logo
#

أحدث الأخبار مع #لبيبيسي

بي بي سي تفصل لاعب كرة قدم سابق بسبب منشور مؤيد لفلسطين
بي بي سي تفصل لاعب كرة قدم سابق بسبب منشور مؤيد لفلسطين

مصراوي

timeمنذ 12 ساعات

  • ترفيه
  • مصراوي

بي بي سي تفصل لاعب كرة قدم سابق بسبب منشور مؤيد لفلسطين

أنهت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) خدمات الإعلامي البارز ونجم منتخب إنجلترا السايق جاري لينيكر بسبب مشاركته منشور مؤيد للفلسطينيين على صفحة بتطبيق إنستجرام. وقال تيم ديفي المدير العام لبي بي سي "لقد اعترف جاري بالخطأ الذي ارتكبه، لذا اتفقنا سويا على عدم تقديمه المزيد من البرامج بعد نهاية الموسم الجاري، وذلك بعدما كان صوتا بارزا للشبكة على مدار أكثر من عقدين، ونود أن نشكره على مساهمته". وقال لينيكر في بيان رسمي "كرة القدم كانت أساسا لحياتي سواء داخل الملعب أو في ستوديوهات التحليل، وكنت أهتم بها كثيرا وبعملي مع بي بي سي على مدار سنوات طويلة، ولن أكرر ما فعلته بنشر أي شيء معاد للسامية، لأنه أمر يتعارض مع مبادئي". وأضاف أيضا "أكرر اعتذاري وأسفي الشديد مجددا، وأقر بالخطأ الذي ارتكبته وبالانزعاج الذي تسببت به". View this post on Instagram A post shared by Gary Lineker (@garylineker) وكانت تقارير صحفية ذكرت صباح اليوم الإثنين أنه من المتوقع أن يعلن النجم الإنجليزي جاري لينيكر رحيله عن تقديم برنامج "ماتش أوف ذا داي" واستقالته من شبكة بي بي سي، ولن يكون متواجدا في تغطية هيئة الإذاعة البريطانية لكأس العالم لكرة القدم 2026. ذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) أن لينيكر /64 عاما/ يقدم هذا البرنامج منذ عام 1999 خلفا لديس لينام، وأعلن أنه سيستقيل من بي بي سي في 2024. وأضافت أيضا أن هناك توقعات وفقا لمصادر من الشبكة الإذاعية بأن لينيكر سيعلن رحيله اليوم الإثنين، وسط ما يتردد بأن مسؤولي بي بي سي يعتبرون موقفه غير مقبول. ونقلت صحيفة (صن) عن مصدر قوله "إنها نهاية مأساوية لمسيرة إذاعية مذهلة". ويأتي رحيل لينيكر بعد اعتذاره عن مشاركة منشور من مجموعة مؤيدة لفلسطين ثم حذفه من حسابه الرسمي على انستجرام، وكان مرفقا بالمنشور صورة فأر، ليتم اتهام النجم الإنجليزي بمعاداة السامية. وأضافت صحيفة (صن) أنه من المتوقع أن يقدم لينيكر مهاجم برشلونة وتوتنهام وأفيرتون السابق آخر مباراة له يوم الأحد المقبل، ولن يظهر في تغطية مونديال 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وشارك لينيكر في تغطية بي بي سي لفوز كريستال بالاس على مانشستر سيتي 1 / صفر في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، يوم السبت الماضي. وتعرض لينيكر للإيقاف مؤقتا عن العمل في بي بي سي خلال مارس 2023 بسبب تعليقات أدلى بها وسط جدل حول الحيادية وانتقاد سياسات الحكومة الجديدة بشأن اللجوء. ووقع لينيكر ضمن 500 شخصية بارزة على رسالة مفتوحة في فبراير الماضي تطالب (بي بي سي) بإعادة بث فيلم وثائقي بعنوان "غزة.. كيف تنجو من منطقة حرب" وذلك عبر منصة بي بي سي آي بلاير. وأعلن النجم الإنجليزي في نوفمبر 2024، أنه لن يقدم برنامج "ماتش أوف ذا دي" بنهاية الموسم الجاري، لكن سيكون متواجدا في تغطية كأس العالم وكأس الاتحاد الإنجليزي. وكان لينيكر المذيع الأعلى أجرا في بي بي سي لسبع سنوات متتالية، براتب قيمته 35ر1 مليون جنيه إسترليني (8 ,1 مليون دولار) في موسم 2023/ 2024، وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن الشبكة البريطانية في يوليو. وذكرت تقارير أنه رغم الاستقالة فإن لينيكر يرحب بالاستمرار في تقديم برنامج "ماتش أوف ذا داي"، ولكن مسؤولي هيئة الإذاعة البريطانية لم يعرضوا عليه تجديد التعاقد الخاص بهذا البرنامج. ومن المقرر أن يحل مكان لينيكر، الثلاثي جابي لوجان وكيلي كايتس ومارك تشابمان، ليتناوبوا على تقديم البرنامج الشهير بداية من الموسم المقبل للدوري الإنجليزي الممتاز.

لماذا تزداد أعداد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟
لماذا تزداد أعداد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟

الأيام

timeمنذ 2 أيام

  • صحة
  • الأيام

لماذا تزداد أعداد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟

Getty Images صورة تعبيرية كانت ليلى -اسم مستعار- حاملاً في شهرها الثاني عندما علمت أنها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، في أغسطس/ آب العام الماضي. بعد أسابيع، أنكر زوجها نسب الجنين إليه عندما أظهرت الفحوصات أنه لا يحمل الفيروس، واتهمها أنها على علاقة بشخص آخر نقل العدوى إليها، وهو ما تنفيه ليلى. تقول ليلى "لم يترك زوجي إنساناً إلا أخبره أنني متعايشة مع الفيروس. لم يبق إلا أن يحكي للقطط والكلاب في الشارع". فيروس نقص المناعة البشرية، هو عدوى تهاجم الجهاز المناعي في الجسم، مما يضعف قدرته على الدفاع عن نفسه ضد الأمراض، وينتقل عبر ممارسة الجنس بطريقة غير آمنة، والدم، والولادة. ويمكن السيطرة عليه من خلال علاج فعال يَحول دون اكتشاف الفيروس في الدم ويمنع انتقاله إلى الآخرين. فجأة وجدت الشابة البالغة من العمر 24 عاماً نفسهاً وجنينها معاً في مواجهة الفيروس، والنظرة السلبية تجاه المتعايشين معه، فضلاً عن معارك قانونية لإثبات نسب الطفل. يظهر تقرير جديد نشرته منظمة فرونت لاين إيدز، "ارتفاعاً مثيراً للقلق" في حالات الإصابة بالفيروس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبشكل خاص في مصر، في وقت يتباطأ فيه انتشاره في باقي العالم. التقرير يضيف أن نحو 20 في المئة من الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، وهو رقم غير مسبوق بحسب المنظمة. Getty Images صورة تعبيرية "نواجه المرض وغياب الوعي" عندما تأكدت ليلى من نتيجة فحوصاتها أصيبت بالصدمة. تقول لبي بي سي "شعرت أن نهايتي وشيكة، وأنني سأموت خلال أسبوع أو أسبوعين بسبب الخوف مما سمعت، رغم أن حالتي الصحية لم تكن خطيرة في ذلك الوقت. لكن هذا ليس أصعب ما واجهته". كان عليها أن تواجه غياب الوعي بالفيروس في كل مكان، حتى في بعض العيادات الطبية. تقول إن طبيبة أمراض النساء طلبت منها مغادرة العيادة قبل إتمام الفحص، فور علمها بأنها متعايشة مع الفيروس، وطلبت من المساعدين تعقيم المكان. "التوعية ينبغي أن تكون لكل الناس وليس للمتعايشين مع الفيروس فقط"، هذا ما تعتقده ليلى. بعدما وضعت جنينها، أقامت ليلى في منزل أهلها بعض الوقت. لم تصدق عائلها ادعاءات الزوج بأنها على علاقة برجل آخر، ودعمت مسارها القانوني لإثبات نسب ابنها. بعد فترة عادت ليلى مع طفلها إلى منزلها في حي راق في القاهرة، حيث غادره الزوج بعد ضغط من أهلها. لكن نظرات الجيران كانت تحمل إدانة بفعل تقول إنها لم ترتكبه، كما تحكى لبي بي سي. تقول "عشت أياماً صعبة عندما اتصل بعضهم بالحجر الصحي ليحتجزني في المستشفى، خوفاً من العدوى". ثم تدخلت أسرتها لوضع حد لمضايقات الجيران. Getty Images صورة تعبيرية لعنة الوصم يرجح أطباء ليلى إصابتها بالفيروس أثناء عملية جراحية أجرتها قبل زواجها عام 2019. ولا تظهر أعراض الإصابة بالفيروس بالضرورة بشكل فوري، بل يستغرق الأمر مدة قد تصل في بعض الحالات إلى 10 سنوات، وفقاً لوزارة الصحة البريطانية. وفي حال عدم الحصول على العلاج، يمكن أن يتطور الفيروس إلى المرحلة المتقدمة المعروفة بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). لكن زوجها لم يصدق أنها حملت الفيروس طوال هذه المدة دون أن ينتقل إليه. لا تؤدي ممارسة الجنس مع شخص يحمل الفيروس إلى الإصابة بالفيروس بشكل حتمي، وفقاً لموقع ستانفورد هيلث كير، التابع لجامعة ستانفورد الأمريكية، فمن الصعب حساب نسبة احتمال انتقال العدوى عند التعرض لأحد أسبابه. "قد يصاب الشخص بالعدوى من خلال ممارسة الجنس غير الآمن مرة واحدة أو قد يمارس الشخص الجنس غير الآمن عدة مرات دون أن يصاب بالعدوى". بدأت ليلى بتوعية الجيران، لكن الوصم ظل يلاحقها. تقول "ظلوا يفترضون أنني أقيم علاقات جنسية مع أي شخص، وعرض أحدهم أن يُقبّلني طالما أن الفيروس لا ينتقل عبر اللعاب. وقال آخر، لماذا لا نمارس الجنس طالما أن هناك طرق آمنة". Getty Images صورة تعبيرية أعداد متزايدة بعد تشخيص ليلى بالفيروس، وقفت في طابور أحد المستشفيات في القاهرة لاستلام العلاج مع 8 نساء اكتشفن إصابتهن في اليوم نفسه. تقول إنها تتعرف كل يوم على مصابين جدد. وفقاً لتقرير منظمة "فرونت لاين إيدز" ارتفعت الحالات الجديدة في المنطقة بنسبة 116 في المئة منذ عام 2010. بينما ارتفعت 609 في المئة في مصر خلال الفترة نفسها، في المقابل شهدت الإصابات الجديدة بالفيروس انخفاضاً في العالم بنسبة 39 في المئة خلال الفترة نفسها. وتحذر المنظمة من أن المنطقة قد تواجه وباءً إقليمياً ربما يخرج عن نطاق السيطرة، إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة. ويتفاقم هذا الخطر بعد إغلاق مكتب برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2023 بسبب نقص التمويل، وهو البرنامج المعني بتنسيق الاستجابة بين الوكالات الأممية والحكومات، وفقاً للتقرير. تعتقد جولدا عيد مسؤولة البرامج في منظمة فرونت لاين إيدز التي أصدرت التقرير، أنه "لا بد من الاستثمار بشكل مستدام لمواجهة الفيروس. كما أن هناك حاجة ماسة لتنسيق سياسي أقوى لمواجهة الفيروس". لكن هذا يعتبر تحدياً في ظل العقبات الاقتصادية وأزمات النزوح التي تواجهها عدة دول في المنطقة. لذا تطالب عيد بدمج مواجهة فيروس نقص المناعة البشرية في برامج الاستجابة الإنسانية والرعاية الصحية الشاملة. وتشكو عيد من نقص بيانات المحدثة والدقيقة، وهو ما يصعب الاستجابة بشكل صحيح. كما أن تجريم بعض الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس يلعب دوراً إضافياً في ضعف الاستجابة، كما تؤكد عيد: "الآن بعض الجمعيات تواجه خطراً قانونياً عندما تقدم دعمها لمثليي الجنس ومتعاطي المخدرات والأشخاص العابرين جندرياً، المعرضين أكثر من غيرهم للإصابة بالإيدز". Getty Images صورة تعبيرية دعم خاص للنساء تشعر ليلى بالارتياح لأن حالتها باتت مستقرة، وبأن لديها الوعي بكيفية التعامل مع الفيروس، بفضل الأطباء الذين يتابعون حالتها، بالإضافة لمجموعة مغلقة انضمت إليها على فيس بوك. تدير روزا- 45 عاماً- هذه المجموعة، وهي إحدى شريكات منظمة فرونت لاين إيدز في مصر، وتحمل الفيروس أيضاً منذ أكثر من عشرين عاماً. خاضت روزا، رحلة العلاج مع زوجها السابق بعدما فقدت جنينها بسبب مضاعفات الإصابة. بعد التعافي من أعراض الفيروس، بدأت روزا رحلة في دعم المتعايشين مع الفيروس. دعم النساء أولوية بالنسبة لها. تقول: "عندما كنت ألقي أحد التدريبات في اليمن قبل نحو 15 عاماً، وقالت لي إحدى المشاركات: أريد أن أقتل زوجي الذي نقل إلى الفيروس. منذ ذلك اليوم قررت أن أركز مجهودي على دعم المتعايشات مع الإيدز". الدعم النفسي مرتبط بالتمويل "قبل أن أتعرف على متعايشين آخرين مع الفيروس، شعرت أنني الوحيدة في العالم التي تحمله"، تحكي روزا لبي بي سي. لكنها كانت محظوظة، لأنها كانت من بين أول 20 شخصاً اكتشفوا إصابتهم وانضموا لبرنامج الحملة القومية لمكافحة الإيدز في مصر، وهي حملة حكومية، كانت في أوج نشاطها في ذلك الوقت كما تحكى لبي بي سي. تقول إن البرنامج كان يقدم العلاج الطبي، والدعم النفسي لتخطي هذه الفترة. الآن يبلغ عدد حاملي الفيروس نحو 30 ألفاً في مصر، وفقاً لوزارة الصحة المصرية، وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز. تركز الخدمة الطبية الحكومية في مصر حالياً على تقديم الدواء بشكل مجاني، كما هو الحال في لبنان ودول أخرى في المنطقة، لكن الدعم النفسي والاجتماعي يتراجع بسبب صعوبات التمويل في هذه البلدان. يظل الدعم الذي تقدمه روزا عبر مجموعتها محدوداً، مقارنة بما تلقته بعد إصابتها قبل 21 عاماً. فهي تقدم التوعية، وتنظم أنشطة ترفيهية، ورشاً يدوية لتساعد أعضاء المجموعة على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي. Getty Images صورة تعبيرية يشير تقرير منظمة" فرونت لاين إيدز" إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "تعاني من نقص في تمويل مشاريع مكافحة نقص فيروس نقص المناعة البشرية تصل نسبته إلى 85 في المئة، وأنها تتلقى أقل من 1 في المئة من إجمالي استثمار التمويل العالمي للفيروس". الحصول على تمويل مخصص لمواجهة الفيروس صار أصعب خلال السنوات الأخيرة، حيث يركز المانحون على تقديم الدعم الإنساني لفئات أخرى مثل النازحين، كما تقول الدكتورة نادية بدران مديرة جمعية العناية الصحية للتنمية الشاملة، التي تعمل في لبنان منذ نحو 35 عاماً. تضيف: لا نستطيع التوسع في برامج التوعية أو الدعم النفسي والمجتمعي للمتعايشين مع الفيروس بسبب نقص التمويل، وصرنا نقدم هذه الخدمة ضمن مجموعة خدمات أخرى لضمان استمرارها. الأدوية التي توفرها الحكومة للمصابين بالفيروس أيضاً تنفق عليها المنح الدولية، كما تقول بدران، وتتخوف من نتائج كارثية إذا تقلص هذا الدعم في المستقبل. ماذا يخفي المستقبل لحاملي الفيروس؟ الإجابة تتوقف على مدى الدعم النفسي والمجتمعي الذي يحظى به حامل الفيروس، ومدى تقبله لحالته، كما تقول الدكتور نادية بدران. وتشرح قائلة: "حامل الفيروس مرفوض اجتماعياً، على عكس الشخص المصاب بالسرطان مثلاً يحظى بدعم العائلة. يجب أن يحصل المتعايش مع الفيروس على الدعم، وأن يتقبل وضعه ليكون قادراً على الالتزام بالعلاج، وإلا تتدهور حالته". وتضيف: هناك شاب لجأ إلينا قبل سنوات، اكتشف إصابته بالفيروس عندما كان عمره 17 عاماً. كان مكتوم القيد (لا يملك أوراق هوية رسمية) وكان لديه عدد من الأزمات النفسية. لم يكن قادراً على تقبل وضعه، فلم يلتزم بالعلاج، وظل يعاني حتى توفي بعد إصابته بالسرطان. في حالة روزا وليلى، كان دعم المقربين منهما عاملاً أساسياً لتعافيهما من الأعراض، بجانب العلاج الدوائي. الآن، مر شهران منذ ولدت ليلى طفلها، وقد أثبتت الفحوصات تراجع نسبة الفيروس في دمها. أما الطفل، الذي فكرت في إجهاضه، خوفاً انتقال الفيروس إليه أثناء الولادة، فبشرها الأطباء قبل أيام بخلوه من الفيروس، بعد أن خضعا معاً لبرنامج علاجي مخصص. تقول "عندما عرفنا أننا سنواصل حياتنا بشكل طبيعي، شعرنا أن متنا، وبعثنا من جديد. الآن ننتظر حكم القضاء لإثبات نسب ابني، لنطوي هذه الصفحة من حياتنا".

كيف تزيد أعداد المتعايشين مع الإيدز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟
كيف تزيد أعداد المتعايشين مع الإيدز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟

الوسط

timeمنذ 3 أيام

  • صحة
  • الوسط

كيف تزيد أعداد المتعايشين مع الإيدز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟

Getty Images صورة تعبيرية كانت ليلى -اسم مستعار- حاملاً في شهرها الثاني عندما علمت أنها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، في أغسطس/ آب العام الماضي. بعد أسابيع، أنكر زوجها نسب الجنين إليه عندما أظهرت الفحوصات أنه لا يحمل الفيروس، واتهمها أنها على علاقة بشخص آخر نقل العدوى إليها، وهو ما تنفيه ليلى. تقول ليلى "لم يترك زوجي إنساناً إلا أخبره أنني متعايشة مع الإيدز. لم يبق إلا أن يحكي للقطط والكلاب في الشارع". فيروس نقص المناعة البشرية، هو عدوى تهاجم الجهاز المناعي في الجسم، مما يضعف قدرته على الدفاع عن نفسه ضد الأمراض، وينتقل عبر ممارسة الجنس بطريقة غير آمنة، والدم، والولادة. فجأة وجدت الشابة البالغة من العمر 24 عاماً نفسهاً وجنينها معاً في مواجهة الفيروس، والنظرة السلبية تجاه المتعايشين مع الإيدز، فضلاً عن معارك قانونية لإثبات نسب الطفل. يظهر تقرير جديد نشرته منظمة فرونت لاين إيدز، "ارتفاعاً مثيراً للقلق" في حالات الإصابة بالفيروس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبشكل خاص في مصر، في وقت يتباطأ فيه انتشاره في باقي العالم. التقرير يضيف أن نحو 20 في المئة من الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، وهو رقم غير مسبوق بحسب المنظمة. Getty Images صورة تعبيرية "نواجه المرض وغياب الوعي" عندما تأكدت ليلى من نتيجة فحوصاتها أصيبت بالصدمة. تقول لبي بي سي "شعرت أن نهايتي وشيكة، وأنني سأموت خلال أسبوع أو أسبوعين بسبب الخوف مما سمعت، رغم أن حالتي الصحية لم تكن خطيرة في ذلك الوقت. لكن هذا ليس أصعب ما واجهته". كان عليها أن تواجه غياب الوعي بالفيروس في كل مكان، حتى في بعض العيادات الطبية. تقول إن طبية أمراض النساء طلبت منها مغادرة العيادة قبل إتمام الفحص، فور علمها بأنها متعايشة مع الفيروس، وطلبت من المساعدين تعقيم المكان. "التوعية ينبغي أن تكون لكل الناس وليس للمتعايشين مع الفيروس فقط"، هذا ما تعتقده ليلى. بعدما وضعت جنينها، أقامت ليلى في منزل أهلها بعض الوقت. لم تصدق عائلها ادعاءات الزوج بأنها على علاقة برجل آخر، ودعمت مسارها القانوني لإثبات نسب ابنها. بعد فترة عادت ليلى مع طفلها إلى منزلها في حي راق في القاهرة، حيث غادره الزوج بعد ضغط من أهلها. لكن نظرات الجيران كانت تحمل إدانة بفعل تقول إنها لم ترتكبه، كما تحكى لبي بي سي. تقول "عشت أياماً صعبة عندما اتصل بعضهم بالحجر الصحي ليحتجزني في المستشفى، خوفاً من العدوى". ثم تدخلت أسرتها لوضع حد لمضايقات الجيران. Getty Images صورة تعبيرية لعنة الوصم يرجح أطباء ليلى إصابتها بالفيروس أثناء عملية جراحية أجرتها قبل زواجها عام 2019. ولا تظهر أعراض الإصابة الفيروس بالضرورة بشكل فوري، بل يستغرق الأمر مدة قد تصل في بعض الحالات ل 10 سنوات، وفقاً لوزارة الصحة البريطانية. لكن زوجها لم يصدق أنها حملت الفيروس طوال هذه المدة دون أن ينتقل إليه. لا تؤدي ممارسة الجنس مع شخص يحمل الفيروس إلى الإصابة بالإيدز بشكل حتمي، وفقاً لموقع ستانفورد هيلث كير، التابع لجامعة ستانفورد الأمريكية، فمن الصعب حساب نسبة احتمال انتقال العدوى عند التعرض لأحد أسبابه. "قد يصاب الشخص بالعدوى من خلال ممارسة الجنس غير الآمن مرة واحدة أو قد يمارس الشخص الجنس غير الآمن عدة مرات دون أن يصاب بالعدوى". بدأت ليلى بتوعية الجيران، لكن الوصم ظل يلاحقها. تقول "ظلوا يفترضون أنني أقيم علاقات جنسية مع أي شخص، وعرض أحدهم أن يُقبّلني طالما أن الفيروس لا ينتقل عبر اللعاب. وقال آخر، لماذا لا نمارس الجنس طالما أن هناك طرق آمنة". Getty Images صورة تعبيرية أعداد متزايدة بعد تشخيص ليلى بالفيروس، وقفت في طابور أحد المستشفيات في القاهرة لاستلام العلاج مع 8 نساء اكتشفن إصابتهن في اليوم نفسه. تقول إنها تتعرف كل يوم على مصابين جدد. وفقاً لتقرير منظمة "فرونت لاين إيدز" ارتفعت الحالات الجديدة في المنطقة بنسبة 116 في المئة منذ عام 2010. بينما ارتفعت 609 في المئة في مصر خلال الفترة نفسها، في المقابل شهدت الإصابات الجديدة بالفيروس انخفاضاً في العالم بنسبة 39 في المئة خلال الفترة نفسها. وتحذر المنظمة من أن المنطقة قد تواجه وباءً إقليمياً ربما يخرج عن نطاق السيطرة، إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة. ويتفاقم هذا الخطر بعد إغلاق مكتب برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2023 بسبب نقص التمويل، وهو البرنامج المعني بتنسيق الاستجابة بين الوكالات الأممية والحكومات، وفقاً للتقرير. تعتقد جولدا عيد مسؤولة البرامج في منظمة فرونت لاين إيدز التي أصدرت التقرير، أنه "لا بد من الاستثمار بشكل مستدام لمواجهة الفيروس. كما أن هناك حاجة ماسة لتنسيق سياسي أقوى لمواجهة الفيروس". لكن هذا يعتبر تحدياً في ظل العقبات الاقتصادية وأزمات النزوح التي تواجهها عدة دول في المنطقة. لذا تطالب عيد بدمج مواجهة فيروس نقص المناعة البشرية في برامج الاستجابة الإنسانية والرعاية الصحية الشاملة. وتشكو عيد من نقص بيانات المحدثة والدقيقة، وهو ما يصعب الاستجابة بشكل صحيح. كما أن تجريم بعض الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس يلعب دوراً إضافياً في ضعف الاستجابة، كما تؤكد عيد: "الآن بعض الجمعيات تواجه خطراً قانونياً عندما تقدم دعمها لمثليي الجنس ومتعاطي المخدرات والأشخاص العابرين جندرياً، المعرضين أكثر من غيرهم للإصابة بالإيدز". Getty Images صورة تعبيرية دعم خاص للنساء تشعر ليلى بالارتياح لأن حالتها باتت مستقرة، وبأن لديها الوعي بكيفية التعامل مع الفيروس، بفضل الأطباء الذين يتابعون حالتها، بالإضافة لمجموعة مغلقة انضمت إليها على فيس بوك. تدير روزا- 45 عاماً- هذه المجموعة، وهي إحدى شريكات منظمة فرونت لاين إيدز في مصر، وتحمل الفيروس أيضاً منذ أكثر من عشرين عاماً. خاضت روزا، رحلة العلاج مع زوجها السابق بعدما فقدت جنينها بسبب مضاعفات الإصابة. بعد التعافي من أعراض الفيروس، بدأت روزا رحلة في دعم المتعايشين مع الإيدز. دعم النساء أولوية بالنسبة لها. تقول: "عندما كنت ألقي أحد التدريبات في اليمن قبل نحو 15 عاماً، وقالت لي إحدى المشاركات: أريد أن أقتل زوجي الذي نقل إلى الفيروس. منذ ذلك اليوم قررت أن أركز مجهودي على دعم المتعايشات مع الإيدز". الدعم النفسي مرتبط بالتمويل "قبل أن أتعرف على متعايشين آخرين مع الإيدز، شعرت أنني الوحيدة في العالم التي تحمل الفيروس"، تحكي روزا لبي بي سي. لكنها كانت محظوظة، لأنها كانت من بين أول 20 شخصاً اكتشفوا إصابتهم وانضموا لبرنامج الحملة القومية لمكافحة الإيدز في مصر، وهي حملة حكومية، كانت في أوج نشاطها في ذلك الوقت كما تحكى لبي بي سي. تقول إن البرنامج كان يقدم العلاج الطبي، والدعم النفسي لتخطي هذه الفترة. الآن يبلغ عدد حاملي الفيروس نحو 30 ألفاً في مصر، وفقاً لوزارة الصحة المصرية، وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز. تركز الخدمة الطبية الحكومية في مصر حالياً على تقديم الدواء بشكل مجاني، كما هو الحال في لبنان ودول أخرى في المنطقة، لكن الدعم النفسي والاجتماعي يتراجع بسبب صعوبات التمويل في هذه البلدان. يظل الدعم الذي تقدمه روزا عبر مجموعتها محدوداً، مقارنة بما تلقته بعد إصابتها قبل 21 عاماً. فهي تقدم التوعية، وتنظم أنشطة ترفيهية، ورشاً يدوية لتساعد أعضاء المجموعة على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي. Getty Images صورة تعبيرية يشير تقرير منظمة" فرونت لاين إيدز" إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "تعاني من نقص في تمويل مشاريع مكافحة نقص فيروس نقص المناعة البشرية تصل نسبته إلى 85 في المئة، وأنها تتلقى أقل من 1 في المئة من إجمالي استثمار التمويل العالمي للفيروس". الحصول على تمويل مخصص لمواجهة الفيروس صار أصعب خلال السنوات الأخيرة، حيث يركز المانحون على تقديم الدعم الإنساني لفئات أخرى مثل النازحين، كما تقول الدكتورة نادية بدران مديرة جمعية العناية الصحية للتنمية الشاملة، التي تعمل في لبنان منذ نحو 35 عاماً. تضيف: لا نستطيع التوسع في برامج التوعية أو الدعم النفسي والمجتمعي للمتعايشين مع الفيروس بسبب نقص التمويل، وصرنا نقدم هذه الخدمة ضمن مجموعة خدمات أخرى لضمان استمرارها. الأدوية التي توفرها الحكومة للمصابين بالفيروس أيضاً تنفق عليها المنح الدولية، كما تقول بدران، وتتخوف من نتائج كارثية إذا تقلص هذا الدعم في المستقبل. ماذا يخفي المستقبل لحاملي الفيروس؟ الإجابة تتوقف على مدى الدعم النفسي والمجتمعي الذي يحظى به حامل الفيروس، ومدى تقبله لحالته، كما تقول الدكتور نادية بدران. وتشرح قائلة: "المصاب بالإيدز مرفوض اجتماعياً، على عكس الشخص المصاب بالسرطان مثلاً يحظى بدعم العائلة. يجب أن يحصل المتعايش مع الفيروس على الدعم، وأن يتقبل وضعه ليكون قادراً على الالتزام بالعلاج، وإلا تتدهور حالته". وتضيف: هناك شاب لجأ إلينا قبل سنوات، اكتشف إصابته بالإيدز عندما كان عمره 17 عاماً. كان مكتوم القيد (لا يملك أوراق هوية رسمية) وكان لديه عدد من الأزمات النفسية. لم يكن قادراً على تقبل وضعه، فلم يلتزم بالعلاج، وظل يعاني حتى توفي بعد إصابته بالسرطان. في حالة روزا وليلى، كان دعم المقربين منهما عاملاً أساسياً لتعافيهما من الأعراض، بجانب العلاج الدوائي. الآن، مر شهران منذ ولدت ليلى طفلها، وقد أثبتت الفحوصات تراجع نسبة الفيروس في دمها. أما الطفل، الذي فكرت في إجهاضه، خوفاً انتقال الفيروس إليه أثناء الولادة، فبشرها الأطباء قبل أيام بخلوه من الفيروس، بعد أن خضعا معاً لبرنامج علاجي مخصص. تقول "عندما عرفنا أننا سنواصل حياتنا بشكل طبيعي، شعرنا أن متنا، وبعثنا من جديد. الآن ننتظر حكم القضاء لإثبات نسب ابني، لنطوي هذه الصفحة من حياتنا".

أخبار العالم : "الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟
أخبار العالم : "الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟

نافذة على العالم

timeمنذ 4 أيام

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : "الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟

الجمعة 16 مايو 2025 10:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images Article information Author, شذى فيصل Role, بي بي سي عربي قبل 5 ساعة وراء الضحكات التي كانت تملأ وجه "شهد" إشراقاً، كان يكمن ألم عميق وصراع مع الاكتئاب، انتهى بقرار مفاجئ أنهت به حياتها. "شهد كانت طبيعية جداً، اجتماعية، نشيطة، وحين أناديها دائماً كانت تلتفت إليّ مبتسمة. لم يظهر عليها أي شيء يدعو للقلق، بل على العكس، كانت تضحك الليلة السابقة للحادثة على أمور بسيطة، وكان ضحكها مبالغاً فيه، وهذا كان المؤشر الوحيد، لكنني لم أفهمه وقتها". في الثامن عشر من سبتمبر/أيلول عام 2024، أنهت الطالبة شهد، البالغة من العمر 17 عاماً، حياتها داخل دورة المياه في مدرستها في سلطنة عُمان. وتروي والدتها، السيدة عذراء، لبي بي سي تفاصيل الحادثة المؤلمة. "ابتسامة المراهق قد تُخفي سراً" صرحت والدة شهد لبي بي سي أن ابنتها "توفيت اختناقاً"، لكنها لم تكشف عن الوسيلة أو الطريقة. في الأشهر الأخيرة، لاحظت الأم أن سلوك شهد أصبح أكثر لطفاً داخل المنزل، وكانت تتحدث بإيجابية عن علاقاتها في المدرسة، وقد أكدت لها شهد أن بعض الفتيات اللاتي كن يتنمرن عليها قد تحسن تعاملهن معها وأصبحن أكثر وداً. وأضافت: "من الساعة العاشرة حتى الواحدة والنصف، غابت شهد عن الغرفة الصفّية بينما كانت حقيبتها موجودة داخلها. ورغم ذلك، لم يقم أحد من المعلمات أو الطالبات بالبحث عنها، وعندما تم العثور عليها، كانت في دورة المياه". بعد الحادثة، تم تشخيص حالة شهد بما يعرف بالـ "الاكتئاب المبتسم" بعد الاضطلاع على دفتر مذكراتها، التي بدأت في اللجوء إليه للتعبير عما بداخلها منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وهو ذات التوقيت الذي بدأت فيه تواجه التنمر من بعض زميلاتها. كان الدفتر يحتوي على مذكرتين مؤرختين في نفس يوم وفاتها. في الأولى كتبت: "حاولت أمس أن أقتل نفسي لكن فشلت، ربما لأنني أحب الحياة". وفي الثانية قالت: "أشعر أنني فقدت السيطرة على نفسي، أشعر أنني سأُجَنّ أو ربما أصبت بالجنون، ولا أعلم ما هي النهاية". تقول والدة شهد: "عرفت عن هذا الدفتر لأول مرة في المستشفى، لم أكن أعلم شيئاً عما تمر به. كنت أخاف على ابنتي أكثر من أي شيء، لكنني لم أبحث في دفاترها أو كتاباتها". وتضيف: لو كنت أعرف عن "الاكتئاب المبتسم"، ربما لكان لدي فكرة أنه رغم ابتسامة المراهق وضحكاته، قد يكون وراءها سرٌ خفيّ. هل يشعر المراهقون بالإرهاق؟ صدر الصورة، Getty Images تُعرّف أخصائية الإرشاد الإكلينيكي في مجال الصحة النفسية، بسمة آل سعيد، الصحة النفسية بأنها حالة من التوازن العاطفي والنفسي والعقلي، يتمتع فيها الفرد بالقدرة على مواجهة ضغوط الحياة والتأقلم معها، إلى جانب قدرته على بناء علاقات صحية مع الآخرين. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 1 من كل 7 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً على مستوى العالم من اضطراب نفسي، ما يمثل 15 في المئة من العبء العالمي للأمراض في هذه الفئة العمرية. ورغم ذلك، "تظل هذه الحالات في الغالب غير معترف بها وغير معالجة". تشير المنظمة إلى أن الاضطرابات النفسية قد تؤثر تأثيراً عميقاً على الذهاب إلى المدرسة وأداء الواجبات المدرسية. ويمكن للانسحاب الاجتماعي أن يؤدي إلى زيادة العزلة والوحدة. ويمكن أن يفضي الاكتئاب إلى الانتحار. إذ تشير أرقام المنظمة إلى أن الانتحار يعد ثالث سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً. وتلفت آل سعيد إلى أنه في بعض الأحيان، تكون محاولات الانتحار وسيلة لطلب الانتباه أو توجيه رسالة، لكنها قد تنتهي بشكل مأساوي. اضطرابات نفسية تهدد المراهقين: كيف نحميهم؟ تتعدد الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المراهقون، كما تشير آل سعيد، ومنها: الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الأكل، والاضطرابات الحركية، وتشتت الانتباه، واضطرابات السلوك، بالإضافة إلى إدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تؤثر بشكل كبير في صحتهم النفسية. من بين الاضطرابات التي يعاني منها المراهقون، تبرز اضطرابات القلق كأكثرها شيوعاً. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن 5.5 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً يعانون من اضطرابات القلق. كما تعتبر الاضطرابات السلوكية، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، من المشكلات الشائعة بين المراهقين ويؤثر على 2.9 في المئة منهم، بحسب المنظمة. وتوضح آل سعيد أن من أمثلة الاضطرابات النفسية الشائعة التي يعاني منها المراهقون؛ الاكتئاب، ومنها "الاكتئاب المبتسم". وتكمن خطورة هذا النوع من الاكتئاب في صعوبة ملاحظته من قِبل الآخرين، مما يعقّد عملية تقديم الدعم والمساعدة. تضيف آل سعيد أن المكتئب المبتسم هو الشخص الذي يخفي آلامه خلف ابتسامة، ويظهر أمام الآخرين وكأنه طبيعي. "قد يكون ناجحاً، نشيطاً، واجتماعياً، لكنه في الواقع يعاني في صمت". وتشير آل سعيد إلى أهمية انتباه الأهل للتغيرات السلوكية والنفسية التي تظهر على أبنائهم، إذ إن التدخل المبكر قد يساهم في تقديم الدعم النفسي المناسب ويحول دون تفاقم المشكلة أو تطورها مستقبلاً. الإصغاء أمر ضروري، فالمراهقون في كثير من الأحيان "يتكلمون بصمت". من أبرز هذه العلامات التغيير المفاجئ في السلوك أو المزاج: إذا لاحظ الأهل تصرفات غير معتادة أو تغييرات مفاجئة في مزاج الطفل، قد يكون ذلك مؤشراً على وجود مشكلة. ورغم أن البعض يعتقد أن هذه التغيرات جزء من مرحلة المراهقة، إلا أن هناك فرقاً بين التغيرات الطبيعية والمشكلات النفسية التي تتطلب تدخلاً. الانعزال قد يكون أمراً طبيعياً لفترة قصيرة، لكنه يصبح مقلقاً إذا تحول إلى انعزال كلّي عن العائلة والأصدقاء لفترات طويلة، مما يستدعي انتباه الأهل لمراجعة حالته النفسية. صدر الصورة، Getty Images يُعتبر إيذاء النفس من العلامات الخطيرة التي تحدث غالباً في الخفاء، حيث يسعى المراهق لإخفاء الجروح أو الآثار الناتجة عنها. ومع ذلك، قد تظهر بعض الإشارات الجسدية، مثل ارتداء ملابس طويلة بشكل غير معتاد لإخفاء آثار الإيذاء، أو تغيّرات في لغة الجسد تدل على محاولة إخفاء الألم. تروي هاجر، البالغة من العمر 23 عاماً، لبي بي سي: "تعرضتُ للتحرش وأنا في العاشرة من عمري، مما دفعني إلى الدخول في حالة نفسية سيئة وازداد شعوري بكراهية جسدي". في سن الخامسة عشرة، حاولت هاجر الانتحار، ولم يكن ذلك بسبب التحرش فقط، بل أيضاً بسبب انتقالها من دولة إلى أخرى، مما سبّب لها صدمة نفسية. "أصبحتُ أنعزل عن العالم وأبتعد عن الاختلاط بالآخرين". " كنت أشعر بسعادة عند رؤية الدم، وكأنني تخلصت من مشاعري السلبية لهذا قمت بإيذاء نفسي بجرح يدي". بدأتْ هاجر بارتداء ملابس طويلة حتى في فصل الصيف لإخفاء أي آثار للإيذاء الجسدي. وتصف هاجر ما مرّت به قائلة: "لا أعتبرها تجربة انتحار، بل هي محاولة لتفريغ مشاعري، إلا أنني في بعض اللحظات أردتُ الموت". لجأت هاجر إلى جلسات العلاج النفسي عبر الإنترنت مع الأخصائية نور وليد، بسبب "صعوبة الوصول إلى العلاج النفسي في اليمن". وتصف هاجر تجربتها العلاجية بأنها كان لها تأثير عميق في حياتها، إذ أصبحت أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرها وحققت نضجاً أكبر. وتؤكد قائلة: "أنا اليوم بخير". ومن العلامات المهمة التي يجب الانتباه لها تغيُّرات في نمط الأكل مثل فقدان الشهية الشديد أو الإفراط في الأكل، وتقول آل سعيد: "إذا تمكّن أبناؤنا من عبور جسر المراهقة بسلام، ستكون حياتهم المستقبلية أفضل. أما إذا واجهوا اضطرابات في هذه المرحلة، فقد تستمر التحديات معهم في المستقبل". لذلك، نولي اهتماماً كبيراً لهذه الفترة الحساسة. تقول مها، ذات الـ 39 عاماً، "منذ السابعة عشرة، بدأتُ أعاني من اضطراب الطعام وزيادة الوزن، مما أدى لشعوري بالإحباط. لجأتُ لأدوية تقليل الشهية، ورغم فقداني الوزن، أصبحت أخاف من الميزان وأشعر بتأنيب الضمير إذا تناولت الطعام، وهو ما استمر معي حتى الآن". "لا أريد أن أخسر أبنائي" كشفت دراسة أجريت في جامعة مولود معمري "تيزي وزو" في الجزائر لعام 2023-2024 على 50 طالباً، أن القلق الاجتماعي، الذي يعد من أبرز الاضطرابات النفسية، يتأثر بشكل كبير بالمعاملة السلبية والتسلطية التي يتعرض لها الأبناء من الوالدين، خاصة خلال مرحلة المراهقة. وبذلك، يعاني المراهق من ضغوط داخلية وخارجية ناتجة عن تنشئته الأسرية، مما يبرز الحاجة الملحة للعناية والدعم من قِبل الوالدين ليشعر بالاستقرار النفسي ويساهم في بناء علاقات اجتماعية صحية. وقد توصلت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة بين أساليب المعاملة الوالدية ومستوى القلق الاجتماعي لدى المراهقين. تؤكد الدكتورة نهاية الريماوي، وهي معالجة نفسية واختصاصية تربوية، أن الصحة النفسية للمراهق تتأثر بتداخل عدة عوامل، أبرزها تقدير المراهق لذاته، حيث تؤثر "صورة الذات" في توازنه النفسي. ضعف الثقة بالنفس قد يؤثر سلباً على مشاعره وحياته اليومية. تروي والدة آدم، البالغ من العمر 14 عاماً، أنها لاحظت تراجع تحصيله الدراسي، وبدأت في مقارنته بزملائه. تقول: "ابني كان يشعر بالفشل ويقول 'أنا غبي'. المجتمع يركز فقط على التحصيل الأكاديمي، في حين أن ابني اجتماعي ولديه حس فكاهي، لكن تم تهميش هذه الصفات". وتضيف: "لا أريد أن أخسر أبنائي، ولن أسمح لأي معايير مجتمعية أن تقصر تقييمهم على تحصيلهم الأكاديمي. إنجازاتهم هي التي تحددهم". تشير الأخصائية بسمة آل سعيد إلى أن بعض العبارات التي يقولها المراهقون قد تكون مؤشراً على مشاعر العجز والاكتئاب. كثيراً ما يتجاهل الأهل هذه الكلمات على أنها مجرد تعبيرات عابرة، لكنها قد تكون علامات تحذيرية لمشاعر أعمق. وبدورها تؤكد الريماوي، وهي مستشارة أسرية أيضاً، أنه إذا شعر الأهل بأن الصعوبات التي يواجهها أبناؤهم المراهقون أكبر من قدرتهم على التعامل معها، فإن اللجوء إلى مختص يصبح خطوة ضرورية. لكن قبل ذلك، يجب التأكد من عدم وجود أنماط تربية خاطئة مثل الحماية الزائدة أو المقارنة المستمرة بالأقران، لأنها قد تؤدي إلى تمرد المراهقين. وتشدد على أهمية "تقبل أبنائنا كما هم"، مع مراعاة أن قدراتهم تختلف عن قدرات الآخرين. من المهم أن نركز على تعزيز الجوانب الإيجابية في شخصياتهم، ليشعروا بأنهم مميَّزون بصفاتهم الفريدة، بدلاً من فرض الصفات التي يرغب الأهل في أن يمتلكوها. صدر الصورة، Getty Images يرى المختصون أن العديد من الأسر تفتقر إلى الحوار المفتوح مع الأبناء، مما يمنعهم من فهم أفكارهم ومشاعرهم. تؤكد آل سعيد أنه من الضروري أن يتجنب الأهل ردود الفعل الحادة، حتى يشعر الأبناء بالراحة والقدرة على التعبير بحرية. كما يُفضَّل أن يكون الحوار مشابهاً لتواصل الأصدقاء، بلا أي حواجز. فالتواصل الفعّال يعد من الأسس المهمة في بناء علاقة أسرية صحية. وتشدد الريماوي على أن مرحلة المراهقة لا يُفترض أن تكون مليئة بالصراعات أو الاضطرابات النفسية، بل يمكن أن تمر بسلاسة إذا توفر للمراهق بيئة داعمة وقدرة على التعامل مع التحديات.

"الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟
"الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟

الوسط

timeمنذ 4 أيام

  • الوسط

"الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟

Getty Images وراء الضحكات التي كانت تملأ وجه "شهد" إشراقاً، كان يكمن ألم عميق وصراع مع الاكتئاب، انتهى بقرار مفاجئ أنهت به حياتها. "شهد كانت طبيعية جداً، اجتماعية، نشيطة، وحين أناديها دائماً كانت تلتفت إليّ مبتسمة. لم يظهر عليها أي شيء يدعو للقلق، بل على العكس، كانت تضحك الليلة السابقة للحادثة على أمور بسيطة، وكان ضحكها مبالغاً فيه، وهذا كان المؤشر الوحيد، لكنني لم أفهمه وقتها". في الثامن عشر من سبتمبر/أيلول عام 2024، أنهت الطالبة شهد، البالغة من العمر 17 عاماً، حياتها داخل دورة المياه في مدرستها في سلطنة عُمان. وتروي والدتها، السيدة عذراء، لبي بي سي تفاصيل الحادثة المؤلمة. "ابتسامة المراهق قد تُخفي سراً" صرحت والدة شهد لبي بي سي أن ابنتها "توفيت اختناقاً"، لكنها لم تكشف عن الوسيلة أو الطريقة. في الأشهر الأخيرة، لاحظت الأم أن سلوك شهد أصبح أكثر لطفاً داخل المنزل، وكانت تتحدث بإيجابية عن علاقاتها في المدرسة، وقد أكدت لها شهد أن بعض الفتيات اللاتي كن يتنمرن عليها قد تحسن تعاملهن معها وأصبحن أكثر وداً. وأضافت: "من الساعة العاشرة حتى الواحدة والنصف، غابت شهد عن الغرفة الصفّية بينما كانت حقيبتها موجودة داخلها. ورغم ذلك، لم يقم أحد من المعلمات أو الطالبات بالبحث عنها، وعندما تم العثور عليها، كانت في دورة المياه". بعد الحادثة، تم تشخيص حالة شهد بما يعرف بالـ "الاكتئاب المبتسم" بعد الاضطلاع على دفتر مذكراتها، التي بدأت في اللجوء إليه للتعبير عما بداخلها منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وهو ذات التوقيت الذي بدأت فيه تواجه التنمر من بعض زميلاتها. كان الدفتر يحتوي على مذكرتين مؤرختين في نفس يوم وفاتها. في الأولى كتبت: "حاولت أمس أن أقتل نفسي لكن فشلت، ربما لأنني أحب الحياة". وفي الثانية قالت: "أشعر أنني فقدت السيطرة على نفسي، أشعر أنني سأُجَنّ أو ربما أصبت بالجنون، ولا أعلم ما هي النهاية". تقول والدة شهد: "عرفت عن هذا الدفتر لأول مرة في المستشفى، لم أكن أعلم شيئاً عما تمر به. كنت أخاف على ابنتي أكثر من أي شيء، لكنني لم أبحث في دفاترها أو كتاباتها". وتضيف: لو كنت أعرف عن "الاكتئاب المبتسم"، ربما لكان لدي فكرة أنه رغم ابتسامة المراهق وضحكاته، قد يكون وراءها سرٌ خفيّ. هل يشعر المراهقون بالإرهاق؟ Getty Images تُعرّف أخصائية الإرشاد الإكلينيكي في مجال الصحة النفسية، بسمة آل سعيد، الصحة النفسية بأنها حالة من التوازن العاطفي والنفسي والعقلي، يتمتع فيها الفرد بالقدرة على مواجهة ضغوط الحياة والتأقلم معها، إلى جانب قدرته على بناء علاقات صحية مع الآخرين. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 1 من كل 7 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً على مستوى العالم من اضطراب نفسي، ما يمثل 15 في المئة من العبء العالمي للأمراض في هذه الفئة العمرية. ورغم ذلك، "تظل هذه الحالات في الغالب غير معترف بها وغير معالجة". تشير المنظمة إلى أن الاضطرابات النفسية قد تؤثر تأثيراً عميقاً على الذهاب إلى المدرسة وأداء الواجبات المدرسية. ويمكن للانسحاب الاجتماعي أن يؤدي إلى زيادة العزلة والوحدة. ويمكن أن يفضي الاكتئاب إلى الانتحار. إذ تشير أرقام المنظمة إلى أن الانتحار يعد ثالث سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً. وتلفت آل سعيد إلى أنه في بعض الأحيان، تكون محاولات الانتحار وسيلة لطلب الانتباه أو توجيه رسالة، لكنها قد تنتهي بشكل مأساوي. اضطرابات نفسية تهدد المراهقين: كيف نحميهم؟ تتعدد الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المراهقون، كما تشير آل سعيد، ومنها: الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الأكل، والاضطرابات الحركية، وتشتت الانتباه، واضطرابات السلوك، بالإضافة إلى إدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تؤثر بشكل كبير في صحتهم النفسية. من بين الاضطرابات التي يعاني منها المراهقون، تبرز اضطرابات القلق كأكثرها شيوعاً. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن 5.5 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً يعانون من اضطرابات القلق. كما تعتبر الاضطرابات السلوكية ، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، من المشكلات الشائعة بين المراهقين ويؤثر على 2.9 في المئة منهم، بحسب المنظمة. وتوضح آل سعيد أن من أمثلة الاضطرابات النفسية الشائعة التي يعاني منها المراهقون؛ الاكتئاب، ومنها "الاكتئاب المبتسم". وتكمن خطورة هذا النوع من الاكتئاب في صعوبة ملاحظته من قِبل الآخرين، مما يعقّد عملية تقديم الدعم والمساعدة. تضيف آل سعيد أن المكتئب المبتسم هو الشخص الذي يخفي آلامه خلف ابتسامة، ويظهر أمام الآخرين وكأنه طبيعي. "قد يكون ناجحاً، نشيطاً، واجتماعياً، لكنه في الواقع يعاني في صمت". وتشير آل سعيد إلى أهمية انتباه الأهل للتغيرات السلوكية والنفسية التي تظهر على أبنائهم، إذ إن التدخل المبكر قد يساهم في تقديم الدعم النفسي المناسب ويحول دون تفاقم المشكلة أو تطورها مستقبلاً. الإصغاء أمر ضروري، فالمراهقون في كثير من الأحيان "يتكلمون بصمت". من أبرز هذه العلامات التغيير المفاجئ في السلوك أو المزاج: إذا لاحظ الأهل تصرفات غير معتادة أو تغييرات مفاجئة في مزاج الطفل، قد يكون ذلك مؤشراً على وجود مشكلة. ورغم أن البعض يعتقد أن هذه التغيرات جزء من مرحلة المراهقة، إلا أن هناك فرقاً بين التغيرات الطبيعية والمشكلات النفسية التي تتطلب تدخلاً. الانعزال قد يكون أمراً طبيعياً لفترة قصيرة، لكنه يصبح مقلقاً إذا تحول إلى انعزال كلّي عن العائلة والأصدقاء لفترات طويلة، مما يستدعي انتباه الأهل لمراجعة حالته النفسية. Getty Images يُعتبر إيذاء النفس من العلامات الخطيرة التي تحدث غالباً في الخفاء، حيث يسعى المراهق لإخفاء الجروح أو الآثار الناتجة عنها. ومع ذلك، قد تظهر بعض الإشارات الجسدية، مثل ارتداء ملابس طويلة بشكل غير معتاد لإخفاء آثار الإيذاء، أو تغيّرات في لغة الجسد تدل على محاولة إخفاء الألم. تروي هاجر، البالغة من العمر 23 عاماً، لبي بي سي: "تعرضتُ للتحرش وأنا في العاشرة من عمري، مما دفعني إلى الدخول في حالة نفسية سيئة وازداد شعوري بكراهية جسدي". في سن الخامسة عشرة، حاولت هاجر الانتحار، ولم يكن ذلك بسبب التحرش فقط، بل أيضاً بسبب انتقالها من دولة إلى أخرى، مما سبّب لها صدمة نفسية. "أصبحتُ أنعزل عن العالم وأبتعد عن الاختلاط بالآخرين". " كنت أشعر بسعادة عند رؤية الدم، وكأنني تخلصت من مشاعري السلبية لهذا قمت بإيذاء نفسي بجرح يدي". بدأتْ هاجر بارتداء ملابس طويلة حتى في فصل الصيف لإخفاء أي آثار للإيذاء الجسدي. وتصف هاجر ما مرّت به قائلة: "لا أعتبرها تجربة انتحار، بل هي محاولة لتفريغ مشاعري، إلا أنني في بعض اللحظات أردتُ الموت". لجأت هاجر إلى جلسات العلاج النفسي عبر الإنترنت مع الأخصائية نور وليد، بسبب "صعوبة الوصول إلى العلاج النفسي في اليمن". وتصف هاجر تجربتها العلاجية بأنها كان لها تأثير عميق في حياتها، إذ أصبحت أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرها وحققت نضجاً أكبر. وتؤكد قائلة: "أنا اليوم بخير". ومن العلامات المهمة التي يجب الانتباه لها تغيُّرات في نمط الأكل مثل فقدان الشهية الشديد أو الإفراط في الأكل، وتقول آل سعيد: "إذا تمكّن أبناؤنا من عبور جسر المراهقة بسلام، ستكون حياتهم المستقبلية أفضل. أما إذا واجهوا اضطرابات في هذه المرحلة، فقد تستمر التحديات معهم في المستقبل". لذلك، نولي اهتماماً كبيراً لهذه الفترة الحساسة. تقول مها، ذات الـ 39 عاماً، "منذ السابعة عشرة، بدأتُ أعاني من اضطراب الطعام وزيادة الوزن، مما أدى لشعوري بالإحباط. لجأتُ لأدوية تقليل الشهية، ورغم فقداني الوزن، أصبحت أخاف من الميزان وأشعر بتأنيب الضمير إذا تناولت الطعام، وهو ما استمر معي حتى الآن". "لا أريد أن أخسر أبنائي" كشفت دراسة أجريت في جامعة مولود معمري "تيزي وزو" في الجزائر لعام 2023-2024 على 50 طالباً، أن القلق الاجتماعي، الذي يعد من أبرز الاضطرابات النفسية، يتأثر بشكل كبير بالمعاملة السلبية والتسلطية التي يتعرض لها الأبناء من الوالدين، خاصة خلال مرحلة المراهقة. وبذلك، يعاني المراهق من ضغوط داخلية وخارجية ناتجة عن تنشئته الأسرية، مما يبرز الحاجة الملحة للعناية والدعم من قِبل الوالدين ليشعر بالاستقرار النفسي ويساهم في بناء علاقات اجتماعية صحية. وقد توصلت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة بين أساليب المعاملة الوالدية ومستوى القلق الاجتماعي لدى المراهقين. تؤكد الدكتورة نهاية الريماوي، وهي معالجة نفسية واختصاصية تربوية، أن الصحة النفسية للمراهق تتأثر بتداخل عدة عوامل، أبرزها تقدير المراهق لذاته، حيث تؤثر "صورة الذات" في توازنه النفسي. ضعف الثقة بالنفس قد يؤثر سلباً على مشاعره وحياته اليومية. تروي والدة آدم، البالغ من العمر 14 عاماً، أنها لاحظت تراجع تحصيله الدراسي، وبدأت في مقارنته بزملائه. تقول: "ابني كان يشعر بالفشل ويقول 'أنا غبي'. المجتمع يركز فقط على التحصيل الأكاديمي، في حين أن ابني اجتماعي ولديه حس فكاهي، لكن تم تهميش هذه الصفات". وتضيف: "لا أريد أن أخسر أبنائي، ولن أسمح لأي معايير مجتمعية أن تقصر تقييمهم على تحصيلهم الأكاديمي. إنجازاتهم هي التي تحددهم". تشير الأخصائية بسمة آل سعيد إلى أن بعض العبارات التي يقولها المراهقون قد تكون مؤشراً على مشاعر العجز والاكتئاب. كثيراً ما يتجاهل الأهل هذه الكلمات على أنها مجرد تعبيرات عابرة، لكنها قد تكون علامات تحذيرية لمشاعر أعمق. وبدورها تؤكد الريماوي، وهي مستشارة أسرية أيضاً، أنه إذا شعر الأهل بأن الصعوبات التي يواجهها أبناؤهم المراهقون أكبر من قدرتهم على التعامل معها، فإن اللجوء إلى مختص يصبح خطوة ضرورية. لكن قبل ذلك، يجب التأكد من عدم وجود أنماط تربية خاطئة مثل الحماية الزائدة أو المقارنة المستمرة بالأقران، لأنها قد تؤدي إلى تمرد المراهقين. وتشدد على أهمية "تقبل أبنائنا كما هم"، مع مراعاة أن قدراتهم تختلف عن قدرات الآخرين. من المهم أن نركز على تعزيز الجوانب الإيجابية في شخصياتهم، ليشعروا بأنهم مميَّزون بصفاتهم الفريدة، بدلاً من فرض الصفات التي يرغب الأهل في أن يمتلكوها. Getty Images يرى المختصون أن العديد من الأسر تفتقر إلى الحوار المفتوح مع الأبناء، مما يمنعهم من فهم أفكارهم ومشاعرهم. تؤكد آل سعيد أنه من الضروري أن يتجنب الأهل ردود الفعل الحادة، حتى يشعر الأبناء بالراحة والقدرة على التعبير بحرية. كما يُفضَّل أن يكون الحوار مشابهاً لتواصل الأصدقاء، بلا أي حواجز. فالتواصل الفعّال يعد من الأسس المهمة في بناء علاقة أسرية صحية. وتشدد الريماوي على أن مرحلة المراهقة لا يُفترض أن تكون مليئة بالصراعات أو الاضطرابات النفسية، بل يمكن أن تمر بسلاسة إذا توفر للمراهق بيئة داعمة وقدرة على التعامل مع التحديات. وتوضح أن دور الأهل يبدأ منذ الطفولة، فالنشأة في بيئة مستقرة وسليمة تهيئ الطفل لدخول المراهقة بثقة وأمان. "التفهم، والحوار، والدعم النفسي، إلى جانب الحب والتقدير، تشكّل أسساً قوية لمساندة المراهق، وتعزيز نقاط قوته، ومعالجة جوانب الضعف لديه".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store