logo
#

أحدث الأخبار مع #قطز

لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟
لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • سياسة
  • الجزيرة

لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟

كثيرة هي حوادث التاريخ التي اختلف المؤرخون حول أسبابها ونتائجها، وبعضها حتى يومنا هذا غامض في أسبابه ونشأته، وفي تاريخنا الوسيط العديد من هذه الحوادث، وخاصة الاغتيالات السياسية الكبرى مثل مقتل السلطان المظفّر قُطز في نشوة انتصاره على المغول وطردهم من بلاد الشام وتحريرها منهم، وتأسيس عهد جديد ستدخل فيه المنطقة إلى فترة من الاستقلال والأمن والازدهار. وكان من الأغرب أن نَصيره وعضده ومن تصالح معه قُبيل معركة عين جالوت وهو الأمير سيف الدين بيبرس البندقداري سيكون قاتلَه، بل وسيصبحُ السلطان الجديد لدولة المماليك، وهو الذي وصفه المؤرخون بالمؤسس الثاني لهذه السلطنة الممتدة من وسط الأناضول وجنوبها إلى بلاد الشام والحجاز ومصر وحتى حدود النوبة. ولهذه الحادثة قصة لا بد من الوقوف عندها وتأمل أسبابها، وآراء المؤرخين فيها، فإذا كان العديد منهم -قديما وحديثا- يعتبرون أسبابها غامضة وغير مفهومة، فإن آخرين استذكروا حوادث التاريخ، وتتبعوا العلاقة بين الرجلين القاتل والمقتول من قديم، وقدّموا بعض الإجابات المهمة في هذا المضمار. من عين جالوت إلى الاغتيال في أعقاب الانتصار الحاسم في معركة عين جالوت، التي وقعت يوم 25 رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م، وتمكّنت فيها القوات المملوكية بقيادة السلطان قُطز من كسر الزحف المغولي والتقدم نحو قلب بلاد الشام، سارع السلطان إلى استثمار هذا التفوق العسكري وتوجه مباشرة إلى دمشق. وكان لاستقباله في المدينة وقعٌ خاصٌّ لدى سكانها، الذين تنفّسوا الصعداء بعد 7 أشهر من الاحتلال المغولي القاسي، والذي وجدوا فيه من الذل والمهانة ما نقلته مصادر تلك الحقبة. وقد أمضى السلطان قُطز في دمشق قرابة أسبوعين، في مهمة هدفت إلى إعادة النظام وترميم الجهاز الإداري الذي انهار تحت وطأة الاحتلال المغولي، وقد وصف المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه "عِقد الجُمان" ما قام به قُطز من إصلاحات بالقول: "فنظر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وحدّد إقطاع الإقطاعات بمناشيره"، وهي إشارة إلى تعميماته الرسمية التي أعادت تنظيم الحقوق الإقطاعية والسلطة المحلية في سوريا. وبعد استقرار الأوضاع في بلاد الشام على المستويات الأمنية والعسكرية والإدارية، وبعد غياب دام قرابة شهرين عن القاهرة، اتخذ السلطان المظفر قُطز قراره بالعودة إلى مصر، دون أن يستكمل حملته شمالاً نحو حلب، المدينة الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية. وقد أثار هذا التراجع المفاجئ تساؤلات عدد من المؤرخين، من أبرزهم القاضي والمؤرخ عز الدين بن شداد (ت 684هـ) الذي علّق على القرار في سياق تأريخه لوقائع حكم السلطان بيبرس. ينقل ابن شداد في سرده ما يفيد أن قُطز كان في نيته التوجّه إلى حلب "ليكشف أحوالها، ويُزيح أعدارها من خراب التتار"، غير أن تقارير وصلت إليه تفيد أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وعددا من أمراء المماليك البحرية من فرقة الصالحية، وهم المنتسبون إلى السلطان الصالح أيوب، "متنكرون له، ومتغيّرون عليه"، ما دفعه إلى العدول عن حملته ومباشرة العودة إلى مصر. ويضيف ابن شداد: "فصرف وجهه إلى ناحية الديار المصرية، وهو أيضًا مُضمر لهم الشر، وربّما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يُلمح إلى حالة من التوتر المتبادل وسيناريو أزمة سياسية وعسكرية وشيكة. ويختم ابن شداد قوله: "فبلغ ذلك الأمير ركن الدين البندقداري، فخرجوا من دمشق، وكل واحد منهما محترز من صاحبه"، في إشارة واضحة إلى انعدام الثقة بين الطرفين وتوجس كل منهما من الآخر. تُسلّط رواية المؤرخ عز الدين بن شداد الضوء على بُعد بالغ الأهمية في المشهد السياسي والعسكري لما بعد معركة عين جالوت، إذ تكشف خفايا العلاقة المتوترة بين السلطان قطز وبعض الأمراء المماليك، سواء من فئة البحرية الصالحية أو حتى من زملاء السلطان من المماليك "المعزية" الذين انتموا مثله إلى خدمة السلطان السابق المعز أيبك وانتسبوا إليه. وتدلّ تفاصيل الرواية على أن حادثة اغتيال قطز فيما بعد لم تكن مجرد فعل مفاجئ أو نتيجة نزاع عابر في اللحظة التي قُتل فيها في مدينة القُصير القريبة من الصالحية شمال شرقي مصر، بل كانت ثمرة لتراكم من التوجس والاحتكاك السياسي، وربما حتى لمخطط مسبق بين بعض الأمراء النافذين. وكما يقول ابن شداد، فإن قطز نفسه كان "مضمرًا لهم الشر، وربما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يشير إلى شعوره المبكر بالخطر الكامن في دوائر الحكم حوله. مقتل قطز في نظر مؤرخي عصره تعددت الروايات التاريخية حول الدوافع الكامنة وراء مقتل السلطان سيف الدين قطز على يد الأمير بيبرس وعدد من الأمراء المماليك الصالحية، ممن خدموا في عهد السلطان الصالح أيوب. وتتنوع هذه الروايات بحسب المنظور الذي ينطلق منه كل مؤرخ. ومن أبرز هذه التفسيرات ما يورده المؤرخ ابن أيبك الدواداري، الذي يُعَد من مؤرخي العصر المملوكي المقربين من دوائر الحكم، وله كتاب جامع وموسوعي هو "كنز الدرر وجامع الغُرر"، حيث يُرجع الأمر إلى مشهد مشين وقع أثناء معركة عين جالوت، حين فرَّ بعض المماليك البحرية الصالحية المقرّبين من بيبرس من ساحة القتال في مواجهة المغول، وهو ما أثار غضب السلطان قطز بعد النصر، فواجههم بعنف، يقول الدواداري: "فوبّخهم، وشتمهم، وتوعّدهم". ومنذ تلك اللحظة وبحسب روايته، بدأت ملامح الانقسام والعداوة تظهر علنا، "فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الأحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة". أما المؤرخ المملوكي الآخر بيبرس الدواداري المنصوري، الذي يُعد من أقرب شهود العصر إلى مجريات الأحداث في كتابيه "التحفة الملوكية في الدولة التركية" و"زُبدة الفكرة في تاريخ الهجرة"، فيرى أن اغتيال السلطان قطز لم يكن نتاج خلاف عابر أو رد فعل متسرع على توبيخ بعد المعركة، كما ذهب إلى ذلك ابن أيبك الدواداري، بل هو نتيجة لصراع طويل ومتجذر تعود أسبابه الأولى إلى عهد السلطان السابق عز الدين أيبك التركماني. فبحسب رواية المنصوري، فإن قطز كان مشاركا أساسيا في مقتل الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، أحد كبار قادة المماليك الصالحية، وهو زعيم كان صاحب نفوذ وكلمة ومنافس على العرش المملوكي، ويدين له بيبرس وبقية الأمراء الصالحية بالمودة والزمالة، الأمر الذي خلّف عداء دفينا في نفوس المماليك البحرية الذين اضطروا إلى الهرب والتشتت إثر تلك الحادثة خوفا على أنفسهم، ليستتب الحكم للسلطان المعز أيبك أستاذ قُطز وسيده. ويورد بيبرس المنصوري هذه الخلفية بقوله: "وذلك أنه (أي قطز بعد عين جالوت) رحل من دمشق عائدًا إلى الديار المصرية، وفي نفوس البحرية منه ومن أستاذه ما فيها لقتلهما الفارس أقطاي، واستبدادهما بالملك، وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفِجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها". ثم يكشف المنصوري أن التقارب والتصالح بين المعزّية وسيدهم السلطان قُطز، وبين المماليك الصالحية بزعامة بيبرس قُبيل معركة عين جالوت الفاصلة؛ كان مجرد صلح تكتيكي مؤقت، أملاه الموقف العصيب، والعدو المشترك المتمثل في المغول، حيث يقول: "وإنما انحازوا إليه لما تعذّر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء". إذن تشير هذه الرواية إلى أن العداء بين قطز والمماليك الصالحية لم يكن طارئًا بل كان ممتدًا منذ سنوات، وقد وجد أولئك الأمراء اللحظة المواتية للثأر في طريق عودة السلطان إلى مصر. ويرجّح المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي في العديد من كتبه وعلى رأسها "السلوك لمعرفة دول الملوك"، أن جذور اغتيال السلطان سيف الدين قطز تعود إلى توتر علاقته بالأمير بيبرس، ويُرجِع السبب المباشر إلى رفض السلطان منح نيابة حلب لبيبرس، قائلاً: "فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً". غير أن هذا التفسير، على وجاهته، لا يعبّر إلا عن جانب من مشهد أكثر تعقيدا وتشابكا، فمقتل قطز لا يمكن قراءته فقط كنتاج لخلاف على منصب، بل يجب فهمه ضمن سياق سياسي ممتد يعود إلى حقبة السلطان المعز أيبك، الذي استهدف المماليك البحرية الصالحية، وقضى على زعيمهم أقطاي، مما أفضى إلى ترسيخ سلطة المماليك المعزية، وعلى رأسهم قطز نفسه، وهكذا تبلورت قطيعة عميقة بين الفريقين، ظلت كامنة حتى وجدت فرصتها للانفجار عند الحدود المصرية، بعد نصر عين جالوت. ظل التوتر قائما بين المماليك المعزية والمماليك البحرية حتى فرض الغزو المغولي الوشيك على مصر لحظة إجبارية للوحدة، إذ اضطر الفريقان إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة الخطر الداهم. لكن هذا التحالف المؤقت لم يصمد بعد زوال التهديد الخارجي، فبانتصار المسلمين في عين جالوت اختفى مبرر الوحدة، ليظهر العداء الكامن إلى السطح، ويتوّج في النهاية باغتيال السلطان قطز على يد بيبرس، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية. وفي هذا السياق، يورد المؤرخ ابن أبي الفضائل القبطي المصري في كتابه "النهج السديد والدر الفريد في ما بعد تاريخ ابن العميد" تعليقا دالا يعكس حالة القلق العامة عقب مقتل قطز، حيث قال: "فلحِق الناس خوف عظيم من عودة المماليك البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد"، وهي إشارة نكشف منها أن المماليك الصالحية كان يهمهم في فترات الاضطرابات مصالحهم الخاصة. على أية حال، قُتل قُطز، وأُسقط في يد المماليك المعزية؛ لأنهم لم يستطيعوا عمليا أن يمنعوا اعتلاء بيبرس عرشَ دولة المماليك ويثأروا لمقتل زميلهم "خشداشيهم" السلطان قُطز، ولهذا السبب يروي المؤرخ ابن إياس أنه "لما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم بإحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفيين في البلاد"، وهو ما يكشف عن حرص السلطان الجديد على ترسيخ سلطته بإعادة أصدقائه القدامى وأهل الثقة الذين لن يخونوه. وفي موضع آخر، يشير ابن إياس والمقريزي إلى محاولة اغتيال تعرض لها بيبرس من قِبل بعض المماليك المعزية فور عودته إلى القاهرة، ما أدى إلى قتل عدد منهم، وسجن ونفي آخرين. وتؤكد هذه الشهادات التاريخية أن اغتيال السلطان قطز لم يكن فعلا طارئا أو نزوة شخصية من بيبرس، بل جاء في سياق خصومة مستحكمة بين جناحين قويين من المماليك: البحرية الصالحية التي مثّلها بيبرس، والمعزية التي انتمى إليها قطز، وهو ما يجعل مقتل الأخير نتيجة منطقية لصراع طويل بلغ ذروته عقب انتصار عين جالوت. مقتل قطز في نظر المؤرخين المعاصرين والأجانب يرى المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم أن التفسير الأقرب لمقتل قطز هو ما أورده المؤرخ بيبرس الدواداري، الذي يُرجع الحادث إلى صراعات قديمة تعود جذورها إلى حقبة السلطان عز الدين أيبك. فبحسب هذا الطرح، لم يكن قطز مجرد قائد عسكري فحسب، بل كان رأس حربة في تصفية فارس الدين أقطاي، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية، وملاحقة رفاقه من المماليك البحرية، الذين اضطروا بعد ذلك للفرار إلى الشام وقضاء سنوات في المنفى تخللتها معارك واعتقالات وملاحقات، وكان لقطز دور فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلفت الدكتور قاسم النظر إلى أن رابطة "الخشداشية" -أي الزمالة في مدرسة المماليك العسكرية- كانت ذات وزن عاطفي وتنظيمي بالغ، بحيث تحوّلت لدى بيبرس ورفاقه إلى دافع انتقام مضاعف؛ ثأرًا لأقطاي، وانتقامًا لما لحق بهم من إذلال في المنافي، ليغدو اغتيال قطز، في هذا السياق، استعادة رمزية وسياسية لكرامتهم ونفوذهم المهدور. ومن اللافت أن المؤرخ الأميركي الإسرائيلي روفين أميتاي في كتابه "المغول والمماليك"، اعتبر اغتيال السلطان قُطز حادثة غامضة، يقول: "ما زالت الملابسات الدقيقة لاغتيال قطز وما تلاه من أحداث غير واضحة تمامًا، لكن النتيجة النهائية كانت إعلان بيبرس سلطانا على مصر". هذا مع اعتراف أميتاي أن هناك أسبابا قديمة أدت إلى تطور هذه العداوة، وقيادة بيبرس بنفسه عملية اغتيال قُطز قرب الصالحية في الشرقية. أما المؤرخ البريطاني روبرت إيروين في كتابه "الشرق الأوسط في العصور الوسطى.. السلطنة المملوكية المبكرة"، فيرى أن اغتيال قُطز لم يكن نتيجة لحادثة مفاجئة، بل كان تتويجًا لصراعات طويلة الأمد بينه وبين الأمير بيبرس، كما يشير إلى أن قُطز رفض تعيين بيبرس حاكمًا لحلب، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما. وعلى الرغم من أن المصادر المملوكية تنسب عملية الاغتيال إلى بيبرس، فإن إيروين يوضح أن القتلة كانوا مجموعة متنوعة من الأمراء، بعضهم من المماليك المعزية، ويرى أن سبب اشتراك فريق من الأمراء والمماليك المعزّية -وهم زملاء قُطز في هذه المؤامرة- كان انتقاما منهم بسبب عزل قطز لابن سيدهم السلطان الصغير علي بن المعز أيبك من السلطنة واستئثاره بها. ومهما يكن، ورغم تعدد الروايات التاريخية واختلاف التحليلات حول الأسباب التي قادت إلى مقتل السلطان سيف الدين قطز، فإن جوهر شخصيته العسكرية والسياسية يبقى ثابتا في ضوء ما أنجزه في واحدة من أهم لحظات التاريخ الإسلامي والإنساني، فقد قاد قطز جموع المماليك والعرب المتطوعة بقوة وصبر نادرين، ليواجه التهديد المغولي الذي بدا حينها غير قابل للهزيمة، وساهم بانتصاره في عين جالوت ليس فقط في إنقاذ بلاد الإسلام، بل في درء خطر اجتياحٍ محتملٍ كان يهدد الحضارة الغربية ذاتها. لقد أظهر قطز براعة استراتيجية وحسن تدبير منذ اللحظة التي تولى فيها مسؤولية الدولة المملوكية بعد وفاة أستاذه المعز أيبك، مرورًا بفترة الفوضى السياسية في مصر والشام، ويمكننا إلى حد ما، تفهّم الدوافع التي دفعت بيبرس والمماليك الصالحية البحرية بل وبعض المعزية إلى الحقد على قطز، فقد كان الأخير أحد أبرز من ساهموا في قتل زعيمهم فارس الدين أقطاي، كما كان له دورٌ رئيسي في تشتيت صفوفهم بعد ذلك. ومع ذلك، فإن ما يثير التساؤل الجاد هو موقف بعض المماليك المعزّية، زملاء قطز في العسكرية والولاء، الذين شاركوا في اغتياله رغم كونه قائد الانتصار الساحق على المغول، أخطر أعداء الإسلام آنذاك، فكيف يُعقل أن يتحول الحقد الشخصي أو الغيرة السلطانية إلى خيانة للسلطان المظّفر قطز واللحظة التاريخية، وعقب نصرٍ غير مسبوق أنقذ مصر والعالم الإسلامي من الإبادة؟

من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟
من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • سياسة
  • الجزيرة

من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟

كثيرة هي حوادث التاريخ التي اختلف المؤرخون حول أسبابها ونتائجها، وبعضها حتى يومنا هذا غامض في أسبابه ونشأته، وفي تاريخنا الوسيط العديد من هذه الحوادث، وخاصة الاغتيالات السياسية الكبرى مثل مقتل السلطان المظفّر قُطز في نشوة انتصاره على المغول وطردهم من بلاد الشام وتحريرها منهم، وتأسيس عهد جديد ستدخل فيه المنطقة إلى فترة من الاستقلال والأمن والازدهار. وكان من الأغرب أن نَصيره وعضده ومن تصالح معه قُبيل معركة عين جالوت وهو الأمير سيف الدين بيبرس البندقداري سيكون قاتلَه، بل وسيصبحُ السلطان الجديد لدولة المماليك، وهو الذي وصفه المؤرخون بالمؤسس الثاني لهذه السلطنة الممتدة من وسط الأناضول وجنوبها إلى بلاد الشام والحجاز ومصر وحتى حدود النوبة. ولهذه الحادثة قصة لا بد من الوقوف عندها وتأمل أسبابها، وآراء المؤرخين فيها، فإذا كان العديد منهم -قديما وحديثا- يعتبرون أسبابها غامضة وغير مفهومة، فإن آخرين استذكروا حوادث التاريخ، وتتبعوا العلاقة بين الرجلين القاتل والمقتول من قديم، وقدّموا بعض الإجابات المهمة في هذا المضمار. من عين جالوت إلى الاغتيال في أعقاب الانتصار الحاسم في معركة عين جالوت، التي وقعت يوم 25 رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م، وتمكّنت فيها القوات المملوكية بقيادة السلطان قُطز من كسر الزحف المغولي والتقدم نحو قلب بلاد الشام، سارع السلطان إلى استثمار هذا التفوق العسكري وتوجه مباشرة إلى دمشق. وكان لاستقباله في المدينة وقعٌ خاصٌّ لدى سكانها، الذين تنفّسوا الصعداء بعد 7 أشهر من الاحتلال المغولي القاسي، والذي وجدوا فيه من الذل والمهانة ما نقلته مصادر تلك الحقبة. وقد أمضى السلطان قُطز في دمشق قرابة أسبوعين، في مهمة هدفت إلى إعادة النظام وترميم الجهاز الإداري الذي انهار تحت وطأة الاحتلال المغولي، وقد وصف المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه "عِقد الجُمان" ما قام به قُطز من إصلاحات بالقول: "فنظر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وحدّد إقطاع الإقطاعات بمناشيره"، وهي إشارة إلى تعميماته الرسمية التي أعادت تنظيم الحقوق الإقطاعية والسلطة المحلية في سوريا. وبعد استقرار الأوضاع في بلاد الشام على المستويات الأمنية والعسكرية والإدارية، وبعد غياب دام قرابة شهرين عن القاهرة، اتخذ السلطان المظفر قُطز قراره بالعودة إلى مصر، دون أن يستكمل حملته شمالاً نحو حلب، المدينة الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية. وقد أثار هذا التراجع المفاجئ تساؤلات عدد من المؤرخين، من أبرزهم القاضي والمؤرخ عز الدين بن شداد (ت 684هـ) الذي علّق على القرار في سياق تأريخه لوقائع حكم السلطان بيبرس. ينقل ابن شداد في سرده ما يفيد أن قُطز كان في نيته التوجّه إلى حلب "ليكشف أحوالها، ويُزيح أعدارها من خراب التتار"، غير أن تقارير وصلت إليه تفيد أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وعددا من أمراء المماليك البحرية من فرقة الصالحية، وهم المنتسبون إلى السلطان الصالح أيوب، "متنكرون له، ومتغيّرون عليه"، ما دفعه إلى العدول عن حملته ومباشرة العودة إلى مصر. ويضيف ابن شداد: "فصرف وجهه إلى ناحية الديار المصرية، وهو أيضًا مُضمر لهم الشر، وربّما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يُلمح إلى حالة من التوتر المتبادل وسيناريو أزمة سياسية وعسكرية وشيكة. ويختم ابن شداد قوله: "فبلغ ذلك الأمير ركن الدين البندقداري، فخرجوا من دمشق، وكل واحد منهما محترز من صاحبه"، في إشارة واضحة إلى انعدام الثقة بين الطرفين وتوجس كل منهما من الآخر. تُسلّط رواية المؤرخ عز الدين بن شداد الضوء على بُعد بالغ الأهمية في المشهد السياسي والعسكري لما بعد معركة عين جالوت، إذ تكشف خفايا العلاقة المتوترة بين السلطان قطز وبعض الأمراء المماليك، سواء من فئة البحرية الصالحية أو حتى من زملاء السلطان من المماليك "المعزية" الذين انتموا مثله إلى خدمة السلطان السابق المعز أيبك وانتسبوا إليه. وتدلّ تفاصيل الرواية على أن حادثة اغتيال قطز فيما بعد لم تكن مجرد فعل مفاجئ أو نتيجة نزاع عابر في اللحظة التي قُتل فيها في مدينة القُصير القريبة من الصالحية شمال شرقي مصر، بل كانت ثمرة لتراكم من التوجس والاحتكاك السياسي، وربما حتى لمخطط مسبق بين بعض الأمراء النافذين. وكما يقول ابن شداد، فإن قطز نفسه كان "مضمرًا لهم الشر، وربما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يشير إلى شعوره المبكر بالخطر الكامن في دوائر الحكم حوله. مقتل قطز في نظر مؤرخي عصره تعددت الروايات التاريخية حول الدوافع الكامنة وراء مقتل السلطان سيف الدين قطز على يد الأمير بيبرس وعدد من الأمراء المماليك الصالحية، ممن خدموا في عهد السلطان الصالح أيوب. وتتنوع هذه الروايات بحسب المنظور الذي ينطلق منه كل مؤرخ. ومن أبرز هذه التفسيرات ما يورده المؤرخ ابن أيبك الدواداري، الذي يُعَد من مؤرخي العصر المملوكي المقربين من دوائر الحكم، وله كتاب جامع وموسوعي هو "كنز الدرر وجامع الغُرر"، حيث يُرجع الأمر إلى مشهد مشين وقع أثناء معركة عين جالوت، حين فرَّ بعض المماليك البحرية الصالحية المقرّبين من بيبرس من ساحة القتال في مواجهة المغول، وهو ما أثار غضب السلطان قطز بعد النصر، فواجههم بعنف، يقول الدواداري: "فوبّخهم، وشتمهم، وتوعّدهم". ومنذ تلك اللحظة وبحسب روايته، بدأت ملامح الانقسام والعداوة تظهر علنا، "فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الأحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة". أما المؤرخ المملوكي الآخر بيبرس الدواداري المنصوري، الذي يُعد من أقرب شهود العصر إلى مجريات الأحداث في كتابيه "التحفة الملوكية في الدولة التركية" و"زُبدة الفكرة في تاريخ الهجرة"، فيرى أن اغتيال السلطان قطز لم يكن نتاج خلاف عابر أو رد فعل متسرع على توبيخ بعد المعركة، كما ذهب إلى ذلك ابن أيبك الدواداري، بل هو نتيجة لصراع طويل ومتجذر تعود أسبابه الأولى إلى عهد السلطان السابق عز الدين أيبك التركماني. فبحسب رواية المنصوري، فإن قطز كان مشاركا أساسيا في مقتل الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، أحد كبار قادة المماليك الصالحية، وهو زعيم كان صاحب نفوذ وكلمة ومنافس على العرش المملوكي، ويدين له بيبرس وبقية الأمراء الصالحية بالمودة والزمالة، الأمر الذي خلّف عداء دفينا في نفوس المماليك البحرية الذين اضطروا إلى الهرب والتشتت إثر تلك الحادثة خوفا على أنفسهم، ليستتب الحكم للسلطان المعز أيبك أستاذ قُطز وسيده. ويورد بيبرس المنصوري هذه الخلفية بقوله: "وذلك أنه (أي قطز بعد عين جالوت) رحل من دمشق عائدًا إلى الديار المصرية، وفي نفوس البحرية منه ومن أستاذه ما فيها لقتلهما الفارس أقطاي، واستبدادهما بالملك، وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفِجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها". ثم يكشف المنصوري أن التقارب والتصالح بين المعزّية وسيدهم السلطان قُطز، وبين المماليك الصالحية بزعامة بيبرس قُبيل معركة عين جالوت الفاصلة؛ كان مجرد صلح تكتيكي مؤقت، أملاه الموقف العصيب، والعدو المشترك المتمثل في المغول، حيث يقول: "وإنما انحازوا إليه لما تعذّر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء". إذن تشير هذه الرواية إلى أن العداء بين قطز والمماليك الصالحية لم يكن طارئًا بل كان ممتدًا منذ سنوات، وقد وجد أولئك الأمراء اللحظة المواتية للثأر في طريق عودة السلطان إلى مصر. ويرجّح المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي في العديد من كتبه وعلى رأسها "السلوك لمعرفة دول الملوك"، أن جذور اغتيال السلطان سيف الدين قطز تعود إلى توتر علاقته بالأمير بيبرس، ويُرجِع السبب المباشر إلى رفض السلطان منح نيابة حلب لبيبرس، قائلاً: "فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً". غير أن هذا التفسير، على وجاهته، لا يعبّر إلا عن جانب من مشهد أكثر تعقيدا وتشابكا، فمقتل قطز لا يمكن قراءته فقط كنتاج لخلاف على منصب، بل يجب فهمه ضمن سياق سياسي ممتد يعود إلى حقبة السلطان المعز أيبك، الذي استهدف المماليك البحرية الصالحية، وقضى على زعيمهم أقطاي، مما أفضى إلى ترسيخ سلطة المماليك المعزية، وعلى رأسهم قطز نفسه، وهكذا تبلورت قطيعة عميقة بين الفريقين، ظلت كامنة حتى وجدت فرصتها للانفجار عند الحدود المصرية، بعد نصر عين جالوت. ظل التوتر قائما بين المماليك المعزية والمماليك البحرية حتى فرض الغزو المغولي الوشيك على مصر لحظة إجبارية للوحدة، إذ اضطر الفريقان إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة الخطر الداهم. ويؤكد ذلك ما أورده المؤرخ العيني في "عقد الجمان" حين أشار إلى أن المماليك البحرية الصالحية (هنا كلام ناقص فالجملة غير مكتملة الأركان) للنصرة الإسلام والمسلمين، وليس للصلح معه والولاء له. لكن هذا التحالف المؤقت لم يصمد بعد زوال التهديد الخارجي، فبانتصار المسلمين في عين جالوت اختفى مبرر الوحدة، ليظهر العداء الكامن إلى السطح، ويتوّج في النهاية باغتيال السلطان قطز على يد بيبرس، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية. وفي هذا السياق، يورد المؤرخ ابن أبي الفضائل القبطي المصري في كتابه "النهج السديد والدر الفريد في ما بعد تاريخ ابن العميد" تعليقا دالا يعكس حالة القلق العامة عقب مقتل قطز، حيث قال: "فلحِق الناس خوف عظيم من عودة المماليك البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد"، وهي إشارة نكشف منها أن المماليك الصالحية كان يهمهم في فترات الاضطرابات مصالحهم الخاصة. على أية حال، قُتل قُطز، وأُسقط في يد المماليك المعزية؛ لأنهم لم يستطيعوا عمليا أن يمنعوا اعتلاء بيبرس عرشَ دولة المماليك ويثأروا لمقتل زميلهم "خشداشيهم" السلطان قُطز، ولهذا السبب يروي المؤرخ ابن إياس أنه "لما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم بإحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفيين في البلاد"، وهو ما يكشف عن حرص السلطان الجديد على ترسيخ سلطته بإعادة أصدقائه القدامى وأهل الثقة الذين لن يخونوه. وفي موضع آخر، يشير ابن إياس والمقريزي إلى محاولة اغتيال تعرض لها بيبرس من قِبل بعض المماليك المعزية فور عودته إلى القاهرة، ما أدى إلى قتل عدد منهم، وسجن ونفي آخرين. وتؤكد هذه الشهادات التاريخية أن اغتيال السلطان قطز لم يكن فعلا طارئا أو نزوة شخصية من بيبرس، بل جاء في سياق خصومة مستحكمة بين جناحين قويين من المماليك: البحرية الصالحية التي مثّلها بيبرس، والمعزية التي انتمى إليها قطز، وهو ما يجعل مقتل الأخير نتيجة منطقية لصراع طويل بلغ ذروته عقب انتصار عين جالوت. مقتل قطز في نظر المؤرخين المعاصرين والأجانب يرى المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم أن التفسير الأقرب لمقتل قطز هو ما أورده المؤرخ بيبرس الدواداري، الذي يُرجع الحادث إلى صراعات قديمة تعود جذورها إلى حقبة السلطان عز الدين أيبك. فبحسب هذا الطرح، لم يكن قطز مجرد قائد عسكري فحسب، بل كان رأس حربة في تصفية فارس الدين أقطاي، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية، وملاحقة رفاقه من المماليك البحرية، الذين اضطروا بعد ذلك للفرار إلى الشام وقضاء سنوات في المنفى تخللتها معارك واعتقالات وملاحقات، وكان لقطز دور فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلفت الدكتور قاسم النظر إلى أن رابطة "الخشداشية" -أي الزمالة في مدرسة المماليك العسكرية- كانت ذات وزن عاطفي وتنظيمي بالغ، بحيث تحوّلت لدى بيبرس ورفاقه إلى دافع انتقام مضاعف؛ ثأرًا لأقطاي، وانتقامًا لما لحق بهم من إذلال في المنافي، ليغدو اغتيال قطز، في هذا السياق، استعادة رمزية وسياسية لكرامتهم ونفوذهم المهدور. ومن اللافت أن المؤرخ الأميركي الإسرائيلي روفين أميتاي في كتابه "المغول والمماليك"، اعتبر اغتيال السلطان قُطز حادثة غامضة، يقول: "ما زالت الملابسات الدقيقة لاغتيال قطز وما تلاه من أحداث غير واضحة تمامًا، لكن النتيجة النهائية كانت إعلان بيبرس سلطانا على مصر". هذا مع اعتراف أميتاي أن هناك أسبابا قديمة أدت إلى تطور هذه العداوة، وقيادة بيبرس بنفسه عملية اغتيال قُطز قرب الصالحية في الشرقية. أما المؤرخ البريطاني روبرت إيروين في كتابه "الشرق الأوسط في العصور الوسطى.. السلطنة المملوكية المبكرة"، فيرى أن اغتيال قُطز لم يكن نتيجة لحادثة مفاجئة، بل كان تتويجًا لصراعات طويلة الأمد بينه وبين الأمير بيبرس، كما يشير إلى أن قُطز رفض تعيين بيبرس حاكمًا لحلب، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما. وعلى الرغم من أن المصادر المملوكية تنسب عملية الاغتيال إلى بيبرس، فإن إيروين يوضح أن القتلة كانوا مجموعة متنوعة من الأمراء، بعضهم من المماليك المعزية، ويرى أن سبب اشتراك فريق من الأمراء والمماليك المعزّية -وهم زملاء قُطز في هذه المؤامرة- كان انتقاما منهم بسبب عزل قطز لابن سيدهم السلطان الصغير علي بن المعز أيبك من السلطنة واستئثاره بها. ومهما يكن، ورغم تعدد الروايات التاريخية واختلاف التحليلات حول الأسباب التي قادت إلى مقتل السلطان سيف الدين قطز، فإن جوهر شخصيته العسكرية والسياسية يبقى ثابتا في ضوء ما أنجزه في واحدة من أهم لحظات التاريخ الإسلامي والإنساني، فقد قاد قطز جموع المماليك والعرب المتطوعة بقوة وصبر نادرين، ليواجه التهديد المغولي الذي بدا حينها غير قابل للهزيمة، وساهم بانتصاره في عين جالوت ليس فقط في إنقاذ بلاد الإسلام، بل في درء خطر اجتياحٍ محتملٍ كان يهدد الحضارة الغربية ذاتها. لقد أظهر قطز براعة استراتيجية وحسن تدبير منذ اللحظة التي تولى فيها مسؤولية الدولة المملوكية بعد وفاة أستاذه المعز أيبك، مرورًا بفترة الفوضى السياسية في مصر والشام، ويمكننا إلى حد ما، تفهّم الدوافع التي دفعت بيبرس والمماليك الصالحية البحرية بل وبعض المعزية إلى الحقد على قطز، فقد كان الأخير أحد أبرز من ساهموا في قتل زعيمهم فارس الدين أقطاي، كما كان له دورٌ رئيسي في تشتيت صفوفهم بعد ذلك. ومع ذلك، فإن ما يثير التساؤل الجاد هو موقف بعض المماليك المعزّية، زملاء قطز في العسكرية والولاء، الذين شاركوا في اغتياله رغم كونه قائد الانتصار الساحق على المغول، أخطر أعداء الإسلام آنذاك، فكيف يُعقل أن يتحول الحقد الشخصي أو الغيرة السلطانية إلى خيانة للسلطان المظّفر قطز واللحظة التاريخية، وعقب نصرٍ غير مسبوق أنقذ مصر والعالم الإسلامي من الإبادة؟

حدث في 20 رمضان سنة 652هـ، مولد سيف الدين قطز قاهر التتار
حدث في 20 رمضان سنة 652هـ، مولد سيف الدين قطز قاهر التتار

فيتو

time٢٠-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • فيتو

حدث في 20 رمضان سنة 652هـ، مولد سيف الدين قطز قاهر التتار

المظفر سيف الدين قُطُز محمود بن ممدود بن خوارزم شاه، واحد من أعظم الشخصيات في التاريخ. ولد في 20 رمضان، سنة 652هـ، الموافق 2 نوفمبر من عام 1221، وتولى الملك سنة 657 هـ الموافق 1259م. نشأته هو من بيت مسلم ملكي وهو ابن أخت جلال الدين الخوارزمي، ملك الخوارزميين المشهور، والذي قاوم التتار فترة وانتصر عليهم ثم هُزِمَ، وفرَّ إلى الهند، وعند فراره إلى الهند أسر التتار عائلته فقتلوا بعضهم واسترَقّوا بعضهم. وكان محمود بن ممدود أحد أولئك الذين استرقَّهم التتار، وأطلقوا عليه اسمًا مغوليًّا هو "قطز"، وهي كلمة تعني "الكلب الشرس". ويبدو أنه كانت تبدو عليه من صغره علامات القوة والبأس، ثم باعه التتار في أسواق الرقيق في دمشق واشتراه أحد الأيوبيين، وجاء به إلى مصر، ثم انتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ليصبح أكبر قواده. نشأته نشأ قطز كبقية المماليك على التربية الدينية، والحمية الإسلامية، وتدرب منذ صغره على فنون الفروسية وأساليب القتال، وأنواع الإدارة، وطرق القيادة فكان شابًّا فتيًّا أبيًّا محبًّا للدين معظمًا له قويًا جلدًا صبورًا.. فإذا أضفت إلى ذلك كونه ولد في بيت ملكي، وكانت طفولته طفولة الأمراء وهذا أعطاه ثقة كبيرة بنفسه، فإذا أضفت إلى ذلك أن أسرته هلكت تحت أقدام التتار، وهذا جعله يفقه جيدًا مأساة التتار. سلطان مصر رأى قطز أن السلطان الطفل مشغول باللهو عن أمور الحكم، وأن بعض أمراء المماليك يستغلون ذلك في التدخل في أمور الحكم، وجاء ذلك مع قدوم رسل التتار يهددون مصر بالاجتياح؛ فقام بعزله بعد موافقة العلماء، وأعلن نفسه سلطانًا على مصر. خطر التتار واجه قطز في بداية حكمه أزمة خطيرة، وهي صد التتار المتوحشين القادمين لغزو مصر بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، ودمَّروا بغداد، واجتاحوا الشام. أيقن قطز أنه لن يستطيع صدَّ التتار بجيشٍ ممزق الانتماءات بين الأمراء الذين يبحثون عن مصالحهم، ولا بشعب مشغول عن الجهاد وتبعاته؛ لذا بدأ بتنفيذ خطة محكمة، حيث بدأ بحشد جهود العلماء المخلصين من أجل بث روح الجهاد في نفوس الشعب، واضطلع سلطان العلماء، العز بن عبد السلام، بعِظم هذه المهمة، ومعه عدد من العلماء الأجِلاّء الذين تحفظ لهم الأمة مكانتهم. كان قطز نِعْم الحاكم الذي يوقر العلماء، ويطيعهم؛ لذا لمّا أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، وأفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم؛ كان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء بالقوة. كما عمل قطز على تجميع الصفوف وتوحيدها، وأخذ يُحمِّس الأمراء للجهاد في سبيل الله. التجهيز العسكري للمعركة بدأ قطز التجهيز العسكري للمعركة، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 658هـ، التقى الجيشان: المسلم والتتري، وقاتل قطز قتالًا عجيبًا. أعد قطز خطة شديدة الذكاء، أثبت بها تفوقه على خصمه كتبغا قائد جيش التتار ونائب هولاكو، وكتب الله النصر للمسلمين، وبدأت الكفة تميل لصالح المسلمين، وارتد الضغط على جيش التتار، وأطبق المسلمون الدائرة تدريجيًّا على التتار، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا.. وقُتِل كتبغا بيدي أحد قادة المسلمين. ووصل التتار الفارُّون إلى بيسان (حوالي 20 كيلو مترًا إلى الشمال الشرقي من عين جالوت)، ووجد التتار أن المسلمين جادّون في طلبهم، فلم يجدوا إلا أن يصطفوا من جديد، لتدور موقعة أخرى عند بيسان أجمع المؤرخون على أنها أصعب من الأولى، وقاتل التتار قتالًا رهيبًا، ودافعوا عن حياتهم بكل قوة، وبدأوا يضغطون على المسلمين، وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم، وابتلي المؤمنون، وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، وكانت هذه اللحظات من أحرج اللحظات في حياة القوات الإسلامية. واإسلاماه كاد القائد نفسه يقتل، إلا أنه السهم أصاب جواده، فمات، كما قتلت زوجته "جلنار حب الرمان". ورأى قطز كل ذلك.. فانطلق يحفز الناس، ويدعوهم للثبات، ثم أطلق صيحته الخالدة: "واإسلاماه، واإسلاماه، واإسلاماه"، وألقى خوذته، وانطلق يقاتل بكل قوته. قالها ثلاث مرات، ثم قال في تضرع: "يا الله!! انصر عبدك قطز على التتار".. وما أن انتهى من دعائه وطلبه إلا وخارت قوى التتار تمامًا. وقضى المسلمون تمامًا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. وأُبِيدَ جيش التتار بكامله، وانتصر الجيش الإسلامي. مؤامرة قتله ولما عاد قطز منتصرًا من عين جالوت إلى مصر تآمر عليه بعض الأمراء المماليك بقيادة بيبرس، فقتلوه بين القرابي والصالحية ودفن بالقصير، ثم نُقِل قبره بعد مدة من الزمن إلى القاهرة، وكان مقتله يوم السبت 16 ذو القعدة 658 هـ، الموافق 22 أكتوبر 1260، وذلك بعد معركة عين جالوت بخمسين يومًا. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

كتاب عن الفنان الكبير أحمد عبد العزيز يرصد مشوارة الفني.. تفاصيل
كتاب عن الفنان الكبير أحمد عبد العزيز يرصد مشوارة الفني.. تفاصيل

النهار المصرية

time١٧-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • النهار المصرية

كتاب عن الفنان الكبير أحمد عبد العزيز يرصد مشوارة الفني.. تفاصيل

صدر كتاب جديد يرصد مشوار النجم الكبير أحمد عبد العزيز وذلك تزامنًا مع تكريمه بمهرجان الشروق في دورته التاسعة، واختارت الدكتورة نسرين عبد العزيز التي قامت بإعداد الكتاب عنوان "أحمد عبد العزيز.. فارس الدراما المصرية"، لتقدم من خلال هذا العنوان لمحات من حياة الفنان الكبير أحمد عبد العزيز وارتباطه بالفن منذ الصغر كهاوٍ حتى وصل إلى مرحلة الاحتراف. كما يرصد الكتاب أيضًا أهم المحطات الفنية في حياته، مع توثيق للأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية والإذاعية التي قدمها وأمتع بها جمهوره، وتحليل فني لبعض الشخصيات الدرامية التي جسدها في الدراما السينمائية والتلفزيونية وارتبط بها الجمهور مثل قطز في مسلسل "الفرسان" ، ويوسف عباس الضو في مسلسل "المال والبنون"، والبدري بدار في مسلسل "ذئاب الجبل" وأبو زيد الهلالي في "السيرة الهلالية" ، والشيخ شهاب في مسلسل "سرّه الباتع". وفي هذا السياق تقول الكاتبة د.نسرين عبد العزيز في اهداء كتابها: إلى فارس الدراما المصرية الذي قدم أشهر روائعها في عصرها الذهبي وملك الإحساس والتعبير الصادق الراقي الذي دوما ما يمتع به جمهوره ،خلق حاله خاصة تربطه به على اختلاف أجياله، انه النجم أحمد عبد العزيز.

"الأردن وفلسطين .. وحدة المصير وصمود الهوية في وجه التحديات"
"الأردن وفلسطين .. وحدة المصير وصمود الهوية في وجه التحديات"

عمون

time٠٧-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عمون

"الأردن وفلسطين .. وحدة المصير وصمود الهوية في وجه التحديات"

بسم الله الرحمن الرحيم أيها الشعب الأردني العظيم، عندما نتأمل في صفحات التاريخ المشرقة، نجد أن العظماء لا يُعرفون بأقوالهم، بل بأفعالهم، وأن الأمم لا تنهض بالشعارات وحدها، بل بالعزم والعمل والتضحية. ومن بين أعظم النماذج التي سطّرها التاريخ، نجد قصة سيف الدين قطز، ذلك القائد الذي لم يرضخ للواقع الأليم، بل واجه المغول، القوة التي ظنها العالم لا تُهزم، وانتصر في معركة عين جالوت. في وقت كان فيه المسلمون يعيشون الفرقة والانقسام، وقف قطز شامخًا، مدركًا أن المسؤولية لا تُلقى على غيره، بل يحملها هو بنفسه، فقال كلمته الخالدة: "وا إسلاماه! من للإسلام إن لم نكن نحن؟" لم يكتفِ بالكلام، بل قاد الأمة نحو النصر، وأثبت أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بعدالة القضية، والوحدة حول الهدف، والإصرار على التضحية. أيها الأردنيون الأحرار، إننا اليوم نواجه تحديات كبيرة، ليس بالسيوف والرماح، بل بمخططات تسعى لطمس هويتنا الوطنية والنيل من قضايا أمتنا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وكما وقف قطز في عين جالوت، فإننا اليوم مطالبون بالوقوف صفًا واحدًا، متحدين حول الوطن وقيادته الهاشمية، مدافعين عن حقنا التاريخي، رافضين أي مساومة على هويتنا وانتمائنا. قضية فلسطين ليست شعارًا، بل مبدأ ثابت في وجداننا. إننا لا نخذل أشقاءنا في فلسطين، ولا نقبل أن يُجبر أهلنا في غزة على الرحيل عن أرضهم. نحن ندرك أن هذه الأرض ليست للبيع، وأن الحقوق لا تُشترى بالمساعدات، بل تُنتزع بالصمود والتكاتف والعمل. لقد كانت مواقف الهاشميين على الدوام حصنًا منيعًا للقضية الفلسطينية، فالمملكة الأردنية الهاشمية لم تتخلَّ يومًا عن دورها، ولم تفرط يومًا في واجبها: الدعم السياسي والدبلوماسي: تقود الأردن جهودًا حثيثة على المستوى الدولي، مؤكدة أن فلسطين ليست قضية قابلة للتفاوض، بل حق تاريخي ثابت. المساعدات الإنسانية والإغاثية: كان الأردن دائمًا أول من يمد يد العون لأهلنا في غزة والضفة الغربية، ليبقى الشعب الفلسطيني صامدًا على أرضه. حماية المقدسات في القدس: تحت الوصاية الهاشمية، لم ولن يُترك المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية وحيدة في وجه التهويد والاعتداءات المتكررة. أيها الأردنيون الأباة، إن المخططات التي تُحاك اليوم لتهجير الفلسطينيين من غزة ما هي إلا محاولة جديدة لتغيير معالم التاريخ والجغرافيا، لكنها ستفشل كما فشلت كل المحاولات السابقة، لأن إرادة الشعوب أقوى من أي مؤامرة، وصمود الفلسطينيين في أرضهم هو رسالة للعالم أجمع أن الأرض لمن يتمسك بها، لا لمن يطمع فيها. إن مسؤوليتنا اليوم أكبر من أي وقت مضى، فالأردن القوي الصامد هو السند الحقيقي لفلسطين، وهو الدرع الذي يحمي هويتنا الوطنية من محاولات التذويب والطمس. إن الالتفاف حول الوطن وقيادته، والتكاتف في مواجهة كل المخططات، هو السبيل الوحيد للحفاظ على حقنا التاريخي، وهو الضمانة الحقيقية لمستقبل أجيالنا القادمة. فلنتذكر دائمًا، كما قال سيف الدين قطز: "من للإسلام إن لم نكن نحن؟" واليوم، نقولها بكل إيمان وعزم: "من لفلسطين إن لم نكن نحن؟ ومن للأردن إن لم نكن نحن؟" عاش الأردن حرًا أبيًا، وعاشت فلسطين عربية مستقلة، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store