logo
#

أحدث الأخبار مع #عبدالإلهحمدوشي

السياسة بالحمير!
السياسة بالحمير!

الأيام

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الأيام

السياسة بالحمير!

السياسة بالحمير! نشر في 2 مايو 2025 الساعة 17 و 32 دقيقة نقف هنا لحظة تأمل: قد يُستنكر كلامه ويوصف بأنه 'غير أخلاقي' ويناقض مرجعية حزبه الإسلامية، وقد يُعتبر خرقا لأعراف الخطاب السياسي الرسمي، لكنه بلا شك يصل إلى الناس، ويؤثر فيهم… عبد الإله حمدوشي في السياسة، لا يصنع التأثير بالبرامج وحدها، بل باللغة التي تُقال بها تلك البرامج.. بعض السياسيين يُراهنون على الأرقام وعلى البيانات وعلى الصمت المحسوب، بينما عبد الإله بن كيران يراهن على شيء آخر: الكلمة الحية، والنكتة المفاجئة أو السمجة أحيانا، والاستعارات المستقاة من قلب الحياة اليومية.. إنه رجل لا يكتب خطبه مستشار تواصل، بل يصوغها هو من مخزونه الشعبي ومن ذاكرته التي تحفظ أسماء الناس ورموز الحي وحتى أسماء الحيوانات.. يكفي أن يتحدث وأن يفتح قوسا من الحكي العفوي، حتى يجد آذانا صاغية.. فعلى الرغم من أن خطابه لا يمر دائما دون اعتراض، لكنه يترك أثرا ويخلق نقاشا ويمنح السياسة نكهة لا نجدها في اللغة الخشبية للعديد من السياسيين… لا أحد مثله استعمل الحيوانات في الخطاب السياسي للعب على وتر المخيال الشعبي، وقد احتل 'الحمار' مكانة شبه رمزية في خطبه من تشبيهه بالوسطية حين قال إنها 'ما دون البغل وفوق الحمار'، إلى دفاعه الشهير عن 'الحمير المسكينة' التي استُحضرت ضده في تظاهرة فاتح ماي سنة 2013 التي قادها حميد شباط. لكن بنكيران لا يكرر نفسه، بل يطوّع قاموسه الشعبي مع كل مرحلة سياسية.. فقبل سنوات، وصف راشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، بـ'الميكروب السياسي' و'الحميّر'، وزاد بأنه لا يفكر سوى في 'الكرمومة'.. لقد قالها بن كيران مازحا، ثم اعتذر للحمير: 'يسمحوا لينا الحمير إذا عايرناهم'. هذا النوع من الخطاب لا يُصاغ في تقارير مراكز التفكير، ولا يُدرس في دورات التواصل السياسي، لكنه يعيش طويلا في ذاكرة المغاربة.. ليس لأنه خطاب أخلاقي وراقِ.. ولكن لأنه خطاب لا يستهدف النخب بقدر ما يخاطب اللاوعي الجماعي، حيث 'الحمار' ليس مجرد حيوان بل رمز شائع: للغباء حينا وللصبر حينا وللتمرد أحيانا… وعندما استعمل بن كيران المفردات ذاتها ليهاجم من يدعمون التطبيع مع جرائم الاحتلال الصهيوني أو من يرفعون شعار 'تازة قبل غزة'، لم يكن بصدد توصيف بيطري أو أخلاقي، بل كان يُمارس دورا تواصليا شعبيا، رافضا تقليص البعد الإنساني للقضية الفلسطينية في وجدان المغاربة إلى شعار أو ترف أيديولوجي… وفي رده على العلمي، لم يكن غاضبا حينها بقدر ما كان ناقما على ما يمكن أن نسميه 'النسيان السياسي'، حيث ذكّر أنه هو من رشحه سابقا لرئاسة مجلس النواب، ثم لمح إلى ملفات قديمة بقوله: 'واش خلصتي الشيكات لي عليك؟'، في إحالة صادمة ومباشرة لزمن لا يموت بسهولة في ذاكرة بن كيران… لكن الرجل، كما يعرف الجميع، لا يهاجم الأفراد كأشخاص، بل ينتقد رمزية سلوكهم في سياق سياسي متحول.. فعندما يستعمل كلمات مثل 'الحمار' أو 'الميكروب'، فهو لا يتحدث بلغة السوق، بل بلغة السوق السياسية، حيث تختلط الرموز بالواقع، والتأويل بالسخرية… نقف هنا لحظة تأمل: قد يُستنكر كلامه ويوصف بأنه 'غير أخلاقي' ويناقض مرجعية حزبه الإسلامية، وقد يُعتبر خرقا لأعراف الخطاب السياسي الرسمي، لكنه بلا شك يصل إلى الناس، ويؤثر فيهم… إن بن كيران ليس بروفيسورا في التواصل المؤسساتي، بل ظاهرة تواصلية مغربية بامتياز؛ تضحك وتزعج وتثير وتحرك، لكنها لا تمر بصمت.. ففي زمن يتكلم فيه السياسيون بلغة لا تشبه الناس.. جاء بن كيران ليعيد للسياسة لسانها المغربي، بل وحمارها المغربي أيضا.. قد قالها ذات مرة ضاحكا: 'أنا ماشي ضد الحمير، الحمير كانوا صحابي'، وكأنه يريد أن يقول إنه لم يقصد من حديثه عن 'الحمير' أن يقلل من شأنهم أو يستهين بهم، بل استخدمهم كأداة سياسية للتعبير عن رفضه لبعض التصرفات السياسية التي يراها غير منطقية أو بعيدة عن الواقع.. يبدو أن بن كيران لا يهاجم الحمير بقدر ما يستهدف مواقف الأشخاص الذين يسعى إلى تسليط الضوء على تناقضاتهم بطريقة ساخرة ومستفزة حتى وإن اضطره الأمر إلى التحلل من المنظومة الأخلاقية التي يؤكد هو نفسه على ضرورة التقيد بها… قد لا يطلب بن كيران ود الجميع، لكنه يطلب أن يُفهم.. وإن استدعى الأمر.. فلن يتردد في استحضار رموز الحكاية الشعبية.. من الحمار إلى البغل.. ليقول ما لا يقوله غيره.. بأسلوب لا يُقلد وبصوت لا يُخطئه المغاربة.. مهما اختلفوا حوله.. ومهما طالبوه بضرورة الترفع عن استعمال الكلمات التي قد لا تدفع في اتجاه الرقي بمستوى النقاش السياسي في بلد يملك ما يكفي من معاول تبتغي قتل الثقة في السياسة، قبل دفنها…

الحوز: زلزال لم ينتهِ!
الحوز: زلزال لم ينتهِ!

الأيام

time١٠-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الأيام

الحوز: زلزال لم ينتهِ!

الحوز: زلزال لم ينتهِ! نشر في 10 مارس 2025 الساعة 14 و 00 دقيقة لا أحد يطالب بمعجزات، ولا أحد ينكر أن الدولة قامت بمجهودات كبيرة، لكن التحدي الحقيقي ليس في التدخل الأولي بعد الكارثة، بل في القدرة على استكمال الطريق حتى النهاية، دون ترك المتضررين عالقين في منتصف المعاناة. عبد الإله حمدوشي ليس الخطر الحقيقي في الكوارث الطبيعية نفسها، بل في تداعياتها، في البطء الذي يرافق عملية الإغاثة، في العجز عن ترميم الجراح العميقة التي تتركها الصدمات الكبرى، في جعل النسيان جزءا من الحل، لا من المشكلة. لذلك، لم يكن زلزال الحوز، الذي ضرب جنوب المغرب في لحظة خاطفة من شهر شتنبر 2023، مجرد حدث عابر، بل اختبارا حقيقيا لقدرة الدولة على التعامل مع الأزمات، ليس فقط بردة فعل آنية، بل برؤية طويلة الأمد تضمن عدم تحول المأساة إلى جرح غائر في الذاكرة الجماعية للمتضررين. اليوم، وبعد مرور شهور على الكارثة، ما زال شتاء الحوز قاسيا، يضرب بقوة سكان القرى المنكوبة، حيث المخلفات لم تعد مجرد أنقاض البيوت المهدمة، بل أصبحت وجوها شاحبة، وطفولة تائهة، وأجسادا ترتجف من البرد داخل خيام لا تصلح حتى لإيواء الأمل. صحيح أن الزلزال يدمر الحجر، لكنه لا يكسر النفوس المؤمنة بقدر الله، أما البرد، فهو ذلك القاتل الصامت الذي يتسلل إلى الأجساد الهزيلة، بلا ضجيج، بلا إنذارات وبلا إمكانية للهرب. سكان الحوز، الذين واجهوا قسوة الأرض وهي تهتز تحت أقدامهم، يجدون أنفسهم اليوم أمام معركة جديدة، لكن هذه المرة ضد الطبيعة الباردة التي لا ترحم، وضد الانتظار الذي يطول بلا أفق واضح. رجال ونساء فقدوا منازلهم، وأسر تحولت إلى لاجئة في وطنها، وأطفال يتساءلون متى تعود حياتهم كما كانت قبل الزلزال. لكن من يملك الجواب؟ المسؤولون يقدمون وعودا، والتقارير الرسمية تتحدث عن مشاريع إعمار، لكن في القرى النائية، حيث لا يصل سوى القليل مما يُقال، يبقى الواقع أكثر قسوة من الكلمات. في الأيام الأولى بعد الزلزال، رأينا مشاهد إنسانية اغرورقت لها المقل افتخارا وعزة: مواطنات ومواطنون من كل أنحاء المغرب هبّوا لنجدة إخوانهم يحملون التبرعات، ويسوقون قوافل المساعدات وحملات التضامن في اتجاه مناطق الزلزال بعفوية أظهرت أن المجتمع ما زال حيا رغم كل شيء. لكن، وكما يحدث دائما، سرعان ما تراجعت موجة التعاطف، وحل محلها بطء الإدارة، وتعقيدات البيروقراطية، وكأن الزمن لم يكن كافيا بعد لإدراك أن الأزمات تحتاج إلى سرعة التنفيذ، لا إلى دراسات مطولة ومشاريع مؤجلة. في مثل هذه الأوضاع، لا يكفي الحديث عن خطط إعادة الإعمار، بل يجب أن يشعر المتضررون بأنهم في قلب أولويات الدولة، لا مجرد أرقام تُذكر في نشرات الأخبار. فالمواطن الذي فقد منزله، لا تهمه الاجتماعات المطولة ولا الخطابات الرسمية، بل يريد سقفا يحميه من المطر، ومدرسة لأطفاله، ومستشفى يعالجه عندما يمرض. لم يعد الناس اليوم خائفين فقط من قسوة الطقس، بل من أن تُطوى صفحة زلزال الحوز كما طُويت من قبل صفحات أزمات أخرى، دون حلول جذرية تضمن عدم تكرار المأساة بنفس السيناريو. فإعادة الإعمار ليست مجرد عملية بناء، بل هي فرصة لاستعادة الثقة في مؤسسات الدولة وقدرة المغرب على حماية مواطنيه وفي أن يكون الوطن أكثر من مجرد خريطة، بل حاضنا لمن فقدوا كل شيء. لا أحد يطالب بمعجزات، ولا أحد ينكر أن الدولة قامت بمجهودات كبيرة، لكن التحدي الحقيقي ليس في التدخل الأولي بعد الكارثة، بل في القدرة على استكمال الطريق حتى النهاية، دون ترك المتضررين عالقين في منتصف المعاناة. لقد واجه المغرب -دولة ومجتمعا- كارثة طبيعية غير مسبوقة، وكانت الاستجابة الأولية في مستوى الحدث، لكن العبرة ليست بالبدايات فقط، بل بالنهايات. وإذا كان الزلزال قد دمر البيوت، فلا يجب أن يدمر الإهمال والبطء ما تبقى من صبر الناس وإيمانهم بأن بلدهم لن يتخلى عنهم. أكيد أن برد الشتاء لن يطول، لكن ذاكرة الضحايا ستظل حية، وستظل أعينهم تبحث عن إجابة واحدة: هل كان ما بعد زلزال الحوز أخطر من الزلزال نفسه؟

رمضان كان.. واليوم أصبح!
رمضان كان.. واليوم أصبح!

الأيام

time٠٧-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الأيام

رمضان كان.. واليوم أصبح!

رمضان كان.. واليوم أصبح! نشر في 7 مارس 2025 الساعة 14 و 30 دقيقة وفي كل ليلة، كان هناك بطل بيننا يغامر ويتقدم إلى الصفوف الأولى، متوقعا أنه في أي لحظة يمكن أن يدفع به إلى الخلف، ليفسح المكان لمن هم أكبر منه سنا.. وحين تنتهي الصلاة، نخرج مع جموع المصلين وكأننا كنا نصلي معهم طوال الوقت، نلحق بالكبار في طريق العودة إلى البيت، نتبادل التحايا مع كل من نعرف، كإثبات وجود وإعلان مشاركة في أداء ركعات التراويح حتى نهايتها… عبد الإله حمدوشي في الطفولة، كان رمضان حكاية أخرى تروى عبر أزقة ضيقة، حيث تختلط روائح 'الشباكية' و'السفوف' بأصوات الباعة المتجولين الذين يروجون لـ'السردين' و'الخضر الطازجة'، فيما كانت الأمهات تتبادلن 'التذويقة' عبر النوافذ، وأطراف الحديث عن كل وصفة جديدة تدخل الحي… كنا صغارا، لا نفهم فلسفة الصيام، لكننا كنا نُصر على الإمساك عن الطعام مثل الكبار، نعدّ الساعات بشغف، ونشرب الماء سرا حين لا يرانا أحد، ونفرح عندما يقال لنا: 'تبارك الله عليك منين كملت نهارك'، نشعر حينها وكأننا بلغنا منزلة العابدين والرجال الراشدين.. كنا نلعب لعبة 'الشرطة واللصوص' في الزقاق، ونركض خلف الكرة المصنوعة من جوارب قديمة أو تلك البلاستيكية التي تباع في الدكاكين بدراهم معدودة، حتى تنادينا أمهاتنا قبل الأذان: 'يالاه دخلوا.. الآذان قريب!'. عندما يؤذن المؤذن لصلاة المغرب، تتوقف الحركة، يهرع الكل للتحلق حول المائدة، تتسمر العيون على 'براد' الشاي في المائدة المرصوصة بكؤوس زجاجية قديمة، وملاعق متفرقة الأشكال، و'مسمن' يتوسط الصحن الكبير، بينما نكهة 'الحريرة' تتسلل إلى الأنوف.. كانت الإشهارات التلفزيونية تملأ الأرجاء، لكن لا أحد يهتم، فاللقمة الأولى كانت أجمل من أي إعلان.. الأب يطيل الدعاء، ونحن نلتهم ما وُجد دون أن ننتظر نهاية دعاء 'اللهم لك صمنا…'. المسجد في رمضان كان له شأن آخر.. كنا نحضر صلاة التراويح، أو على الأقل، هذا ما كان يعتقده أهلنا.. والحقيقة أننا كنا نذهب لنلعب في الصفوف الخلفية، حيث المساحة واسعة والأعين أقل مراقبة.. نبدأ الصلاة في البداية بوقار مصطنع، نقف بين المصلين، نركع ونسجد، لكن سرعان ما تجرّنا المغامرة إلى التراجع إلى الخلف والتقافز بصمت خلف الأعمدة، أو التسلل إلى مكان الأحذية بحثا عن 'أحسن بلغة' نجربها ثم نعيدها لمكانها، أو حتى نلعب 'الغميضة' في زوايا المسجد، نحاول كتم ضحكاتنا كي لا يُمسك بنا أحد المصلين الصارمين من الذين لا يؤمنون أصلا بضرورة حضور الأطفال إلى المسجد.. وفي كل ليلة، كان هناك بطل بيننا يغامر ويتقدم إلى الصفوف الأولى، متوقعا أنه في أي لحظة يمكن أن يدفع به إلى الخلف، ليفسح المكان لمن هم أكبر منه سنا.. وحين تنتهي الصلاة، نخرج مع جموع المصلين وكأننا كنا نصلي معهم طوال الوقت، نلحق بالكبار في طريق العودة إلى البيت، نتبادل التحايا مع كل من نعرف، كإثبات وجود وإعلان مشاركة في أداء ركعات التراويح حتى نهايتها… كان الحي ليلا ينبض بالحياة، الرجال في جلابيبهم المختلفة الألوان يجتمعون في الدكاكين يتحدثون في كل شيء ويتبادلون النكات، والشباب يتنافسون في 'ضامة' فوق كراسي مهترئة، ونحن الصغار نواصل لعبنا بين الأزقة وكأننا لم نصم يوما كاملا.. كأننا غير معنيين بما يخبئه لنا الغد من مفاجآت.. نغرق في اللعب حتى ينادينا الأهل للدخول إلى البيت، وحين نصل، نرتمي على الفراش وننام بسرعة، بلا أرق، بلا حسابات وبلا سحور في أحايين كثيرة… أما اليوم، فكل شيء تغيّر.. صار رمضان موسما للاستهلاك.. الأسواق ممتلئة، لكن الأسعار تلتهب.. الموائد ما عادت بسيطة كما كانت، بل تحولت إلى ساحات استعراض.. امتلأت بما لذ وطاب، لكن بلا طعم.. العائلات التي كانت تذوّق بعضها البعض من أطباق الطعام يُخيّل إلينا أنها انقرضت، وحلت بدلها أسر تسكن الشقق الاقتصادية ولا تعرف حتى هوية جيرانها.. صرنا نجتمع بصمت حول شاشات الهواتف، كل واحد غارق في عالمه.. حتى صلاة التراويح تغيرت.. لم تعد المساجد تعجّ بالصغار المشاغبين.. بل بالكاميرات التي توثق كل شيء، والهواتف التي تلتقط اللحظة بدل أن تعيشها… لم يتغير رمضان.. لكننا نحن من تغيرنا.. تغيرت عاداتنا، صارت بيوتنا أوسع، لكن قلوبنا أضيق.. كبرنا، لكن أحلامنا صارت أصغر.. لم نعد ننتظر العيد بحماس الأطفال، ولم نعد نضحك لعرس الجيران أو نسعد بكسكس الجنائز.. ربما لأننا أدركنا أخيرا أن بعض الأشياء حين ترحل، لا تعود أبدا.. تماما كما لا تعود المائدة لتجمع الغائبين كما كانت، ولا تعود ضحكات الطفولة التي انطلقت ذات زمن بين الأزقة، ثم ضاعت في زحام الحياة.. رمضان الذي كنا نعرفه صار مثل حكاية نصفها مروي والنصف الآخر ابتلعته السنوات.. مثل باب ظل مفتوحا طويلا في انتظار أولئك الفضلاء الذين كانوا يدخلون بيوتنا بلا استئذان… لكن أحدا لم يعد!

حكومة مونديال 2030.. من سيرفع الكأس؟
حكومة مونديال 2030.. من سيرفع الكأس؟

الأيام

time٠٦-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الأيام

حكومة مونديال 2030.. من سيرفع الكأس؟

حكومة مونديال 2030.. من سيرفع الكأس؟ نشر في 5 مارس 2025 الساعة 15 و 00 دقيقة أما الحكومة الحالية، التي جاءت تحت شعار 'الأفضل' أو ما أطلق عليه حزب رئيسها بالتعبير الدارج 'تستاهل أحسن'، فتبدو كمن يجر رجليه بصعوبة وسط رمال متحركة. وعود كثيرة لم تتحقق، وسياسات مرتبكة زادت من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع معدلات البطالة. فكيف لحزب يقود حكومة 'غير شعبية' أن يطمح إلى تصدر الانتخابات من جديد؟ عبد الإله حمدوشي مع اقتراب الموعد الانتخابي المقبل، ومعه الجدل الدائر حول من سيكون صاحب الحظ الأوفر لقيادة الحكومة المقبلة؟ يعود السؤال التقليدي ليطفو على السطح: هل سنشهد تغييرا حقيقيا تفرزه صناديق الاقتراع، أم أن الأمر لن يكون سوى إعادة توزيع للأوراق داخل نفس الدائرة المغلقة؟ في المغرب، الانتخابات ليست مجرد استحقاق ديمقراطي، بل هي قبل كل شيء محطة لإعادة ضبط التوازنات، ومحاولة بعث الروح في مؤسسات تبدو متآكلة من الداخل. لهذا، فإن الاستعدادات تجري على أكثر من صعيد: من خلال هندسة جديدة للخريطة الانتخابية سواء بإعادة توزيع الأعيان وتوجيههم للانتقال من هذا الحزب نحو ذاك، فيما يشبه الميركاتو الخاص بالأندية الرياضية، أو من خلال التعديلات التي تخضع لها القوانين الانتخابية قبيل كل استحقاق انتخابي، وذلك حتى لا تحمل الصناديق مفاجآت غير مرغوب فيها. في الطرف الآخر، تبدو الأحزاب السياسية، على اختلاف مرجعياتها، عاجزة عن التقاط الإشارات، أو ربما غير مهتمة بذلك. وكأنها فهمت أن التدافع الحقيقي لا يتم بين برامج ومشاريع سياسية، بقدر ما هو صراع على المواقع والمقاعد. ولأن الناخب بدوره فقد ثقته في اللعبة، فإنه يجد نفسه حائرا بين العزوف عن المشاركة أو التصويت وفق منطق 'أخف الضررين'. أما الحكومة الحالية، التي جاءت تحت شعار 'الأفضل' أو ما أطلق عليه حزب رئيسها بالتعبير الدارج 'تستاهل أحسن'، فتبدو كمن يجر رجليه بصعوبة وسط رمال متحركة. وعود كثيرة لم تتحقق، وسياسات مرتبكة زادت من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع معدلات البطالة. فكيف لحزب يقود حكومة 'غير شعبية' أن يطمح إلى تصدر الانتخابات من جديد؟ وفي ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل سيظل الناخب متفرجا على مشاهد متكررة، أم أن هناك إمكانية لعودة بعث الروح في العملية الانتخابية؟ البعض يراهن على عنصر المفاجأة، لكنه ينسى أن السياسة في المغرب لا تؤمن بالمفاجآت، بل بحسابات دقيقة تُرسم مسبقا، وفق منطق لا يترك مجالا كبيرا للمغامرة، إلا إذا جرت رياح السياقات الدولية والداخلية بما لا تشتهيه السفن. في كل موسم انتخابي، يخرج الساسة بخطابات جديدة ووعود براقة، وكأن ذاكرة المواطن المغربي صفحة بيضاء تُمحى مع كل دورة انتخابية. لكن المشهد، هذه المرة، يبدو أكثر ضبابية، حيث لم يعد أحد يملك الجرأة الكافية ليبشر بزمن سياسي مختلف أو يروج لحلم الإصلاح الذي تحول إلى شعار مستهلك. حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يترأس الحكومة بقيادة عزيز أخنوش، سيدخل هذه الانتخابات مُثقلا بحصيلة حكومية مشحونة بالوعود التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ. شعار 'الدولة الاجتماعية' الذي رفعه الحزب تحول إلى مجرد حبر على ورق، بعدما اصطدم المواطن بواقع الأسعار الملتهبة والقدرة الشرائية المنهارة. فهل من المعقول أن يعود الناخبون لمنح ثقتهم لحزب أخنوش وهم الذين اكتووا بنار قرارات حكومته؟ في ظل هذا الوضع، يبدو أن 'الحمامة' ستواجه انتكاسة قاسية، وسيكون من الصعب عليها أن تكرر سيناريو 2021. أما حزب العدالة والتنمية، الذي لا يزال يلعق جراحه بعد هزيمته المدوية في الانتخابات السابقة، فيبدو أنه يحاول إعادة ترميم بيته الداخلي أملا في استعادة جزء من قاعدته الانتخابية. لكن الواقع أن الحزب الإسلامي لم يعد بذلك البريق، بعد تجربة حكومية جعلته يفقد جزءا هاما من شعبيته. ومع ذلك، في ظل تراجع أداء الحكومة الحالية، قد يتمكن من استعادة بعض المقاعد، لكن ليس بالقدر الذي يعيده إلى صدارة المشهد. حزب الاستقلال، العائد إلى الحكومة بعد سنوات من المعارضة، يجد نفسه اليوم عالقا بين إرثه التاريخي والتزاماته داخل التحالف الحكومي. نزار بركة، الذي كان يُنظر إليه كرجل توافقي، لم يتمكن من إحداث الفارق في الملفات الكبرى التي وُضعت بين يديه. ومع ذلك، يظل حزب الميزان قادرا على الاحتفاظ بقوته الانتخابية المعتادة، خاصة في معاقله التقليدية، لكن من المستبعد أن يحدث اختراقا يُعيده إلى الصف الأول. حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يحقق حلمه الذي خلق من أجله، بديلا سياسيا لقيادة حكومة الدولة المغربية، بات اليوم مجرد مكون باهت داخل الحكومة، يعاني من أزمة هوية واضحة. إذ لم يستطع عبد اللطيف وهبي، الذي شكل حالة استثنائية بتصريحاته المثيرة للجدل، أن يمنح حزبه القوة التي كان يطمح إليها، خاصة بعدما جرت تصريحاته المستفزة لقيم ومرجعيات المغاربة وابلا من الانتقادات الحادة، مما يجعل 'الجرار' مهددا بفقدان جزء من حصته الانتخابية. وفي مقابل هذا المشهد، تظل الأحزاب اليسارية التقليدية كحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تائهة بين الرغبة في استعادة دورها التاريخي، وعجزها عن تقديم خطاب قادر على جذب الناخبين الجدد. فيما يظل فيدرالية اليسار يعاني من محدودية امتداده الشعبي. لكن المفاجأة الحقيقية، قد تأتي من نسبة المشاركة، التي ستحدد مدى شرعية الانتخابات المقبلة. فإذا استمرت وتيرة العزوف السياسي، فإن المشهد لن يتغير كثيرا، وستُعاد صياغة نفس التوازنات، إما بذات اللاعبين أو بألوان مختلفة. والأمران في النتيجة سواء. هكذا إذن، تبدو الانتخابات المقبلة أشبه بفنجان تقرأ من خلاله مستقبل بلد ظل عالقا بين خطاب الإصلاح المتذبذب ومنطق الاستمرارية المحافظ. لذلك، إما أن تتغير اللعبة بأدواتها القديمة، أو أن يبقى الحال على ما هو عليه، مع بعض الرتوشات التجميلية التي لن تغير من جوهر الصورة شيئا. ليبقى السؤال الكبير الواجب طرحه على الإدارة والأحزاب: ما الذي نريد أن نحققه لصالح المغرب خلال قادم الاستحقاقات الانتخابية؟ هل نريد انتخابات تُخرج من صناديقها نخبا جديدة، ذات مصداقية، وتفرز لنا أغلبية منسجمة ومعارضة؟ أم نريد فقط إعادة رسم نفس السيناريوهات غير الآبهة بالإرادة الشعبية لجمهور الناخبين على الأقل، ما دامت الأغلبية صامتة وصائمة عن المشاركة؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store