أحدث الأخبار مع #غازيالقصيبي


جريدة الرؤية
منذ 5 أيام
- أعمال
- جريدة الرؤية
صندوق توظيف الأجيال
سعيد بن محمد الجحفلي لقد ساهمت الدِبلوماسيّة العُمانية الناجحة في إخماد العديد من النزاعات والحروب بين الدول، بعد أن عجزت عن حلها دول كبرى، وهذه الميزة حكمة ورثتها السياسة العُمانية من إرث الإمبراطورية التي أسسها سلاطين عُمان العِظام. والحكمة هنا ليست مُقتصرة على حل الصراعات والصراعات الخارجية فحسب، بل قادرة أيضًا على حل ما يستعصي من أمور داخلية تخص المواطن ومعيشته اليومية، فأهم مشكلة أصبحت تؤرق المواطن العُماني حاليًا هي مشكلة الباحثين عن عمل، رغم وفرة مصادر دخل الدولة وتعددها، ولدينا ثقة وقناعة تامة بأنَّ الذي يستطيع حل المشاكل الدولية ونزاعات الحروب التي تحرق البيئة والإنسان، قادرٌ بحكمته وتكاتف كل القطاعات المدنية والعسكرية والقطاع الخاص أن يجد حلولًا مستدامة لأبناء هذا الشعب الكريم الذي يستحق أن يعيش معززًا في وطنه. نعلم جميعًا أن الدولة ترصد مئات الملايين من الريالات سنويًا لتنفيذ المشاريع الإنمائية وتجويد البُنية التحتية على امتداد محافظات وولايات السلطنة، وهذه الخدمات كُلها نُفِذت لخدمة المواطن العُماني، لكن إذا كان أبناء المواطن أصبحوا يعانون من شح فرص العمل وضنك العيش في بلادهم، فما الجدوى من صرف تلك الملايين على تنفيذ المشاريع والخدمات مع وجود خلل في ترتيب منظومة الأولويات في التنمية! ولتحقيق التوازن بين تلك المفاهيم يجب أن نُوظّف مفهوم المرونة في مكانها الصحيح والتي تعني القدرة على خلق الأفكار الجديدة وغير التقليدية بما يُلائم المواقف الطارئة واستيعاب وجهات النظر المختلفة. ولسبر أغوار الموضوع أكثر نستعرض بعض الحالات الحقيقية من واقع سوق العمل كما يلي: الحالة الأولى: مواطن لديه نشاط تجاري في مجال المقاولات ويعمل معه عشرة عمال وبسبب التعثرات المالية لدى إحدى الشركات الكبيرة التي نفذ لها أعمالا إنشائية لم يستطع أن يحصل على مستحقات شركته وحاليًا موضوعه لدى المحاكم، وهذه أزمته الأولى التي يعاني منها. صدر قرار وزارة العمل بضرورة تحويل رواتب العمال عبر حساب الشركة ولعدم توفر مبالغ في حساب الشركة بدأت الغرامات تتراكم عليه بواقع 50 ريالًا كل شهر وهذا سبب له أزمة ثانية، والأزمة الثالثة هي غرامة 50 ريالًا كل شهر عن كل عامل إذا لم يحول راتبه حسب نظام حماية الأجور. وبهذا أصبح يعاني من 3 أزمات مركبة، وإذا تم إلزامه بتعيين مواطن عُماني، فإنه لن يستطيع أن يصرف راتبًا له بمبلغ 325 ريالًا مع اشتراك صندوق الحماية الاجتماعية، وهذا الحال ينطبق على آلاف الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. الحالة الثانية: امرأة عُمانية ربة منزل لديها محل ملابس في صلالة وأُجرة المحل كل شهر 350 ريالًا، تعمل عندها عاملة أجنبية براتب شهري عن الفترة الصباحية بمبلغ 150 ريالًا، ويخبرني زوجها أن مُعظم الشهور يدفع عنها جزءًا من التزامات المحل، لكنها تصر على الاستمرار؛ أملًا في تعويض خسارتها في مواسم الأعياد "الفطر والأضحى"، وتنتعش مبيعاتها في موسم الخريف فقط لذلك هي صابرة. كيف ستوظف مواطنة عُمانية وتوفر لها الراتب الشهري واشتراك صندوق الحماية الاجتماعية؟ هذه الحالات التي تمت الإشارة اليها أعلاه، صحيحة وموثقة ويوجد مثلها آلاف الحالات في سوق العمل. وإذا استعرضنا حيثيات قرار وزارة العمل الأخير الذي يلزم أصحاب السجلات التجارية بتوظيف مواطن باحث عن عمل، أو عليه أن يدفع غرامات مالية!! فإنَّ القرار يجب أن يكون رشيدًا ومبنيًا على معلومات حديثة ودقيقة وشاملة. يقول الدكتور غازي القصيبي- رحمه الله- في كتابه "حياة في الإدارة": "على متخذ القرار ألا يتخذ أي قرار إلا إذا اكتملت أمامه المعلومات"، وعلى القرار أن يستثمر الزيارات الميدانية المفاجئة أثناء العمل. وقال كذلك: "لا ينبغي للرئيس الإداري مهما كان تعلقه بالمؤسسة التي يرأسها أن يَخْتَلِقُ جدوى لا توجد، وأن يحرص على توسع لا ينفع"، هذه القرارات تُحقق مؤشرات سنوية فقط، بغض النظر عن أي تداعيات أخرى. وفي ذات السياق، دعونا نفكر بطريقة مختلفة لتحقيق نتائج مُستدامة، من خلال طرح بعض المقترحات والأفكار التي يمكن الاستئناس بها لحل مشكلة الباحثين عن عمل، وذلك عن طريق الإعلان عن مشروع وطني لتوظيف الأجيال تشارك فيه كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والقطاع الخاص وفقًا للمقترحات الآتية: - إنشاء صندوق وطني باسم "الصندوق الوطني لتوظيف الأجيال" يُموِّل التوظيف، ويُصرف منه منحة للباحثين عن عمل والمسرحين، وتساهم فيه الدولة سنويًا بنسبة معينه من المبالغ، وكذلك شركات القطاع الخاص الكبيرة والبنوك التجارية بنسب تحدد وفق اللوائح الداخلية للصندوق. - ترفع الدولة رسوم استخراج وتجديد السجلات التجارية وشهادات الانتساب لغرفة تجارة وصناعة عُمان، واستخراج وتجديد بطاقات العمال بكل فئاتها (عامل تجاري وخاص) وتجديد الجوازات والبطاقات الشخصية والمركبات بكل أنواعها بنسبة 3- 5% وهذه النسبة الزائدة فقط تحول مباشرة إلى حساب صندوق التوظيف الوطني للأجيال وبقية المبالغ إلى خزينة الدولة كالعادة. - يُصرف مبلغ معونة شهرية 150 ريالًا لكل باحث عن عمل من الصندوق الوطني لتوظيف الأجيال، وتتوقف هذه المعونة إذا تعين الشخص في القطاع العام وتستمر معه إذا تعين في القطاع الخاص براتب الحد الأدنى للأجور 325 ريالًا كرافد ومحفز له. - حصر الوظائف الفنية والمهنية، والوظائف الهندسية بكل أنواعها، والوظائف مالية بكل أنواعها، والوظائف المهنية المساعدة بكل أنواعها في الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية وشركات القطاع الخاص الكبيرة والبنوك التجارية التي يشغلها وافدون، والعمل على تأهيل كوادر وطنية باحثة عن عمل للإحلال بعد التدريب على رأس العمل في تلك القطاعات. - حصر الوظائف الأكاديمية والفنية في المختبرات والمعامل العلمية في الجامعات الحكومية والخاصة والكليات التي يشغلها وافدون والإعلان عن وجود فرص لتدريب أصحاب المؤهلات والكفاءات على رأس العمل لإحلالهم في الوظائف الممكنة وبما لا يخل بالأداء الأكاديمي في تلك المؤسسات العلمية. - تبسيط إجراءات جذب الاستثمارات الأجنبية لتكون مصدرًا لتوليد الوظائف للمواطن العُماني وتوطين التكنولوجيا والخبرات العلمية في البلد، بغض النظر عن الفوائد المالية المباشرة التي يتم تحصيلها. - يتم اقتطاع ما بين ريال واحد إلى 5 ريالات شهريًا حسب المبلغ الذي يتقاضاه الشخص من كل موظف يعمل في القطاع العام والخاص ومنتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية، والمتقاعدين وتحول إلى حساب الصندوق. ولمقارنة زيادة نسبة الرسوم والاقتطاعات لصالح صندوق توظيف الاجيال ستكون قليلة جدًا، مقارنةً بما سيجنيه المواطن من منح مالية للباحثين عن عمل والمُسرَّحين وزيادة في توفير الوظائف لأبنائه.


جريدة الرؤية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- منوعات
- جريدة الرؤية
ومضة المجد بين دفتي الرسالة
د. عبدالله بن سليمان المفرجي في زمنٍ تلاشى فيه وهجُ القيمِ خلفَ أستارِ الضجيج، وانحسرت فيه المطامحُ الصادقةُ تحتَ ركامِ الشعاراتِ الزائفة، ينهضُ صاحبنا من بحر العطاءِ كرجلٍ لا يعرفُ الضحالة، ولا يُؤمنُ إلا بأنَّ الرسالةَ هي من تُعلي شأنَ صاحبها، لا اللقب ولا المنصب. وكأنما في صمته بيانٌ، وفي خُطاه نورٌ يشقُّ العتمةَ بلا ضجيج. يقول غازي القصيبي: "القيادة مسؤولية، لا امتياز؛ وتكليف، لا تشريف." وهو كذلك، لم يحمل عبءَ الرسالةِ كعبءٍ وظيفيٍّ، بل كنذرٍ داخليٍّ، وكما قيل: "ما وُلّينا أمر الناس إلا لنكون خُدّامًا لهم، لا سادةً عليهم". هو ذلك الرجل، الذي آمن أن الفكرَ أشرفُ من الزينةِ، وأنَّ العلمَ لا يُحملُ على الأكتافِ، بل على القلوبِ والضمائر. لا يتحدثُ عن نفسه؛ بل تتحدثُ عنه إنجازاته التي لا تُرصَدُ في تقاريرٍ جامدة، بل تُقرأُ في وجوهِ من ألهمهم، وفي خطواتِ من ساروا على هديه. يقال: "الحكمةُ أساس الملك، والعدلُ عماده، والعلمُ نوره." فكان هذا الرجل مزيجًا من الثلاثة: حكمةٌ تُوزنُ بالأيام، وعدلٌ يَزِنُ به المواقف، وعلمٌ يُنيرُ به دروبَ الغافلين. يؤمن بأنَّ التعليمَ ليس تلقينًا، بل إصلاحٌ للنفوسِ قبل العقول. وكما يقول المثل العربي: "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، كان يحفرُ في وجدانِ تلامذتهِ بأزاميلِ المحبةِ والنيةِ الصافيةِ، لا بالتكرارِ الآليِّ للعبارات. لم يكن مهووسًا بالسلطةِ، بل كما قيل: "العلمُ سلطانٌ لا يُقهر، وسلاحٌ لا يُفلّ، من امتلكه ساد." وقد ساد صاحبنا القلوبَ لا بالكلماتِ الجوفاء، بل بالصدقِ والقدوة. ففي فِكره منظوماتٌ تربويةٌ حديثةٌ تلتقي فيها نظرية "بندورا"، وتتآلفُ فيها مدارسُ التحفيزِ مع أصالةِ القيم. يرى في تلاميذه مشروعَ نهضة، وفي كلِّ سؤالٍ منهم بذرةَ فكرٍ، وفي كلِّ ترددٍ فرصةً للتماسكِ لا للضعف. يقال: "صلاح الأمة يبدأ من المعلم؛ فإذا صلح، صلح كل شيء"، وكان هو الدليلُ على صدقِ المقولة. يستلهم من نموذج "SWOT" رؤيةً إداريةً توازنُ بين مكاشفةِ الذاتِ واستثمارِ الإمكانات، ويُذيبُ تهديداتِ الواقعِ في بوتقةِ الفرص، ليصوغَ منها أملًا، وكما قيل: "العقلُ نورٌ تُشعلُه المعرفة." لم يعرفِ الرياءَ، ولا جثا على عتباتِ المنابر، بل عاش على مبدأ أن "الأوطانَ ليست أبنيةً وأعلامًا، بل أرواحٌ تعملُ، وأفكارٌ تثمر." وهو من تلك الأرواح، التي تعملُ وإن لم تُصفَّق، وتثمرُ وإن لم تحتفِ. صوته في قاعة المحاضرات والتدريب ليس صوتَ المعلِّمِ التقليديِّ؛ بل هو هُتافُ الضميرِ، يُوقظُ العقولَ، ويزرعُ الأسئلةَ، ويُربّي على الفضيلةِ لا الانقياد. وكما قيل: "الطالب يُربَّى على الخُلقِ قبلَ أن يُعلَّمَ العلمَ". استقى من الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي صلابته في المبادئ، ومن أبي مسلم البهلاني عزيمته في وجه الزمان وتكالب الأيام، ومن سيبويه قناعته بأنَّ المعنى سابقٌ على اللفظ. فكان في تعليمه حريةٌ تُحرِّرُ لا تُقيد، وتفكيرٌ يُبدعُ لا يُقلد. وإذا سألته عن إنجازه، لا يُريك شريحة عرضٍ أو جدولَ مؤشرات، بل يذكّرك بالمقولة: "المعلمُ الحقّ من يجعلُ طلابَه يحبون السؤالَ لا الإجابة، الرحلةَ لا الوصول، الحقيقةَ لا التصفيق." فهو مربٍ في زمنِ التزييف، وواعٍٍ في عصرِ الزحام، لا يسكنُه اللقب، بل تسكنه الرسالة. يمشي بثباتٍ، وإن أخفتهُ الأضواء، ويُنجزُ بعطاءٍ، وإن لم يُذكر في تقارير. بل يكتبُ اسمه في قلوبِ العارفين، لا في سطورِ المجاملين. فليس كل من نالَ المنصبَ قائدًا، ولا من تكلَّمَ واعيًا؛ بل من حملَ هذا الفكر، هو القائدُ الحقُّ، والمُعلمُ الخالد، وإن لم يُمنح لقبًا، فهو يستحقُّ ذاكرةً تحفظُه، وتاريخًا يُخلِّده.


الوطن
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الوطن
من مواطن سعودي إلى مواطن إيراني
هذا مقال من مواطن سعودي إلى مواطن إيراني يحاول فيه المواطن السعودي جلاء بعض التصورات المغلوطة عن السعودية حكومة وشعبًا، فيقول: نحن شعب لا يرى في (آل سعود) ما كنتم ترونه من غرور الشاه بوصفه (شاهٍ شاه) الممتد عضوضًا لزمن الأكاسرة، مما جعله عاجزًا عن تلمس حاجات شعبه بشكل عقلاني وحكيم حكمة أهل فارس النجباء، فمما حدثنا به وزير دولتنا غازي القصيبي ــ رحمه الله ــ أنه خلال زيارة رسمية للشاه إلى المملكة أتيح لوزيرنا أن يتبادل (الحديث معه بعد حفل العشاء، فقال للشاه: إن مصانع البتروكيماويات التي تقيمها المملكة وإيران تلقى معارضة شديدة من المصانع الأوروبية المماثلة، وإن علينا أن نقيم حوارًا مع أوروبا تفاديًا لأي مشاكل في المستقبل، كانت دهشة وزيرنا بالغة عندما قال بالحرف الواحد: «لم الحوار؟ عليهم هم أن يغلقوا مصانعهم» وخلال زيارة أخرى علم وزيرنا غازي القصيبي أن السفرجي الذي كان يشرف على مائدة الملك خالد كان هو ذاته السفرجي الذي عمل في قصر الملك فاروق خلال حفل زواج الشاه، وكان وليًّا للعهد، بأخت فاروق الأميرة فوزية، وعلم الوزير أن هذا السفرجي هو الذي زف الأميرة بنفسه، تلك الليلة، يقول غازي القصيبي: لم يتطوع أحد بإخبار الشاه عن هذا السفرجي وتطوعت أنا... كنت أتوقع رد فعل إنسانيًا: أن يسأل أين هو، أو أن يطلبه ليسلم عليه، أو أن يرسل إليه هدية صغيرة، إلا أنه نظر إليَّ وقال: «حقًا؟» لم يكن هناك رد فعل إنساني لأن «الإنسان» لم يكن حاضرًا معنا: كنت أتحدث مع «الإمبراطور» الذي لا يعرف كيف يتحدث مع سفرجي، وكان الشاه – كما يقول القصيبي – لا يخلو من متناقضات، كان ملمًا بالتفاصيل الدقيقة لصناعة الحديد والصلب.. يعرف كل صغيرة وكبيرة عن أنواع الأسلحة المختلفة، ووجه الغرابة أن هذا الحاكم المولع بالتفاصيل عجز عن تحسس مشاعر شعبه، لو قضى الشاه من وقته بين شعبه الوقت الذي قضاه في دراسة البترول والحديد والأسلحة لتغير مجرى التاريخ في إيران) راجع غازي القصيبي: حياة في الإدارة ص183-184. أعتذر على تقليب مواجعكم القديمة، لكني سأنتقل بكم إلى الفارق النوعي الذي سيجلو كثيرًا من سوء الفهم والمغالطة التي تنظر من عين معاناتها القديمة إلى الشعوب من حولها، وسأبدأ معكم بكلمة تشرح لكم حقيقة ما قامت عليه الدولة السعودية على يد مؤسس دولتها الحديثة (عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود) ولن أحدثكم عن نضالات هذه الأسرة طيلة ثلاثة قرون ضد (الطغيان العثماني) لكني أحدثكم وفق قاموسكم وأدبياتكم فأقول: إن حقيقة هذه الأسرة تكمن في أنها استجابة لصوت (المستضعفين في جزيرة العرب) ضد استبداد الظالمين طيلة ثلاثة قرون، ولهذا وجه الملك عبدالعزيز حديثه نحو أحد الضيوف الحاضرين في المأدبة الكبرى التي أقامها تكريمًا لوفود حج عام 1349/1931 في قصره بمكة المكرمة، وكان الضيف المقصود بالحديث أحمد وحيد الدين حفيد السلطان العثماني، فقال مؤسس دولتنا له: (لقد أوذينا في سبيل الدعوة إلى الله وقوتلنا قتالًا شديدًا، ولكننا صبرنا وصمدنا) وتابع الملك عبدالعزيز: (إن أعظم من حاربناهم أجداد هذا الرجل ــ يقصد حفيد السلطان العثماني ــ ولم يقاتلونا إلا لأننا امتنعنا أن نقول للسلطان بأننا «عبد أمير المؤمنين»، لا، لا، لا، لسنا عبيدًا إلا لله تعالى: «وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد» راجع صحيفة أم القرى الرسمية العدد (333) الصادرة بتاريخ 13 ذو الحجة 1349 الموافق 1 مايو 1931. عزيزي المواطن الإيراني إن الملك عبدالعزيز وأبناؤه من بعده وأحفادهم ليسوا إلا امتدادًا لتراث عربي إسلامي يمقت الطغيان، ولا ترى شرفًا لها يفوق شرف (خدمة الحرمين الشريفين)، ولهذا كان أحب الألقاب إلى قلب جلالة الملك هو لقب (خادم الحرمين الشريفين)، وليس (شاهٍ شاه/ملك الملوك) التي نرى في عقيدتنا العربية الإسلامية أنه لقب أقرب للشرك بالله والعياذ بالله، بل ونجد في ملوكنا مقتًا شديدًا للغلو في مدحهم وإطرائهم (راجع رويترز/ 2 يوليو 2017: العاهل السعودي يأمر بوقف كاتب صحفي عن العمل لمغالاته في مدحه). وهنا لا أستثني ملوكنا لأنهم قلب جزيرة العرب، بل حكام الخليج (مهما اختلفت ألقابهم من سلطنة عمان جنوبًا حتى الكويت شمالًا) ليسوا إلا استجابة صادقة لحاجات قبائلهم العربية التي هم جزء أصيل منها وفيها وإليها، ولهذا يسميهم بعض المستشرقين (شيوخ الخليج) فهم تحول نوعي لتراكم تاريخي طبيعي لمشيخات قبائل جزيرة العرب نقرؤه في أمجادهم «كلٌ بحسبه»، ويبقى بيننا في جزيرة العرب وبينكم في إيران جامع القبلة الواحدة والجوار الجغرافي الأبدي الذي حفزني لتصحيح (طريق المستقبل) بين مواطن ومواطن، فمهما اختلفت وجهة نظرنا في مياه الخليج حيث نراه من زاوية أرضنا (عربيًا) وترونه من زاوية أرضكم (فارسيًا)... فمهما... ومهما... فلم ولن تتغير أقدار الجغرافيا منذ تجارة اللؤلؤ عرفه أجدادنا وأجدادكم، حتى زمن النفط والغاز بيننا وبينكم، أما التاريخ السياسي فبيد القادة العقلاء الحكماء ينسجونه وفق (أدوات الدولة: تعاون اقتصادي تجاري، ثقافي، سياحي... إلخ) وليس وفق (أدوات الثورة: ميليشيات، أحزاب مسلحة، تفجيرات، اغتيالات) يحلب منها أقوام ضروع الذحل والإحن بيننا وبينكم باسم العرق حينًا وباسم المذهب أحيانًا كثيرة، متناسين الحكمة العربية: (تزرع الإحن ثم تشكو حصاد المحن)، حفظ الله أهل الحق والخير والجمال فوق كل أرض وتحت كل سماء فبهم تزدهر الدول وتسمو الشعوب.


الرأي
٠٢-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- الرأي
عن التعليم أتحدث!
«الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم، وثانياً بالتعليم، وثالثاً بالتعليم. التعليم باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية». د. غازي القصيبي نحن نعيش الآن تحولات كبيرة تتغير بالأيام بسبب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي دخل كل مناحي الحياة فأحدث تغييرات جوهرية، ولكن من المهم أن نضع المجاهر على تأثير هذه التغييرات على النظام التعليمي الحالي، وهل هو يناسب المستقبل أم لا؟ وحتى نصل إلى إجابة عن هذا السؤال من المهم أن نتعرف على مراحل التعليم المختلفة، فكان هناك التعليم البدائي، الذي كان يعتمد على التعلم بالملاحظة والتجربة، حيث كان الأطفال يتعلمون من خلال مشاهدة الكبار في مجتمعات الصيد والزراعة، ولم تكن هناك مدارس، بل كان التعلم يحدث بشكل غير رسمي في العائلة والمجتمع. أما التعليم في العصر الصناعي فقد ظهر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث ظهرت المدارس الحديثة مع مناهج منظمة، وأصبح التعليم إلزامياً في العديد من الدول، وركزت المناهج على القراءة والرياضيات والعلوم، لتلبية احتياجات الثورة الصناعية. وأما التعليم في القرن العشرين، فقد توسعت أنظمة التعليم فيه، وأصبحت أكثر شمولاً للجميع، مع فصل مراحل التعليم (ابتدائي، ثانوي، جامعي)، وكان المرحوم د. غازي القصيبي، ينتقدها بشدة، ويقول يجب إلغاء هذا النموذج، ولكن يجب أن يكون هناك منهج وطني يدرسه الطالب من عمر ست سنوات ولمدة عشر سنوات، حيث لا يمكن فصل الجانب النظري عن العملي على حسب ما ذكر. وبعد ذلك جاء التعليم في العصر الرقمي، حيث أصبح التعلم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من التعليم، والاعتماد على الإنترنت، والفصول الافتراضية، والتعليم المخصص لكل طالب، لذلك فإن التعليم الحضوري التقليدي في طريقه إلى الاندثار حسب المعطيات، ولابد من التحول الرقمي وفي أسرع وقت بسبب تأثير الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، ومعنى هذا الكلام أن المنهاج وطريقة التدريس يجب أن يتغيرا، وقد يكون أسلوب الحفظ الحالي أصبح بلا فائدة بسبب سهولة الوصول للمعلومات. التعليم في المستقبل سيكون مختلفاً تماماً عما نعرفه اليوم، وسيعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والتخصيص لكل طالب، بفضل الذكاء الاصطناعي، سيتم تصميم المناهج وفقاً لاحتياجات كل طالب، بحيث يحصل كل فرد على تجربة تعليمية تتناسب مع سرعته وقدراته، وستحل بيئات التعلم الافتراضية محل الصفوف التقليدية، مما يسمح للطلاب بتجربة أشياء مثل استكشاف الفضاء أو دراسة علم الأحياء عن طريق التفاعل المباشر مع الأعضاء البشرية بطريقة ثلاثية الأبعاد. وسيكون من الطبيعي أن يتلقى الطلاب تعليمهم من أي مكان في العالم عبر الإنترنت، مع فصول دراسية تفاعلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأدوات التعاون الافتراضية. وبدلاً من النظام التقليدي الذي يعتمد على العلامات، سيُركز التعليم المستقبلي على اكتساب المهارات العملية، مثدل التفكير النقدي، البرمجة، وحل المشكلات، مما يجعل التقييم أكثر واقعية، وبسبب التغير السريع في سوق العمل، لن يكون التعليم مقتصراً على المراحل الدراسية التقليدية، بل سيصبح عملية مستمرة مدى الحياة، حيث يمكن للناس تحديث مهاراتهم في أي وقت بسهولة. والأمر الأكثر أهمية أن المعلمين سيكونون مرشدين للطلاب وميسرين، ومساعدة الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات بدلاً من إعطائهم المعلومات فقط، وسيتم استخدام الروبوتات كمساعدين في التدريس، حيث يمكنها الإجابة عن الأسئلة، وتقديم الملاحظات الفورية، وحتى تقييم أداء الطلاب بشكل أكثر دقة وموضوعية، وبدلاً من المناهج الجامدة، ستكون المواد الدراسية ديناميكية ومتغيرة بناءً على التطورات الحديثة واحتياجات السوق، مما يجعل التعلم أكثر ارتباطاً بالواقع. وبسبب الذكاء الاصطناعي، سيتمكن الطلاب من مختلف أنحاء العالم من التعاون في مشاريع تعليمية مشتركة، مما يعزز من فهمهم للثقافات الأخرى ويعدّهم لسوق عمل عالمي، والمستقبل يحمل الكثير من التحولات في مجال التعليم، مما سيجعل عملية التعلم أكثر مرونة، وتفاعلية، وملائمة لاحتياجات الأفراد والمجتمع.


الجريدة
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجريدة
هل جاء عصر الرواية الفنتازية؟!
في عالم الرواية الكلاسيكية هناك ثوابت تتمحور في تكوينها القائم على البداية والوسط والنهاية، وكذلك التزامها بزمكانية الأحداث، وكلما تم تجاوز ذلك التكوين، وكَسْر هذه التراتبية نحو اللامعقول في الأحداث والزمان والمكان، فإن هناك مَنْ يسمِّي ذلك بالفنتازيا الأدبية. *** وقد جرَّب هذا النوع من الأدب الفنتازي الدكتور غازي القصيبي في «العصفورية» و«أبوشلاخ البرمائي»، ليوصل من خلالهما رسائل سياسية واجتماعية، وقد سبق د. غازي العديد من الأدباء العرب في كتابة هذا النوع من الفنتازيا، كنجيب محفوظ في «خمارة القط الأسود»، ويوسف إدريس في العديد من أعماله، «النداهة»، وغيرها، وكذلك فعل عبدالرحمن منيف. *** والروايات الأدبية الفنتازية يلجأ إليها بعض الأدباء عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على تجاوز ما قد يضعهم تحت طائلة القانون فيما لو أنهم صوَّروا الأحداث بما يجعلهم في دائرة الاتهام. *** لكن فنتازيات القاص السعودي أسامة مسلم، الذي كتب نحو 31 رواية في عُمرٍ أدبي قصير، تحفل بأحداثٍ بعيدة عن الواقع المعيش، فهو يحلِّق بأسلوبه التشويقي نحو الجن والعفاريت والعوالم الخرافية، مما جعل عشاق هذا النوع من القصص يقفون بالطوابير في معظم معارض الكُتب للحصول عليها، خصوصاً في دول شمال إفريقيا وغيرها. *** وهذا الأمر استثار حفيظة مثقف سعودي، هو د. سعد البازعي، الذي أبدى عدم ارتياحه لهذه الظاهرة، ولا يراها تمثل أدباً سعودياً. بينما يرى المثقف السعودي د. عبدالله الغذامي أنها ظاهرة تستحق الاهتمام، وجعلت الأدب السعودي يصل إلى قطاعات كبيرة من العالم. *** وقد ظهر القاص أسامة مسلم في لقاء تلفازي، وطُرحت عليه بعض الاتهامات التي ساقها النقاد على روايته الفنتازية، فقال إن هؤلاء ديناصورات يحتكرون الساحة الأدبية، ولا يريدون أن يدركوا أن الزمن قد تجاوزهم. *** والمعركة حامية الوطيس الآن في الساحة الأدبية بين المعارضين لهذا النوع من الأدب الفنتازي، وبين المؤيدين له. *** وقد اتصلت بأديب وإعلامي سعودي، وطلبت منه أن يعطيني رأيه في روايات أسامة مسلم، فأجابني: إنها مجرَّد فقاعة، وستنتهي، وذكَّرني بنفس فقاعة «بنات الرياض»، التي انتهت.