أحدث الأخبار مع #نبيهالبرجي


تيار اورغ
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- تيار اورغ
أيّ رؤوس تسقط في لبنان؟
الديار: نبيه البرجي- لدى تقلّد كونراد اديناور منصب المستشار في المانيا، غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية بكل ويلاتها، قال لمواطنيه "لقد أرهقنا الماضي كثيراً، لندعه يستريح. الآن، آن الأوان لنرهق المستقبل. لكنه... المستقبل". كنا قد استعدنا قول السفير الفرنسي الأسبق رينيه آلا "لبنان ينتج اللبنانيين". تعليقنا... متى يصبح اللبنانيون لبنانيين حقاً؟ لندخل من هنا في هذا السؤال: متى تعامل الحكام السوريون مع لبنان تعامل الند للند ، من خالد العظم الى عبد الحليم خدام، ومن عبد الحميد السراج الى رستم غزالي؟ لا نتصور أن أحمد الشرع سيكون مختلفاً عن الآخرين. رجل آت من ثقافة الكهوف، والآن سيد القصر. لا شك أن مظهره يشي بالثقة بالذات وبقوة الشخصية. قال لنا زميل تركي ضاحكاً "ان حقان فيدان نحته بازميل مايكل انجلو، وان أردت باصابع ايف سان لوران" ليبدو بمظهر رجل الدولة الأنيق، وبالكاريزما التي كان يفتقد اليها سلفه بشار الأسد. ولكن من يحكم سوريا الآن، ان من الداخل أو من الخارج؟ محاولات شتى لاحتوائها، أو لاحتواء جزء منها، بالنظر لموقعها الحساس ان في الجغرافيا أو في التاريخ. الأميركيون والأتراك و"الاسرائيليون" على أرضها عسكرياً وسياسيا، القطريون عرابو المال (والايديولوجيا). السعوديون يسعون سياسياً ومالياً، أن يكون لهم دور مؤثر، لابعادها قدر المستطاع عن البراثن التركية والبراثن "الاسرائيلية". المايسترو الأميركي يريد أن يتقاطع الدور التركي مع الدور "الاسرائيلي" حتى في قلب دمشق، لكن بنيامين نتنياهو، وبايحاء توراتي حاد، يعرف مدى خطورة المسافة بين ضفاف بردى وضفاف طبريا. هنا حلبة الصدام مع رجب طيب اردوغان، الذي لم يعد يكتفي بحلب التي كان يرى فيها مع الموصل العراقية، جناحي السلطنة. لطالما تمنى أن يصل على حصانه الى فناء الجامع الأموي، وحيث ترقد عظام صلاح الدين الأيوبي، وأن يدخن الأركيلة في التكية السليمانية التي يفترض أن يرفرف عليها هلال سليمان القانوني، لا نجمة سليمان الحكيم. الاثنان اردوغان ونتنياهو اللذان يدركان ما يعنيه أن يغلي فجأة دم السوريين، اتفقا على ألاّ يبقى هناك من أثر للجيش السوري. ولكن كيف للجيش التركي والجيش "الاسرائيلي" أن يتقاسما الخريطة السورية بتضاريسها القبلية والاثنية والطائفية، دون اغفال الكتلة التي يحاول الجميع سحقها الآن، أي كتلة من يدعون للدخول في الحداثة (السياسية بالدرجة الأولى). بدم العلويين، وهم الضحايا التاريخيون الذين لا حماية خارجية لهم، أرادت الفصائل المستوردة من كل أقبية القرن، اثارة الهلع لدى الأقليات الأخرى. قائد احد الفصائل أراد تحويل كنيسة القديس حنانيا، الأقدم في دمشق، الى مستودع للأقمشة. كذلك تحويل دير مار تقلا في معلولا الى ثكنة عسكرية. كاهن من المدينة قال لنا "كانت عيونهم اشبه بالسكاكين التي تريد تمزيقنا ارباً اربا". كان الرئيس سعد الحريري، وهو ولي الدم، يتمنى أن يكون أول الزائرين لدمشق. لكن رئيس "تيار المستقبل" قد يمنع بين يوم وآخر، حتى من زيارة بيروت. من بيدهم الحل والربط اختاروا الرئيس نواف سلام ليكون رجلهم في هذه المرحلة، لا داعي للكاريزما، ولا للقاعدة الشعبية. الآن وقت الأدمغة التي تحاول شق الطريق داخل الأدغال ، بالأحرى داخل الأهوال. الحديث وراء الضوء عن أن مأساة الابن (سعد الحريري) لا تقل عن مأساة الأب (رفيق الحريري). في حديث مع الأخضر الابراهيمي قال "الغريب هنا أن ما من أحد يريد أن يكون رئيس الجمهورية لبنانياً بالكامل، أو أن يكون رئيس الحكومة لبنانياً بالكامل". أي لبنان في هذه الحال؟ ما على صهرنا العزيز (صهر العائلة) أحمد الحريري بالدماثة، وبالابتعاد الكلي عن اللوثة الطائفية، الا أن يتابع باسى التيار الأزرق وهو يتلاشى بين يديه. هل حقاً أن التيار منع حتى من خوض الانتخابات البلدية، وغداً النيابية بطبيعة الحال؟ ديفيد هيرست كتب عن رفيق الحريري "ظهر كما يظهر أبطال التراجيديات الاغريقية، وارتحل كما يرتحل ابطال التراجيديات الاغريقية". واقعاً باستطاعة أولياء الأمر الاستغناء عن الشيخ سعد، لكن من المستحيل الاستغناء عن وليد بك (جنبلاط) الذي تمكن من زيارة دمشق مرة، دون أن يعطى موعداً لزيارة أخرى. من داخل الادارة الجديدة "ظننا أنه أكثر تأثيراً في دروز السويداء". هل بامكان الوزير جنبلاط، أو أي سياسي عربي، ولو كان بشاربي عنترة بن شداد أو بشاربي الزير المهلهل، مواجهة بنيامين نتنياهو؟ السعوديون شقوا الطريق (بالورود) أمام الرئيس سلام لزيارة دمشق. من أطرف ما سمعناه من الوزير الراحل فؤد بطرس "لبنان يختنق اذا عادى سورية، ويختنق اذا صادق سورية". الآن نظام ملتبس ، لا أحد يدري أين تتقاطع مواقف الدول، وأين تتباعد. لكن على لبنان الذي ينحني لواشنطن، أن ينحني أيضاً لدمشق. هذا هو منطق التاريخ حين يمشي على ساق واحدة. ولكن مثلما لبنان يحتاج الى الكثير ليعود دولة ( واي دولة؟)، سورية بحاجة الى الكثير لتعود دولة (أي دولة؟). من يزر عاصمة الأمويين، اذ يرى ظل الحجاج بن يوسف الثقفي في العيون، يرَ أيضاً أن استقامة العلاقات بين لبنان وسورية لا تتحقق الا بسقوط بعض الرؤوس. من ومن...؟؟


تيار اورغ
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- تيار اورغ
الديار: مذبحة العلويين في سورية... مذبحة الشيعة في لبنان؟؟
الديار: نبيه البرجي- قد يكون علينا الاعتذار من هولاكو لما ارتكبه من فظاعات في العراق. مؤرخ الدولة العباسية موفق سالم الجوادي قال "ان الطرقات، والميادين، فاضت بدماء الرجال والنساء والأطفال. وكان البعض يعتصمون على سطوح منازلهم، فيلحق بهم الجنود ويذبحونهم، لتجري الميازيب بدمهم". الاعتذار لأن ما فعله العراقيون بالعراقيين أشد هولاً مما فعله الغزاة المغول. وقد يكون علينا الاعتذار من تيمورلنك لما ارتكبه من فظاعات في سورية. قال ابن اياس، في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" عن حلب، لم يكن أمام المارة الا أن يطؤوا على الجثث "حتى قيل إنه بنى من رؤوس القتلى عشر مآذن". أما حين فتح دمشق "أحرق الجامع الأموي، وذبح سكانها جميعا، باستثناء الحرفيين والمهرة الذين نقلهم الى سمرقند لتزيينها واعمارها". الاعتذار لآن ما فعله، ويفعله، السوريون بالسوريين، يتعدى بكثير ما فعله القائد الأعرج. نعرف من هو، وما هو، أحمد الشرع، الذي يتعامل معه العرب والغرب على أنه بطل من أبطال التحرير والديموقراطية، منذ أن كان رجاله على السفوح الشرقية يدفنون جنودنا وهم أحياء. ولو تسنى لهم النزول الى المدن والقرى لتحولت الى مقابر. لكن الرجل نزع العمامة الأفغانية، وأحل محلها الطربوش العثماني، ليعد السوريين بجمهورية أفلاطون، ولكن بتكشيرة الحجاج بن يوسف. هل تغيير غطاء الرأس يعني تغيير الرأس؟ لا أثر لرجاله (الأشاوس) في الجنوب السوري. يعلم أنه اذا ما بعث بواحد منهم الى هناك لما بقي للحظة في "قصر الشعب". لا رصاصة، ولا كلمة، في وجه من يقضمون الأرض السورية. قضيته الآن مطاردة "فلول النظام"، وازالتهم وعائلاتهم من الوجود. هذا هو الاسلام السياسي الذي تجلى في "ابهى" صوره في الجزائر حين كان رجال "الجبهة الاسلامية للانقاذ" يقتلون الشرطي وذويه، وأبناءه، وحتى جيرانه. تماماً ما يحدث الان في مناطق الساحل السوري. لماذا هذه المناطق بالذات؟ فقط لأن بشار الأسد ينتمي الى طائفة الأكثرية فيها. الشاشات تتتحدث عن تحريره لسورية. تحريرها من العلويين أم من الاسرائيليين؟ قطعاً، لا ندافع عن بشار الأسد، ولا عما فعلته الأجهزة، بالأساليب الهمجية اياها. لكن الشرع قال بـ "دولة القانون". ما يحدث في الشوارع، وفي الأزقة، من قتل عشوائي فاق همجية المغول. وكنا نتمنى لو حوكم من يوصفون بـ "فلول النظام"، وهم بالملايين، أمام القضاء، لا قتلهم أمام أطفالهم، في منازلهم، وأن يعلقوا على المشانق في ساحة المرجة، تماماً كما فعل جمال باشا السفاح. على وقع صيحات "الله أكبر" (هل تصل الصيحات الى الله؟) يتحول الساحل السوري الى جهنم. لا شيء يدعى "الرأي العام العالمي". هناك فقط الرأي العام الغربي الذي وقف الى جانب اسرائيل في ابادتها لأهل غزة، بحجة أن الدولة العبرية تدافع عن أمنها، وعن وجودها. حتى إننا لم نسمع أي كلمة حول ما يحدث في سورية من أنطونيو غوتيريتش، وهو العاشق لأفكار ابن بلده البرتغالي خوسيه ساراماغو حين يقول "من يقتل الأطفال كمن يقتل الأزهار، ومن يقتل الأزهار يقتل الملائكة". هنا عبارة "الله أكبر" هي المفتاح المقدس للمقبرة. لنتذكر قول الياباني ياسوناري كاوباتا (نوبل في الآداب) حين زار هيروشيما "لكأن العالم مات هنا". الآن تموت سورية. الطوائفية مثل القبائلية مصيبتنا الكبرى. هل كان أدونيس ونزار قباني ومحمد الماغوط وعمر أبو ريشة، وحنا مينا، يعرفون ما هي طوائفهم، ويعرف الناس ما هي طوائفهم؟ ذلك النوع البربري من الاسلام السياسي هو الوباء العظيم. أنظروا الى وجوههم. هل هي وجوه كائنات بشرية حقاً؟ وحين تموت سورية، ماذا يحدث للبنان؟ حالنا حال. حين تنعدم الثقة بين الطوائف، لتحل محلها الكراهية. كثيرون تحدثوا عن "حروب الآخرين على أرضنا". لم يسألوا عن السبب. اكتفوا بالبريق اللغوي، والبريق السياسي، للعبارة. ما من سلطة في لبنان حاولت أن تنقلنا من ثقافة الطائفة الى ثقافة الدولة. نحن على أرضنا جاليات طائفية، وكل طائفة تابعة لمرجعية خارجية. ثم نتحدث عن حروب الاخرين على أرضنا. اللبنانيون، بكل طوائفهم، يقاتلون من أجل الآخرين. في سورية، طلبت السلطة الجديدة من العسكريين في المناطق العلوية تسليم اسلحتهم. وحين سلموها بدأ مسلسل القتل والخطف والتنكيل، وحتى الصرف من الوظائف ومنع الرواتب للموت جوعاً اذا لم تكن هناك طريقة اخرى للموت. طائفة بكاملها في قبضة ياجوج وماجوج. هذا وقت للصراحة، لأقصى ما تقتضيه الصراحة. نخب شيعية ترى أن ما تتعرض له الطائفة، وليس فقط "حزب الله" أو البيئة الحاضنة، وفي ظل التبدل الدراماتيكي في التوازنات الداخلية، والاقليمية، يثير التوجس من السيناريوات الخاصة بنزع سلاح الحزب. مذبحة للشيعة على غرار مذبحة العلويين في سورية؟ تابعوا ما يحدث من الكابيتول في واشنطن الى أحاديث الظل (وتحت الثريات) في لبنان. هذا ما يريده الأميركيون، وما يريده الاسرائيليون. حملة السكاكين الطويلة في لبنان وراء الباب...