logo
#

أحدث الأخبار مع #كافور

العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي
العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي

جريدة الرؤية

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • جريدة الرؤية

العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي

بدر بن خميس الظفري @waladjameel مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، حدث تحول جذري في المفاهيم الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك النظرة إلى العنصرية والتمييز على أساس اللون أو النسب، التي كانت سائدة في العصر الجاهلي. ومع ذلك، لم تختفِ العنصرية تمامًا من المجتمع العربي بعد الإسلام، بل استمرت بعض مظاهرها، خاصة مع اتساع الدولة الإسلامية وامتزاج العرب بغيرهم من الشعوب. وقد انعكس ذلك في الشعر؛ حيث نجد بعض الشعراء يمارسون العنصرية في أشعارهم، خاصة في سياق الهجاء، كما هو الحال مع المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي. ويُعدّ أبو الطيب المتنبي من أعظم شعراء العربية على مر العصور، وقد اشتهر بقصائده في المدح والفخر والحكمة. ومع ذلك، فقد مارس المتنبي العنصرية في بعض قصائده، خاصة في هجائه لكافور الإخشيدي، حاكم مصر في ذلك الوقت. كان كافور الإخشيدي عبدًا أسود من أصل حبشي، اشتراه محمد بن طغج الإخشيد، حاكم مصر، ثم أعتقه وقربه إليه حتى أصبح من كبار قادته. وبعد وفاة الإخشيد، تولى كافور الوصاية على ابنيه، ثم استقل بحكم مصر والشام. انتقل المتنبي إلى مصر سنة 346هـ، بعد أن ساءت علاقته بسيف الدولة الحمداني في حلب. وقد مدح المتنبي كافورًا في البداية بقصائد رائعة، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة. ومن أشهر قصائده في مدح كافور قصيدته التي مطلعها: كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا *** وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُن أَمانِيا وفيها يخاطب كافور قائلًا: أبا المِسكِ ذا الوَجهُ الذي كُنتُ تائِقًا // إِلَيهِ وَذا اليَومُ الذي كُنتُ راجيا أبا كُل طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ // وَكُل سَحابٍ لا أَخَص الغَواديا لكن عندما أيقن المتنبي أن كافورًا لن يحقق له طموحه في الولاية، غادر مصر غاضبًا، وبدأ يهجو كافورًا بقصائد لاذعة، استخدم فيها خطابًا عنصريًا يعير فيه كافورًا بلونه الأسود وأصله كعبد سابق. من أشهر قصائد المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي قصيدته المعروفة "عيد بأي حال عدت يا عيد"، التي نظمها بعد مغادرته مصر سنة 350هـ. وتعد هذه القصيدة نموذجًا صارخًا للخطاب العنصري في الشعر العربي، حيث استخدم فيها المتنبي ألفاظًا وعبارات تحط من قدر كافور بسبب لونه الأسود وأصله كعبد. تبدأ القصيدة بمطلع حزين يعبر فيه الشاعر عن حاله في العيد، وهو بعيد عن أحبته: عيدٌ بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ // بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ ثم ينتقل إلى هجاء كافور، مستخدمًا خطابًا عنصريًا صريحًا: أكُلَمَا اغْتَالَ عَبْدُ السُوءِ سيدهُ // أو خانه فله في مصر تمهيدُ صار الخصيُّ إمام الآبقين بها // فالحر مستعبد والعبد معبود في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى أصل كافور كعبد، ويتهمه بالخيانة والغدر بسيده الإخشيد، ويصفه بأنه "خصي" و"عبد السوء"، في إشارة عنصرية واضحة. ويستمر المتنبي في هجائه العنصري لكافور، مؤكدًا على أن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، مهما تغيرت ظروفه: العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ // لَوْ أنهُ في ثِيَابِ الحُرِّ مَوْلُودُ لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلا وَالعَصَا مَعَهُ // إن العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكيدُ في هذين البيتين، يؤكد المتنبي على نظرة عنصرية تجاه العبيد، معتبرًا أنهم "أنجاس مناكيد" لا يصلحون إلا بالعصا، وأن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، حتى لو ولد في ثياب الحر، في إشارة إلى أن أصله (العبودية) لا يمكن تغييره. ويتابع المتنبي هجاءه العنصري، مشيرًا إلى لون كافور الأسود بشكل مباشر: وَأن ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ // تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرعاديد مَنْ عَلمَ الأسْوَدَ المَخصِي مكرُمَة // أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصيدُ في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى لون كافور الأسود، ويصفه بأنه "مثقوب المشفر"، في تشبيه له بالحيوان، ويتساءل استنكارًا عمن علّم هذا العبد الأسود المكرمة، هل هم قومه البيض أم آباؤه الأشراف، في إشارة ساخرة إلى أن كافورًا لا أصل له ولا نسب. وفي قصيدة أخرى، يقول المتنبي هاجيًا كافورًا: وَإنكَ لا تَدْري ألَوْنُكَ أسْوَدٌ من // الجهلِ أمْ قد صارَ أبيضَ صافِيًا في هذا البيت، يسخر المتنبي من لون كافور الأسود، متسائلًا إن كان كافور لا يدري أن لونه أسود من الجهل، أم أنه يظن أن لونه قد صار أبيض صافيًا. ولفهم عنصرية المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي، لا بُد من النظر إلى الدوافع النفسية والاجتماعية التي كانت وراء هذا الهجاء العنصري. إذ من الناحية النفسية، كان المتنبي يتمتع بشخصية طموحة ومغرورة، وكان يرى نفسه أهلًا للإمارة والحُكم. وقد ذهب إلى مصر، كما أشرنا سابقًا، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة، كما يتضح من قوله في إحدى قصائده المادحة لكافور: وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجلٌ // فَيَرجِعَ مَلكًا لِلعِراقَينِ والِيًا لكن عندما خاب أمله ولم يحقق كافور طموحه، شعر بالإحباط والغضب، وتحول مدحه إلى هجاء لاذع، استخدم فيه كل ما يمكن أن يحط من قدر كافور، بما في ذلك لونه وأصله. من الناحية الاجتماعية، كان المتنبي ابن عصره، متأثرًا بالنظرة العنصرية السائدة في ذلك الوقت تجاه السود والعبيد. فرغم أن الإسلام جاء بمبادئ المساواة، إلّا أن المجتمع العربي في العصر العباسي لم يتخلص تمامًا من النظرة العنصرية تجاه غير العرب، خاصة السود والعبيد. وقد استغل المتنبي هذه النظرة العنصرية في هجائه لكافور، معتمدًا على أنها ستجد صدى لدى المتلقي في ذلك العصر. كما أن المتنبي كان يتمتع بقومية عربية مُتعصِّبة، وكان يرى في وصول عبد أسود مثل كافور إلى الحكم إهانة للعرب وللعروبة. وقد عبّر عن ذلك في قوله: ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ // يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ ولا تَوَهمْتُ أن الناسَ قَدْ فُقِدوا // وَأن مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ في هذين البيتين، يُعبِّر المتنبي عن استيائه من أن يعيش في زمن يسيء إليه فيه عبد مثل كافور، وهو محمود من الناس، ويتعجب من أن يُفقد الناس (يقصد العرب الأحرار) ويوجد مثل كافور (العبد الأسود). وهكذا، نجد أن العنصرية استمرت في الشعر العربي في العصور الإسلامية، رغم المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى المساواة. وقد تجلت هذه العنصرية بشكل خاص في شعر الهجاء؛ حيث كان الشعراء يستغلون الفروق العرقية واللونية في الهجوم على خصومهم.

رسائل حب في زمن النكبة والنكسة
رسائل حب في زمن النكبة والنكسة

الديار

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الديار

رسائل حب في زمن النكبة والنكسة

اعتقدنا ان النكسة حدث وأن الخسارة صفقة، ولم نكن نعلم ان النكسة زمن، وأن الخسارة نهج ارتضيناه منذ ارتضينا ان نكون خردوات موزعة في أسواق العثمنة والفرنجة والسجاد العجمي. اعتقدنا اننا انتكسنا حين خسرنا معركة، ولم نكن ندري اننا انتكسنا حين قبلنا السرسقة التي أصبحت بحيرة ونقطة الماء التي أصبحت نهرا، وعجزنا عن رسم الغيمة التي تهطل من سمائنا كنقطة الماء التي تحفر في الصخر ساقية. لم نكن ندري أننا نُكبنا قبل حرب النكبة، أننا تشردنا قبل ان تقتلنا مجزرة اليهود الصهاينة، أن الخيمة المشغولة من صوف الخراف انتصرت على الطين والطوب والقرميد، وأن قصور الخلافة أقوى من قصور الشعب. لم نكن نعلم ان الجلباب يستر أكثر من البنطال، أن النقاب أجمل من الوجه الحسن، أن اللون الأسود أفضل الألوان، أننا نحب السماء أكثر من التراب، أن خمر النخيل يسكرنا أكثر من خمر الأعناب، وأننا لم نؤمن بالله لكننا عبدناه طمعا في جنة، وتكبير ثروة وقضاء حاجة ومخافة من نار، لذلك تغلّبت على نفوسنا مشاعر العبادة وغابت عنها مشاعر الايمان، وتغلّب فعل النص على فعل العقل. لم نكن نعلم أننا نقرأ التاريخ لنتعلم كيف نكره وكيف نخون، كيف نطعن بالظهر، من يوضاس كيف نخون المسيح، من ابي لهب كيف نقاتل النبي محمد، نتعلم من الأمين كيف نقتل المأمون من عمرو بن العاصي، فن الخداع من الحجاج كيف نقتل ابن المقفع، ومن بلاط المماليك كيف نمارس الغدر. نحن يا أصدقائي لم نجد المحبة في رسالة السيد المسيح، ولا العدل في رسالة الرسول محمد، قرأنا زينون الرواقي ولم نؤمن بالقدوة والأخلاق، أحببنا كافور من قصيدة المتنبي، أحببنا سجون المعري الثلاثة، فكنا سجناء التتريك والفرنجة والسجاد العجمي. أعجبتنا رواية اهل الكهف، فنمنا في الكهوف الثلاثة على أمل أن نستيقظ في الزمن التالي. سمعت ديكا ينادي: لماذا نهدم كل الأثار العظيمة وفي طليعتها برج بابل وقلعة بعلبك والمسجد الأقصى والصخرة؟ لماذا لا نهدم دمشق القديمة وقلعة حلب الكبيرة وسور أريحا ومسرح جرش، ونخرّب آثار جبيل التي تخبرنا عن الابجدية؟ لماذا لا نمزق الكتب ونحرق الأوراق ونكسر الرّيش والاقلام، ونُغرق المراكب لنمنع السفر، ونغلق المطار لنمنع الرحيل ونعود دون تاريخ، ربما نستيقظ ونخرج من الكهوف الثلاثة. فشلت كل رسائل الحب العذري، مات جميل ولم يتزوج بثينة، لم تنجب رسائل الحب الإباحية نسلا طيبا، ولم يستطع "هل يخفى القمر" إنارة العتمة، ضعنا بين العذرية والاباحية، ولأن نزار قباني كتب قصيدتي "ديك في حينا" و "قارئة الفنجان" مات وحيدا. في قواميسنا تخمة رسائل حب، لكننا فشلنا في القضاء على الكراهية. لم تستطع المحبة احتلال مساحات الكراهية لأنها كما قال جبران: "المحبة مكتفية بالمحبة ولا تملك شيئا ولا تريد ان يملكها أحد". آه لو كانت المحبة تعيد لنا من مات في المجزرة، لو كانت تصون قلوب أطفالنا من خناجر فصائل الإرهاب، لو كانت مصدر الحلال والحرام. ايتها الامة التي رشقناك بأكوام من رسائل الحب، نعتذر منك لأن كل رسائلنا لم تمنع العدو من احتلال ارضنا، ولم تمنع عنا خناجر ذوي القُربى. مع هذا سنبقى نكتب رسائل الحب في زمن النكسة والنكبة، وسنبقى نؤمن ان لا محبة فاعلة دون قوة تغير وجه التاريخ.

غُريبة الشيخ حمزة.. ومفارقات على لوز
غُريبة الشيخ حمزة.. ومفارقات على لوز

بوابة الأهرام

time٢٨-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • بوابة الأهرام

غُريبة الشيخ حمزة.. ومفارقات على لوز

لم نكن مع الشاعر الكبير المتنبى فى هذا المشهد... وهو ينظر إلى المحروسة نظرة أخيرة قبل أن يقرر تركها إلى الأبد. فعلها المتنبى وغيره لم يستطع لأنه جاء بأحلام عريضة لم يتحقق منها شيء. كان يريد لنفسه مالا أو إقطاعية لها كنوز من خيرات الأرض المصرية. ولكن ما حدث جاء مخالفا لكل توقعاته وهو الذى وقف عند أبواب كافور الأخشيدى مادحا، وكان فى شعره هو أبو المسك الذى يحكم البلاد والأستاذ الذى يحترمه الناس. كتب المتنبى وصال وجال بقصائده، وارتفعت به الأحلام وحلقت به. ولكنها كانت فقط أحلاما وأحلاما لم يفق منها الا على قول كافور إنه إذا حصل على ما يريد...فمن يطيقه. كان رد كافور حاسما، فلن يجود على الشاعر المتألق إلا بدعوة على موائده. لكن هل أتى المتنبى ليكون ضيفا، لا أعتقد، فطموحه يفوق كثيرا ما نعتقد. ولهذا أعتبر ما جاء على لسان كافور وما فعله إساءة بل إهانة لا تغتفر. هذا لأنه فى اعتقاد الشاعر الكبير أنه يطلب، فيجاب. فلم يجد أمامه سوى شعره الذى هجا فيه كافور علانية وعلى مشهد من الجميع ليصل إلى أسماع كل من يقرأ لا تشترى العبد إلا والعصا معه. والمهم أن المتنبى قد ترك شعرا، ليس له مثيل. فقد ينسى الناس الناس ويبقى الحكم والشعر والأمثال. وإن كان قد يتساءل البعض، هل لو صبر المتنبى على كافور لحصل على ما يريد، ربما وكأن ما حدث بينهما يمر مثل زعابيب أمشير وربما لن يحصل على ما أراد وأنه كان محقا فى عزمه على الرحيل. هذا هو المتنبى الذى كتب يوم عيد ..«بأى حال عدت يا عيد؟»، لكن العيد فى مصر لم يفهمه كبير الشعراء . يمكننا القول ببساطة وارتياح إنه لم يفهم معنى العيد فى مصر، ولو عرفه على حقيقته المصرية لما بدأ قصيدته بهذا البيت. تأتى أعياد مصر محملة بنسمات الرحمة والتراحم، بهجة وطقس مصرى بامتياز يتجدد منذ وعت الدنيا وكأنه مهمة احتفالية تتناقلها الأجيال للبحث عن كل ما يسعدهم. أنت جلاب السعادة يا عيد، ولنقلب الصفحات معا، ولنختر أن نذهب إلى الفسطاط والقاهرة القديمة حيث يأتى عيد الفطر بعد شهر من الابتهال والرجاء والدعوات الحارة. بداية من التمر المبتل بالماء وأكواب الشاى بالنعناع حتى الموائد العامرة التى تحفظها البيوت. هى ثلاثون يوما رمضانيا يبدأ بـ«المرق» الذى تصبر عليه البيوت أيام قبل رؤية الهلال حتى إذا ما أهل رمضان تبسط الموائد وتمد بأطيب طعام يملكه كل منزل. ليأتى بعدها عشرة «الحلق» الذى تتحضر فيه البيوت لصاجات الكعك المحمولة إلى الأفران، ثم عشرة «الخرق» الخاصة بإعداد الملابس التى سترتدى فى العيد بعد أن تثبت صوانى الكعك والغريبة. أصناف وأشكال مختلفة من الكحك والحلويات على موائد العيد هذا هو طقس العيد عيدية وفاكهة وحلوى وكعك هو صنعة متقنة ومعروفة من زمن المصريين القدماء. وإن كان كل زمن يضيف مثل على لوز ضيف العيد المفضل. فكما يحكى الكاتب أحمد أمين « كان الأطفال فى العيد يعقدون السكر ويصبونه فى صوان صغيرة، ويضعون عليه اللوز المقشر، وينادون عليه على لوز. وقد استعمله الأطفال جلبا للعيدية، فأقارب الأطفال يأخذون من حلاوته هذه قطعة صغيرة تسمى «الملوق»، ويدفعون له عيديته. وكان هناك من يتاجر بها فى الأعياد فيصنع صوانى كبيرة مملوءة بعلى لوز. لكن ليس على لوز وحده، فالغُريبة أيضا لها قصة وشهرة، فكما يحكى عبد الله باشا فكرى أن الشيخ حمزة فتح الله قد أخذ معه بعض قطع من الغُريبة إلى مؤتمر المستشرقين، فوجد أن هناك جمركا كبيرا قد فرض عليها. فلم يفهم الأوروبيون ما جاء به الشيخ، ونتيجة لذلك تفتت الغُريبة إلى قطع صغيرة، فأتلفت جبته وقفطانه الموجود فى الحقيبة، فلم يجد بدا أمام ما حدث إلا أن يشحنها مرة أخرى إلى مصر بواسطة شركة شحن كبيرة. موقف غريب، ولكن من يكون الشيخ حمزة وراوى الواقعة عبد الله باشا فكرى، ولماذا يتذكرها الناس إلى الأن؟ ربما كان السبب هو عبد الله باشا فكرى والذى كان شاعرا وكاتبا مصريا رفيعا استطاع أن يحقق الكثير فى زمن الخديو إسماعيل. وقد كان من كبار المتعلمين فى بر مصر وترقى لكى يكون ناظرا أو وزيرا للمعارف المصرية فى وزارة البارودى، ولكنه رغم براعته القلمية كما يتضح فى كتبه « الفوائد الفكرية للمكاتب المصرية» قد وجد نفسه متهما ذات يوم. والتهمة غريبة وهى الاشتراك فى الثورة العرابية. ويُخْتار فيما بعد رئيسا للوفد العلمى المصرى فى مؤتمر إستوكهولم، وأما الشيخ الأزهرى حمزة صاحب الغريبة فقد كان هو الآخر رمزا تنويريا وكاتبا وصحفيا بجريدة الكوكب الشرقى، وكانت له مهمته الكبيرة فى مدرسة دار العلوم، وكان مهتما بحقوق النساء فى الإسلام. حدث كل هذا فى القرن التاسع عشر، بل الغريب أنه يقال إن عبد الله باشا توفى فى أحد الأعياد. ولتظل هذه واحدة من النوادر التى نتناقلها بين الكعك والغريبة. وهكذا مصر خلطة غريبة تجمع بين الطعام والثقافة والتراث والسعادة. ولعلها مناسبة لأن نقرأ عن مصر التى لا يعرفها كثيرون، والتى تكثر فيها الأحداث والشخصيات حتى إن بعضها قد يغيب وسط عزها الدائم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store