أحدث الأخبار مع #سيدقطب،


لكم
منذ 9 ساعات
- ترفيه
- لكم
الجاهلية الرقمية: لو عاش سيد قطب في عصر الميتافيرس
' إن الحياة في ظلال القرآن نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها … نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه. ' – سيد قطب. لكن، ماذا لو امتدت هذه الظلال في زمنٍ لم تعد فيه السماء هي مصدر النور، بل شاشة مضيئة تغمر العيون بألوان الواقع الافتراضي؟ ماذا لو عاش سيد قطب بيننا اليوم، في عصر الميتافيرس، حيث تُصنع العوالم وتُخلق الهويات بكبسة زر، ويُختزل الإنسان إلى كيانٍ رقمي سابح في مدارات الخيال التقني؟ هل كان سيد قطب سيُعيد تعريف الجاهلية في ظل هذا الواقع الجديد؟ وهل كانت 'الحاكمية لله' لتقاوم طغيان الخوارزمية؟ لماذا سيد قطب؟ سؤال قد يخطر ببال القارئ، وهو مشروع. فهل هذا المقال محاولة للدفاع عن الإخوان؟ أو إحياء لأطروحات الإسلام السياسي؟ الجواب ببساطة: لا. ما دفعني إلى استحضار فكر سيد قطب هنا ليس الانتماء الحركي، ولا الاصطفاف السياسي، بل الرغبة في مساءلة أفكاره في ضوء تحولات العصر. قطب كان – أحببناه أم اختلفنا معه – ظاهرة فكرية لا يمكن تجاوزها حين نتحدث عن الجاهلية، الحاكمية، والإنسان المعاصر. لم يكن اختياري له إلا لأنني أراه منجمًا للتأمل في علاقة الإنسان بالقيم والسلطة والمجتمع. لم أستدعِ سيد قطب لأتبناه، بل لأفككه، وأرى كيف كانت عيناه سترى عصر الميتافيرس. هذا النص ليس بيانًا إيديولوجيًا، بل تجربة فكرية تستلهم العقل الناقد لا العقيدة الجامدة. في فكر سيد قطب، الجاهلية ليست مجرد ماضٍ قبليّ، بل هي حالة انفصال عن الله، خضوع الإنسان لقيم بشرية تضع نفسها موضع الإله، سواء تجلّت في سلطة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. فهل يختلف كثيرًا حال الإنسان اليوم، حين بات يخضع لقيم رقمية تُفرض عليه من وادي السيليكون، وتُبرمج حياته وفق منطق السوق والربح، حتى صار مستهلكًا دائمًا لسلع ليست مادية فقط، بل رمزية: إعجابات، متابعات، هويات وهمية؟ في زمن سيد قطب، كانت الجاهلية ترتدي عباءة 'القانون الوضعي'، واليوم ترتدي ثوب 'الخوارزمية'. الجاهلية الرقمية هي عبودية الإنسان لآلة لا يراها، لكنها تراه وتراقبه وتوجّهه، تحدد رغباته وتتحكم في مسارات وعيه. من صلب مشروع سيد قطب الفكري فكرة الحاكمية، أن يكون الله وحده مصدر القيم والتشريع. لكن، في عالم الميتافيرس، من يحكم؟ من يُملي القيم؟ أليس أصحاب المنصات الرقمية، ومهندسو العوالم الافتراضية، هم الآلهة الجدد لعقول البشر؟ لو عاش سيد قطب هذا التحول، لربما رأى فيه امتدادًا خطيرًا للجاهلية، لكنه أخطر من سابقاتها، لأنها تخدع الإنسان بالحرية بينما تقيده دون أن يشعر. فالمستخدم يظن نفسه فاعلًا، وهو مجرد موضوع تُشكّله معطيات الشبكة. ولعل سيد قطب، صاحب الرؤية القطعية للفصل بين الحق والباطل، كان ليعلن أن 'الميتافيرس' هو فتنة العصر، حيث تضيع الحقيقية بين واقع مصطنع وزيف مستتر خلف بريق التقنية. من أبرز ما كان سيد قطب يدعو إليه هو عودة الإنسان إلى فطرته، إلى صفاء علاقته بخالقه، بعيدًا عن تشويش الجاهلية. فهل يمكن للإنسان أن يعود إلى الفطرة وهو غارق في محيط رقمي، لا يعرف فيه أين تنتهي الذات وأين تبدأ النسخة المصطنعة منها؟ الميتافيرس لا يخلق فقط واقعًا بديلًا، بل يخلق إنسانًا بديلًا، يُفرّغ من أبعاده الروحية، ويُغذّى بأحلام الاستهلاك، بالمتعة الفورية، بالهروب من المعنى. في مثل هذا العالم، قد يرى سيد قطب أننا أمام جاهلية مطلقة، ليس لأنها تنكر الله صراحة، بل لأنها تنسى الله في زحمة الأكواد. لو كان سيد قطب بيننا، لربما دعا إلى جهاد من نوع آخر، جهاد تحرير العقول من سطوة التقنية، من وهم السيطرة على الكون. جهاد يعيد للإنسان كرامته الكونية، بأن يتذكر أنه مخلوق لله، لا مخلوق لخوارزمية. الجاهلية الرقمية ليست مجرد تطور طبيعي للتقنية، بل هي مرحلة نزع الإنسان من إنسانيته، وتذويبه في بحر من الافتراضات اللامحدودة. هي ثورة ناعمة ضد المعنى، ضد الهوية، ضد الغاية. في ظلال الميتافيرس، هل يمكننا أن نستعيد ظل القرآن؟ هل نملك الشجاعة لنقول: لا، لن نسجد إلا لله، ولن نركع لشاشة، ولن نُعيد صياغة ذواتنا إلا على نهج السماء؟ لو عاش سيد قطب بيننا، لما تردد أن يصف هذه المرحلة بأنها الجاهلية الكبرى، لأن الإنسان فيها نسي أنه عبد لله، وظن أنه إله صغير يتحكم في العوالم. لكن في النهاية، ما الإنسان إلا ظل… والظل لا يستقيم إن لم يعرف مصدر انبثاق النور.


ساحة التحرير
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني!إدريس آيات
السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني؟ إدريس آيات* في منعطفٍ جديد من الحرب الدعائية ضد السودان، نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مؤخرًا تقرير رأيٍ خطيرٍ يزعم أن القوات المسلحة السودانية تحوّلت إلى ذراعٍ لإيران وحركة حماس، وتشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل ومصالحها في البحر الأحمر. ووصف التقرير الجيش السوداني بأنه 'حماس أفريقيا'، مدعومٌ بعقيدة إخوانية متطرفة ويقوده جنرالات متشبعون بفكر سيد قطب، بل ويدّعي وجود فصائل داخلية مثل 'لواء البراء بن مالك' يقوده من وصفه بـ'يحيى السنوار السوداني'. يمضي الكاتبان – أحدهما استراتيجي إماراتي، هو أمجد طه، والآخر رجل أعمال يهودي مقيم في دبي يُدعى ' إيتان نيشلوس' – ليزعم أن بورسودان باتت منصة إيرانية خلفية، وأن إيران بدأت تزوّد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة من طراز تلك التي يستخدمها الحوثيون، في مسعى للضغط على الممرات البحرية ومصالح إسرائيل في البحر الأحمر. كما يُشير التقرير إلى أن طهران تعيد تفعيل شبكة قديمة لتهريب السلاح إلى غزة عبر الأراضي السودانية، مذكرًا بدورها التاريخي في دعم حماس. هذه السردية – كما تشير لغة التقرير – تحاول إعادة تأطير الصراع في السودان من كونه نزاعًا داخليًا بين الجيش وميليشيا متمردة، إلى كونه تهديدًا إقليميًا تقوده قوى الإسلام السياسي المتحالفة مع إيران. الأخطر أن التقرير لا يكتفي بالتحذير، بل يدعو صراحة إسرائيل وحلفائها إلى التصرف بسرعة: محاصرة الجيش السوداني وقطع طرق تسليحه وتجفيف مصادر تمويله. الدور الإماراتي: دعاية متعددة المستويات هنا تبرز الإمارات، ليس فقط كصاحبة موقف سياسي في الأزمة، بل كفاعل دعائي فاعل. فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وُجّهت اتهامات متكررة لأبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع عسكريًا ولوجستيًا. وبينما نفت الإمارات رسميًا تلك الاتهامات، سرعان ما بدأت تروّج عبر منصاتها الرسمية، ثم عبر الإعلام العبري والدولي، لرواية معاكسة: تتهم الجيش السوداني بتلقّي شحنات أسلحة خفية، وتزعم أن جماعات متطرفة هي من تسيطر على مفاصله. في 30 أبريل 2025، أعلنت وكالة أنباء الإمارات أنها أحبطت محاولة تهريب 'ملايين الطلقات' إلى السودان، في طائرة خاصة كانت متجهة إلى الجيش السوداني. رد الجيش السوداني سريعًا، واصفًا الحادثة بأنها 'فبركة استخباراتية' تهدف إلى تغطية دعم الإمارات للميليشيا. ما حدث لاحقًا أن هذه الرواية الإماراتية بدأت تُنسج بخيوط أوثق، مستثمرة في تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل بعد اتفاقات إبراهام. من خلال المقال المنشور في صحيفة جيروزاليم بوست، بدا أن الإمارات تستخدم علاقاتها الإعلامية والدبلوماسية مع إسرائيل لتأطير الجيش السوداني كعدو مشترك للغرب، ولإسرائيل على وجه الخصوص، ساعية بذلك إلى صرف الأنظار عن دعمها المزعوم لقوات الدعم السريع، وإعادة تصوير نفسها كدولة تحارب 'الإسلام السياسي' والإرهاب في كل مكان. استراتيجية ذكية في حرب السرديات من منظور علم البروباغندا والدعاية السياسية، ما تقوم به الإمارات هو مثال حيّ على الحرب السردية. ففي عصر الإعلام الفوري ومنصات الرأي، لا تكفي الحقيقة على الأرض، بل يجب الانتصار في ميدان الصورة والرواية. الاستثمار في المخاوف الأمنية القائمة: التقرير في جيروزاليم بوست يربط الجيش السوداني بحماس، بعد أشهر فقط من هجوم 7 أكتوبر، مما يستحضر في ذهن القارئ الإسرائيلي شبح خطر جديد من الجنوب، ومن ورائها حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية. هذا تكتيك معروف يُعرف في علم الدعاية بـ'مناشدة الخوف'، ويهدف إلى زرع قلق جماعي يقود إلى قرارات سياسية متعجلة. شيطنة الخصم وعزله دوليًا: إن تصوير الجيش السوداني كواجهة لحماس وإيران يهدف إلى منعه من نيل أي تعاطف أو دعم دولي، على الأقل في المجتمع الغربي، بل يُمهّد لفرض عقوبات أو عزلة بحجة الأمن الإقليمي والدولي. توظيف المنصات ذات المصداقية: نشر هذه السردية عبر صحيفة إسرائيلية مرموقة، ومن خلال كُتاب محسوبين على الإمارات، يعطيها هالة من المصداقية والانتماء لـ'معسكر محاربة الإرهاب'. التعتيم على جرائم الدعم السريع: تُغفل الرواية تمامًا الحديث عن الجرائم الموثقة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين في دارفور والخرطوم، وتُسقط عمدًا سياق التمرّد المسلّح، لتبدو الصورة كما لو أن السودان يحكمه متطرفون، بينما الطرف الآخر مجهول أو مغيّب. هل تنجح هذه السردية؟ رغم دهاء هذه الإستراتيجية، إلا أنها تملك نقاط قوة دعائية: توقيتها، وتماهيها مع روايات الأمن الإسرائيلي، وقدرتها على التمدد في الإعلام الناطق بالإنجليزية. لكن نجاحها يظل مشروطًا بعنصر واحد: غياب رواية مضادة فعّالة تشرح حقيقة ما يجري في السودان، وتُفكك هذا البناء الدعائي بعقل واحتراف في الإعلامين العربي والغربي سواء. هنا تبرز مسؤولية السودانيين وحلفائهم، سياسيين وإعلاميين، في تفكيك هذه الرواية: بكشف دوافعها، وفضح تورط الإمارات في دعم الميليشيات أكثر فأكثر، وإبراز أن الجيش السوداني يخوض معركة ضد ميليشيا تمارس الفوضى والسلب والقتل، وليس حربًا بالوكالة عن طهران أو غيرها. ماذا يمكن فعله الآن؟ -. تكثيف الحضور الإعلامي للجيش السوداني على شاشات التلفاز الإقليمي والدولي، بلغة رصينة ووثائق واضحة، لشرح خلفية الصراع، وكشف الجرائم والانتهاكات، والتأكيد على التزام السودان بوحدته واستقلاله. -. استغلال المنصات الرقمية لبناء سردية مقابلة: فيديوهات، مقالات رأي باللغتين الإنجليزية والفرنسية، إنتاج محتوى موجه لمراكز الفكر وصناع القرار. -. حشد المواقف الرسمية من دول صديقة: كمصر التي تدعم الجيش السوداني بشكل واضح، والجزائر التي تؤيد وحدة السودان، وحلفاءٍ أفارقة ومن دولٍ عربية، لخلق جبهة دبلوماسية ترد على الضغوط الإعلامية الإسرائيلية-الإماراتية. -. ملاحقة الأكاذيب قانونيًا: يمكن للجيش السوداني ومناصريه الدفع بتقارير موازية في المحاكم الإعلامية والمنصات الدولية، وربما فتح مسارات تشهير قانوني بحق من يروّج لروايات كاذبة تمس بسمعة المؤسسة العسكرية السودانية. ختامًا، ما نشهده اليوم ليس مجرد مادة صحفية عابرة، بل منعطف خطير في هندسة سردية الحرب في السودان. ثمّة من يعمل، عن وعي أو توجيه، على إدخال إسرائيل والولايات المتحدة إلى معادلة دعم ميليشيا متمردة، من خلال فبركة عدوّ مُختلق تحت مسمى 'حماس السودان'. وإن لم يتم تفكيك هذه الحملة الدعائية الممنهجة منذ الآن، فإن آثارها لن تبقى حبيسة الإعلام، بل قد تترجم لاحقًا إلى قرارات دولية تمس السيادة السودانية لعقود قادمة. فالسودان اليوم لا يخوض صراعًا عسكريًا فقط، بل يخوض حرب سرديات لا تقل فتكًا. والانتصار في هذا النوع من الحروب لا يتحقق بالقوة وحدها، بل بامتلاك الرواية، وتوجيه الخطاب، وصياغة المعنى. إذ إن من يفرض روايته، يفرض رؤيته للمستقبل. فهل نسمح للآخرين بأن يكتبوا تاريخ السودان بما يخدم أجنداتهم؟ أم نبادر، كدولة ومجتمع -أفريقي، عربي، إسلامي، ونخب، إلى استعادة زمام السرد، ونكتب قصة السودان نحن — بشجاعة، وصدق، وبصوت يعلو على ضجيج التضليل؟ رابط مقال صحيفة جيروزاليم بوست لمن يريد العودة إليه كمصدر: 2025-05-08 The post السودان بين فكيّ السرديات: كيف تُوظّف الإمارات إسرائيل لتشويه صورة الجيش السوداني!إدريس آيات first appeared on ساحة التحرير.


عمون
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- عمون
الإسلام السياسي ليس إسلاما وليس سياسة
الاحداث السياسية والعامة، لكن فكرة المقال محاولة فهم وتمييز الديني وغير الديني؛ ما هو من عند الله وما هو من عند الله حتى لا نكون مثل الذين وصفهم القرآن الكريم "ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله" وحتى لا نقدس ما ليس مقدسا أو نحول المقدس إلى إنساني واقعي "مدنس". كان "الإسلام السياسي" مشروعا للدولة العربية والإسلامية الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى، للدخول في مرحلة ما بعد الامبراطورية "الخلافة" المرحلة التي انتهى فيها عصر الامبراطوريات في جميع أنحاء العالم، وبدأت دول مركزية حديثة. يكفي الإشارة هنا إلى أن الدول المستقلة كانت بعد الحرب العالمية الأولى 25 دولة وهي اليوم أكثر من مائتي دولة. ولم تكن معظم الدول والممالك القائمة قبل الحرب العالمية الأولى ينطبق عليها الفهم والواقع الذي نعرفه ونعيشه في ظل الدولة الحديثة؛ بما هي ظاهرة حديثة في عالم العرب والمسلمين لا يتجاوز عمرها المائة عام، وهي أيضا حديثة في العالم لا يتجاوز عمرها 350 سنة. أرادت القيادات السياسية للدول الناشئة وهم مجموعة من الملوك والنخب المحيطة من المتدينين أن ينشئوا دولة حديثة منسجمة مع الإسلام، ولم يكن التراث الإسلامي في الحكم والسياسة القائم على فكرة ومشروع "الأمة" أن يستوعب احتياجات الدولة المركزية الحديثة، وبخاصة التشريعات المنظمة للحياة العامة والسياسية واليومية على أساس من المعاصرة والانسجام مع الإسلام. صار لجميع الدول العربية والإسلامية مؤسساتها التشريعية والتعليمية والتنظيمية، وانتهت الحاجة لمشروع "الإسلام السياسي"، كما لو تريد بناء بيت، فتعهد بذلك لمهندسين وبنائين وحرفيين، وعندما يتم البيت تعيش فيه، ولا يظل مجال لبقاء المقاول الذي أنشأ البيت، إنه ليس شريكا دائما لك، ولا تحتاج إليه بعد اكتمال البيت. هكذا فقد تشكل الإسلام السياسي في العشرينيات، في ظل حالة مشجعة من اتجاهات ومداخل عدة؛ مثل الاتجاه الرسمي والاجتماعي الذي تنامى لأجل استيعاب معاصر للإسلام أو العمل على إقامة دولة معاصرة تتواءم مع الإسلام، والاتجاه التحرري لمقاومة الاحتلال الذي تعرضت له معظم دول العالم الإسلامي؛ وبخاصة بعد الحرب العالمية الأولى، وفي تطورات كثيرة من المد والجزر عاد الإسلام السياسي إلى النمو والانتشار في سبعينيات القرن العشرين في ظل موجة دينية عالمية سادت وفي حالة الشعور بالهزيمة الانكسار التي أنشأتها حرب 1967. النواة الفكرية الأساسية للإسلام السياسي تقوم على مسألة الحكم في الإسلام، وشجع الحالة هذه ضعف وانحسار الخطاب الديني الرسمي، وفي هذا الفراغ كان خطاب الإسلام السياسي يعمل وينتشر، بل إنه شكل العمود الفقري للمناهج التعليمية والكليات والمؤسسات الدينية التي ترعاها وتنفق عليها السلطات السياسية. تحول الإسلام السياسي خلافا لروايته المنشئة إلى تقديم نفسه بديلا للنموذج القائم في الدول الإسلامية المعاصرة، ولأنه نموذج لم يطبق بالفعل، فقد كان نموذجا أقرب الى الحلم او المثال الذي يداعب خيال وحلم المسلمين والمستمد من التاريخ في مراحل زهو وتقدم العالم الإسلامي، ويجب الاعتراف أنه خطاب، رغم عدم واقعيته يمثل اليوم أكبر تحد للدول والمجتمعات الإسلامية والعالم أيضا، فهو ملهم الإرهاب والتطرف وكثير من الأزمات والانقسامات السياسية والاجتماعية. يمكن القول، إن جماعات الإسلام السياسي على اختلافاتها وتعددها تكاد جميعها تنهل من كتابي "معالم في الطريق" تأليف سيد قطب، وكتاب "المصطلحات الأربعة في القرآن" تأليف أبو الأعلى المودودي، وهناك مراجع وكتب كثيرة أخرى تخص الجماعات المتشددة إضافة إلى "المعالم" والمصادر التقليدية والتاريخية المعروفة والمتبعة لدى الأمة بشكل عام. لقد مثل سيد قطب حالة اكتسحت عالم الإسلام السياسي، وهي مسألة تحتاج إلى توقف وتفسير وتحليل. وفي كثير من الأحيان تجد أعضاء الجماعات الإسلامية وشبابها يحملون أفكار سيد قطب ومقولاته دون أن يقرؤوا كتبه أو يعرفوا أنها له، لقد أصبحت منظومة فكرية تتلقاها الجماعات على نحو جماعي وشفاهي وخفي، بل إنها متجذرة وحاضرة في أذهان وتفكير كثير من المتدينين غير المنتظمين في جماعات، والأكثر غرابة أن نسبة كبيرة من المشتغلين بالمؤسسات الدينية الرسمية في التعليم والأوقاف والإفتاء والقضاء يؤمنون بأفكار المفاصلة والرفض القطعي التي أنشأها قطب، وإنك لتعجب كيف يوفقون بين ولائهم السياسي للحكومات والأنظمة وبين أفكارهم المتشددة التي يؤمنون بها. هناك أساتذة في الكليات والمدارس لا علاقة لهم بالإخوان المسلمين والإسلام السياسي لكنهم يدرسون طلابهم أن الأردن "دار حرب" ويحرمون الانتخاب والديمقراطية، ويعتقدون أن المواطنة قائمة على الإسلام بمعنى أن كل مسلم من أي بلد كان هو مواطن ومن ليس مسلما ليس مواطنا، وهي فكرة سائدة ومتقبلة، ولا يلاحظ أصحابها أن منشأها يهودي. حيث يعتبر كل يهودي مواطنا "إسرائيليا" ومن ليس يهوديا ليس مواطنا. يعتبر باحثون كثيرون في الإسلام السياسي ان كتاب "معالم في الطريق" بمثابة الإعلان الإسلامي المقابل للمنفستو الشيوعي، أو بيان الحزب الشيوعي الذي كتبه كارل ماركس وفريدريك إنجلز عام 1848، ويقول غازي القصيبي على لسان بطل روايته "العصفورية" إن كتاب معالم في الطريق أهم كتاب عربي ألف في السنوات الخمسمائة الأخيرة. لكن بما أن الدولة المركزية اليوم تواجه تحديات كثيرة فإن الإسلام السياسي بطبيعة الحال الذي هو ظاهرة مرافقة وملازمة للدولة الحديثة يواجه التحديات نفسها. فالأمم اليوم، بما هي تكوين معقد للسلطات والمجتمعات والأسواق والأفراد؛ تدخل في مرحلة جديدة من التحديات والاستجابات المطلوبة، تتلخص ببساطة في القدرة على التغير الايجابي في العدل والازدهار ومواصلة نموها الاقتصادي وتحسين حياتها. يتجه العقلاء اليوم من أعضاء الجماعات الإسلامية إلى التحول باتجاه "متدينين يشاركون في الحياة العامة" بقواعدها المتفق عليها بوضوح وعلانية، في حين تواصل تشكيلات أخرى البحث عن فرص وحيل البقاء والاستمرار، منها على سبيل المثال دمج الإسلامي بالقومي، والانشغال بالحوافز المغرية للأمم مثل الخوف واللجوء إلى التاريخ المجيد والشعور بالتميز والاستعلاء والتعصب الديني والاجتماعي، والحال أن الأمم جميعها تمر في مرحلة من الخوف وعدم اليقين بسبب التحولات الكبرى القائمة على التكنولوجيات والأعمال الجديدة التي تغير في طبيعة الاعمال والموارد والمؤسسات. لقد أدخلت جماعات الإسلام السياسي نفسها في مأزق يصعب الخروج منه بالسهولة والتلقائية التي دخلت بهما، فقد أنشأت قواعد ومفاهيم ومبادئ جديدة في فهم الدين وتطبيقه، ثم تحولت هذه المنظومة إلى جماعات ومصالح ومؤسسات وأفكار كثيرة ممتدة فاقت توقعات الجماعات نفسها.


البوابة
٠٧-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- البوابة
مصطفى حمزة يكتب: أقصى درجات الغل والحقد على الوطن
«الوطن عبارة عن حفنة من تراب عفن» في نظر تيارات ما يعرف بالإسلام السياسي مثلما قال القيادي الإخواني الأشهر سيد قطب، وهو ما يعكس عقيدة هذه التيارات تجاه الحروب الوطنية ومعارك التحرير التي قادتها الجيوش النظامية لهذه الدول، والتي على رأسها معركة العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام 1973م، التي مثلت لمصر انتصارًا حقيقيًا على العدو اليهودي في المنطقة أعاد لها هيبتها ورد إليها كرامتها بعد نكسة 1967م. وقد تباينت مواقف التيارات الإسلامية من حرب أكتوبر المجيدة، ففي الوقت الذي وصفها السلفيون على اختلاف تياراتهم ومدارسهم بأنها نوع من أنواع الجهاد، حتى وإن لم تتوافر فيها بعض شروط الجهاد الشرعي، ونظرت هذه التيارات إلى الرئيس السادات على اعتباره حاكماً مسلماً باستثناء تيار السلفية الجهادية التي لم تكن تبلورت وقتها بشكل تنظيمي وإنما كانت واضحة في فكر بعض الأشخاص الذين ينتمون للتيار السلفي بشكل عام، ولكنهم يحملون أفكاراً تكفيرية. بالإضافة إلى أنهم يعتقدون اعتقادًا فاسدًا يتمثل في أن الحرب كانت لأهداف سياسية للدفاع عن الوطن وليس عن الإسلام، أي أنها رفعت راية »الوطنية« ولم ترفع راية »الدين» وراية الوطنية عندهم راية جاهلية يحرم القتال خلفها، مع ما يترتب على ذلك من أحكام للمشاركين في هذه الحرب في حال موتهم، فهم يموتون ميتة جاهلية عند هؤلاء المتطرفين، على الرغم من أنهم عند الله شهداء. نفاق الإسلاميين أما التيارات الأخرى، فقد استخدمت الجماعات الإسلامية المتنوعة سياسة ازدواجية المعايير، وذلك بتصدير خطابين مختلفين يختلف كل منهما حسب الجمهور الذي تخاطبه تلك التيارات، ففي حين تؤكد هذه الجماعات على اختلاف تنوعها في خطابها المعلن أن حرب أكتوبر أعادت العزة للدولة المصرية، ومثلت انتصاراً حقيقياً على العدو "اليهودي"، حتى يظهروا وكأنهم وطنيون محبون لمصر، إلا أن هناك خطاباً آخر لا يتم الإعلان عنه إلا للمنتمين لكل جماعة من هذه الجماعات، بحيث تؤكد فيه موقفها من الحرب المجيدة وفق مرجعيتها الدينية الخاصة بها، وهو الأمر الذي انكشفت بوضوح بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١م. فجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر الجماعة الأم لكل الجماعات لا تعترف بحرب أكتوبر وتعتبرها في مزابل التاريخ وليست حرباً حقيقية، ولكنهم يعترفون بحرب ١٩٤٨م ويعتبرونها الحرب الوحيدة التي تستحق الفخر، بسبب الانتصارات الوهمية التي ينسبونها لأنفسهم في هذه الحرب، ولو كان الإخوان يعظمون حرب أكتوبر لعظموا قادتها. وأثنى محمود الصباغ على قتلة الرئيس السادات، في كتابه "حقيقة التنظيم الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين"، الذي قدم له المرشد الخامس مصطفى مشهور، حيث قال في ص ٢٩: "فسلط عليه شبابا من شباب مصر وأظلهم بظله فباغتوه في وضح النهار وفى أوج زينته وعزه يستعرض قواته المسلحة ولا يرى فيهم إلا عبيدا له ينحنون وبقوته وعظمته يشهدون وإذا بهم سادة يقذفونه بالنار ويدفعون عن أنفسهم وصمة الذل والعار والشنار"، فشبه السادات بالإله وشبه رجال الجيش البواسل بالعبيد الذين ينحنون له، ليزرع في قلوب أتباعه تكفير الرئيس، واستحقاقه للقتل كما لا يخفى من ثنائه على القتلة الذين زعم أن الله أظلهم بظله ليرتكبوا جريمتهم عياذًا بالله. والغريب أنهم اتخذوا هذا الموقف مع الرئيس الذي فتح لهم باب الدعوة وأعادهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى بعد أن فقدوا الأمل من الخروج من سجون الرئيس الراحل عبد الناصر، ليدفع حياته ثمنًا لغدرهم، لأنهم لا عهد لهم، ويقابلون الإحسان بأشد الإساءة. ولكن الجماعة صدرت خطابًا آخر يتناسب مع نظرة المجتمع لهذا النصر المجيد وتمثل ذلك في وصف الدكتور عبد الرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان المسلمين، حرب أكتوبر بأنها من أهم الأيام في تاريخنا الحديث، معتبراً أنها أول نصر حقيقي للأمة في تاريخها الحديث على "الصهاينة"، بعد هزائم متتالية تجرعت الأمة مرارتها، لا سيما الهزيمة الكبرى في الخامس من يونيو سنة ١٩٦٧م، مشيراً إلى أن تصحيح العقائد والاستمساك بالدين في هذه الحرب هو أهم أسباب نصر الجنود المصريين الذين وصفهم بالمجاهدين. الإرهابيون.. أبطالًا! بل زاد على ذلك المؤرخ الإخواني راغب السرجاني بتأكيده أن الرئيس أنور السادات كان يعمل بشكل شخصي مع قيادة الجيش المصري على التخطيط لهذه الحرب التي أتت مباغتة للجيش الإسرائيلي، إلا أن هذه التصريحات المعلنة لقادة الجماعة جاءت مناقضة لما ظهر من جماعة الإخوان فيما بعد، حينما وصلت لسدة الحكم في مصر، حينما احتفل الرئيس المخلوع محمد مرسي بهذه الحرب ليكشف عما تكنه صدور جماعته من الرؤية الاعتقادية تجاه هذه الحرب المجيدة، حيث استبعد جميع قادة الحرب من الاحتفال لإذلالهم، ودعا قادة الدم والإرهاب وقتلة السادات للجلوس على منصة الاحتفال، وكأنهم أبطال النصر، وهذا من وقاحتهم وغياب مروءتهم وشهامتهم. والترجمة الفعلية لهذه العقيدة الإخوانية تجاه الحرب تمثلت في أول رد فعل لجماعة الإخوان على انتصارات أكتوبر بعد الحرب بستة أشهر حينما نفذت مجموعة إرهابية أول هجوم عسكري على موقع الكلية الفنية العسكرية المصرية في يوم ١٨ أبريل ١٩٧٤م، وتنظيم الفنية العسكرية هو الجناح العسكري للإخوان في ذلك الوقت، حسب اعترافات طلال الأنصاري القيادي في المجموعة التي نفذت المجزرة، والذي قال إنهم بايعوا المرشد العام حسن الهضيبي في بيت زينب الغزالي، وأن التنظيم كان علي علاقة عضوية ومباشرة بجماعة الإخوان المسلمين، وبمثابة الجناح العسكري لها. وقد كشفت أحداث يناير ٢٠١١ وما تلاها من تطورات، النقاب عن الوجه القبيح للجماعة تجاه الجيش المصري، حيث يرى التكفيري الهارب وجدي غنيم أن الجيش الإسرائيلي أفضل من الجيش المصري، لأن الأخير مرتد، ولكن الأول كافر، ومعلوم أن المرتد أشد خطورة من الكافر الأصلي، وكذلك فتاوى القرضاوي في تكفير جيش مصر واستعدائه الدول عليه من أجل القضاء على هذا الجيش، وهو ما يعبر عن عمق الفكر التكفيري عند الإخوان، بالإضافة إلى مطالبة المدعو سلامة عبد القوي أنصار جماعته بقتل عناصر الشرطة والجيش، معتبرًا ذلك نوعًا من الجهاد في سبيل الله. البطل يدفع الثمن أما الجماعة الإسلامية فكانت ترى أن شروط الجهاد الشرعي لا تتوافر في حرب أكتوبر والتي من أهمها القتال خلف قائد مسلم، وقد كانوا يكفرون الرئيس السادات ولا يعتبرونه قائد حرب، وقد أظهر ذلك فتوى الشيخ عمر عبد الرحمن، أمير الجماعة الإسلامية في ذلك الوقت بإهدار دم السادات على الرغم من دوره الوطني في حرب التحرير، وكان للفتوى دور كبير في اغتيال السادات في يوم ذكرى الحرب المجيدة وأثناء استعراضه لتشكيلات من القوات المصرية التي شاركت فيها عام ١٩٨١م. كما أن محمد عبد السلام فرج، صاحب كتاب الفريضة الغائبة، وصف قوات الشرطة والجيش في كتابه بأنهم من الطائفة المرتدة، وهو ما كان يمثل معتقد أغلب شباب وقيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد آنذاك، فالجيش المقاتل في ١٩٧٣م عندهم جيش مرتد. ولكن هذا الموقف الرسمي القديم للجماعة من الحرب يختلف عن الموقف بعد المراجعات والذي ظهر جلياً في مقال للدكتور ناجح إبراهيم أحد القادة التاريخيين للجماعة عبر الموقع الرسمي لهم على شبكة الإنترنت حيث اعتبر نصر أكتوبر من أهم روافد الإسلام والدين وإحياء الموات في الشعب المصري من جديد، لافتاً إلى أن هذا النصر ضخ في شرايين مصر من جديد روح العزيمة وحب الشهادة في سبيل الله. وأشار إلى أن الأجواء الإيمانية التي صنعها النصر لا يستطيع مليون خطيب أو داعية أو واعظ أو مرب أن يصنعها في ظرف غير هذا الظرف وفي جو غير هذه الأجواء، مستنكراً تقليد بعض الإسلاميين لغير المنصفين الذين دفعتهم كراهيتهم العمياء للسادات للقول بأن حرب أكتوبر هي تمثيلية بين السادات وإسرائيل لتحريك الموقف السياسي المتجمد بينهما، وهذا والله لا يقول به عاقل أو منصف أو عنده ذرة من علم التاريخ، والذي يقول ذلك لم يقرأ أو يعرف عن حرب أكتوبر شيئا. وأرجع عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية الراحل، تكريم محمد مرسي، للرئيس أنور السادات، بسبب اتخاذه قرار حرب أكتوبر، الذي وصفه بأنه من أعظم قرارات حياته التي لا يستطيع أن يختلف معه بشأنها أحد. وأشار دربالة في تصريحات صحفية كان قد أدلى بها في حكم الإخوان إلى بعض أخطاء السادات، التي وصفها بالجسيمة مثل توقيعه لمعاهدة كامب ديفيد ودخوله في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بشكل منفرد، موضحًا أن خوض السادات لهذه المفاوضات بعيدًا عن شركائه من الجانب العربي أضعف المفاوض المصري والعربي خلال المفاوضات مع إسرائيل. واستثمرت الجماعات الإسلامية على اختلاف أنواعها هذا الحدث المهم وحاولت توظيفه في تشويه صورة السادات، وكانوا يتمنون أن تنتهي الحرب بهزيمة السادات لأنه في نظرهم كافر مرتد لا يقيم شرع الله، ومن ثم لا يستحق النصر، حسب اعتقادهم. الحق ما شهد به الأعداء تأتي شهادات قادة إسرائيل الذين عاصروا حرب ١٩٧٣م لتفضح تشكيك الإسلاميين فيها، لأن الحكمة تقول "الحق ما شهد به الأعداء"، فلا تزال الحكومة الإسرائيلية تستعيد ذكريات هزيمتها في مثل هذا الموعد من كل عام على الرغم من مرور ٤٣ عامًا مما يدل على أن الجراح لم تندمل بعد، مثلما يقول الخبير العسكري، اللواء حسام سويلم. والدليل على ذلك اعتراف جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، وهي تصرخ في مكالمتها الهاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر فجر يوم ٩ أكتوبر، قائلة: "لقد خسرنا حتى اليوم ٤٥٠ دبابة و١٢٠ طائرة، وأخشى أن نخسر سيناء"، فأجابها كيسنجر: "بل أخشى أن تخسروا إسرائيل ذاتها". كما قالت في كتاب لها بعنوان "حياتي": "إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء وتوغل السوريون في العمق علي مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة علي الجبهتين وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة علي حقيقة الموقف السيئ أم لا، الكتابة عن حرب يوم الغفران يجب ألا تكون كتقرير عسكري بل ككارثة قريبة أو كابوس مروع عانيت منه أنا نفسي وسوف يلازمني مدي الحياة." ووصف "موشي ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ في مذكرات منسوبة له حرب أكتوبر بـ"الزلزال" الذي تعرضت له إسرائيل، مؤكدًا أن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون و"أظهر لنا ما لم نكن نراه قبلها وأدي كل ذلك إلي تغيير عقلية القادة الإسرائيليين". واعترف أهارون ياريف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق، في ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس في ١٦ سبتمبر ١٩٧٤ بأن الإسرائيليين قد خرجوا من الحرب ممزقين وضعفاء، مستشهدًا بتصريحات الرئيس الراحل أنور السادات حينما سئل: هل انتصرت في الحرب؟ فأجاب: "انظروا إلي ما يجري في إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة عن هذا السؤال". ويقول حاييم هيرتزوج الرئيس السادس لإسرائيل: "لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر، وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون، بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا يتميزون بالصبر كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق حتي بدأ العالم الخارجي يتجه إلي الثقة بأقوالهم وبياناتهم." بينما يرى ناحوم جولدمان في كتاب له بعنوان "إلي أين تمضي إسرائيل" أن الحرب وضعت حدًا لأسطورة إسرائيل في مواجهة العرب، وكلفت إسرائيل ثمنًا باهظًا نحو خمسة مليارات دولار، وأحدثت تغيرًا جذريًا في الوضع الاقتصادي في الدولة الإسرائيلية التي انتقلت من حالة الازدهار التي كانت تعيشها قبل عام، مشيرًا إلى أن النتائج الأكثر خطورة كانت تلك التي حدثت علي الصعيد النفسي وتمثلت في انتهاء ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم. وفي نوفمبر ١٩٧٣م قال "أبا إيبان" وزير خارجية إسرائيل: "لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من أكتوبر، لذلك ينبغي ألا نبالغ في مسألة التفوق العسكري الإسرائيلي بل علي العكس فإن هناك شعورًا طاغيًا في إسرائيل الآن بضرورة إعادة النظر في علم البلاغة الوطنية، إن علينا أن نكون أكثر واقعية وأن نبتعد عن المبالغة." ويقول "زئيف شيف" المعلق العسكري الإسرائيلي، في كتابه "زلزال أكتوبر": "هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودًا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلي علاج نفسي، هناك من نسوا أسماءهم، لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب يوم عيد الغفران وفي تحقيق نجاحات عسكرية، لقد أثبتت هذه الحرب أن علي إسرائيل أن تعيد تقدير المحارب العربي" وعلى الرغم من هذه الشهادات والاعترافات التي خرجت من أفواه القادة الإسرائيليين أنفسهم، إلا أن تيارات إسلامية تصر على التشكيك في القدرات التي اجتازتها مصر خلال هذه المعركة التي أعادت الكرامة للأمة العربية كلها، وأنهت أسطورة "إسرائيل التي لا تقهر" التي روجت لها إسرائيل في الغرب قبل الشرق، ودفنت هذه المقولة تحت التراب المصري، وقضت على ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم، ولكنها لم تقض على نظرية المؤامرة التي سيطرت ولا تزال تسيطر على عقول الإسلاميين المريضة التي تخيلوا بها أن حرب أكتوبر "تمثيلية" بين السادات وإسرائيل لتحريك المياه السياسية الراكدة. عددpdf


أخبار مصر
١١-٠٢-٢٠٢٥
- صحة
- أخبار مصر
هل جربت بخاخ البقدونس؟.. وصفة سحرية لتطويل وتقوية الشعر
عادة ما تبحث السيدات عن وصفة سحرية لتطويل وتقوية الشعر بصورة طبيعية داخل المنزل، وتدخل العديد من المواد الغذائية المختلفة في تعزيز نمو الشعر والتي يأتي من بينها بخاخ البقدونس، وذلك لغناء تلك النبتة بعناصر تحسن هذه العملية الطبيعية.وصفة سحرية لتطويل وتقوية الشعر تلجأ العديد من السيدات لاستخدام بخاخ البقدونس في المنزل، كوصفة سحرية لتطويل وتقوية الشعر، وهو ما علق عليه الدكتور سيد قطب، خبير النباتات الطبية والعطرية، خلال حديثه لـ«الوطن».ولتحضير وصفة بخاخ البقدونس كوصفة طبيعية داخل المنزل، قال قطب، إنه من الأفضل طحن بذور البقدونس مع أوراق الروزماري، ومن ثم القيام بغليهم وفيما بعد نقعهم جيدًا لمدة 24 ساعة، والبدء في استخدام هذا المركب على المناطق الفارغة بفروة الرأس.ونصح خبيرالنباتات الطبية والعطرية، أنه في حال الرغبة باستخدام…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر 'إقرأ على الموقع الرسمي' أدناه