logo
#

أحدث الأخبار مع #علمالكونيات

العلماء يحددون موعد نهاية الكون بدقة: أقرب بكثير مما كنا نعتقد
العلماء يحددون موعد نهاية الكون بدقة: أقرب بكثير مما كنا نعتقد

العين الإخبارية

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • علوم
  • العين الإخبارية

العلماء يحددون موعد نهاية الكون بدقة: أقرب بكثير مما كنا نعتقد

في دراسة أحدثت تحولًا جذريًا في فهمنا لمصير الكون، كشف فريق من الباحثين في جامعة رادبود الهولندية أن الكون يتجه إلى نهايته بوتيرة أسرع بكثير مما كان متوقعًا. ووفقًا لحساباتهم، فإن جميع النجوم ستنطفئ تمامًا بعد مرور "كوينفيجينتيليون" عام — أي واحد هذا التقدير الجديد أقصر بشكل مذهل من التوقعات السابقة، التي قدرت عمر الكون بما يعادل رقمًا يتكون من واحد متبوع بـ1100 صفر. الفريق البحثي اعتمد في حساباته على مفاهيم متقدمة من الفيزياء النظرية، أبرزها إشعاع هوكينغ، والذي كان يُعتقد سابقًا أنه يخص فقط الثقوب السوداء. إشعاع هوكينغ يمتد إلى النجوم الميتة إشعاع هوكينغ، الذي طرحه الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينغ عام 1975، ينص على أن الجسيمات والإشعاع يمكن أن يفلتوا من الثقوب السوداء، على الرغم من قوة جاذبيتها الهائلة. ويفسر ذلك بأن زوجًا من الجسيمات المؤقتة يظهران على حافة الثقب الأسود، فيُبتلع أحدهما بينما يهرب الآخر، مشكلًا إشعاعًا. غير أن فريق جامعة رادبود، بقيادة البروفيسور هاينو فالكه، أظهر أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الثقوب السوداء. بل يمكن أن تمتد أيضًا إلى النجوم النيوترونية والأقزام البيضاء، وهي الأجسام التي تمثل المراحل النهائية من حياة النجوم. نهاية النجوم = نهاية الكون النجوم النيوترونية والأقزام البيضاء تُعد آخر ما يتبقى من حياة النجوم. النجوم الضخمة تنفجر في صورة مستعرات عظمى (سوبرنوفا) قبل أن تنهار إلى نجوم نيوترونية، أما النجوم الأصغر مثل شمسنا، فتتحول إلى أقزام بيضاء. ورغم أنها تبقى مستقرة لفترات طويلة للغاية، إلا أن الدراسة الجديدة تؤكد أن هذه الأجسام أيضًا ستبدأ في التلاشي تدريجيًا، حتى تتلاشى تمامًا. ووفقًا للباحثين، فإن معرفة الفترة التي تستغرقها هذه الأجسام للاضمحلال، تسمح بتحديد الحد الأقصى لعمر المادة في الكون. وهنا، حددوا أن الأمر سيستغرق كوينفيجينتيليون عام حتى تتبدد آخر النجوم. الحسابات الجديدة تكشف خطأ تقديرات سابقة الدراسات السابقة لم تأخذ في اعتبارها تأثير إشعاع هوكينغ على الأجسام غير السوداء، مما جعلها تبالغ في تقدير عمر الكون. لكن الفريق استخدم دراسته السابقة المنشورة عام 2023 في دورية Physical Review Letters كأساس لحساباتهم الجديدة. في تلك الدراسة، طرح العلماء أن جميع الأجسام التي تمتلك مجالًا جاذبيًا يمكن أن تمر بعملية تبخر مشابهة لما يحدث في الثقوب السوداء. الأهم، حسب الفريق، أن معدل هذا التبخر لا يعتمد على الكتلة أو الحجم، بل على كثافة الجسم فقط. دراسات جديدة في طريقها للنشر النتائج الجديدة قُبلت للنشر في مجلة علم الكونيات والفيزياء الفلكية الجسيمية (Journal of Cosmology and Astroparticle Physics)، وتتوفر حاليًا بنسخة أولية على منصة arXiv. وعلى الرغم من أن هذه الحسابات الجديدة تقلص بشكل ضخم عدد السنوات المتوقعة لبقاء الكون، فإن العلماء يطمئنون إلى أن البشر لن يتأثروا بهذا الحدث الكوني في أي وقت قريب. البروفيسور والتر فان سويليكوم، المشارك في الدراسة وأستاذ الرياضيات بجامعة رادبود، قال: "عبر طرح هذه الأسئلة والنظر في الحالات القصوى، نأمل أن نفهم النظرية بشكل أفضل، وربما في يوم ما نتمكن من فك لغز إشعاع هوكينغ بالكامل". aXA6IDgxLjE4MC4xMzkuMTg3IA== جزيرة ام اند امز RO

من مقبرة قديمة إلى الساحة العالمية: سعى الصين لاستعادة مخطوطة زيدانكو
من مقبرة قديمة إلى الساحة العالمية: سعى الصين لاستعادة مخطوطة زيدانكو

شبكة أنباء شفا

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • شبكة أنباء شفا

من مقبرة قديمة إلى الساحة العالمية: سعى الصين لاستعادة مخطوطة زيدانكو

شفا – إن رحلة مخطوطة زيدانكو الحريرية، وهي بقايا استثنائية من فترة الدول المتحاربة في الصين، تذكرنا بأن التاريخ، بمجرد ضياعه، لا بد من استعادته بلا كلل. وبينما تكثف الصين جهودها العالمية لاستعادة الكنوز الثقافية المنهوبة، فإن قصة هذه المخطوطة القديمة تقدم الأمل وتعمل كدعوة واضحة للعمل. كنز مخفي تم اكتشافه تم اكتشاف مخطوطة زيدانكو في عام 1942 في مقبرة قديمة يعود تاريخها إلى عام 300 قبل الميلاد في مدينة تشانغشا بمقاطعة هونان بوسط الصين. تمت تسميتها على اسم مستودع ذخيرة في ضواحي المدينة، وهو مشهد شائع في تلك الحقبة المضطربة من تاريخ البلاد الحديث. مصطلح 'زيدانكو' يعني 'مخزن الرصاص'. باعتبارها أقدم مخطوطة حريرية معروفة تم اكتشافها في الصين، توفر هذه القطعة الأثرية رؤى قيمة في علم الكونيات الصيني القديم، والأساطير، والأنظمة التقويمية، وتضاهي أهميتها أهمية عظام أوراكل الشهيرة ونصوص دونغ هوانغ. الخسارة في الخارج في عام 1946، تم تهريب المخطوطة بطريقة غير مشروعة إلى الولايات المتحدة في خضم الاضطرابات التي شهدتها فترة الحرب. لقد تم الحصول عليها من قبل أمريكي في ظروف مشبوهة من تساي جيشيانغ، وهو جامع فني ومؤرخ مخلص كان يمتلك القطعة الأثرية ويدرسها. وعلى الرغم من جهود تساي المتكررة لاستعادة المخطوطة، فقد انتقلت ملكيتها عدة مرات في الولايات المتحدة، ودخلت في نهاية المطاف إلى مجموعة المتحف الوطني للفن الآسيوي التابع لمؤسسة سميثسونيان في واشنطن العاصمة. ظلت المخطوطة مخفية إلى حد كبير عن أعين العامة لعقود من الزمن بسبب هشاشة النسيج والتعقيدات المحيطة بمصدره. الطريق الطويل للعودة إلى الوطن على مر السنين، واجهت الجهود المبذولة لإعادة مخطوطة زيدانكو الحريرية إلى مالكها الشرعي العديد من التحديات. وقد شكل كل من الأطر القانونية الدولية المختلفة ومرور الوقت وتعقيدات تحديد المنشأ الواضح، عقبات كبيرة. وعلاوة على ذلك، أدت الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة والمواقف المتباينة تجاه استعادة التراث الثقافي إلى تعقيد الجهود الرامية إلى إعادة مثل هذه القطع الأثرية إلى بلدانها الأصلية. ولكن مثل هذه التحديات لا يمكن أن تكون بمثابة ذريعة للتقاعس عن العمل. إن التراث الثقافي لا ينتمي إلى الأمم فحسب، بل إلى البشرية جمعاء. كل قطعة أثرية تم نقلها بشكل غير قانوني أثناء الصراع أو الاستعمار هي قصة منفصلة عن أصولها، وإرث تم حرمان ورثته الشرعيين منه. اختراق في البحث لكن التطورات الأخيرة أحيت الأمل في عودة المخطوطة، وفي يونيو 2024، حدث تقدم كبير عندما أعادت جامعة شيكاغو إلى الصين غلاف صندوق مرتبط بالمخطوطة، يحمل ملصقات من متحف فوغ للفنون مؤرخة بتاريخ 16 سبتمبر 1946. إن هذه القطعة الحاسمة من الأدلة تعزز مطالبة الصين المشروعة وتعكس إجماعا دوليا متزايدا حول أهمية استعادة التراث الثقافي. وسلط حفل التسليم، الذي أقيم في مدينة تشينغداو بشرقي الصين خلال 'المؤتمر الدولي بشأن حماية واستعادة الممتلكات الثقافية المنتزعة من السياقات الاستعمارية'، الضوء على أهمية التعاون الدولي في الحفاظ على التراث الثقافي. وتعد القطعة الأثرية محط اهتمام الجمهور، حيث يتم سرد قصتها في برنامج ثقافي تنتجه وتبثه مجموعة الصين للإعلام ( CMG ) ، وهو إنتاج حظى بتغطية واسعة النطاق في وسائل الإعلام الدولية. استعادة التراث واستعادة الهوية إن السعى إلى استعادة مخطوطة زيدانكو الحريرية يرمز إلى جهد أوسع نطاقا وأكثر عمقاً، وهو استعادة التراث الوطني والكرامة. إن استعادة الكنوز الثقافية المفقودة تعمل على تصحيح الظلم التاريخي وإعادة الحقوق لأصحابها، والأهم من ذلك أنها تعمل على تعزيز التقدير العالمي لثراء الحضارات القديمة. إن رحلة مخطوطة زيدانكو – من المقبرة القديمة إلى المتاحف الأجنبية، وربما العودة قريبًا إلى موطنها الأصلي – تجسد الحقائق المعقدة للحفاظ على التراث في عالم مُعولم. وتؤكد قصتها حقيقة دائمة على أن حماية القطع الأثرية الثقافية مسؤولية جماعية، وتتطلب اليقظة والاحترام والتضامن والتعاون الدوليين. إقرأ المزيد حول أخبار الصين ،، إضغط هنا للمتابعة ..

علماء يجدون نصف "الهيدروجين المفقود" في الكون كله
علماء يجدون نصف "الهيدروجين المفقود" في الكون كله

الجزيرة

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • الجزيرة

علماء يجدون نصف "الهيدروجين المفقود" في الكون كله

أعلن فريق من علماء الفلك بقيادة باحثين من جامعة كاليفورنيا بيركلي عن اكتشاف نصف غاز الهيدروجين المفقود في الكون، وهو إنجاز مهم في فهمنا لتوزيع المادة العادية في الكون.​ وحسب "لامدا سي دي إم"، وهو النموذج القياسي في علم الكونيات الحديث، فإن هذا الكون يتشكل من 5% تقريبا من المادة العادية (الباريونية)، تلك التي تشكل النجوم والمجرات والكواكب وما تحتويه، إلى جانب 95% تمثل ما تسمى المادة والطاقة المظلمتين. ويَفترض هذا النموذج أنه بعد الانفجار العظيم، تشكّل الهيدروجين كأبسط وأخف عنصر في الكون، وكان من المفترض أن يشكّل معظم المادة العادية. لكن عند قياس كمية الهيدروجين المرصودة في النجوم والمجرات حاليا، ومقارنتها بما يفترض أنه خرج من الانفجار العظيم، وجد العلماء أن هناك نقصا كبيرا، إذ لم يتمكنوا من حساب نحو نصف الكمية المتوقعة.​ البحث عن نصف الكون وحيرت هذه المادة المفقودة العلماء لسنوات، إذ لم تظهر في المسوحات التلسكوبية أو خرائط الإشعاع، لكن الأرصاد الجديدة -التي وثقها الباحثون في دراسة تخضع الآن لتحكيم الأقران في دورية "فيزكال ريفيو ليترز"- تشير إلى وجود هذه المادة كغاز هيدروجين متأين غير مرئي حول المجرات. وحسب الدراسة، أوضح الباحثون أن هذا الهيدروجين كان يصعب اكتشافه بسبب كثافته المنخفضة ودرجة حرارته العالية، مما جعله غير مرئي بالتقنيات التقليدية.​ وقد جاء هذا الاكتشاف من تجميع أكثر من مليون صورة لمجرات، حصل الباحثون عليها من أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة (ديسي) المثبتة في مرصد كيت بيك في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب قياسات إضافية من تلسكوب أتاكاما لعلم الكونيات في شيلي. درس العلماء هذه الصور لرصد إشارات خافتة للغاية مما يسمى بـ"تأثير سونييف-زيلدوفيتش الحركي"، الذي يقيس التغيرات الطفيفة في درجة حرارة الإشعاع الكوني. ويوضح هذا التأثير أماكن تشتت الضوء الصادر من إشعاع الخلفية الكونية الميكروي بواسطة الإلكترونات الحرة في سحب الغاز العملاقة، هذا الضوء نشأ بعد 380 ألف سنة من الانفجار العظيم، ثم انطلق لينتشر في الكون كله، ويمكن للعلماء رصد التغيرات الدقيقة فيه. بين المجرات ومن خلال فحص تلك الصور، ضخّم العلماء إشارة هذا الإشعاع المشتت، الذي يُحدث تقلبات طفيفة في درجة حرارة إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، مما يُشير إلى مكان سحب الغاز. في الواقع، فإن معظم المادة في الكون ليست في النجوم، بل في غاز الهيدروجين، الذي غالبا ما يكون متأينا وغير مرئي، وينتشر في خيوط كونية، وهي هياكل تشبه الشبكة تربط المجرات عبر مسافات شاسعة. وتُشكل هذه الخيوط ما يسمى "الوسط بين المجرات الدافئ-الحار"، الذي يعد ساخنا ورقيقا للغاية بحيث يصعب اكتشافه، والواقع أن هذه هي المرة الأولى التي يُقدّر فيها العلماء توزيع المادة في هذا الوسط بتلك الدقة. آمال بحثية ويُساعد العثور على المادة المفقودة في استكمال جرد العلماء للمادة العادية في الكون، الأمر الذي يحسن من فهم الوسط العلمي لتطور المجرات والبنية واسعة النطاق للفضاء، حيث عانت النماذج النظرية التي افتقرت إلى هذا المكون الغازي من تناقضات عديدة في السابق، والآن يُمكن إصلاحها. وكان علماء الفلك يعتقدون سابقا أن الثقوب السوداء العملاقة في مراكز المجرات تُطلق الغاز فقط في مراحلها النشطة المبكرة، ولكن الأرصاد الجديدة تشير إلى أن مصدر هذا الغاز قد يكون التغذية الراجعة الدورية، أي أن الثقوب السوداء العملاقة يمكن أن تنشط وتنطفئ في دورات، وقد وجدت الدراسة أن التغذية الراجعة أقوى وأطول مما أشارت إليه البيانات السابقة. ويعتقد الباحثون أن هذه النتائج تُعد خطوة مهمة في تحسين فهمنا لكيفية تطور المجرات والنجوم داخلها، وكيفية عمل الثقوب السوداء العملاقة، وقد تساعد هذه النتائج على فهم المادة المظلمة بشكل أفضل من خلال إزالة الشكوك حول المادة المرئية

الكون كله يدور حول نفسه مرة كل 500 مليار سنة
الكون كله يدور حول نفسه مرة كل 500 مليار سنة

الجزيرة

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • الجزيرة

الكون كله يدور حول نفسه مرة كل 500 مليار سنة

يفترض فريق بحثي -بقيادة علماء من جامعة هاواي الأميركية- أن الكون قد يدور ببطء شديد، الأمر الذي يمكن أن يساعد في حل ما يسمى "توتر هابل" وهو مشكلة أرقت العلماء منذ عقود. ويشير توتر هابل إلى التناقض بين طريقتين لقياس معدل تمدد الكون (ثابت هابل) الأولى هي القياسات المحلية حيث تشير الأرصاد القادمة من المستعرات العظمى والمجرات القريبة إلى معدل تمدد أسرع للكون، بينما تشير قياسات الكون المبكر أي تلك التي تعتمد على بيانات الخلفية الكونية الميكروية (وهج الانفجار العظيم) البعيدة إلى معدل تمدد أبطأ. ولأن كل شيء في علم الكونيات تقريبا يعتمد على معدل تمدد الكون، فإن هذا التناقض يسبب بالتبعية بلبلة في النتائج التي يتحصل عليها العلماء، ويُشكك في فهمنا الحالي لعلم الكونيات، حيث يشير إلى أن النماذج التي يستخدمها العلماء لفهم وتفسير طبيعة هذا الكون قد تكون غير مكتملة. كون دوّار وبحسب الدراسة -التي نشرت في دورية "مونثلي نوتيس أوف رويال أسترونوميكال سوسيتي"- يقترح الباحثون أن الكون، ككتلة واحدة، قد يكون له حركة دوران طفيفة للغاية، حوالي دورة كاملة كل 500 مليار سنة، مما يُصعّب رصده مُباشرةً. ومن خلال تعديل النظريات الكونية القياسية عبر دمج مُكوّن دوراني، وجد الباحثون أن النموذج المُعدّل يتماشى مع الأرصاد الفلكية الحالية، كما أنه يُوفق هذا بين القياسات المختلفة لثابت هابل. وفي النظرية النسبية العامة، والتي تعد مركز علم الكونيات المعاصر، يمكن لكتلة دوارة (حتى الكون بأكمله) أن تُلوي نسيج الفضاء (الزمكان) وهذا ما يُسمى بسحب الإطار. ولفهم الفكرة، تخيل أن هناك كرة حديدية تدور في وعاء مليء بالعسل، مما سيدفع العسل حولها للدوران، ونفس الشيء يحصل في الفضاء حول الأجسام الضخمة. وفي هذا السياق، تفحص الدراسة هذا "الكون الملتوي" باستخدام أدوات رياضية، ليظهر أنه لن يتمدد بالتساوي التام في جميع الاتجاهات، فقد تبدو بعض المناطق وكأنها تتمدد بشكل أسرع أو أبطأ اعتمادًا على مكان وكيفية نظرنا، وهذا ما قد يُساعد في تفسير توتر هابل، حيث يظهر اختلاف بين القياسات الصادرة من المجرات القريبة وإشعاع الخلفية الكوني البعيد. وإلى الآن، لا توجد أرصاد مباشرة لحالة الدوران الكوني المفترضة، ولذلك يؤكد الباحثون أن مقترحهم يظل بحاجة للمزيد من البحث، خاصة في سياق إيجاد طرق للتأكد من سلامته تجريبيا. وبفرض صحة هذه الفرضية، سيحتاج العلماء إلى إعادة النظر في النماذج الكونية الحالية، وسيضيف الدوران جانبًا جديدا مثيرا للانتباه، إلى لغز بنية الكون وأصله.

ثورة في علم الفيزياء.. هل كل ما نعرفه عن الزمن الكوني خاطئ؟!
ثورة في علم الفيزياء.. هل كل ما نعرفه عن الزمن الكوني خاطئ؟!

الجزيرة

time٠١-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • الجزيرة

ثورة في علم الفيزياء.. هل كل ما نعرفه عن الزمن الكوني خاطئ؟!

مقدمة للترجمة يفترض فريق من علماء الكونيات أن الكون لا يتميز ببنية مكانية فحسب (حيث تتوزع المجرات في خيوط تفصل بينها فراغات*)، بل يتمتع أيضًا ببنية زمنية، حيث لا يتدفق الزمن بالوتيرة ذاتها في كل مكان، بل يختلف من مكان لآخر. تُعَد هذه الفكرة خروجًا جذريًّا عن المألوف، بل إن وصفها بالخروج عن المألوف سيكون تقليلًا من شأنها. فلطالما اعتقدنا أن الزمن يسير بالوتيرة ذاتها في جميع أنحاء الكون على المقاييس الكبيرة. ولكن وفقًا لهذا النموذج المعروف باسم "علم الكونيات الزمني"، توجد مناطق شاسعة في الكون تشهد على تدفق الزمن بمعدل أسرع مما نفترض، وهو ما يعني أن تلك المناطق شهدت مليارات السنين الإضافية مقارنة بما افترضناه سابقًا. نص الترجمة تخيّل أن أمامك الآن منظرًا خلابًا حيث تُلقي الشمس بظلالها على قمم جبال مُغطاة بالثلوج في الأفق البعيد، بينما يتعرج نهرٌ عبر تلالٍ متدحرجة. ثمة ما هو رائع في تأمل تضاريس هذا المشهد الطبيعي البديع الذي يُثير في نفوسنا شعورا بالجلال والروعة. قد لا يبدو ذلك واضحًا عندما ترنو إلى السماء ليلًا، إلا أن للكون مشهدًا خاصا به حيث تتشكل خيوط من المجرات تفصل بينها فراغات شاسعة تكاد تكون خالية تمامًا. وهذه حقيقة توصل إليها العلماء منذ زمن بعيد. ونتيجة لذلك، قرر فريق من علماء الكونيات سبر أغوار هذه الحقيقة بدرجة أعمق مفترِضين أن الكون لا يتميز ببنية مكانية فحسب (حيث تتوزع المجرات في خيوط تفصل بينها فراغات*)، بل يتمتع أيضًا ببنية زمنية، حيث لا يتدفق الزمن بالوتيرة ذاتها في كل مكان، بل يختلف من مكان لآخر. تُعَد هذه الفكرة خروجًا جذريًّا عن المألوف، بل إن وصفها بالخروج عن المألوف سيكون تقليلًا من شأنها. فلطالما اعتقدنا أن الزمن يسير بالوتيرة ذاتها في جميع أنحاء الكون على المقاييس الكبيرة. ولكن وفقًا لهذا النموذج المعروف باسم "علم الكونيات الزمني"، توجد مناطق شاسعة في الكون تشهد على تدفق الزمن بمعدل أسرع مما نفترض، وهو ما يعني أن تلك المناطق شهدت مليارات السنين الإضافية مقارنة بما افترضناه سابقًا. قد يبدو الأمر غريبًا، لكن ما يجذب بعض الفيزيائيين إليه هو أن جمال هذه النظرية يكمن في بساطتها، فهي لا تتطلب أي فيزياء غريبة، بل تنبع تلقائيًّا من نظرية معروفة، يقول عنها مبتكرها ديفيد ويلتشير من جامعة كانتربري بنيوزيلندا: "إنها جزء من بنية النسبية العامة، لكنها ببساطة لم تكن جزءًا من الأفكار التي طرأت على أذهان الناس سابقًا". قد يكون هذا الافتراض مفتاحًا لحل أحد أكبر الألغاز في الفيزياء، بل وقد يُفضي إلى تغيير جذري في الطريقة التي يعتمدها الفلكيون لوصف هيكلة الكون. والآن، مع تدفق البيانات الجديدة من عمليات المسح الفلكي، بدأت تظهر إشارات توحي بأن هذه الفكرة قد يعتريها شيء من الصحة. "لامدا- سي دي إم" منذ ما يقرب من قرن من الزمان، توصل علماء الفلك إلى أن الفضاء يتمدد. فأيّ شيء لا يرتبط بالجاذبية مع غيره يبتعد عن كل الأشياء الأخرى. وهذا أمر متوقع باعتبار أن الكون بدأ بانفجار عظيم أدى إلى انطلاق عملية من التوسع. لكن في منتصف التسعينيات، توصلت مجموعتان بحثيتان مستقلتان إلى اكتشاف أساسي ومفاجئ للغاية، لدرجة أنهما فازتا بجائزة نوبل بسببه. توصلت المجموعتان إلى أن الكون لا يتمدد فحسب، بل إن معدل تمدده يتزايد بمرور الوقت. ونظرًا إلى عدم وجود تفسير واضح لهذا الأمر، افترض علماء الكونيات أن الفضاء زاخر بـ"طاقة مظلمة" غامضة تدفع الكون إلى التوسع بوتيرة أسرع فأسرع. غير أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود تفسير طبيعي واضح لماهية هذه الطاقة المظلمة رغم العقود الطويلة التي بُذلت في سبيل البحث والتفكير فيها. ومع غياب أي بديل أفضل، أصبحت الطاقة المظلمة ركيزة أساسية في علم الكونيات. ينطبق هذا الأمر أيضًا على فرضية تُعرف باسم "المبدأ الكوني" قدّمها عالم الفيزياء الفلكية البريطاني إدوارد آرثر ميلن عام 1933. وينص المبدأ على أن الكون متجانس، أي أنه يبدو متشابهًا في كل مكان، ولا يوجد مكان مميز عن غيره. بمعنى آخر، إذا كنت في مجرة بعيدة بدلًا من الأرض، فسترى الكون بالطريقة التي نراه بها نحن على الأرض. لنأخذ على سبيل المثال عمر الكون الذي يُقدِّره علماء الفلك بنحو 13.8 مليار سنة، وذلك بناءً على قياسات أُجريت من الأرض. لكن وفقًا للمبدأ الكوني، لو أجرينا الحسابات ذاتها من أي نقطة عشوائية في الفضاء، لحصلنا على النتيجة نفسها. ويرجع ذلك إلى أن الكون -على المقاييس الكبيرة – يتمتع بخاصيتين أساسيتين، وهما التجانس، بمعنى أن خصائصه متشابهة في كل مكان، والتناظر، أي أنه يبدو متماثلًا في جميع الاتجاهات. وتأكيدًا على ذلك، يقول جوشوا فريمان، عالم الكونيات من جامعة شيكاغو: "عندما أنظر إلى توزيع المجرات على نطاق واسع، أرى تقريبًا نفس العدد من المجرات بغض النظر عما إذا نظرت شمالًا، أو جنوبًا، أو شرقًا أو غربًا". وبتطبيق هذا المبدأ الكوني إلى جانب نظرية النسبية العامة لأينشتاين -التي تُفسِّر كيف تؤثر الجاذبية في الزمان والمكان- سنحصل على نموذج كوني يحتاج إلى عناصر إضافية لتفسير الكون كما نراه اليوم، وهي المادة المظلمة والطاقة المظلمة. يفترض النموذج القياسي لعلم الكونيات أن المادة المظلمة تتكون من جسيمات ثقيلة وبطيئة تُعرف باسم المادة المظلمة الباردة (CDM)، في حين تُعتبر الطاقة المظلمة مجال طاقة ثابتًا يُرمز إليه بالحرف الإغريقي λ (لامدا). ومن هنا جاء اسم النموذج الكوني "لامدا- سي دي إم"، وهو الإطار الذي يعتمد عليه معظم علماء الفلك والكونيات في دراسة الكون. ويوضح فريمان ذلك قائلا: "يوفر لنا هذا النموذج إطارًا لفهم كيفية تشكل وتطور البنية الكونية، وهو ما يتوافق مع عمليات الرصد الفلكية". تكمن مشكلة المبدأ الكوني في أن الكون يبدو متجانسًا فقط على المقاييس الكبيرة، أي على مسافات تبلغ نحو 400 مليون سنة ضوئية أو أكثر. أما عند المقاييس الأصغر، فتختلف الأمور اختلافًا كبيرًا من مكان لآخر. فعلى هذه المقاييس، نجد تجمعات ضخمة من المجرات تضم كميات هائلة من المادة؛ مما يجعلها مترابطة بفعل الجاذبية ولا تتأثر بتمدد الكون. وفي المقابل، توجد فراغات كونية شاسعة تكاد تخلو من المادة، لذلك يستمر التمدد فيها بوتيرته الطبيعية (بخلاف المناطق التي تحتوي على تجمعات مجرية ضخمة*). يشبه هذا الأمر شكل الأرض من الفضاء، حيث تبدو كأنها كرة مثالية، لكن عند الاقتراب، تكشف التفاصيل عن جبال ووديان تُخِلّ بتوازن هذا الشكل المنتظم. وتيرة أسرع مما افترضنا في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لفتت انتباه ويلتشير تلك الأبحاث التي أجراها توماس بوخارت في مختبر فيزياء الجسيمات "سيرن" بالقرب من جنيف في سويسرا. أدرك بوخارت أن عدم تجانس الكون يمثل مشكلة كبيرة، خاصة مع افتراض أن الفراغات الكونية تشكل ما يصل إلى 95% من حجم الكون. لذلك، بدأ في تطوير طريقة أفضل للتعامل معها. فبدلًا من الاكتفاء بافتراض صحة المبدأ الكوني، تبنى ويلتشير أساليب بوخارت وطبقها على نظرية النسبية العامة، ليولد في عام 2007 نموذج "المشهد الزمني"، الذي يُعيد النظر في كيفية تدفق الزمن في مختلف مناطق الكون. تعتمد فكرة نموذج المشهد الزمني على ظاهرة غريبة تُعرف باسم "تمدد الزمن الجذبوي". وفقًا لهذه الظاهرة، فإن الجاذبية القوية للأجسام الضخمة تعمل على تشويه الزمكان، وهو ما يُفضي إلى بطء مرور الزمن بالقرب من هذه الأجسام مقارنة بالمناطق الأبعد عنها. وكلما زادت شدة الحقل الجذبوي، زاد بطء الزمن. صحيح أن هذا المفهوم لا يُعتبر جديدًا، إلا أن علماء الكونيات افترضوا عمومًا أن هذه التأثيرات تتلاشى على المقاييس الكبيرة، لأن المبدأ الكوني ينص على أن المادة موزعة بالتساوي تقريبًا في جميع أنحاء الكون. بمعنى آخر، على الرغم من وجود مناطق ذات جاذبية قوية حيث يمر الزمن أبطأ (مثل المجرات)، ومناطق ذات جاذبية ضعيفة حيث يمر الزمن أسرع (مثل الفراغات الكونية)، فإن هذه الفروق تتوازن عند النظر إلى الكون على نطاق واسع، بحيث لا يكون لها تأثير كبير في التوسع الكوني أو عمر الكون المحسوب. لكن نموذج المشهد الزمني يرى أن هذا الافتراض قد يكون خاطئًا، وأن هذه التأثيرات لا تتلاشى كليًّا، بل قد تؤثر في طريقة فهمنا لتمدد الكون وعمره. إذا تخلّينا عن المبدأ الكوني كما يقترح ويلتشير وزملاؤه، فلن يعود بإمكانكَ افتراض أن تأثيرات تمدد الزمن الجذبوي تتلاشى على المقاييس الكبيرة. وبدلًا من ذلك، يصبح من الضروري بناء نموذج كوني جديد يأخذ هذه الفروق الزمنية في الحسبان. ولتحقيق ذلك، لابد من الخوض في التفاصيل الدقيقة لمعادلات أينشتاين، التي تربط بين خصائص الزمكان وكمية المادة والطاقة الموجودة داخله. تحدد هذه الخصائص ما إذا كانت منطقة معينة من الكون تتمدد، وإذا كان الأمر كذلك، فبأي معدل يحدث هذا التمدد، وبأي سرعة يمر الزمن في تلك المنطقة مقارنة بغيرها. ونظرًا إلى وجود كمية ضئيلة جدًّا من المادة داخل الفراغات الكونية، فإن مرور الزمن يختلف تمامًا هناك. وكما يوضح ريان ريدن-هاربر، أحد أعضاء الفريق بجامعة كانتربري بنيوزلندا: "قد يكون عمر الفراغات الكونية أقدم من عمر التجمعات المجرية بما يصل إلى 4 مليارات سنة". بمعنى آخر، سيكون الزمن قد مرّ -منذ الانفجار العظيم- بوتيرة أسرع في المناطق الفارغة مقارنةً بالمناطق ذات الكثافة العالية، مثل مجرة درب التبانة؛ مما سيؤدي إلى نتيجة غير متوقعة، وهي أن عمر الكون ليس ثابتًا، بل يختلف اعتمادًا على الموقع الذي نقيس منه داخل الكون. وبالتالي، لا يمكن اعتبار أن للكون عمرًا واحدًا مطلقًا يشمل جميع أجزائه. هذا يعني أيضًا أن الفضاء داخل الفراغات الكونية يتمدد لمدة تصل إلى أربعة مليارات سنة أكثر مما كنا نفترض لو اعتمدنا فقط على عمر الكون المحسوب من داخل مجرة درب التبانة. لكن عند تصحيح هذا الاختلاف الزمني بين المواقع المختلفة باستخدام نموذج الزمن المتغير، يدّعي الباحثون أن الحاجة إلى افتراض وجود الطاقة المظلمة تختفي تمامًا. (بمعنى آخر، قد لا يكون هناك طاقة مظلمة تدفع الكون إلى التوسع المتسارع، بل يكون التفسير ببساطة أن الزمن يمر بمعدلات مختلفة عبر مناطق الكون المختلفة*). منذ طرحها لأول مرة، واجهت هذه الفكرة صعوبة في إقناع المجتمع العلمي، ولم يكن ذلك مقتصرًا على مجموعة ويلتشير فقط، بل ظهرتْ محاولات سابقة ومناهج مختلفة لمعالجة عدم التجانس الواضح في بنية الكون. ومع ذلك، لم تنجح هذه الفكرة أيضًا في تغيير الرأي السائد في الأوساط العلمية. الفراغات المتمددة ما زال بعض العلماء غير مقتنعين بهذه الفكرة ومن بينهم فريمان الذي يقول معلِّقًا على ذلك: "توجد أبحاث كثيرة حول نظريات الكون غير المتجانسة. وعند أخذ هذه البُنى الكونية الضخمة في الاعتبار، هل يُمكن أن تُؤثّر فعليًّا في توسّع الكون بطريقةٍ تُحاكي تأثيرات الطاقة المظلمة؟ من وجهة نظري، تُشير غالبية الأبحاث إلى أن هذا ليس هو الحال، مما يعني أن تأثير عدم التجانس في بنية الكون لا يبدو كافيًا لاستبدال فكرة الطاقة المظلمة". كما أن فريمان ليس الوحيد الذي يشكك في هذه الفكرة، إذ يرى ويلتشير أيضًا أن المحاولات السابقة لبناء نماذج كونية غير متجانسة لم تكن كاملة، لأن الباحثين استمروا في افتراض أن للكون عمرًا ثابتًا في كل مكان. ويؤكد ويلتشير أن ما لم يُدركه الكثيرون هو أن نموذج المشهد الزمني يختلف عن تلك النماذج السابقة، لأنه يأخذ في الاعتبار تفاوت عمر الكون من مكان لآخر. وهذا ما يجعل الفكرة أكثر منطقية، وذلك لسماحها بتمدد الفراغات الكونية لمليارات السنين أكثر مما كنا نتوقع عند الاعتماد على الحسابات المحلية. ويضيف ويلتشير: "عندما تجتمع هذه التأثيرات على مدى مليارات السنين، تصبح الفروق هائلة". قد تكون لدى ويلتشير الآن فرصة جديدة لإقناع زملائه بوجهة نظره، وذلك بفضل مجموعة بيانات جديدة تُعرف باسم "بانثيون+". تحتوي هذه البيانات على ملاحظات خاصة بـ1535 مستعرًا أعظم (سوبرنوفا) من نوع خاص يُعرف باسم المستعر الأعظم من "النوع 1 إيه". وتتميز هذه النجوم المتفجرة بأنها تُطلق نفس كمية الطاقة تقريبا، لذا فإن أي اختلاف في سطوعها هو نتيجة بعدها عن الأرض. وبفضل هذه الخاصية، تُعد هذه المستعرات العظمى أداة دقيقة جدًّا لقياس تمدد الكون. وتكمن القيمة الحقيقية لمجموعة بيانات ويلتشير في أن جميع عمليات الرصد قد فُحصت بدقة لإزالة أي أخطاء محتملة ناتجة عن تسجيل المستعرات العظمى باستخدام تلسكوبات مختلفة. وبفضل هذا الحجم الكبير والدقة العالية للبيانات، أصبح من الممكن إجراء مقارنة حقيقية بين نموذج المشهد الزمني، والنموذج الكوني القياسي (مما قد يساعد في تقييم مدى صحة الفرضية التي تقترح عدم الحاجة إلى الطاقة المظلمة*). وفي يناير/كانون الثاني 2025، نشر ويلتشير وزملاؤه أحدث تحليل لهم استخدموا خلاله بيانات المستعرات العظمى من "بانثيون+" لمقارنة مدى توافق النموذج الكوني القياسي مع البيانات، مقابل نموذج المشهد الزمني. ويؤكد الباحثون أن التحليل الإحصائي الذي أجروه يُقدّم "أدلة قوية جدًّا لصالح نموذج المشهد الزمني مقارنة بالنموذج القياسي"؛ مما قد يشير إلى إمكانية الاستغناء عن فرضية الطاقة المظلمة إذا كان هذا النموذج صحيحًا. ومع ذلك، فإن هذا التطور الأخير لا يزال غير كافٍ لإقناع فريمان، الذي يشغل منصب مدير مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة، وهو مشروع تعاوني يضم أكثر من 400 عالم من مختلف أنحاء العالم. تكمن المفارقة في أن بيانات مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة الخاصة بالمستعرات العظمى، التي جُمعت بين 2013 و2019، أظهرتْ تفضيلًا لنموذج الزمن المتغير على حساب النموذج القياسي، تمامًا مثل نتائج ويلتشير. غير أن السبب وراء استمرار شكوك فريمان، يكمن في قياسات ظاهرة كونية أخرى تُعرف باسم تذبذبات باريون الصوتية. فقد أجرى مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة أيضًا قياسات لهذه التذبذبات، وعندما دُمجت مع بيانات المستعرات العظمى، جاءت النتائج معاكسة تمامًا، حيث فضلّت النموذج القياسي على نموذج المشهد الزمني. يمكن التفكير في تذبذبات باريون الصوتية على أنها تموجات في البنية الكونية واسعة النطاق. وهي مرتبطة بالموجات الصوتية التي انتشرت في البلازما البدائية، وهي الحوض الكوني الساخن الذي احتوى على جسيمات شديدة الحرارة ملأت الكون في مراحله الأولى، قبل أن تبرد تدريجيًّا وتندمج لتشكل المجرات التي نراها اليوم. وقد تركت هذه الموجات اختلافات في الكثافة؛ مما أدى إلى تشكيل أنماط مميزة في توزيع تجمعات المادة والفراغات الكونية. وسرعان ما أصبحت هذه التفاوتات في الكثافة هي المخطط الأساسي الذي يُحدد الشكل العام لبنية الكون، بما في ذلك أماكن تكتل المجرات والفراغات الواسعة التي نراها اليوم. عندما استخرج رايان كاميليري من جامعة كوينزلاند بأستراليا وزملاؤه بيانات تذبذبات باريون الصوتية من ملاحظات مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة، وقارنوا هذه البيانات بتوقعات كل من النموذج الكوني القياسي، ونموذج المشهد الزمني، توصلوا إلى أن النموذج القياسي تفوق بوضوح. ومع ذلك، لا يزال فريق ويلتشير غير مقتنع تمامًا بهذه النتيجة، ويرغب في التحقق منها بدرجة أعمق. وعن ذلك، يقول رايان ريدن-هاربر، أحد أعضاء الفريق: "أهم ما يمكننا فعله حاليًّا هو إعادة النظر في مسألة تذبذبات باريون الصوتية، والتحقق مما إذا كان صحيحًا أن النموذج القياسي لعلم الكونيات يتفوق بطبيعته على هذا النموذج الجديد". ترتبط الموجات التي تركت هذه البصمة الكونية بسرعة الصوت في البلازما البدائية، التي حُسبتْ بدقة شديدة ضمن النموذج القياسي، لكنها لم تُحسب بعد لنموذج المشهد الزمني. لهذا يعمل ويلتشير وفريقه حاليًّا على هذه الحسابات لمحاولة اختبار مدى دقة نموذجهم في تفسير البيانات. إن الوصول إلى الإجابة الصحيحة أمر في غاية الأهمية، لأن هناك الكثير مما يمكن أن يتأثر بناءً على هذه النتيجة. يُعتبر النموذج القياسي لعلم الكونيات الأساس الذي نبني عليه فهمنا للكون، ورغم أنه حقق نجاحات كبيرة بلا شك، فإنه مع ذلك يواجه عدة تحديات ظهرت من أبحاث علم الكونيات الحديثة، ولا تقتصر هذه التحديات على نموذج المشهد الزمني فحسب. مستقبل علم الكونيات الخلاصة هي أن النموذج القياسي لعلم الكونيات لم يعد يتوافق مع جميع ملاحظاتنا الكونية. ففي عام 2005، بدأ آدم ريس من جامعة جونز هوبكنز في ماريلاند -وهو أحد العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل لاكتشاف الطاقة المظلمة- تسليط الضوء على لغز علمي يُعرف باسم "توتر هابل". يشير هذا اللغز إلى أن الطريقتين الرئيسيتين لحساب معدل التمدد الحالي للكون، المعروف باسم "ثابت هابل" لا تعطيان النتيجة ذاتها. فمثلًا تُعطي الطريقة الأولى، التي تعتمد على ملاحظات المستعرات العظمى في الكون القريب نسبيًّا، قيمة تبلغ حوالي 73 كيلومترًا في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي (وهو وحدة قياس المسافات الكبيرة في الفضاء ويساوي 3.26 سنوات ضوئية*). أما الطريقة الأخرى لحساب ثابت هابل فتعتمد على رصد إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو الإشعاع الخافت الباقي من الانفجار العظيم، ومن ثم استخدام النموذج القياسي لتتبع تطور الكون على مدى 13 مليار سنة وصولًا إلى قيمته الحالية. وفقًا لهذه الطريقة، ينبغي أن يكون ثابت هابل اليوم 67.7 كيلومترًا في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي. لكن التباين بين هذه النتيجة والنتيجة التي نحصل عليها من ملاحظات المستعرات العظمى يمثل مشكلة كبيرة. ويرى ريس أن هذا الاختلاف قد يكون "إشارة إلى وجود خلل ما في النموذج الكوني القياسي". يعتقد ويلتشير أن نموذج المشهد الزمني قد يكون الحل لمشكلة "توتر هابل". فعندما انبعث إشعاع الخلفية الكونية الميكروي بعد حوالي 380,000 سنة من الانفجار العظيم، كانت البلازما البدائية التي ملأت الكون متجانسة تقريبًا. ولكن مع مرور الوقت، أدت الجاذبية إلى تجمع المادة؛ مما خلق بنية غير متجانسة تتألف من عناقيد مجرية وفراغات كونية. إضافة إلى أن ما يميز نموذج المشهد الزمني هو أنه يأخذ هذا التطور في الحسبان، في حين أن النموذج الكوني القياسي لا يفعل ذلك بدرجة كافية. والنتيجة هي أن النموذج الجديد يتوقع ثابت هابل أعلى مما يتوقعه النموذج القياسي، لأن الفراغات الكونية قد توسعت أكثر مما يفترضه النموذج القياسي. إن الوقت الحاسم لنموذج المشهد الزمني يقترب بسرعة. فخلال السنوات الخمس القادمة، ستتوفر بيانات أدق وأفضل لعلماء الكونيات. في السياق ذاته، يقول ويلتشير إن هذه البيانات ستكون قادرة على حسم الجدل نهائيًّا بين هذا النموذج الجديد والنموذج القياسي. وتشمل هذه البيانات المنتظرة نتائج من أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة في أريزونا، التي تعمل على إنشاء خريطة للكون من المتوقع اكتمالها بحلول عام 2026. كما أننا في انتظار بيانات جديدة من تلسكوب "إقليدس" الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وكذلك من التلسكوب العملاق "فيرا روبين" في تشيلي. أما تلسكوب روبين الذي سيعمل على اكتشاف المستعرات العظمى، فمن المفترض أن يبدأ مسحه السماوي الواسع هذا العام. وعن ذلك، تقول إيموجين ويتام من جامعة أكسفورد، التي تبحث في تطور المجرات: "هذان المسباران سيُحدثان نقلة نوعية في مجال مسوحات المجرات الكونية، وسيمثلان نقلة نوعية في هذا المجال". تتمحور وظيفة تلسكوب إقليدس حول رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لبنية المجرات؛ مما سيوفر معلومات أكثر تفصيلًا حول تذبذبات باريون الصوتية BAO (وهي آثار لموجات الصوت البدائية التي ساعدت في تشكيل بنية الكون*). أما تلسكوب روبين، الذي سيبدأ مسحه الشامل للسماء هذا العام، فسيكون بمثابة آلة لاكتشاف المستعرات العظمى (السوبرنوفا). وعن ذلك، تقول إيموجين ويتهام، الباحثة في جامعة أكسفورد والمتخصصة في تطور المجرات: "هذان التلسكوبان سيغيران قواعد اللعبة، فهما يمثلان قفزة نوعية كبيرة في هذا المجال". كل هذا يعني أن مستقبل علم الكونيات لا يزال غير محسوم. لكن ويلتشير لا يمانع في الانتظار، فقد قضى ما يقرب من عشرين عامًا في تطوير فرضية "المشهد الزمني"، وهو على استعداد للانتظار بضع سنوات أخرى لمعرفة ما إذا كان قد اكتشف سرًّا من أسرار الكون التي تجاهلها الآخرون. وفي النهاية يختتم حديثه قائلًا: "بحلول نهاية هذا العقد، سنعرف حتمًا الإجابات".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store