أحدث الأخبار مع #محمدالصياد


صحيفة الخليج
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الخليج
حرب اقتصادية حقيقية
د. محمد الصياد* نقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحروب التجارية التي يشنها على المنافسين، من دون تفريق بين «الأعداء» والأصدقاء، إلى مستوى الحرب الاقتصادية الشرسة. فبعد أن هدد بنما بغزوها واحتلال قناتها المائية (أحد أهم الممرات المائية للتجارة العالمية)، إن هي لم تنقل ملكية وإدارة موائها البحرية من الشركات الصينية إلى كونسرتيوم أمريكي بقيادة شركة بلاك روك، وهو ما حدث بالفعل، حيث دُفعت الحكومة البنمية والشركة الصينية المالكة والمشغلة لموانئ قناة بنما (شركة سي كي هاتشيسون CK Hutchison Holdings)، للموافقة على صفقة البيع – ها هو رئيس أمريكا في ولايته الثانية، لا يعود فقط إلى ممارسات الحمائية والميركنتيلية التي دشن بها ولايته الأولى، وإنما ينقل العلاقات الاقتصادية الدولية إلى مستوى الحرب الاقتصادية الحقيقية، ظناً منه أنه إنما يعيد بهذا التهور لأمريكا عظمتها ومجدها الذي يعتقد أنه صار غابراً ولابد من استعادته بالقوة القاهرة. الحكومة الأمريكية بدأت بالبحث عن إجراءات عقابية لوقف سيطرة الصين على صناعة بناء السفن في العالم، حيث تُصنّع ما يصل إلى 75%-80% من الأساطيل العالمية. ترامب يخطط لإصدار أمر تنفيذي يفرض بموجبه رسوماً على السفن المرتبطة بالصين في الموانئ الأمريكية، في محاولة لإنعاش صناعة بناء السفن الأمريكية وتعطيل سلاسل التوريد الصينية. تتضمن الخطة معاقبة شركات النقل البحري التي تستخدم سفناً صينية الصنع لنقل البضائع، بفرض رسوم خدمة على السفن الصينية الصنع الواصلة إلى الموانئ الأمريكية تصل إلى 1.5 مليون دولار أمريكي لكل ميناء وصول في الولايات المتحدة، ورسوم خدمة تصل إلى مليون دولار أمريكي على كل سفينة نقل بحري مملوكة للصين (مثل كوسكو 'COSCO'). أوساط صناعة النقل البحري في العالم، تحذر من أن الغرامات ستكون لها عواقب «بالغة الخطورة» على كيفية خدمة الصناعة البحرية للولايات المتحدة. في ظرف بضع سنوات، وبصورة سريعة، أزاحت الصين كوريا الجنوبية من عرش بناء السفن. ووفقاً لبيانات فيسون نوتيكال، فقد استحوذت سفن الحاويات الصينية الصنع على 81% من حصة السوق، ونسبة 75% من أسطول ناقلات البضائع السائبة من الأسطول العالمي في عام 2024. كما زادت الصين حصتها في سوق ناقلات غاز البترول المسال إلى 48%، متفوقة على حصة كوريا الجنوبية البالغة 46%. وبحسب 'VesselBot' (شركة متخصصة في بيانات الشحن البحري)، فقد بلغت نسبة ما وصل إلى موانئ أمريكا من السلع في 2024 على متن سفن صينية الصنع، 21%. فالسفن الصينية الصنع تُشكل 24% من الأسطول العالمي لشركة 'MSC'، أكبر شركة نقل بحري في العالم، بينما يُظهر سجل هذه الشركة لطلبات السفن الجديدة، أن 92% من سفنها المستقبلية ستُصنع في الصين، بحسب بيانات جمعتها شركة 'Lloyd›s List'. أيضاً، فإن شركة ميرسك، ثاني أكبر شركة نقل بحري في العالم، تمتلك أسطولاً، 20% من سفنه صينية الصنع، فضلاً عن استحواذ الصين على 79% من طلباتها. أما أسطول شركة سي إم إيه سي جي إم (CMA CGM)، فيتكون بنسبة 41% من السفن الصينية الصنع، وتستحوذ الصين على 54% من طلباتها المستقبلية، بينما تبلغ نسبة السفن الصينية الصنع في شركة هاباج لويد (Hapag Lloyd)، 21%، وتستحوذ الصين على 89% من طلباتها المستقبلية. السيناتور الأمريكي مارك كيلي لفت إلى أن الصين تشغل 5500 سفينة عابرة للمحيطات حول العالم، بينما تمتلك الولايات المتحدة أقل من 100 سفينة. وإذا علمنا بأن الموانئ الأمريكية تعمل فعلياً بنسبة 60% فقط من طاقتها التشغيلية، لأنها لا تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وإن استهلاك الكهرباء في الصناعة في الصين يفوق بثلاثة أضعاف مثيله في أمريكا، وإن إنتاج الصلب في الصين يفوق مثيله في أمريكا بحوالي 16 ضعفاً، ويفوق بناء السفن في الصين بحوالي 400 ضعف ما تبنيه أمريكا. فضلاً عن استحواذ الصين على 75% من إنتاج العالم من الإسمنت، وعلى 70% من الألياف الكيميائية التي ينتجها العالم أجمع، واستحواذها على 90% من إنتاج العالم من الطائرات بدون طيار - فلنا أن نتساءل عن جدوى مثل هذه الحرب الاقتصادية في ظل انعدام أهم مقومات المنافسة، وهو التكافؤ في الموارد والطاقات؟ يبقى أن شن الحروب الاقتصادية ضد الآخرين ليس بلا أثمان. فجراء هذه السياسة الاقتصادية الأمريكية الكابسة على مسار تنفس الاقتصاد العالمي، عانت الأسواق من فترة عصيبة في الأشهر الأولى من الإدارة الثانية للرئيس دونالد ترامب. فقد انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500، بنسبة 7.1% منذ تنصيب ترامب في 20 يناير 2025، وتتوقع البنوك الكبرى بنسبة احتمال تقترب من 60%، حدوث ركود. والأخطر في هذا التوقع، أنه لن يكون سوى مجرد أضرار سطحية!


عكاظ
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- سيارات
- عكاظ
صندوق الاستثمارات و«فورمولا إي» يطلقان برنامجاً تعليمياً للشباب في الهندسة والرياضيات والعلوم والتنقل المستدام
أعلن صندوق الاستثمارات العامة بالشراكة مع «فورمولا إي» اليوم إطلاق برنامج تعليمي رائد، يركز على العلوم التقنية والهندسة والرياضيات، بما يتماشى مع مستهدفات الصندوق في مجال تعزيز حلول التنقل المستدام الذي يعتمد على الطاقة المتجددة، وذلك تحت مسمى «Driving Force Presented by PIF»، والمصمم لتحفيز قدرات جيل الشباب وتطوير مهاراتهم في هذه المجالات. ويهدف البرنامج إلى تمكين الطلاب الذين تراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً، وإشراكهم في رسم مستقبل التنقل وتعزيز مهاراتهم الخاصة بتقنيات الاستدامة ومستقبل المركبات الكهربائية، وذلك من خلال ورش عمل تفاعلية، وتجارب عملية. ويراعي البرنامج مختلف الفئات العمرية، وتتنوع أنشطته التفاعلية ما بين تحضير العروض وإجراء الأبحاث العلمية، والتجارب التي تحاكي واقع قطاع التنقل المستدام وتسعى لتطوير حلول للتحديات التي تواجهه. ويستهدف البرنامج أكثر من 50 ألف طالب حول العالم، وقد أُطلقت أولى دورات البرنامج التجريبية الحضورية في المملكة العربية السعودية في خمس مدارس مختلفة، وستتبعها بقية دورات البرنامج في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة. وسيساهم البرنامج في تعزيز جهود صندوق الاستثمارات العامة لنقل وتوطين المعرفة في المملكة، من خلال رفع وتعزيز المهارات الفنية للكفاءات الوطنية في العديد من المجالات ذات العلاقة بقطاعات المستقبل. وقال أليخاندرو أجاج، المؤسس ورئيس مجلس إدارة فورمولا إي وإكستريم إي وإي 1: «تواصل شراكة E360 مع صندوق الاستثمارات العامة، التي انطلقت العام الماضي، صنع الفرص لإحداث أثر إيجابي، ويعد برنامج (Driving Force Presented by PIF) تجسيداً واضحاً لدور الصندوق وتأثيره الفعال في الارتقاء برياضة المحركات الكهربائية وإلهام الجيل القادم من أصحاب المواهب في مجال التنقل المستدام والتقنية الخضراء». من جانبه، قال مدير إدارة الهوية المؤسسية في صندوق الاستثمارات العامة محمد الصياد: «يلتزم صندوق الاستثمارات العامة بتحفيز نمو وتطور رياضة المحركات الكهربائية، من خلال الشراكة مع E360، والتعاون مع مختلف الشركاء لتحقيق التقدم، وتعظيم الأثر. يهدف الصندوق عبر برنامج «Driving Force Presented by PIF» إلى إحداث تحوّل مؤثّر في القطاع، وتمكين جيل الشباب وتحفيزهم للابتكار في مستقبل التنقل وتعزيز المهارات الفنية للكفاءات الوطنية في العديد من المجالات ذات العلاقة بقطاعات المستقبل». وبالإضافة إلى الدورات الحضورية سيتفاعل الطلاب والأساتذة مع البرنامج رقمياً، من خلال موقع متخصص يحتوي على نماذج تعليمية متقدمة حول مواضيع مثل مواجهة تلوث الهواء وتطوير حلول الطاقة المستدامة والاقتصاد الدائري وحماية المحيطات، وذلك للطلاب الذين تراوح أعمارهم بين 8 و12 عاماً، أما الطلاب من الفئة العمرية الأكبر (12 إلى 18 عاماً) فسيركزون على مواضيع من بينها الطاقة المتجددة وفرص العمل في مجال رياضة المحركات. أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الخليج
الصين غاضبة من أحد رأسمالييها
د. محمد الصياد * نادراً ما تُظهر الصين غضبها فيما يخص شؤون علاقاتها الدولية. فهي تدير هذه العلاقات بأكبر قدر من الهدوء والرصانة والبعد قدر الإمكان عن المواقف المتشنجة التي قد تفضح حقيقة الموقف أو ترسل رسائل خاطئة يقرؤها الآخرون على غير ما تهواه بكين. لكن ما قام به أحد كبار رأسمالييها مؤخراً أثار غضب وحفيظة المستوى السياسي وأوساط الإعلام ومراكز وخزانات الأفكار الصينية. كا شينغ لي «Ka-shing Li» (مواليد 1928)، ملياردير من هونغ كونغ تبلغ ثروته الصافية نحو 40 مليار دولار، يملك شركات تعمل في كافة مجالات الصناعة والتجارة والنقل والتكنولوجيا وغيرها. منحته بريطانيا وسام رتبة الإمبراطورية البريطانية (Most Excellent Order of the British Empire). بصورة مفاجئة أثارت حفيظة وحنق الصينيين، أقدم كا شينغ لي مؤخراً على بيع 43 ميناءً ومرافقها اللوجستية في 23 دولة، لشركة بلاك روك الأمريكية. وهو ما اعتبر الصينيون أنه تواطؤ مع الشركة الأمريكية ومع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخيانة سافرة للأمانة وللوطن الأم، مذكّرين بالوجوه القبيحة التي فضحتها أعمال العنف والتخريب التي نفذتها عناصر متآمرة لقلب النظام في هونغ كونغ في عام 2014 و2019. واتهموه بأنه باع وطنه من أجل المال. احتفل ترامب بالاستيلاء، عبر شركة بلاك روك، على جميع هذه الموانئ اللوجستية، بما فيها قناة بنما. والهدف فرملة تدفق السلع الصينية إلى موانئ هذه الدول على اعتبار أن الصين هي أكبر مُصنّع للسلع في العالم. وبسيطرة الولايات المتحدة على هذه الموانئ يُمكنها إيجاد أعذارٍ للضغط على شركات الشحن الصينية، بما يجبرها على زيادة هائلة في تكاليف هذه الموانئ. وقد يصل الأمر لاستخدام الولاية القضائية الطويلة الأمد لمنع السفن الصينية من الرسو في هذه الموانئ. فالهدف النهائي هو الإضرار باستراتيجية «صُنع في الصين»، ومبادرة الحزام والطريق. خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار تنفيذ هونغ كونغ استراتيجية الصين المتمثلة في إنشاء مركز دولي للشحن والتجارة. لم ترد شركتا سي كي هاتشيسون وبلاك روك على استفسارات الصحافة بشأن القضية. كما التزم كا شينغ لي الصمت إزاء ثورة الغضب المنفجرة في وجهه، وهو الذي ادعى في 16 مارس 2018 تقاعده من العمل في شركتيه الأم «CK Hutchison Holdings» و«CK Asset Holdings»، بعد قرابة 70 عاماً من العمل، ونقله السيطرة على إمبراطوريته التي يبلغ إجمالي قيمة أصولها 100 مليار دولار أمريكي، إلى ابنه، فيكتور لي. لكنه في الواقع ظل يشرف على أعمال الإمبراطورية من منصبه الذي اتخذ صفة المستشار الأول للمجموعتين القابضتين. تتضمن الصفقة موافقة شركة سي كي هاتشيسون «CK Hutchison Holdings» مبدئياً على نقل حصتها البالغة 90% في شركة موانئ بنما إلى كونسورتيوم تحالف تقوده شركة الاستثمار الأمريكية بلاك روك، إضافة إلى حصتها الفعلية والمسيطرة البالغة 80% في 43 ميناءً تضم 199 رصيفاً في 23 دولة، بقيمة إجمالية قدرها 22.8 مليار دولار. صحيفة «تا كونغ باو» اليومية الناطقة بالصينية، كتبت مقالاً في صفحتها الأولى يوم السبت 15 مارس 2025، بعنوان «رجال الأعمال العظماء جميعهم وطنيون بارزون»، دعت فيه رجال الأعمال الصينيين إلى مواجهة هذه الأزمة بنفس الطريقة التي تواجه بها الصين «الهيمنة والتنمر الأمريكيين»، داعية الشركات الصينية إلى «الوقوف بحزم إلى جانب الوطن الأم». أما من يستسلمون لسلوكيات الهيمنة والتنمر لإبرام «صفقة لمرة واحدة»، فسيُسجلون في صفحات «العار التاريخي». وأوردت الصحيفة أمثلة لرجال أعمال صينيين مثل تشانغ تشين الذي افتتح مصنعاً للقطن في أواخر القرن التاسع عشر، ورين تشنغفي مؤسس شركة هواوي تكنولوجيز، وغيرهم من رجال الأعمال الصينيين الذين «صانوا السيادة التكنولوجية لصناعة الاتصالات الصينية». سوق الأسهم ردّت على هذا التداعي الغاضب للصفقة بأن هبطت القيمة السوقية لأسهم شركة سي كيه هاتشيسون، وثلاث وحدات أخرى مدرجة في هونغ كونغ، هي سي كيه أسيتس هولدينغز، وسي كيه إنفراستركتشر هولدينغز، وباور أسيتس هولدينغز، بما تجاوز 20 مليار دولار هونغ كونغي (2.57 مليار دولار أمريكي)، وذلك يوم الجمعة 14 مارس 2025. السوق تتعامل بوضوح مع اعتراض الصين على الصفقة، وتحذيرها منها، ورغبتها في تعليقها. بعض كبار المحللين السياسيين الصينيين اعتبروا ما قام به كا شينغ لي، انتهاكاً صارخاً للمصالح الوطنية لجمهورية الصين الشعبية، داعين السلطات الصينية لاتخاذ إجراءات صارمة ضده وفقاً للقوانين ذات الصلة في البلاد ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.


صحيفة الخليج
٢٧-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الخليج
تعميم ظاهرة اللاتوازن المالي
د. محمد الصياد * كما هي عدوى المرض الهولندي الذي تصاب به الدول التي تركن لإحدى ثرواتها الطبيعية وتهجع اقتصاديا ظناً منها أن مصدر هذه الثروة الطبيعي لن ينضب، كذلك هي عدوى انتقال وانتشار اللاتوازن (بين الإيرادات والمصروفات) الذي بات يميز موازنات الدول الكبرى الرأسمالية في العقدين ونيف الأخيرين. فالعدوى بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية التي أخذت على عاتقها مهمة ومسؤولية ضبط وتنسيق وتوازن السياسات النقدية والمالية العالمية، سواءً عبر تنصيبها الدولار الأمريكي كعملة العملات العالمية: للتداول الداخلي والخارجي، ولعمليات الدفع الدولية، وللاكتناز الدولي، أو عبر المؤسسات المالية الدولية التي تسيطر عليها (بحكم نسبة مساهمتها في رؤوس أموالها) وتشرف على عملها، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسة التمويل الدولية «International Finance Corporation» التابعة للبنك الدولي – لم تتمكن من النهوض بهذه المهام والمسؤوليات سوى ل 26 سنة فقط، من سنة 1945 الى سنة 1971، حين قررت أمريكا، فيما عُرفت بصدمة نيكسون «Nixon shock»، فك ارتباط الدولار بالذهب تحت ضغط أزمتها الاقتصادية التي تمثلت في ارتفاع نسبة التضخم الى 5.84%، وارتفاع معدل البطالة إلى 6.1%. والسبب هو تعاظم الالتزامات المالية (الانفاق) للدولة الأمريكية الذي أدى إلى تآكل احتياطياتها الذهبية واختلال توازناتها المالية. فكان لابد للولايات المتحدة من دفع ثمن مسؤولياتها العالمية المتعاظمة العسكرية والاقتصادية والسياسية. ولم يعد، منذ ذلك الحين، بوسع الولايات المتحدة أن تقابل احتياجاتها والتزاماتها المالية المتعاظمة سنة بعد سنة، إلا من خلال التمويل العجزي الذي يصلها على مدار الساعة (كأنبوب تغذية المريض) من دول الفوائض المالية التي تحصل مقابل ذلك على فوائد السندات التي تبيعها وزارة الخزانة الأمريكية. وبما أن المعلم لم يعد قادراً ولا مبالياً بعواقب الاستدانة المستدامة، فكان لابد للتلاميذ أن يقلدوا أستاذهم في عدم الاهتمام بالانضباط، «حضوراً وتحصيلا علمياً». فكان أن تعممت سياسة التمويل العجزي، بحيث يندر أن تجد اليوم دولة لا تؤمِّن احتياجاتها الإنمائية، الجارية والاستثمارية، من سياسة التمويل العجزي، باستثناء عدد يسير من الدول (10 دول) ما زالت تضبط إيقاع دورتها الاقتصادية أخذاً في الحسبان مبدأ التوازن المالي، ما مكنها من جعل دينها العام كنسبة مئوية من إجمالي ناتجها المحلي، عند حده الأدنى الذي يراوح ما بين 2.1% (هونج كونج)، و17% (روسيا الاتحادية). لهذا، يمكن القول إن جميع الدول تقريباً، اليوم، مديونة، بسبب الإخفاق في تحقيق التوازن المالي، حيث تتراكم الديون بسبب عجز الموازنات والاضطرار إما لزيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة لزيادة الإيرادات بالتوازي مع خفض النفقات، أو للاقتراض لجسر الفجوة بين الإيرادات والمصروفات. وتأتي الأموال اللازمة لتمويل هذا العجز من مصادر عدة: الاقتراض من خلال قيام الحكومات بإصدار سندات لجمع الأموال المطلوبة من المستثمرين المحليين والدوليين الذين يقبلون على شراء هذه السندات. وهذه هي الطريقة الأساسية التي تستخدمها الحكومات لتمويل عجزها، التمويل من خلال البنوك المركزية: في بعض الحالات، قد تشتري البنوك المركزية سندات حكومية بشكل مباشر أو غير مباشر، ما قد يوفر تمويلاً فورياً، لكن هذا سيؤدي إلى زيادة المعروض النقدي، وترتيباً التضخم إذا تم ذلك بشكل مفرط، الاستثمار الأجنبي، فقد تجتذب البلدان الاستثمار الأجنبي المباشر أو الاستثمار في المحافظ، والذي يمكن أن يوفر تدفقات لرأس المال تساعد على تمويل العجز، المساعدات والقروض الدولية، حيث تتلقى بعض البلدان مساعدات مالية من منظمات دولية (مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي) أو دول أخرى، لتغطية عجوزاتها، السياسة النقدية، إذ بوسع البنوك المركزية أيضاً تنفيذ سياسات تخفض أسعار الفائدة، ما يجعل الاقتراض أرخص للحكومات لغرض تمويل العجز، النمو الاقتصادي، فإذا نما الاقتصاد، يمكن أن تزيد الإيرادات الضريبية بمرور الوقت، ما يساعد على إدارة العجز وتقليصه. دوامة العجز تبدأ من تسببه في رفع وتيرة ومستويات الاقتراض، وزيادة مدفوعات الفائدة، ولا تنتهي بتخفيض مخصصات الاستثمار الإنتاجي، ما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات خلال العام التالي. الآن، ما الذي يسبب عجز الميزانية؟ ينحاز مذهب الاقتصاد السياسي الرأسمالي، لتحميل مسؤولية العجز إلى سياستين إنفاقيتين هما زيادة الإنفاق على برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وتقديم الدعم الحكومي لبعض الصناعات. ولا يقارب هذا المذهب أوجه الإنفاق التي تُعد المسؤول الأول والحقيقي عن العجز وتراكمه، مثل الإنفاق العسكري، و«دوزنة» الهيكل الضريبي بطريقة تضع ضرائب أقل على أصحاب الرساميل والثروات والمداخيل المرتفعة، وزيادتها، بالمقابل، على أصحاب الأجور المنخفضة، فضلاً عن سياسة الإعفاءات والتخفيضات والتسهيلات الضريبية. *خبير اقتصادي بحريني


صحيفة الخليج
٢٣-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الخليج
سندات الصين السيادية الدولارية
د. محمد الصياد * بعد توقف دام ثلاث سنوات، عادت وزارة المالية في جمهورية الصين الشعبية في 13 نوفمبر 2024 إلى سوق سندات الدولار الأمريكي، ونجحت في تسعير إصدار سندات سيادية مزدوجة الشريحة بقيمة إجمالية بلغت ملياري دولار أمريكي في السعودية، وهو أول إصدار سندي صيني في المنطقة العربية وجوارها. بلغ إجمالي الاكتتاب 39.73 مليار دولار، أي 19.9 مرة من المبلغ المصدر. وبلغ مضاعف الاكتتاب للسندات لأجل 5 سنوات 27.1 مرة، وهو الأعلى في السنوات الأخيرة لإصدارات السندات السيادية العالمية. وكانت أسعار الفائدة على السندات لأجل 3 سنوات و5 سنوات أعلى بنقطة أساس واحدة و3 نقاط أساس على التوالي من أسعار فائدة سندات الخزانة الأمريكية بنفس الأجل، مسجلة بذلك الرقم القياسي لأدنى فارق سعر فائدة في سوق السندات الدولارية. وحققت وزارة المالية الصينية فروق أسعار ضيقة تاريخياً لكلتا الشريحتين - حيث تم تسعير الأوراق المالية التي تبلغ قيمتها 1.25 مليار دولار لأجل 3 سنوات و750 مليون دولار لأجل 5 سنوات، عند نقطة أساس واحدة وثلاث نقاط أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية على التوالي. وقد اجتذب هذا الإصدار من السندات السيادية الدولارية الأمريكية مجموعة متنوعة من المستثمرين وتوزيعاً جغرافياً واسعاً. وبلغت نسبة المستثمرين من آسيا والمنطقة العربية وجوارها وأوروبا والولايات المتحدة 68% و8% و20% و4% على التوالي، مع وصول نسبة المستثمرين من المنطقة العربية وجوارها إلى مستوى تاريخي مرتفع. من حيث أنواع المستثمرين، شكلت الكيانات السيادية والبنوك ومديري الصناديق وشركات التأمين والتجار 9% و50% و37% و2% و2% على التوالي. وقد أدرجت السندات الصادرة في بورصتي هونج كونج وناسداك دبي. الخطوة الصينية أحدثت نقاشاً ولغطاً واسعاً على وسائط السوشيال ميديا، بما فيها الصينية. فضخّمها البعض واعتبر إصدار الصين للسندات في المنطقة العربية وجوارها، يهدف إلى تغيير وجهة دولارات النفط الوفيرة في المنطقة، من الأصول الأمريكية إلى الصين، فيما اعتبر البعض الآخر أن باستطاعة الصين استخدام الأموال التي جمعتها، للاستثمار في دول مبادرة الحزام والطريق (BRI)، أو لمساعدة هذه البلدان على تقليل اعتمادها على العملات والديون الأمريكية والغربية. الدكتور وانج يونجلي نائب الرئيس السابق والمدير التنفيذي لبنك الصين، وأول عضو صيني في مجلس إدارة SWIFT، علق يوم 3 ديسمبر 2024 على ذلك على مدونته في موقع ' WeChat' (أو Weixin بالصينية - تطبيق صيني للمراسلة الفورية ووسائل التواصل الاجتماعي والدفع عبر الهاتف المحمول طورته شركة 'Tencent Holdings ltd'، وهي شركة صينية تكنولوجية قابضة ومتعددة الجنسية) - علق قائلاً: قيام الحكومة الصينية بإصدار السندات بالعملات العالمية (الدولار الأمريكي في الحالة السعودية)، ليس ممارسة مستجدة، فالصين تداوم على إصدار مثل هذه السندات في الخارج منذ عام 1987، وازداد زخمها منذ عام 2017. في 6 نوفمبر 2019، على سبيل المثال، أصدرت الحكومة الصينية سندات سيادية بقيمة 4 مليارات يورو في باريس. وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أصدرت سندات سيادية بقيمة 6 مليارات دولار في هونج كونج. وفي 10 نوفمبر2021، أصدرت سندات سيادية أخرى بقيمة 4 مليارات يورو في هونج كونج. وفي 23 سبتمبر 2024، أصدرت سندات سيادية بقيمة ملياري يورو في باريس. تميل الصين إلى تفضيل إصدار السندات السيادية في هونج كونج للمساهمة في دعم مكانتها كمركز مالي عالمي. كما اهتمت بأسواق أخرى، حيث أصدرت سندات سيادية بالعملات المحلية في دول مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا، وأدرجت هذه السندات في بورصات هذه البلدان. أيضاً، فإنه على الرغم من أن الدفعة الجديدة من السندات السيادية الصينية أنجزت في الرياض، إلا أن المستثمرين لم يكونوا من المملكة العربية السعودية فقط. فقد كان 68% منهم من آسيا، و8% من المنطقة العربية وجوارها، و20% من أوروبا، و4% من الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لوزارة المالية الصينية. الأكيد، أن اختيار إصدار السندات في المملكة العربية السعودية وإدراجها في بورصتي هونج كونج ودبي يعزز بشكل كبير العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين الصين وكل من السعودية ودولة الإمارات. أخيرا، أكد المسؤول الصيني السابق، بأنه لا صحة للتكهنات القائلة بأن الأموال التي تم جمعها من خلال إصدار السندات السيادية سوف يعاد استثمارها في مشاريع مبادرة الحزام والطريق، أو إنه سيتم استخدامها لسداد ديون الدول النامية المدينة للمؤسسات المالية الغربية.