أحدث الأخبار مع #فريد_زكريا


CNN عربية
منذ 10 ساعات
- سياسة
- CNN عربية
رأي لفريد زكريا: الرئيس ترامب قادر على تحقيق اتفاق أفضل مع إيران
في السنوات التي تلت انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني خلال ولايته الأولى، ضعفت إيران، وازدادت قوة المملكة العربية السعودية. ويرى فريد زكريا، المحلل السياسي ومقدم برنامج GPS بشبكة CNN، أن ترامب في وضع فريد يسمح له الآن بتجاوز المخاوف الإسرائيلية والجمود السياسي في واشنطن، لإبرام اتفاق جديد أفضل مع إيران. قال زكريا إن ترامب أشار مرارًا إلى استعداد إدارته لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران. وإذا كان الأمر كذلك، فقد يُسهم في تحقيق مستوى جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. إن الاهتمام الجديد الذي أبداه ترامب بالاتفاق مع إيران أمر مثير للسخرية، ويقترب من الغرابة.. وبعد كل شيء، فهو الذي سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الأصلي مع إيران، رغم اعتقاد أغلب المراقبين الجادين، بما في ذلك وكالات الاستخبارات الأمريكية، أن إيران كانت ملتزمة بشروط الاتفاق. وتابع زكريا بالقول: "وقعت أحداثٌ قد تُفضي إلى اتفاقٍ أفضل اليوم من ذي قبل. والتحولان الأساسيان الأكثر أهميةً هنا هما ضعف إيران وقوة المملكة العربية السعودية. إيران في وضع أسوأ مما كانت عليه منذ جيل.. عقود من سوء الإدارة المزمن للاقتصاد، تفاقمت بسبب العقوبات والفساد المستشري والدكتاتورية الوحشية، تسببت في استياء شعبي عميق من النظام الإسلامي. أضف إلى ذلك الهجمات الإسرائيلية الناجحة بشكل مذهل على حزب الله والدفاعات الجوية الإيرانية في العام الماضي، بالإضافة إلى انهيار حكومة بشار الأسد، الحليف العربي الأقرب لطهران، أصبحت قوات المعارضة الأساسية التي كانت الميليشيات المدعومة من إيران تقاتلها لسنوات، هي الحكومة الجديدة." وأردف بالقول أيضًا: "لقد تزايدت قوة المملكة العربية السعودية، وتحولت سياستها الخارجية على مدى السنوات القليلة الماضية، فقد تفاوضت على هدنة مع الحوثيين، وحسنت علاقاتها مع قطر، وطورت علاقات أفضل مع دول مثل لبنان والعراق. أدرك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنه لتحقيق حلمه الأساسي، وهو تحديث المملكة العربية السعودية، فإنه يحتاج إلى الاستقرار في المنطقة." وكان المؤشر الأبرز على ذلك هو التقارب المتزايد بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث يجتمع مسؤولو البلدين بانتظام إلى حد ما. والآن يؤيد المسؤولون السعوديون صراحة الاتفاق النووي الجديد مع إيران. قراءة المزيد أمريكا إسرائيل إيران السعودية سوريا الأمير محمد بن سلمان الاتفاق النووي الإيراني دونالد ترامب


الجزيرة
منذ 3 أيام
- سياسة
- الجزيرة
ترويض الفهود: قصة فشل أوروبي، فهل ينجح فيه العرب؟
نعيش عالمًا يطبعه صراع الهُويّات، أو حسب جملة مأثورة للصحفي الأميركي فريد زكريا، "إنها الهويات يا مُغفّل"، تحويرًا لجملة شهيرة وردت في مجلة ذي إيكونوميست سنة 1992، "إنه الاقتصاد يا مُغفل" في خضم الانتخابات الرئاسيّة حينها. قضايا الهوية هي قضايا عابرة للمجتمعات قلّما تسلم منها دولة، وإن اختلفت أشكالها وطبيعتها، تتأثر بالسياق التاريخي والجغرافي والثقافي. تعرف قضايا الهوية زخمًا مردّه حسب عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين، إلى الانتقال الذي طبع العالم، من نموذج صناعي يقوم على التنميط وصراع الطبقات، إلى مجتمعات ما بعد صناعية، يطبعها التنوع مما لا يتيح تجاوز الهويات. بدت مطالب الهويات بشكل حادّ عقب سقوط جدار برلين، إذ حلت الهوية كعنصر تحليل محل الطبقة، وأضحى العامل الثقافي عنصر تفسير محلّ العامل الاقتصادي، وعرف العالم فورة مطالب هوياتية، في أوروبا الوسطى، والقوقاز، والبلقان، وانتقل تأثيرها إلى دول أفريقيا وحتى العالم العربي، وهو ما أفرز اهتزازات كبرى لم تخلُ من احتدام وصِدام، كما في يوغسلافيا السابقة، أو في رواندا، والتقتيل الذي عرفه هذا البلد ما بين الهوتو والتوتسي. يستند خطاب الهوية، إلى عناصر موضوعية، إما إثنية، أو لغوية، أو عَقَدية. قد تكون جماعة ما عرضة للاضطهاد، أو محاولات تذويب، أو احتقار، أو تكون لغة ما مهمشة، أو غير معترف بها، أو عرضة للاندثار، أو عقيدة تتعرض للزراية، ولا يتاح لمعتنقيها مزاولة طقوسهم، وما يرتبط بذلك من ثقافة في الأفراح، والأتراح على السواء. يقوم خطاب الهُوية على قيم واعتبارات أخلاقية، منها العدالة، والحقّ في التنوّع، وحقوق الإنسان، والاعتراف، والكرامة، والتوزيع العادل للرموز. يظلُّ الخطاب الهوياتي بناءً بالأساس، يقوم على العناصر الموضوعية المُومأ إليها، من لسان، أو إثنية، أو عقيدة، يوظفها مثقفون، في ظل احتقان يمسّ عنصر هويتهم، إما احتقارًا لها، أو تهميشًا، أو محاولة تنميط، من خلال ردّ الاعتبار لعنصر الهوية المضطهَدة، وتفكيك الخطاب الذي ينالها بالقدح، أو الشيطنة. ولكن خطاب الهُوية يجنح، ويقع فريسة انزلاقين: الأول التمجيد الذاتي المفرط، أو الهيام في الأنا الجمعي، والثاني، وهو نتاج للأول، شطينة الآخر. كل خطاب هوياتي يستعدي آخر، وهو ما يسمى بالعدو الحميم، أي العنصر القريب. وهنا مكمن الخطورة. ومن دون شك، أن الاستعداء أو الشيطنة هو ما ألهم الكاتب أمين معلوف بكتابة كتابه ذائع الصيت عن "الهويات المتناحرة"، لأن الهويات تناحرت وتنابزت في الفترة التي كتب فيها كتابه، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، في كل ما كان في يوغسلافيا، وما طبعها من حروب أهلية وصور مروّعة للتّطهير العرقي، أو في رواندا، في الاقتتال ما بين الهوتو والتوتسي، وقبل هذا وذاك، في لبنان والحرب الأهلية التي مزّقت البلد منذ أن اندلعت سنة 1975. لم يعد ممكنًا، في ظلّ السياق الذي أفرزته مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين، تجاهل المطالب الهوياتية، ولكن في الوقت ذاته، كان يتوجب حسن تدبيرها، أو ما يسمّيه أمين معلوف بترويض الفهود. ساد في الغرب اتجاهان، اتجاه أول غلب أوروبا، ويستوحي سابقة كندا فيما يسمى التعددية الثقافية، وعرف تطبيقاته في كل من ألمانيا، وهولندا، وإنجلترا، وحتى فرنسا، والاتجاه الثاني، ذلك الذي ساد الولايات المتحدة، ويُعرف بالتوليفة الهوياتية؛ أي الإقرار بنوع من الانفصالية (كذا) التقدمية؛ أي خصوصية بعض الأقليات، والجماعات الإثنية، وبالأخص بالنسبة للسود. فشل النموذجان، لأن التعددية الثقافية في أوروبا أفضت إلى تمايزات مجتمعية أو ما يسمى أرخبيلًا مجتمعيًا، في نوع من أبارتيد فعلي، يسمى مجازًا بالأبارتيد الرخو، أما نموذج التوليفة الهوياتية فقد تعارض مع مقتضيات المواطنة، وأفرز، كرد فعل، الدفاع عن الهوية البيضاء، أو ما يسمى بالامتياز الأبيض، مما يغذي الاتجاهات اليمينية المتطرفة. لذلك أصبحت الهويات وخطابها، يتهددان في الغرب القاسم المشترك، أو المواطنة. يتجلى ذلك في علاقات توتر في بعض مكوناته، ما بين الأصليين والوافدين. لم يكن العالم العربي، بمنأى عن الطلب الهوياتي، وانصاعت كثير من الدول، تحت مطالب داخلية محلية، وضغط خارجي، إلى الاعتراف بحقوق الأقليات العرقية والعقدية، أو في الاعتناء بلغات مهمشة. ضمّنت بعضها في نصوصها الأساسية، وفي اتخاذ إجراءات عملية لرفع الحيف عن وحدات إثنية، أو عقدية، أو لغات، في نوع من التمييز الإيجابي، أو المحاصصة. ولكن هذه الاعترافات لم تسلم من زيغ، من خلال انكفاء الوحدات الثقافية، وهلهلة السبيكة المجتمعية، وإضعاف الدولة، وفي حالات معينة، حمل السلاح، واتخاذها ذرائع للتدخل الأجنبي. لا يمكن أن يجادَل في شرعية الهويات، ولكن يتوجب ألا تتعارض مع مقتضيات أساسية، أولها شخصية بلد ما، أي البنية العميقة التي هي نتاج لتفاعل الجغرافيا والتاريخ، والتي تثبت رغم التغييرات الثقافية والديمغرافية. ولا يجوز أن تتعارض الهويات مع مفهوم الأمة، التي تنصرف إلى أزمّة ثلاثة: ذاكرة جمعية، وحاضر ينبني على التضامن، ومستقبل ينصرف إلى المصير المشترك، وألا تجافي الهويات المواطنة، إذ لا ينبغي للهويات أن تقوم بديلًا للمواطنة، والحال أن الهويات تفضي إلى طائفية تتعارض مع المواطنة، في الغرب، وغيره. بيدَ أن هذه المبادئ، على أهميتها ينبغي أن تستند إلى أدوات، وإلّا تُضحي مجرد شعارات، ومنها العدالة الاجتماعية؛ لأن خطاب الهوية يستمد مشروعيته من التباينات الاجتماعية والحيف الذي يمَس مجموعة ما، وأن تقوم أدوات تنشئة فعّالة، وعلى رأسها المدرسة التي ينبغي أن تكون بوتقة الانتماء، ورافعة اجتماعية، وأن تنهض وسائط مجتمعية، من أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني، تتجاوز الانتماءات الهوياتية وتستوعبها، وأن تقوم رموز تاريخية وسياسية وفكرية ورياضية تكون محط إجماع، وتصلح أن تكون عناصر تمثُّل، فضلًا عما يسميه البعض بالتوزيع العادل للرموز. ليست الهويات قارّة، ولذلك تستلزم حوارًا دائمًا، يضطلع به من يسميهم ت. إس إليوت بالحكماء، وإلا تحولت قضايا الهوية إلى عمليات جراحية يجريها غير الأطباء، ما من شأنه أن يُعرض الجسم للأذى، والحال أن الثورة الرقمية لم تسعف في حوار هادئ ورصين وهادف لقضايا معقدة بطبيعتها، وتختلط فيها الجوانب الذاتية مع الموضوعية، ويمكن بإساءة التعاطي معها، أن تكون مصدر توتر وصِدام، أو تؤجّجهما.


الجزيرة
منذ 3 أيام
- سياسة
- الجزيرة
الرجل الأبيض وترويض الفهود: قصة فشل أوروبي، فهل يفعلها العربي؟
نعيش عالمًا يطبعه صراع الهُويّات، أو حسب جملة مأثورة للصحفي الأميركي فريد زكريا، "إنها الهويات يا مُغفّل"، تحويرًا لجملة شهيرة وردت في مجلة ذي إيكونوميست سنة 1992، "إنه الاقتصاد يا مُغفل" في خضم الانتخابات الرئاسيّة حينها. قضايا الهوية هي قضايا عابرة للمجتمعات قلّما تسلم منها دولة، وإن اختلفت أشكالها وطبيعتها، تتأثر بالسياق التاريخي والجغرافي والثقافي. تعرف قضايا الهوية زخمًا مردّه حسب عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين، إلى الانتقال الذي طبع العالم، من نموذج صناعي يقوم على التنميط وصراع الطبقات، إلى مجتمعات ما بعد صناعية، يطبعها التنوع مما لا يتيح تجاوز الهويات. بدت مطالب الهويات بشكل حادّ عقب سقوط جدار برلين، إذ حلت الهوية كعنصر تحليل محل الطبقة، وأضحى العامل الثقافي عنصر تفسير محلّ العامل الاقتصادي، وعرف العالم فورة مطالب هوياتية، في أوروبا الوسطى، والقوقاز، والبلقان، وانتقل تأثيرها إلى دول أفريقيا وحتى العالم العربي، وهو ما أفرز اهتزازات كبرى لم تخلُ من احتدام وصِدام، كما في يوغسلافيا السابقة، أو في رواندا، والتقتيل الذي عرفه هذا البلد ما بين الهوتو والتوتسي. يستند خطاب الهوية، إلى عناصر موضوعية، إما إثنية، أو لغوية، أو عَقَدية. قد تكون جماعة ما عرضة للاضطهاد، أو محاولات تذويب، أو احتقار، أو تكون لغة ما مهمشة، أو غير معترف بها، أو عرضة للاندثار، أو عقيدة تتعرض للزراية، ولا يتاح لمعتنقيها مزاولة طقوسهم، وما يرتبط بذلك من ثقافة في الأفراح، والأتراح على السواء. يقوم خطاب الهُوية على قيم واعتبارات أخلاقية، منها العدالة، والحقّ في التنوّع، وحقوق الإنسان، والاعتراف، والكرامة، والتوزيع العادل للرموز. يظلُّ الخطاب الهوياتي بناءً بالأساس، يقوم على العناصر الموضوعية المُومأ إليها، من لسان، أو إثنية، أو عقيدة، يوظفها مثقفون، في ظل احتقان يمسّ عنصر هويتهم، إما احتقارًا لها، أو تهميشًا، أو محاولة تنميط، من خلال ردّ الاعتبار لعنصر الهوية المضطهَدة، وتفكيك الخطاب الذي ينالها بالقدح، أو الشيطنة. ولكن خطاب الهُوية يجنح، ويقع فريسة انزلاقين: الأول التمجيد الذاتي المفرط، أو الهيام في الأنا الجمعي، والثاني، وهو نتاج للأول، شطينة الآخر. كل خطاب هوياتي يستعدي آخر، وهو ما يسمى بالعدو الحميم، أي العنصر القريب. وهنا مكمن الخطورة. ومن دون شك، أن الاستعداء أو الشيطنة هو ما ألهم الكاتب أمين معلوف بكتابة كتابه ذائع الصيت عن "الهويات المتناحرة"، لأن الهويات تناحرت وتنابزت في الفترة التي كتب فيها كتابه، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، في كل ما كان في يوغسلافيا، وما طبعها من حروب أهلية وصور مروّعة للتّطهير العرقي، أو في رواندا، في الاقتتال ما بين الهوتو والتوتسي، وقبل هذا وذاك، في لبنان والحرب الأهلية التي مزّقت البلد منذ أن اندلعت سنة 1975. لم يعد ممكنًا، في ظلّ السياق الذي أفرزته مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين، تجاهل المطالب الهوياتية، ولكن في الوقت ذاته، كان يتوجب حسن تدبيرها، أو ما يسمّيه أمين معلوف بترويض الفهود. ساد في الغرب اتجاهان، اتجاه أول غلب أوروبا، ويستوحي سابقة كندا فيما يسمى التعددية الثقافية، وعرف تطبيقاته في كل من ألمانيا، وهولندا، وإنجلترا، وحتى فرنسا، والاتجاه الثاني، ذلك الذي ساد الولايات المتحدة، ويُعرف بالتوليفة الهوياتية؛ أي الإقرار بنوع من الانفصالية (كذا) التقدمية؛ أي خصوصية بعض الأقليات، والجماعات الإثنية، وبالأخص بالنسبة للسود. فشل النموذجان، لأن التعددية الثقافية في أوروبا أفضت إلى تمايزات مجتمعية أو ما يسمى أرخبيلًا مجتمعيًا، في نوع من أبارتيد فعلي، يسمى مجازًا بالأبارتيد الرخو، أما نموذج التوليفة الهوياتية فقد تعارض مع مقتضيات المواطنة، وأفرز، كرد فعل، الدفاع عن الهوية البيضاء، أو ما يسمى بالامتياز الأبيض، مما يغذي الاتجاهات اليمينية المتطرفة. لذلك أصبحت الهويات وخطابها، يتهددان في الغرب القاسم المشترك، أو المواطنة. يتجلى ذلك في علاقات توتر في بعض مكوناته، ما بين الأصليين والوافدين. لم يكن العالم العربي، بمنأى عن الطلب الهوياتي، وانصاعت كثير من الدول، تحت مطالب داخلية محلية، وضغط خارجي، إلى الاعتراف بحقوق الأقليات العرقية والعقدية، أو في الاعتناء بلغات مهمشة. ضمّنت بعضها في نصوصها الأساسية، وفي اتخاذ إجراءات عملية لرفع الحيف عن وحدات إثنية، أو عقدية، أو لغات، في نوع من التمييز الإيجابي، أو المحاصصة. ولكن هذه الاعترافات لم تسلم من زيغ، من خلال انكفاء الوحدات الثقافية، وهلهلة السبيكة المجتمعية، وإضعاف الدولة، وفي حالات معينة، حمل السلاح، واتخاذها ذرائع للتدخل الأجنبي. لا يمكن أن يجادَل في شرعية الهويات، ولكن يتوجب ألا تتعارض مع مقتضيات أساسية، أولها شخصية بلد ما، أي البنية العميقة التي هي نتاج لتفاعل الجغرافيا والتاريخ، والتي تثبت رغم التغييرات الثقافية والديمغرافية. ولا يجوز أن تتعارض الهويات مع مفهوم الأمة، التي تنصرف إلى أزمّة ثلاثة: ذاكرة جمعية، وحاضر ينبني على التضامن، ومستقبل ينصرف إلى المصير المشترك، وألا تجافي الهويات المواطنة، إذ لا ينبغي للهويات أن تقوم بديلًا للمواطنة، والحال أن الهويات تفضي إلى طائفية تتعارض مع المواطنة، في الغرب، وغيره. بيدَ أن هذه المبادئ، على أهميتها ينبغي أن تستند إلى أدوات، وإلّا تُضحي مجرد شعارات، ومنها العدالة الاجتماعية؛ لأن خطاب الهوية يستمد مشروعيته من التباينات الاجتماعية والحيف الذي يمَس مجموعة ما، وأن تقوم أدوات تنشئة فعّالة، وعلى رأسها المدرسة التي ينبغي أن تكون بوتقة الانتماء، ورافعة اجتماعية، وأن تنهض وسائط مجتمعية، من أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني، تتجاوز الانتماءات الهوياتية وتستوعبها، وأن تقوم رموز تاريخية وسياسية وفكرية ورياضية تكون محط إجماع، وتصلح أن تكون عناصر تمثُّل، فضلًا عما يسميه البعض بالتوزيع العادل للرموز. ليست الهويات قارّة، ولذلك تستلزم حوارًا دائمًا، يضطلع به من يسميهم ت. إس إليوت بالحكماء، وإلا تحولت قضايا الهوية إلى عمليات جراحية يجريها غير الأطباء، ما من شأنه أن يُعرض الجسم للأذى، والحال أن الثورة الرقمية لم تسعف في حوار هادئ ورصين وهادف لقضايا معقدة بطبيعتها، وتختلط فيها الجوانب الذاتية مع الموضوعية، ويمكن بإساءة التعاطي معها، أن تكون مصدر توتر وصِدام، أو تؤجّجهما.


CNN عربية
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- CNN عربية
الصين والولايات المتحدة على طرفي المعادلة.. ما الذي تكشف بأزمة كشمير؟
ناقش مذيع CNN، فريد زكريا، مع رئيس تحرير "فورين بوليسي"، رافي أغراوال، الدور الأمريكي في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان واحتمال اندلاع مواجهات مستقبلية بين الجارتين المسلحتين نوويا. نستعرض لكم فيما يلي نص الحوار الذي دار بينهما: فريد زكريا: بعد أيام من الصراع، يبدو أن الهند وباكستان قد توصلتا إلى هدنة هشة. أعلن الرئيس ترامب ذلك يوم السبت عبر منصة "تروث سوشيال"، حيث قال إنه بعد ليلة طويلة من المحادثات بوساطة الولايات المتحدة، اتفقت الهند وباكستان على وقف إطلاق نار كامل وفوري. لكن الأمور ليست على ما يرام، لا سيما في بؤرة التوتر في كشمير، حيث أدى هجوم مسلح الشهر الماضي إلى اندلاع أعمال عدائية مؤخرًا. ينضم إليّ الآن رافي أغراوال، رئيس تحرير مجلة "فورين بوليسي" والرئيس السابق لمكتب CNN في نيودلهي. تسرني رؤيتك يا رافي. من المثير للاهتمام حقًا أن نرى كيف اضطرت الولايات المتحدة للتدخل. قال جيه دي فانس، إن كنت تتذكر، عندما بدأ الأمر برمته: "انظروا، لا علاقة لنا بهذا. يجب عليكما الهدوء، وإجراء محادثات مباشرة، لكننا لا نرغب في التدخل". ماذا يعني ذلك؟ أن الولايات المتحدة أدركت أخيرًا أنها مضطرة للتدخل. رافي أغراوال: هذا يعني أن شيئًا ما حدث، وتسارعت الأحداث بسرعة. استمر هذا الصراع برمته حوالي 4 أيام، وعندما صعّدت الهند من تصعيدها يومي الخميس والجمعة تقريبًا وبدأت بمهاجمة مواقع عسكرية باكستانية، تذكروا، لقد توغلت في الأراضي الباكستانية أكثر من أي وقت مضى منذ عام 1971. وتشير التقارير إلى أن بعض ضرباتها اقتربت من أحد مراكز القيادة النووية الباكستانية، وربما كان ذلك إشارة للولايات المتحدة للشعور بأن إسلام آباد محاصرة، وإذا لم تتدخل، فقد يتفاقم الوضع إلى خيار لا يُصدق، وهو استخدام أي من الجانبين للأسلحة النووية. فريد زكريا: بالنسبة لي، هذه نافذة على نوع العالم الذي قد ندخله. كما تعلمون، عالم أكثر فوضوية، حيث لم تعد القيود السابقة سارية. في السابق، كانت جميع هذه الصراعات بين الهند وباكستان على طول خط السيطرة. الآن، يرسلون طائرات بدون طيار إلى مدن بعضهما، وفي مكانٍ لم تعد فيه الولايات المتحدة تتمتع بالنفوذ الذي كانت تتمتع به سابقًا، لأن القصة الرئيسية التي يجب أن نتناولها هنا هي أن باكستان أصبحت الآن حليفًا موثوقًا به للصين، وجزء من القصة يبدو أن الصينيين زودوا الباكستانيين بمعدات عسكرية تفوقت في أدائها على توقعات الكثيرين. رافي أغراوال: أجل، بالضبط. وهذا ما حدث في اليوم الأول من الهجمات، ليلة الثلاثاء، في الهند، عندما أشارت التقارير إلى احتمال إسقاط بعض الطائرات المقاتلة الهندية. الهند، بالطبع، تنفي ذلك، لذا هناك عنصر حرب بالوكالة هنا، يتمثل في وجود طائرات مقاتلة صينية، وأخرى فرنسية، وطائرات بدون طيار، لم نشهد مثلها من قبل في هذا الصراع. لكن كما تعلم يا فريد… فريد زكريا: وأنظمة الإعلام، لكلٍّ روايته الخاصة للحقيقة، أليس كذلك؟ ليس لدينا أدنى فكرة عما حدث بالفعل. رافي أغراوال: نعم، أعني، لقد كنتُ أُغطي هذا الأمر منذ فترة. لا أعرف بمن أثق. الجانب الهندي يقول شيئًا، والجانب الباكستاني يقول شيئًا آخر. يُكرر إعلام الطرفين أيضًا تصريحات حكومتيهما، ومن الصعب جدًا تفسير وفهم ما حدث بالضبط. سيكون لدى المؤرخين فهم أفضل لهذا الأمر. لكنني أقول إننا في وضع أكثر خطورة اليوم مما كنا عليه قبل شهر، والسبب هو أن هذه المناوشات تحدث منذ فترة طويلة. لكن في كل مرة، كانت الهند تُصعّد من تصعيدها، وهذه المرة توغلت في الأراضي الباكستانية أكثر من أي وقت مضى منذ أن أصبحت قوة نووية. فريد زكريا: لماذا تعتقد أن الهند أكثر جرأة؟ رافي أغراوال: حسنًا، اقتصادها اليوم أكبر من اقتصاد باكستان بـ11 مرة. في عام 1999، كان أكبر بخمس مرات فقط. لذا، تشعر الهند بثقة أكبر. تشعر أن هذه الهجمات عبر الحدود قد ازدادت، وعليها اتخاذ إجراء حاسم. لكن الأهم من ذلك كله، أن جذور هذه المشكلة تكمن في عجز جيش باكستان عن السيطرة على المسلحين على جانبها من الحدود. وهو ما تريد الهند تغييره. فريد زكريا: هذا هو الأمر الجوهري الذي كتب عنه ببلاغة حسين حقاني، السفير السابق، وهو أن الجيش الباكستاني، الذي ينحدر منه، قد تحالف مع الجماعات الجهادية، وأعتقد أنه في تلك اللحظة تحديدًا شعر الجيش الباكستاني بأنه لا يحظى بشعبية. لقد سجن الرجل الأكثر شعبية في باكستان، عمران خان، الذي كان رئيسًا للوزراء، لمواجهته الجيش الباكستاني. وربما فعلوا ذلك كوسيلة لحشد التأييد في البلاد حول جيش فقد شعبيته. رافي أغراوال: ربما يكون الأمر كذلك، والمسألة، مرة أخرى، كما لو أنك تنظر إلى ما يستفيده كلا الجانبين من هذا، أعتقد أن جيش باكستان يريد زيادة ميزانية الدفاع. يريد إثبات قدرته على صد جار أكبر وأقوى بكثير. ولكن الأهم من ذلك كله بالنسبة للجيش، عليهم إدامة وجودهم، وهذا ما يسعون إليه في النهاية. مع ذلك، فإن هذا الجنرال الباكستاني هو ورقة رابحة. إنه أكثر أصولية، وبدوافع دينية أكثر من الجنرالات الباكستانيين السابقين. وهو أيضًا رئيس استخبارات سابق، لذا إذا كان لدى أي أحد المعرفة… فريد زكريا: وهو من أقاله عمران خان. رافي أغراوال: بالضبط. فريد زكريا:والسبب الرئيسي - كما أعود للأمر دائمًا - هو أنهم لا يريدون استمرار زعيم ديمقراطي ذي شعبية واسعة في منصب رئيس الوزراء. رافي أغراوال: بالضبط، وهذا سيحدث مجددًا. فريد زكريا: رافي أغراوال، يسعدني وجودك دائمًا. قراءة المزيد إقليم كشمير


العربية
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- العربية
كي لا نخسر قوتنا الناعمة
يقول المعلق الأمريكي فريد زكريا، في برنامجه My Take، إن سياسات الرئيس ترامب المتعلقة بالتعرفة أخذت اهتماماً كبيراً، لما تسببت به من خسائر ضخمة، لكن سياساته المتعلقة بالهجرة والتعليم ودعم الابحاث، ستكون لها آثار سلبية أكبر، على المدى الطويل. فأمريكا التي قادت العالم تكنولوجياً، لدرجة اعتقدنا أنها كانت كذلك منذ نشأتها، لكنها حقيقة كانت متأخرة عن غيرها علمياً، تتقدم عليها ألمانيا وبريطانيا في الفوز بجوائز نوبل العلمية، لكن طرأت 3 عوامل غيّرت الوضع مع منتصف القرن العشرين: الأول: وصول هتلر للحكم في ألمانيا، واتباعه سياساته العنصرية، دفع أجيالاً من أفضل العقول العلمية للهرب إلى أمريكا، وأغلبيتهم من اليهود، الذين شكلوا تالياً العمود الفقري للمؤسسة العلمية فيها. مع استمرار أمريكا في جذب أفضل العقول العلمية والطلبة المتفوقين، من الصين والهند، للدراسة والبقاء فيها تالياً. الثاني: خروج ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا من الحرب العالمية الثانية منهكة ومحطمة باقتصادات منهارة، وخسائر بشرية بالملايين، بينما لم تصب أمريكا إلا بأقل الأضرار، ليتيح لها ذلك تسيّد العالم اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً. الثالث: قرار الحكومة الأمريكية أن تصبح الأكبر صرفاً على البحث العلمي، بحيث وصل دعمها في عام 1953 إلى %2.4 من إجمالي دخلها القومي، وفتح ذلك المجال للجامعات الأمريكية، الحكومية والخاصة، للتنافس على تلقي ذلك الدعم، فنتج عن تلك الخطة الكريمة، والحرية المطلقة لها بالعمل، في خلق النموذج العلمي الأمريكي الحديث، الأكثر نجاحاً في التاريخ. لكن تم التخلّي عن هذه العوامل في العهد الحالي، مع التهديد بوقف الدعم المالي للجامعات، إذا لم تتعهد بالالتزام بتعليمات الحكومة في ما يتعلق بصميم وظائفها العلمية، وهذا ما لم يحدث من قبل، وحتى مراكز الأبحاث الحكومية لم تسلم من تدخلات الحكومة. أصبحت الصين، خلال آخر 10 سنوات في الصدارة، وصاحبة الحصة الأكبر في تسجيل الاختراعات، متخطية أمريكا. وحتى في مجال أفضل 500 جامعة في العالم، فقد كانت حصتها 27 جامعة في 2010 فأصبحت 76 جامعة، بينما انخفضت حصة أمريكا من 154 إلى 133 جامعة! لكن بقي أمر مهم ووحيد لم تستطع الصين الانتصار فيه على أمريكا، وهو القدرة على جذب العقول والخبرات، ففي الفترة من سنة 2000 إلى 2014 شكّل المهاجرون إلى أمريكا ثلث عدد الفائزين بجوائز نوبل. وارتفعت نسبتهم إلى 40 في المئة بين فئة مطوري برامج الكمبيوتر، وإلى 62 في المئة في مجال مكافحة الأمراض، لكن كل ذلك انقلب تماماً مؤخراً، مع البدء بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الطلبة وترحيلهم، وتعرّض باحثين من الصين بالذات للتحقيق من الـFBI، فقرر الكثيرون الهجرة إلى كندا وأستراليا وأوروبا. قامت مجلة Nature العلمية المرموقة بإرسال استبيان للمشتركين فيها، وكلهم من العلماء، وسؤالهم عما إذا كانوا يفكرون في الهجرة، فجاءت ردود 75 في المئة من أصل 1600 مشارك؛ بنعم! علماً بأن هؤلاء يمثلون قوة أمريكا الحقيقية، التي تم خلقها طوال 100 عام، والتي تم بدء العمل على تفكيكها في الـ100 يوم الأخيرة! * * * تميّزت الكويت، طوال تاريخها، مقارنة بشقيقاتها، بأنها بلد مهاجرين، وفاق ما قدمه هؤلاء لمجتمعهم ومحيطه الأوسع، على مدى ثلاثة عقود، كل ما قدمه غيرها، بحرياً وتجارياً وثقافياً وفنياً، وكل ذلك نتيجة تمازج مكونات المجتمع المتعدد الأعراق والثقافات! لهذا السبب لا يجب وقف تجنيس الكفاءات، خاصة أن أغلبية الشقيقات تسعى إلى ذلك بكل قوة، من خلال تقديم مختلف المغريات لها، فنحن سنبقى مثلهم بحاجة إلى دماء جديدة، وأفكار جديدة، علماً بأن قوتنا لا تزال تكمن في تعدد خلفياتنا، وولائنا لوطننا وإخلاصنا لقيادتنا.