logo
#

أحدث الأخبار مع #نديمقطيش

إيران ما بعد المطرقة: ما نعرفه… وما نجهله
إيران ما بعد المطرقة: ما نعرفه… وما نجهله

الشرق الجزائرية

timeمنذ 8 ساعات

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

إيران ما بعد المطرقة: ما نعرفه… وما نجهله

بقلم نديم قطيش فعلها دونالد ترامب. عمليّة 'مطرقة منتصف الليل' التي أشرف عليها ستدخل التاريخ بوصفها الضربة الأكثر تعقيداً ودقّةً في التاريخ العسكري الأميركي الحديث. هجوم جوّي منظّم وصامت ودقيق ومدمِّر، استهدف ثلاث منشآت نوويّة إيرانيّة، هي فوردو، ونطنز، وأصفهان، مغيّراً وجه الشرق الأوسط. لا نعرف كيف تفكّر القيادة الإيرانية الآن. هل يعضّ خامنئي على جراحه الاستراتيجيّة غير المسبوقة ويقبل التسوية؟ هل ينحاز إلى الخيارات الانتحارية التي تمليها أدبيّات الفخر والاقتدار التي ملأت خطاباته وصنعت صورته وصورة بلاده؟ هل يغرف من الإرث التسوويّ للإمام الحسن، على الرغم من أنّه لم يصل به الحال إلى ما وصل إليه خامنئي، أم يرفع راية الحسين وصيحة هيهات منّا الذلّة؟ لا نعرف ماذا يدور داخل دائرته الضيّقة وموقف الحرس والنخب الدينية وتفضيلات نجله مجتبى. انقسامات 'بيت الثورة' كثيرة وقديمة. لكن ما سينتج عنها هذه المرّة يتبلور الآن في سياقات شديدة التوتّر والتعقيد وعدم اليقين. التّسوية أم الفوضى؟ لا نعرف إن كان المجتمع الإيراني سيتعاطف مع النظام بوصفه ضحيّة لعدوان خارجي، أم سيتعامل مع الضربة كمؤشّر إلى هشاشة 'الجمهورية الإسلامية' وعجزها. فما تواجهه إيران الآن ليس أزمة أمن قومي، أو محنة سياسية تتّسع لحرارة الوطنيّة الإيرانية وتجاوز الانقسامات. ما يعتمل الآن داخل المجتمع الإيراني هو الفصل الأخطر من فصول أزمة شرعيّة النظام، وتداعي هيبة الفكرة التي حملها، وانفراط عقد الهويّة التي صاغها، ومنعطف جديد تدخله العلاقة بين الشعب الإيراني ونظام ولاية الفقيه. لا نعرف إن كان نجاح الهجوم الإسرائيلي الأميركي على إيران، المتصاعد منذ 13 حزيران، سيُنتج قواعد جديدة للاستقرار في المنطقة تقوم على تسوية شاملة، أم سيمهّد لفوضى إقليمية جديدة وسباق إيراني من نوع آخر نحو الحصول فعليّاً على القنبلة هذه المرّة. هل تختار 'عقلانيّة ما بعد الهزيمة' كما فعلت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، أم تتبنّى 'راديكاليّة ما بعد الصفعة' كما فعلت كوريا الشمالية بعد عزلة التسعينيّات؟ لا نعرف تبعات التسوية ولا تبعات التصعيد، ونجهل الديناميّات الخاصّة التي سيطلقها أيّ من الخيارين داخل إيران نفسها وبشأن علاقاتها بالآخرين. ما نعرفه هو أنّ إيران خرجت من هذه الضربة دولة أضعف، عسكريّاً ونوويّاً ومعنويّاً. ما نعرفه يكفي للقول إنّ إيران التي عشنا معها منذ عام 1979 انتهت، لا ببنية نظامها، بل بمشروع الهيمنة الذي قادته وبدأ مسلسل انحداره مع اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني مطلع عام 2020. أيّاً يكن التقويم النهائي لحجم الخسائر اللاحقة بالبرنامج النوويّ الإيراني، فإيران ما بعد المطرقة الأميركية لم تَعُد تمتلك مشروعاً نوويّاً فعّالاً يعمل في منشآت معروفة، ولم تَعُد قادرة على استخدام 'فوردو' كرمز للمناعة السياديّة، ولم تَعُد قادرة على الإيحاء ضمناً بأنّها على بُعد 'أسابيع' من صنع القنبلة. نعرف أيضاً أنّ إيران لم تردّ مباشرة على واشنطن، بل اكتفت بردّ غير متماثل عبر إطلاق صواريخ على تل أبيب وحيفا. ونعرف أنّ تلك الصواريخ، على الرغم من ضررها، لم تغيّر شيئاً في المعادلة الكبرى. إعادة إنتاج التّوازن ما نعرفه هو أنّنا دخلنا مرحلة جديدة، يراوح عمرها بين خمس إلى عشر سنوات مع 'إيران مختلفة'، إن نجت من مآلات الاختبار الراهن. إيران بلا مشروع نوويّ، أو بمشروع نووي متعثّر ومتأخّر ومكلف في غياب الموارد المطلوبة، وبهيبة عسكرية مجروحة، وبلا وكلاء، وبلا قدرة على المناورة عبر التلويح بالقنبلة. يشكّل هذا لوحده لحظة جيوسياسية مفصليّة في حاضر الشرق الأوسط ومستقبله. ربّما التحوّل الأهمّ من تبدّل ملامح إيران، هو يقظة العواصم العربية لما يعنيه هذا الجديد، وإدراكها أنّ لحظة ضعف الخصم لا تقلّ خطورة عن لحظة عنفوانه. لا تتعامل الدبلوماسية الخليجية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، مع إيران كخصم يجب إسقاطه، بل كنظام مأزوم يجب تفكيك أزمته بحسابات دقيقة، خشية أن يتحوّل سقوطه إلى فوضى إقليميّة لا يمكن احتواؤها. وفق هذا المنطق تتحرّك المبادرات العربية بعيداً عن الأضواء، لبناء أوسع شبكة تقاطعات إقليمية ودوليّة ممكنة، تخلط عناصر الضغط القائمة مع مكوّنات الإغراء والتحفيز بهدف التدرّج نحو تسوية تاريخية، لا تمسّ جوهر النظام الإيراني بالضرورة، لكنّها تعيد تعريف دوره ووظيفته الإقليمية. لا يراهن التحرّك العربي على الفراغ، بل يخشاه، ولا يركن إلى خطاب النصر، بل يتحسّب لتداعيات الانهيار، ويدرك الحاجة إلى صياغة لحظة انتقال تحمي المنطقة من المفاجآت الجيوسياسية الكبرى، وتمهّد لهندسة إقليمية مدروسة، تمنع الانهيار وتُعيد إنتاج التوازن. آخر ما ينبغي السماح له بالتبلور هو أن تكون إيران ما بعد المطرقة أخطر من إيران ما قبل القنابل الأميركية.

⁨ ورطة نديم قطيش مع فلاديمير بوتين !
⁨ ورطة نديم قطيش مع فلاديمير بوتين !

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • القناة الثالثة والعشرون

⁨ ورطة نديم قطيش مع فلاديمير بوتين !

انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... نشر المدير العام لقناة سكاي نيوز عربية الإعلامي نديم قطيش الفيديو المرفق على حسابه على انستغرام , بعنوان "⁨ ورطة نديم قطيش مع فلاديمير بوتين" , وذلك أثناء حوار أجراه قطيش مع الرئيس الروسي فلاديميير بوتين. شاهدوا الفيديو .. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

نديم قطيش بعد الضربة الاسرائلية لايران : "الأسد الصاعد" ليس مجرد اسم!
نديم قطيش بعد الضربة الاسرائلية لايران : "الأسد الصاعد" ليس مجرد اسم!

القناة الثالثة والعشرون

time١٣-٠٦-٢٠٢٥

  • سياسة
  • القناة الثالثة والعشرون

نديم قطيش بعد الضربة الاسرائلية لايران : "الأسد الصاعد" ليس مجرد اسم!

انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... نشر المدير العام لقناة سكاي نيوز عربية الإعلامي نديم قطيش على حسابه على انستغرام الفيديو المرفق وفيه يقول أن اسم الضربة الاسرائيلية لايران "الأسد الصاعد" ليست مجرد اسم . شاهدوا الفيديو .. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

'الوهّابيّون' في المسجد الأُمويّ.. مكر التّاريخ
'الوهّابيّون' في المسجد الأُمويّ.. مكر التّاريخ

الشرق الجزائرية

time٠٩-٠٦-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

'الوهّابيّون' في المسجد الأُمويّ.. مكر التّاريخ

بقلم نديم قطيش فرضت نفسها صورة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وهو يؤمّ المصلّين في المسجد الأموي بدمشق، كلحظةٍ تتجاوز البروتوكول، وتلامس عمق التحوّلات التي تعيشها المنطقة. لم تكن الصلاة أداء شعيرة وحسب، بل تجسيدٌ مكثّفٌ لعودة سرديّة عربية جديدة إلى قلب الشام، بعدما حاولت، ولا تزال، عواصم إقليمية، كطهران وأنقرة، مصادرة رموزها وتغيير هويّتها. إبّان حكم نظام بشّار الأسد وفي ذروة السطو الإيراني على سوريا، حاولت الميليشيات الموالية لإيران تلوين المسجد الأمويّ، رمز الخلافة الأمويّة والهويّة السنّية العربية، بطابع مذهبي يستعيد الصراع بين الخليفة معاوية بن أبي سفيان والإمام عليّ بن أبي طالب، ولاحقاً بين نجلَيهما، يزيد بن معاوية والحسين بن عليّ، على الرغم من أنّ المسجد الأمويّ بُني بشكله الضخم والمعروف اليوم، على أساسات وهيكل كاتدرائية يوحنّا المعمدان البيزنطيّة، في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان (705-715م)، أي بعد وفاة معاوية بأكثر من 30 عاماً. مع ذلك لم تتورّع الميليشيات الشيعية، وعلى رأسها 'الحزب'، عن إحياء طقوس عاشوراء، في حرم المسجد الأمويّ، كنايةً عن نفوذ 'الهلال الشيعي' والتبجّح الإيراني بشأن احتلال أربع عواصم عربية هي دمشق، بغداد، بيروت وصنعاء. مفارقات مذهلة شكّلت دمشق في الوعي الإمبراطوري لإيران الخمينيّة حلقة وصل حيويّة، بين طهران و'الحزب'، بينما وفّرت شواطئ المتوسّط، عبر موانئ مثل بيروت واللاذقية وطرطوس، منفذاً بحريّاً لنقل الأسلحة وتسهيل مشروع الفوضى الإيراني، مدعوماً بقواعد عسكرية وهجرة شيعية لتغيير ديمغرافية المنطقة، لا سيما دمشق، بعد بيروت! على الضفّة الأخرى، وبعد سقوط نظام الأسد وقبله، كان وعد صلاة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في المسجد الأمويّ، يتكرّر مختصِراً أبعاداً جيوستراتيجيّة، تاريخية وميدانية متشابكة. فهذا وعد ينسلّ من طموح تركيا لتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، وتعزيز الدور الإقليمي لأنقرة، القوّة السنّية القياديّة في المشرق، المؤهّلة للموازنة بين روسيا والغرب. وتحاكي هذه الرمزيّة الإرث العثماني، الذي لطالما استلهمه إردوغان لصياغة مشروعه الإقليمي، بوصف دمشق حاضرةً من حواضر السلطنة الرائدة، وعنواناً من عناوين شرعيّتها الدينية والسياسية. وإذ ركّزت تركيا الإردوغانية دعمها على الفصائل الإسلامية المسلّحة ومتفرّعات الإخوان، من بين فصائل الثورة ضدّ نظام الأسد، استوى المسجد الأمويّ ووعد الصلاة فيه، صورة للنصر الموعود. بيد أنّ التاريخ ماكر. لا يمنح رموزه بلا أثمان. ولا يعيد تدوير مجده دون أن يُذكّر بثقله. ربّما من المفارقات المذهلة، أنّ العثمانيين خاضوا قبل قرنين فقط من صلاة الأمير فيصل بن فرحان في المسجد الأمويّ، حرباً ضدّ الدعوة الوهّابية الصاعدة، لمنعها من الوصول إلى الشام، وأسقطوا، بدعم من نخب دينية شاميّة وأخرى مكّيّة وحجازيّة، الدولة السعودية الأولى عام 1818. رأت السلطنة في الدعوة الوهّابية خطراً سياسيّاً بعد نجاحها في خلق كيان مركزيّ مستقلّ في نجد، وثورة لاهوتيّة جذريّة، تُعيد تعريف الإسلام خارج الإطار العثماني التقليدي، على نحو يهدّد نظام السلطنة برمّته: من شرعيّة الخلافة، إلى سلطان الطرق الصوفيّة، إلى هيبة المذاهب الأربعة التي كانت عماد السلطة الروحيّة في إسطنبول. رؤية عربيّة ناضجة تفارق إمامة بن فرحان للصلاة في المسجد الأمويّ هذه السياقات العقائدية المدفوعة بحنين لاستعادة الهيمنة، وتفرض نفسها جزءاً من سرديّة سعوديّة جديدة تمزج بين الانفتاح والهويّة، بين التراث والمستقبل، وتطمح إلى قيادة عربيّة عقلانية لا مذهبيّة، حديثة لا فوضويّة. لا يغيب عن الوعي السعودي أنّ الدولة الأمويّة نفسها، على الرغم من كونها مشروعاً حداثيّاً منفتحاً ومتسامحاً مع تنوّع مجتمع الإمبراطورية ومهووساً بفكرة العمران، قصفت جيوشها مكّة مرّتين بالمنجنيق، خلال عهدَي يزيد بن معاوية (683م)، والوليد بن عبدالملك بن مروان (692م) لإخماد تمرّد عبدالله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة في الحجاز. وعليه، لا تستدعي السعودية، بقيادة وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، الأمويّين بدافع حنين عشوائيّ، بل بوصفهم نموذجاً لدولة إسلامية قويّة ومنظّمة، أسّست نظماً متقدّمة في البريد والعملة والإدارة. فرؤية 2030 ليست خطّة تنمية وحسب، بل سرديّة حضاريّة تعيد تعريف العلاقة بين الدين والدولة، وبين التاريخ والجغرافيا، وبين الطقوس والحداثة. تستلهم السعوديّة الجديدة إرث الأمويّين في التحديث لا في القمع، في المركزيّة لا في الهيمنة، في الطموح لا في العسف. ولهذا، إمامة الأمير فيصل ليست مشهداً روحيّاً وحسب، بل بناء سرديّ جديد: نحن ورثة العمارة الأمويّة، لا منجنيقها. نحن حماة مكّة، لا محاصروها. نحن أبناء الإسلام المنتج، لا الإسلام الميليشياويّ أو المذهبيّ. صلاة الأمير فيصل بن فرحان تُغلق قوساً بدأ يوم حاولت ميليشيات طهران ليّ عنق التاريخ والمستقبل، وتفتح قوساً آخر، لدولة عربية حديثة وإسلام متسامح، حداثيّ، لا يُجعل منه منصّةً للهيمنة، بل إطار للاستقرار والسكينة في الدين والمجتمع والدولة. دمشق التي كانت قِبلة الأمويّين، تعود اليوم لتكون مرآة لرؤية عربية أكثر نضجاً: دولة تحترم رموزها، دون أن تتورّط في تقديسها. تستدعي التاريخ، لكنّها لا تُقيم فيه. ولهذا قد تكون الصورة أهمّ من الحدث نفسه، لأنّها تلخّص سؤال اللحظة: أيّ إسلام نريد؟ وأيّ شام نستعيد؟

هذا ما يُقلق نوم خامنئي
هذا ما يُقلق نوم خامنئي

الشرق الجزائرية

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

هذا ما يُقلق نوم خامنئي

بقلم نديم قطيش حين وقف المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، في خطبة عيد الفطر، نهاية آذار 2025 ليحذّر من خطر 'الفتنة' في الداخل، وليقلّل من احتمالات العدوان الخارجي على بلاده، لم يكن يوجّه رسالة إلى شعبه فقط، بل كان يُعلن ضمنيّاً عمق الأزمة التي تعصف بنظامه. قال خامنئي إنّه على الرغم من التهديدات المستمرّة لا يرى احتمالات كبيرة لحدوث أيّ عمل عدائي من الخارج. أضاف: إذا خطر ببال الأعداء أن يثيروا الفتنة داخل البلاد، فإنّ الشعب الإيراني نفسه سيكون هو من يردّ عليهم. هذا الاعتراف، غير المعتاد سماعه من قائد درج على تحميل مسؤوليّة أزمات بلاده للعدوّ الخارجي، لا يقلّ عن إدانة ذاتيّة للنظام الإيراني الذي، بعد 46 سنة من الثورة ولغوها الأيديولوجي، يبدو عاجزاً عن ضمان تأييد شعبه له أو صدّه عن 'التآمر' مع الأعداء الخارجيّين! عندما يعترف قائد، مثل خامنئي، بأنّ شعبه قد يجدّد انتفاضاته المتكرّرة منذ الثورة الخضراء 2009، ويصبح أداة للعدوّ، وأنّ الهيمنة بالقوّة والقمع، كما ألمح، أصبحت الملاذ الأخير للنظام، فهو إنّما يقرّ بأنّ شرعية حكمه بدأت تتآكل من الداخل، لدرجة تستوجب التحذير العلنيّ. عليه، توفّر خطبة العيد، بجزئيّاتها هذه، مدخلاً لفهم الإشارات، غير المسبوق بعضها، التي صدرت عن طهران، بشأن التعامل مع الولايات المتّحدة وضغوطها، لا بوصفها مناورة سياسية وحسب، بل محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شرعيّة نظام فقدَ ثقة شعبه قبل أن يفقد مواجهاته الخارجية. إشارات غير مسبوقة – أوّلاً، ردّ المرشد الأعلى خطّيّاً على رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعاه فيها إلى الحوار، وهي المرّة الأولى منذ الثورة الإسلامية عام 1979 التي يقوم فيها المرشد بالردّ المباشر على رسالة أميركية، انطوت، على الرغم من رفضه المفاوضات المباشرة، على الموافقة على التفاوض غير المباشر، بشأن البرنامج النووي الإيراني. – ثانياً، نقل تقرير لصحيفة 'تلغراف' البريطانية عن مسؤولين إيرانيين أنّ إيران بدأت بسحب مستشاريها العسكريين من اليمن، في إشارة، فُسّرت، بأنّها استعداد للتخلّي عن دعم الحوثيين، مع تصاعد الحملة العسكرية الأميركية عليهم. لم يفُت إيران أنّ البيت الأبيض يؤطّر هذه الحملة، بحسب تسريبات محادثات 'سيغنال' بين المسؤولين الأميركيين، في إطار المواجهة مع إيران ونفوذها الإقليمي. – ثالثاً، ارتياح نسبي، عبّر عنه لموقع 'أساس ميديا' عدد من المصادر المطّلعة على مخرجات المفاوضات التمهيدية، إلى احتمال توسّع المفاوضات الإيرانية مع الولايات المتّحدة في سلطنة عمان، لتشمل ملفّات أوسع من الملفّ النووي، كالبرنامج الصاروخي واستراتيجية النفوذ الإقليمي عبر الميليشيات والوكلاء. تعكس هذه الإشارات الثلاث، على الرغم من تاريخ إيران المديد في ممارسة التقيّة السياسية، إدراك النظام، هذه المرّة، أنّ استمرار المواجهة مع واشنطن، بنتائجها الكارثية الاقتصادية والاجتماعية، سيقود إلى انهيار داخلي لا يقلّ خطورة عن ضربة عسكرية خارجية. لم يعد خافياً أنّ ما يُبقي خامنئي مستيقظاً في الليل، هو تحوّل الجبهة الداخلية إلى الحلقة الأضعف، نتيجة مزيج من التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والهيكليّة التي تعمّقت مع الوقت، وهذه عناوينها: 1- الانهيار الاقتصاديّ واستياء الشّعب تشهد العملة الإيرانية انهياراً متزايداً نتيجة العقوبات الأميركية الخانقة وسوء الإدارة وشيوع الفساد. فالريال الإيراني يُتداول عند حدود 700 ألف للدولار الواحد بعدما جاوز عتبة مليون في ذروة التراشق بالتهديدات بين طهران وواشنطن. في المقابل ارتفع التضخّم بشكل صاروخي، إلى حدود تفوق بكثير حاجز 40% الذي تقرّ به البيانات الرسمية، في ظلّ ندرة الكثير من السلع الأساسية مثل الطعام والوقود. أمّا على مستوى سوق العمل فتسود بطالة محبطة وقاسية، خاصّة بين الشباب، متجاوزةً 25% في بعض التقديرات، مؤدّيةً إلى ارتفاع طلبات الهجرة في 2024. ويشير تحليل بيانات مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعدّ مادّة الفحص الأساسيّة لتوجّهات الرأي العامّ في إيران، إلى أنّ 'الاختناق الاقتصادي' عنوان جامع بين الإيرانيين بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية مع ملاحظة عجز النظام عن تحقيق وعوده. 2- الاضطرابات الاجتماعيّة الواسعة وإمكان نشوء احتجاجات حال الغليان في الشارع الإيراني لا تخطئها العين، وإن كانت التظاهرات التي تشهدها المدن الإيرانية لا تزال متفرّقة في طهران وأرومية وأصفهان وتتوزّع على أجندات عدّة تراوح بين الشأن الاقتصادي والواقع الاجتماعي ومسألة الحرّيات والحجاب. بالفعل أشار المرشد في خطبة العيد إلى إشهار البعض عدم التزامهم الصوم، في شهر رمضان، وهو مظهر من مظاهر الطلاق الذي يتوسّع بين النظام الديني والشباب الإيرانيين، الذين يشكّل من هم دون 35 سنة بينهم 60% من المجتمع. وما تحذير المرشد من 'الفتنة' وتهديده بـ'ردّ قاسٍ' على الاحتجاجات إلّا تأكيد لإدراكه خطر برميل البارود الذي يقف عليه النظام الإيراني وحال التصادم بينه وبين شرائح حيويّة من شعبه. 3- الانقسامات العرقيّة والإقليميّة يكتسب التنوّع العرقي في إيران، بين فرس (61%) وآذريين (16%) وأكراد (10%) وبلوش وعرب وغيرهم، أهمّية خاصّة ووعياً مضافاً في ضوء تطوّرات ملفّ الأقليّات في الشرق الأوسط، لا سيما في سوريا بعد سقوط نظام الأسد العلويّ وتصدّر الجهاديّين السُّنّة مشهد الحكم في دمشق، بالإضافة إلى أثر ديناميّات المصالحة التركية الكردية مع حزب العمّال الكردستاني وزعيمه التاريخي عبدالله أوجلان. بالفعل تشير تقارير آذار 2025 إلى اشتباكات في بلوشستان، حيث هاجم مسلّحون سنّة مواقع الحرس الثوري، فقُتل 11 شخصاً، وهو ما يبرز كيف يمكن للتوتّرات العرقية أن تتحوّل إلى عنف قابل للاتّساع. 4- تآكل تماسك النّظام وتصاعد صراع النّخب تواجه وحدة الجمهورية الإسلامية تفكّكاً متسارعاً في ظلّ ضغوط داخلية متفاقمة. بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في أيار 2024 في حادث مروحيّة أثار شكوكاً في تورّط الحرس الثوري، انتُخب مسعود بزشكيان في آب 2024 رئيساً جديداً. لكنّ هذا التحوّل لم يهدّئ الصراعات بين الفصائل. إذ بلغت ذروتها الخلافات بين البراغماتيين، الذين يقودهم بزشكيان ويسعون إلى تخفيف العزلة الدولية، والمحافظين المتشدّدين المدعومين من الحرس الثوري، الذي يحتفظ بنفوذ هائل. بالإضافة إلى ذلك برزت تناقضات حادّة بين مستشار المرشد علي لاريجاني الذي نُسب إليه قوله إنّ إيران قد تلجأ إلى السلاح النووي إذا هُوجمت، معبّراً عن موقف متشدّد مشروط، بينما أكّد وزير الخارجية عبّاس عراقتشي أنّ الجمهورية الإسلامية 'لن تسعى إلى السلاح النووي تحت أيّ ظرف'. يضاف إلى ذلك أنّ فضائح الفساد تستمرّ في تقويض مصداقية النظام، مثل قضيّة شاي دبش في 2023 التي كشفت احتيالاً بـ3.4 مليارات دولار، وأُضيفت إليها في آذار 2025 اتّهامات علنيّة من بزشكيان للحرس الثوري ومؤسّسات خامنئي بالفساد، وهو ما أشعل مواجهات في البرلمان تحوّلت إلى 'ساحة محاكمة' لأركان النظام. 5- شيخوخة المرشد وعدم اليقين بشأن الخلافة يواجه المرشد علي خامنئي، البالغ من العمر 86 عاماً، معضلة الخلافة مع غياب وريث واضح، وهذا الأمر يهدّد بفوضى هيكلية بعد رحيله. فنجله مجتبى الذي يُطرح مرشّحاً محتملاً، قد يواجَه باحتجاجات شعبية ومؤسّسية نتيجة اتّهامات بالمحسوبيّة والتوريث، تنطوي على طعن بشرعية نظام الثورة نفسه. وعليه يلوح احتمال فراغ السلطة أو ملئها بمن لا يتمتّع بالشرعية الثورية أو التاريخية، في أفق مستقبل النظام مع ما قد يؤدّي إليه من صراع داخلي أو انقلاب خلال مرحلة انتقال الحكم. لهذا يذهب إلى المفاوضات بسبب هذه الجبهة الداخلية، الناتجة هشاشتها، عن اليأس الاقتصادي، والجماهير الجاهزة للاحتجاج، والانقسامات العرقية، والتصدّعات بين النخب، واغتراب الشباب، ومخاوف الخلافة، يذهب النظام الإيراني الذي هُزمت أذرعه في الإقليم وتحطّمت شبكة نفوذه، إلى المفاوضات مع أميركا. لكنّ هذه المفاوضات تحديداً، التي يُراد منها تخفيف الضغط الخارجي وإنقاذ النظام، هي ذاتها التي ستمتحن شرعيّته وهيبته في الداخل، وتزيد التناقضات حدّة، بل قد تمنح الجماهير أسباباً إضافية للتجرّؤ على النظام الذي لم يعد قادراً على إقناع شعبه بأنّ التهديد يأتي من الخارج وبأنّه الحامي والترس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store