أحدث الأخبار مع #ماجددودين


سواليف احمد الزعبي
منذ 3 أيام
- منوعات
- سواليف احمد الزعبي
من كل بستان زهرة – 102- سواليف
من كل #بستان #زهرة – 102- #ماجد_دودين مَثِّلْ وُقُوفَكَ يَوْمَ الْحَشْرِ عِريَانا … مُسْتَعْطِفًا قَلِقَ الأحْشَاءِ حَيْرانَا النَّارُ تَزْفُر مِنْ غَيْظٍ وَمِن حَنَقٍ … عَلَى العُصَاةِ وَتَلْقَ الرَّبَ غَضْبَانَا اقْرَأ كِتَابَكَ يَا عَبْدِي عَلَى مَهَلٍ … وَانْظُرْ إِليه تَرَى هَل كَانَ مَا كَانا لَمَّا قَرَأت كِتابًا لَا يُغَادِر لِي … حَرفًا وَمَا كَانَ فِي سِرٍّ وَإعْلانَا قال الجليل خُذُوْهُ يَا مَلَائِكَتِي … مُرُوا بِعَبْدِي إِلَى النِّيْرَانِ عَطْشَانًا يَا رَبِّ لَا تَخْزِنَا يَوْمَ الْحِسَابِ وَلا … تَجْعَلْ لَنَارِكَ فِيْنَا اليَوْمَ سُلْطَانَا اللهم ارزقنا أنفسًا تقنع بعطائك، وترضى بقضائك، وتصبر على بلائك، وتوقن بلقائك وتشكر لنعمائك وتحب أوليائك وتبغض أعداءك واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. السعداء هم الذين تركوا الدنيا فأصابوا، وسمعوا منادي الله فأجابوا، وحضروا مشاهد التقى فما غابوا، واعتذروا مع التحقيق ثم تابوا وأنابوا، وقصدوا باب مولاهم فما ردوا ولا خابوا. قال ابن القيم في وصف عرائس الجنّة: فَاسْمَعْ صِفَاتِ عَرَائِس الْجَنَّاتِ ثُمَّ … اخْتَر لنَفْسُكَ يَا أَخَا العِرْفَانِ حُوْرٌ حِسَانٌ قَدْ كَمَلْنَ خَلائِقًا … وَمَحَاسِنًا مِنْ أَجْمَلِ النِّسْوَانِ حَتَّى يَحَارُ الطَّرْفِ فِي الْحُسْنِ الَّذِي … قَدْ ألْبِسَتْ فَالطَّرْفُ كَالْحَيْرَانِ وَيَقولُ لَمَّا أَنْ يُشَاهِدَ حُسْنَهَا … سُبْحَان مُعْطِي الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ وَالطَّرْفُ يَشْرَبُ مِن كِئوسِ جَمَالِهَا … فَتَراهُ مِثْلَ الشَّارِب النَّشْوَانِ كملت خلائقها وأكمل حسنها … كالبدر ليل الست بعد ثمان والشمس تجري في محاسن وجهها … والليل تحت ذوائب الأغصان فتراه يعجب وهو موضع ذاك من … ليل وشمس كيف يجتمعان فيقول سبحان الذي ذا صنعه … سبحان متقن صنعة الإنسان وكلاهما مرآة صاحبه إذا … ما شاء يبصر وجهه يريان فيرى محاسن وجهه في وجهها … وترى محاسنها به بعينان حمر الخدود ثغورهن لآليء … سود العيون فواتر الأجفان والبدر يبدو حين يبسم ثغرها … فيضيء سقف القصر بالجدران من كان داؤه المعصية، فشفاؤه الطاعة، ومن كان داؤه الغفلة، فشفاؤه اليقظة، ومن كان داؤه كثرة الأشغال، فشفاؤه في تفريغ المال. فمن تفرغ من هموم الدنيا قلبه، قل تعبه، وتوفر من العبادة نصيبه، واتصل إلى الله مسيره، وارتفع في الجنة مصيره، وتمكن من الذكر والفكر والورع والزهد والاحتراس من وساوس الشيطان، وغوائل النفس. ومن كثر في الدنيا همه، أظلم طريقه، ونصب بدنه، وضاع وقته، وتشتت شمله، وطاش عقله، وانعقد لسانه عن الذكر، لكثرة همومه وغمومه، وصار مقيد الجوارح عن الطاعة، من قلبه في كل واد شعبة، ومن عمره لكل شغل حصة. تَبْغِيْ الوُصُولَ بسَيْرَ فيه تَقْصِيْرُ … لاَ شَكَّ أنَّكَ فِيْما رُمْت مغْرُوْرُ قَدْ سَار قَبْلَكَ أَبْطَالٌ فَمَا وَصِلُواْ … هَذا وفي سَيْرهَمْ جِدٌ وَتَشْمِيْرُ يا مُدَّعِي الحُبَّ في شَرْعِ الغَرامِ وَقَدْ … أَقَامَ بَيَّنَةً لَكِنّهَا زُوْرُ أَفْنَيْتَ عُمْرَكَ في لَهْوٍ وفي لَعِبٍ … هَذَا وَأَنْتَ بَعْيدُ الدَّارِ مَهْجُوْرُ لَوْ كَانَ قَلْبُكَ حَيًا ذُبْتَ مِنْ كَمَدٍ … مَا لِلْجرَاح بَجِسْمِ المَيْتِ تَأْثِيْرُ لا تغتم إلا من شيء يضرك في الآخرة، ولا تفرح بشيء لا يسرك غدًا، وأنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال الحزن منك على ما فاتك من الطاعة، وألزمك الفكر في بقية عمرك. عليك بصحبة من تذكرك الله عز وجل رؤيته، وتقع هيبته على باطنك ويزيد في عملك منطقه. ويزهدك في الدنيا عمله، ولا تعصي الله ما دمت في قربه، يعظك بلسان فعله ولا يعظك بلسان قوله. خُذْ مَا صَفَا لَكَ فَالْحَيَاةُ غُروْرُ … وَالْمَوتُ آَتٍ وَاللَّبِيْبُ خَبِيْرُ لَا تَعْتِبَنَّ عَلَى الزَّمَانِ فَإِنَّهُ … فَلَكٌ عَلَى قُطْبِ الْهِلاكِ يَدورُ تَعْفُو السُّطوْرُ إِذَا تَقَادَمَ عَهْدُهَا … وَالْخَلْقُ فِي رِقِّ الْحَيَاةِ سُطُوْرُ كُلّ يَفرُ مِن الرَّدَى لِيَفُوتَهُ … وَلَه إِلَى مَا فَر مِنْهُ مَصِيْرُ فَانْظُرْ لنَفْسُكَ فَالسَّلَامَة نُهْزَةٌ … وَزَمَانُهَا ضَافِي الْجَنَاحِ يَطِيْرُ مِرْآةُ عَيْشِكَ بِالشَّبَابِ صَقِيْلَةٌ … وَجَناحُ عُمْرَك بِالْمَشِيْبِ كَسِيْرُ بَادِرْ فَإِنَّ الوَقْتَ سَيْفٌ قَاطِعٌ … وَالعُمْرُ جَيْشٌ وَالشَّبَابُ أَسِيْرُ بذكر الله تحيا القلوب من موت غفلتها فالله الله بالمداومة على ذكر الله سرًا وجهارًا ليلاً ونهارًا قيامًا وقعودًا ماشين ومضطجعين. ذاكر الله لا يستطيع الشيطان في ظله مقيلا، ذاكر الله لا يجد الشيطان إلى إغوائه سبيلا، ذاكر الله لا يزال شيطانه مدحورًا ذليلا، ذاكر الله قد تكفل الله بحفظه وكيف يضيع من كان الله به كفيلا، بذكر الله تطمئن القلوب وتحيا، قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨]. وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢( وَالذِّكرُ فِيْهِ حَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ كَمَا … تَحْيَا البِلَادُ إِذَا مَا جَاءَهَا الْمَطَرُ قال أحد الزهّاد: مَا لِي وَلِهَذَا الْخَلْق كنت فِي صلب أبي وحدي … … ثم صرت في بطن أمي وحدي … …ثم دخلت الدنيا وحدي … …ثم تقبض روحي وحدي … … ثم أدخل في قبري وحدي … …ثم يأتيني منكر ونكير فيسألاني وحدي … …فإن صرت إلى خير صرت وحدي … … ثم يوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي … …وإن بعثت إلى الجنة بعثت وحدي … … فما لي وللناس؟!! … .. قال الحسن البصري ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود. وَمَا الْمَرْءُ إِلَاّ رَاكِبٌ ظَهْرَ عُمْرِه … عَلَى سَفَرٍ يُفِنْيِه بِاليَوْمِ وَالشَّهْرِ يَبِيْتُ وَيُضْحِى كَل يَومٍ وَلَيْلَةٍ … بَعِيْدًا عَنْ الدُّنْيَا قَرَيْبًا إِلَى القَبْرِ فالذي ينبغي للإنسان أن يحافظ على وقته أعظم من محافظته على ماله، وأن يحرص على الاستفادة منه في كل لحظة فيما ينفعه في دينه وفي دنياه، مما هو وسيلة إلى الدار الآخرة. قال حكيم من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه وظلم نفسه. قال بعض العلماء أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء. انشغالهم بالنعمة عن شكرها. ورغبتهم في العلم وتركهم العمل. وإقبال الآخرة وهم معرضون عنها. والاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم. وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها. والمسارعة إلى المعاصي والذنوب وتأخير التوبة. وَكَمْ ذِيْ مَعَاصٍ نَالَ مِنْهُنَّ لَذَّةً … وَمَاتَ وَخضلَاّهَا وَذَاقَ الدَّوَاهِيَا تَصَرَّمُ لذات المعاصي وتنقضي … وتبقى تباعات المعاصي كما هيا فَيَا سَوْءَتَا وَاللهِ رَاءٍ وَسَامِعٌ … لِعَبْدٍ بِعَيْنِ اللهِ يَغْشَى الْمَعَاصِيَا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كَأَنَّكَ غريب أو عابر سبيل» وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. قالوا في شرح هذا الحديث معناه لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطنًا ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا تشتغل فيها إلا بما يشتغل به الغريب فقط الذي يريد الذهاب إلى أهله، وأحوال الإنسان ثلاث: حال لم يكن فيها شيئًا وهي قبل أن يوجد. وحال أخرى وهي من ساعة موته إلى ما لا نهاية له في البقاء السرمدي فإن لنفسك وجود بعد خروج الروح من البدن إما في الجنة وإما في النار وهو الخلود الدائم وبين هاتين الحالتين حالة متوسطة وهي أيام حياته في الدنيا فانظر إلى مقدار ذلك بالنسبة إلى الحالتين يتبين لك أنه أقل من طرفة عين في مقدار عمر الدنيا. يَا غَافِلَ الْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ الْمَنَيَّاتِ … عَمَّا قَلِيْل سَتُلْقَى بَيْنَ أَمْوَاتِ فَاذْكُر مَحَلَّكَ مِن قَبْل الْحُلُولِ بِهِ … وَتُبْ إِلَى الله مِنْ لَهْوٍ وَلَذَّاتِ إِنَّ الْحِمَامَ لَهُ وَقْتٌ إِلَى أَجَلٍ … فَاذْكُرْ مَصَائِبَ أَيَّامٍ وَسَاعَاتِ لَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزِيْنَتَهَا … قَدْ آنَ لِلمَوْتِ يَا ذَا اللَبِّ أَنْ يِأْتِي ليس العجب من انهماك الكفرة في حب الدنيا والمال فإن الدنيا جنتهم وإنما العجب أن يكون المسلمون يصل حب المال والدنيا في قلوبهم إلى حد أن تذهل عقولهم وأن تكون الدنيا هي شغلهم الشاغل ليلاً ونهارًا وهم يعرفون قدر الدنيا من كتاب ربهم وسنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم – أليس كتاب الله هو الذي فيه {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: ٢٠) ويقول: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً} [الإسراء: ١٩ . قال أحد العلماء رحمه الله تعالى أعلم أن الدنيا رأس كل خطيئة كما قال – صلى الله عليه وسلم – وقد صارت عدوة لله وعدوة لأوليائه وعدوة لأعدائه، أما عداوتها لله تعالى فلأنها قطعت الطريق بينه وبين أوليائه. ولهذا فإنه لم ينظر إليها منذ خلقها، وأما عداوتها لأوليائه فلأنها تزينت لهم بزينتها وغمرتهم بزهرتها وتزهت لهم بنضارتها حتى تجرعوا مرارات الصبر في مقاطعتها وتحملوا المشاق في البعد منها. وأما عداوتها لأعدائه فلأنها استدرجتم بمكرها ومكايدها واقتنصتهم بحبائلها وأقصدتهم بسهامها حتى وثقوا بها وعولوا عليها. فخذلتهم أحوج ما كانوا إليها وغدرت بهم أسكن ما كانوا إليها فاجتنوا منها حسرة تنقطع دونها الأكباد. وحرمتهم السعادة الأخروية على طول الآماد فانتبه يا من اغتر بها قبل أن يصيبك مثل ما أصاب المغترين بها. قال بعض العارفين إذا كان أبونا آدم عليه السلام بعد ما قيل له أسكن أنت وزوجك الجنة صدر منه ذنب واحد فأمر بالخروج من الجنة فكيف نرجو دخولها مع ما نحن مقيمون عليه من الذنوب المتتابعة والخطايا المتواترة. يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدًا له ولا يغتر بشبابه وصحبته فإن أقل من يموت الشيوخ الطاعنين في السن. وأكثر من يموت الشبان خصوصًا في زمننا الذي كثرت فيه الحوادث ولهذا يندر من يكبر وقد أنشدوا: يَعَمَّرُ وَاحدٌ فَيَغُرُّ قَوْمًا … وَيُنْسَى مَن يَمُوتُ مِن الشَّبَابِ آخر: لَا تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ نَاعِمٍ خَضِلٍ … فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الشَّيْبِ شُبَّانُ ومما يعنيك على الجد والاجتهاد في الطاعة تصور قصر عمرك وكثرة الأشغال، وتصور قوة الندم على التفريط والإضاعة عند الموت، وطول الحسرة على البدار بعد الفوت. وتصور عظم ثواب السابقين الكاملين وأنت ناقص، والمجتهدين وأنت متكاسل، واجعل نصب عينيك ما يلي: قوله تعالى: {تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠ وقوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} [آل عمران: ٣٠ وقوله تعالى: {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [النبأ: ٤٠ وقوله تعالى: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٦ وقوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [مريم: ٣٩ . فتصور الحسرة والندامة والحزن عندما ترى الفائزين. إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِن التُّقَى … وَأَبْصَرْتَ بَعْدَ الْمَوتِ مَن قَد تَزَودَّا نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ … وَأَنَّكَ لَمْ تُرْصَدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا فالبدار البدار والحذر الحذر من الغفلة والتسويف وطول الأمل فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً. وإنما يقدم على المعاصي ويؤخر التوبة لطول الأمل وتبادر الشهوات. وتنسى التوبة والإنابة لطول الأمل وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب. وتنسى التوبة والإنابة لطول الأمل فيا أيها المهمل وكلنا كذلك انتهز فرصة الإمكان وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب. فبادر في محوها بالتوبة النصوح وأكثر من الدعاء والاستغفار كل وقت خصوصًا أوقات الإجابة


سواليف احمد الزعبي
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- سواليف احمد الزعبي
من كلّ بستان زهرة -97- سواليف
من كلّ #بستان #زهرة -97- #ماجد_دودين فَاسْمَعْ صِفَاتِ عَرَائِس الْجَنَّاتِ ثُمَّ … اخْتَر لنَفْسِكَ يَا أَخَا العِرْفَانِ حُوْرٌ حِسَانٌ قَدْ كَمَلْنَ خَلائِقًا … وَمَحَاسِنًا مِنْ أَجْمَلِ النّسْوَانِ … حَتَّى يَحَارُ الطَّرْفِ فِي الْحُسْنِ الَّذِي … قَدْ ألْبِسَتْ فَالطَّرْفُ كَالْحَيْرَانِ وَيَقولُ لَمَّا أَنْ يُشَاهِدَ حُسْنَهَا … سُبْحَان مُعْطِي الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ وَالطَّرْفُ يَشْرَبُ مِن كِؤوسِ جَمَالِهَا … فَتَراهُ مِثْلَ الشَّارِب النَّشْوَانِ كَمُلَتْ خَلاَئِقُهَا وأَكْمِلَ حُسْنُهَا … كالبَدْرِ لَيلَ السِّتِ بَعْدَ ثَمَانِ والشَّمْسُ تَجْرِيْ في مَحَاسِنِ وَجهِهَا … والليلُ تَحتَ ذوائِبِ الأغْصَانِ فَتَرَاهُ يَعْجَبُ وَهُوَ مَوْضِعُ ذَاكَ مِن … لِيلٍ وَشَمْسٍ كَيفَ يَجْتَمِعَانِ فَيَقُولُ سُبْحَانَ الذِيْ ذَا صُنْعُه … سُبْحَانَ مُتْقِنِ صَنْعَةَ الإنسانِ وَكِلاَهُمَا مِرْآةُ صَاحِبِهِ إذا … مَا شَاءَ يُبْصِر وَجْهَهُ يَرَيَانِ فَيَرَى مَحَاسِنَ وَجْهِهِ في وَجْهِهَا … وَتَرَى مَحَاسِنَهَا به بِعَيْنَانِ حُمْر الخُدُوْدِ ثُغُورُهُنَّ لآليِءٌ … سُودُ العُيُونِ فَوَاتِرُ الأجْفَانِ والبَدْرُ يَبْدُو حِينَ يَبْسُمُ ثَغْرُهَا … فَيُضِيءُ سَقْف القَصْر بالجُدْرَان وحكيَ أنَّ معاويةَ سأل عَمْرًا رَضِيَ اللهُ عنه عن المُروءةِ، فقال: (تقوى اللهِ تعالى وصِلةُ الرَّحِمِ. وسأل المغيرةَ، فقال: هي العِفَّةُ عمَّا حرَّم اللهُ تعالى، والحِرفةُ فيما أحَلَّ اللهُ تعالى. وسأل يزيدَ، فقال: هي الصَّبرُ على البلوى، والشُّكرُ على النُّعمى، والعَفوُ عِندَ المقدِرةِ. فقال معاويةُ: أنت مني حَقًّا) قال أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ رحمه الله: (النَّاسُ يحتاجون إلى مُداراةٍ ورِفقٍ، والأمرِ بالمعروفِ بلا غِلظةٍ، إلَّا رجُلٌ مُعلِنٌ بالفِسقِ فقد وجب عليك نهيُه وإعلامُه؛ لأنَّه يقالُ: ليس لفاسِقٍ حُرمةٌ، فهؤلاء لا حُرمةَ لهم). يا غَافلاً عَمَّا خُلِقْتَ لَهُ انْتَبِهْ … جَدَّ الرَّحِيْلُ وَلَستَ باليَقْظَانِ سَارَ الرفَاقُ وَخَلفُوكَ مَعَ الأولى … قَنعُوا بِذَا الحَظِ الخَسِيْسِ الفَانِ وَرَأيْتَ أكْثَرَ مَنْ تَرَى مُتَخَلِّفَاً … فَتَبَيعهُم فَرَضِيْتَ بالحِرْمَانِ لَكنْ أتَيْتَ بخُطَّتَيْ عَجْزٍ وَجَهْـ … ـلٍ بَعْدَ ذا وَصحِبْتَ كُلَّ أمَانِ مَنّتْكَ نَفْسُكَ باللحُوقِ مَعَ القُعُو … دِ عَن المَسِيْر وَرَاحَةِ الأبدَانِ قال ابن القيم رحمه الله: فَيَا سَاهيًا فِي غَمْرِة الجَّهْلِ والْهَوَى … صَرِيْعَ الأَمَانِي عَنْ قَرِيبٍ سَتَنْدَمُ أَفِقْ قَدْ دَنَى الوَقْتُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ … سِوَى جَنَّةٍ أَوْ حَرِّ نَارٍ تَضَرَّمُ وَبِالسُّنَّةِ الغَرَّاءِ كُنْ مُتَمَسِّكًا … هِي العُرْوَةُ الوُثْقَى الَّتِي لَيْسَ تُفْصَمُ تَمَسَّكْ بِهَا مَسْكَ البَخِيْل بِمَالِهِ … وَعَضَّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ تَسْلَمُ وَدَعْ عَنْكَ مَا قَدْ أَحْدَثَ النَّاسُ بَعْدَهَا … فَمَرْتَعُ هَاتِيْكَ الْحَوَادثِ أَوْخَمُ وَهَيِّئ جَوَابًا عِنْدَمَا تَسْمَعُ النِّدَا … مِنْ اللهِ يَوم العَرْضِ مَاذَا أَجَبْتُمُ بِهِ رُسُلِيْ لَمَّا أَتَوْكُمْ فَمِنْ يَكُنْ … أَجَابَ سوَاهُمْ سَوْفَ يُخْزَى وَيَنْدَمُ وَخُذْ مِن تُقَى الرَّحْمَنِ أَعْظَمَ جُنَّةٍ … لِيَوْمٍ بِهِ تَبْدُو عِيَانًا جَهَنَّمُ وَيُنْصَبُ ذَاكَ الْجِسْرُ مِنْ فَوْقَ مَتْنِهَا … فَهَاوٍ وَمَخْدُوْشٌ وَنَاجٍ مُسَلَّمُ وَيَأتِيْ إِلَهُ العَالَمِيْنَ لِوَعْدِهِ … فَيَفْصِلُ مَا بَيْنَ العِبَادِ وَيَحْكُمُ وَيَأْخُذُ لِلمَظْلُومِ رَبُّكَ حَقَّهُ … فَيَا بُؤْسَ عَبْدٍ لِلْخَلائِقِ يَظْلِمُ … وَيَنْشُرُ دِيْوَانُ الْحِسَابِ وَتُوْضَعُ الْـ … ـمَوازِيْنُ بِالقِسْط الَّذِي لَيْسَ يَظْلِمُ فَلا مُجْرِمٌ يَخْشَى ظُلاَمَةَ ذَرَّةٍ … وَلاَ مُحْسِنٌ مِن أَجْرِه ذَاكَ يَهْضَمُ وَتَشْهَدُ أَعْضَاءُ الْمُسِيء بِمَا جَنَى … كَذَاكَ عَلَى فِيْهِ الْمَهَيْمِنُ يَخْتُمُ فَيَالَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ حَالُكَ عِنْدَمَا … تَطَايَرُ كُتْبُ العَالَمِيْنَ وَتُقْسَمُ أَتَأْخُذُ بِاليُمْنَى كَتَابَكَ أَمْ تَكُنْ … بِالأُخْرَى وَرَاءَ الظَّهْرِ مِنْكَ تَسَلَّمُ وَتَقْرَأ فِيْهَا كَلَّ شِيء عَمِلْتَهُ … فَيْشْرَقُ مِنْكَ الوَجْهُ أَوْ هُوَ يَظْلِمُ تَقُوْلُ كِتَابِي فَاقْرَؤوُهْ فَإِنَّهُ … يُبَشِّرُ بِالفَوْزِ العَظِيْمِ وَيَعْلَمُ وَإِنْ تَكُنْ الأُخْرَى فَإِنَّكَ قاَئِلٌ … أَلا لَيْتَنِي لَمْ أوْتَه فَهُوَ مَغْرَمُ فَبَادِرْ إذًا مَا دَامَ فِي العُمْرِ فُسْحَةٌ … وَعَدْلُكَ مَقْبُوْلٌ وَصَرْفُكَ قَيِّمُ وَجُدَّ وَسَارِعْ وَاغْتَنِمْ زَمَنَ الصِّبَا … فَفِي زَمْن الإمْكَانِ تَسْعَى وَتَغْنَمُ وَسِرْ مُسْرِعًا فَالْمَوتُ خَلْفَكَ مُسْرِعًا … وَهَيْهَاتَ مَا مِنْهُ مَفَرٌ وَمَهْزَمٌ قال يحيى بنُ مُعاذٍ: (على قَدْرِ حُبِّك للهِ يُحِبُّك الخَلقُ) إِلَى مَتى أَرَى يا قَلْبُ مِنْكَ التَّرَاخِيَا … وَقَدْ حَلَّ وَخَطُّ الشَّيْبِ بالرَّأْسِ ثَاوِيَا وأخْبَرَ عن قُرْبِ الرَّحِيلِ نَصِيْحَةً … فَدونَكَ طَاعَاتٍ وَخَلِّ المَسَاوِيَا وَعُضَّ عَلَى مَا فَاتَ مِنْكَ أَنَامِلاً … وَفَجِّرْ مِنَ العَيْنِ الدّمُوعَ الهَوَامِيَا فَكَمْ مَرَّةٍ وَافَقْتَ نَفسًا مَرِيْدَةً … فَقَدْ حَمَّلْتُ شرًا عليكَ الرَّوَاسِيَا وَكَمْ مَرةٍ أَحْدَثتَ بِدْعًا لِشَهْوَةٍ … وَغَادَرْتَ هَدْيًا مُسْتَقِيْمًا تَوَانِيَا وَكَمْ مَرَّةٍ أَمْرَ الإِله نَبَذْتَهُ … وَطاوَعْتَ شَيْطَانًا عَدُوًّا مُدَاجِيَا وَكَمْ مَرَّةٍ قد خُضْتَ بَحْرَ غِوَايَةٍ … وَأَسْخَطْتَ رَبًا باكْتِسَابِ المَعَاصِيَا وكَمْ مَرَّةً بِرَّ الإِله غَمصْتَهُ … وقد صِرْتَ في كُفْرانِهِ مُتمَادِيَا وَلاَ زِلْتَ بالدُّنْيَا حَرِيْصَا وَمُوْلَعًا … وَقَدْ كُنُتَ عن يومِ القِيَامَةِ سَاهِيا فَمَا لَكَ في بَيْتِ البلا إِذْ نَزَلْتَهُ … عَن الأهْلِ والأحْبَابِ والمَالِ نَائِيَا فَتُسْأَلَ عن رَبٍّ وَدِيْنِ مُحَمَّدٍ … فإن قُلْتَ هَاهٍ فَادْرِ أنْ كُنْتَ هَاوِيَا وَيَأْتِيْكَ مِن نارٍ سَمُومٌ أَلِيْمَةٌ … وَتُبْصُرُ فِيْهَا عَقْربًا وَأَفَاعِيَا ويا لَيْتَ شِعْرِيْ كَيْفَ حَالُكَ إذْ نُصِبْ … صِرَاطٌ ومِيْزَانٌ يُبينُ المَطَاوِيَا فَمَنْ ناقشَ الرَّحْمَنُ نُوْقِشَ بَتّةً … وَأُلْقيَ في نَارٍ وإِنْ كَانَ وَالِيَا … هُنَالِكَ لا تَجْزِيْهِ نَفْسٌ عنِ الرَدَى … فَكُلُ امْريءٍ في غَمِّهِ كانَ جَاثِيَا كُلُّ قومٍ إذا تحابُّوا تواصَلوا، وإذا تواصَلوا تعاوَنوا، وإذا تعاوَنوا عَمِلوا، وإذا عَمِلوا عَمَروا، وإذا عَمَروا عُمِّروا وبوركَ لهم. أَنَا العَبْدُ الَّذِي كَسَبَ الذُّنُوبَا … وَصَدَّتْهُ الْأَمَانِي أَنْ يَتُوبَا أَنَا العَبْدُ الَّذِي أَضْحَى حَزِينًا … عَلَى زَلَّاتِهِ قَلِقًا كَئِيبَا … أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي سُطِرَتْ عَلَيْهِ … صَحَائِفُ لَمْ يَخَفْ فِيهَا الرَّقِيبَا أَنَا العَبْدُ الْمُسِيءُ عَصَيْتُ سِرًّا … فَمَا لِي الْآنَ لَا أُبْدِي النَّحِيبَا أَنَا العَبْدُ الْمُفَرِّطُ ضَاعَ عُمرِي … فَلَمْ أَرْعَ الشَّبِيبَةَ وَالْمَشِيبَا أَنَا العَبْدُ الْغَرِيقُ بِلُجِّ بَحْرٍ … أَصِيحُ لَرُبَّمَا أَلْقَى مُجِيبَا أَنَا العَبْدُ السَّقِيمُ مِن الْخَطَايَا … وَقَدْ أَقْبَلْتُ أَلْتَمِسُ الطَّبِيبَا أَنَا العَبْدُ الْمُخَلَّفُ عَنْ أُنَاسٍ … حَوَوْا مِنْ كُلِّ مَعْرُوفٍ نَصِيبَا أَنَا العَبْدُ الشَّرِيدُ ظَلَمْتُ نَفْسِي … وَقَدْ وَافَيْتُ بَابَكُمْ مُنِيبَا أَنَا العَبْدُ الْفَقِيرُ مَدَدْتُ كَفِّي … إلَيْكُمْ فَادْفَعُوا عَنِّي الْخُطُوبَا أَنَا الغَدَّارُ كَمْ عَاهَدْتُ عَهْدًا … وَكُنْتُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ كَذُوبَا أَنَا المَقْطُوعُ فَارْحَمْنِي وَصِلْنِي … وَيَسِّرْ مِنْكَ لِي فَرَجًا قَرِيبَا أَنَا المُضْطَرُّ أَرْجُو مِنْكَ عَفْوًا … وَمَنْ يَرْجُو رِضَاكَ فَلَنْ يَخِيبَا فَيَا أَسَفَى عَلَى عُمُرٍ تَقَضَّى … وَلَمْ أَكْسِبْ بِهِ إلَّا الذُّنُوبَا وَأَحْذَرُ أَنْ يُعَاجِلَنِي مَمَاتٌ … يُحَيِّرُ هَوْلُ مَصْرَعِهِ اللَّبِيبَا وَيَا حُزْنَاهُ مِنْ حشْرِي وَنشْرِي … بِيَوْمٍ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبَا تَفَطَّرَت السَّمَاءُ بِهِ وَمَارَتْ … وَأَصْبَحَت الْجِبَالُ بِهِ كَثِيبَا إذَا مَا قُمْتُ حَيْرَانًا ظَمِيئَا … حَسِيرَ الطَّرْفِ عُرْيَانًا سَلِيبَا وَيَا خَجَلَاهُ مِنْ قُبْحِ اكْتِسَابِي … إذَا مَا أَبْدَت الصُّحُفُ الْعُيُوبَا وَذِلَّةِ مَوْقِفٍ وَحِسَابِ عَدْلٍ … أَكُونُ بِهِ عَلَى نَفْسِي حَسِيبَا وَيَا حَذَرَاهُ مِنْ نَارٍ تَلَظَّى … إذَا زَفَرَتْ وَأَقْلَقَت الْقُلُوبَا تَكَادُ إذَا بَدَتْ تَنْشَقُّ غَيْظًا … عَلَى مَنْ كَانَ ظَلَّامًا مُرِيبَا فَيَا مَنْ مَدَّ فِي كَسْبِ الْخَطَايَا … خُطَاهُ أَمَا يأني لَكَ أَنْ تَتُوبَا أَلَا فَاقْلِعْ وَتُبْ وَاجْهَدْ فَإِنَّا … رَأَيْنَا كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبَا وَأَقْبِلْ صَادِقًا فِي الْعَزْمِ وَاقْصِدْ … جَنَابًا للمنيب له رحيبا وَكُنْ لِلصَّالِحِينَ أَخًا وَخِلًّا … وَكُنْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا غَرِيبَا وَكُنْ عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ جَبَانًا … وَكُنْ فِي الْخَيْرِ مِقْدَامًا نَجِيبَا وَلَاحِظْ زِينَةَ الدُّنْيَا بِبُغْضٍ … تَكُنْ عَبْدًا إلَى الْمَوْلَى حَبِيبَا فَمَنْ يُخْبَرْ زَخَارِفَهَا يَجِدْهَا … مُخَالِبَةً لِطَالِبِهَا خَلُوبَا … وَغُضَّ عَنْ الْمَحَارِمِ مِنْك طَرْفًا … طَمُوحًا يَفْتِنُ الرَّجُلَ الْأَرِيبَا فَخَائِنَةُ الْعُيُونِ كَأُسْدِ غَابٍ … إذَا مَا أُهْمِلَتْ وَثَبَتْ وُثُوبَا وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنْهَا … يَجِدْ فِي قَلْبِهِ رَوْحًا وَطِيبَا وَلَا تُطْلِقْ لِسَانَكَ فِي كَلَامٍ … يَجُرُّ عَلَيْكَ أَحْقَادًا وَحُوبَا وَلَا يَبْرَحْ لِسَانُكَ كُلَّ وَقْتٍ … بِذِكْرِ اللَّهِ رَيَّانًا رَطِيبَا وَصَلِّ إذَا الدُّجَى أَرْخَى سُدُولًا … وَلَا تَضْجَرْ بِهِ وَتَكُنْ هَيُوبَا تَجِدْ أُنْسًا إذَا أُودعتَ قَبْرًا … وَفَارَقْتَ الْمُعَاشِرَ وَالنَّسِيبَا وَصُمْ مَا اسْتَطَعْت تَجِدْهُ رِيًّا … إذَا مَا قُمْتَ ظَمْآنًا سَغِيبَا وَكُنْ مُتَصَدِّقًا سِرًّا وَجَهْرًا … وَلَا تَبْخَلْ وَكُنْ سَمْحًا وَهُوبَا تَجِدْ مَا قَدَّمَتْهُ يَدَاكَ ظِلًّا … إذَا مَا اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْكُرُوبَا وَكُنْ حَسَنَ السَّجَايَا وذَا حَيَاءٍ … طَلِيقَ الْوَجْهِ لَا شَكِسًا غَضُوبَا قال ابنُ تَيميَّةَ: (إنَّك إذا أحبَبتَ الشَّخصَ للهِ كان اللهُ هو المحبوبَ لذاتِه، فكلَّما تصوَّرْتَه في قلبِك تصوَّرْتَ محبوبَ الحقِّ فأحبَبْتَه؛ فازداد حبُّك للهِ، كما إذا ذكَرْتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والأنبياءَ قبلَه والمُرسَلين وأصحابَهم الصَّالحين، وتصوَّرْتَهم في قلبِك، فإنَّ ذلك يجذبُ قلبَك إلى مَحَبَّةِ اللهِ، المنعَمِ عليهم وبهم، إذا كُنتَ تحِبُّهم للهِ. فالمحبوبُ للهِ يجذِبُ إلى مَحَبَّةِ اللهِ، والمحِبُّ للهِ إذا أحبَّ شخصًا للهِ فإنَّ اللهَ هو محبوبُه، فهو يحِبُّ أن يجذِبَه إلى اللهِ تعالى، وكُلٌّ من المحبِّ للهِ والمحبوبِ للهِ يَجذِبُ إلى اللهِ)


سواليف احمد الزعبي
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- سواليف احمد الزعبي
من كلّ بستان زهرة -96- سواليف
من كلّ بستان زهرة -96- #ماجد_دودين عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَعقِدُ الشَّيطانُ على قافيةِ رأسِ أحَدِكم إذا هو نام ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضرِبُ كُلَّ عُقدةٍ: عليك ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإن استيقَظَ فذَكَر اللهَ انحَلَّت عُقدةٌ، فإن توضَّأ انحَلَّت عُقدةٌ، فإنْ صَلَّى انحَلَّت عُقدةٌ، فأصبح نشيطًا طَيِّبَ النَّفسِ، وإلَّا أصبح خبيثَ النَّفسِ كَسْلانَ)). قال النَّوَويُّ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: 'فأصبَحَ نشيطًا طَيِّبَ النَّفسِ' مَعناه لسُرورِه بما وفَّقَه اللهُ الكَريمُ له مِن الطَّاعةِ، ووَعَدَه به مِن ثَوابِه، مع ما يُبارَكُ له في نفسِه، وتَصَرُّفِه في كُلِّ أُمورِه، مع ما زالَ عنه مِن عُقدِ الشَّيطانِ وتَثبيطِه) ******************** القرآن الكريم هُوَ الكِتَابُ الذِي مَنْ قام يَقْرؤُهُ … كَأنَّمَا خَاطَبَ الرَّحْمنَ بالكَلِمِ هُوَ الصِّرَاطُ هُوّ الحَبْلُ المَتِيْنُ هو الـ … مِيْزَانُ والعُرْوَةُ الوثْقَى لِمُعْتَصِمِ هُوَ البَيَانُ هُوَ الذِكْرُ الحِكِيْمُ هُوَ التّـ … تَفْصِيْلُ فاقنَعْ بِهِ في كُلِّ مُنْبَهِمِ هُوَ البَصَائِرُ والذِكْرَى لِمُدَّكِّرٍ … هُوَ المَواعِظُ والبُشْرَى لِغَيْر عَمِي هُوَ المُنَزَّلُ نُوْرًا بَيِّنًا وهُدَى … وهُو الشِفَاءُ لِمَا في القَلْب مِن سَقَمِ لَكِنَّه لأْولِي الإِيْمَانِ إذْ عمِلُوا … بمَا أتَى فيه مِن عِلْمٍ ومِن حِكَمِ أمَّا عَلَى مَنْ تَوَلَّى عَنْهُ فَهْوَ عَمَى … لِكَوْنِهِ عَن هُدَاهُ المُسْتَنِيْرِ عَمِي فَمَنْ يُقِمْهُ يَكُنْ يَوْمَ المَعَادِ لَهُ … خَيْرُ الإِمَام إلى الفِرْدَوْسِ والنِّعَمِ كَمَا يَسُوْقُ أُولِي الإعْرَاضِ عنهُ إلَى … دَارِ المَقَامِعِ والأنْكَالِ والأَلَمِ ****************** قال ابنُ القَيِّمِ: (الكُسالى أكثَرُ النَّاسِ همًّا وغَمًّا وحُزنًا، ليس لهم فرَحٌ ولا سُرورٌ، بخِلافِ أربابِ النَّشاطِ والجِدِّ في العَمَلِ) ******************* ذُنُوبُكَ يَا مَغْرُورُ تُحْصَى وَتُحْسَبُ … وَتُجْمَعُ في لَوْحٍ حَفِيْظٍ وَتُكْتَبُ وَقَلْبُكَ في سَهْوٍ وَلَهْوٍ وَغَفْلةٍ … وَأَنتَ عَلى الدُّنْيَا حَرِيصٌ مُعَذَّبُ تُبَاهِيْ بِجَمْعِ المَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ … وَتَسْعَى حَثِيْثًا في المَعَاصِيْ وَتُذْنِبُ أَمَا تَذْكُرُ المَوْتَ المُفَاجِيْكَ في غَدٍ … أَمَا أَنْتَ مِن بَعْد السَّلامَةِ تَعْطَبُ أَمَا تَذْكُرُ القَبْرَ الوَحِيْشَ وَلَحْدَهُ … بِهِ الجِسْمُ مِن بَعْدِ العمَارَةِ يَخْرُبُ أَمَا تَذْكُرُ اليَومَ الطَّوِيْلَ وَهُو لَهُ … وَمِيْزَان قِسْطٍ لِلْوَفَاءِ سَيُنْصَبُ تَرُوْحُ وَتَغْدُو فِي مَرَاحِكَ لاَهِيًا … وَسَوْفَ بِأَشْرَاكِ المَنِيَّةِ تَنْشُبُ تُعَالِجُ نَزْعَ الرُّوحِ مِنْ كُلِّ مَفْصِلٍ … فَلاَ رَاحِم يُنْجِي وَلاَ ثَمَّ مَهْرَبُ فَيَا نَفْسُ خَافِي اللهَ وَارْجِي ثَوابَهُ … فَهَادِمُ لذَاتِ الفَتَى سَوْفَ يَقْرُبُ وَقُولِي إِلَهِي أَوْلِنِيِ مِنْكَ رَحْمَةً … وَعَفْوًا فإنَّ اللهَ لِلذَّنْبِ يُذْهِبُ وَلا تُحْرِقَنْ جِسْمِي بِنَارِكَ سَيِّدِيْ … فَجِسْمِيْ ضَعِيفٌ وَالرَّجَا مِنْكَ أَقْرَبُ فَمَا لِيَ إِلاَّ أَنْتَ يَا خَالِقَ الوَرَى … عَلَيْكَ اتِّكَالِيْ أَنْتَ لِلْخَلْقِ مَهْرَبُ وَصَلِّ إِلَهِيْ كُلَّمَا ذَرَّ شَارِقٌ … عَلَى أَحْمَدَ المُخْتَارِ مَا لاَحَ كَوْكَبُ ****************** قال مُحَمَّد الخضر: (كُلُّ ساعةٍ قابِلةٌ لأن تضَعَ فيها حَجَرًا يزدادُ به صَرحُ مَجدِك ارتِفاعًا، ويقطَعُ به قَومُك في السَّعادةِ باعًا أو ذِراعًا، فإن كُنتَ حَريصًا على أن يكونَ لك المَجدُ الأسمى، ولقَومِك السَّعادةُ العُظمى، فدَعِ الرَّاحةَ جانِبًا، واجعَلْ بَينَك وبَينَ اللَّهوِ حاجِبًا) ***************** عَلَيْكُم بِتَقْوَى اللهِ لاَ تَتْرُكُوْنَهَا … فإنَّ التُّقَى أَقْوَى وأَوْلَى وأَعْدَلُ لِبَاسُ التُّقَى خَيْرُ الملابِسِ كُلِّهَا … وأَبْهَى لِبَاسًا في الوُجُودِ وأَجْمَلُ فَمَا أَحْسَنَ التَّقْوَى وأَهْدَى سَبِيْلَهَا … بِهَا يَنْفَعُ الإِنسَانَ مَا كَانَ يَعْمَلُ … فَيَا أَيُّهَا الإِنسانُ بادِرْ إِلى التُّقَى … وَسَارِع إِلى الخَيْرَاتِ مَا دُمْتَ مُمْهلُ وَأَكْثِرْ مِن التَّقْوَى لِتَحْمِدَ غِبَّهَا … بِدَارِ الجَزَاء دَارٍ بها سَوْفَ تَنْزِلُ وَقَدِّمْ لِمَا تُقْدِمُ عَليهِ فإِنَّمَا … غَدًا سَوْفَ تُجزَى بالّذي سَوْفَ تَفْعَلُ وأَحْسِنْ ولا تُهْمِلْ إذا كُنْتَ قادِرًا … فَأَنْتَ عن الدُنْيَا قَرِيْبًا سَتَرْحَلُ وأَدِّ فُرُوْضَ الدِّيْنِ وأتْقِنْ أَدَاءَهَا … كَوَامِلَ في أَوْقَاتِهَا والتَّنَفّل وَسَارِعْ إِلى الخَيْرَاتِ لا تَهْمِلنَّهَا … فإِنَّكَ إنْ أَهْمَلْتَ مَا أنَتْ مُهْمَلُ إِذا أَنْتَ لَم تَرْحَلْ بِزَادٍ مِن التُّقَى … أَبِنْ لِي يَومَ الجَزَا كَيْفَ تَفْعَلُ … أَتَرْضَى بأنْ تَأْتِي القِيَامَةَ مُفْلِسًا … على ظَهْرِكَ الأَوْزَارُ بالحَشْرِ تَحْمِلُ ******************* عجِبتُ لهم قالوا تمادَيتَ في المنى وفي المُثلِ العُليا وفي المرتقى الصَّعبِ فاقصِرْ، ولا تجهِدْ يراعَك إنَّما ستَبذُرُ حَبًّا في ثرًى ليس بالخِصبِ فقُلتُ لهم مهلًا، فما اليأسُ شيمتي سأبذُرُ حَبِّي، والثِّمارُ من الرَّبِّ إذا أنا أبلغتُ الرِّسالةَ جاهِدًا ولم أجدِ السَّمعَ المجيبَ فما ذنبي ******************** وما العِلمْ إلا كالحَيَاةِ إذا سَرَتْ … بِجِسْمٍ حَيٍّ والمَيْتُ مَنْ فاتَهُ العِلْمُ وكَمْ في كِتَابِ اللهِ مْنْ مِدْحةٍ لهُ … يكادُ بها ذُو العِلْمِ فوقَ السُّهَى يَسْمُو وكمْ خَبَرٍ في فَضْلِهِ صَحَّ مُسْنَدَاً … عن المصطَفَى فاسْألْ بِهِ مَنْ لَهُ عِلْمُ كَفَى شَرَفًا لِلعِلْمِ دَعْوَى الوَرَى لهُ … جَمِيعًا وَيَنْفِي الجَهْلَ من قُبْحِهِ الفَدْمُ فَلَسْتُ بِمُحْصٍ فَضْلَهُ إنْ ذكرْتُهُ … فقدْ كَلَّ عنْ إحصائِهِ النثْرُ والنَّظْمُ فيا رافِعَ الدُنْيا على العِلْمِ غَفْلَةً … حَكَمْتَ فلم تُنْصِفْ وَلَمْ يُصِبِ الحُكْمُ أترْفَعُ دنُيا لا تُسَاوي بأسْرِهَا … جَنَاحَ بَعُوْضٍ عندَ ذِي العَرْشِ يا فَدْمُ وَتُؤْثِرُ أَصْنَافَ الحُطَامِ على الذي … بهِ العِزُّ في الدارَيْن والمُلْكُ والحُكْمُ ******************* إلهي لَكَ الفَضْلُ الذي عَمَّمَ الوَرَى … وَجُوْدٌ على كُلِ الخَلِيْقَةِ مُسْبَلُ وَغَيْركَ لَو يَمْلِكْ خَزَائِنَكَ التي … تَزِيْدُ مَعَ الإنْفَاقِ لاَ بُدَّ يبخلُ وإِنّي بِكَ الَّلهُمَّ رَبي لَوَاثِقٌ … وما لِي بِبَابٍ غَيرِ بَابِكَ مَدْخَلُ وَإِنِّي لَكَ اللَّهُمَّ بالدِّينِ مُخْلِصٌ … وَهَمِّي وَحاجاتي بِجُودِكَ أَنْزِلُ أَعوذُ بِكَ الَّلهُمَّ مِن سُوْءِ صنْعِنَا … وَأَسْأَلُكَ التَّثْبِيْتَ أُخْرَى وَأَوَّلُ إلهي فَثَبِّتْنِيْ عَلى دِيْنكَ الذِي … رضِيْتَ بِهِ دِيْنًا وإيَّاهُ تَقْبَلُ وَهَبْ لِي مِن الفِرْدَوْسِ قَصْرَاً مُشَيَّدًا … وَمُنَّ بِخَيْرَاتٍ بِهَا أَتَعَجَّلُ وَللهِ حَمْدٌ دَائِمٌ بِدَوَامِهِ … مَدَى الدهْرِ لا يَفْنَى ولا الحَمْدُ يَكْمُلُ يَزِيْدُ على وَزْنِ الخَلاَئِقِ كُلِّهَا … وأَرْجَحُ مِن وَزْنِ الجَمِيْعِ وأَثْقَلُ وإِنّي بِحَمْدِ اللهِ في الحَمْدِ أَبْتَدِي … وأُنْهِيْ بِحَمْدِ اللهِ قَوْلِيْ وَأَبْتَدِي صَلاةً وَتَسْلِيْمًا وَأَزْكَى تَحِيَّةً … تُعُمُّ جَمِيْعَ المُرْسَلِيْنَ وَتَشْمَلُ وأَزْكَى صَلاة اللهِ ثُمَّ سَلاَمُهُ … عَلَى المُصْطَفَى أَزْكَى البَرِيَّةِ تَنْزِلُ ********************* قال ابنُ الجوزيِّ: (دليلُ كَمالِ صورةِ الباطِنِ حُسنُ الطَّبائِعِ والأخلاقِ؛ فالطَّبائعُ: العِفَّةُ والنَّزاهةُ والأنَفةُ من الجَهلِ، ومباعَدةُ الشَّرَهِ. والأخلاقُ: الكَرَمُ والإيثارُ وسَترُ العُيوبِ، وابتداءُ المعروفِ، والحِلمُ عن الجاهِلِ؛ فمَن رُزِق هذه الأشياءَ رَقَّتْه إلى الكَمالِ، وظَهَر عنه أشرَفُ الخِلالِ، وإن نقَصَت خَلَّةٌ أوجبت النَّقصَ) *************************** قالوا السَّعـادةُ فــي السُّكونِ وفي الخُمـولِ وفـي الخُمودْ فـي العيـشِ بيـنَ الأهـــلِ لا عيشِ المهاجِـِر والطَّـريدْ فـي لقمــةٍ تـأتـي إليــك بغيــرِ ما جُهـدٍ جَهيــدْ فـي المشـيِ خلـفَ الرَّكـبِ في دَعـةٍ وفي خَطـوٍ وَئيـدْ فـي أن تقــولَ كمـا يقـالُ فـلا اعتــراضَ ولا ردودْ فـي أن تسيـرَ مـع القطيـــعِ وأن تُـقــادَ ولا تقـــودْ فـي أن تعيـشَ كمـا يــُرادُ ولا تعيشَ كمـا تـريــدْ قلتُ الحيـاةُ هــي التَّحرُّكُ لا السـُّكــونُ ولا الهمــودْ وهـي الجهـادُ وهـل يجاهِدُ مَــن تعَلَّــق بالقعـــودْ وهـي الشُّعورُ بالانتصـارِ ولا انتصــارَ بلا جهـودْ وهـي التَّلــذُّذُ بالمتاعبِ لا التَّـلــذُّذُ بالــرُّقــودْ هي أن تـذودَ عـن الحياضِ وأيُّ حُـــرٍّ لا يــــذودْ هي أن تحِـسَّ بأنَّ كأسَ الذُّلِّ مـن مــاءٍ صــديــدْ هي أن تعيشَ خليفةً في الأرضِ شــأنُك أن تســـــودْ ******************** قال ابنُ السَّمَّاكِ: (النَّاسُ ثلاثةٌ: زاهِدٌ، وصابرٌ، وراغبٌ؛ فأمَّا الزَّاهِدُ فأصبح قد خرَجَت الأفراحُ والأحزانُ من صَدرِه عن اتِّباعِ هذا الغُرورِ، فهو لا يفرَحُ بشيءٍ من الدُّنيا أتاه، ولا يحزَنُ على شيءٍ من الدُّنيا فاته، لا يبالي على عُسرٍ أصبح أم على يُسرٍ، فهذا المبَرِّزُ في زُهدِه، وأمَّا الصَّابرُ فرجُلٌ يشتهي الدُّنيا بقَلبِه، ويتمَنَّاها بنفسِه، فإذا ظَفِر بشيءٍ منها ألجَمَ نفسَه عنها، كراهةَ شَتاتِها وسوءِ عاقبتِها، فلو تَطَّلِعُ على ما في نفسِه عَجِبتَ من نزاهتِه وعِفَّتِه، أمَّا الرَّاغبُ فلا يبالي من أين أتَتْه الدُّنيا، ولا يبالي دُنِّسَ فيها عِرضُه، أو وُضِع فيه حَسَبُه، أو جُرِحَ دِينُه، فهؤلاء في غَمرةٍ يَضطَرِبون، وهؤلاء أنتَنُ مِن أن يُذكَروا!) ***************** قال عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه: (ابذُلْ لصديقِك كُلَّ المروءةِ، ولا تبذُلْ له كُلَّ الطُّمَأنينةِ، وأعطِه من نفسِك كُلَّ المُواساةِ، ولا تُفْضِ إليه بكُلِّ الأسرارِ). ***************** ما أَحسَنَ الدُنيا وَإِقبالَها إِذا أَطاعَ اللَهَ مَن نالَها مَن لَم يُؤاسِ الناسَ مِن فَضلِهِ عَرَّضَ لِلإِدبارِ إِقبالَها كَأَنَّنا لَم نَرَ أَيّامَها تَلعَبُ بِالناسِ وَأَحوالَها إِنّا لَنَزدادُ اغتِراراً بِها وَاللَهُ قَد عَرَّفَنا حالَها نَغضَبُ لِلدُنيا وَنَرضى لَها كَأَنَّنا لَم نَرَ أَفعالَها


سواليف احمد الزعبي
٢٦-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- سواليف احمد الزعبي
وداع شهر رمضان المبارك
وداع #شهر_رمضان المبارك #ماجد_دودين اقتناص الفوائد واجتناء الثمار والمحافظة على الأدوية الرمضانية ها هو الضيف الكريم يلوح بالرحيل، تمضي أيامه مسرعةً وكأنها حلمٌ جميل. فيا أيها الضيف الكريم على رِسلك؛ فقلوبنا لا زالت مشتاقةً إلى وَصْلِك. انتظر… تمهل فما أجمل مقامك، وما أحلى أيامك … وما أمتع صيامك!! لقد ذقنا فيك لذةً في غيرك ما ذقناها، لقد عشنا فيك عيشةً في غيرك ما عشناها! فكيف ترحل عنا بعد أيام لنا حُلوة قضيناها؟!، إن رحيلك عنا مصيبةٌ أبدًا لن ننساها … ولكن تلك مقادير ربي جل وعلا وتقدّس قدّرها وسواها، فاللَّهم أجرنا في مصيبتنا… انقضت أيامُ رمضانَ مسرعة، ولم يبقَ منه إلا أيامٌ قلائل، ووجب علينا التنبيه، والتنويه لما فات ولما بقي … بقي إخوتاه ستة أيام … فانتبهوا فسوف تمر هي الأخرى كلمح البصر. ألا فشمروا عن ساعد الجد في هذه الأيام، واهجروا لذيذ المنام، واقتدوا بنبيكم – صلى الله عليه وسلم -، فقد كان يخص العشر الأواخر بأعمال لا يعملها في بقية الشهر؛ يخصها بالاعتكاف والقيام، والاغتسال كل ليلة بين العشاءين، والتنظف والتطيب، وإحياء الليل كله، فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: 'كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره'، وقد كان السلف إذا دخلت العشر؛ رفعوا الهمة إلى منتهاها، وبذلوا كل الطاقة، وكيف لا والعشر هي آخر السباق. قال طلحة بن عبيد الله: إن الخيل إذا قاربت رأس مجراها؛ أخرجت كل ما عندها. فالسعيد من اغتنم موسم العمر قبل ذهابه، وحاسب نفسه قبل قراءة كتابه، وراقب مولاه مراقبة من يعلم أنه يراه في ذهابه وإيابه. فينبغي أن نراعي هذا الفضل مدةَ عمرنا، ولا نضيِّع هذه الليالي المباركات، التي أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – قطعًا أن ليلة القدر فيها؛ فلعل أحدنا يكون قد مات قبل أن يدرك العشر الأواخر في العام القادم: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: ٥٦ – ٥٧]، أو تقول: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: ٧٣]. يقول الله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١٣٣]. الله سبحانه وتعالى يقول: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: ٢٦]. وهذه الأيام في آخر الشهر نحتاج للمناقشة حتى يستطيع الإنسان الحصول على أعلى الدرجات، وتحتاج إلى المسارعة بل ومسابقة الأنفاس لأنها تمر مَرَّ السحاب، وكل لحظة مرت لا تعود ولا تعوض؛ فسابق أجلك، وأدرك رضا الله بعملك، واشحذ همتك؛ فهذا أوان جِدَّك. [وظائف آخر الشهر] أولًا: وقفة صادقة مع الله ومع النفس: لا بد من وقفة صادقة دون كذب أو خداع أو مواربة، لم يبق من الشهر إلا القليل فماذا أنت صانعٌ فيه؟ في هذه الوقفة تنظر فعليًّا وبعد تفرغ تام: * هل أديت العبادات على وجهها؟ * هل عشت رمضان حقيقةً كما يحب ربنا ويرضى؟ * هل ذاق قلبك طعم العبادات؟ * هل حصلت التقوى المنشودة المقصودة من وراء هذا الصيام؟ * هل تلوت القرآن وسمعته وأحيا الله به مَوَاتَ قلبك؟ * هل تغير البيت وتحول نمط الحياة عندك فصرت عبدًا ربانيًّا؟ * هل أحسست بتغييرٍ فعلي في قلبك فرأيت نورًا جديدًا؟ * هل بعد هذا التغيير عازمٌ على الثبات فلن تعود إلى المعاصي؟ * هل تظن بعد هذه الليالي الطويلة أنك قد أعتقت رقبتك من النار؟ * هل بعد كل تلك الليالي وفيها من فرص المغفرة ما فيها؛ تظن أنك قد غفر لك ما تقدم من ذنبك؟ لا تجامل … ولا تتجاهل … قف وقفةً صادقة واستعن بالله على نفسك واصدق نفسك، لا؛ بل أصدق الله يصدقك وأجب عن الأسئلة، وما زالت أمامك فرصة، هيا ركز في الأيام الباقية واعملْ عملَ من يريد أن يستدرك ما فات. هيا انطلق وتخلص من قيودك، وتبرأ من عيوبك، والتمس رضا ربك … هيا اعمل ودعك من الكسل، وودع الأمل، وسارع الأجل، ولا تترك فرصةً للعمل إلا وعملت بها … اعتكف كل الباقي، وداوم على العبادة، واجتهد في البكاء وطلب العفو … كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: ٦٠]. قال علي بن أبي طالب: كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله -عز وجل- يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧]، أنت قد عملت، ولكن هل قُبِل عملك؟، هذا هو الأخطر، قبول العمل، فكم من عملٍ يتقنه صاحبه ويحسنه ويزينه ثم يرده الله عليه ولا يقبله، وذلك بسوء نية صاحبه، اللَّهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم. لذلك قال بعض السلف: الخوف على العمل ألا يتقبل أشد من العمل، وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا، هذا هو فقه السلف وفهمهم، فكم من مغرورٍ بعمله وليس له منه شيء، كم من معجبٍ بصلاته وليس له فيها حسنة!! ولذلك خرج عمر بن عبد العزيز على الناس في يوم عيد الفطر وقال في خطبته: أيها الناس، إنكم صمتم لله ثلاثين يومًا، وقمتم ثلاثين ليلة، وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم … فاللَّهم تقبل منا يا رب. وكان عبد الله بن مسعود يقول في آخر ليلة من رمضان: من هذا المقبول منا فنهنيه، ومن هذا المحروم منا فنعزيه، أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جَبَرَ الله مصيبتك. فيا أرباب الذنوب العظيمة، الغنيمةَ الغنيمة، في هذه الأيام الكريمة، فما منها عِوضٌ، فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة، والمنحة الجسيمة، يا من أعتقه الله من النار، إياك أن تعود بعد أن صرت حرًّا إلى رِق الأوزار، أيبعدك مولاك عن النار وتتقرب منها!!، وينقذك منها وأنت توقعُ نفسك فيها ولا تحيد عنها وتهرب منها!! … ويا أيها العاصي، لا تقنط من رحمة الله بسوء أعمالك، فكم يعتق من النار في هذه الأيام من أمثالك؛ فأحسن الظن بمولاك وتب إليه؛ فإنه لا يهلك على الله إلا هالك. ثانيًا: ملازمة الاستغفار: لقد رأيت أن الله سبحانه وتعالى أمر عباده بعد الحج بالاستغفار فقال سبحانه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩]، وذكر الله عن العابدين المتهجدين أنهم كانوا يختمون صلاتهم بالاستغفار، فقال سبحانه وتعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: ١٧ – ١٨]. وكان من هدي النبي محمَّد – صلى الله عليه وسلم – إذا انتهى من الصلاة أن يستغفر ثلاثًا فيقول: أستغفر الله … أستغفر الله … أستغفر الله … لذلك نقول: أكثِر من الاستغفار في نهاية صيامك، استغفر الله كثيرًا ترتق وتصلح ما انفتق من صيامك. كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه، سبحان الله!، إذا كان هذا حال السلف الذين أحسنوا عبادتهم وأتقنوها وأخلصوا فيها، فكيف حال المسيئين مثلنا في عباداتهم!! وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه إلى الأمصار بمناسبة آخر رمضان: قولوا كما قال أبوكم آدم: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣]، وقولوا كما قال نوح عليه السلام: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: ٤٧]، وقولوا كما قال موسى – عليه السلام -: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: ١٦]، وقولوا كما قال ذو النون -عليه السلام -: {لًا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]. ويروى عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: الغيبة تخرق الصيام والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجيء بصوم مرقع فليفعل. وعن ابن المنكدر قال: الصيام جُنَّةٌ من النار ما لم يخرقها، والكلام السيء يخرق هذه الجُنَّة، والاستغفار يرقع ما تخرَّقَ منها. فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفارٍ نافع، وعمل صالح له شافع، كم نخرق صيامنا بسهام الكلام، ثم نرقعه وقد اتسع الخَرْق على الراقع، كم نصلح خروقه بمخيط الحسنات ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع. يا رب، ارحم من حسناته كلها سيئات، وطاعاته كلها غفلات. وقريب من هذا أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – لعائشة – رضي الله عنها – في ليلة القدر بسؤال العفو؛ فإن المؤمن يجتهد في شهر رمضان في صيامه وقيامه، فإذا قرب فراغه وصادف ليلة القدر لم يسأل الله تعالى إلا العفو كالمسيء المقصر. كان صِلَةُ بنُ أَشيَم يُحيي الليل ثم يقول في دعائه عند السحر: اللَّهم إني أسألك أن تجيرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة؟! أنفع الاستغفار ما قارنته التوبة وهي حل عقدة الإصرار، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر؛ فمردود، وباب القَبول عنه مسدود، قال كعب: من صام رمضان وهو يحدِّث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان أنه لا يعصي الله؛ دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب، ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر بعد رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود. عباد الله … شهر رمضان قد أوشك على الانتهاء، فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف، من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عَرَف، من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبنيَ له فيها غرفًا من فوقها غرف، ألا إن شهركم قد أخذ في النقص؛ فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر عسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف؟!! ثالثًا: سؤال الله العفو، والتركيز على هذا السؤال، والانشغال بذلك: قالت عائشة – رضي الله عنها – للنبي – صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال: 'قولي اللَّهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني'. العفوُّ من أسماء الله تعالى، وهو يتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يحب العفو فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ' أعوذ برضاك من سَخَطِك وبمعافاتك من عقوبتك'. قال يحيى بن معاذ: لو لم يكن العفو أحبَّ الأشياء إليه؛ لم يبتل بالذنب أكرمَ الناس عليه، يشير إلى أنه ابتلي كثيرًا من أوليائه وأحبابه بشيء من الذنوب، ليعاملهم بالعفو فإنه يحب العفو، قال بعض السلف الصالح: لو علمت أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى، لأجهدتُ نفسي فيه، فرأى قائلًا يقول له في منامه: إنك تريد ما لا يكون، إن الله يحب العفو، أن يعفو، وإنما أحبَّ أن يعفوَ، ليكون العباد كلهم تحت عفوه، ولا يُدِلُّ أحدٌ منهم بعمل. وقد جاء في حديث ابن عباس مرفوعًا أن الله ينظر ليلة القدر إلى المؤمنين من أمة محمَّد – صلى الله عليه وسلم – فيعفوَ عنهم ويرحمَهم إلا أربعة: مدمن خمر، وعاقًّا، ومشاحنًا، وقاطعَ رحم. لما عرف العارفون بجلاله خضعوا، ولما سمع المذنبون بعفوه طمعوا، ما ثَمَّ إلا عفو الله أو النار، لولا طمع المذنبين في العفو لاحترقت قلوبهم باليأس من الرحمة، ولكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى برد عفوه. كان بعض المتقدمين يقول في دعائه: اللَّهم إن ذنوبي قد عظمت، فجلت عن الصفة، وإنها صغيرة في جَنْبِ عفوك فاعف عني. وقال آخر منهم: جُرمي عظيم، وعفوك كثير، فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم … اللَّهم اعف عنا. يا كبير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر، أكبر الأوزار في جنب عفو الله يصغر؛ وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملًا صالحًا ولا حالًا ولا مقالًا، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر، قال يبيح بن معاذ: ليس بعارف من لم يجعل غاية أمله من الله العفو. كان مُطَرِّفُ يقول في دعائه: اللَّهم ارض عنا، فإن لم ترض عنا فاعف عنا، من عظمت ذنوبه في نفسه لم يطمع في الرضا، وكان غاية أمله أن يطمع في العفو، ومن كملت معرفته لم يرَ نفسه إلا في هذه المنزلة. رابعا: بذل أقصى حدِّ في الاجتهاد: في صحيح مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: 'كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره'. ينبغى أن يكون الاجتهاد في أوأخر الشهر أكثر من أوله لشيئين: أحدهما: لشرف هذه العشر، وطلب ليلة القدر. والثاني: لوداع شهرٍ لا يدري هل يلقى مثله أم لا. وقد يحصل من بعض الناس العكس، أنك تجد في أول رمضان شيئًا من النشاط والهمة في العمل، ثم يصاب بالفتور بعد ذلك، أو ينشغل بتفاهات تشغله عن إكمال الشهر كما ينبغي. رغم أن المفروض هو العكس لو كان للعمل ثمرة؛ فإنه كلما زاد من الطاعات والعبادات التي يؤديها كل يوم في رمضان يترقى درجة إن كان من المقبولين، فتزداد طاعاته وقرباته في اليوم التالي حتى يصل إلى أقصى علو همة عند نهاية الشهر، كما كان هذا شأن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه، فإنه كما مر معنا كان – صلى الله عليه وسلم – إذا دخل العشر شدَّ المِئْزَر، وأيقظ أهله، وأحيا الليل كُلَّه. وقد ذُكر عن بعض السلف أنه حين أتاه الموت وفي سياق السكرات، كان يقوم ويقعد -يعني يصلي- فقيل له: في مثل هذه الحال؟، أرح نفسك، فقال: إن الخيل إذا بلغت إلى رأس مجراها، أخرجت أقصى ما عندها، وأنا أسابق بأنفاسي، فأنت الآن تسابق الساعات، فرمضان على وشك الانتهاء، فابذل أقصى ما تستطيع، ولتمضِ هذه الأيام العشر إن مضت بغير أكل ولا شرب ولا نوم وليكن ما يكون. قيل لبعض السلف: لا تبكِ، فإنك إن بكيت عميت، قال: ذلك لعيني شهادة، فبكى حتى عمي، افهم ما قصدتُ الإشارة إليه، وارغب فيما عند الله، واستعن بالله. خامسًا: إياك والعجب والغرور: إياك والأمراض القلبية؛ إنما شرع الصيام والقيام وتلك الأعمال التي أديتها في رمضان لتزكية النفس وإصلاح القلب؛ ولكن هناك بعض الأمراض المستوطنة التي يصعب اقتلاعها بسهولة، منها هذا الداء الدفين والمرض الخبيث: العجب ورؤية النفس. قال ابن القيم -عليه رحمة الله: بين العمل وبين القلب مسافة، وفي تلك المسافة قُطَّاع طرق تقطع الطريق على العمل أن يصل إلى القلب، فتجدُ الرجلَ كثيرَ الصلاة كثيرَ الصيام، كثيرَ الذكرِ وتلاوةِ القرآن ولم يَصِلْ إلى قلبه من عملهِ شيء، لا خوف، ولا رجاء، ولا محبة. ولا يقين، ولا رضا، وقد تستولي النفس على العمل الصالح فتصيِّره جندًا لها فتصول به وتطغى، فترى الرجلَ أعبدَ ما يكون، أزهدَ ما يكون، وهو عنِ اللهِ أبعدُ ما يكون. الشاهد من هذا الكلام أن النفس قد تستولي على العمل الصالح فتصول به وتطغى فاحذر من ذلك، أن تستولي نفسك على مشاق الأعمال في رمضان، من صيام وقيام وقرآن وذكر واعتكاف وغيرها، وتصول بها على سبيل الفخر، وتنتفخ بها بالزهو والتعالي على الآخرين، فتخسر كل ذلك، وتفقد ثواب العمل، ونتيجة العمل، فالحذرَ الحذر. إن من علامات القبول أن يزداد الإنسان انكسارًا وذُلًّا وخضوعًا للرب جل جلاله … فازدد ذُلًّا؛ تزدد قُربًا. عبادَ الله … إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فعليه بالتمام، ومن فرط فيه فعليه بالحسن والعمل بالختام، اغتنموا منه ما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملًا صالحًا يشهد لكم عند الملك العلام، وودعوه عند فراقه بأزكى تحيةٍ وسلام. إخوتاه … قلوبُ المتقين إلى هذا الشهر تحِنّ، ومن ألم فراقه تئِنّ، كيف لا تجري للمؤمن على فراقه دموع، وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع. يا حسرةَ مَنْ فاته الخيرُ في رمضان، كم نُصِحَ المسكين فما قبل النصح، كم دُعِيَ إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح، كم شاهد الواصلين فيه وهو متباعد، كم مرت به زُمَرُ السائرين وهو قاعد، حتى إذا ضاق به الوقت، وخاف المَقْت ندم على التفريط حيث لا ينفع الندم، وطلب الاستدراك في وقت العدم. أيام العشر أيام الحياة … فيها الخيرات والبركات، والأجور الكثيرة، والفضائل الجزيلة، فيها تزكو الأعمال، وتُنال الآمال، كيف لا والنبي – صلى الله عليه وسلم – كان يسهر ليلَه، ويحمِلُ كَلَّه، ويقوم الليلَ كُلَّه. هذه العشر تُملأ فيها المساجد، ويخشع فيها الراكع والساجد، وينهض إلى الخيرات كل قاعد، ويصير الراغب كالزاهد، شرَّف الله أوقات رمضان على سائر الأوقات، وخَصَّ العشر الأواخر بمزيدِ فضلِ وإكرام، فأجزَلَ فيها الإفضال والإنعام، ودليلُ فضله أن فيها ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر. بتصرّف واختصار يسير من كتاب أسرار المحبين في رمضان للشيخ [محمد يعقوب]