أحدث الأخبار مع #عبدالسميع


نافذة على العالم
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- نافذة على العالم
أخبار مصر : من صلى الفجر بعد شروق الشمس.. 3 أعمال تكفر هذا الإثم
السبت 10 مايو 2025 07:00 صباحاً نافذة على العالم - لعله ينبغي معرفة حكم من صلى الفجر بعد شروق الشمس ، خاصة وأنه لم يعد حالاً فرديًا يعبر عن قلة ، وإنما أصبح عادة الكثيرين، الذين تمنعهم الظروف عن الاستيقاظ وأداء صلاة الفجر في وقتها، سواء بسبب النوم أو غيره من مستجدات العصر الراهن، من هنا تأتي أهمية الوقوف على حكم من صلى الفجر بعد شروق الشمس وما عقوبته ؟، لعله يكون حافزًا أو رادعًا لأولئك المتهاونين في فريضة الفجر، وهي أول صلوات النهار المكتوبة . من صلى الفجر بعد شروق الشمس قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للشخص أن يصلي الفجر بعد شروق الشمس إذا فاته، لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: 'إذا نام أحدكم عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك' ، منوهًا بأن صلاة الفجر أو صلاة الصبح موعدها الشرعي عند طلوع الفجر الصادق إلى شروق الشمس، فهذا وقتها. وأضاف ' عبد السميع ' في إجابته عن سؤال: ( ما حكم من صلى الفجر بعد شروق الشمس ؟)، أن من لم يصل الفجر أو الصبح في هذا الوقت لعذر شرعي أو لغيره فعليه أن يقضيها بعد طلوع الشمس وهذا أمر واجب عليه، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. وتابع: و جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال 'من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك'، مشيرًا إلى أنه ينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه وأن يكون حريصًا على أداء الصلاة في وقتها وفي جماعة؛ فذلك هو الأحسن والأفضل، فإذا كان الإنسان مستيقظًا وسمع أذان الفجر يجب عليه النهوض للصلاة في وقتها، ويأثم إذا خرج وقتها وعليه بالتوبة، مع كثرة الاستغفار والعزم على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل مرة ثانية، «ثم يصلي ما فاته. واستشهد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه مسلم، أما إذا نام المسلم عن صلاة الفجر غير متعمدٍ فواتها، ولم يجد مَن يوقظه لأدائها، فلا حرج عليه في ذلك، وعليه في هذه الحالة الإسراع إلى أداء الصلاة متى استيقظ من نومه؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العذر لمن غلبه النوم طبعًا أو جهدًا، لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة حديث صفوان بن المعطل رضي الله عنه، وفيه قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لاَ نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ» رواه أبو داود. فضل صلاة الفجر كما ورد أن صلاة الفجر لها فضائل ونفحات ربانية عظيمة، خاصة وأن صلاة الفجر في وقتها وفي جماعة لها فضل وثواب عظيم وتطرح البركة في الرزق، كما أن أثقل صلاتين على المنافقين هما العشاء والفجر، فهي تجعل الإنسان فى ذمه لله طوال اليوم، وصلاة الفجر لها في الإسلام مكانةٌ عظيمةٌ؛ فهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، فـ صلاة الفجر تُظهر قُرب المسلم من خالقه؛ حين يقوم وينهضُ من نومه في وقت الفجر «وهو وقت يكون الناس فيه نيامًا»، فيقوم ويتوضّأ ويَخرج في هذا الوقت في ظُلمةِ الليل متجاوزًا برد الشتاء وحر الصيف؛ ليُطيع الله تعالى، وليقوم بما أمره به ربُّ العزة تبارك وتعالى من صلاة الفجر . و قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»، صلاة الفجر خصوصًا لها أجرٌ وفضلٌ ومَناقب عظيمة جليلة، وهي كالآتي: هي خير من الدنيا وما فيها إذا التزم المسلم بها؛ وذلك لِعِظَم فضلها وأجرها عند الله سبحانه وتعالى، فقد وَرَدَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ركعَتا الفَجْرِ خَيرٌ مِنَ الدُنيا وما فيْها »، كما أنها النّور التّام للعبد المسلم المؤمن يوم القيامة، وهذا الفضل والأجر لمن يشهد صلاة الفجر مع الجماعة، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «بشّرِ المَشائيْنَ فيْ الظُلمِ إلى المَسَاجدِ بالنُور التّامِ يومَ القيْامَة»، صلاة الفجر تجعل المسلم بحماية الله ورعايته، فقد رُوِيَ عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنه قال: «مَنْ صَلّى الصُبحَ فَهوَ فيْ ذِمَة الله»، وعليه فإنها تحرمه من معية الله تعالى وحفظه. وتعد صلاة الفجر سبب من أسباب تحصيل الأجر الجزيل العظيم، وهي سبب من أسباب النّجاة من النّار، والتزامه فيه البشارة بدخول الجنّة؛ فقد ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال:«مَن صلَّى البردَينِ دخَل الجنةَ»، متفق عليه، والمقصود بالبردين هنا هما صلاتي الصّبح والعصر، وقد ثبت الترغيب في أن يؤدّي المسلم صلاة الصّبح في جماعة، فضً عن أنها ضمانُ للمسلم -بالتزامه بـ صلاة الفجر - بقاءه في صفّ الإيمان والأمن من النفاق، ومن عذاب الله وغضبه وعقابه.


موقع كتابات
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- موقع كتابات
أكاذيب عمي عبو
ما أن وطئت قدماه أرض إحدى عمارات مدينة سيدي قاسم، حتى بدا عبو كأنه آت من كوكب آخر. فهو في الحلقة الرابعة من عمره، قصير القامة، يلبس جلبابا أنيقا يخفي بدنا ضخما مثل برميل، وتلف رأسه عمامة حلزونية 'شرقاوية'. قلة من يعرفون كيف اشتغل بوابا ومن سبب ذلك. المعلومات المتوفرة أنه من منطقة بعيدة بتخوم بوجدور، حفظ القرآن الكريم في أحد الكتاتيب القرآنية، لم يحلم يوما بمغادرة قريته، كان دائم الكذب على والده، وعلى فقيه المسيد، مما كان يعرضه 'للفلقة'و'التقرفيد'. أما عن سبب مجيئه من تخوم منطقة نائية إلى مدينة سيدي قاسم، فتلك قصة أخرى… منذ ثلاثين سنة مضت كان عبو يرعى عنزة بنية الوبر، هزيلة، هي المصدر الوحيد للحليب لدى العائلة المعوزة. في أحد الأيام غلبه النعاس فنام، وبعد سويعات أفاق مفزوعا على صوت ثغاء مشروخ، تأبط عصاه وتوغل نحو غابة قزمة متوجسا، منتظرا الأسوأ، لم يجد سوى جثة العنزة وقد مزقتها الذئاب إلى مئات القطع. جلس تحت شجرة يفكر فيما سيفعله: هل سيرجع إلى المنزل بدون العنزة؟ فلو وقف أمام والده واعترف بغفوته وتقصيره، فسيلومه أشد لوم، وسيقتله بالضرب ويسلخ جلده، الأحسن له أن يفر نحو المجهول… ارتمى عبو خلسة وراء الشاحنة، في غفلة من سائق ركنها على جنب لينتشي بتدخين سيجارة، وعندما توقفت الشاحنة للتزود بالبنزين بمحطة وقود، خرج عبو منها، واستقل أخرى مواصلا الرحلة نحو المجهول، نام في محطات القطار، وأكل من القمامة، اتسخ وأصبح: ' شماكري' يتسول الناس، يقفز، ويتشقلب، ويقوم بحركات بهلوانية أمام المقاهي وفي الساحات العمومية. عمل في البناء مدة طويلة، لذلك كان البناءون ينادونه ب' البوهالي'. دق قلبه، ذات مرة، لفتاة من بنات الليل، لف عليها مختلف الحانات، حتى أسقطها في شباكه، ثم تزوج بها، لكن بعد مدة تركته وهربت مع عشيقها:'فيدور' البار الذي كانت تصطاد فيه ذوي الرغبات المكبوتة، والغرائز البهيمية، والموز المنتصب صلابة. سرقته الأيام، فتذكر فجأة والديه وإخوته، ذهب لدواره، فوجد والده قد أقعد في كرسي متحرك، وأمه قد عميت، أما إخوته فكل واحد منهم صد إلى وجهة غير معلومة… أما عن سبب التحاقه كبواب، فلقد عمل في عمارة، أقامها مقاول بناء، أسماها:' البديعي ـ 68″. قلة من ناس المدينة من يعرفون عبد السميع البديعي، ومن أين له هذا؟ فجده البشير كان يمتلك سبعة آلاف هكتار بمنطقة نائية عن أعين المتلصصين، منحت له كمكافأة عن خدماته كباشا، كان يخرج من قصره، فيبدأ 'الطبالة' و 'الغياطة' في العزف، الشيخات يرفرفرن رقصا، ويهززن بوسطهن حزام الموزون هزا. تنتفخ أوداج الباشا، فيركب حصانا أبيض، يرقص بكل جوارحه، يزلزل التراب بسنابكه، ويتلوى أحد خدمه في شد لجام الحصان، وتوجيهه حتى يصل الى باب القيادة… ابتدأ الباشا البشير زراعة الهكتارات الخصبة الشاسعة بأشجار الزيتون، والبرتقال، والتين، ثم بنباتات وزنها يعير بالذهب حاليا، درت عليه الأموال الطائلة، وأسالت لعاب الإيبيريين. ورث عبد السميع ثروة عائلية هائلة، جعلته يعوم في مسبح عريض من البلور، ويشتري طائرة خاصة تنقل بها في كل أنحاء العالم: فإذا تناول وجبة الفطور في إقامته بحي 'كاليفورنيا' بالدار البيضاء، فإنه سيتناول وجبة الغذاء في أمستردام، ويكتفي بعشاء 'دايت' في دبي. فهو يستمتع بكل ثانية، قبل أن يباغته هادم اللذات ومفرق الجماعات. بدأ في بناء العمارات العالية، والفلل الفخمة، ثم توسع نشاط المقاولة في المدن، ليؤسس أكبر هولدينغ عقاري، فأصبح مستثمرا قويا في شراء البقع الأرضية وبنائها، وبيعها… عندما كان عبد السميع يأتي الى ورش البناء، ليراقب صهره مسير الأوراش، كان عبو يجري ليفتح له باب سيارة 'الرونج روفر'، ويرتمي ليقبل يده الجبنية المغلولة بتسبيح أبيض، فيقول له عبد السميع، ذو الوجنات الجنينية التفاحية، وهو يترك يده عنوة ليقبلها، ويقول ممتنعا بصوت جهوري: ـ أستغفر الله… ثم يدس في يده مبلغا ماليا دسما. بعد انتهاء بناء العمارة، لم يعد عبو يقوى على حمل أكياس الرمل والإسمنت الثقيلة إلى الطوابق العليا، خصوصا عندما آلمته فقرات ظهره، فأوصاه الطبيب بالابتعاد عن حمل كل ما هو ثقيل، فآثر أن يعمل بوابا في العمارة، يؤنسه جهاز راديو صغير. وبعد بضع أسابيع، توطن السكان في العمارة، فكانت زوجته الحسنية تنظف الأدراج والسطح، والشقق بمقابل مادي، أما عبو فكان يجلس على كرسي متهالك بجانب مدخل العمارة، ينصت لأخبار الساعة من مذياع صغير، ولا يغادر كرسيه إلا عندما تحدثه سيدة من السكان عبر 'الأنترفون' بأن يأتي لها بقنينة غاز، وأخرى بقارورة زيت، وثالثة بكيلو باذنجان، ورابعة بكيس ملح، وخامسة بدرهم خميرة… في بعض اللحظات تطيل الحسنية النظر إليه، وتتذكر أكاذيبه، تتذكر جيدا ذلك اليوم التعيس الذي رآها في محل بقالة عندما إفتض عذرية علبة ياغورت، وارتشفه دفعة واحدة. كانت خجولة وراء لباسها القروي، فتبعها كالظل، دس في أذنيها عسل الكلام، فاستسلمت له كريشة في مهب الريح، وبعد سنوات اكتشفت أنه كاذب من الطراز الأول، وحياته كله كذب في كذب، قال لها في أول الأمر بأنه يعمل عونا في إحدى الإدارات، ولتأكيد خداعه، كان يقوم بكراء هندام وربطة عنق، أما الحذاء فقد اشتراه من سوق الألبسة المستعملة. وأوهمها بأن عائلته تحوز أراضي لا تعد ولا تحصى، لتكتشف كذبه المتكرر، ينقض عليها في الفراش مثل انقضاض السكين على حبة العنب، وما أن ينتهي من فعلة الديك معها، حتى يتحول إلى عفريت ناقم، يكره السكن إليها، أرادت الانفصال عنه، فيقنعها ألف مرة أنه فعل ذلك بندم وأنه يعشقها، من أطول شعرة شعتاء في رأسها، إلى ظفرها المفلطح. ولا يريد أن يخسر ودها، لكن ما بيدها حيلة، فوالدها رجل مقعد وأمها تفترش الرصيف في الموقف، وأخوها عبد الجليل، إنقلب به قارب الموت قبل وصوله إلى' الإلدورادو' الإسباني. كفكفت دموعها، وكتمت حسرتها في أعماقها، أطلت عليه وهي تتمتم بكلمات مهموسة، تدعو عدالة المنتقم الجبار. اندهش نسوة العمارة أول الأمر لقصصه الجذابة وحكاياته المثيرة، فزعم أنه التقى العديد من أصناف البشر، بل زعم بأنه ذات ليلة، تحدث مع مخلوقات خضر، عيونهم كالبرقوق الأسود، هبطوا من الفضاء إلى الغابة، بلغوه سلام حضارات بعيدة، ووعدوه بالعودة إليه مرة أخرى، وأنهم سيحتلون الأرض عما قريب، وتحدث أيضا مع الجان المتقدين نارا الذين أبانوا له بعض الأسرار والخفايا، وكشف المستور… أما رجال العمارة فكانوا ينتشون بعدما يقصه عليهم، ويلتهبون شوقا وحماسا لما يرويه، كان لسانه أسرع من الريح، وأحد من شفرات السكاكين، فالطريقة المسترسلة التي كان يتحدث بها تجعل السكان مذهولين. ينصتون إليه بانبهار، محبوسي الأنفاس. فحكاياته الطويلة صبروا عليها حتى حسبوها جزءا من جدرانهم. لكن بعد ذلك، شيئا فشيئا، اكتشف السكان أن كل ما يقصد من مغامرات ومخاطرات، خاضها أو عاينها، سرعان ما أدركوا أنها لم تكن إلا محض اختلاق، وكل ما يحكيه ليس إلا من بنات أفكاره ونبع خياله. وما لم يكن يعرفونه أن عمي عبو لا يعيش إلا بالكلام، ولا ينام إلا إذا ملأ الهواء بأكاذيبه. وقف ذات يوم عند باب العمارة، وقد شبك يديه حول ظهره كحكيم يهم بالكشف عن سر خطير. وقال لسنديك العمارة، الحاج علي: ـ شكيب، زوج منال، ضبطته متلبسا يعطي المال لصبية تلميذة يهمس لها فتتفرقع بقهقهات مراهقة. عندما رآني تلعثم، وكحل بالعمى، وانسحب مطأطأ الرأس… لكن الحقيقة، كانت عكس ذلك تماما، لم يكن شكيب أستاذ الرياضيات، سوى فاعل خير، منح صدقة لفتاة، متسخة الثياب، تبيع علب مناديل، كانت ترتعد من برد الشتاء القارس. كم عانى شكيب مع زوجته من هاته الوشاية الكاذبة، وكم بدت لها الحكاية سخيفة عندما علمت الحقيقة، وكم بدت الإشاعة رهيبة وهي تخرج من فم الثعبان عبو كسم ينتشر في الشرايين. ولم تمض بضعة أيام حتى التصقت حكاية جديدة بمليكة، المرأة الطيبة الساكنة بالطابق الثاني، قال عنها عبو بنبرة من يتحدث عن مأساة: ـ تدخل الى شقتها نسوة كثر، إنها تقرأ الكف وتتنبأ بالبخت، وتستجلي القدر، وتحرق بخور 'الجاوي' و'صلبان'، وتطرطرق 'اللدون' الحامي تحت سيقانهن، فتفوح الروائح في كل زاوية من العمارة، فيا حسرة على زمن الدجالين والآفاقين! لكن مليكة لم تفعل سوى دعوة صديقاتها للسمر والحديث، والضحك الرنان على النكات المرحة، والملح المسلية، رفقة الشاي اللاهب المرقد فيه حبات التين الجاف، وأطباق حلويات 'كعب الغزال' الدسم، و'الفقاص' المعجون باللوز المجروش. لم يسلم أطفال العمارة بدورهم من ساطور لسانه، لقد أسر لرشدي، مدير مقاولة كراء السيارات، أنه رأى ياسر، والحقيبة فوق ظهره، ابن حسن الموظف الساكن بالطابق الأول، وأنه تجاوز سور أحد المنازل، وقطف البرتقال خلسة. في ذلك اليوم، كان ياسر يتألم من ذراعه المكسورة، ويعجز عن حمل حقيبته المدرسية، فكيف تسلق السور؟ فعمي عبو رأى طفلا يتجاوز السور، موليا له ظهره، فاعتقد خطأ أنه ياسر. كان صغار الحي يقتربون منه، ويصرخون في وجهه: ـ عمي بعو الكذاب. ثم يفروا كالكتاكيت، فيحمل عصا مكنسته، ويركض خلفهم، ويقول لهم: ـ وعبو، يا ولاد لحرام، ماشي بعو، الله يجعلو ياكلكم، ويهنينا من صداعكم، لعنة الله عليكم، يا'زريعة القنب'، هادوك اللي ولدوكم غير حالين فخاذهم، كيلوحكم فالشوارع ويطلقوكم، بحال فكارن البحر. هاد الشي فاش حادكين. كتخافوا ما كتحشموا. لم تبقى سلوى، الطالبة الخجولة بمنأى عن أنيابه السامة، فسرد على الزوهرة بلهجة الحكاية المثيرة: ـ رأيت سلوى مع رجل مفتول العضلات، يغطي شنبه الكث نصف وجهه! وكانت الحقيقة أبسط مما توهم: مجرد سائق طاكسي يوصلها إلى كليتها كل صباح. ولم يسلم الحيوان أيضا من فم عبو الضفدعي الكريه. جلس ذات ليلة، مع الطيب، أب الزهرة، وقال بصوت جهوري: ـ في قريتنا، عضني كلب مسعور، دعكت العضة بالليمون ورشة كمون، أقسم لك أنني عويت طيلة خمسة أيام، في تمام الثالثة صباحا، وبعدها بدأت أفهم لغة الكلاب، وكلهم خضعوا لي. ذات مرة، إبان وقت الظهيرة، غرق عبو في قيلولته المعتادة، طلع شيخ ذو لحية، وقور المحيا، الأدراج إلى أحد الشقق، وعندما جلس عبو في جانب باب العمارة، نزل الرجل بمهل شديد ، لأن عظامه واهنة، عندما خرج من الباب، تبعته منال فتقدم منها وهمس لها: ـ لم أرصد دخول هذا الشيخ، ربما طلع إلى مليكة، فوجنتاه أحمران، ربما قد شعشعته الخمرة لديها و… لم يكمل الحديث، حتى أمسكت منال بياقة جلبابه المتسخ، وقالت له وهي تصرخ: ـ كفى من الخوض في أعراض الناس، يا مريض، ذاك الرجل الوقور والدي أحمد، كفى… كفى… وبعد أن ضيق عليه السكان الخناق بأكاذيبه، لم يلبث إلا أن لاذ بالصمت، وسرعان ما بدأ يراوغ ويتملص من الإجابة عن أسئلتهم، ممتقع الوجه، وقد تصبب عرقا. كأنه عوقب على بهتانه. دافع عن ترهاته بحرارة وانفعال. أثبتوا له كذب ما قاله، وأن كل رواياته مختلقة من أساسه. أمام إصرار جميع سكان العمارة، قال لهم في تحد أخير: ـ ما فيكم خير، كلكم تنعتون شهر أبريل بالكذب، بينما كلكم كاذبون أكثر من أبريل، حسبي الله ونعم الوكيل! رحل عمي عبو وحيدا كما جاء، بعدما طلق زوجته الحسنية، التي لم تطق العيش معه وتحمل المزيد معه، لم يودع عبو أحدا لأنه غادر في جنح الظلام. وترك خلفه هواء معبقا بالأسى، وأحاديث لا تنتهي. مرت الأيام، تغيرت وجوه الناس، وتبدلت أبواب الشقق، سار ياسر شابا يافعا،. وذات يوم، بينما كان يقطع شارعا خلفيا، لمح عمي عبو جالسا بكرسي حديدي صدئ بحديقة شارع محمد الخامس، يطعم هريرة شاردة. اقترب ياسر منه، و أمعن النظر فيه، لقد كبر في السن، وتقوس ظهره، وغارت عيناه، فقال له ياسر: ـ ألا زلت تحكي تلك الأكاذيب يا عمي عبو؟ ضحك وقال بنبرة ضعيفة: ـ لقد هجرتني القصص والأقاويل كما هجرني الناس. ثم سكت وواصل الحديث:


موقع كتابات
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- موقع كتابات
قصة قصيرة
ما أن وطئت قدماه أرض إحدى عمارات مدينة سيدي قاسم، حتى بدا عبو كأنه آت من كوكب آخر. فهو في الحلقة الرابعة من عمره، قصير القامة، يلبس جلبابا أنيقا يخفي بدنا ضخما مثل برميل، وتلف رأسه عمامة حلزونية 'شرقاوية'. قلة من يعرفون كيف اشتغل بوابا ومن سبب ذلك. المعلومات المتوفرة أنه من منطقة بعيدة بتخوم بوجدور، حفظ القرآن الكريم في أحد الكتاتيب القرآنية، لم يحلم يوما بمغادرة قريته، كان دائم الكذب على والده، وعلى فقيه المسيد، مما كان يعرضه 'للفلقة'و'التقرفيد'. أما عن سبب مجيئه من تخوم منطقة نائية إلى مدينة سيدي قاسم، فتلك قصة أخرى… منذ ثلاثين سنة مضت كان عبو يرعى عنزة بنية الوبر، هزيلة، هي المصدر الوحيد للحليب لدى العائلة المعوزة. في أحد الأيام غلبه النعاس فنام، وبعد سويعات أفاق مفزوعا على صوت ثغاء مشروخ، تأبط عصاه وتوغل نحو غابة قزمة متوجسا، منتظرا الأسوأ، لم يجد سوى جثة العنزة وقد مزقتها الذئاب إلى مئات القطع. جلس تحت شجرة يفكر فيما سيفعله: هل سيرجع إلى المنزل بدون العنزة؟ فلو وقف أمام والده واعترف بغفوته وتقصيره، فسيلومه أشد لوم، وسيقتله بالضرب ويسلخ جلده، الأحسن له أن يفر نحو المجهول… ارتمى عبو خلسة وراء الشاحنة، في غفلة من سائق ركنها على جنب لينتشي بتدخين سيجارة، وعندما توقفت الشاحنة للتزود بالبنزين بمحطة وقود، خرج عبو منها، واستقل أخرى مواصلا الرحلة نحو المجهول، نام في محطات القطار، وأكل من القمامة، اتسخ وأصبح: ' شماكري' يتسول الناس، يقفز، ويتشقلب، ويقوم بحركات بهلوانية أمام المقاهي وفي الساحات العمومية. عمل في البناء مدة طويلة، لذلك كان البناءون ينادونه ب' البوهالي'. دق قلبه، ذات مرة، لفتاة من بنات الليل، لف عليها مختلف الحانات، حتى أسقطها في شباكه، ثم تزوج بها، لكن بعد مدة تركته وهربت مع عشيقها:'فيدور' البار الذي كانت تصطاد فيه ذوي الرغبات المكبوتة، والغرائز البهيمية، والموز المنتصب صلابة. سرقته الأيام، فتذكر فجأة والديه وإخوته، ذهب لدواره، فوجد والده قد أقعد في كرسي متحرك، وأمه قد عميت، أما إخوته فكل واحد منهم صد إلى وجهة غير معلومة… أما عن سبب التحاقه كبواب، فلقد عمل في عمارة، أقامها مقاول بناء، أسماها:' البديعي ـ 68″. قلة من ناس المدينة من يعرفون عبد السميع البديعي، ومن أين له هذا؟ فجده البشير كان يمتلك سبعة آلاف هكتار بمنطقة نائية عن أعين المتلصصين، منحت له كمكافأة عن خدماته كباشا، كان يخرج من قصره، فيبدأ 'الطبالة' و 'الغياطة' في العزف، الشيخات يرفرفرن رقصا، ويهززن بوسطهن حزام الموزون هزا. تنتفخ أوداج الباشا، فيركب حصانا أبيض، يرقص بكل جوارحه، يزلزل التراب بسنابكه، ويتلوى أحد خدمه في شد لجام الحصان، وتوجيهه حتى يصل الى باب القيادة… ابتدأ الباشا البشير زراعة الهكتارات الخصبة الشاسعة بأشجار الزيتون، والبرتقال، والتين، ثم بنباتات وزنها يعير بالذهب حاليا، درت عليه الأموال الطائلة، وأسالت لعاب الإيبيريين. ورث عبد السميع ثروة عائلية هائلة، جعلته يعوم في مسبح عريض من البلور، ويشتري طائرة خاصة تنقل بها في كل أنحاء العالم: فإذا تناول وجبة الفطور في إقامته بحي 'كاليفورنيا' بالدار البيضاء، فإنه سيتناول وجبة الغذاء في أمستردام، ويكتفي بعشاء 'دايت' في دبي. فهو يستمتع بكل ثانية، قبل أن يباغته هادم اللذات ومفرق الجماعات. بدأ في بناء العمارات العالية، والفلل الفخمة، ثم توسع نشاط المقاولة في المدن، ليؤسس أكبر هولدينغ عقاري، فأصبح مستثمرا قويا في شراء البقع الأرضية وبنائها، وبيعها… عندما كان عبد السميع يأتي الى ورش البناء، ليراقب صهره مسير الأوراش، كان عبو يجري ليفتح له باب سيارة 'الرونج روفر'، ويرتمي ليقبل يده الجبنية المغلولة بتسبيح أبيض، فيقول له عبد السميع، ذو الوجنات الجنينية التفاحية، وهو يترك يده عنوة ليقبلها، ويقول ممتنعا بصوت جهوري: ـ أستغفر الله… ثم يدس في يده مبلغا ماليا دسما. بعد انتهاء بناء العمارة، لم يعد عبو يقوى على حمل أكياس الرمل والإسمنت الثقيلة إلى الطوابق العليا، خصوصا عندما آلمته فقرات ظهره، فأوصاه الطبيب بالابتعاد عن حمل كل ما هو ثقيل، فآثر أن يعمل بوابا في العمارة، يؤنسه جهاز راديو صغير. وبعد بضع أسابيع، توطن السكان في العمارة، فكانت زوجته الحسنية تنظف الأدراج والسطح، والشقق بمقابل مادي، أما عبو فكان يجلس على كرسي متهالك بجانب مدخل العمارة، ينصت لأخبار الساعة من مذياع صغير، ولا يغادر كرسيه إلا عندما تحدثه سيدة من السكان عبر 'الأنترفون' بأن يأتي لها بقنينة غاز، وأخرى بقارورة زيت، وثالثة بكيلو باذنجان، ورابعة بكيس ملح، وخامسة بدرهم خميرة… في بعض اللحظات تطيل الحسنية النظر إليه، وتتذكر أكاذيبه، تتذكر جيدا ذلك اليوم التعيس الذي رآها في محل بقالة عندما إفتض عذرية علبة ياغورت، وارتشفه دفعة واحدة. كانت خجولة وراء لباسها القروي، فتبعها كالظل، دس في أذنيها عسل الكلام، فاستسلمت له كريشة في مهب الريح، وبعد سنوات اكتشفت أنه كاذب من الطراز الأول، وحياته كله كذب في كذب، قال لها في أول الأمر بأنه يعمل عونا في إحدى الإدارات، ولتأكيد خداعه، كان يقوم بكراء هندام وربطة عنق، أما الحذاء فقد اشتراه من سوق الألبسة المستعملة. وأوهمها بأن عائلته تحوز أراضي لا تعد ولا تحصى، لتكتشف كذبه المتكرر، ينقض عليها في الفراش مثل انقضاض السكين على حبة العنب، وما أن ينتهي من فعلة الديك معها، حتى يتحول إلى عفريت ناقم، يكره السكن إليها، أرادت الانفصال عنه، فيقنعها ألف مرة أنه فعل ذلك بندم وأنه يعشقها، من أطول شعرة شعتاء في رأسها، إلى ظفرها المفلطح. ولا يريد أن يخسر ودها، لكن ما بيدها حيلة، فوالدها رجل مقعد وأمها تفترش الرصيف في الموقف، وأخوها عبد الجليل، إنقلب به قارب الموت قبل وصوله إلى' الإلدورادو' الإسباني. كفكفت دموعها، وكتمت حسرتها في أعماقها، أطلت عليه وهي تتمتم بكلمات مهموسة، تدعو عدالة المنتقم الجبار. اندهش نسوة العمارة أول الأمر لقصصه الجذابة وحكاياته المثيرة، فزعم أنه التقى العديد من أصناف البشر، بل زعم بأنه ذات ليلة، تحدث مع مخلوقات خضر، عيونهم كالبرقوق الأسود، هبطوا من الفضاء إلى الغابة، بلغوه سلام حضارات بعيدة، ووعدوه بالعودة إليه مرة أخرى، وأنهم سيحتلون الأرض عما قريب، وتحدث أيضا مع الجان المتقدين نارا الذين أبانوا له بعض الأسرار والخفايا، وكشف المستور… أما رجال العمارة فكانوا ينتشون بعدما يقصه عليهم، ويلتهبون شوقا وحماسا لما يرويه، كان لسانه أسرع من الريح، وأحد من شفرات السكاكين، فالطريقة المسترسلة التي كان يتحدث بها تجعل السكان مذهولين. ينصتون إليه بانبهار، محبوسي الأنفاس. فحكاياته الطويلة صبروا عليها حتى حسبوها جزءا من جدرانهم. لكن بعد ذلك، شيئا فشيئا، اكتشف السكان أن كل ما يقصد من مغامرات ومخاطرات، خاضها أو عاينها، سرعان ما أدركوا أنها لم تكن إلا محض اختلاق، وكل ما يحكيه ليس إلا من بنات أفكاره ونبع خياله. وما لم يكن يعرفونه أن عمي عبو لا يعيش إلا بالكلام، ولا ينام إلا إذا ملأ الهواء بأكاذيبه. وقف ذات يوم عند باب العمارة، وقد شبك يديه حول ظهره كحكيم يهم بالكشف عن سر خطير. وقال لسنديك العمارة، الحاج علي: ـ شكيب، زوج منال، ضبطته متلبسا يعطي المال لصبية تلميذة يهمس لها فتتفرقع بقهقهات مراهقة. عندما رآني تلعثم، وكحل بالعمى، وانسحب مطأطأ الرأس… لكن الحقيقة، كانت عكس ذلك تماما، لم يكن شكيب أستاذ الرياضيات، سوى فاعل خير، منح صدقة لفتاة، متسخة الثياب، تبيع علب مناديل، كانت ترتعد من برد الشتاء القارس. كم عانى شكيب مع زوجته من هاته الوشاية الكاذبة، وكم بدت لها الحكاية سخيفة عندما علمت الحقيقة، وكم بدت الإشاعة رهيبة وهي تخرج من فم الثعبان عبو كسم ينتشر في الشرايين. ولم تمض بضعة أيام حتى التصقت حكاية جديدة بمليكة، المرأة الطيبة الساكنة بالطابق الثاني، قال عنها عبو بنبرة من يتحدث عن مأساة: ـ تدخل الى شقتها نسوة كثر، إنها تقرأ الكف وتتنبأ بالبخت، وتستجلي القدر، وتحرق بخور 'الجاوي' و'صلبان'، وتطرطرق 'اللدون' الحامي تحت سيقانهن، فتفوح الروائح في كل زاوية من العمارة، فيا حسرة على زمن الدجالين والآفاقين! لكن مليكة لم تفعل سوى دعوة صديقاتها للسمر والحديث، والضحك الرنان على النكات المرحة، والملح المسلية، رفقة الشاي اللاهب المرقد فيه حبات التين الجاف، وأطباق حلويات 'كعب الغزال' الدسم، و'الفقاص' المعجون باللوز المجروش. لم يسلم أطفال العمارة بدورهم من ساطور لسانه، لقد أسر لرشدي، مدير مقاولة كراء السيارات، أنه رأى ياسر، والحقيبة فوق ظهره، ابن حسن الموظف الساكن بالطابق الأول، وأنه تجاوز سور أحد المنازل، وقطف البرتقال خلسة. في ذلك اليوم، كان ياسر يتألم من ذراعه المكسورة، ويعجز عن حمل حقيبته المدرسية، فكيف تسلق السور؟ فعمي عبو رأى طفلا يتجاوز السور، موليا له ظهره، فاعتقد خطأ أنه ياسر. كان صغار الحي يقتربون منه، ويصرخون في وجهه: ـ عمي بعو الكذاب. ثم يفروا كالكتاكيت، فيحمل عصا مكنسته، ويركض خلفهم، ويقول لهم: ـ وعبو، يا ولاد لحرام، ماشي بعو، الله يجعلو ياكلكم، ويهنينا من صداعكم، لعنة الله عليكم، يا'زريعة القنب'، هادوك اللي ولدوكم غير حالين فخاذهم، كيلوحكم فالشوارع ويطلقوكم، بحال فكارن البحر. هاد الشي فاش حادكين. كتخافوا ما كتحشموا. لم تبقى سلوى، الطالبة الخجولة بمنأى عن أنيابه السامة، فسرد على الزوهرة بلهجة الحكاية المثيرة: ـ رأيت سلوى مع رجل مفتول العضلات، يغطي شنبه الكث نصف وجهه! وكانت الحقيقة أبسط مما توهم: مجرد سائق طاكسي يوصلها إلى كليتها كل صباح. ولم يسلم الحيوان أيضا من فم عبو الضفدعي الكريه. جلس ذات ليلة، مع الطيب، أب الزهرة، وقال بصوت جهوري: ـ في قريتنا، عضني كلب مسعور، دعكت العضة بالليمون ورشة كمون، أقسم لك أنني عويت طيلة خمسة أيام، في تمام الثالثة صباحا، وبعدها بدأت أفهم لغة الكلاب، وكلهم خضعوا لي. ذات مرة، إبان وقت الظهيرة، غرق عبو في قيلولته المعتادة، طلع شيخ ذو لحية، وقور المحيا، الأدراج إلى أحد الشقق، وعندما جلس عبو في جانب باب العمارة، نزل الرجل بمهل شديد ، لأن عظامه واهنة، عندما خرج من الباب، تبعته منال فتقدم منها وهمس لها: ـ لم أرصد دخول هذا الشيخ، ربما طلع إلى مليكة، فوجنتاه أحمران، ربما قد شعشعته الخمرة لديها و… لم يكمل الحديث، حتى أمسكت منال بياقة جلبابه المتسخ، وقالت له وهي تصرخ: ـ كفى من الخوض في أعراض الناس، يا مريض، ذاك الرجل الوقور والدي أحمد، كفى… كفى… وبعد أن ضيق عليه السكان الخناق بأكاذيبه، لم يلبث إلا أن لاذ بالصمت، وسرعان ما بدأ يراوغ ويتملص من الإجابة عن أسئلتهم، ممتقع الوجه، وقد تصبب عرقا. كأنه عوقب على بهتانه. دافع عن ترهاته بحرارة وانفعال. أثبتوا له كذب ما قاله، وأن كل رواياته مختلقة من أساسه. أمام إصرار جميع سكان العمارة، قال لهم في تحد أخير: ـ ما فيكم خير، كلكم تنعتون شهر أبريل بالكذب، بينما كلكم كاذبون أكثر من أبريل، حسبي الله ونعم الوكيل! رحل عمي عبو وحيدا كما جاء، بعدما طلق زوجته الحسنية، التي لم تطق العيش معه وتحمل المزيد معه، لم يودع عبو أحدا لأنه غادر في جنح الظلام. وترك خلفه هواء معبقا بالأسى، وأحاديث لا تنتهي. مرت الأيام، تغيرت وجوه الناس، وتبدلت أبواب الشقق، سار ياسر شابا يافعا،. وذات يوم، بينما كان يقطع شارعا خلفيا، لمح عمي عبو جالسا بكرسي حديدي صدئ بحديقة شارع محمد الخامس، يطعم هريرة شاردة. اقترب ياسر منه، و أمعن النظر فيه، لقد كبر في السن، وتقوس ظهره، وغارت عيناه، فقال له ياسر: ـ ألا زلت تحكي تلك الأكاذيب يا عمي عبو؟ ضحك وقال بنبرة ضعيفة: ـ لقد هجرتني القصص والأقاويل كما هجرني الناس. ثم سكت وواصل الحديث:


24 القاهرة
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- 24 القاهرة
إصابة صغير بطلق ناري في مشاجرة بسوهاج
أصيب تلميذ في بداية العقد الثاني من العمر بطلق ناري في القدم، في مشاجرة بدائرة مركز البلينا جنوب سوهاج بسبب خلافات على شراء منزل. إصابة تلميذ بطلق ناري بسبب خلافات على شراء منزل بسوهاج تلقى اللواء صبري صالح عزب، مدير أمن سوهاج، إخطارا يفيد مشاجرة ومصابان بمركز البلينا، وانتقل رجال الشرطة إلى محل الواقعة، وتبين أن طرفي المشاجرة، كل من طرف أول عبد السميع م ع م - 70 عاما، عامل مصابب كسر في الذراع الأيسر، وتم نقله لمستشفى سوهاج التعليمي، وطرف ثان محمد ا ع ا - 22 عاما، عامل، الطرفان مقيمان بذات الناحية. وكما أصيب حفيد الطرف الأول ياسين ع ع م - 12 عاما، تلميذ ومقيم بذات الناحية بطلق ناري بالقدم اليمني وتم نقله لمستشفى سوهاج الجامعي الجديد، وذلك في أثناء وجوده بصحبته بذات الناحية. وجرى ضبط طرفي المشاجرة وبحوزة الطرف الثاني السلاح المستخدم وتبادلا الاتهامات فيما بينهما بتعدي كلًا منهما علي الآخر بالسب والضرب وإحداث الطرف الثاني الإصابات المنوه عنها بسبب خلاف علي شراء منزل بذات الناحية. بسبب فيديو تيك توك.. جامعة سوهاج تكشف ملابسات نشوب مشاجرة بين طالبين بالحرم الجامعي | بث مباشر بسبب فيديو على تيك توك.. التحقيق مع طالب أصاب آخر بـ 29 غرزة في ذراعه بجامعة سوهاج تحرر محضر بالواقعة تمهيدا للعرض على جهات التحقيق المختصة.


نافذة على العالم
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- نافذة على العالم
أخبار مصر : هل أقطع قراءة القرآن وأرد السلام؟ ..دار الإفتاء تحسم الجدل
السبت 12 أبريل 2025 03:55 مساءً نافذة على العالم - ورد سؤال إلى دار الإفتاء خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يقول فيه السائل: "أثناء قراءتي للقرآن مر بي شخص وألقى عليّ السلام، فهل يجوز أن أقطع القراءة لأرد عليه؟ أم أكتفي بالإشارة باليد؟ وهل عليّ ذنب إذا قطعت القراءة من أجل رد السلام؟". وقد أجاب عن هذا السؤال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى ومدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء، موضحًا الأحكام المتعلقة بذلك. أكد الدكتور عبد السميع أن إلقاء السلام سنة، أما رد السلام فواجب، وبالتالي فإن من لم يرد السلام وهو قادر على الرد يكون آثمًا، إلا في بعض الحالات التي يُعذر فيها الشخص لعدم ملاءمة الظرف للرد. ونظم بعض العلماء هذه الحالات في أبيات شعرية شهيرة توضح المواضع التي لا يجب فيها الرد، مثل: من كان في الصلاة، أو أثناء الأكل أو الشرب، أو من كان يقرأ القرآن، أو في حال الذكر أو الدعاء، أو كان يخطب أو يُلبي، أو يقضي حاجة إنسانية، أو في أثناء إقامة الصلاة أو الأذان، أو كان طفلاً أو سكرانًا، أو فتاة يُخشى منها الفتنة، أو فاسق، أو ناعس أو نائم، أو في الحمام أو مجنونًا ، وبلغ عدد هذه الحالات 22 موضعًا لا يكون فيها الشخص آثمًا إن لم يرد السلام. وبناءً على ذلك، أشار الدكتور عبد السميع إلى أنه لا يُستحب لقارئ القرآن أن يقطع قراءته ليرد السلام لفظًا، ولكن يجوز له أن يرد بالإشارة فقط، برفع اليد مثلًا، حتى لا يخرج عن حال التدبر والترتيل، كما أنه غير مطالب بالرد باللفظ ما دام منشغلًا بالقراءة. هل يجوز إلقاء السلام على قارئ القرآن أما فيما يخص إلقاء السلام على من يقرأ القرآن، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، حيث أشار الإمام ابن حجر في كتابه "فتح الباري" إلى أن الواحدي قال: "الأولى ترك السلام على قارئ القرآن، فإن سُلِّم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظًا فعليه أن يستأنف الاستعاذة ويُعيد القراءة". فيما ذكر الإمام النووي في إجابته عن ذات السؤال: "الظاهر أنه يشرع السلام عليه، ويجب عليه الرد، إلا إذا كان الشخص منشغلًا بالدعاء ومستغرقًا فيه، فحينها يُكره السلام عليه لأنه يتنكد به ويتشتت قلبه". من جانبه، أوضح الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن إلقاء السلام سنة عند جمهور العلماء، وهو سنة عين إذا كان السلام على فرد، وسنة كفاية إذا كان على جماعة، وإن كان الأفضل أن يسلم الجميع لتحصيل الأجر، أما رد السلام فهو فرض بالإجماع. وأضاف الدكتور عاشور أن من دخل على أناس يصلون أو يقرأون القرآن، فالمشروع أن المصلي يرد بالإشارة، أما قارئ القرآن فيرد بالكلام. واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرد السلام بالإشارة أثناء الصلاة، وقد روي أنه كان جالسًا مع أصحابه، فجاء رجل وألقى السلام، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطبه قائلًا: "ارجع فصل فإنك لم تصل". وختم الدكتور عاشور بالإشارة إلى أن قراءة القرآن ليست فريضة بل سنة، وبالتالي لا حرج في إلقاء السلام على القارئ، ولا مانع من أن ينهي الآية التي يقرأها، ثم يرد السلام بعد ذلك دون ذنب أو حرج.