أحدث الأخبار مع #كمالأوزتورك


إيطاليا تلغراف
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
أبرز الملفات الحرجة في أول لقاء بين ترامب وأردوغان
إيطاليا تلغراف كمال أوزتورك كاتب وصحفي تركي كان أمام الزعيمين قائمة بالمواضيع التي سيتم مناقشتها خلال الاتصال الهاتفي. عادةً ما تُعدّ مكاتب الرؤساء هذه القوائم وفقًا لأهمية الموضوع، وتُقدَّم تحت عنوان 'ملاحظات الاجتماع'. كما تُدرج مواضيع أخرى تحت عنوان 'إذا تبقّى وقت'، لتُناقش في حال الانتهاء من القضايا ذات الأولوية. عادةً ما تُبلَّغ المواضيع الحرجة للطرف الآخر مسبقًا، برسالة مفادها: 'رئيسنا يعتزم طرح هذا الموضوع بهدف إيجاد حل'، فيتم إعداد إجابات وتحضيرات داخل المكتب المقابل. أولويات الزعيمين من الطبيعي أن تختلف الأجندة الأميركية عن التركية، لكن هناك نقاط تقاطع مشتركة في اهتمامات البلدين. الملف الأول على قائمة الزعيمين كان إحياء العلاقات التركية- الأميركية وتعزيزها. فقد كانت العلاقات خلال فترة بايدن متوترة وباردة للغاية، ولم يحدث أي لقاء وجهًا لوجه بين بايدن وأردوغان. كما اتخذت إدارة بايدن عدة قرارات تعارضها تركيا بشدة، مما زاد من تدهور العلاقات. منذ تسلّمه السلطة، يثني ترامب علنًا على أردوغان، ويؤكد أهمية تركيا ودورها، ويتبادل الطرفان خطوات ومجاملات لإصلاح العلاقات الثنائية. سفير صديق لتركيا أثناء مكالمة أردوغان وترامب التي استغرقت نحو ساعة ونصف، وصل السفير الأميركي الجديد إلى أنقرة، وأعلن من المطار عن رغبته في جعل العلاقات بين البلدين 'رائعة من جديد'. السفير توم باراك، رجل أعمال ملياردير مثل ترامب، يبلغ من العمر 78 عامًا، لكنه نشط وفعّال، ويتمتع بقدرة على إيجاد حلول عملية خارج إطار الدبلوماسية التقليدية. باراك، المسيحي من أصول لبنانية، اتُّهم عام 2021 بممارسة الضغط نيابة عن الإمارات بطرق مخالفة، لكنه بُرّئ لاحقًا. لديه معرفة واسعة بقضايا الشرق الأوسط، وشارك في بعضها سابقًا. خلال جلسة اعتماد تعيينه في مجلس الشيوخ، شدد على أهمية تركيا بالنسبة للولايات المتحدة والمنطقة، ونال الموافقة بـ60 صوتًا مقابل 36. ومن خلال تصريحاته الأولى بعد وصوله إلى تركيا، أوضح أن تعيينه يُعد أول خطوة ملموسة في سعي ترامب إلى إعادة العلاقات التركية-الأميركية إلى مستوى 'استثنائي'. ترتيب الملفات بين الزعيمَين بعد المكالمة، أعلن كل من أردوغان وترامب من حساباتهما الشخصية ترتيب أولوياتهما. أولوية الزعيمين الأولى كانت تعزيز العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. أردوغان وصف المحادثة بأنها مثمرة ومفيدة، وأوضح أنه طرح قضايا التعاون في الصناعات الدفاعية، والحرب الروسية- الأوكرانية، وسوريا، وغزة. التركيز على الصناعات الدفاعية مهم؛ إذ سبق أن أخرجت إدارة بايدن تركيا من مشروع مقاتلات إف- 35، وأثارت مشاكل في ملف مقاتلات إف-16، وفرضت بعض العقوبات وفقًا لقانون كاتسا. أردوغان أعاد طرح هذه القضايا. من أبرز مشاغل تركيا أيضًا، التنافس على النفوذ في سوريا مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بمشكلة 'قوات سوريا الديمقراطية/ YPG' التي ترفض إلقاء السلاح أو الاندماج مع النظام في دمشق، والتي ترى أنقرة أنها تشكل خطرًا إستراتيجيًا. إسرائيل تحاول إعاقة نفوذ تركيا في سوريا، حتى لو تطلب الأمر قصف مناطق قرب دمشق. والرجل الوحيد الذي قد يوقفها، بحسب المقال، هو ترامب. كذلك فإن قضية غزة والكارثة الإنسانية فيها كانت ضمن أولويات أردوغان. أردوغان عرض هاتين القضيتين على ترامب وطلب تدخله لكبح إسرائيل، لكن المعلومات تشير إلى أن ترامب تحدّث بإيجابية 'توحي بالأمل'، من دون تقديم تعهد واضح. ترامب يركّز على أوكرانيا أولوية ترامب القصوى كانت إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية. وربما يسعى من خلالها لنيل جائزة نوبل للسلام، لكن الدافع الحقيقي بحسب المقال هو المعادن الثمينة في أوكرانيا. لهذا، كان هذا الملف هو الأكثر حضورًا في حديثه مع أردوغان، وقد صرّح ترامب علنًا قائلًا: 'أتطلع للعمل معًا في هذا الشأن'، ما يوضح ترتيب أولوياته. لم يأتِ على ذكر سوريا أو غزة في تصريحه. ترامب يرى أهمية في علاقته بأردوغان نظرًا لعلاقته الوثيقة مع بوتين، ولعلاقات تركيا المتوازنة مع أوكرانيا. ولذلك، يعِد بتحسين العلاقات التركية- الأميركية، لكنه يتجنّب الالتزام بأي موقف تجاه غزة أو سوريا. فعليًا، سبق أن أعلن عزمه على الانسحاب من سوريا، وكان مستعدًا لقبول نفوذ تركي هناك، لكن إسرائيل عطّلت ذلك عبر نفوذها داخل الإدارة الأميركية. الاسم الحقيقي للخلاف بين تركيا والولايات المتحدة: إسرائيل اتخذت تركيا مؤخرًا خطوة مهمة عبر إعلان أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني PKK نيته تفكيك التنظيم والتخلي عن السلاح. ومن المنتظر أن يعلن الحزب التزامه بهذا القرار في مؤتمره القادم. لكن فرع الحزب في سوريا، وهو YPG، رفض ذلك، كما تجاهل الاتفاق مع دمشق. والسبب الوحيد لهذا الرفض، بحسب النص، هو إسرائيل. بناءً على طلب من ترامب، أوقفت تركيا عمليتها العسكرية ضد YPG، واشترطت مقابل ذلك أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من مهاجمة سوريا. لكن ترامب لم يتمكن من التأثير على إسرائيل لا في ملف سوريا ولا في ملف غزة. وربما تكون السياسات الإسرائيلية هي العقبة الأكثر خطورة في العلاقات التركية- الأميركية. ففي بقية الملفات، هناك توافق كبير بين البلدين. ترامب لا يريد خسارة تركيا التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، وتمتلك أقوى جيوش المنطقة واقتصادًا مؤثرًا. لكن إسرائيل، التي جعلت من الاحتلال والإرهاب سياسة دولة، تفعل كل ما بوسعها لمنع تحسن العلاقات. ويختم النص بالتأكيد على أن العلاقة لن تتحسن ما دام نتنياهو في السلطة، ويُلمّح إلى أن ترامب ينتظر اللحظة المناسبة لذلك.


إيطاليا تلغراف
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
هل تندلع حرب بين إسرائيل وتركيا؟
إيطاليا تلغراف كمال أوزتورك كاتب وصحفي تركي عند النظر إلى التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الإسرائيليون ووسائل إعلامهم خلال الأسابيع الأخيرة، وإلى الهجمات التي شنّوها داخل الأراضي السورية، يتضح أنهم باتوا يضعون تركيا ضمن دائرة أهدافهم. فإسرائيل، التي ترى في اتفاقيات التعاون الدفاعي التي قد تُبرم بين تركيا وسوريا تهديدًا مباشرًا، تنظر إلى احتمال قصف مواقع القواعد العسكرية التركية المحتملة في سوريا بوصفه فعلًا عدائيًا صريحًا. وهذا ما أثار قلقًا كبيرًا في الأوساط السياسية والعسكرية داخل تركيا، وسط تساؤلات عميقة حول طبيعة الرد التركي على هذا التصعيد العدواني. ماذا تريد إسرائيل؟ منذ اندلاع حرب غزة، أضحى واضحًا للجميع أن إسرائيل لم تعد تتحرك وَفقًا لمقتضيات 'الواقعية السياسية'، بل وفقًا لـ'اللاهوت السياسي' (Theopolitics). وهذا يعني ببساطة أنها تسعى لتحقيق حُلم إقامة 'إسرائيل الكبرى' وتفعيل خطة 'أرض الميعاد' (أرض إسرائيل الكبرى كما وردت في العقيدة الصهيونية)، وهي في هذا الصدد قد أبرمت تفاهمات مع بعض التيارات المتحالفة معها داخل الولايات المتحدة. وبناءً على هذا التوجّه اللاهوتي، راحت إسرائيل توسّع حدودها باحتلال أراضي الدول المجاورة. فقد احتلت جزءًا من غزة والضفة الغربية وبعض مناطق جنوب لبنان. ومنذ الثورة السورية، زادت من وجودها الاحتلالي داخل سوريا، ولن تتوقف عند هذا الحد. لقد هدّدت الأردن ومصر والسعودية، وتحاول فرض مشروع تهجير الفلسطينيين على هذه الدول. ويكمن جوهر هذا المشروع التوسعي في نظرية 'دول الجوار غير المستقرّة'. فإسرائيل لا تريد أن ترى حولها أي دولة قوية، مستقرة، ذات اقتصاد متين. إنها تدكّ البنية التحتية العسكرية في سوريا عبر قصف متواصل، ولا تسمح ببناء بديل لها. فهي ترى في أي قاعدة عسكرية تركية داخل سوريا، أو في أي دعم عسكري تركي للجيش السوري، أو حتى في أي جهد تركي لتدريب القوات السورية، تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. ولهذا فهي الآن مستعدة لأن تفعل كل ما يلزم لمنع أي وجود عسكري تركي داخل سوريا. الرد التركي عبر الدبلوماسية والضغط على واشنطن ترى تركيا أن الخطابات والتصرفات العدائية الإسرائيلية تشكّل اعتداءً مباشرًا عليها. وكانت أنقرة تنتظر من إسرائيل بعض الإشارات الدالة على التراجع، لكنها لم تتوقع أن تصل الأمور إلى حد قصف قاعدة 'T4' العسكرية، ولا أن ترتفع نبرة التصريحات بهذا الشكل. وقد أدّى ذلك إلى موجة غضب عارمة في الشارع التركي، وفي دوائر صنع القرار. وكان الردّ الأول لتركيا عبر وزير خارجيتها، هاكان فيدان، الذي صرّح لوكالة 'رويترز' قائلًا: 'إن سلوك إسرائيل هذا لا يستهدف سوريا فحسب، بل يزعزع استقرار المنطقة بأسرها…'. خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي روبيو في الولايات المتحدة، أثار هاكان فيدان الموقف العدواني لإسرائيل في سوريا، وأعرب بشكل واضح عن انزعاج تركيا من هذا الوضع. وهذا التصريح يمكن فهمه ضمن إطار الجهود التركية لخفض التصعيد. فأنقرة تدرك أن أي صدام عسكري مباشر مع إسرائيل، في ظلّ هشاشة الوضع السوري، لن يؤدي سوى إلى مزيد من الدمار لسوريا. أما الخيار العسكري، فيظل محفوفًا بالمخاطر، لأنه قد يجرّ الولايات المتحدة إلى ساحة المعركة، ويفتح الباب أمام حرب كبرى، وهو ما تتفاداه تركيا حاليًا. ولهذا، فهي تحاول معالجة الأمر عبر القنوات الدبلوماسية وعبر الضغط على واشنطن. وعلى الرغم من أن علاقات تركيا مع إدارة ترامب تسير بشكل جيد حاليًا، فإن تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية يجعل من الصعب التنبؤ بكيفية تعاطي واشنطن مع هذه الأزمة في المستقبل. إسرائيل ليست في موقع قوة فعليًا في واقع الأمر، إسرائيل غير قادرة على فعل أي شيء دون الدعم الأميركي المباشر. فالقدرات العسكرية التركية تتفوق بشكل واضح على إسرائيل من حيث الحجم والعتاد. كما أن السياسات العدوانية التي تتبعها إسرائيل- من حروب واحتلالات وعمليات عسكرية- أثقلت كاهل اقتصادها بشكل غير مسبوق. فقد انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 25٪ خلال عام واحد فقط، ومن المتوقع أن تبلغ كلفة الحرب الراهنة نحو 400 مليار دولار. أما حجم المساعدات الأميركية لإسرائيل، فهو غير معروف بدقة، إذ يتم تقديم جزء كبير منها بطرق سرّية، لكن المعروف أن إسرائيل حصلت على 20 مليار دولار من الأسلحة خلال عام 2024 وحده. وفي ظلّ الانهيارات الاقتصادية العالمية، من الصعب أن تتمكن إسرائيل من مواصلة هذه الحرب المكلفة إلى أجل غير مسمى. عاجلًا أم آجلًا، ستمارس الولايات المتحدة ضغوطًا لإيقافها. وفوق ذلك، فإن إسرائيل التي تفتقر إلى عدد كافٍ من السكان والقوى البشرية العسكرية، لا يمكنها أن تخوض حربًا على أربع جبهات في آن واحد، ولا أن تحافظ على تماسك جيشها بنفس القدر من الانضباط. أما الخلافات بين المؤسسة الأمنية ونتنياهو، فهي وإن لم تظهر إلى السطح بوضوح، إلا أنها موجودة وتتصاعد. ومع تدهور الاقتصاد وازدياد معاناة الناس، فإن الاحتجاجات الشعبية، التي بدأت بالفعل، ستزداد شراسة، وسيجد نتنياهو نفسه في نهاية المطاف خارج السلطة. أوروبا ستبتعد عن إسرائيل دخلت أوروبا في نزاع تجاري محتدم مع الولايات المتحدة، وهي تقف الآن، فيما يخص السياسة السورية، إلى جانب تركيا لا إسرائيل، كما تظهر تصريحاتها. ومع تصاعد السخط الأوروبي تجاه الولايات المتحدة، من المتوقع أن يتحول هذا الغضب إلى موقف أكثر صرامة ضد إسرائيل. فالاتحاد الأوروبي، الساعي للانتقام من واشنطن على ما سبّبته له من أزمات اقتصادية، قد يتخذ خطوات ضد السياسات العدوانية الإسرائيلية. من الممكن أن نشهد تعاونًا فرنسيًا- تركيًا في سوريا. كما قد تصدر مواقف مماثلة من إسبانيا، وإيطاليا، وبريطانيا. وهكذا، فإن الأزمة الاقتصادية وتدهور العلاقات، يدفعان أوروبا إلى انتهاج سياسات مخالفة لسياسات أميركا وإسرائيل. نتنياهو لم يحصل على ما أراده من ترامب تُعدّ القضية السورية أولوية قصوى لدى الرأي العام بالشرق الأوسط، وخاصة في إسرائيل، وتركيا، لكنها ليست كذلك في الولايات المتحدة. فالموضوع لم يُدرج بعد على طاولة ترامب. وفي محاولة لتغيير هذا الوضع، قام نتنياهو مؤخرًا بزيارة إلى الولايات المتحدة لطرح قضية سوريا أمام ترامب وطلب دعمه من أجل كبح النفوذ التركي في سوريا. لكن الأمور لم تجرِ كما كان نتنياهو يأمل. فقد تصرّف ترامب معه ببرود وتحفّظ بشكل عام. وعندما طلب نتنياهو من ترامب إصدار تصريح داعم لإسرائيل بشأن أمنها في سوريا، تلقى ردودًا لم تُرضِه إطلاقًا. قال ترامب: 'لدي صديق كبير، اسمه أردوغان. أنا أحبه، وهو يحبني. لم تحدث بيننا أي مشكلة على الإطلاق. مررنا معًا بالكثير. نتنياهو، إذا كان لديك مشكلة مع تركيا، فأنا مؤمن بأنني أستطيع حلها. آمل ألا تكون هناك مشاكل.. لكن يجب أن تكون معقولًا'. لقد أزعجت هذه التصريحات نتنياهو كثيرًا. لكن تحذير ترامب بـ'أن تكون معقولًا' يحمل دلالة مهمة، إذ يبدو أن مطالب إسرائيل ونتنياهو لا تنتهي، وترامب بدأ يشعر بالضيق منها. تركيا ستُعيد تعريف قواعد الاشتباك من الواضح أن الاقتصاد والدبلوماسية والاتصالات السياسية وحدها لن تكون كافية لردع العدوان الإسرائيلي في سوريا أو تجاه تركيا. ولذلك، فمن المرجّح أن تُقدم أنقرة على إعادة صياغة قواعد الاشتباك التي تنظّم وجودها العسكري خارج حدودها. فعلى سبيل المثال، عندما تتعرض القوات التركية في العراق لهجوم من جماعات إرهابية، فإن تركيا ترد فورًا. لكن، ماذا إذا كان الهجوم صادرًا من دولة؟ أي، في حال قصفت إسرائيل مواقع عسكرية تركية داخل سوريا، كيف سيكون الرد؟ وهل سيتدخل الناتو حينها؟ وما موقفه من ذلك؟ كل هذه الأسئلة تفرض على تركيا إعادة النظر في قواعد الاشتباك. وفي الوقت الحالي، تدور نقاشات مكثّفة في الأوساط العسكرية والدبلوماسية والسياسية في أنقرة حول هذه المسألة. وإن كان القرار النهائي لم يُتخذ بعد، فإن المؤكد أن تركيا ليست في وارد التراجع أو التنازل في هذه المرحلة.


إيطاليا تلغراف
١٢-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
اجتماع عمّان الأول من نوعه.. ما سبب أهميته البالغة؟ - إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف كمال أوزتورك كاتب وصحفي تركي ظهر ممثلو الدول الخمس المشاركة في الاجتماع المنعقد في عمّان أمام الكاميرات، تزامنًا مع تصاعد الاضطرابات الداخلية في سوريا. في ظل هذا الوضع المتأزم، كان لا بد أن يثير اجتماع وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات لهذه الدول، لمناقشة القضية السورية، اهتمامًا واسعًا. عند سؤال مسؤول تركي رفيع المستوى عن أهمية هذا الاجتماع، أدلى بتصريح لموقع الجزيرة نت قال فيه: 'للمرة الأولى، تجتمع خمس دول مسلمة لمكافحة تنظيم الدولة في سوريا. لطالما تولت الولايات المتحدة أو الدول الغربية هذه المهمة أو قادت جهودها، لكن لم يكن هدفها الحقيقي محاربة التنظيم. أما في هذا الاجتماع، فجدول أعمالنا الوحيد هو مكافحة تنظيم الدولة ودعم الحكومة السورية في هذا السياق. نأمل أن يكون هذا الاجتماع بداية مهمة للتعاون في قضايا أخرى أيضًا'. أما الدول الأخرى المشاركة إلى جانب تركيا، وهي العراق، ولبنان، والأردن، فهي الدول التي تعاني أكثر من غيرها من تداعيات عدم الاستقرار في سوريا، بحكم الجوار الجغرافي. ولهذا، وكما ورد في البيان الختامي، لم يقتصر التعاون على مكافحة تنظيم الدولة فقط، بل شمل أيضًا مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة، والاتجار بالبشر، وحماية الحدود، ومحاربة الجريمة المنظمة. ذريعة الولايات المتحدة ستسقط لطالما بررت الولايات المتحدة وجود قواتها في سوريا وتسليحها وحدات حماية الشعب (YPG)، المعروفة بصلتها بتنظيمات إرهابية، بأنها تقوم بذلك في إطار مكافحة تنظيم الدولة. ورغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبته في الانسحاب من سوريا بعد الثورة، فإن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أصرت على البقاء، بحجة أن مقاتلي تنظيم الدولة محتجزون مع عائلاتهم في المخيمات تحت حراسة وحدات حماية الشعب، وبالتالي كان من الضروري دعم هذه المليشيات. وفي ميزانية عام 2024، خصصت الولايات المتحدة 398 مليون دولار لمكافحة تنظيم الدولة في العراق، وسوريا، منها 156 مليون دولار منحت لوحدات حماية الشعب لإدارة السجون والمخيمات التي تحتجز فيها مقاتلي التنظيم وعائلاتهم. كما تم إنشاء وحدات مسلحة لهذه المليشيات، وتقديم آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة تحت ذريعة استخدامها ضد التنظيم. بدورها، اقترحت تركيا إرسال كتيبتين من قواتها لضمان أمن المخيمات والسجون التي تضم أسر مقاتلي تنظيم الدولة والمعتقلين منهم، لكن الولايات المتحدة لم ترد على هذا العرض. اليوم، يتفق جميع الأطراف على أن الحجة التي تستند إليها الولايات المتحدة في البقاء بسوريا قد انتهت فعليًا، ولم يعد هناك سبب لاستمرار وجودها على الأراضي السورية. ولإسقاط هذه الذريعة، أنشأت الدول الخمس آلية مشتركة لتولي مسؤولية مكافحة تنظيم الدولة. البند الأهم في البيان الختامي أكثر البنود التي أثارت الجدل في البيان الختامي الصادر في 9 مارس/آذار كانت المادة الخامسة، والتي نصّت على ما يلي: 'إدانة جميع أشكال الإرهاب، والتعاون في مكافحة الإرهاب على المستويات العسكرية والأمنية والفكرية. وأكد المشاركون التزامهم بالقضاء على تهديد تنظيم الدولة للأمن في سوريا والمنطقة والعالم، ودعم الجهود الدولية القائمة لتحقيق ذلك. كما تم الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك للتنسيق والتعاون، ومعالجة القضايا المتعلقة بسجون تنظيم الدولة'. لكن هل يعني إنشاء 'مركز العمليات' المشار إليه في البيان نشر قوات عسكرية أو تنفيذ عمليات عسكرية؟ المسؤولون المشاركون في الاجتماع ينفون ذلك، لكن يبقى السؤال: ما الذي تعنيه هذه المساعدة لسوريا في مواجهة هجمات التنظيم؟ المرجح أن يتم توفير الدعم اللوجيستي والمالي لإدارة المخيمات والسجون. ولتوضيح التفاصيل بشكل أكبر، تقرر عقد اجتماع آخر في تركيا خلال شهر أبريل/ نيسان. سيتخذ مركز العمليات من سوريا مقرًا له، وستكون إدارته تحت سلطة الحكومة السورية. كما طُرحت فكرة إنشاء هيكل مماثل في العراق، حيث تبرر الولايات المتحدة وجودها في القواعد العسكرية هناك بنفس الذريعة. بيدَ أن الحكومة العراقية لم تُبدِ ترحيبًا بالفكرة في الوقت الحالي، ومن المتوقع إعادة طرحها في الاجتماعات القادمة. إدانة الاحتلال الإسرائيلي شهد الاجتماع في عمّان أيضًا إدانة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية، مع المطالبة بإنهائه فورًا. وجاء في البيان الختامي: 'إدانة ورفض العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، واعتباره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وتعديًا على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتصعيدًا قد يؤدي إلى مزيد من الصراعات. كما دعا المجتمعون المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى ضمان تطبيق القانون الدولي، ووضع حدّ لانتهاكات إسرائيل، وإجبارها على الانسحاب من جميع الأراضي السورية المحتلة. كما طُلب من إسرائيل وقف هجماتها، والالتزام باتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974 بين سوريا وإسرائيل'. بالتزامن مع هذه التصريحات، دعت الولايات المتحدة وروسيا إلى عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن الدولي؛ لمناقشة التطورات الجارية في سوريا. أمن الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة كانت الحدود الأردنية واللبنانية الأكثر تأثرًا بحالة عدم الاستقرار في سوريا، حيث تفاقمت عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، والتي لم يتمكن نظام الأسد من السيطرة عليها، لا سيما بعد الكشف عن تورط أفراد من عائلته في تصنيع المخدرات. وكانت هذه القضية من أبرز الملفات التي طُرحت خلال اجتماع عمّان. وجاء في المادة السادسة من البيان الختامي: 'التعاون في مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة والجريمة المنظمة، وتقديم الدعم والمساعدة لتعزيز قدرات سوريا في هذه المجالات'. كما أضيفت إلى البيان الختامي قضايا أخرى، مثل إعادة إعمار سوريا، والتبادل التجاري، والتعاون الاقتصادي. ويكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة كونه يمثل المرّة الأولى التي تتعاون فيها الدول الإسلامية فيما بينها لمكافحة تنظيم الدولة، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كان هذا التعاون سيمتد لاحقًا إلى قضايا أخرى. أما تركيا، فتصرّ على الإسراع في إنشاء الآلية الجديدة وتنفيذها على أرض الواقع. ومن المقرر أن يُعقد الاجتماع الثاني لوزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في تركيا خلال شهر أبريل/ نيسان المقبل.


إيطاليا تلغراف
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
4 مخاطر كبرى تهدد سوريا الآن.. ما هي؟
إيطاليا تلغراف كمال أوزتورك كاتب وصحفي تركي بما تكون سوريا من بين الدول صاحبة التاريخ الأكثر مأساوية في الإقليم. فقد عاش شعبها 61 عامًا تحت وطأة قمع أسرة الأسد الوحشي، ثم قاسى خلال 13 عامًا ويلات الحرب الأهلية، حيث قتل أكثر من مليون شخص، وهُجِّر 12 مليونًا آخرون من ديارهم، وتحولت مدن بأكملها إلى أنقاض. وأخيرًا، تمكّن أبناء الشعب السوري من الإطاحة بالطاغية الأسد والوصول إلى السلطة، لكن معاناتهم لم تنتهِ بعد. إذ لا تزال سوريا تواجه الاحتلال الإسرائيلي الفعلي، إلى جانب الاحتلال الأميركي لشمال البلاد عبر مليشيات PYD. كما أن العمليات الإرهابية التي تغذيها هاتان الدولتان أصبحت في الأيام الأخيرة من أبرز الأزمات التي تهدد استقرار الحكومة الجديدة في دمشق. يبدو أن إسرائيل، بمجرد أن تكون جارًا لها دون أن تكون صديقًا، تفرض عليك هذا المصير. فلبنان وغزة ومصر جميعها عانت من أزمات لا تنتهي، ويعود ذلك، ولو جزئيًا، إلى كونها دولًا تحد إسرائيل. وبالنسبة للإدارة السورية الجديدة، فإن أكبر التحديات التي تواجهها بطبيعة الحال هو الاحتلال الإسرائيلي وسياسته العدوانية، ولكن هناك مشكلات أخرى لا تقل خطورة. والآن لنلقِ نظرة عليها واحدةً تلو الأخرى. 1- الاحتلال الإسرائيلي وسياسات زعزعة الاستقرار إذا كنت جارًا لإسرائيل، ولا تنفذ أوامرها بحذافيرها، فليكن الله في عونك. عليك أن تتوقع أسوأ أنواع الشرور التي ستُمارس ضدك. والواقع أنه حتى توقيع اتفاقيات معها، والسعي إلى التوافق، والانصياع لما تمليه، قد لا يكون كافيًا لإنقاذك. فمصر والأردن، وهما من الدول التي لا تشكل تهديدًا لإسرائيل، ووقعتا معها اتفاقيات، تواجهان اليوم تهديدًا بترحيل مليوني فلسطيني إلى أراضيهما. مشكلة الشرق الأوسط الكبرى هي إسرائيل، وهذه المشكلة تؤثر على جيرانها بشكل مباشر. إن التاريخ حافل بالأمثلة التي تثبت هذا الواقع المرير. ولهذا، فإن إسرائيل تمثل أكبر تهديد للثورة السورية. منذ اندلاع الثورة، قامت إسرائيل بقصف البنية التحتية العسكرية لسوريا، واحتلت أراضيها الإستراتيجية، ولا تزال توسع احتلالها حتى الآن. وإلى جانب الاحتلال الفعلي، بدأت في الشهر الأخير بتنفيذ سياسة جديدة لزعزعة استقرار سوريا. فمن خلال إشعال المواجهات بين الطوائف المختلفة، كان لإسرائيل دور واضح في الأحداث التي شهدتها اللاذقية والساحل، حيث اصطدم الدروز والعلويون مع الحكومة في دمشق. لم تحقق إسرائيل نجاحًا كبيرًا في استمالة الدروز كما كانت تأمل، لكنها حاولت تحريض العلويين عبر تحريك فلول جيش الأسد المجرم، الذين بدؤوا تنفيذ عمليات إرهابية. ورغم أن هذه الهجمات لا تملك فرصة حقيقية لإسقاط الحكومة، فإن إسرائيل تدرك ذلك تمامًا. غايتها الحقيقية ليست إسقاط النظام، بل خلق فوضى تمنع استقرار سوريا وتعافيها. يجب على حكومة دمشق أن تتخذ تدابير لمواجهة سياسات زعزعة الاستقرار التي تنتهجها إسرائيل. ومن بين القضايا الأكثر إلحاحًا، والتي يمكن أن تكون مدخلًا سهلاً للتدخل الإسرائيلي، هي قضية الأقليات. 2- الأقليات كخط صدع هشّ كما رأينا خلال الشهر الأخير، فإن إسرائيل والولايات المتحدة وإيران جميعها تمتلك القدرة على التأثير على التوازن الهش للأقليات في سوريا. فسوريا، بتركيبتها المجتمعية المتنوعة، تحتضن عشرات المجموعات العرقية والدينية. قد لا يكون الكلدان والإيزيديون والتركمان من الفئات التي يمكن استغلالها بسهولة، لكن هناك مجموعات أخرى أكثر عرضة للتأثر بالمؤثرات الخارجية، مثل الأكراد والدروز والعلويين. في شمال سوريا، تسيطر قوات PYD المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل على مساحة شاسعة من الأراضي، بما في ذلك مناطق غنية بالنفط، وأراضٍ زراعية خصبة، ومصادر مياه رئيسية. ورغم أن القائد المؤسس لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان دعا هذه المليشيات إلى التخلي عن السلاح، فإنهم رفضوا ذلك، لأنهم يتلقون أوامرهم من الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذه القوة العسكرية، رغم أنها لا تمثل كل الأكراد السوريين، تشكل تهديدًا حقيقيًا للحكومة في دمشق. التعامل مع هذه الأزمة لا يمكن أن يتم عبر مواجهة عسكرية مباشرة، لأن أي صدام مع PYD سيعني إعطاء إسرائيل مبررًا لتسريع احتلالها مناطق الجنوب السوري. لذا، يجب أن تتحرك الحكومة السورية وفق إستراتيجية متعددة المحاور: أولًا، يجب أن تتخذ إجراءات عاجلة لضمان حقوق الأكراد الثقافية والسياسية، وتعزيز اندماجهم في المجتمع السوري، وتسريع العمل على الدستور الجديد لتحقيق ذلك. ثانيًا، ينبغي العمل على عزل PYD جغرافيًا عبر قطع طرق الإمداد التي لا تزال مفتوحة أمامها، خصوصًا عبر العراق، بالتنسيق مع الحكومة العراقية. ثالثًا، يجب أن تمتنع الحكومة السورية عن الدخول في مواجهة مباشرة مع تركيا إذا قررت الأخيرة التدخل ضد PYD، بل يمكنها حتى أن تساعد في ذلك بشكل غير مباشر، نظرًا لأن أنقرة تعتبر PYD تهديدًا أمنيًا رئيسيًا، وقد أعلنت أنها لن تتردد في التدخل عسكريًا إذا لم تتخلَّ هذه المليشيات عن السلاح. أما بالنسبة للدروز، فرغم أنهم أظهروا في الأحداث الأخيرة عدم استعدادهم للانجرار إلى صراع مع دمشق، فإنهم لا يزالون يمثلون نقطة ضعف حساسة. لذا، يجب على الحكومة أن تضمن في الدستور الجديد ترتيبات تجعلهم يشعرون بأن الدولة السورية هي دولتهم، وتستجيب لمطالبهم بما لا يهدد وحدة البلاد. 3- الجرح الذي لم يلتئم: الصراع الطائفي إحدى أخطر الكوارث التي خلفها حكم عائلة الأسد هي الطائفية التي زرعها في المجتمع السوري. فقد حكمت الأقلية العلوية البلاد لمدة 61 عامًا، مسيطرةً على 90% من السكان عبر دكتاتورية قمعية. وعندما اندلعت الثورة، حول التدخل الإيراني وحزب الله النزاع إلى حرب طائفية بكل معنى الكلمة. العناصر الأكثر ولاءً للأسد من جيشه الملطخ بالدماء لم تختفِ تمامًا، بل تحولت إلى العمل السري، والآن، وبدعم من إسرائيل وإيران، بدأت تعود إلى السطح من جديد، ناشرةً الفوضى والإرهاب. في الأحداث الأخيرة، قُتل أكثر من 700 شخص في أعمال عنف، ورغم أن الحكومة تمكنت من احتواء الوضع، فإن الخطر لا يزال قائمًا. إذا أرادت دمشق إبطال الورقة الطائفية التي تستخدمها إسرائيل وإيران، فعليها أن تضمن عدم تكرار أخطاء الأسد، وألا تكتفي ببناء نظام قائم على سيطرة الأغلبية السنية. يجب أن تعمل على تحسين الظروف الاقتصادية للأقليات، وإشراك الشخصيات العلوية غير المتورطة في جرائم الأسد في الحكم، وتقديم ضمانات دستورية لحقوقهم، حتى لا تترك مجالًا لاستغلالهم من قبل القوى الخارجية. 4- الدستور والانتخابات: مفتاح الاستقرار أم خطر التأجيل؟ إن التغلب على جميع هذه المخاطر ليس أمرًا سهلًا بالنسبة لدولة خرجت حديثًا من حرب مدمرة، وتعاني من انهيار اقتصادي، ودمار في بنيتها التحتية، وفقدان كامل لقوتها العسكرية تحت الضربات الإسرائيلية. بيد أن ما يمنح الحكومة السورية الجديدة فرصة للنهوض هو تمكنها من كسب دعم السعودية وقطر ومصر وتركيا في الوقت ذاته، فضلًا عن حصولها على تأييد كامل من الجامعة العربية ومعظم الدول الإسلامية. إن استثمار هذا الدعم يمكن أن يجعل عملية التعافي أسهل وأسرع. لا يمكن تنظيم انتخابات في بلد نزح منه 12 مليون شخص، ولكن تأجيلها لمدة أربع سنوات قد ينطوي على مخاطر جسيمة. لهذا، فإن الشرط الأول لتسريع العملية الانتخابية هو الإسراع في اعتماد الدستور الجديد. حاليًا، هناك لجنة تعمل على إعداد الدستور، لكن لم يتم تحديد جدول زمني لإنجازه، ومع ذلك، فمن الضروري الإسراع في إتمام هذه العملية. إن الطريقة الأهم لحماية البلاد من الانقسامات العرقية والطائفية تكمن في إدخال الإصلاحات الدستورية المناسبة، ولهذا السبب، ينبغي تكثيف الجهود لإنهاء هذه المهمة في أقرب وقت ممكن. 10عودة اللاجئين المنتشرين في الخارج إلى سوريا فورًا ليست بالأمر الممكن حاليًا، والانتخابات مرتبطة جزئيًا بهذه المسألة. لكن من الممكن إيجاد حلول تتيح مشاركة هؤلاء اللاجئين في العملية الانتخابية، وذلك من خلال توفير آليات للتصويت خارج البلاد. ويمكن تحقيق ذلك في تركيا والأردن، حيث تتواجد أكبر نسبة من اللاجئين السوريين. ومن خلال هذه الإجراءات، سيكون من الممكن تقديم موعد الانتخابات. أيام صعبة تنتظر السوريين قبل أن تنتهي معاناتهم الطويلة، لكن على الدول الإقليمية أن تدرك أن استمرار عدم الاستقرار في سوريا يشكل خطرًا كبيرًا عليها أيضًا. لهذا، يجب عليها تقديم المزيد من الدعم لسوريا. وقد كان الاجتماع الأخير الذي عُقد في عمّان مثالًا جيدًا على ذلك. اجتماع عمّان كان بداية جيدة إن توصل كل من تركيا والعراق وسوريا والأردن ولبنان إلى اتفاق بشأن محاربة تنظيم الدولة يمثل تطورًا بالغ الأهمية. فهذه هي المرة الأولى التي تقرر فيها دول إسلامية إنشاء كيان مشترك فيما بينها لمحاربة تنظيم الدولة، بعيدًا عن التدخلات الخارجية. وسيتم إنشاء مركز عمليات في سوريا، وستكون إدارته تحت إشراف الحكومة السورية، مما سيتيح محاربة التنظيم ضمن إطار إقليمي، دون الحاجة إلى تدخل القوى الغربية. إن تأسيس هذا الكيان يشير إلى إمكانية إنشاء هياكل تعاون أخرى مستقبلًا، وهو ما يجعله مبادرة بالغة الأهمية. كما أن هذه الخطوة تعدّ تقدمًا إيجابيًا نحو تمكين سوريا من الوقوف على قدميها، وتقليل نفوذ الدول الغربية في المنطقة. نأمل أن يكون هذا الاجتماع مجرد بداية لمزيد من التعاون في المستقبل.