أحدث الأخبار مع #فورينأفيرز،


النهار
منذ 4 أيام
- سياسة
- النهار
هل نجحت غارات ترامب على الحوثيين؟
بطريقة مفاجئة حتى للإسرائيليين، أوقف ترامب العمليات العسكرية ضد "أنصار الله" (الحوثيين) في 6 أيار/مايو، أي بعد نحو يومين على قصفهم مطار بن غوريون. يشتهر الرئيس الأميركي بصبر محدود في التعاطي مع الملفات الشائكة. لا يشذ إضعاف الحوثيين عن هذه القاعدة. لكن ذلك لم يكن السبب الوحيد لوقف الغارات. من جهة، كان ترامب يستعد لزيارة تاريخية إلى الخليج العربي، وكان الهدوء والأمن شرطاً أساسياً لإنجاح الزيارة. من جهة أخرى، يبدو أن الأثمان الاقتصادية للغارات لم تكن مستدامة. هي كلفت الخزانة الأميركية بين مليار وملياري دولار بحسب تقديرات مختلفة بالرغم من أن الرقم الأخير قد يكون أقرب إلى الواقع. ربما كلفت الذخائر وحدها ما يساوي 750 مليون دولار. وهذا من دون احتساب كلفة سحب الأصول من مسارح أخرى على المصالح الأميركية. فهل حقق ترامب أهدافه؟ تسرد الباحثة في شؤون الخليج واليمن ضمن "معهد الولايات المتحدة للسلام" أبريل لونغلي ألاي عدداً من الأسباب التي تبرّر تقديم إجابة نافية. فالحوثيون يستطيعون القول إنهم واجهوا قوة عظمى بشكل متكافئ، كما سمح لهم وقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر بالتركيز أكثر على مهاجمة إسرائيل. علاوة على ذلك، وكما كتبت ألاي في مجلة "فورين أفيرز"، أدى وقف واشنطن عملياتها العسكرية إلى حرمان القوات الحكومية اليمنية من فرصة شن هجوم بري على الحوثيين. وثمة أيضاً واقع أن الاتفاق لم يلحظ وقفاً للهجمات الحوثية على سفن غير أميركية في البحر الأحمر، وفي مقدمتها السفن الإسرائيلية. بالرغم من أن موقف الحوثيين لم يتبدل كثيراً قبل وبعد انتهاء الغارات، يبقى أن انتصارهم لم يكن كاملاً. لم تطرح واشنطن منذ البداية فكرة إطاحة الحوثيين من الحكم، أو حتى إضعاف قبضتهم عليه، كي تُقيَّم سياستها على هذا الأساس. كل ما أرادته كان وقف العمليات العسكرية في البحر الأحمر ضد الملاحة الدولية، وقد حصلت بالحد الأدنى على حماية سفنها التجارية. بالمقابل، ثمة سؤال آخر يفرض نفسه. صحيحٌ أن الحوثيين يستفيدون من وقف إطلاق النار في البحر الأحمر من خلال تركيز مواردهم وجهودهم على إسرائيل. لكن هذا التوزيع الدقيق للموارد لم يكن موجوداً في السابق. كان الحوثيون مرتاحين في تقسيم جهودهم بين المسرحين. عملياً، ثمة ما غيّر هذه الحسابات: الغارات الجوية المكثفة على الحوثيين. وهذا ما رجّحه جيمس هولمز، رئيس كرسي جيه سي وايلي للاستراتيجيّة البحريّة في "كلية الحرب البحريّة" الأميركيّة. "بهذا المعنى الضيق والجزئي، إن القوة الجوية غير المرفقة بهجوم بري ربما دفع حسابات الحوثيين نحو نتيجة مرضية لواشنطن"، كما كتب هولمز منذ يومين في مجلة "ناشونال إنترست". ما يستطيع ترامب ادعاءه على المدى القصير، كانت نتيجة الغارات متباينة. تمكن الطرفان من ادعاء النصر في مكان ما. فرض ترامب على الحوثيين عدم استهداف سفنه بينما يواصل هؤلاء الضغط على حليفته إسرائيل. على المدى البعيد، الصورة معقّدة، وبشكل جزئيّ، لأنّ ترامب يفتقر إلى استراتيجية بخصوص اليمن. ربما عزز وقف إطلاق النار موقع الحوثيين كي يتحركوا ضد مناطق أخرى لا يسيطرون عليها مثل مأرب. و"بعض التآكل" الذي تكبده الحوثيون على مستوى قدراتهم قد يستعيدونه عما قريب، بحسب تقرير لـ "نيويورك تايمز". وعلى الصعيد السياسي، ربما يحصل الحوثيون مستقبلاً على اعتراف أميركي ولو غير مباشر بشيء من الشرعية. كان لافتاً للنظر توصيف ترامب للحوثيين بأنهم مقاتلون "أشداء". في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل احتمال أن تكون الضربات قد عطلت القيادة والتنسيق بين الحوثيين مما يعرقل خططهم التوسعيّة المحتملة في المدى المنظور. ويبدو أن إسرائيل مستمرة في غاراتها الجوية المتقطعة لإضعاف القدرات الحوثية، ممّا يعني أنّه لا يزال باكراً على "أنصار الله" الاحتفال بشكل كامل. من السابق لأوانه إطلاق استنتاجات نهائية بشأن الغارات الأميركية على الحوثيين، بينما لم يمضِ سوى نحو أسبوعين فقط على إعلان ترامب وقف الغارات. لكن النتائج الأولية تشير إلى أن ترامب لم يخرج بما يكفي للقول إنه كبح جماح الحوثيين تماماً. مع ذلك، هو يستطيع ادّعاء أنه حقق نتائج أفضل من تلك التي حققها الرئيس السابق جو بايدن. في نهاية المطاف، وبالنظر إلى حديثه الذي لا يتوقف عن سلفه، ربما هذا ما يهمّ ترامب بالدرجة الأولى.


الميادين
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الميادين
السباق النووي: بكين وموسكو تتقدمان على واشنطن في مجال الطاقة
نقلت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، في تقرير، أنّ العالم "يشهد نوعاً جديداً من السباق العالمي، ليس من أجل السيطرة على الفضاء، بل من أجل السيطرة على سوق الطاقة النووية العالمية". فلطالما "اعتُبرت الطاقة النووية محفوفة بالمخاطر بسبب الحوادث الكبرى وتجاوزات الميزانية، ما أعاق اعتمادها على نطاق واسع". لكن خلال العقد الماضي، "عادت الطاقة النووية بقوة بفضل تطوير المفاعلات المعيارية الصغيرة"، بحيث "تتولى الصين وروسيا زمام المبادرة، عبر توسيع قدراتهما المحلية، إضافة إلى تصدير التكنولوجيا النووية وبناء محطات الطاقة النووية في مجموعة متنوعة من الاقتصادات الناشئة"، وفق "فورين أفيرز". وأشارت المجلة إلى أنّ "روسيا تتصدر العالم الآن في بناء محطات الطاقة النووية"، إذ تقوم شركة الطاقة النووية المملوكة للدولة، "روساتوم"، "ببناء 6 ستة مفاعلات محلية جديدة، وتساعد في بناء 19 مفاعلاً في 6 دول أجنبية". وفي غضون ذلك، "وقّعت الصين على مدى السنوات العشر الماضية عقوداً للمساعدة في بناء 9 مفاعلات في 4 دول، مع الحفاظ على معدل توسع غير مسبوق في صناعتها النووية المحلية". اليوم 10:56 اليوم 10:49 وقد سارعت روسيا والصين بشكل خاص، بحسب "فورين أفيرز"، إلى "استيعاب إمكانات المفاعلات المعيارية الصغيرة، التي يمكنها عادةً توليد ما يصل إلى ثلث الطاقة التي تنتجها محطات الطاقة النووية التقليدية". وبالمقارنة مع المفاعلات الكبيرة التقليدية، يُمكن نشر المفاعلات النووية الصغيرة "SMRs" بسرعة في المناطق التي تفتقر إلى سعة شبكة كهربائية مرنة، كما أن تصميمها المعياري يجعلها أقل تكلفة. وتتزايد الحاجة إلى مصادر طاقة جديدة بأسعار معقولة مع تسارع وتيرة الاعتماد على الكهرباء في العالم. فمن المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الكهرباء بمعدل سنوي يبلغ نحو 4% خلال السنوات القليلة المقبلة، وستمثل الدول النامية ما يُقدر بنحو 85% من هذا الطلب الجديد. من بين القوى الكبرى، كانت الصين وروسيا الأكثر استباقية في إدراك هذه الحاجة وتلبيتها بصادرات الطاقة النووية، بحيث "تستهدف كلتا الدولتين بنشاط الدول النامية"، بحسب المجلة. وفي هذا الإطار، أشارت "فورين أفيرز" إلى أنّ هذا الجهد "قد يُحدث بدوره تحولاً في المشهد العالمي للطاقة، ويُغير موازين القوى الجيوسياسية". ولفتت إلى أنّ الولايات المتحدة كانت في السابق هي المهيمنة على تطوير التكنولوجيا النووية. ولكن منذ نحو سبعينات القرن الماضي، "تخلّت عن هذه القيادة بسبب المعارضة الشعبية وارتفاع التكاليف والتحديات التنظيمية، فيما هي الآن تدفع الثمن". وخلصت المجلة إلى أنّ "الحاجة المتزايدة للكهرباء لتشغيل الذكاء الاصطناعي، إلى جانب رغبة الدول النامية في الحصول على الطاقة، تعني أنّ الدول القادرة على تصدير المفاعلات النووية الصغيرة بسرعة وبتكلفة معقولة ستصبح من بين الشركاء المؤثرين بشكل متزايد للدول الأخرى". ووفقاً لها، فإنّ "الصين وروسيا تستغلان بالفعل استثماراتهما في الطاقة النووية في الخارج لتعزيز نفوذهما الاقتصادي والسياسي على الدول التي تشتري تقنياتهما".


روسيا اليوم
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- روسيا اليوم
ترامب: قد ألتقي بوتين بعد زيارتي للسعودية
وقال ترامب للصحفيين ردا على سؤال بشأن ما إذا كان سيلتقي بوتين في السعودية: "هذا ممكن، ولكن على الأرجح لا. أعتقد أنني سألتقي به قريبا بعد ذلك". وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في وقت سابق من اليوم الأربعاء أن اللقاء بين الرئيسين الروسي والأمريكي ينبغي أن يكون مثمرا. كما أفاد مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف في وقت سابق أنه لم يتم الاتفاق على موعد محدد للقاء بين بوتين وترامب، كما لم يتم الاتفاق على مكان اللقاء المحتمل. ومن المقرر أن يقوم ترامب بزيارة إلى السعودية والإمارات وقطر في الفترة من 13 إلى 16 مايو المقبل. المصدر: "نوفوستي" كتبت مجلة "فورين أفيرز"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى توحيد القوى العظمى بدلا من التنافس فيما بينها. خلال 100 يوم من وصوله إلى البيت الأبيض، قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السياسة الخارجية للبلاد رأسا على عقب، وتسبب بتقلبات حادة في الأسواق العالمية. قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو ترحب بمساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ ودول "بريكس" لتسوية الأزمة الأوكرانية سلميا.


البيان
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
لماذا يتمتع شي بموقف أقوى من ترامب في الحرب التجارية؟
جدعون راشمان عندما تكون في شك استخدم الأحرف الكبيرة! «لن يفلت أحد من العقاب»، هكذا أصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في توضيح تسبب في إرباك من استمع إلى إعلانه السابق، أن الولايات المتحدة ستستثني الهواتف الذكية والإلكترونيات الاستهلاكية من التعريفات الجمركية. وهذا الإعفاء نفسه كان تغييراً لسياسة الأسبوع السابق عليه، التي فرضت رسوماً جمركية «متبادلة» بنسبة 145 % على جميع الواردات الصينية، والتي كانت بدورها زيادة كبيرة عن المعدلات المعلنة قبل بضعة أيام. هل تتابعون ما يحدث؟ فهل يمكن لأحد أن يفهم هذه السياسة المتغيرة؟ قد يرى المراقب العادي أن التقلبات المفاجئة في سياسة التعريفات الجمركية، تعكس حالة فوضى داخل البيت الأبيض، غير أن مؤيدي ترامب يرفضون هذا تماماً، فقد أشاد بيل أكمان، المستثمر المالي البارز، بأحد التغييرات المفاجئة السابقة في السياسة التجارية، قائلاً «لقد تم تنفيذه ببراعة.. إنه تطبيق نموذجي لكتاب فن الصفقة». ويواصل أشد مؤيدي الرئيس ولاء، إصرارهم على أنه استراتيجي محنك، بينما يخاطر كل من يجرؤ على اقتراح العكس، بتعريض نفسه لتهمة الإصابة «بمتلازمة اضطراب ترامب». يا للأسف، ما زلت مصاباً بهذه المتلازمة (فقد تم منع اللقاح المضاد لها!). لذلك، فإن ذهني المحموم يعتقد أن ترامب يمتلك أوراق لعب أضعف بكثير مما يعتقد في مباراة بوكر التعريفات التي يخوضها مع الصين، وكلما تأخر في قبول هذه الحقيقة بشكل قاطع، ازدادت خسائره وخسائر الولايات المتحدة. ينطلق ترامب ومحاربو التجارة في إدارته من افتراض أساسي، مفاده أن الصين تقف حتماً في موقف الضعيف في أي صراع تجاري، حيث يرى سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأمريكي، أن الصين «تلعب بورقتين ضعيفتين.. فنحن نصدر إليهم خمس ما يصدرونه إلينا، لذا، فهي ورقة خاسرة بالنسبة لهم». غير أن عيوب منطق ترامب وبيسنت، تم توضيحها بجلاء في مقال حديث لآدم بوزن، في مجلة فورين أفيرز، إذ يشير بوزن إلى أن حقيقة تصدير الصين أكثر بكثير للولايات المتحدة مما تستورده منها، هي في الواقع نقطة نفوذ للصين، وليس ضعفاً. الولايات المتحدة لا تشتري المنتجات الصينية من باب الإحسان، بل لأن الأمريكيين يرغبون في ما تنتجه الصين. وإذا أصبحت تلك المنتجات أكثر تكلفة بشكل كبير، أو اختفت من الأسواق تماماً، فسيعاني المستهلكون الأمريكيون. وتكمن أهمية التنازل المؤلم في نقطة الهواتف الذكية، أن ترامب اضطر أخيراً للاعتراف ضمنياً بما طالما أنكره، وهو أن الرسوم الجمركية يتحملها المستوردون وليس المصدرين. فأكثر من نصف الهواتف الذكية المباعة في أمريكا، هي هواتف آيفون، و80 % منها مصنعة في الصين، بالتالي، سيرتفع صوت الاحتجاج الأمريكي، إذا تضاعفت أسعارها، لأن «يوم التحرير» لم يكن يقصد به أبداً التحرر من الهواتف الذكية! وتتصدر الهواتف والحواسيب قائمة السلع المرشحة في قائمة التنازلات، وهي ليست أمثلة منفردة. وسيتعين على ترامب أن يأمل ألا يكون صيفاً حاراً، لأن 80 % من مكيفات الهواء في العالم تصنع في الصين، فضلاً عن ثلاثة أرباع المراوح الكهربائية التي تدخل السوق الأمريكية. ولا شك أن البيت الأبيض سيرغب في إنهاء الحرب التجارية قبل حلول أعياد الميلاد، حيث تهيمن المنتجات الصينية على 75 % من سوق الدمى والدراجات التي تستوردها الولايات المتحدة. وقد يتساءل المرء: أليس بمقدور أمريكا تصنيع هذه المنتجات محلياً؟ نعم، لكن الأمر يستلزم وقتاً لبناء المنشآت الصناعية اللازمة، ناهيك عن أن المنتج النهائي سيكون بالتأكيد أكثر كلفة. ولأن ترامب يمقت العناوين الصحافية السلبية، ويسعى لتلاشيها بأي ثمن، فالأرجح أنه سيلجأ إلى توسيع مظلة الإعفاءات الجمركية، بدلاً من مجابهة شبح النقص في المعروض وشبح التضخم. أمام هذا المشهد، تملك الصين ترف الانتظار، أما إذا قررت بكين التصعيد، فبحوزتها ترسانة أدوات مؤثرة، فهي تسيطر على نصف إنتاج المكونات التي تدخل في المضادات الحيوية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة، كما أن مقاتلات «إف 35»، العمود الفقري للسلاح الجوي الأمريكي، تتطلب معادن نادرة، تحتكر الصين توريدها. وحتى إن تمكنت إدارة ترامب من العثور على فئة من الواردات يمكن للأمريكيين الاستغناء عنها، سيظل من المستبعد قدرتها على تكبيد الاقتصاد الصيني خسائر استراتيجية. فالسوق الأمريكية لا تستقطب سوى 14 % من الصادرات الصينية، ويرى يورغ فوتكه الرئيس السابق للغرفة التجارية الأوروبية في بكين، أن التعريفات الأمريكية «مزعجة، لكنها لن تشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الصيني، الذي يتجاوز حجمه 14 تريليون دولار، في حين لا تتعدى صادراته للولايات المتحدة 550 مليار دولار». ورغم تلميحات البيت الأبيض المتكررة، برغبته في أن يبادر الرئيس الصيني شي جين بينغ بالاتصال، فإن انسحاب ترامب المتسارع، ينزع أي حافز قد يدفع بكين للتفاوض. النظام الذي يهيمن عليه الحزب الشيوعي الصيني بقبضة محكمة، يتمتع على الأرجح بقدرة أكبر على امتصاص فترة من المعاناة السياسية والاقتصادية، مقارنة بالولايات المتحدة، حيث تتحول الأزمات الاقتصادية بسرعة فائقة إلى ضغوط سياسية عاصفة. الرئيس الصيني بالتأكيد ليس معصوماً من الخطأ، غير أن بكين ظلت تستعد لمواجهة تجارية مع واشنطن منذ سنوات طويلة، وقامت بتحليل خياراتها بعمق شديد، في حين يبدو البيت الأبيض كمن يبحث عن حلول مرتجلة من لحظة لأخرى. لقد وزع ترامب لنفسه أوراقاً ضعيفة في هذه المواجهة، وسيضطر عاجلاً أم آجلاً للانسحاب من اللعبة - إنه تطبيق نموذجي لما يسميه «فن الصفقة»!


البيان
١١-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
الدولار الأمريكي.. هل ينجو من الرئيس الأمريكي؟
هيمن الدولار الأمريكي على النظام المالي العالمي لأكثر من سبعين عاما، واحتفظ بمكانته دون تهديد حقيقي رغم التغيّرات الكبرى في الاقتصاد والسياسة. فالأنظمة الاقتصادية تميل إلى الجمود، وتُفضّل الحكومات والمؤسسات والشركات الكبرى التعامل بآليات مأمونة ومجرّبة. وبينما تتكرر الأنباء حول محاولات دولية للبحث عن بدائل أو إنشاء عملات منافسة، يبقى الدولار في موقع الصدارة. لكن هذا الاستقرار بات مهددًا اليوم. ففي 2 أبريل، أعلن الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية باهظة على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، ما أدى إلى انهيارات في الأسواق العالمية، في خطوة تعكس نهجه القائم على تسليح النفوذ الاقتصادي الأمريكي. وباتت تلك السياسات تمثّل أكبر تهديد حقيقي لمكانة الدولار كعملة احتياطية. وفق مقال مطول شارك فيه ثلاثة من الأكاديميين في الاقتصاد السياسي ونشرته مجلة فورين أفيرز، فإن تراجع دور الدولار لن يضر أمريكا وحدها، بل سيلحق أذى كبيرًا بالنظام المالي العالمي. فغيابه عن مركز التبادلات والتدفقات المالية يعني تباطؤ النمو، وزيادة الفقر، وارتفاع أسعار الواردات، دون أن يتحقق أي انتعاش صناعي حقيقي. بل قد تكون النتيجة النهائية زوال النفوذ الاقتصادي الذي تسعى هذه السياسات إلى تعزيزه. لم تكن سيطرة الدولار مصادفة. منذ مؤتمر بريتون وودز في نهاية الحرب العالمية الثانية، ارتبطت معظم العملات بالدولار، الذي كان قابلًا للتحويل إلى الذهب. ومع إنشاء مؤسسات كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، غدا الدولار ركيزة للاستقرار النقدي العالمي. وحتى بعد أن فك الرئيس نيكسون هذا الارتباط عام 1971، احتفظ الدولار بمكانته، بفضل خصائص جوهرية يتمتع بها: السيولة، والانتشار الواسع، والقدرة على العمل كوحدة حساب مشتركة. فمعظم السلع المتداولة عالميًا، من النفط إلى المعادن والمحاصيل، تُسعّر بالدولار. ويُستخدم الدولار في نحو 54% من فواتير التجارة العالمية، رغم أن الولايات المتحدة لا تمثل سوى 10% منها. كما يُهيمن الدولار على حوالي 90% من تداولات الصرف الأجنبي، ويشكل نصف التعاملات على نظام «سويفت» المصرفي الدولي. لكن السيولة والانتشار لا تكفيان وحدهما. يجب أن تكون عملة الاحتياطي العالمي أيضا مرجعاً موثوقًا للقيمة، وهو ما توفره البيئة الاقتصادية الأمريكية: أسواق مالية واسعة ومنفتحة، أقل قدر من القيود على حركة رأس المال، ومؤسسات قوية تتمتع بالشفافية والثقة. سوق الأسهم الأمريكية، رغم تراجعه في 2024، لا يزال الأكبر عالميًا بقيمة 63 تريليون دولار، وسوق سندات الخزانة الأمريكية يُعد الأكثر سيولة بقيمة 28 تريليون دولار، وبمعاملات يومية تتجاوز 900 مليار دولار. هذه المزايا تُعزز من الثقة في الدولار، وتجعله الخيار الطبيعي للاحتياطي النقدي في العالم. وتتمثل إحدى أبرز نقاط قوة الدولار في غياب المنافس الحقيقي. فالصين، رغم نموها الاقتصادي، لا تزال تفتقر إلى الأسواق المالية المنفتحة، وفق تعبير الأكاديميين في "فورين أفيرز". ورغم محاولات بكين الترويج لنظام «CIPS» كبديل لنظام سويفت، لم يستحوذ إلا على 0.2% فقط من حجم معاملات سويفت، ما يكشف ضعف تأثيره الفعلي. أما اليورو، فرغم كونه العملة الثانية عالميا من حيث التداول والاحتياطي، إلا أنه يعاني من غياب اتحاد مالي موحد في منطقة اليورو، وتردّد دول مثل ألمانيا في إصدار ديون حكومية كبيرة. ومع تصاعد التهديدات الجيوسياسية من روسيا، أصبح اليورو خيارًا أقل جاذبية للبنوك المركزية. كل هذه العوامل تفسّر لماذا لا يزال الدولار، رغم كل الأزمات، العملة الاحتياطية الأولى عالميًا — ليس فقط لأنه قوي، بل لأنه لا بديل حقيقي له حتى الآن. رغم المحاولات المتكررة لطرح بدائل للدولار كعملة احتياطية عالمية، لم تُفلح أي من هذه الجهود حتى الآن في زعزعة مكانته. فقد طرحت مجموعة «البريكس» — التي تضم عددًا من الاقتصادات الصاعدة الكبرى — فكرة إطلاق عملة جديدة تستند إلى سلة عملات من الدول الأعضاء، في محاولة لمنافسة الدولار. غير أن هذا الطموح يصطدم بعقبات جوهرية؛ إذ لا توجد حتى اللحظة خطة واضحة لاتحاد نقدي أو مالي بين أعضاء المجموعة، الذين تختلف أولوياتهم الاقتصادية والسياسية بشكل حاد. وقياسًا على التجربة الأوروبية، فإن مجموعة تُعد أكثر تجزئة من منطقة اليورو تبدو بعيدة كل البعد عن تأمين الثقة اللازمة في الأسواق العالمية لتبنّي عملة مشتركة. أما البدائل اللامركزية أو التقليدية، مثل العملات المشفّرة والذهب، فهي تفتقر أيضًا إلى المقومات الضرورية. فالبيتكوين وسواها من العملات الرقمية لا توفر السيولة الكافية، وتعاني من تقلبات سعرية حادة، وتفتقر إلى أي دعم حكومي أو مصدر ملموس للقيمة. وبالرغم من أن الذهب ظلّ لقرون طويلة أساسًا للنظام النقدي العالمي، فإن عيوبه باتت واضحة في العصر الحديث. فكونه خارج سيطرة الحكومات يجعله غير ملائم للاستجابة للأزمات الاقتصادية، ويُقيد قدرة الدول على ضبط العرض النقدي وتوجيه السياسات المالية. ورغم أن الدولار لا يزال، من حيث البنية والواقع، خيارًا لا غنى عنه، إلا أن عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم شكّلت لأول مرة منذ أجيال تهديدًا ملموسًا لمكانته. صحيح أن البدائل غير جاهزة بعد، ما يُقلل من احتمالية حدوث انهيار فوري، إلا أن خطر التراجع التدريجي بات أكثر واقعية من أي وقت مضى. فالتوترات التي تسببها سياسات ترامب قد تُضعف تدريجيًا الأسس التي قامت عليها هيمنة الدولار. في بدايات ولايته، أدت سياساته إلى ارتفاع قيمة الدولار، مدعومًا بزيادة أسعار الفائدة نتيجة الإجراءات التضخمية مثل الرسوم الجمركية والتخفيضات الضريبية. لكن مع الوقت، بدأت الآثار الجانبية لهذه السياسات في الظهور؛ إذ قادت إلى حالة من اللايقين الاقتصادي، واضطرابات في سلاسل التوريد، ونقص في اليد العاملة نتيجة عمليات الترحيل، ما أضعف ثقة الأسواق والمستهلكين على حد سواء. وكنتيجة لذلك، تراجع الإنفاق، وتباطأ النمو، وانخفضت أسعار الفائدة. اللافت أن هذا التدهور فتح المجال أمام أداء أقوى للأسواق الأوروبية. فقد سجلت الأسهم الأوروبية تفوقًا على نظيرتها الأمريكية بنسبة 20% خلال الربع الأول من عام 2025 — وهو أكبر هامش لصالح أوروبا منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وكل ذلك بفعل الارتباك السياسي والاقتصادي الذي تسببت به سياسات ترامب. عند النظر إلى المدى البعيد، تتضح أكثر فأكثر خطورة سياسات ترامب على مكانة الدولار. فالرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها، إلى جانب حالة عدم الاستقرار التي يُحدثها في الاقتصاد الأمريكي، من شأنها أن تُلحق ضررًا طويل الأمد بمصداقية الولايات المتحدة كشريك تجاري موثوق. هذا التراجع في الثقة يُقوّض بدوره الطلب على الدولار، ويُضعف مكانته كعملة مفضلة للتجارة والاحتياطات. المفارقة أن حلفاء أمريكا—not خصومها—هم من سيتلقون الضربة الأقسى. إذ ستُفرض تعريفات أعلى على دول مثل إسرائيل واليابان والاتحاد الأوروبي مقارنة بدول خصمة كإيران وروسيا. وقد بيّنت الدراسات الاقتصادية أن الدول تميل للاحتفاظ باحتياطيات نقدية من عملات شركائها الجيوسياسيين. وبإبعاد أقرب الحلفاء، تُبعد واشنطن الدول التي كانت الأكثر اعتمادًا على النظام التجاري المُسهّل عبر الدولار. كذلك، يُفاقم تشكيك ترامب في التزامات الولايات المتحدة الدفاعية، كالتزام الناتو بالمادة 5، وانقلابه على أوكرانيا، من هذه المخاوف، ما يدفع الدول للسعي إلى تقليل اعتمادها على قرارات أحادية قد تُغيّر المشهد في لحظة. صحيح أن هذه الدول لن تتخلى عن الدولار بين عشية وضحاها، ولكن مع تعاظم شراكاتها التجارية مع الصين وغيرها من القوى الصاعدة، سيزداد الإغراء لاستخدام عملات وأنظمة دفع بديلة في بعض المعاملات. ولعلّ نظام CIPS الصيني يُمثّل أحد هذه الخيارات. فالصين اليوم هي الشريك التجاري الأكبر لثلثي دول العالم، وإذا ما أصبحت المعاملات مع الشركات الصينية مرتبطة حصرًا بـCIPS، فستندفع البنوك والمؤسسات المالية إلى تبني هذا النظام للحفاظ على تدفق التجارة. بدلًا من إعادة تصميم أنماط تجارتها لتُرضي التفضيلات الأمريكية، قد تُعيد الدول صياغة بنيتها التحتية المالية بالكامل. العقوبات الأمريكية تُضيف سببًا إضافيًا للتغيير. فمع تشديد واشنطن لإجراءاتها ضد إيران وفنزويلا، وازدياد الاعتماد على العقوبات كأداة ضغط، ستجد الدول المتضررة نفسها مُضطرة إلى السير على خطى روسيا بعد 2018، حين بدأت بتقليص اعتمادها على الدولار في التجارة الدولية واحتياطاتها النقدية. حتى لو لم يُستبدل الدولار بعملة واحدة مهيمنة، فإن تنويع آليات الدفع وتوسيع الخيارات خارج النظام الأمريكي سيصبح سلوكًا منطقيًا وضروريًا. لكن الأخطر من كل ذلك أن التهديد الحقيقي لا يكمن فقط في الرسوم والعقوبات، بل في زعزعة سيادة القانون داخل الولايات المتحدة نفسها. إن تآكل الثقة في القضاء الأمريكي، وتحوّل الحكم إلى نمط شخصي يتسم بالصفقات السياسية وملاحقة الخصوم، يُضعف الميزة الأكبر التي جعلت من الدولار ملاذًا آمنًا: الشفافية، والعدالة، والثقة بالمؤسسات. فحتى الآن، ما زالت الشركات العالمية تُفضل المثول أمام القضاء الأمريكي لا الصيني، لكن إن تبددت هذه الثقة، فقد ينهار الأساس الذي تستند إليه الهيمنة المالية الأمريكية. يمثل الارتفاع الكبير في الدين الحكومي الأمريكي تهديدًا إضافيًا لمكانة الدولار، إذ يُتوقع أن يرتفع الدين من 100% إلى نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس. وإذا مضى الكونغرس في خفض الضرائب دون ضبط الإنفاق، فإن حصة متزايدة من الإيرادات الحكومية ستُستنزف لتسديد فوائد هذا الدين، على حساب الإنفاق على البنية التحتية والنمو طويل الأجل. الأخطر أن بعض المحيطين بإدارة ترامب اقترحوا ما يُسمى بـ«اتفاقية مار-أ-لاغو»، والتي تتضمن مقايضة سندات الخزانة التي يحملها الأجانب بسندات لأجل مئة عام بفائدة صفرية. مثل هذه الخطوة قد تُلحق ضربة قاتلة بمصداقية الولايات المتحدة كمُقترض، وتدفع وكالات التصنيف الائتماني إلى اعتبارها شكلاً من أشكال التخلف عن السداد، ما يُخيف المستثمرين ويدفعهم إلى الابتعاد عن السوق الأمريكية. وإذا ما تدهور الاقتصاد، كما تتوقعه بنوك وول ستريت، فإن المواجهة بين ترامب والاحتياطي الفيدرالي قد تتجدد. فبينما يُبدي الفيدرالي تحفظًا بشأن تخفيض أسعار الفائدة في ظل الغموض الذي تسببه رسوم ترامب الجمركية، يُصرّ ترامب على سياسة نقدية مرنة لتحفيز النمو. وإذا خضع الفيدرالي لهذا الضغط، فستُمس استقلاليته ومصداقيته، مما يُضعف الثقة العالمية في إدارة السياسة النقدية الأمريكية. ويكمن الخطر في تسييس مؤسسة تشكّل العمود الفقري للنظام المالي العالمي. إذا شعرت البنوك المركزية — من كندا إلى اليابان إلى أوروبا — بأن الاحتياطي الفيدرالي بات أداة في يد الرئيس، فستخشى أن تُمنع في أوقات الأزمات من الوصول إلى التمويل الدولاري عبر خطوط المبادلة، ما يُقلل من قدرتها على التكيّف مع الأزمات. حتى لو لم تُسقط هذه التهديدات الدولار من عليائه فورًا، فإن أي تراجع في مكانته سيحمل تبعات خطيرة. تستفيد الولايات المتحدة حاليًا من انخفاض تكلفة اقتراضها، ومن قدرة واسعة على استخدام العقوبات كأداة ضغط بفضل مكانة الدولار. وتستفيد بقية دول العالم من التعامل بعملة واحدة موثوقة وسهلة التحويل، ما يُبسط التبادل التجاري ويُعزز النمو. لكن إذا تراجعت مكانة الدولار، فسترتفع التكاليف، وتتعقّد التجارة، وتنخفض مستويات المعيشة عالميًا — إلى أن تظهر عملة بديلة تُملأ هذا الفراغ. تاريخيًا، لم يكن الدولار دائمًا في القمة. في القرن التاسع عشر، كان الجنيه الإسترليني هو العملة العالمية الأولى، بفضل الأسواق الرأسمالية البريطانية العميقة والإمبراطورية الواسعة. لكن بعد حربين عالميتين وتراجع اقتصادي طويل، فقدت بريطانيا هذه المكانة لصالح الولايات المتحدة. لم يكن ذلك حتميًا، كما لا يُعد تراجع الدولار اليوم حتميًا. بل إن الخيارات السياسية — لا الأقدار — هي من تُسقط أو ترفع العملات الاحتياطية. وإذا ما فقد الدولار موقعه، فستكون النكسة من صُنع قرارات اتخذتها إدارة ترامب نفسها، لا من تطورات خارجة عن السيطرة.