logo
#

أحدث الأخبار مع #محمّدبنسلمان

جولة ترامب ومستقبل فلسطين
جولة ترامب ومستقبل فلسطين

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 11 ساعات

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

جولة ترامب ومستقبل فلسطين

إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 6 و 35 دقيقة إيطاليا تلغراف غازي العريضي وزير ونائب لبناني سابق. مع كلّ انتخابات رئاسية أميركية، وانشغال العالم بنتائجها وانعكاساتها في التوازنات الدولية والإقليمية، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً، والعلاقات بين الكبار، كنت أقول: 'ما يعنينا في المنطقة موقف الرئيس الأميركي من فلسطين وقضيتها، وحقّ شعبها في إقامة دولته في أرضه، والعيش بحرية وأمان واستقرار'. اليوم، ومع كلّ الضجّة التي رافقت زيارة دونالد ترامب التاريخية بعض دول الخليج، وما حظيت به من اهتمام دولي وإقليمي واسع، يبقى الثابت فلسطين وقضيتها ومصيرها. عندما احتلّ صدّام حسين الكويت، ورُكّب تحالفٌ دوليٌّ بقيادة الولايات المتحدة لطرد الاحتلال العراقي، خرجتْ نظرية تقول: 'جاء الأصيل أميركا، وانتهى دور الوكيل إسرائيل'. كانت وجهة نظري أنه لا يجوز الوقوع في هذا الخطأ في قراءتنا الاستراتيجية المعادلة في المنطقة. لقد جاء الأصيل لتثبيت وتدعيم وتعزيز دور الوكيل وحمايته. وهذا ما جرى. اليوم جاء ترامب، قال ما قاله، فعل ما فعله، غادر محمّلاً بأربعة آلاف مليار دولار، فاجأ العالم بقرارات، وأكّد توجّهات، ورسم ملامح منطقة جديدة وتوزيع الأدوار فيها. حقّق الآتي: الإنجاز الكبير بلقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي خرج بعده ليشيد بوسامته وقوته وتاريخه القوي (وكان يتّهمه بالإرهاب)، والأكثر أهمية، ليعلن رفع العقوبات عن سورية. هذه خطوة متقدّمة من ترامب، بعد أن طلبها منه كلٌّ من الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وولي العهد السعودي محمّد بن سلمان. خطوة ستكون لها نتائجا الكبيرة على مجمل الواقع السوري الداخلي والمنطقة. إعلان ترامب رفع العقوبات عن سورية خطوة متقدّمة ستكون لها نتائجها الكبيرة على مجمل الواقع السوري الداخلي والمنطقة أكّد ترامب الإصرار على الذهاب إلى الآخر، في محاولته الوصول إلى اتفاق مع إيران حول مشروعها النووي، وعدم رغبته في الذهاب إلى الحرب. وكان قد عقد اتفاقاً مع الحوثيين في اليمن (يعني مع إيران عملياً) يقضي بوقف العمليات العسكرية بينهم وبين واشنطن، مؤكّداً أن 'موقفه يقف عند حدود عدم تعريض حياة أيّ جندي أميركي للخطر'. وكما هو معلوم، فاجأ قراره نتنياهو، لأن الاتفاق لا يشمل وقف العمليات العسكرية الحوثية ضدّ إسرائيل. جاء القرار بالتزامن مع التقدّم في المفاوضات الإيرانية الأميركية، ومحاولة الإسرائيلي تخريبها. ومن قطر، خاطب ترامب إيران: 'على إيران شكر أمير دولة قطر شكراً عظيماً فآخرون يودون أن نوجه ضربة قاسية لإيران على عكس قطر'، مضيفاً 'إيران محظوظة بأن يكون في قطر أمير يكافح من أجل عدم توجيه ضربه لهم'. وهي إشارة لها دلالات كثيرة في ظلّ الانتقادات والاتهامات التي كان نتنياهو وأركان حكومته يوجّهونها إلى قطر ودورها. تحدّث الرئيس ترامب عن تركيا ودورها، وتأثيرها، وعلاقته بالرئيس أردوغان، الذي شارك في اللقاء الذي جمعه مع محمّد بن سلمان والشرع. ماذا يعني ذلك كلّه؟… منذ بدايات الحراك العربي، كنا نقول إن دولاً ثلاثاً غير عربية تقرّر مصير العرب، والأخيرين خارج المعادلة ودائرة القرار، إيران وتركيا وإسرائيل. اليوم دخلت السعودية بدور فيه مسؤولية كبيرة، هي تحتضن سورية وترعاها، هي مع لبنان (بشروطها طبعاًُ)، وتريد أن تكون فلسطين وقضيتها معها، خصوصاً بعد تسمية حسين الشيخ نائباً للرئيس محمود عبّاس. نحن إذاً أمام محاولة تشكيل منطقة جديدة تُحدَّد فيها أدوار اللاعبين المذكورين على قاعدة تقسيم مناطق النفوذ. ومع دفاتر الشروط المطروحة، والملازمة لرفع العقوبات هنا، وفتح الباب هناك (لبنان)، ستشهد ولادة هذه المنطقة توتّراتٍ لتسديد الفواتير، وترتيب الأوضاع في سورية ولبنان، ولكن ماذا عن فلسطين وهي القضية الأمّ؟ يخطئ كثيراً من يبني حساباته على أساس أن ثمّة خلافاً جوهرياً بين ترامب ونتنياهو. يزور ترامب إسرائيل أو لا يزورها خلال جولته، الأمر ليس مهمّاً. الأكثر أهميةً أنه لم يُجرِ اتصالاً بملك الأردن ورئيس مصر، ولم يُدعَ اثناهما إلى المشاركة في جانب من أعمال القمّة الخليجية التي عقدت مع ترامب أو في لقاءات منفردة. ومعروفة الضغوط التي تمارس على البلدَين كليهما لاستقبال الفلسطينيين من غزّة، والضفة الغربية لاحقاً، وبالتالي تدمير القضية الفلسطينية. ورغم بعض الكلام الذي صدر خلال محطّات الزيارة عن دولة فلسطينية أو مبادرة عربية عام 2002، وقراراتها، فلا مكان لذلك في أرض الواقع. ثمّة اتفاق تامّ بين ترامب ونتنياهو على مصير غزّة في المرحلة الأولى للوصول إلى الضفة في المرحلة الثانية. غادر الرئيس الأميركي إلى بلاده فخوراً بأنه يحمل أربعة آلاف مليار دولار، ستوفّر ملايين فرص العمل للأميركيين على مدى سنوات، وستنعش الاقتصاد، وأهل غزّة يتضوّرون جوعاً بشكل مذلّ، ولا يستطيع أحد إدخال ماء أو موادّ غذائية أو طبّية إليهم. أحسن إليهم ترامب ببعض الكلام حول إدخال الطحين والمطابخ المتنقّلة، في وقتٍ ترتفع أصواتٌ داخل الكونغرس، وفي دول العالم، عن 'العار الكبير بحقّ الإنسانية'، في توصيف هذا المشهد. يضاف إلى ذلك (وهنا الأساس) أن نتنياهو أمر بتوسيع العمليات العسكرية لاحتلال غزّة، وقد حصدت مئات من الشهداء والجرحى خلال أيام. والسلطات العسكرية الإسرائيلية تحتل أكثر وتتوسّع أكثر في الضفة، ولا أحدَ يستطيع التأثير، ووقف هذه المجازر المفتوحة، بل تمّ تمرير خبر مهمّ من أميركا يقول: 'إدارة ترامب تعمل في خطّة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا'. غادر ترامب المنطقة بأربعة آلاف مليار دولار، ستوفّر ملايين فرص العمل للأميركيين، وأهل غزّة يتضوّرون جوعاً، ولا يستطيع أحد إدخال ماء أو موادّ غذائية أو طبّية إليهم جاء الإعلان بعد ساعات من اندلاع اشتباكات مفاجئة في العاصمة الليبية، ونقل طائرات من المطار، واتخاذ إجراءات لحماية مؤسّسات معيّنة، واستقالة عدة وزراء، وهذا كلّه تمهيد لضغوط (أو خطوات) لتنفيذ قرار تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا، إضافة إلى عدة دول أفريقية أعلنها ترامب من دون أن يسمّيها. وقال: 'القطاع يعدّ منطقة ذات أهمية كبرى من الناحية العقارية. أقترح نقل السكّان من القطاع إلى دول أخرى مستعدّة لاستقبالهم. ستكون منطقة حرية بدلاً من مكانٍ يموت فيه الجميع ويشبه الجحيم. مستوى القتل في غزّة مذهل. ولا يمكن أن يستمرّ طويلاً'. هل ثمّة أوضح من ذلك؟ إصرار على اعتبار غزّة منطقةً عقاريةً ولا بدّ من تهجير أهلها لإقامة الريفييرا فيها. من يقتل في غزّة؟ من يدير الجحيم؟ من يرتكب الإبادة الجماعية؟… الجواب بألسنة رؤساء دول ووزراء وسياسيين من العالم أجمع يدين ما تفعله إسرائيل، وترامب يؤكّد دعمها في طرد الفلسطينيين من أرضهم، إما الموت جوعاً، أو قتلاً، أو اقتلاعاً من الأرض. فهل تكون هناك منطقة جديدة بأدوار جديدة آمنة ومستقرّة في ظلّ هذا الوضع؟ حتى لو فرض هذا المشروع بعد مخاض دموي كبير وقاس، وخلال وقت معين، فليس في ذلك إنجاز عربي أو دور عربي فاعل ومؤثّر. المعيار فلسطين وأمانتها وثبات أهلها في أرضهم. السابق جولة ترامب ومستقبل فلسطين التالي يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي 'الهندوتفا' الهندية؟

ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟
ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟

الشرق الجزائرية

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟

«أساس ميديا» وزّع دونالد ترامب مدائحه على قادة الدول التي زارها. وكان طبيعيّاً أن يخصّ بها السعودية، معترفاً بنموّ دورها الإقليمي والدولي، والقفزات التي حقّقها وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان في تحديثها. عرف كيف يخاطب، في محطّاته الخليجية الثلاث، العرب والإيرانيين، مستفيداً من جاذبيّة التغييرات الحاصلة في الإقليم. لكنّه عرف كيف يغتنم أهمّية جولته للإعلام العالمي والأميركي، فخاطب مواطنيه. إضافة إلى تغطيتها حضوره المدوّي في الشرق الأوسط، كانت محطّات تلفزة أميركية تبثّ تقارير عن تأثير الحرب التجارية التي أطلقها ضدّ الصين وأوروبا في ارتفاع الأسعار على المستهلك الأميركي. قال إنّ سعر البيض في بلاده انخفض بعدما ارتفع في عهد سلفه… ودحض نهج أسلافه وفلسفتهم حيال الأوضاع الداخلية للدول الأخرى. كثيرة هي التداعيات التي ستتركها مفاجآت زيارة ترامب والتي ستظهر تباعاً في الأشهر المقبلة بوتيرة متفاوتة، سريعة أحياناً وبطيئة أحياناً أخرى على المديين القريب والمتوسّط. دور المملكة الدّوليّ كان بديهيّاً تكريس ترامب أولويّة المصالح والصفقات والمنافع لبلاده، بمئات مليارات الدولارات، في رسم علاقات إدارته الخارجية. الأهمّ ما توقّعه لدور المملكة المتمثّل في أن تكون ركيزة محوريّة للتطوّر والتقدّم في الشرق الأوسط. أقرّ بالوتيرة التصاعديّة لزعامتها الإقليمية، وبدورها على المسرح الدولي، بعدما احتضنت عودة العلاقات الروسية – الأميركية في 18 شباط الماضي. سجّل الخبراء في السياسة الأميركية جملة استنتاجات وانطباعات عن بعض التحوّلات التي كرّستها جولة ترامب الخليجية وفي توجّهات البيت الأبيض الخارجية: التّخلّي عن سياسات أسلافه – خاطب ترامب العرب معترفاً بأهمّية حضارتهم. نسب التحوّلات الإنمائية والتحديثية في السعودية ودول الخليج إلى 'الطريقة العربية'. هاجم نظريّات مَن وصفهم بـ'الليبراليين' في 'بناء الأمم'، قاصداً الحزب الديمقراطي المنافس لحزبه. وهاجم أيضاً 'المحافظين الجدد' الذين تحكّموا خلال ولاية الرئيس جورج دبليو بوش، المنتمي لحزبه الجمهوري، بحروب أميركا في الشرق الأوسط. علاوة على أنّه دغدغ اعتداد الخليجيين والعرب بتاريخهم الموروث، أعلن ترامب مغادرة سياسة الحزبين المكلفة ماليّاً القائمة على التدخّل في دولهم. الأولويّة هي لحجم الاستثمارات فيها التي يرتكز عليها النفوذ. تقاطعت نظرة ترامب مع السياسة الخارجية السعودية الجديدة القائمة على وقف الحروب وضمان الاستقرار الإقليمي عبر البحبوحة الاقتصادية. التّفوّق على التّقدّم الصّينيّ بالصّفقات – شكّلت الاتّفاقات الاستثمارية التي وقّعها في جولته، والاستثمارات الموعودة المقبلة أحد المداميك الصلبة للمنافسة التي يخوضها مع الصين لاستعادة الدور الريادي لبلاده. توازي الاتّفاقات سعيه إلى جني نتائج الحرب التجارية التي يخوضها مع الصين وأوروبا عبر المفاوضات التي بدأت مع بكين في سويسرا، قبل أسبوع. أدركت القيادات الخليجية حاجة الرئيس الأميركي إلى هذه الاتّفاقات، فتقاطعت مع سعيه إلى التفوّق الحاسم بالخليج على تقدّم الصين بتوسيع أسواقها فيه. الاستجابة المفاجئة حيال سوريا – كرّس ترامب الدور المتنامي للسعودية في صناعة مستقبل المنطقة باستجابته لطلب وليّ العهد منه رفع العقوبات عن سوريا. فاجأ الرئيس الأميركي وزارتَي الخارجية والخزانة، حتّى إنّ المراقبين لاحظوا أنّ الأمير محمّد بن سلمان فوجئ بشموليّة الاستجابة فوقف مصفّقاً أثناء إلقاء ترامب خطابه. لهذه الاستجابة المدوّية انعكاسات سياسية اقتصادية متعدّدة الأوجه. فقد أنشأت التطوّرات الحاصلة في المنطقة في الأشهر الأخيرة من العام الماضي معادلة جديدة تحتاج إلى إدارة دولية إقليمية لبلورتها. قامت إدارة المشهد السوري خلال الحرب على تقاسم نفوذ وأدوار بين إيران وتركيا وإسرائيل بإشراف روسيّ. مع إخراج إيران الذي تحرص واشنطن على تثبيته، تقدّم الدور الإسرائيلي على حساب التركي باحتلال الأراضي وطرح مشاريع تقسيم بلاد الشام وحماية الأقلّيات، الدرزية والكردية والمسيحية. سعت الرياض إلى ملء الفراغ الإيراني، لكنّ العقوبات الأميركية والدولية أعاقتها، وكذلك سياسة تل أبيب. بات السؤال بعد رفع ترامب العقوبات: حول كيف ستملأ الرياض الفراغ الإيراني الذي سعت إسرائيل إلى احتلاله؟ انحياز ترامب إلى الموقف السعودي والتركي بحفظ وحدة سوريا دليل، حسب متابعين عن قرب لما يدور في واشنطن، على أنّ ترامب يخالف خطّة بنيامين نتنياهو لتقسيمها، وهو أحد مظاهر التباين بين الرجلين الذي يكثر الحديث عنه. تقاسم النّجوميّة مع الشّرع… التّطبيع بدل التّقسيم؟ – أحد أسباب انحياز ترامب لوحدة سوريا أنّ قيادتها الجديدة أبدت انفتاحاً، لكن مع وقف التنفيذ، على مشروعه ضمّ المزيد من الدول العربية إلى الاتّفاقات الإبراهيمية. يقول أحد خبراء السياسة الأميركية إنّ التطبيع سيكون بديل مشروع تقسيم سوريا، المرفوض سعوديّاً وتركيّاً وعربيّاً. بعد اجتماع ترامب إلى الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، توزّعت النجوميّة التي طبعت زيارة الرئيس الأميركي بينه وبين الأمير محمد بن سلمان والشرع. بعدما امتدح الرئيس الأميركي وليّ العهد وأبدى إعجابه بقيادته، وصف الشرع بأنّه 'رجل قويّ، ورائع… وجيّد جدّاً'. لكنّه وبن سلمان اكتسبا نجوميّة في سوريا، فرفعت الاحتفالات بإزالة العقوبات في دمشق ومدن سورية صورهما والعلمين السعودي والأميركي. قال الشرع: 'رفع العقوبات كان تاريخيّاً وشجاعاً.. والمستقبل الواعد لسوريا بدأ ولن تكون إلّا ساحة للسلام. وعدني الأمير محمّد بن سلمان برفع العقوبات وتلقّينا دعماً من معظم الدول العربية وتركيا وفرنسا…'. لكنّ ترامب ينتظر بالمقابل تلبية مطالبه المعروفة من حاكم دمشق. قدّم الأخير نماذج عن استعداده لتنفيذها في الأسابيع الأخيرة، بإجراءاته حيال المتطرّفين الفلسطينيين والإسلاميين. لا تغيير حيال غزّة – في ظلّ الشكوك في مدى التباين الأميركي – الإسرائيلي حيال سوريا، يرجّح البعض التطابق في السياسة الأميركية مع إسرائيل إذا تبدّلت الظروف. لكنّ واشنطن قد تعتبر سوريا ميدان استثمارات، وبين أهدافها الحؤول دون توظيف الصين أموالاً لإعادة الإعمار. – من مبرّرات توقّع العودة إلى تطابق ترامب مع إسرائيل أنّه باقٍ على مشروعه لتملّك غزّة ونقل سكّانها إلى دول أخرى على الرغم من الخلاف على اتّفاق وقف النار. في زيارته المنطقة تجنّب الثابتة السعودية القاضية بإقامة دولة فلسطينية. بل إنّ دبلوماسيين أميركيين يقولون إنّ أميركا ستطلب من سوريا الجديدة أن تستقبل غزّيّين في سياق مشروع ترامب.

ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟
ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • القناة الثالثة والعشرون

ترامب انحاز لإصرار الرّياض على وحدة سوريا؟

وزّع دونالد ترامب مدائحه على قادة الدول التي زارها. وكان طبيعيّاً أن يخصّ بها السعودية، معترفاً بنموّ دورها الإقليمي والدولي، والقفزات التي حقّقها وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان في تحديثها. عرف كيف يخاطب، في محطّاته الخليجية الثلاث، العرب والإيرانيين، مستفيداً من جاذبيّة التغييرات الحاصلة في الإقليم. لكنّه عرف كيف يغتنم أهمّية جولته للإعلام العالمي والأميركي، فخاطب مواطنيه. إضافة إلى تغطيتها حضوره المدوّي في الشرق الأوسط، كانت محطّات تلفزة أميركية تبثّ تقارير عن تأثير الحرب التجارية التي أطلقها ضدّ الصين وأوروبا في ارتفاع الأسعار على المستهلك الأميركي. قال إنّ سعر البيض في بلاده انخفض بعدما ارتفع في عهد سلفه… ودحض نهج أسلافه وفلسفتهم حيال الأوضاع الداخلية للدول الأخرى. كثيرة هي التداعيات التي ستتركها مفاجآت زيارة ترامب والتي ستظهر تباعاً في الأشهر المقبلة بوتيرة متفاوتة، سريعة أحياناً وبطيئة أحياناً أخرى على المديين القريب والمتوسّط. دور المملكة الدّوليّ كان بديهيّاً تكريس ترامب أولويّة المصالح والصفقات والمنافع لبلاده، بمئات مليارات الدولارات، في رسم علاقات إدارته الخارجية. الأهمّ ما توقّعه لدور المملكة المتمثّل في أن تكون ركيزة محوريّة للتطوّر والتقدّم في الشرق الأوسط. أقرّ بالوتيرة التصاعديّة لزعامتها الإقليمية، وبدورها على المسرح الدولي، بعدما احتضنت عودة العلاقات الروسية – الأميركية في 18 شباط الماضي. سجّل الخبراء في السياسة الأميركية جملة استنتاجات وانطباعات عن بعض التحوّلات التي كرّستها جولة ترامب الخليجية وفي توجّهات البيت الأبيض الخارجية: التّخلّي عن سياسات أسلافه – خاطب ترامب العرب معترفاً بأهمّية حضارتهم. نسب التحوّلات الإنمائية والتحديثية في السعودية ودول الخليج إلى 'الطريقة العربية'. هاجم نظريّات مَن وصفهم بـ'الليبراليين' في 'بناء الأمم'، قاصداً الحزب الديمقراطي المنافس لحزبه. وهاجم أيضاً 'المحافظين الجدد' الذين تحكّموا خلال ولاية الرئيس جورج دبليو بوش، المنتمي لحزبه الجمهوري، بحروب أميركا في الشرق الأوسط. علاوة على أنّه دغدغ اعتداد الخليجيين والعرب بتاريخهم الموروث، أعلن ترامب مغادرة سياسة الحزبين المكلفة ماليّاً القائمة على التدخّل في دولهم. الأولويّة هي لحجم الاستثمارات فيها التي يرتكز عليها النفوذ. تقاطعت نظرة ترامب مع السياسة الخارجية السعودية الجديدة القائمة على وقف الحروب وضمان الاستقرار الإقليمي عبر البحبوحة الاقتصادية. التّفوّق على التّقدّم الصّينيّ بالصّفقات – شكّلت الاتّفاقات الاستثمارية التي وقّعها في جولته، والاستثمارات الموعودة المقبلة أحد المداميك الصلبة للمنافسة التي يخوضها مع الصين لاستعادة الدور الريادي لبلاده. توازي الاتّفاقات سعيه إلى جني نتائج الحرب التجارية التي يخوضها مع الصين وأوروبا عبر المفاوضات التي بدأت مع بكين في سويسرا، قبل أسبوع. أدركت القيادات الخليجية حاجة الرئيس الأميركي إلى هذه الاتّفاقات، فتقاطعت مع سعيه إلى التفوّق الحاسم بالخليج على تقدّم الصين بتوسيع أسواقها فيه. الاستجابة المفاجئة حيال سوريا – كرّس ترامب الدور المتنامي للسعودية في صناعة مستقبل المنطقة باستجابته لطلب وليّ العهد منه رفع العقوبات عن سوريا. فاجأ الرئيس الأميركي وزارتَي الخارجية والخزانة، حتّى إنّ المراقبين لاحظوا أنّ الأمير محمّد بن سلمان فوجئ بشموليّة الاستجابة فوقف مصفّقاً أثناء إلقاء ترامب خطابه. لهذه الاستجابة المدوّية انعكاسات سياسية اقتصادية متعدّدة الأوجه. فقد أنشأت التطوّرات الحاصلة في المنطقة في الأشهر الأخيرة من العام الماضي معادلة جديدة تحتاج إلى إدارة دولية إقليمية لبلورتها. قامت إدارة المشهد السوري خلال الحرب على تقاسم نفوذ وأدوار بين إيران وتركيا وإسرائيل بإشراف روسيّ. مع إخراج إيران الذي تحرص واشنطن على تثبيته، تقدّم الدور الإسرائيلي على حساب التركي باحتلال الأراضي وطرح مشاريع تقسيم بلاد الشام وحماية الأقلّيات، الدرزية والكردية والمسيحية. سعت الرياض إلى ملء الفراغ الإيراني، لكنّ العقوبات الأميركية والدولية أعاقتها، وكذلك سياسة تل أبيب. بات السؤال بعد رفع ترامب العقوبات: حول كيف ستملأ الرياض الفراغ الإيراني الذي سعت إسرائيل إلى احتلاله؟ انحياز ترامب إلى الموقف السعودي والتركي بحفظ وحدة سوريا دليل، حسب متابعين عن قرب لما يدور في واشنطن، على أنّ ترامب يخالف خطّة بنيامين نتنياهو لتقسيمها، وهو أحد مظاهر التباين بين الرجلين الذي يكثر الحديث عنه. تقاسم النّجوميّة مع الشّرع… التّطبيع بدل التّقسيم؟ – أحد أسباب انحياز ترامب لوحدة سوريا أنّ قيادتها الجديدة أبدت انفتاحاً، لكن مع وقف التنفيذ، على مشروعه ضمّ المزيد من الدول العربية إلى الاتّفاقات الإبراهيمية. يقول أحد خبراء السياسة الأميركية إنّ التطبيع سيكون بديل مشروع تقسيم سوريا، المرفوض سعوديّاً وتركيّاً وعربيّاً. بعد اجتماع ترامب إلى الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، توزّعت النجوميّة التي طبعت زيارة الرئيس الأميركي بينه وبين الأمير محمد بن سلمان والشرع. بعدما امتدح الرئيس الأميركي وليّ العهد وأبدى إعجابه بقيادته، وصف الشرع بأنّه 'رجل قويّ، ورائع… وجيّد جدّاً'. لكنّه وبن سلمان اكتسبا نجوميّة في سوريا، فرفعت الاحتفالات بإزالة العقوبات في دمشق ومدن سورية صورهما والعلمين السعودي والأميركي. قال الشرع: 'رفع العقوبات كان تاريخيّاً وشجاعاً.. والمستقبل الواعد لسوريا بدأ ولن تكون إلّا ساحة للسلام. وعدني الأمير محمّد بن سلمان برفع العقوبات وتلقّينا دعماً من معظم الدول العربية وتركيا وفرنسا…'. لكنّ ترامب ينتظر بالمقابل تلبية مطالبه المعروفة من حاكم دمشق. قدّم الأخير نماذج عن استعداده لتنفيذها في الأسابيع الأخيرة، بإجراءاته حيال المتطرّفين الفلسطينيين والإسلاميين. لا تغيير حيال غزّة – في ظلّ الشكوك في مدى التباين الأميركي – الإسرائيلي حيال سوريا، يرجّح البعض التطابق في السياسة الأميركية مع إسرائيل إذا تبدّلت الظروف. لكنّ واشنطن قد تعتبر سوريا ميدان استثمارات، وبين أهدافها الحؤول دون توظيف الصين أموالاً لإعادة الإعمار. – من مبرّرات توقّع العودة إلى تطابق ترامب مع إسرائيل أنّه باقٍ على مشروعه لتملّك غزّة ونقل سكّانها إلى دول أخرى على الرغم من الخلاف على اتّفاق وقف النار. في زيارته المنطقة تجنّب الثابتة السعودية القاضية بإقامة دولة فلسطينية. بل إنّ دبلوماسيين أميركيين يقولون إنّ أميركا ستطلب من سوريا الجديدة أن تستقبل غزّيّين في سياق مشروع ترامب. وليد شقير -اساس انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

ترامب يطوي صفحة أوباما: 'مُحمَّد' قاطرة الدولة الوطنية في المنطقة
ترامب يطوي صفحة أوباما: 'مُحمَّد' قاطرة الدولة الوطنية في المنطقة

الشرق الجزائرية

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

ترامب يطوي صفحة أوباما: 'مُحمَّد' قاطرة الدولة الوطنية في المنطقة

«أساس ميديا» ما يجري في المملكة العربية السعودية هذه الأيّام هو زلزالٌ سياسي يعيد رسم معالم الإقليم، يُتوقّع أن تستمرّ هزّاته الارتدادية لسنوات. فقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان هو شريكه الاستراتيجي الأوّل في المنطقة على المدى الطويل، مانحاً إيّاه هامشاً واسعاً من التأثير في ملفّات سوريا ولبنان والخليج، إلى جانب أدوار دوليّة تمتدّ من روسيا إلى أوكرانيا وتركيا والسودان… وبذلك يكون قد طوى مفاعيل 'خطاب القاهرة' لسلفه باراك أوباما في 4 حزيران 2009. ليس خطاباً عاديّاً هذا الذي ألقاه أقوى الرؤساء الأميركيين منذ عقود. فهو بمنزلة إعلان تحوّل في العقيدة السياسية الأميركية تجاه المنطقة. ما بعده لن يكون كما قبله. وربّما يطوي اليوم مفاعيل خطاب الرئيس الأسبق باراك أوباما في جامعة القاهرة قبل 16 عاماً، في 4 حزيران 2009. كان خطاب أوباما يركّز على التصالح بين أميركا والإسلام. وفتح الباب أمام 'الربيع الإسلامي'، حين قال: 'لا يمكن لأيّة دولة ولا ينبغي لأيّة دولة أن تفرض نظاماً للحكم على أيّ دولة أخرى'. وتعهّد بـ'توسيع الشراكة مع المجتمعات الإسلامية'. وأسهب في تفصيل أسباب احترام الخيارات الإسلامية في الحياة… والسلطة. أمّا خطاب ترامب فجاء تصالحيّاً مع نموذج 'الدولة الوطنية' التي رفعت المملكة العربية السعودية رايتها منذ سنوات: دولة غير دينية. حديثة. جامعة. مزدهرة. وهذا ما قاله ترامب: 'أثبتت أمم الخليج أنّ مجتمعاتها تتمتّع بالسلام والازدهار الاقتصادي وحرّيّات شخصيّة متوسّعة ومسؤوليّة متزايدة على الساحة الدولية…'. وتحدّث عن 'الوصول إلى مستقبل كانت تحلم به الأجيال السابقة'. وتحدّث عن 'جهات مارقة كانت تحاول جرّ الشرق الأوسط نحو الفوضى والحرب حين تركت البيت الأبيض (قبل 4 سنوات)'، في إشارة إلى إيران: 'استهدفت مدينة الرياض الجميلة وزعزعت الاستقرار'. المصالح الحضاريّة المشتركة بين أميركا والسّعوديّة لكلّ هذه الأسباب لم يكن الخطاب اقتصادياً وحسب. حتّى الأبعاد الاقتصادية جاءت انعكاساً لرؤية حضارية جديدة تتشاركها أميركا والسعودية. تُقدّم الأخيرة نموذجها محرّكاً للحداثة في الخليج والعالم العربي. وهو نموذج يقوده الأمير محمّد بن سلمان مع تحديث اجتماعي وديني واقتصادي وثقافي وترفيهي ورياضي. لم يغب هذا البُعد عن خطاب ترامب، الذي تجوّل بين ملفّات النفط والذكاء الاصطناعي، مروراً بكرة القدم و'الفورمولا وان'، مشيراً إلى النموّ اللافت للاقتصاد غير النفطي في السعوديّة. تريليونات الدّولارات بين ترامب وبن سلمان بالأرقام، كان الخطاب تريليونيّاً. ليس تعبيراً عن جشع أميركي أو إغراء سعودي، بل دلالة على عمق الشراكة الاستراتيجية: من الاستثمار في التكنولوجيا، إلى التسلّح، وصولاً إلى الرهانات السياسية الكبرى. لم تعد السعودية 'تحظى بالحماية' الأميركية، بل باتت شريكاً كاملاً في رسم سياسات المنطقة. من هنا، فتح ترامب ملفّات كبرى: – عن إيران: 'سرقت ثروات شعبها لسفك الدماء في الخارج… وإذا رفضت غصن الزيتون واستمرّت في قصف الجيران، فلا خيار سوى فرض أقصى الضغوط'. – عن سوريا: وافق على رفع العقوبات ولقاء الرئيس السوري أحمد الشرع 'بطلب من الأمير محمّد بن سلمان الذي سأفعل أيّ شيء يطلبه'. – عن لبنان: 'الحزب وحلفاؤه سرقوا آمال الشعب اللبناني، وبيروت التي كانت سويسرا الشرق… كلّ هذا كان يمكن أن نتفاداه، ومحمّد يعرف هذا'، متعهّداً بدعم 'مستقبل مزدهر وسلام مع الجيران'. – عن الهند وباكستان، وروسيا وأوكرانيا: أعاد ترامب التذكير بمحوريّة السعوديّة في الوساطات الإقليمية والدولية، شاكراً جهودها في غزّة، وفي تهدئة التوتّرات بين موسكو وكييف. نهاية 'الإسلاموفوبيا'… مع 'محمّد الرجل العظيم' بعد أكثر من عقدين من 'الإسلاموفوبيا'، وخوف حاملي اسم 'جهاد' و'أسامة' في مطارات الغرب، عاد اسم 'محمّد' ليمثّل الحداثة والليبرالية والتصالح بين الغرب والشرق. إذ قدّم ترامب 'مُحمّداً' رمزاً للحداثة والتصالح بين الإسلام والغربيّين. لم يسبق لرئيس أميركي أن خاطب زعيماً عربيّاً بهذا القدر من الحفاوة والتمجيد. فقال عن الأمير محمّد بن سلمان إنّه 'رجل عظيم'، 'أحبّه كثيراً'، 'أفعل أيّ شيء من أجله'، و'لا يشبهه أحد'، و'لا ينام الليل من أجل بلاده'. تعلن هذه العبارات بلا مواربة تبدّلاً في المعايير الأميركية التي ستحكم المنطقة، وحلفاً تاريخيّاً مع 'أهل السنّة' في المنطقة، بعدما كانت 'الإدارة السابقة تعطي المليارات لإيران كي تموّل الميليشيات التي تقصف جيرانها'، كما قال ترامب. رئيسٌ يهين نتنياهو… ويُمجّد بن سلمان هو نفسه الرئيس الذي لطالما أهان رؤساء وحلفاء. فقد أهان رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو داخل البيت الأبيض حين كان يعلن تحضيرات بلاده لضرب المفاعل النووي الإيراني، فباغته ترامب بأن أبلغه أمام الكاميرات أنّه يتفاوض مع إيران. وأضاف أنّ أيّ مشكلة بينه وبين رئيس تركيا رجب طيب إردوغان: 'أنا أحلّها… إذا كنتَ منطقيّاً'. هو نفسه الرئيس الذي أهان رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، الرجل الذي وقف الغرب كلّه خلفه في معركته ضدّ فلاديمير بوتين. جاء ترامب وكسر هيبته واحترامه أمام كاميرات التلفزيونات ليجبره على إنهاء الحرب والتنازل أمام روسيا. رئيس يهين نتنياهو رمز الصهيونية، ويهين زيلينسكي، الرجل الأكثر تقديراً في أوروبا وحارس أسوارها من وحشيّة بوتين، هو نفسه يتحدّث لساعة عن 'عظمة' محمّد بن سلمان ومحوريّته في 'العصر الذهبي لأميركا والشرق الأوسط'. هذا خطاب تاريخيّ. وسيكون مرجعاً لكلّ ما سيجري في منطقتنا خلال السنوات الكثيرة المقبلة.

أميركا – إيران: تفاوضٌ تحتَ 'هدير' الـB52
أميركا – إيران: تفاوضٌ تحتَ 'هدير' الـB52

الشرق الجزائرية

time٠٦-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

أميركا – إيران: تفاوضٌ تحتَ 'هدير' الـB52

«أساس ميديا» هل نجحَ الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب في 'جلبِ' إيران إلى طاولة المُفاوضات؟ وما هي كواليس وأجواء المفاوضات المُحتملة بين واشنطن وطهران؟ وماذا عن الموقف الإسرائيليّ؟ ومن يُفاوض عن كِلا الجانبَيْن؟ تبادرَت هذه الأسئلة إلى أذهان المُراقبين في الأيّام الـ3 الأخيرة بعدَ ظهور 'إرهاصات' تدلّ على إمكان بدء التّفاوض الجدّيّ بين الولايات المُتّحدة وإيران في الفترة القريبة المُقبلة. يقول مصدرٌ أميركيّ مسؤول في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ'أساس' إنّ واشنطن تبلّغَت من الوُسطاء العُمانيّين والرّوس أنّ طهران لا تُمانع بدءَ مفاوضات غيْر مباشرة مع واشنطن، على أن تنتقل إلى مفاوضات مباشرة في حال تأكّدَ كلّ طرفٍ من 'حُسنِ نيّة' الآخر. مُفاوضات خلال أسبوعَيْن؟ المُقترحُ، بحسب معلومات 'أساس'، يقضي بأن تستضيفَ العاصمة العُمانيّة، مسقط، هذه الجلسات التفاوضيّة خلال الأسبوعَيْن المُقبليْن، على أن يُمثّلَ المبعوث الرّئاسيّ الأميركيّ إلى الشّرق الأوسط ستيفن ويتكوف بلاده، ونائب مُساعد وزير الخارجيّة للشّؤون السّياسيّة مجيد روانتشي عن الجانب الإيرانيّ. أصرّت إيران على اختيارِ سلطنةِ عُمان مقرّاً للتفاوض وتبادل الرّسائل مع الأميركيين نظراً لخبرة السّلطنةِ بهذه المسألة، ولأنّها لم تنقل يوماً أيّ رسالة تهديدٍ من أميركا لإيران والعكس. لكنّ هذا لا يعني أنّ أطرافاً أخرى لن تكونَ على إحاطة واطّلاعٍ على المُفاوضات في حال قُدِّرَ لها المُضيّ قُدماً نحوَ الصّيغة المُباشرة. كانَ لافتاً أنّ ويتكوف علّق من حسابهِ الخاصّ على منصّة 'إكس' بعبارة ' Great ' على تغريدةٍ لوزير الخارجيّة الإيرانيّ عبّاس عراقتشي قال فيها إنّ الدّبلوماسيّة هي الخيار الأمثل لحلّ المسائل العالقة بين طهران وواشنطن. السّعوديّة والإمارات لتحصين الاتّفاق؟ توازياً كانَ الرّئيس الإيرانيّ مسعود بزشكيان يتّصل بكلٍّ من وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات الشّيخ محمّد بن زايد. إذ تُريدُ إيران أن يكونَ للمملكة والإمارات دور أساسيّ في تحصينِ أيّ اتفاقٍ قد يُبرَم مع الولايات المُتّحدة، علاوة على أنّ أيّ اتّفاقٍ مُحتَمل سيشمل مسألة 'الأمن والاستقرار في المنطقة'، وهذا يحتاجُ إلى ضلوعِ أطرافٍ فاعلةٍ في المنطقة. في قراءةٍ للبيان الذي صدَرَ عن الرّئاسةِ الإيرانيّة عقبَ اتّصال بزشكيان بوليّ العهدِ السّعوديّ، تظهر الرّسائل التي أرادَ الجانب الإيرانيّ تمريرها عبر الجانب السّعوديّ، وهي الآتية: الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لم تسعَ قطّ إلى الحربِ أو الصّراع، والاستخدام غير السّلمي للطّاقة النّوويّة ليسَ له مكان في عقيدتِنا الأمنيّة والدفاعيّة. إيران مستعدّة للانخراط والتّفاوض لحلّ بعض التوتّرات. نحن لسنا في حالة حرب مع أيّ دولة. نقَلَ البيان عن الأمير محمّد بن سلمان قوله: 'المملكة العربيّة السّعوديّة مستعدّة للعبِ دورٍ في المُساعدةِ على حلّ أيّ توتّر وانعدام للأمن في المنطقة'، وهو ما قد يشير إلى أنّ الجانبَ الإيرانيّ طلبَ أن يكونَ للمملكة دورٌ في التّفاوض مع واشنطن. تُريدُ طهران تحصينَ أيّ اتّفاقٍ مع واشنطن إقليميّاً. إذ إنّ التّجربة السّابقة في إبرام الاتّفاق النّوويّ 2015 لم تكُن ناجحة على صعيد الإقليم. ولهذا تطمحُ إيران إلى تجاوزِ هذه المسألة، خصوصاً أنّ الرّئيس الأميركيّ ترامب يولي اهتماماً بالغاً لمُراعاة مصالح شركائهِ الخليجيّين في أيّ اتّفاقٍ يسعى إليه مع إيران. هُنا يُمكنُ قراءة سبب تزامن ما نشرته صحيفة 'التلغراف' البريطانيّة نقلاً عن مسؤولٍ إيرانيٍّ حولَ تخلّي إيران عن دعم الحوثيين، مع الاتّصال الذي جمَع بزشكيان والأمير محمّد بن سلمان. كان لافتاً أيضاً أنّ كلّاً من موقع الرّئاسة الإيرانيّة ووكالة 'سبأ' اليمنيّة نشر بياناً حولَ اتّصالٍ أجراه بزشكيان مع رئيس المجلس السّياسيّ الحوثيّ مهدي المشّاط. لم يأتِ البيانان الإيرانيّ والحوثيّ على ذكرِ تفاصيلِ الاتّصال، واكتفيا بالقول إنّه للتهنئة بعيد الفطر. وهذا يدلّ على أنّ الجانبَيْن تطرّقا إلى مسألة سلوك ميليشيات الحوثيّ في البحرِ الأحمرِ تحت مُسمّى 'إسناد غزّة'، من دون أن يكونَ ذلكَ بعيداً عمّا وردَ في 'التّلغراف'. شروط إيران.. وَفقَ معلومات 'أساس'، فإنّ الإيرانيين أرسلوا إلى الأميركيين ما اعتبروه شروط التّفاوض، التي يُمكنُ تلخيصها كالآتي: أن تُجمّدَ الولايات المُتّحدة سياسة الضّغط الأقصى والعقوبات مع بدءِ المفاوضات غير المُباشرة، إذ إنّ إيران لن تتفاوضَ تحتَ الضّغط. وهذا ما لم يلقَ مُعارضةً أميركيّة، خصوصاً أنّ واشنطن كثّفت من العقوبات على الشّخصيّات والكيانات والقطاعات الإيرانيّة في الأسابيع الأخيرة، وباتَ بين يديْها مئات الإجراءات المُتعلّقة بذلك. أن تنتقِلَ المفاوضات إلى المستوى المُباشر عند التّيقّن من نوايا واشنطن إزاء التفاوض. وهذا أيضاً ما لم تُعارضه واشنطن. إنّ إيران مُنفتحة على التفاوض في كلّ ما يثيرُ قلق واشنطن من البرنامج النّوويّ وصولاً إلى دورِ وكلائها، لكن من دونِ ربطِ الملفّات ببعضها. وهذا أيضاً لم تُعارضه إدارة ترامب، لكنّها تشترطُ أن يُبحَث كُلّ ملفّ من دون تلكّؤ عند الانتهاء من الملفّ الذي سبقه. أن تبقى المفاوضات سرّيّة، وأن لا يحدث تسريب لأيّ مناقشات وعروضٍ، خصوصاً أنّ طهران تتربّصُ من موقف إسرائيل التي تُفضّل تفكيك أو ضربَ المفاعلات النّوويّة الإيرانيّة مرّةً وإلى الأبد. أن يكونَ رفع العقوبات المُرتبطة بالملفّ النوويّ فوريّاً عند الاتّفاق من دونِ ربط رفعها بالملفّات الأخرى. على طريقة ترامب وسطَ هذه الشّروط والتّوجّس الإيرانيّ من أيّ تدخّلٍ إسرائيلي قد يطيحُ بالمفاوضات المُحتملة، كانَ وزير الخارجيّة الإسرائيليّ جدعون ساعر يُطلقُ موقفاً يكاد يكون الأوّل من نوعهِ لمسؤول في حكومة اليمين المُتطرّف قال فيه: 'نحنُ نريد أن نضمنَ أن لا تحصلَ إيران على سلاحٍ نوويّ، وذلكَ مُمكن عبر الدّبلوماسيّة'. يشيرُ لجوء إسرائيل إلى هذه النّبرة في هذا التّوقيت إلى أنّها مُتيقّنة من ضعفِ إيران، وأنّ التفاوض على طريقة دونالد ترامب الذي حشدَ مئات القاذفات والطّائرات في المحيط الهنديّ والخليج قد يُثمرُ مع طهران. يدلّ على ذلكَ مراقبة سلوك وكلاء طهران في المنطقة: 'الحزبُ' في لبنان يستوعبُ الضّربات والاغتيالات من الجنوبِ إلى البقاع مروراً بالضّاحية الجنوبيّة من دون أن يرُدّ عليها، بل ووصلَ الأمر إلى إصدار بيانات للتّنصّل من الصّواريخ التي أطلِقَت مرّةً نحوَ مستوطنة 'المطلّة' ومرّة نحوَ 'كريات شمونة'. حركةُ 'حماس' في أضعفِ أيّامها عسكريّاً وتفاوضيّاً وحتّى داخل أسوار قطاع غزّة حيث تخرجُ تظاهرات تحتَ القصف الإسرائيليّ تُنادي بإسقاط حُكمها، إضافة إلى الانقسام في صفوف قيادتها بعد اغتيال صالح العاروري وإسماعيل هنيّة ويحيى السّنوار ورَوْحي مُشتهى ومروان عيسى ومحمّد الضّيف. انكفاء الفصائل العراقيّة منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض عن إطلاق المُسيّرات والصّواريخ نحوَ إسرائيل أو حتّى نحوَ القواعد الأميركيّة في العراق. وحدَهُ الحوثيّ لم يكُن مطيعاً على ما يبدو للطّلبات الإيرانيّة للانكفاء وعدم استفزاز أميركا، فجاءَت 'البراءة' الإيرانيّة منه عبر 'التّلغراف'. يحشدُ ترامب في المياه المُحيطة بإيران أعتى قوّةً جوّيّة منذ الحربِ العالميّة الثّانية. لكنّ هذا لا يعني أنّ ضربَ إيران باتَ أمراً محتوماً. إذ إنّ في بِلاد فارس مثلاً يقول: 'إن استطعتَ أن تحلّ العُقدةَ بأنامِلكَ، فلا داعي لأن تلجأ لأسنانكَ'. الخُلاصة أنّ ترامب يُحاول حلّ العقدة الإيرانيّة بأناملهِ، وإلّا فاللجوء إلى أسنان الـ B2 والـ B52 في لحظة التّيقّن أنّ الاتّفاقَ لم يعُد ممكناً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store