مُعدّلًا حسب التضخم منذ 40 عامًا. السياسة التجارية وحدها لا تستطيع تحقيق أهداف ترامب في تعزيز التصنيع الأمريكي، أو زيادة تنافسية الصادرات، أو إعادة بناء القاعدة الصناعية المحلية دون استراتيجية موازية لمعالجة المبالغة في قيمة الدولار. يعتقد ترامب أن الرسوم الجمركية تُوفّر نفوذًا في المفاوضات.. والآن، وبعد فرض الرسوم الجمركية، من المنطقي توقع وجود بعض الضغوط لاستخدام هذا النفوذ ليس فقط لخفض الرسوم الجمركية بين شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بل أيضًا لإضعاف الدولار. أحد المقترحات المثيرة للاهتمام هو تقديم تخفيضات في الرسوم الجمركية للدول التي تُذعن لمطلب ترامب بـ "المعاملة بالمثل"، والسماح بوصول تفضيلي للدولار للدول التي تُبرم "اتفاقية مار-أ-لاغو" بشأن أسعار الصرف، والتي ُتتبلور باختصار، في أن الولايات المتحدة توفر للعالم الأمن، وفي المقابل، يساعد بقية العالم في دفع الدولار إلى الانخفاض من أجل نمو قطاع التصنيع في الولايات المتحدة. بدأت هذه الفكرة تكتسب زخمًا بعد أن تولى الخبير الاقتصادي ستيفن ميران رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين لترامب في أوائل مارس، ومباشرة بعد انتخاب ترامب، نشر "ميران" ورقة بحثية بعنوان "دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي"، حددت سلسلة من الخطوات لإعادة تقييم الدولار، مع الحفاظ على مكانته كعملة احتياطية، وعدم رفع تكاليف الاقتراض الأمريكية. ورغم انتقاد أفكار "ميران" لعدم جدواها أو تناقضاتها، إلا أنها تتمتع بمنطق داخلي معين، والأهم من ذلك، أنها قد تتمتع أيضًا بميزة أساسية لأي مقترح سياسي اليوم وهي: القدرة على استلهام آراء ترامب الاقتصادية غير التقليدية. وفقًا لتسلسل "ميران"، تتمثل الخطوة التالية بعد الرسوم الجمركية في توضيح الصلة بين التجارة الأمريكية والسياسة الأمنية، وقد يوفر هذا مبررًا إضافيًا يتجاوز الإيرادات أو مبدأ المعاملة بالمثل؛ لتفسير رسوم ترامب الجمركية على الحلفاء، حيث ترى استراتيجية "ميران" أن الالتزامات الدفاعية الأمريكية، والوصول إلى الأسواق، وتوفير الدولار لمعاملات الأطراف الثالثة، ينبغي اعتبارها فوائد متشابكة. لذلك، ينبغي تحفيز الحلفاء والشركاء الراغبين في مواصلة الاستفادة من هذه المزايا لمساعدة الولايات المتحدة على توفيرها بشكل مستدام. بشكل أساسي، ستوفر الولايات المتحدة الأمن، وفي المقابل، سيساعد الحلفاء على استعادة التصنيع الأمريكي من خلال الاستثمار في الولايات المتحدة أو رفع قيمة عملاتهم مقابل الدولار. وكما اقترح وزير الخزانة "سكوت بيسنت"، يمكن للولايات المتحدة أن تعتمد نظام "إشارات مرور" يُقسّم العالم إلى ثلاث فئات: دول "خضراء" ذات قيم مشتركة، وأهداف اقتصادية وأمنية متناسقة، واستعداد للتعاون بشأن أسعار الصرف؛ ودول "صفراء" أو محايدة ترغب في الإبقاء على رسوم جمركية مرتفعة والبقاء خارج نظام الدفاع الأمريكي؛ ودول "حمراء"، أي الدول المعادية أو الخاضعة للعقوبات التي ترفض التعاون. وبشكل أكثر تحديدًا، يعني هذا أن الدول التي تخفض رسومها الجمركية على السلع الأمريكية (أو تختار عدم الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية "المقابلة")، أو تخفض دعمها، أو تقدم ضمانات اقتصادية للولايات المتحدة مثل حقوق المعادن الأساسية، ستتمتع بوصول تفضيلي إلى السوق الأمريكية ومظلة الدفاع. وبعبارة أخرى، يشير "ميران" إلى أنه ستكون هناك حواجز اقتصادية أمام دخول الضمانات الأمنية الأمريكية المستمرة، ولكن هذه الحواجز ستصبح أكثر مصداقية بسبب الروابط الاقتصادية. ومن الواضح الآن أن إدارة ترامب تستخدم الرسوم الجمركية كأداة ضغط، ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيؤدي إلى صفقات ضخمة أم إلى ركود عالمي. ولكن مع استغلال الولايات المتحدة لقوتها الاقتصادية لتعطيل النظام التجاري، لم يعد من الممكن تجاهل احتمال استغلالها لقوتها المالية والعسكرية لإعادة هيكلة هذا النظام بما يعزز أولوياتها الصناعية والجيوسياسية. على أية حال، الآن وقد حل "يوم التحرير"، ينتظر العالم الخطوة التالية في خطة ترامب - إذا كان قد قرر اتخاذ خطوة واحدة!!