logo
#

أحدث الأخبار مع #صدق

مذهب النفاق.. من البراغماتية إلى التزييف الكامل
مذهب النفاق.. من البراغماتية إلى التزييف الكامل

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • الجزيرة

مذهب النفاق.. من البراغماتية إلى التزييف الكامل

في عالم تتبدل فيه المبادئ كما تتبدل الوجوه في زحام المصالح، لم يعد النفاق مجرد سلوك معزول يُذم في الأخلاق، بل تحوّل إلى آلية بقاء تمارَس بذكاء مدهش، وتغلَّف أحيانًا بشعارات برّاقة عن المرونة، والواقعية، والذكاء الاجتماعي. في زمن التناقضات الكبرى، يصير الكذب بضاعةً رائجةً، ويغدو الصدق رهانًا خاسرًا. ومع الوقت، تتآكل الفروق بين البراغماتية المشروعة والتزييف الكامل، حتى يصبح النفاق نمطًا رائجًا من أنماط التفكير والسلوك، لا يثير استهجانًا، بل يُحتفى به. البراغماتية، وقد نشأت كفنّ للتكيف مع الواقع وتجاوز تناقضاته، انزلقت تدريجيًّا إلى ذريعة للانفصام الأخلاقي. بات الإنسان يفصل بين ما يقول وما ينوي، وبين ما يفعله وما يؤمن به رحلة النفاق في اللغة والأخلاق لم يعد ينظر إلى النفاق بوصفه خيانةً للذات أو نكوصًا عن المبدأ، بل أعيد إنتاجه في قوالب جديدة أكثر قبولًا: "الذكاء الاجتماعي"، "السياسة الواقعية"، "اللباقة الضرورية".. تغير الاسم، وبقي الفعل على حاله: قلب الحقائق بمهارة، وتبديل الأقنعة بتوقيت مدروس تمليه المصلحة، حتى صار النفاق يروج له بوصفه فنًّا للبقاء في عالم لا يكافئ الصدق، بل يدفع بالصادق إلى هامش المشهد. وهكذا، تراجع الصدق من مقام الفضيلة البديهية إلى خانة الخيار المكلف، خيار تُسلب فيه السكينة، ويقايَض فيه بالمكانة، ويُراهن فيه على الوجود نفسه. البراغماتية، وقد نشأت كفنّ للتكيف مع الواقع وتجاوز تناقضاته، انزلقت تدريجيًّا إلى ذريعة للانفصام الأخلاقي. بات الإنسان يفصل بين ما يقول وما ينوي، وبين ما يفعله وما يؤمن به، حتى أفرغت الأقوال من صدقها، والأفعال من دلالتها.. وما كان يقال في ميدان السياسة عن "البراغماتية"، بات يقال الآن في العلاقات، وفي دهاليز المؤسسات، وحتى في منابر الوعظ! شيئًا فشيئًا، تسلل النفاق من هامش الأخلاق إلى مركز القرار النفسي والثقافي، حتى غدا قاعدةً صامتةً يتكئ عليها العقل الجمعي، ويُغض الطرف عنها تحت عنوان "الحكمة" و"النضج". السوق يطلب المزيف.. حين يصبح النفاق اقتصادًا ناعمًا لم يعد النفاق ترفًا شخصيًّا، بل تحول إلى ضرورة تسويقية! في الفضاءات الرقمية، تتكاثر الأقنعة: ابتسامات لا تعكس شعورًا حقيقيًّا، وذوات مصطنعة تروج بعناية. كل "إعجاب" مزيف، وكل مجاملة بلا صدق، تغذية لنظام ناعم من التزييف، تخلت فيه الحقيقة عن مكانها لصالح التأثير اللحظي. في هذا السوق، لا مكان للأصالة، بل للأكثر قدرةً على أداء الدور المناسب في الوقت المناسب! ولأن الجماهير تفضل المظهر على الجوهر، أصبح النفاق أداةً للترقي، والصراحة عبئًا لا يتحمله من يسعى إلى النجاح في بيئة مشروطة بالأداء، لا بالصدق. الصدق -رغم كلفته- هو القيمة الوحيدة التي تُكسبك احترام الذات؛ والتمسك بنزاهتك أيضًا شكل من أشكال العصيان الهادئ، والثبات الأخلاقي وسط عالم يتلون كل صباح المجتمع المنافق.. خداع متبادل باسم الفضيلة في مجتمعات ترفع شعارات سامية، وتغرق في ممارسات نقيضة، لم يعد النفاق استثناءً، بل نظام حياة مستقرًا، ترعاه العادة ويكافئه الواقع. الجميع يتحدث عن الشرف، لكن قلةً من الناس تلتزم به حين يغيب الرقيب، وترفع رايات العدالة في مؤتمرات تدار بأكثر الأساليب إقصاءً ونفاقًا، وتنشر صور الكرم على موائد مفرطة في التبذير، فيما الجار لا يجد رغيفًا. هذه الازدواجية لا تعد انحرافًا عارضًا، بل نمطًا متجذرًا من التناقض الجمعي، إذ يتعلم الناس منذ الصغر أن يقولوا ما لا يفعلون، وأن يُظهروا غير ما يضمرون. والمفارقة أن الجميع يعلم، لكن أحدًا لا يعترض، وكأن النفاق صار فضيلةً توافقية. ازدواجية التكوين.. تربية الصدق ومعاقبة الصادق يعيش الفرد في هذا المناخ بين قطبين متنافرين: ضمير داخلي يطلب الصدق، وواقع خارجي يشترط الأقنعة. يطالَب المرء بأن يكون صريحًا مع نفسه، متصالحًا مع ذاته، لكنه يدرَّب -في المقابل- على المواربة منذ نعومة أظفاره. تقول له المدرسة: "كن حرًا"، ثم تعاقبه إن فكر خارج المألوف! وتقول له الأسرة: "قل الحق"، ثم توبخه إن صدح بما لا يرضيها! وهكذا ينمو الإنسان على مفارقة قاتلة: أن يكون ذاته سرًّا، ويمثل غيرها علنًا! وفي هذا التمزق الصامت، تتآكل الذات تدريجيًّا، حتى يتحول النفاق من سلوك خارجي إلى قناعة داخلية وتبرير راسخ. الوعي بوصفه مقاومةً هادئةً للنفاق قد لا نستطيع القضاء على النفاق تمامًا، لكننا نملك أن نفضحه.. أن تقول الحقيقة -ولو بينك وبين نفسك- هو أول فعل مقاومة، وهو أيضًا إثبات على أن الإنسان لا يُختصر فيما يفرضه السوق أو المجتمع. وأن تعترف بأن العالم يكافئ المزيفين، لكنك لا تريد أن تكون منهم، هو بداية تحرر. الصدق -رغم كلفته- هو القيمة الوحيدة التي تُكسبك احترام الذات؛ والتمسك بنزاهتك أيضًا شكل من أشكال العصيان الهادئ، والثبات الأخلاقي وسط عالم يتلون كل صباح.. وهكذا تقف على الضفة الصحيحة من التاريخ، حتى لو كنت وحدك. النفاق ليس مجرد خلل أخلاقي، بل هو أزمة وعي عميقة.. وما دام الإنسان يبرر لنفسه الكذب الصغير كوسيلة للبقاء أو التكيف، فهو ماضٍ -لا محالة- نحو التبرير الأكبر: خيانة القيم باسم الحكمة. البراغماتية الحقيقية لا تناقض المبادئ، بل تعرف كيف توفق بين الوضوح والفاعلية، أما النفاق فهو انهيار داخلي بطيء؛ يبدأ بعبارة لطيفة لا تعبر عن شيء، وينتهي بعالم يكافئ الزيف ويقصي الحقيقة. البراغماتية التي لا تراعي الأخلاق تتحول إلى مكر ناعم، بينما الصدق هو وحده الذي ينجو من محارق الزيف، ويصمد كحقيقة لا تبهت! وفي زمن تباع فيه الأقنعة أرخص من الحقيقة، يبقى الصادقون قلةً نادرة، لكنهم يشكلون الضمير الذي لا يموت. وإن كان الصدق لا يعلو في ضجيج الزيف، فإنه يظل النغمة الوحيدة التي لا تشوبها الأقنعة. وفي وجه هذا الانحدار، يظل الإنسان الصادق هو الحقيقة النادرة، والموقف الذي لا يُنسى، والصوت الذي قد لا يعلو، لكنه يظل واضحًا في ضمائر من اختاروا ألا يتورطوا في خداع أنفسهم.. وأعلم أن التزييف لا يصنع نصرًا، ولو انكسرت الأكف من التصفيق.

"صدق" تتكبد خسائر بقيمة 9.4 مليون ريال في الربع الأول 2025
"صدق" تتكبد خسائر بقيمة 9.4 مليون ريال في الربع الأول 2025

مباشر

timeمنذ 4 أيام

  • أعمال
  • مباشر

"صدق" تتكبد خسائر بقيمة 9.4 مليون ريال في الربع الأول 2025

الرياض – مباشر: ارتفعت صافى خسائر الشركة السعودية للتنمية الصناعية "صدق" بنسبة 680% خلال الربع الأول من العام الجارى مقارنة بالربع المماثل من العام الماضى. وأوضحت الشركة في بيان على "تداول" اليوم الخميس، أن صافي الخسائر بلغت 9.44 مليون ريال خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة بخسائر قدرها 1.21 مليون ريال في الفترة نفسها من العام الماضي. وأظهرت النتائج المالية انخفاض الإيرادات بنسبة 44% لتسجل 24.16 مليون ريال، مقابل 43.18 مليون ريال في الربع الأول من العام السابق. وعلى أساس ربعى، تحولت الشركة من ربح صافٍ قدره 3.16 مليون ريال في الربع السابق إلى خسائر في الربع الأول من 2025. وبلغت الخسائر المتراكمة بنهاية الربع الأول من 2025 نحو 14.84 مليون ريال، ما يعادل 11% من رأس المال. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store