logo
#

أحدث الأخبار مع #منظمة_غزة_الإنسانية

مشاهد صادمة لتوزيع المساعدات في رفح ونتنياهو: "لا يوجد معتقل من غزة هزيل"
مشاهد صادمة لتوزيع المساعدات في رفح ونتنياهو: "لا يوجد معتقل من غزة هزيل"

BBC عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • منوعات
  • BBC عربية

مشاهد صادمة لتوزيع المساعدات في رفح ونتنياهو: "لا يوجد معتقل من غزة هزيل"

اجتاحت وسائل التواصل مقاطع فيديو صادمة لتدافع وفوضى أثناء توزيع المساعدات في غزة عبر نظام التوزيع الجديد الخاص بمنظمة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة. فيما أثار تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن نفيه انتهاج بلاده سياسة "تجويع" بضرب مثال على أن السلطات الإسرائيلية لم تجد أي من معتقلي غزة هزيلا. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

مؤسسة غزة واحتيال نتنياهو.. عن لعنة الوقت وتذخير الإنسانية والضمير والقانون
مؤسسة غزة واحتيال نتنياهو.. عن لعنة الوقت وتذخير الإنسانية والضمير والقانون

اليوم السابع

timeمنذ يوم واحد

  • أعمال
  • اليوم السابع

مؤسسة غزة واحتيال نتنياهو.. عن لعنة الوقت وتذخير الإنسانية والضمير والقانون

ما تزال المبادرات تُقتَل فى غزَّة قبل أن تُولَد؛ حتى الناشئة منها تحت سقف العدوان ولتحقيق أهدافه. أحدثها مُنظَّمة غزَّة الإنسانية، وقد أعلن مديرُها التنفيذىُّ استقالتَه من المنصب الذى شغلَه قبل شهرين، ودون أن ينجح فى تمرير وجبةٍ واحدة لمئات آلاف المدنيِّين المنكوبين فى القطاع. هُندِسَتْ الفكرةُ داخل إسرائيل، وأُسبِغَتْ عليها صِفَةٌ أمريكيّة لتمريرها وضمان انتظامها. ما يُذَكّر للوهلة الأُولى بتجربة الرصيف البحرى فى ولاية جو بايدن. أعلنَ عنه الرئيسُ فى مارس 2024، واكتمل خلال مايو، وتعطَّل عِدَّة مرَّاتٍ فى الشهر ذاتِه؛ ليبدأ تفكيكُه فى يونيو وتُنهَى أعمالُه تمامًا يوليو التالى؛ فكان أسرعَ فكرة إغاثةٍ وأفشلَها أيضًا، وطُمِرَ بكُلِّ ما كان يُعلَّقُ عليه من أهدافٍ مُعلَنَة ونوايا خَفيّة. يقول جيك وود فى استقالته المنشورة صباح أمس، إنه يتنحَّى عن إدارة مُؤسَّسة غزّة لتعَذُّر الاضطلاع بالمهام المُوكَلَة إليها. أو بحسب نص البيان: "بات من الواضح أنه لا يُمكن تنفيذ خطَّة المساعدات الخاصة بالمُنظَّمة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية، وهى مبادئ لا يُمكننى التخلِّى عنها". وتلك النقطة كانت محورَ الخلاف مع المُنظَّمات الأُمَميَّة، ومبعثَ اعتراض الأخيرة على الطرح أو المُشاركة فيه عَمليًّا؛ لأنه لا يضمنُ الحَدَّ الأدنى من نزاهة الجهود الإنسانية، ولا يُجنّبها شُبهات التسييس وتذخير الطعام والاحتياجات الضرورية؛ لتكون بمثابة سلاحٍ رديف لا ينهى معركة الجوع تمامًا، كما لا يُغيِّر شيئًا فى أوضاع الميدان المُغلَّف بالإبادة الجماعية ومساعى التهجير. سارت الولايات المتحدة فى ركاب نتنياهو وحكومته، كما كانت دومًا، وما تزال؛ بغَضِّ النظر عن تبدُّل الحُكم وألوان الإدارات. وكما يَصحُّ القول إنَّ ترامب فى ولايته الأُولى تبنّى أجندةَ اليمين الصهيونى، عندما تحدَّث عن صفقة القرن، أو أطلق مسار الاتفاقات الإبراهيمية، ونقل سفارتَه للقُدس واعترف بضَمِّ الجولان؛ فإنه يعملُ حتى الساعة على ضوء رغبات إسرائيل وتفضيلاتها. وليس ذلك من جهة إبقاء الحرب دائرةً بعدما استنفدت أغراضَها فحسب؛ إنما بالإشراف والمُواكبة الدائمين لخطَط تقليم الجغرافيا الغزّية وإعادة هَندَستِها ديموغرافيًّا، وتفعيل أعلى صور البطش والترويع؛ لأغراض الإرعاب وكَىّ الوعى، وتقديم الأُمثولة المُحفّزة على إجلاء البشر، أو ترويضهم وإخضاعهم طويل المدى حال الإصرار على البقاء. وفكرة "مُؤسَّسة غزّة" حلقةٌ فى سلسلة؛ بادئها إقرار أهداف المعركة المفتوحة دون تمحيصٍ أو مراجعة؛ ثم استنزاف الوقت والطاقة عبر محاولات الإيحاء بالرغبة فى التهدئة، وبدون أىِّ اقترابٍ من الغطاء المُسدَل على الاحتلال، عسكريًّا وسياسيًّا واستراتيجيًّا. وبينهما، احتضانُ الرواية المُلفَّقة عن تورُّط "أونروا" وغيرها من الفعاليات الشبيهة فى الطوفان، ورعاية حماس، قصدًا أو اعتباطًا؛ بما مَهَّد الطريق لاحقًا لاستصدار الكنيست تشريعاتٍ مُقوِّضة للعمل الإغاثى، وحرَّض عددًا من المانحين الدوليِّين على وقف التمويل التطوُّعىِّ لوكالة اللاجئين. والارتباك الذى ضرب المرفق الأمريكىَّ المُستَحدَث كان أسرعَ من كلِّ التوقُّعات. والمُؤكَّد أنهم كانوا يعرفون بما لا يحتمل الشك والمُراهنات الساذجة أن هذا الخيار لن يكون موضعَ ترحيبٍ من الهيئة الأُمَميَّة وتفرُّعاتها، وأعدّوا عُدَّتهم للسير فيه رغم المُنغّصات الإنسانية والدبلوماسية. لكنَّ المُتغيَّر الأكبر أن تُعلن سويسرا اتَّجاهَها لفتح تحقيقٍ بشأن المُؤسَّسة، انطلاقًا من كَونِها مُسجَّلةً لديها، ثم إفراط الصحافة العِبريَّة فى الحديث عن تخليق الفكرة وإرساء هياكلها عبر لجنةٍ من رجال الأعمال والعسكريين السابقين، وثيقةِ الصِّلَة بمكتب نتنياهو مُباشرةً، وأنَّ المُؤسَّسات الأمنية وارتكازات الجيش جنوبًا تلقَّت توجيهاتٍ صريحةً بفَتح أبوابها لهم، وتوفير كلِّ التسهيلات اللازمة لإدارة الخطَّة على الوجه المُرتَّب سَلَفًا. كما توسّعت بعضُ التقارير إلى طبيعة الشركتين الأمريكيتين المُكلَّفَتين بالتنفيذ، وخريطة عناصرهما، وبدء حضورهما على الأرض خارج الترتيبات النظامية، ودون استيفاء الترخيص والتصاريح اللازمة. ولكلِّ هذا؛ بدا الأمرُ أقربَ إلى عملية احتيالٍ أو صفقة سَمسرة، وفى أفضل الفروض محاولة لعَسكَرة المسألة الحقوقية والإغاثية، وأنَّ المُؤسَّسة الجديدة أشبه ما يكون بلواءٍ جديد فى جيش الاحتلال. إسرائيلُ لا قلبَ لها مُطلَقًا ولا ضمير، ولا سبيلَ من أىِّ وجهٍ لافتراض أنَّ النازىَّ المسعور الذى يقودها آلَمَه المشهدُ الوحشىُّ فى غزّة، أو استفاق فجأةً من سعاره ليُشفِق على أهلها المنكوبين. كلُّ الحكاية أنَّ الجريمة فاقت الحدود، على سيولتها وتوسيع هامشها المقبول، وما عاد بالإمكان إشاحة النظر عنها، أو الاستمرار فيها دون تغطيتها؛ ولو بغلالةٍ رماديّة شفَّافة. تقول تلُّ أبيب إنها لا تُريد لحماس أن تنتفع من تدفُّقات المساعدات، لتحتكرها لصالح إطعام مُقاتليها، أو تُمرّرها للأسواق بغرض تأمين رواتبهم ومُخصَّصات عائلاتهم. وفيما وراء مزاعم البحث عن تأطير المواجهة العسكرية، وحصار الخصم المُباشر؛ كى لا تبقى التوازُنات المُحايثةُ على حالها؛ فإنها تتقصَّدُ فى واقع الأمر أن تُبقِى القطاع مُطوَّقًا بالجوع والنار معًا، وبيئةً طاردة بعدما انعدمت صلاحيَّتُها للحياة، وعلى هذا المُرتَكَز تتأسَّسُ الخطّة طويلة المدى، وقد وُضِعَت على الطاولة، ويستميت ذئب الليكود العجوز لأجل ألَّا يُعيدَها ثانيةً إلى الأدراج. يضُرّه بالطبع أن يتقوَّت الحماسيون كغيرهم من البشر؛ إنما لا يفيده أيضًا أن تمتلئ معدات الغزِّيين، وأن يلتمسوا خيطا رفيعًا يربطهم بالأمل البعيد. ولهذا؛ استحدثَتْ له واشنطن مُؤسَّستَها لتكون أداةَ دعايةٍ بأكثر من كَونِها جهدًا حقيقيًّا مُثمرًا، وتتلاقى مع أطروحة ترامب عن صفقة الريفييرا العقارية، وأوّلها حضور الأمريكيين بالطعام الشحيح، على مَظنّة أن يكون ذلك بدايةَ الإشراف على الشحن العكسى، فيُنقَل الناسُ للطعام حيث يُرَاد لهم أن يتوزّعوا على المنافى، بدلاً من أن يُنقَل الطعام إليهم بكفايةٍ وآدميّة حيث يستقرّون. صحيح أنَّ الفصائل ارتكبت أخطاء منظورةً فى مسألة التعامل مع المساعدات؛ إنما على الأرجح كانت إسرائيل ستذهب للنقطة ذاتها فى كلِّ الأحوال. ولا يمنع الاستخلاصُ الأخير من إدانة الاستيلاء على شَطرٍ عظيم من تدفُّقات الإغاثة لصالح الحماسيِّين، وهى قضيَّةٌ محلُّ اعتراض ومُجادلاتٍ داخل القطاع منذ شهور طويلة، ويعرفُها الغزِّيون أكثر من غيرهم. إنما بالقدر نفسِه من الموضوعية والتدقيق؛ لا يُمكن أن يُتَّخَذ هذا مُبرّرًا لإغلاق أبواب الحياة على مليونين ويزيد من الجوعى المنقوعين فى مأساةٍ مُوجِعة، ولا أن يختزِلَ الصهاينةُ جريمتهم النكراء فى إطار التكتيك الحربىِّ المقبول للضغط على الخصوم. وانطلاقًا من حقيقةِ أنَّ إسرائيل كانت دائمًا قوَّة الاحتلال المُهيمنة فى فلسطين؛ فإنَّ عليها واجبات الأمن وضمان الانتظام والسلامة وتوفير الإعاشة للمدنيين، سِلمًا وحربًا بالتساوى. والسياق لا يقبَلُ الجدلَ أصلاً تحت سقف الضرورة أو غيرها، ولا يُعبِّر الصمت الطويل إزاءه إلَّا عن اختلالِ فى الرؤية والضمير العالميين، وعن انحيازٍ غربىٍّ/ أمريكىٍّ كاسحٍ منذ اليوم الأوَّل، تلقَّف سرديَّةَ التوراتيِّين والقوميِّين المخابيل واحتكَمَ إليها حصرًا؛ فأَمَّن لهم منفذًا واسعًا على التوحُّش والإبادة، وصعَّب على المُنحازين أن يُعَدّلوا مُقارباتهم إلى مواقفَ مُزَاحةٍ قليلاً، أو مُضادَّةٍ تمامًا، من دون أن يُعطّل التناقُض قُدرتَهم على الفاعلية والإقناع، أو يكونوا عرضةً للاستهجان والمُزايدة لاحقًا. النموذجُ الأبرز يتجلَّى فى حالة فرنسا. إذ كانت فى طليعة المُبادرين لاتّخاذ موقفٍ دوجمائىٍّ صلبٍ من عملية "حماس" فى السابع من أكتوبر، والبَصْم بأصابعها العشرة على مبدأ "الحق فى الدفاع عن النفس" وفقَ رُؤية نتنياهو وحكومته. بل تطوَّعَ الرئيسُ ماكرون وقتَها باقتراحاتٍ شديدة المُبالغة، ولم تَرِد على خاطر نازيِّى تلّ أبيب أنفسهم، عندما دعا لاستحداث تحالُفٍ دولىٍّ مُضادٍّ للحركة، على غرار تجربة التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق. دارت الأيَّامُ وتبدَّلت الوقائع، وبَدَت الدولةُ العِبريَّةُ فى صورة مصَّاص دماء لا تقبَلُ التأويلَ أو التجميل، فعدَّلَتْ باريسُ خطابَها ببُطءٍ صاعد، ثمَّ زحفت على البطن إلى مواقف أكثر اعتدالاً، منها احتضان جَولَتَين من مُفاوضات الهُدنة وتبادُل الرهائن، ثمَّ الدخول فى تحالُف "حلّ الدولتين" واقتسام قيادته، وإعلان أنها بصدد الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الفترة المقبلة. وجاءت ألمعُ الإشهادات المُفارقة مع زيارة ماكرون المُهمَّة للقاهرة أوائل أبريل الماضى، وجولته فى العريش بين المُصابين ووافر المُساعدات المُكدَّسة فى المخازن وفوق الشاحنات، وعلى مرمى حجرٍ من معبر رفح الذى دمَّره الاحتلال من الجهة الثانية. وكلُّ هذا جرى توظيفُه لاحقًا للضغط والابتزاز؛ عندما وقعت حادثةُ إطلاق النار على اثنين من مُوظَّفى السفارة الإسرائيلية فى واشنطن، فبادر نتنياهو إلى اتهام الدول الأُوروبية الناهضة على مسارٍ إنسانىٍّ طارئ بالتورُّط فى التحريض وإذكاء مُعاداة السامية، واضطُرّت كلُّها بالتبعية، وكما يُتوقَّع طبعًا، إلى النفى والإنكار والدفاع عن النفس. تُحسِنُ تلُّ أبيب، ويمينُها المُتطرَّفُ على وجه التحديد، اللعب فى المساحات المُلتبِسة، أو اصطناع الالتباس أصلاً وخَلط الأوراق ببعضها، والنفاذ من شقوق أزمة التعاريف وعدم ضبط الاصطلاحات. لم يَعُد أحدٌ يتحدَّثُ عن التكييف المعرفىِّ والتاريخى الدقيق للأُصول الساميّة، واتِّصالها بدولة احتلالٍ استيطانىٍّ إلغائىٍّ مُتوحّشة مثل إسرائيل، ولا يُجادل كثيرون فى الفروق الواسعة بين اليهودية والصهيونية، وجريمة التأصيل العرقىِّ لمُجتَمعٍ "كُولاجىٍّ" مُجمَّع من أشتات الأرض ومنافيها تحت راية الدين. صارت الاختراعاتُ من قبيل البديهيات المُسَلَّم بها، بالضبط كما حُبِسَت الفاشية الدامية فى برواز يتقاسَمه هتلر مع موسولينى، أو يحتكره بمُفرده؛ كأن الفعل والإدانة عنها ما خُلِقَا لسِواه. واختُزِلَتْ مَظلمةُ العالم معه فى الهولوكوست، ولم تَعُد الجريمة تُعرَّف بالوقائع المشهودة والموصّفة والثابتة؛ بل بالانتماءات والمصالح. وإذ تغاضت الذاكرةُ العالميَّةُ عن أنَّ ما فعلته الولايات المتحدة فى اليابان وفيتنام والعراق وأفغانستان وغيرها نازيَّةٌ مُكتملةُ الأركان؛ فقد انصرفت آلةُ التوثيق والضبط القانونى عن تسمية الأشياء بمُسميّاتها الحقيقية فى فلسطين التاريخية، منذ أفران الإبادة والتهجير فى النكبة الأُولى، وإلى النسخة الهولوكوستية الأكثر بشاعةً على الإطلاق فى غزّة حاليًا. المُؤسَّسة الأمريكية المُولَّدَة قسرًا، من ضميرٍ مُعتَلٍّ وسلوكٍ مُشينٍ ونوايا سوداء، لا تُشبه حتى محاولات حصار الجنون بالجنون، بل ترعاه وتُقدّم له ما يُعزِّزُ سطوتَه ويُطيل بقاءه. ولا يُستَعاض هُنا عن تلك الحقيقة الكئيبة بما يُشَاع عن خلافاتٍ، طافرةٍ ومكتومة، بين ترامب ونتنياهو، أو ضيق الثانى واستشعاره للاختناق وافتقاد المودَّة وحرارة الزواج الكاثوليكى التوراتىِّ بينهما، إزاء اتصالات إدارة الثانى المُباشرة مع حماس غير المُعتَرف بها، ورفعه العقوبات عن سوريا مشمولةً بامتداح الجولانى الذى ما يزال ضيفًا أصيلاً على لائحته للإرهاب، وإبرام صفقة مع الحوثيين فى فاصلٍ بين جَولَتَى تفاوضٍ مع رأسِ المُمانَعة ومحور الشرِّ فى إيران. فكُلُّها تكتيكاتٌ قد لا يَعيها، أو يصطبر عليها، قَتّالٌ مُتعجِّل مثل "بيبى" الانتهازىِّ الوقح، وكُلُّها لا تُغيِّر شيئًا من الأُصول الراسخة والاستراتيجيات الثابتة فى علاقات البلدين. وعليه؛ فلن يكون افتضاحُ مُؤسَّسة غزّة آخر المطاف، وقد لا تردعهم الفضيحة واستقالة مديرها التنفيذى عن المضىِّ فيها وفق البرنامج نفسه، وعلى أقصى تقدير إعادة تحويره قليلاً فى الخطاب أو الممارسة. عملية "عربات جدعون" تتواصَلُ بغَرَض السيطرة الكاملة على القطاع، ونحو ثلاثة أرباعه فى قبضة الاحتلال حاليا. تعطّلت مفاوضاتُ الهُدنة مُجدَّدًا كما هى الحال مع عشرات الجولات على مدى قرابة عشرين شهرًا، والجندىُّ مُزدوج الجنسية عيدان ألكسندر أُعِيدَ مجّانًا على سبيل الترضية، وأن يكون عربونَ محبَّة مع البيت الأبيض، فأنجز سيِّدُه جولتَه المُهمَّة فى المنطقة وغادر دون أن يستكمل الصفقة المُلوَّح بها، بينما بَقِيَت العداوة على حالها. لن تنقلِبَ الإدارةُ الأمريكية على نتنياهو وائتلاف الليكود كما يأمَلُ البعض للأسف. وأغلبُ الظنِّ أنها لو كانت تضيقُ بهم فعلا كما يُشاَعُ ويُسرَّب؛ فإنها تُمرِّرُ الوقتَ، وتنتظر شرارة التغيير من الداخل، حال إنجاز الاستحقاق الانتخابى فى موعده خريف العام المقبل. والحربُ التى أضرَّت حماس والفلسطينيين على مدار الشهور الماضية، فسَّخَت البيئةَ السياسية العِبريَّة وأربَكَت توازُناتها، وكلما طال الوضع القائم تتراقَصُ استطلاعاتُ الرأى وتتبدَّلُ الحظوظ، وقد يُرمِّمُ رئيسُ الحكومة شعبيَّتَه مع هديَّةٍ غير مُتوقَّعة من الخصوم أو الحلفاء، كما قد يسعى للعب فى الخريطة الزمنية وإرجاء محطَّة الصناديق تحت سقف الضرورة الوجودية والتزاماتها الطارئة، ووجوب أن يكون القطار فى نقطة غير الانتظام السياسى بأحواله العادية. وهنا تبرُز المحنة الأكبر؛ ألا وهى أنَّ الجميع يراهنون على الوقت؛ حتى واشنطن. الأغلبيَّةُ لا قِبَل لهم باتخاذ خطواتٍ حقيقيَّة تُغيّر الواقع؛ بضَبطِ اختلاله أو بقَلبه رأسًا على عقب، والطرف الوحيد الذى يملك الإمكانية يفتقد إلى الرغبة للأسف. وعلى جناح التوهُّم وانعدام الخيال، وتمام الانفصال عن العالم، يحِقُّ للأُصوليِّين داخل فلسطين وخارجها أن ينشغلوا عن خسائرهم بنزيف العدو الصهيونى، ويُراهنوا على تشقُّق بيئته الداخلية وانفضاض حاضنته. إنما الواقع أنَّ خسائر القضية أضعاف ما أصاب المُحتلَّ أو قد يصيبه، وكلَّما طالَ الأَمَد استفحلت الأزمات واستعصت مُستقبلاً على المُداواة. المسألة أكبر من التجويع الذى ينزح من الخزان البشرى فى غزة؛ لكنه النَّحْر المُتواصل من القلوب والأرواح، افتقاد الأمل وانعدام الرغبة فى البقاء على حدِّ السكين وتحت رحمة المواجهات غير المتكافئة. والجوع قليلُه مثل كثيره للأسف، وكذلك القَتلُ المفتوح دون ضوابط أو مواعيد واضحة. لا يُعوِّلُ الصهاينة على اقتطاع غزّة شبرًا بعد آخر؛ بقدر ما يتقصّدون افتكاكَها من ضمير الغزِّيين مأساة تلو مأساة. فى اجتماع المجلس الوزارى المُصغَّر "الكابينت" لتمرير قرار إنفاذ المساعدات، قال نتنياهو إنه ضرورة سياسية ودبلوماسية، والغريب أن ينزل بن جفير وسموتريتش عن شجرة التهديد بإسقاط الائتلاف، إلى الاعتراض همسًا والقبول ضِمنيًّا دون مشاغبة. اضطُرّ شريكهم فى التوحُّش للتراجُع قليلا، على مضضٍ ونارٍ تكوى حبّة العين؛ لأجل أن يُبقِى المَقتلةَ ويحفظ استدامة المُخطَّط، وليس أن يفتح بابًا للنقاش وفكفكة العُقَد الغليظة. المُؤسَّسة احتيال على الضمير والقانون، ورسائل ويتكوف ورفاقه رقصةٌ لإزجاء الوقت فى فواصل القتال، وحماس تنزف ما تبقّى وإنْ بوتيرةٍ أقل من نزف الغزيين؛ لكن الخسارة واحدة وعمومية فى آخر المطاف. ينبغى أن يخرج العقل من الخنادق على وجه الاستعجال؛ أكان بالتنازل أم الفدائيَّة الكاملة، طالما أن الخيارات القائمة استُنفِدَت وأثبتت خطأها من البدء للمنتهى. أخشى ما أخشاه أن يكون المقاتلون الأطهار، والذين يملون عليهم من داخل التنظيم أو خارجه، ينتظمون وفق خطٍّ درامى اختطّه الصهاينة ويرعونه منذ الرصاصة الأولى، وأن يكونوا سادرين فى مغامرة إهدار القليل المُتبقِّى، بعدما ضاع الكثير الأصيل وتأكَّد ضياعه. الوقت قد يكون فى صالح أطراف عدّة؛ لكن المُؤكَّد أنه أخطر ما يكون على الموصولين بأجهزة الإعاشة الاصطناعية، وقد أُفرِغت المخازن وأُبيد المعالجون، والموت قطعًا لا يحجبه المُسلَّحون الواقفون بعدّتهم الكاملة على الأبواب؛ فما بالك أنهم يختبئون فى باطن الأرض، بينما تتدلَّى أحشاء القطاع من بين أصابع الوحش المسعور بنيامين نتنياهو وعصابته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store