أحدث الأخبار مع #شارلجبور


صوت لبنان
منذ 4 أيام
- سياسة
- صوت لبنان
هل من مخاوف من تفويت لبنان 'فرصة العمر'؟
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن': قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال القمة الخليجية الأميركية في العاصمة السعودية أن 'لدى لبنان فرصة حقيقية لمستقبل خالٍ من 'حزب الله'، وفرصة لبنان تأتي مرة في العمر ليكون مزدهراً'. والفرصة بعلم السياسة، هي المومنتم الذي لا يجب إضاعته، والمومنتم الحالي لا يوصّف حتى بالمثالي، كونه أكثر من مثالي، إذ من كان يتوقّع حصول الانهيارات كلها دفعة واحدة، بدءاً من إيران، وصولاً إلى أذرعها، وما بينهما أن يطوّق 'حزب الله' في الداخل جغرافياً ووطنياً وسياسياً؟ وما يجب تأكيده بداية ، أن هدر الفرصة الذهبية، لا سمح الله، لا يعني العودة بلبنان إلى ما قبل 'حرب الإسناد'، فهذه العودة ممكنة فقط بأحلام 'حزب الله' وتمنياته، ولكن على أرض الواقع الزمن الماضي مضى إلى غير رجعة، والحمد لله، انطلاقاً من اللاءات التالية: لا إسرائيل في وارد إعادة ترك 'حزب الله' يراكم قوته من جديد، وما تقوم به يومياً بقتل كوادره، منذ وقف الحرب في 27 تشرين الثاني، مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، لن يتوقّف، وهو لا يجرؤ على الرد كونه لا يستطيع الردّ. ولا سوريا الشرع في وارد التساهل مع محاولات عبور الحرس الثوري من أراضيها إلى لبنان من أجل مده بالمسلحين والسلاح، والرئيس الشرع ليس بحاجة إلى توصية من الأميركيين لمنع تواجد الحرس و'حزب الله' في سوريا، فهو كأن أول من طرد ميليشيات إيران انتقاماً على ما ارتكبته بحق الشعب السوري. ولا الولايات المتحدة ستسمح لإيران باستعادة دورها الخارجي المزعزع لاستقرار المنطقة، والإدارة الترامبية تضع جهودها كلها لإقفال ملفات النزاع مع طهران في حدود أشهر قليلة: النووي، الدور والصواريخ الباليستية. ولا الدولة اللبنانية التي أصبحت أقوى من 'الحزب' ستتهاون مع أي أمر واقع عسكري يحاول فرضه أو اللجوء إليه، وواقعة إقفال طريق المطار أكبر دليل أنه لم يعد باستطاعته إقفال مجرّد طريق. وعليه، فإن المقصود بهدر الفرصة التاريخية والذهبية ليس العودة إلى ما قبل 'حرب الإسناد'، إنما استمرار حالة المراوحة الوطنية والسياسية والمالية والاقتصادية والاستثمارية، وهذه الحالة مرشحة للاستمرار في ظل حلقة مقفلة ناتجة عن رفض مثلّث: رفض المجتمع الدولي مساعدة لبنان قبل احتكار الدولة وحدها للسلاح، رفض الدولة بسط سيطرتها بالقوة على رغم تأكيدها المستمر على ضرورة بسط سلطتها على كامل أراضيها، ورفض 'حزب الله' إنهاء مشروعه المسلّح على رغم انسداد أفق استخدام سلاحه إقليمياً ومحلياً. والمؤسف في هذا المشهد، أن المنطقة دخلت في عصر جديد ومرحلة جديدة، فيما لبنان ما زال خارج هذا المشهد، والخشية هذه المرة ليست من عودة عقارب الساعة إلى الوراء، فلا عودة بتاتاً إلى الوراء، إنما من المراوحة في الفشل وعدم التقدُّم إلى الأمام، ويرتكب 'حزب الله' على هذا المستوى جريمة إضافية بحقّ اللبنانيين عموماً وبيئته خصوصاً، بسبب تمسكه بسلاح فقد دوره وصلاحيته، ويتحمّل مسؤولية الخروقات الإسرائيلية واستهدافه المتواصل، من دون أن تكون له القدرة على الردّ عليها وحتى الدفاع عن نفسه، وهذا الوضع، مرشّح للاستمرار إلى أن تبسط الدولة سلطتها، وما لم تبادر إلى بسط سلطتها يعني أن لا مساعدات ولا وقف للضربات الإسرائيلية، فتكون المنطقة انتقلت إلى حقبة الاستقرار، وبقي لبنان وحيداً بؤرة غير مستقرة، والفارق هذه المرة عن المرات السابقة، أنها ساحة معزولة وغير قادرة على التأثير على الساحات الأخرى، أي أن ضررها يرتد على اللبنانيين حصراً. وانطلاقاً من ذلك، فلا المبالغة في التشاؤم صحيحة، ولا المبالغة في التفاؤل دقيقة، إنما البقاء في دائرة المراوحة طالما أن 'حزب الله' لم يبادر إلى إعلان نهاية مشروعه المسلّح، وطالما أن السلطة لم تبادر إلى إبلاغه بضرورة إنهاء هذا المشروع ضمن فترة زمنية محددة، وإلا ستضطر إلى استخدام القوة معه، ولكن ما هو غير معروف بعد يكمن في التساؤلات التالية: هل ينتظر 'الحزب' الإشارة الإيرانية ليتخلى عن سلاحه؟ وماذا لو أرادت طهران أن يُبقي على سلاحه؟ وهل يراهن أن الدولة لن تجرؤ على نزعه بالقوة؟ ولماذا يتخلى عن سلاحه إذا لم يشعر أن الدولة عازمة على نزعه بالقوة؟ وبالمقابل، هل رفض السلطة وضع جدول زمني لإنهاء السلاح غير الشرعي مرده إلى رهانها على المفاوضات بين واشنطن وطهران وما سترسو عليه؟أم أنها تراهن على القضم التدريجي للدولة الذي سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية؟ ما لا يفترض إغفاله، أن من يربح في الإقليم يربح في لبنان، وبما أن 'حزب الله' هُزِم في الإقليم، فإن نهاية دوره المسلّح في لبنان باتت مسألة وقت لا أكثر، خصوصاً أن الوضع في المنطقة يشهد تحولاً معاكساً للمسار الممانع السابق، ولن تنفع طويلاً محاولات 'الحزب' فصل لبنان عن المنطقة أو عزله عنها، فيما العزلة الحقيقية الداخلية والخارجية تصيب 'الحزب' نفسه وليس لبنان، الذي أعاد ترميم جسور علاقاته مع الغرب والشرق. إن 'فرصة العمر' التي تحدّث عنها الرئيس الأميركي تحقّقت مع زوال مشروع الممانعة الذي تقطّعت أوصاله، ولا حياة لدور 'حزب الله' طالما أن مشروعه الإقليمي انتهى، ولكن السؤال الذي لا بدّ من طرحه: هل ستسهِّل هذه المجموعة 'فرصة العمر' لعودة لبنان سويسرا الشرق، أم ستعرقلها؟


IM Lebanon
منذ 4 أيام
- سياسة
- IM Lebanon
هل من مخاوف من تفويت لبنان 'فرصة العمر'؟
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن': قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال القمة الخليجية الأميركية في العاصمة السعودية أن 'لدى لبنان فرصة حقيقية لمستقبل خالٍ من 'حزب الله'، وفرصة لبنان تأتي مرة في العمر ليكون مزدهراً'. والفرصة بعلم السياسة، هي المومنتم الذي لا يجب إضاعته، والمومنتم الحالي لا يوصّف حتى بالمثالي، كونه أكثر من مثالي، إذ من كان يتوقّع حصول الانهيارات كلها دفعة واحدة، بدءاً من إيران، وصولاً إلى أذرعها، وما بينهما أن يطوّق 'حزب الله' في الداخل جغرافياً ووطنياً وسياسياً؟ وما يجب تأكيده بداية ، أن هدر الفرصة الذهبية، لا سمح الله، لا يعني العودة بلبنان إلى ما قبل 'حرب الإسناد'، فهذه العودة ممكنة فقط بأحلام 'حزب الله' وتمنياته، ولكن على أرض الواقع الزمن الماضي مضى إلى غير رجعة، والحمد لله، انطلاقاً من اللاءات التالية: لا إسرائيل في وارد إعادة ترك 'حزب الله' يراكم قوته من جديد، وما تقوم به يومياً بقتل كوادره، منذ وقف الحرب في 27 تشرين الثاني، مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، لن يتوقّف، وهو لا يجرؤ على الرد كونه لا يستطيع الردّ. ولا سوريا الشرع في وارد التساهل مع محاولات عبور الحرس الثوري من أراضيها إلى لبنان من أجل مده بالمسلحين والسلاح، والرئيس الشرع ليس بحاجة إلى توصية من الأميركيين لمنع تواجد الحرس و'حزب الله' في سوريا، فهو كأن أول من طرد ميليشيات إيران انتقاماً على ما ارتكبته بحق الشعب السوري. ولا الولايات المتحدة ستسمح لإيران باستعادة دورها الخارجي المزعزع لاستقرار المنطقة، والإدارة الترامبية تضع جهودها كلها لإقفال ملفات النزاع مع طهران في حدود أشهر قليلة: النووي، الدور والصواريخ الباليستية. ولا الدولة اللبنانية التي أصبحت أقوى من 'الحزب' ستتهاون مع أي أمر واقع عسكري يحاول فرضه أو اللجوء إليه، وواقعة إقفال طريق المطار أكبر دليل أنه لم يعد باستطاعته إقفال مجرّد طريق. وعليه، فإن المقصود بهدر الفرصة التاريخية والذهبية ليس العودة إلى ما قبل 'حرب الإسناد'، إنما استمرار حالة المراوحة الوطنية والسياسية والمالية والاقتصادية والاستثمارية، وهذه الحالة مرشحة للاستمرار في ظل حلقة مقفلة ناتجة عن رفض مثلّث: رفض المجتمع الدولي مساعدة لبنان قبل احتكار الدولة وحدها للسلاح، رفض الدولة بسط سيطرتها بالقوة على رغم تأكيدها المستمر على ضرورة بسط سلطتها على كامل أراضيها، ورفض 'حزب الله' إنهاء مشروعه المسلّح على رغم انسداد أفق استخدام سلاحه إقليمياً ومحلياً. والمؤسف في هذا المشهد، أن المنطقة دخلت في عصر جديد ومرحلة جديدة، فيما لبنان ما زال خارج هذا المشهد، والخشية هذه المرة ليست من عودة عقارب الساعة إلى الوراء، فلا عودة بتاتاً إلى الوراء، إنما من المراوحة في الفشل وعدم التقدُّم إلى الأمام، ويرتكب 'حزب الله' على هذا المستوى جريمة إضافية بحقّ اللبنانيين عموماً وبيئته خصوصاً، بسبب تمسكه بسلاح فقد دوره وصلاحيته، ويتحمّل مسؤولية الخروقات الإسرائيلية واستهدافه المتواصل، من دون أن تكون له القدرة على الردّ عليها وحتى الدفاع عن نفسه، وهذا الوضع، مرشّح للاستمرار إلى أن تبسط الدولة سلطتها، وما لم تبادر إلى بسط سلطتها يعني أن لا مساعدات ولا وقف للضربات الإسرائيلية، فتكون المنطقة انتقلت إلى حقبة الاستقرار، وبقي لبنان وحيداً بؤرة غير مستقرة، والفارق هذه المرة عن المرات السابقة، أنها ساحة معزولة وغير قادرة على التأثير على الساحات الأخرى، أي أن ضررها يرتد على اللبنانيين حصراً. وانطلاقاً من ذلك، فلا المبالغة في التشاؤم صحيحة، ولا المبالغة في التفاؤل دقيقة، إنما البقاء في دائرة المراوحة طالما أن 'حزب الله' لم يبادر إلى إعلان نهاية مشروعه المسلّح، وطالما أن السلطة لم تبادر إلى إبلاغه بضرورة إنهاء هذا المشروع ضمن فترة زمنية محددة، وإلا ستضطر إلى استخدام القوة معه، ولكن ما هو غير معروف بعد يكمن في التساؤلات التالية: هل ينتظر 'الحزب' الإشارة الإيرانية ليتخلى عن سلاحه؟ وماذا لو أرادت طهران أن يُبقي على سلاحه؟ وهل يراهن أن الدولة لن تجرؤ على نزعه بالقوة؟ ولماذا يتخلى عن سلاحه إذا لم يشعر أن الدولة عازمة على نزعه بالقوة؟ وبالمقابل، هل رفض السلطة وضع جدول زمني لإنهاء السلاح غير الشرعي مرده إلى رهانها على المفاوضات بين واشنطن وطهران وما سترسو عليه؟أم أنها تراهن على القضم التدريجي للدولة الذي سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية؟ ما لا يفترض إغفاله، أن من يربح في الإقليم يربح في لبنان، وبما أن 'حزب الله' هُزِم في الإقليم، فإن نهاية دوره المسلّح في لبنان باتت مسألة وقت لا أكثر، خصوصاً أن الوضع في المنطقة يشهد تحولاً معاكساً للمسار الممانع السابق، ولن تنفع طويلاً محاولات 'الحزب' فصل لبنان عن المنطقة أو عزله عنها، فيما العزلة الحقيقية الداخلية والخارجية تصيب 'الحزب' نفسه وليس لبنان، الذي أعاد ترميم جسور علاقاته مع الغرب والشرق. إن 'فرصة العمر' التي تحدّث عنها الرئيس الأميركي تحقّقت مع زوال مشروع الممانعة الذي تقطّعت أوصاله، ولا حياة لدور 'حزب الله' طالما أن مشروعه الإقليمي انتهى، ولكن السؤال الذي لا بدّ من طرحه: هل ستسهِّل هذه المجموعة 'فرصة العمر' لعودة لبنان سويسرا الشرق، أم ستعرقلها؟


IM Lebanon
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- IM Lebanon
المواطن الإيراني والمشهد السعودي
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن': تصدّرت المملكة العربية السعودية المشهد الدولي والإقليمي مع الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب خارج بلاده في مطلع ولايته الثانية، وقد أراد من خلالها توجيه رسالة واضحة المعالم بأن الرياض هي الحليف الاستراتيجي لواشنطن، وأن السعودية تشكّل الركيزة الأساسية للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. وقد تحوّلت السعودية في السنوات الأخيرة إلى أوروبا الشرق الأوسط، حيث كانت العواصم والمدن الأوروبية تستضيف المؤتمرات والاجتماعات والمحادثات لصناعة الحلول والتسويات، فيما تتولّى الرياض اليوم هذا الدور باستضافتها لقاءات أميركية – روسية وأميركية – أوكرانية لإنهاء الحرب الأوكرانية، ودخلت على خط معظم النزاعات محاولةً الدفع باتجاه إيجاد الحلول المطلوبة لها، مستندة إلى إمكاناتها وعلاقاتها مع عواصم القرار برمتها. والدول العربية بحاجة ماسّة للدور القيادي والريادي للمملكة العربية السعودية لثلاثة أسباب أساسية: الأول، لأنّها مؤمنة بالدول الوطنية السيدة والمستقلة وفقاً لحدودها الدولية بعيداً من التدخلات في شؤونها وشجونها، وبعيداً من المشاريع التوسّعية تحت عناوين قومية ودينية وعقائدية، وحرصاً على أن تقرِّر كل دولة مصيرها انطلاقاً من مصلحة شعوبها وأوطانها. الثاني، لأن الدول التي لديها أطماع توسّعية في الشرق الأوسط وفي طليعتها إيران من مصلحتها استفراد الدول العربية وألا تكون هناك دولة – قائدة أو دولة – مرجعية، وذلك تحقيقاً لأهدافها التوسّعية، وهذا ما حصل بوضع يدها على خمس ساحات عربية (اليمن، العراق، سوريا، لبنان وغزة)، وبالتالي الدور القيادي للمملكة يقطع الطريق على كل دولة تريد التوسُّع على حساب الدول العربية. الثالث، لأنه من الصعوبة على الدول العربية بإمكاناتها المتواضعة أن تقيم شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية وعواصم القرار تحقيقاً لمصلحة الدول العربية بالأمن والأمان والاستقرار، فيما الرياض قادرة على ذلك وتحولّت إلى شريكة لواشنطن والعواصم المؤثرة، الأمر الذي يشكل مظلة أمان للدول العربية. وتؤكد مشهدية السعودية على قيامة الشرق الأوسط الجديد، وهو الشرق الأوسط السعودي والعربي وليس الإسرائيلي، كما يدعّي المحور الإيراني الذي يستخدم إسرائيل كذريعة لتحقيق مشاريعه التوسعية. فالشرق الأوسط القديم، هو الحروب التي خاضتها إيران وتخوضها بهدف السيطرة على الدول العربية، والتحكُّم بسياسات المنطقة، فيما الشرق الأوسط الجديد هو الذي تنتهي فيه الأدوار التوسعية التخريبية وآخرها الدور الإيراني. وقد دفعت المنطقة غالياً ثمن الهجوم الهمجي في 11 أيلول 2001، حيث شهدت المرحلة التي تلت هذا الهجوم صعوداً للدور الإيراني التخريبي الذي زعزع استقرار الشرق الأوسط وسيطر على خمس ساحات عربية، ولولا 'عجيبة السنوار' لكانت السيطرة الإيرانية توسّعت، وكانت شعوب الدول التي تتحكّم إيران بقراراتها ما زالت مخيرة بين الذلّ والهجرة. وجاءت مشهدية السعودية لتثبِّت التحوّلات التي بدأت على أثر 'حرب الطوفان'، حيث دخلت المنطقة في عصر وزمن ومرحلة جديدة، الرابح الأكبر فيها هو الإنسان في هذه المنطقة الذي سينعم بالأمن والأمان والاستقرار، والخاسر الأكبر فيها هو إيران التي انتهى مشروعها التوسّعي الذي استثمرت فيه بمئات مليارات الدولارات على حساب شعبها وحقه بالحياة الكريمة. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ما هو شعور المواطن الإيراني عندما يقارن الدور السعودي العالمي بدور دولته الإيرانية المعزولة؟ وما هو شعوره عندما يرى المواطن السعودي يعيش في استقرار وبحبوحة، فيما هو يعيش في الفقر والعوز وعدم الاستقرار؟ وما هو شعوره عندما يرى رئيس أكبر دولة في العالم يبدأ جولاته الخارجية من السعودية، فيما دولته تعيش في عزلة ما بعدها عزلة، وعقوبات ما بعدها عقوبات؟ وما هو شعوره عندما يرى أن الاستثمار الأكبر في السعودية هو في الإنسان وحياته ورفاهيته والذكاء الاصطناعي، فيما الاستثمار الأكبر لدولته الإيرانية هو في الحروب والموت على حسابه وحقه في الحياة الكريمة؟ الشعب الإيراني شعب حي ويحبّ الحياة وقد انتفض في ثورة خضراء ومن ثم في ثورة دفاعاً عن المرأة وحقوقها، وتمّ قمعه بوحشية في المرتين، ولكن في حال لم تبدِّل إيران سياساتها وأولوياتها إن بعد انتهاء دورها الإقليمي بالقوة، أو بعد النهاية الحتمية لدورها النووي قريباً، فإن الانتفاضة الثالثة ستكون ثابتة ولن يتمكّن النظام من قمعها، خصوصاً أن هذا الشعب، الذي لديه تاريخه وحضارته، يرى من حقه أن يستعيد دوره بين الأمم كدولة أولويتها شعبها ورفاهيته وتُنافس حضارياً في صناعة المستقبل للشعب الإيراني، وتكون نموذجاً للتقدُّم والحداثة والتطوير، تقدُّم المنطقة والإنسانية، وليس نموذجاً معزولاً للموت والحروب.


IM Lebanon
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- IM Lebanon
3 أبعاد لأول انتخابات بعد 'حرب الإسناد'
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن': تصحّ في بعض المحطات التاريخية مقولة ما قبل وما بعد، حيث تشهد تحولات جذرية تؤدي إلى سقوط الستاتيكو الذي كان قائماً، وتنقل مجرى الأحداث ومسارها باتجاهات أخرى مختلفة تماماً بمعزل عن نتائجها ونهائياتها، ومن الأمثلة على ذلك أحداث 11 أيلول 2001 وإسقاط الرئيس صدام حسين وخروج جيش الأسد من لبنان وصولاً إلى حربي 'الطوفان' و'الإسناد'. ويصح في 'حرب الإسناد' القول إن ما قبلها غير ما بعدها، فما قبلها كان يُمسك 'حزب الله' بالحدود وقرار الحرب ويسيطر على الأرض ويشنّ الحروب متى يشاء ويتمدّد على جسم الدولة وخريطة البلد كالأخطبوط، وما بعدها فقد سيطرته على الحدود والأرض وقرار الحرب ولم يعد بإمكانه توريط البلد بالحروب، وبدأت الدولة للمرة الأولى منذ إقرار 'وثيقة الوفاق الوطني' تستعيد دورها ومقوماتها وسلطتها واحتكارها وحدها للسلاح. وفي هذا المناخ بالذات تجرى الانتخابات البلدية والاختيارية في جولاتها المتتالية، وهي أوّل انتخابات تحصل في لبنان بعد 'حرب الإسناد'، أي بعد الحرب التي أفقدت 'الحزب' دوره العسكري الذي حال دون قيام دولة فعلية، وأهمية أوّل انتخابات بعد الإسناد تكمن في الآتي: أولاً، لم يعد التحدّي الأساسي في لبنان من طبيعة وجودية خلافاً للواقع الذي كان قائماً منذ سقوط الدولة في العام 1975، إذ لا أولوية تعلو على أولوية الوجود والحياة الحرة والكريمة، ولا أولوية تعلو على أولوية وجود دولة تتحمّل مسؤولياتها في إدارة البلد تطبيقاً للدستور وحماية التعدُّد القائم وتوفير الأمن والأمان للمواطنين، فيما كان الشعور دوماً بالغلبة في ظل وجود فريق يخيِّر الناس بين العيش بشروطه، وبين الهجرة، وشروطه تعني الحروب والفوضى والإلغاء والقمع وتغييب المؤسسات(…). وأظهرت الأحداث منذ 50 عاماً أن كل ما بني تمّ تدميره، لأنه كالحمل خارج الرحم، فلا بناء خارج دولة فعلية، وهذا فضلاً عن شعور شرائح واسعة من اللبنانيين بأنها مهددة وجودياً، أي أن استمراريتها في هذا البلد مهددة في ظل مشروع توسعي يُمسك بقرار الدولة ويتمدّد على الأرض بهدف تغيير الوقائع الديموغرافية ليتمكّن مع الوقت من إحكام سيطرته على البلد إلى الأبد. وعلى رغم أن الانتخابات البلدية والاختيارية تختلف عن الانتخابات النيابية التي تنبثق منها السلطة وإدارة البلد وقيادته، ودور هذه الإدارة أساسي جداً بين قيادة تسلِّم قرار البلد لفريق الأمر الواقع، وبين قيادة تقود البلد تطبيقاً للدستور والميثاق، إلا أنه على رغم ذلك فإن اهتمامات الناس في هذه الانتخابات تبدّلت من وجودية إلى إنمائية وتطويرية وتحديثية، والانقسام الوطني الفعلي لم يعد بين دولة ودويلة بعد أن زالت مقومات الدويلة، ولا يفيد بشيء أن يتمسّك أصحاب مشروع الدويلة بمشروعهم طالما أن إمكانات فرضه لم تعد متوافرة. ثانياً، لم يعد الانقسام داخل البيئة المسيحية بين الخط المؤيد لمحور الممانعة، وبين الخط المسيحي التاريخي الذي يريد دولة وحياداً وشراكة فعلية، لا صورية، تحترم التعدُّد بعيداً عن محاولات ضربه، وبالتالي للمرة الأولى منذ العام 2006 ينتقل الانقسام المسيحي من الانقسام العمودي بين خطّين وتوجّهين، إلى التنافس الطبيعي تحت سقف الدولة. وليس تفصيلاً أن الخط الوطني التاريخي للمسيحيين بقي موحداً بأكثريته الساحقة قبل الحرب وإبانها وبعدها إلى حين توقيع 'التيار الوطني الحر' التفاهم مع 'حزب الله'، فأخذ المسيحيين إلى خيارات لا تشبه تاريخهم ولا تطلعاتهم ولا رؤيتهم وتهدِّد وجودهم واستمراريتهم، ولكن بعد أن اندحر المحور الممانع لم يعد من خيار إلا الدولة، إلا أن كلفة هذا الانقسام كانت باهظة، إنما من الضروري التمييز بين التعدُّد داخل البيئة المسيحية، وهو أمر صحي للغاية ويجب تحصينه وتعميمه، وبين الانقسام حول رؤى وطنية، وقد ظهّرت الانتخابات هذا التعدُّد تحت سقف الخط الوطني التاريخي للمسيحيين الذي شكلّت 'القوات اللبنانية' رأس حربته. ثالثاً، إن زوال الخطر الوجودي الذي يهدِّد اللبنانيين ودولتهم حوّل ويحوِّل الانتخابات البلدية والاختيارية من انتخابات تنافسية بأبعاد سلطوية أو 'وجاهاتية'، إلى انتخابات بأبعاد إنمائية حقيقية، لأنه لم يكن بالإمكان تحقيق الإنماء المطلوب في ظل دولة شكلية 'يعشعش' فيها الفساد وقرارها خارجها، فيما تطوير العمل البلدي أصبح ممكنا مع استرداد الدولة دورها وقرارها، خصوصاً أن البلديات هي كناية عن حكومات محلية، وفي ظل وعي لبناني رسمي وشعبي بأن اللامركزية هي المعبر الإلزامي للإنماء والتخلُّص من الحرمان. ما يحصل منذ انتخاب الرئيس جوزاف عون وتكليف الرئيس نواف سلام وتأليف الحكومة كان يجب أن يحصل بعد انتهاء الحرب، ولكن اليد الأسدية ومن ثم الخامنئية حالتا دون ذلك، ما جعل البناء الذي كان قائماً مجرّد بناء شكلي وصوري طالما أن قرار الدولة كان مخطوفاً ومصادراً، ولكن بعد 35 عاماً من التأخير يعاد اليوم بناء مداميك الدولة في قطاعاتها كلها، وصولاً إلى أوّل انتخابات تجرى بعد 'حرب الإسناد' التي بدّلت جذرياً في ثلاثة أبعاد: البعد الوطني حيث لم يعد خطر الدويلة يهدِّد ما تبقى من الدولة؛ البعد المسيحي الذي انتظم بأكثريته الساحقة تحت سقف الخط الوطني التاريخي للمسيحيين؛ البعد الدولتي المؤسساتي حيث استعادت الدولة دورها الخارجي والحدودي والناظم لإدارة البلد، وتحوّلت الانتخابات مع هذا التبدُّل البنيوي إلى أداة تغيير حقيقية قادرة على تطوير حياة الناس وتحديثها، ونقل لبنان من الدولة الفاشلة، إلى الدولة الناجحة.


صوت لبنان
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- صوت لبنان
الحوار لبحث 'الهواجس والضمانات'
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن': ما يجب تأكيده بداية أن ازدواجية السلاح التي بدأت منذ منتصف ستينات القرن الماضي خربت لبنان، ولا حلّ سوى في إنهاء هذه الازدواجية واحتكار الدولة وحدها للسلاح، والوضع الذي نشأ بعد اتفاق الطائف كان شاذاً وسببه تقاسم النفوذ السوري والإيراني الذي حال دون تطبيق هذا الاتفاق وإبقاء لبنان ساحة لمشاريعهما الإقليمية، وبالتالي كل ما نتج عنه من مقاومة وغيره شكل انقلاباً على 'وثيقة الوفاق الوطني' ولا علاقة للبنان واللبنانيين به. وما يجب تأكيده أيضاً أن إنهاء ازدواجية السلاح لا يكون بالحوار، إنما من خلال تنفيذ الدستور الذي تمّ الانقلاب عليه وتجميده وعدم تطبيق شقه السيادي، وخيراً فعل رئيس الجمهورية بأنه أخذ على عاتقه هذه المهمة بالتواصل مع 'حزب الله' من أجل وضع جدول زمني قصير لتفكيك بنية 'الحزب' العسكرية. فالحوار لا يكون على قضايا غير مشروعة ومخالفة للانتظام العام نشأت في ظروف احتلالية، ومجرّد الحوار حول هذه القضايا يمنحها المشروعية من جهة، والمبرِّر لاستمرارها في ظل الخلاف حولها من جهة أخرى، فيما المطلوب على هذا المستوى تنفيذ الدستور ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، وهذا ما يجعل الحوار حول السلاح خطيئة لا خطأ فقط. وعندما قيل للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أن الجيش يتسلّم تباعاً مواقع 'حزب الله' العسكرية، سألت لماذا لا يعلن عن ذلك صراحة بما يُطمئن اللبنانيين ويعزِّز صورة الدولة، فقيل لها حرصاً على معنويات 'الحزب' الذي من الصعوبة عليه أن يتقبّل أمام بيئته أولاً إنهاء مشروعه المسلّح، وبمعزل عن جوابها، فإن 'الحزب' بنى صورته كلها حول ما اصطلح على تسميته بالمقاومة وما يتفرّع عنها من حروب وخطاب قائم على الحرب حصراً، فلم يقدِّم نفسه كحالة تغييرية وتطويرية وتحديثية، ومع انتزاع هذا المصطلح منه، والذي أخذه بقوة الأمر الواقع، يفقد صورته وهيبته ويُصبح بلا دور ولا وظيفة، وهذا ما يصعِّب الأمور عليه، ويدفع البعض إلى البحث في كيفية حفظ ماء وجهه، ولكن من دون المساومة على احتكار الدولة للسلاح. وانطلاقاًّ من مقولة 'ما بني على باطل فهو باطل'، فإن كل ما بني منذ العام 1991 تحت مسمى المقاومة كان باطلاً، وما يجب أن يكون موضع تقدير لدى 'حزب الله' أن القوى السياسية المعارضة له تكتفي بإنهاء مشروعه المسلّح تحقيقاً للمساواة وإفساحاً في المجال أمام مشروع الدولة ليشق طريقه ومن دون المطالبة بمحاسبته على هدره 34 عاماً من حياة اللبنانيين، ولا مطالبته بالتعويض على الشعب اللبناني جراء كل ما أصابه من موت ودمار وخراب، وعدم المطالبة لا تنم عن ضعف ولا عن عدم قدرة، إنما انطلاقاً من فهمها العميق للتركيبة المجتمعية ورغبتها الحقيقية في طي صفحة الانقلاب على الطائف وفتح صفحة جديدة. ولكن هذا الفهم العميق يستغله 'حزب الله' بمواصلة التحريض ضد الدولة وتمنينه اللبنانيين بدوره وما يدعي أنه قدمه، فيما المعادلة يجب أن تكون معكوسة لجهة شكر 'الحزب' للبنانيين بسبب تعاملهم معه على قاعدة 'عفا الله عما مضى' بدلاً من محاسبته ومطالبته بالتعويض. وهناك من يعتبر أن المطالبة بالمحاسبة والمساءلة والمحاكمة والتعويض تؤدي إلى مزيد من الشرخ والانقسام والتوتر، فيما العكس هو الصحيح كونها تسهِّل على 'الحزب' إنهاء مشروعه المسلّح، وتجعل جمهوره يتأقلم بسرعة مع مشروع الدولة، وهذا ما يستدعي نقل النقاش من جدوى سلاح 'الحزب' وعدم جدواه، إلى تخييره بين محاسبته وبين العفو عنه، لأنه خلافاً للحرب اللبنانية التي فرضت على الجميع واستدعت العفو عما مضى، فإن 'الحزب' تعمّد قهر اللبنانيين وإذلالهم وإخضاعهم في سياق المشروع الإيراني التوسعي. ويدرك 'حزب الله' تمام الإدراك أنه مع النتائج العسكرية لـ 'حرب الإسناد' وسقوط نظام الأسد وجلوس طهران حول طاولة المفاوضات مع واشنطن، أصبح ملزماً بإنهاء مشروعه المسلّح، وبالتالي، لم يعد التذاكي والتشاطر وشراء الوقت تنفع، ولذلك، فإنه بالتوازي مع المسار التنفيذي الذي بدأه رئيس الجمهورية مع 'حزب الله' من أجل احتكار الدولة وحدها للسلاح ضمن مهلة زمنية قصيرة، من المفيد أن يدرس الرئيس جوزاف عون جدياً فكرة الدعوة إلى حوار في مقر الرئاسة الأولى بالعنوان الذي كان وضعه النائب علي فياض: 'تبادل الهواجس والضمانات من أجل إعادة بناء التفاهمات الوطنية'، وبذلك تكون الرسالة لـ 'الحزب' واضحة: لا حوار حول السلاح الذي تحتكره الدولة وحدها، والحوار مفتوح ما دون سقف الدولة بما يبدِّد هواجس الجماعات ويحصِّن الواقع اللبناني ويرسِّخ الاستقرار وفقاً لقواعد المساواة والشراكة ونبذ العنف وإسقاط كل مشاريع الغلبة وتغيير هوية لبنان التعددية ودوره الحيادي.