logo
#

أحدث الأخبار مع #محمدسميرندا

ثقافة : حسين عبد البصير يكتب.. "صلاة القلق" تتويج القلق الجمعى فى الرواية العربية
ثقافة : حسين عبد البصير يكتب.. "صلاة القلق" تتويج القلق الجمعى فى الرواية العربية

نافذة على العالم

timeمنذ يوم واحد

  • ترفيه
  • نافذة على العالم

ثقافة : حسين عبد البصير يكتب.. "صلاة القلق" تتويج القلق الجمعى فى الرواية العربية

الجمعة 23 مايو 2025 10:30 مساءً نافذة على العالم - ذلك اللقاء في مكتبة الإسكندرية فى يوم من أيام الإسكندرية التى تختلط فيها زرقة البحر برائحة التاريخ، كنت فى قاعة المسرح الصغير فى مكتبة الإسكندرية، حيث تتشابك دروب المعرفة والحكايات، أنتظر بفارغ صبر قرب إعلان القصيرة لجائزة الرواية العالمية للرواية العربية، قابلت الكاتب المبدع الأستاذ محمد سمير ندا بعد أن تم إدراج روايته "صلاة القلق" في القادمة القصيرة. هنأته. وسعدت بذلك جدًا. وسعد الجميع في القاعة كذلك؛ لأنها كانت الرواية المصرية الوحيدة في القائمة القصيرة. وعرفته بنفسي وبصلتي القديمة بوالده الفاضل أستاذنا الكاتب الكبير الأستاذ سمير ندا، صاحب الفضل على الكثير من أجيال الروائيين من أول الأستاذين الكبيرين جمال الغيطانى ويوسف القعيد إلى الأجيال التالية، وأنا منهم، والذى نشر لى روايتى الأولى "البحث عن خنوم"، فى عام 1998، فى سلسلة إبداعات أدبية، الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي كان يشرف عليها مع الكاتب الكبير الأستاذ فؤاد قنديل. وقد كتب الكاتب الكبير الأستاذ سمير ندا كلمة مبهر الغلاف الخلفي لروايتي. ابتسم ابتسامة مرحبة، وقال لي بنبرة خافتة: "أهلاً وسهلاً. دعواتك لي أن تفوز بالجائزة". نظرت إليه وقلت بثقة حاسمة: "سوف تفوز بالجائز إن شاء الله". ثم دار حوار قصير للغاية بيننا. وانصرف لكي يتلقى التهاني من الموجودين بالقاعة. ليس لأنني منجّم، بل لأنني كنت أرى وراء الكلمات طاقة إبداعية نادرة. كان الشاب يحمل في داخله ميراثًا إبداعيًا عظيمًا، كونه ابن الكاتب الكبير سمير ندا، الأستاذ والأديب والمربي، الذي علّم أجيالًا أن الكتابة ليست ترفًا، بل قدرًا. رواية "صلاة القلق" حين يتحوّل النص إلى مرآة وجودية جاءت الرواية، التي صدرت طبعتها المصرية هذا العام عن دار صفصافة للنشر، لتصدق النبوءة. لم يكن فوزها بجائزة الرواية العالمية للرواية العربية 2025 مجرد تتويج لموهبة، بل كان عودة مجيدة للرواية المصرية إلى مركزها التاريخي، بعد سنوات من الركود والارتباك. لكن "صلاة القلق" ليست مجرد رواية فائزة، إنها حالة أدبية وفلسفية معقدة، تقترب من كونها تأملًا وجوديًا في القلق الجمعي العربي، ومرآة كاشفة لهواجس عصر مشوّش، يضطرب بين الحنين إلى أوهام الماضي، وعجز الحاضر، وغموض المستقبل. نجع المناسي.. الجغرافيا الرمزية للعطب العربي تدور الرواية في فضاء مكاني متخيّل يُدعى "نجع المناسي"، اسمٌ مكثف بالدلالة: "النسيان" و"المناسي" في آن. وكأننا أمام مكان ينسى ذاته، ويتناسى تاريخه، ويُرغم على تصديق كذبة متقنة الصنع. في هذا النجع، تسقط قطعة نيزك غامضة، فتبدأ معها سلسلة من التحولات العجائبية: • تشوهات جسدية لسكان النجع. • اضطرابات نفسية جماعية. • عودة أشباح الماضي على هيئة أصوات ووجوه. • تداخل بين الزمان والمكان، والحلم والواقع. لكن النيزك ليس سوى رمز للنكسة الكبرى، نكسة 1967، التي تحوّلت في الرواية إلى استعارة للنكبات المتكررة التي أصابت الإنسان العربي: من الخذلان السياسي، إلى الانهيار الثقافي، إلى التشظي النفسي. الشخصيات.. فسيفساء القلق الوجودي يبني محمد سمير ندا عالمه الروائي عبر شخصيات لا يُمكن التعامل معها كشخصيات نمطية. بل هي أقرب إلى إسقاطات رمزية وهواجس باطنية: 1. الخوجة: رمز التضليل الإعلامي والسياسي، الذي يعيد بث خطاب عبد الناصر كل ليلة، رغم مرور عقود على النكسة. 2. النحال المجذوب: صوت الحكمة المفقودة، يتحدث بالألغاز، وكأنه شاهد على فناء القيم. 3. الغجرية: تمثل النبوءات الكاذبة والأوهام المريحة. 4. حكيم القرية الأبكم: رمز للصمت الجمعي، العجز عن النطق بالحقيقة. ومع تقدم الرواية، تنكشف مفاجأة مذهلة: كل هذه الشخصيات هي انعكاسات نفسية للمؤلف ذاته، الذي يخضع لجلسات علاج نفسي بعد فقدانه المأساوي لابنه في حادث عبثي. هكذا تتحول الرواية من حكاية قرية، إلى حكاية عقل مضطرب يبحث عن معنى في عالم فقد معناه. عبد الحليم.. الصوت المُضلِّل ابتكارٌ ذكي في الرواية كان استخدام أغنيات عبد الحليم حافظ كبداية لكل فصل. لكن هذه الأغاني لا تؤدي دورها التقليدي كرمز للحنين والرومانسية، بل تصبح صوتًا للذاكرة المضلّلة. عبد الحليم، الذي غنّى للانتصارات الوهمية، يصبح هنا ضميرًا زائفًا يعيد إنتاج الأكاذيب، ويحفرها في الوجدان الجمعي. وكأن الرواية تسألنا: "هل نحن ضحايا الأكاذيب؟ أم شركاء في صناعتها؟" لغة الرواية.. ارتباك جميل مقصود اللغة في "صلاة القلق" ليست سهلة الهضم. بل هي لغة مرتعشة، متأرجحة بين النثر والشعر، بين الهذيان والتأمل. إنها لغة تزعج القارئ عمدًا، تهزه من منطقة الراحة، وتدفعه لمواجهة الأسئلة الصعبة: • من نحن؟ • لماذا نصدق الأكاذيب؟ • هل القلق قدرنا؟ أم خيارنا؟ اللغة هنا ليست وسيلة للتواصل فقط، بل أداة لزعزعة الثبات، وإشعال القلق الخلّاق. "صلاة القلق".. نص متعدد القراءات هذه الرواية يمكن قراءتها على مستويات عدّة: • كنص نفسي – علاجي: رحلة شفاء ذاتي من فاجعة شخصية. • كرواية سياسية – اجتماعية: نقد حاد للوعي الزائف في المجتمعات العربية. • كنص وجودي – فلسفي: تأمل عميق في قلق الإنسان المعاصر. ومن هنا تأتي عظمتها: قدرتها على أن تكون مرآة لكل قارئ بحسب أزمته. من سمير ندا إلى محمد سمير ندا.. الامتداد والتجاوز لا يمكن الحديث عن محمد سمير ندا دون استحضار والده، الكاتب الكبير سمير ندا، أحد أعمدة السرد المصري، الذي خرّج أجيالًا من الكتّاب والمبدعين. لكن محمد لم يقع في فخ التقليد، بل امتلك شجاعة التجاوز. كتب من قلب الزلزال، من أعماق الهشاشة الإنسانية، ليقدم نصًا مختلفًا، صادمًا، حقيقيًا. حين أخبرته يوم لقائنا الأول: "أنت الكاتب الكبير بعد الكاتب الكبير." لم أكن أجامل. كنت أرى فيه بذرة مشروع أدبي سوف يصنع فرقًا. واليوم، تثبت رواية "صلاة القلق" أن النبوءة تحققت، وأن الأدب المصري لا يزال قادرًا على الولادة من الرماد. لماذا تستحق "صلاة القلق" أن تُدرّس؟ هذه الرواية يجب أن تُدرّس، لا لأنها فازت بجائزة، بل لأنها: • تجربة سردية متفردة في بنائها وتقنياتها. • وثيقة نفسية عن الإنسان العربي المعاصر. • عمل أدبي يلامس الفلسفة والأنثروبولوجيا والسياسة في آن. • دعوة إلى المصالحة مع القلق، لا الهروب منه. إنها ليست "رواية"، بل "صلاة".. لكنها صلاة بلا إجابة، سوى المزيد من الأسئلة. الأدب الحقيقي لا يطمئن.. بل يقلق وهذا هو جوهر "صلاة القلق": أن الكتابة الحقيقية هي فعل قلق، ومقاومة للنسيان، وشهادة على الوجود. تحية للمبدع الأستاذ محمد سمير ندا، الكاتب الكبير، ابن الكاتب الكبير، الأستاذ سمير ندا.

ثقافة : محمد سمير ندا يوقع "صلاة القلق" بمكتبة ديوان.. اعرف الموعد
ثقافة : محمد سمير ندا يوقع "صلاة القلق" بمكتبة ديوان.. اعرف الموعد

نافذة على العالم

timeمنذ 5 أيام

  • ترفيه
  • نافذة على العالم

ثقافة : محمد سمير ندا يوقع "صلاة القلق" بمكتبة ديوان.. اعرف الموعد

الثلاثاء 20 مايو 2025 01:30 صباحاً نافذة على العالم - تنظم مكتبة ديوان بالزمالك ندوة ثقافية جديدة لتوقيع ومناقشة رواية "صلاح القلق" للكاتب الروائى محمد سمير ندا الحاصل على الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" 2025، والصادرة عن دار ميسكلياني للنشر بتونس، وذلك يوم الجمعة 23 مايو 2025 في تمام السابعة مساءً، ويناقش الرواية ويدير الأمسية، الكاتب الروائي حسن كمال. رواية صلاة القلق تتحدث عن بعض أحداث الشغب التي وقعت في مستعمرة مرضى الجذام الموجودة في مصر، راح ضحيتها مجموعة من النزلاء، مع بعض المعلومات التي تلقي الضوء على المعلومة الأصلية التي استند إليها الروائي في بناء روايته. تدور الرواية حول قرية منسية يهزّها انفجار غامض لجسم مجهول عام 1977، ما يؤدى إلى تحولها إلى مكان مغلق يعيش فيه السكان صراعاتهم الخاصة. فمن جهة، هناك المتمرّدون الذين يطالبون بالحرية، ومن جهة أخرى، الطغاة الذين يُحكمون سيطرتهم على الجميع. الرواية لا تسير زمنياً إلى الأمام فقط، بل تعود بالقارئ إلى الوراء، لتسلّط الضوء على مرحلة صعبة تمتد من نكسة عام 1967 حتى لحظة الانفجار. يُروى الحدث الرئيسي في القرية من خلال ثماني شخصيات مختلفة، مما يشكل فسيفساء سردية غنية ومتناغمة. وعلى مستوى أعمق، تطرح الرواية تساؤلات جوهرية حول من يكتب التاريخ فعلاً: هل هو السلاح والحديد، أم أصوات التمرّد التي لا تموت؟ وماذا يعني لنا عام 1977؟ هل هو موت المعنى والفن، أم انكشاف زيف السلام والمصير؟ لتصبح "قرية المناسي" رمزًا لجيل مشوّه ومخدوع.

ثقافة : الروائى محمد سمير ندا يزور "اليوم السابع".. وصحفيو المؤسسة يحتفون بإبداعه
ثقافة : الروائى محمد سمير ندا يزور "اليوم السابع".. وصحفيو المؤسسة يحتفون بإبداعه

نافذة على العالم

timeمنذ 5 أيام

  • ترفيه
  • نافذة على العالم

ثقافة : الروائى محمد سمير ندا يزور "اليوم السابع".. وصحفيو المؤسسة يحتفون بإبداعه

الثلاثاء 20 مايو 2025 01:30 صباحاً نافذة على العالم - أجرى الروائي محمد سمير ندا الحاصل على الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" لعام 2025، والكاتب الصحفي أشرف عبد الشافي، زيارة إلى مقر جريدة "اليوم السابع"، وتفقد دورة العمل فى صالة التحرير الرئيسية، وصالات التحرير الفرعية بالمواقع التابعة للمؤسسة، مشيد بدور المؤسسة الريادى فى العمل داخل صالة التحرير، ورافق الروائي فى جولته الكاتبة الصحفية علا الشافعي رئيس تحرير "اليوم السابع". واحتفى صحفيو جريدة 'اليوم السابع' بالكاتب والروائي المصرية الحاصل على جائزة البوكر العربية محمد سمير ندا، بالأعمال الإبداعية التي قدمها خلال مسيرته، والمحطات الروائية التي مر عليها الكاتب وصولًا إلى الفوز بأرفع جائزة أدبية. وُلِد محمد سمير ندا عام 1978 في بغداد، وقد تربى في بيئة ثقافية، فوالده هو الصحفي والأديب سمير ندا، أحد الأدباء المصريين اللامعين في ستينيات القرن الماضي، وله العديد من الروايات والمسرحيات، منها: "الشفق، حارة الأشراف، وقائع استشهاد إسماعيل النوحي، الشروق من العرب، والله زمان، لن نموت مرتين..."، كما أخرج عدة أفلام تسجيلية.. بالإضافة إلى عمله في الصحف والمجلات العربية. أما والدته كانت تعمل في المؤسسات الثقافية الحكومية، قضى محمد سنوات طفولته الأولى في بغداد، ثم عاد مع عائلته إلى مصر في الفترة ما بين عامي 1985 و1990، حيث سافروا إلى طرابلس، ثم عادوا مرة أخرى إلى مصر عام 1995، لكن يبدو أنه سافر مع عائلته باستمرار، إذ زار لبنان، وفرنسا، ومالطا، بحكم عمل والده. تخرج محمد في كلية التجارة، وعمِل محاسبًا في القطاع السياحي، بدأ محمد الكتابة في سنٍّ مبكرة، لكنه نشر أولى رواياته عام 2016، تحت عنوان: "مملكة مليكة"، والتي تحكي عن شابٍّ قرر البحث عن جده المختفي منذ عام 1972.. ويحكي الكتاب أن والده قرأ ثلثها وأعطاه إشارة البدء بالكتابة. أما روايته الثانية فصدرت عام 2021، تحت عنوان: "بوح الجدران"، ويحكي الكاتب أنه تأثر بحياته في بغداد، وأنه مزج في هذه الرواية بين الخيال والواقع، من خلال كتابته جزءٍ من حياة والده. أما الرواية الثالثة، فهي رواية "صلاة القلق"، والتي فازت بجائزة البوكر لهذا العام.

محمد سمير ندا الفائز بجائزة البوكر العربية لـ الأهرام: شــعرت بمحاولة لســرقة الفـــرحة مـنى!
محمد سمير ندا الفائز بجائزة البوكر العربية لـ الأهرام: شــعرت بمحاولة لســرقة الفـــرحة مـنى!

بوابة الأهرام

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • بوابة الأهرام

محمد سمير ندا الفائز بجائزة البوكر العربية لـ الأهرام: شــعرت بمحاولة لســرقة الفـــرحة مـنى!

11 فائزا بالبوكر من بين 18 صدرت رواياتهم عن دور نشر خارج بلادهم من يكتب عن عمل أدبي دون أن يقرأه ينتحر كناقد البعض أراد استخدامى لتصفية حساباته الخاصة مع دور النشر المصرية لهذا السبب أحب حسام حسن ورونالدو؟! الحديث عن مهاجمتي لمصرأو إنكار نصر 73 كلام ساذج ربما لا يجد قارئ هذه السطور حوارًا صحفيًّا بالشكل المعتاد، إنما هو لقاء ودي مقررٌ له الإعلان، أو بوحٌ من القلب مصرَّح له بالنشر، هي قصة أو حكاية، لها بذور وخلفيات وأسرار، لها بداية ونهاية. بطل الحكاية هو الكاتب محمد سمير ندا الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية، المعروفة باسم «البوكر العربية»، عن روايته المثيرة «صلاة القلق»، ليصبح بذلك ثالث مصري يفوز بالجائزة في تاريخها، بعد بهاء طاهر والدكتور يوسف زيدان. ومن «القلق» كانت البداية، أو الأدق: من إعلان الجائزة وما استتبعه من «قلق»، وما تلاه من جدل حول مضمون الرواية قبل أن تُقرأ، وهجوم طال شخص الكاتب دون تدقيق، وهو ما قادنا في ملحق الجمعة في «الأهرام» - مثل صحف وصفحات ثقافية أخرى- إلى الكتابة في الموضوع قبل أسبوعين ليس نقدًا أدبيًّا أو قراءة في مضمون الرواية، إذ لم تعد هي الموضوع، إنما كتبنا دفعًا للاتهام ودرءًا للسهام، وكشفًا لعورات وسط ثقافي أضحى غير مفهوم، وكأنه يتغذى على دماء السمعة، كأنه يأكل نفسه!. ليس من النبل أن يقول المرء إنه تلقى شكرًا من أحد، لكن الطريق إلى هذا الحوار؛ البوح، القصة، جاء من هنا؛ من نبل الكاتب نفسه، الذي وجدناه بعد النشر يرسل لنا رسالة صوتية قبل عودته من أبو ظبي حيث تسلم الجائزة ؛ عنوانها «الامتنان للإنصاف»، لكنها أيضًا كان بها شيءٌ غريب.. نبرة الصوت!. الحزن والقلق معًا بعد ثلاثة أيام من رجوع محمد سمير ندا إلى مصر، كان اللقاء، إذ زارنا في جريدة «الأهرام»، وكحال النجوم المحبوبين تحلَّق الزملاء حوله، مهنئين مباركين، طالبين توقيعه على روايته، وهو ما ضاعف سعادته، إذ كان مصدر السعادة الأول لديه يومها - كما عبر بنفسه- هو وجوده في مقر الصحيفة التي زارها منذ ثلاثين عامًا، شابًّا يافعًا، مع والده الراحل الكاتب الكبير سمير ندا، فراح يسير في ردهاتها متأملًا مبتسمًا، وربما مستعيدًا في ذاكرته زمانًا مضى. في حواري معه، بدأتُ من رسالته، قلتُ له إنني شعرتُ في نبرة صوته ببعض القلق. قاطعني في الحال قائلا: «الحزن.. الحزن والقلق معًا». اندهشتُ بشدة، وسألته: أكان لردود الفعل السلبية تأثيرها عليك إلى هذا الحد؟!. قال: «تشعر بأن هناك من يود أن يسرق الفرحة أو ينسبها إلى آخر. ولا أعرف الأسباب. لا أستطيع القطع بشيء، لكن اعتقادي أن السبب هو أنني شخص من كُتاب الظل وليس كتاب الأضواء والمقدمة، فمن السهل أن ينهشوا فيَّ لأنني ليس لي (ألتراس) أو جماهير، لكن لمصلحة من؟!.. هل الموضوع غل ذاتي أم لديهم هدف آخر؟!.. هذه أسئلة تؤرقني»!. شعرتُ بأنه يبغي البوح، يريد «الفضفضة»، فتركتُه يسترسل. مضى يقول إن هناك من كتبوا أن الرواية تهاجم مصر وحرب أكتوبر 1973، مما يعني أنهم لم يقرأوها من الأصل، كأن هناك من يحاول أن يصنع لي مشكلة مع الدولة أو كأنه يقوم بالإبلاغ عني، برغم أنني لم أرتكب جريمة، وهناك من سبَّني بأبي معتقدًا أنني أهاجم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فهل هذا نقد؟!.. «إيه النقد ده؟!». وبحسمٍ يقول: «هل يمكن أن أهاجم مصر أو أنكر نصر 73؟!.. هذا كلام ساذج وللأسف هناك من ينقاد وراءه ويقلده وينقله على السوشيال ميديا». انتحار الناقد لا أريد أن أصدق! لا ينزعج محمد سمير ندا من النقد الأدبي لروايته حتى لو جاء سلبيًّا، بل يتمناه وينتظره، ويقول: اقرأ الرواية أولًا، ولو بنية مبيتة للهجوم، ثم «اسلخني» بعدها إن أحببت، لا بأس، لكن أن ينتقدها من لم يقرأها فهذا يثير لديه الإحباط، فضلًا عن التساؤلات: لماذا سرعة الاتهام؟!.. لماذا الاستعجال؟!.. وعندما يكتب الناقد دون أن يقرأ هذا أمر مخجل، يسيء إليه وليس للكاتب، وهو بذلك ينتحر كناقد لأنه يفقد مصداقيته، أما أن ينتقدها أدبيا فله كل الاحترام، كما يقول.«كي نكون صرحاء...»، يبدأ بهذه العبارة ثم ينبري بعدها متحدثًا بصراحة مخيفة.صراحته أثارت شهية عقلي، فسألته عن هذه العيوب كما يراها. ردَّ سريعًا بكلمتين: «الدوائر المغلقة»، وفسَّر بعدها قائلًا إن الفكرة كلها تدور في إطار المصالح المتبادلة والمجاملات، فخلال عشرة أشهر ما بين صدور رواية «صلاة القلق» وحصولها على الجائزة لم يُكتب عنها إلا مقال نقدي واحد للدكتور أحمد إبراهيم الشريف، وعلى مستوى الأدباء كتب عنها الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد، وهو لا يجامل، وسبق أن أهديته روايتي الثانية «بوح الجدران» ولم يكتب عنها، فالقرار قراره، كما كتب الأديب أشرف العشماوي، ولهم جميعًا كل الشكر.ويخرج الكاتب من إطار الحديث الجاد الساخن، إلى فاصل ساخر، مفعم بالمرارة، فيقول: «أريد أن يضطلع النقاد بدورهم الحقيقي.. وأتمنى أن يعمل الناقد المصري بأي منهجية بخلاف منهجية الزعيم عادل إمام (قالوا له).. الناقد يعمل بهذا المنهج لأنه لم يقرأ.. وهذا موروث شعبي لدينا كأن يحدثك أحدهم: (بيقولوا كذا وكذا).. ولا تعرف من الذي يقول.. وكذلك الناقد قد يقرأ عن الرواية على السوشيال ميديا أو مراجعات لها على موقع (جودريدز) أو يسمع كلامًا عنها، فيكتب مستعجلًا دون قراءة».في تصريحات سابقة، وصف الكاتب محمد سمير ندا الوسط الثقافي بأنه «وسط ملبد بالظنون»، سألته: أهي الظنون فقط أم الأغراض الشخصية كذلك، باعتبار أنك من خارج هذا الوسط ودوائره، مما قد يدفع البعض إلى التساؤل: لماذا يفوز هو وليس نحن؟!.وجدته يرد على الفور: «طبعًا.. نحن لدينا دومًا شعور بالاستحقاقية.. فنحن مثلًا كمصريين نهاجم الجائزة كل عام لأننا لا نفوز بها باعتبار أننا أحق.. وحتى عندما فاز بها مصري يشعر البعض أيضًا بالاستحقاقية متسائلًا: لماذا ليس أنا؟».وراح بعدها يضيف المزيد كاشفًا: «قيل لي أسماء أشخاص بعينهم من الكُتَّاب يقفون وراء شن الحملة على الرواية وتخوين كاتبها بهدف الطعن في الوطنية وصنع مشكلة أمنية للكاتب.. لكنني لن أصدق.. وحتى لو أرسل لي أحدٌ دليلًا فلن أفحصه أو أنظر فيه.. لأنني أعتبر أصحاب هذه الأسماء أصدقائي.. ونتبادل السلام عندما نلتقي.. وكلهم كتبت عن أعمالهم في السابق.. فلن أصدق هذا فيهم»!ازدادت حرارة الحوار بشدة بفعل كلماته هذه، فلم أملك إلا أن أسأله: هل قدَّم لك من قالوا هذا أى أدلة أو دلائل على ذلك؟. ردَّ سريعًا: «لم أبحث.. ولن أتحرى.. ولا على سبيل الفضول.. لم أسألهم كيف عرفتم أو من أخبركم أو ما الدليل.. لا أريد الذهاب إلى هذه المنطقة بالمرة.. بصراحة لا أريد أن أصدق.. لا أريد أن أفقد ثقتي في هذا العالم أكثر»!.ويعود «ندا» بنفسه إلى بداية القصة، إلى الرسالة، قائلا: «لأجل هذا كله، جاءت نبرة صوتي في رسالتي لك من الخارج محملة بالحزن والقلق والإحباط، لأن ما كتبتموه في ملحق الجمعة بالأهرام جاء في مرحلة كنت بدأت أفكر خلالها: أرجع مصر أم لا أرجع..».لكن.. الحزن لا يدوم.. والقلق إلى زوال.. والإحباط تبدده المحبة.. تجسدت هذه المعاني بشدة في كلماته التالية: «كي أكون صريحًا فإن تسعين في المائة من الناس سعيدون بالجائزة، لكن الباقين هم من تصدروا المشهد».ويضيف: «عندي مجموعة صداقات في دائرة مغلقة من الكتَّاب الذين يشبهونني وأشبههم، مثل هشام الخشن وأشرف العشماوي وأحمد القرملاوي ونورا ناجي التي أرسلت لي رسالة صوتية بعد فوزي وهي تبكي فرحًا رغم أنني قابلتها أربع مرات فقط، وخرجت بصداقات عمر مع كُتاب القائمة القصيرة في الجائزة، مثل حنين الصايغ وتيسير خلف ونادية النجار، فالصورة ليست سوداء تمامًا.. هناك مشاعر جميلة وجدتها.. ومحبة مجانية من القراء خصوصًا الذين كتبوا عن الرواية منذ صدورها قبل الجائزة أصلًا». محمد سمير ندا فى حفل تسلم الجائزة بالأسماء والأرقام بالفعل.. الصدق باق ويفرض نفسه.. والمحبة دون حسابات ومصالح هي ما يدوم.. لم أسعَ إلى تعكير صفو هذه المعاني.. لكنني كنت قد تركت ضيفي للاسترسال كي يفرغ ما بداخله.. وبقيت عندي قضيتان.. كان لا بد من إثارتهما.. دار النشر التونسية.. والموقف من جمال عبدالناصر.. وجاءت ردود الكاتب بما لم أتوقعه.اعتبر «ندا» كلام البعض بأن رواية «صلاة القلق» لا تعد رواية مصرية لأنها صدرت عن دار «مسكيلياني» التونسية، يشير إلى أن هؤلاء كأنهم يستكثرون على مصر أن يفوز كاتب منها بالجائزة، متسائلًا باستنكار: هل تعد «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ رواية لبنانية لأنها نُشرت في لبنان؟!ومضى بعدها - وهو المدير المالي في إحدى شركات السياحة بخلاف كونه كاتبًا - يتحدث بالأرقام والأسماء، قائلًا إن هناك في تاريخ جائزة البوكر العربية 18 فائزًا، منهم 11 نشروا رواياتهم مع دور نشر خارج بلادهم، وهم محمد حسن علوان السعودي فاز بها مع دار الساقي اللبنانية، ورجاء عالم من السعودية مع المركز الثقافي العربي في المغرب، وسعود السنعوسي الكويتي مع الدار العربية للعلوم ناشرون وهي لبنانية، ومحمد النعاس الليبي وزهران القاسمي العماني مع دار مسكيلياني التونسية، وأحمد سعداوي العراقي مع دار الجمل اللبنانية.ويؤكد أن البعض أراد استخدامه لتصفية حسابات خاصة مع دور النشر المصرية، بالقول إنها رفضت الرواية التي فازت بالبوكر، لكنه يرد عليهم قائلًا: «لا مشكلة لديَّ مع من رفض الرواية.. مشكلتي مع من لم يرد عليَّ فقط.. وفي مصر هناك ما لا يقل عن خمسين كاتبا أو كاتبة أفضل مني.. لكنها الظروف والتوفيق والاهتمام والرعاية من دار النشر التونسية.. وهذا هو الفرق بيننا وبينهم فقط». رجل وطني شريف دعنا نتكلم بصراحة.. هذه المرة قلتها أنا.. وسألت الكاتب بوضوح: بعض القراءات في الرواية ذهبت إلى أنها تختلف مع سياسات الرئيس جمال عبدالناصر، فما المشكلة في....؟.. فهم ما أرمي إليه في الحال، فقاطعني: «طب ما تيجي أقول لك رأيي في عبدالناصر».. وكان هذا هو المطلوب. تحدث «ندا» بكلمات محددة: «عبدالناصر رجل وطني شريف، نزيه، نظيف اليد، أختلف معه في كيفية إدارته للبلد، والانسياق وراء حلم العروبة على حساب مصر، فهو رجل يحب مصر جدا، وكان لديه حلم الوحدة العربية، لكن تشعبت منه الأفكار والسياسات بين اليمن والجزائر وغيرهما، فدخل في صراعات كثيرة بشكل غير محسوب.. هذا هو رأيي». ويعود ليشرح موضحًا أن الرواية بها انتقاد لعصر عبدالناصر وليس عبدالناصر نفسه، ويستدرك: «لكن حتى لو حدث فما المشكلة؟!. ألم يقرأ من يقولون بهذا رواية مثل (الكرنك) لنجيب محفوظ؟!. ألم يشاهدوا الفيلم المأخوذ عنها أو أفلامًا مثل (إحنا بتوع الأوتوبيس) أو (زوار الفجر)؟!.. أدب ما بعد النكسة كله تقريبًا ينتقد هذه الفترة.. وهل انتقاد عبدالناصر يعني أنك ضد مصر؟!.. بنفس المنطق فنحن طوال الخمسينيات والستينيات نهاجم مصر لأننا نهاجم الملك فاروق وقد كان ملك مصر.. فهل هذا يُعقل؟!». الفائز بالبوكر فى أثناء حواره لـ «الأهرام» - «تصوير ــ أيمن يحيى» قضيتي الرئيسية رابط دائم: دائمًا ما تلح على الكاتب فكرة رئيسية، أو قضية، تظل تفرض نفسها على كتابته. سألت محمد سمير ندا عن قضيته التي تشغله وتلح عليه دومًا كي يصنع أدبًا، منذ أول رواية له؛ «مملكة مليكة»، ثم «بوح الجدران» و«صلاة القلق»، وما هو مقبل من أعمال. أشار إلى رأسه قائلًا: «إضاءة هذا».. فسرتُ إشارته: «إضاءة العقل».. فردَّ: «نعم.. عندما يكون العقل حرًّا يكون لديه حرية تفكير وتعبير».كدتُ أنتقل إلى سؤالي التالي لكنه عاد ليقول: «وفكرة (الإسلام السياسى) أنا ضدها.. لذلك أجد أنها تظهر في أعمالي بشكل أو بآخر.. وأنا الآن أحاول أن أفكر معك لأكتشف.. لكن الكاتب عمومًا يكون لديه مخزون من الهمِّ أو الأفكار أو الوجدانيات.. من الطبيعي أن تتسرب دون أن يشعر خلال الكتابة إلى ما يكتبه».وصلنا إلى الفصل الأخير من القصة؛ قصة هذا الحوار مع الكاتب محمد سمير ندا، وفيه يكشف ــ بعد أن عادت إليه ابتسامته ــ عن بعض «التفاصيل القليلة» التي يمكن البوح بها عن روايته الجديدة التي يعكف الآن على كتابتها.فقال إنها رواية تحاكم الضمير الإنساني بوجه عام، من خلال أفعال البشر التي تعارض ما أمرنا به الله من تعمير الأرض، إلا أننا نعمل على خرابها. وتسير الرواية في مراحل تاريخية كثيرة منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى مرورًا بنكبة فلسطين وحربي 67 و73، من خلال سيرة أحد الشخصيات.سألته: أهي رواية أجيال؟. ردَّ قائلًا: «تقريبًا.. ولكن من خلال شخص واحد يروي حكاية ممتدة منذ مائة عام». استزدته سائلًا عن الفضاء المكاني للرواية، فقال إن أحداثها تدور بين مصر والعراق وفلسطين وتركيا.. مضيفًا أنه احتاج للعودة إلى روايات أدبية كثيرة كمراجع لأن هناك الأرمن في بداية الحكاية.. قالها وابتسم ثم صمت.. فاكتفيت.أخيرًا.. بعد انصراف الضيف، استرجعتُ بعض ما قيل على هامش الحوار، ففي مجال كرة القدم قال إنه يحب النجم حسام حسن، حتى أنه انتقل إلى تشجيع كل الأندية التي تنقل ــ وهو لاعب ــ بينها، وكذلك النجم العالمي كريستيانو رونالدو. لماذا؟. أجاب بأن ما يجمع بينهما هو الإصرار والدأب، وأن نجاح كل منهما هو صناعة ذاتية.. فكرت وابتسمت.. إذ وجدت أن محمد سمير ندا نفسه كذلك.. نجاحه من صنع ذاته.. كتب بجد واجتهاد وصبر.. حتى نال أكبر جائزة عربية في الأدب.. نالها لنفسه ولبلده مصر.

بعد فوزها بـ"البوكر".. طبعة فلسطينية من "صلاة القلق" لـ محمد سمير ندا
بعد فوزها بـ"البوكر".. طبعة فلسطينية من "صلاة القلق" لـ محمد سمير ندا

الدستور

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

بعد فوزها بـ"البوكر".. طبعة فلسطينية من "صلاة القلق" لـ محمد سمير ندا

صدرت حديثًا عن دار طباق للنشر والتوزيع، طبعة فلسطينية من رواية "صلاة القلق" للكاتب محمد سمير ندا، التي فازت مؤخرا بالجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2025، والتي تم اختيارها من بين مائة وأربعة وعشرين رواية ترشحت للجائزة لهذه الدورة باعتبارها أفضل روايات نُشرت بين يوليو 2023 ويونيو 2024. يتداخل في "صلاة القلق" السرد الروائي مع الرمزية في نص مُقلق ذي أصواتٍ وطبقاتٍ مُتعددة، يُصوّر فترةً محورية في تاريخ مصر، العقد الذي تلا نكسة 1967؛ وتُعتبر الرواية مساءلة سردية لمرويات النكسة وما تلاها من أوهام بالنصر. من أجواء رواية "صلاة القلق" نقرأ: قريةٌ مزروعةُ في النسيان، يهزّ أديمها انفجارٌ غامضٌ لجسمٍ مجهولٍ سنة 1977، فتتحوّل فجأةً إلى عُلبةٍ مُحكمةِ الغلق يعيش فيها كلّ قروي ملحمته الخاضة: المتمرّدون المضطهدون يطلبون الحريّة والطغاة المستبدون يُحكمون قبضاتهم على الأرواح والأعناق. لكنّ خيط السّرد لا يتقدّم إلّا ليعود بنا إلى الوراء، فتُلقي الرواية الضوء على عشريّةٍ قاسية تمتد من نكسة حزيران سنة 1967 إلى لحظة وقوع الانفجار وانقلاب وجوه القروتين إلى سلاحف. حدثٌ واحدٌ في "النجع" ترويه ثماني شخصيّات مختلفة، تُشكّل مروياتها فسيفساء الحكاية تشكيلًا ساحرًا. أمّا قاع الرواية فمساءلة سرديّة للنّكسة وما تلاها من أوهام بالسيادة والنصر. فمّن يكتب التاريخ الحقيقيّ: الجزمة والبندقية وسلاسل الحديد أم صرخات التمرّد التي لا تموت؟ وما الّذي يوقظه فينا العام 1977؟ موت المعنى والفنّ أم عبث المصير والسلام الزائف؟ أليست قرية "المناسي" استعارةً كُبرى لجيلٍ من الممسوخين؟. معلومات عن محمد سمير ندا نشر محمد سمير ندا، العديد من المقالات في الصحف والمواقع العربية، وصدر له رواية مملكة مليكة عام 2016، ورواية بوح الجدران عام 2021.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store