أحدث الأخبار مع #هيئةتحريرالشام،


نافذة على العالم
منذ 5 أيام
- سياسة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : من تاتشر إلى أحمد الشرع: كيف يغيّر السياسيون صورتهم؟ ولماذا؟
الخميس 15 مايو 2025 07:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Bandar Al-Jaloud/Saudi Royal Court/Handout/Anadolu via Getty Images التعليق على الصورة، وصف ترامب الشرع بأنه "شاب جذاب وقوي" Article information Author, سناء الخوري Role, بي بي سي نيوز عربي - بيروت 22 ديسمبر/ كانون الأول 2024 آخر تحديث قبل 2 ساعة وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، بأنه "شاب جذّاب" و"رجل قوي" يتمتع بـ"ماضٍ قوي جداً"، وذلك عقب لقائهما في الرياض يوم أمس. وأثار التصريح جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، نظراً لأن الشرع كان يُعرف سابقاً باسم "أبو محمد الجولاني"، زعيم "هيئة تحرير الشام"، إحدى أقوى الجماعات الجهادية التي برزت خلال النزاع السوري، قبل أن ينهار حكم الرئيس بشار الأسد ويتولى الشرع السلطة أواخر عام 2024. وخلال الأشهر الماضية، تحوّل الشرع إلى وجه بارز للمرحلة الانتقالية في سوريا، بعد أن وضع خطابه الجهادي خلفه، وبدأ بالظهور بمظهر مدني. ومنذ الأيام الأولى لتولّيه المنصب، أجرى الشرع مقابلات مع وسائل إعلام دولية، واستقبل وفوداً رسمية في القصر الجمهوري بدمشق، كما ظهر في عدد من الأماكن العامة، وزار المسجد الأموي وسط تغطية إعلامية واسعة. في الواقع، لم يكن تحوُّل الجولاني من "زعيم جهاديّ إلى سياسيّ معارض" أمراً حديثاً، "بل تطوّر بعناية على مرّ السنين، وكان واضحاً لا في تصريحاته العامة ومقابلاته الدولية فحسب، بل أيضاً في مظهره المتغيّر"، تكتب زميلتنا المُختصّة بشؤون الجماعات الجهادية في "وحدة المتابعة الإعلامية في بي بي سي" مينا اللامي، في مقال نشرته بي بي سي. قد تُشكّل التحوّلات التدريجية في صورة الجولاني، حالة نموذجيّة للدراسة من قبل المختصّين في التسويق السياسي، والباحثين في أسس صناعة الصورة العامة أو "العلامة التجارية الفارقة" للسياسيين. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، المرشحة لرئاسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، عام 1979، وخلفها شعار "كلنا رابحون مع المحافظين" على مواقع التواصل، يتسابق المعلّقون على قياس التغييرات في طول لحية الشرع وهندامه وطريقة كلامه؛ لكنّ هذا التحوّل ليس ظاهرة جديدة أو فريدة من نوعها، كما يخبرنا أستاذ التسويق في جامعة نوتنغهام كريستوفر بيش. يأخذُنا بيش إلى تجربة مماثلة خاضتها مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا في الفترة بين 1979 و1990. "ففي السبعينيات، مع بداية صعود تاتشر سُلّم القيادة في حزب المحافظين، كانت تحتاج إلى تغيير صورتها كي تبدو مقنعة كرأس للدولة، ورئيسة وزراء محتملة"، يقول. استعانت تاتشر حينها بخبراء في العلاقات العامة والتسويق، لحياكة صورة محبوكة بعناية، تُمثّلها كشخصية تُلبّي متطلّبات القيادة؛ توحي بالثقة، وبالقدرة على الإمساك بزمام الحكم. باتت تختار ملابس تشي بالصلابة والودّ في آن واحد، وعدّلت نبرة صوتها الرفيعة، لتصير هادئة وثابتة، حتى أنّها غيّرت تسريحة شعرها. وهكذا تشكّلت علامة "المرأة الحديدية"، وباتت صاحبة التأثير الأعمق على الحكم والسياسة في بريطانيا، لنحو عقدين من الزمن. على مثال زيلينسكي صدر الصورة، AFP التعليق على الصورة، زيلينسكي خلال تصوير مسلسل "خادم الشعب" عام 2019 كي لا نعود بالزمن كثيراً إلى الوراء، يمكننا أن نجد مثالاً راهناً في التسويق السياسي، حقّق نجاحاً، في علامة الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي. عُرف زيلينسكي في البداية، ككاتب وممثّل كوميدي، وحظي بشهرة في مسلسل بعنوان "خادم الشعب"، يحكي قصة مواطن عادي يصبح رئيساً. ومع صعود نجمه في عالم السياسة، استخدم زيلنسكي خلفيته تلك، لتقديم نفسه كنموذج مغاير عن النخب السياسية التقليدية في أوكرانيا. بعد الغزو الروسي لبلاده، وبفضل خطاباته، وقمصانه الزيتية الرياضيّة الصيفية والشتوية، أصبح رمزاً للصمود في وجه العدوان، ومُمثّلاً للروح المعنوية للشعب الأوكراني. يقول أستاذ التسويق في جامعة لسيسيتر البريطانية البروفيسور بول باينز إن معرفة زيلينسكي العميقة بوسائل الإعلام، وكيفية عملها، وعلاقاته القوية بأقطابها، نظراً لخلفيته كممثل وامتلاكه شركة إنتاج، كلها عوامل ساعدته في إضفاء مصداقية على صورته العامة، وجعلت منه علامة فارقة. يقول باينز: "قد يبدو الأمر غريباً، أن نرى ممثّلاً يُجسّد دور رئيس في مسلسل تلفزيوني، يصبح رئيساً حقيقيّاً لبلاده، لكن هذا الأمر من سمات عصر ما بعد الحداثة. امتلك زيلينسكي القدرات المطلوبة، وأظهر صفات بطولية واضحة، وعمل بجدّ كبير لكسب تأييد الجماهير حول العالم، فتحدّث في برلمانات دول عدّة، خصوصاً تلك التي تُعَدّ من أكبر المانحين، مثل ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وعلى الصعيد الداخلي، اتخذ خطوات لتعزيز معنويات شعبه وتحفيزه على القتال والدفاع عن وطنه". صدر الصورة، AFP التعليق على الصورة، أحمد الشرع، المعروف سابقاً بلقب الجولاني، يلتقط صورة سيلفي ما هو علم التسويق السياسي؟ يختلف السياق التاريخي لصعود تاتشر عن السياق الأوكراني أو السوري، فلكلّ بلد سياقه السياسي وأزماته الخاصة... ولكنّ الترويج لشخصيات القادة علمٌ قائم بذاته، ويمكن أن يحدث فرقاً حقيقياً في صعود تلك الشخصيات أو أفولها، بحسب المختصّين. ببساطة، يستعير التسويق السياسي قواعد ومبادئ التسويق التجاري ذاتها، ويطبّقها في عالم السياسة، عوضاً عن تطبيقها على ترويج السلع، أو العلامات الفاخرة، أو الرحلات السياحية، أو المنتجات الرياضية. ويُعنى التسويق السياسي ببناء صورة عامّة أو "علامة تجارية فارقة"، تصير أشبه ببصمة للأحزاب والشخصيات والحركات السياسية، ويلعب بالتالي دوراً في مدى شعبيتها، ونظرة الجماهير لها، وإرثها. يقول الأكاديمي كريستوفر بيش إن جذور الترويج السياسي، قديمة جداً، تعود بحسب تعبيره إلى "اليونانيين القدماء الذين كانوا يسوّقون برامجهم وتعهداتهم السياسية على ألواح منحوتة، ويجولون فيها بين المدن والقرى". على مرّ القرون، "تطوّر التسويق السياسي، خصوصاً بوجود الإعلام الحديث، واستخدام الملصقات، والراديو، والتلفزيون، للتواصل مع الناخبين، وصولاً إلى الإعلام الرقمي الذي غيّر بالكامل طريقة تواصل السياسيين مع الجمهور". ويتابع: "التسويق السياسي اليوم صناعة بملايين الدولارات، يستهدف الجماهير بدقّة، وله تأثير واسع. صناعة صورة عامة أو علامة فارقة في عالم السياسية، تعني صقل سردية متماسكة، تعكس قيم الشخصية أو الحزب، وتقدر على خلق رابط عاطفي مع المناصرين". ويرتبط نجاح خطط التسويق السياسي، بالعمل بناءً على دراسات واستطلاعات رأي دقيقة، لفهم مزاج الجمهور. ويشير بيش إلى مجموعة مبادئ أساسية يحرص المسوّقون السياسيون المحترفون على تطبيقها لجعل العلامة السياسية فعّالة وناجحة. يقول: "من الركائز الأساسية: التميّز عن المنافسين، والقدرة على تقديم رؤية وقيم واضحة. هناك أيضاً الأصالة والثقة، وضرورة أن يكون الجمهور قادراً على التماهي مع القائد، وأن يكون الأخير متصلاً بهموم الناس". بحسب الأستاذ بيش، فإن حملتي باراك أوباما لانتخابات الرئاسة الأمريكية عامي 2008 و2012 تُعدّان حالتين نموذجيتين في تطبيق تلك المبادئ التسويقية بنجاح. اعتمد أوباما إطلالات مختلفة – ربطة عنق وملابس رسمية أمام شرائح من الجمهور، وأكمام مرفوعة بدون ربطة عنق أمام شرائح أخرى – لإظهار مرونة أكبر. يقول بيش: "أراد أوباما الظهور أحياناً بشكل رسمي كرجل دولة، وأحياناً أخرى ببساطة وودّية ليكون أكثر قرباً من الناخبين". صدر الصورة، AFP التعليق على الصورة، لقبت المستشارة الألمانية السابقة باسم "موتي ميركل" أو "ماما ميركل" كذلك يشير بيش إلى مثال دونالد ترامب "الذي نجح خلال الانتخابات الأخيرة بتقديم نفسه على أنه المستضعف، رغم أنه شغل منصب الرئيس لأربع سنوات سابقاً. كان من اللافت كيف استمرّ بتصوير نفسه كمرشّح ضدّ المؤسسة الحاكمة، مستخدماً الدعاوى القضائية المرفوعة ضدّه، والجدل المحيط بحملته، كوسيلة لتعزيز صورته كشخصية تعارض وتناضل ضدّ المنظومة السياسية الأمريكية القائمة". هناك أمثلة معاصرة مشابهة، مثل رئيسة الوزراء النيوزلندية السابقة جاسيندا أردرن التي عزّزت صورتها كقائدة متعاطفة ولطيفة وقريبة، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي لقبت بـ "ماما ميركل" في إشارة إلى أنها توحي بالطمأنينة. هناك أيضاً رجب طيب أردوغان الذي يربط صورته العامة بعظمة التاريخ الإمبراطوري العثماني، مع مخاطبة الحسّ القومي التركي، والدفاع الدائم عن القيم التركية التقليدية. كما نجد شخصيات أخرى أثرت صورتها العامة بشكل سلبيّ على مكانتها السياسية، ومن بينها، كما يقول بيش، رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك الذي بدت صورته العامّة "كشخصيّة بعيدة المنال، ونخبوية، ومنفصلة عن عامة الشعب". هالة القائد "الذي لا يقهر" في الانتخابات الديمقراطية، ترتبط صناعة التسويق السياسي وخلق علامة brand للقادة والزعماء، بأهمية جذب الناخبين، وتحقيق نتائج أفضل في استطلاعات الرأي، وزيادة الشعبية، للفوز بالأصوات. ولكن، حتى في السياقات الشمولية أو القائمة على شخصية قائد واحد، هناك أيضاً حاجة لتسويق صورة عامّة دقيقة، "لخلق هالة حول شخصية مُسيطرة، لا تُقهر، وتحظى بالولاء"، بحب البروفيسور بول باينز. في هذا السياق، يتحدّث بيش عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "ظهوره بزيّ الجودو أو على صهوة حصان بلا قميص، يرسل رسالة قوة وصلابة. إنها صور مدروسة لتدعيم علامة القائد القوي، حتى وإن لم يكن الهدف إقناع الناخبين بقدر ما هو ترسيخ الهيمنة". الأمر ذاته ينطبق على زعماء آخرين يركّزون على الرمزية والمشهدية، مثل العروض العسكرية والاحتفالات الضخمة، لتعزيز الهوية القومية وإشعار المواطنين بأن القائد قوي ولا يهزم. على هذا المنوال، يصدّر الإعلام الكوري الشمالي صورة كيم جونغ أون كـ "منقذ الأمة وحاميها". ويقول باينز إن كلا الزعيمين يستخدمان "صوراً مختارة بعناية لتعزيز هيمنتهما وترسيخ ما يشبه الرابط الأبوي بينهما وبين الشعب". صدر الصورة، AFP/Getty Images التعليق على الصورة، بوتين عام 2009، وكيم جونغ أون عام 2017 ماذا عن الجماعات المتطرّفة؟ في الثمانينيات، غالباً ما صورت وسائل الإعلام والحكومات الغربية المجاهدين الأفغان — المقاتلين الإسلاميين ضد الغزو السوفيتي — على أنهم مناضلون من أجل الحرية. لكن هذا التصور تغيّر جذرياً منذ التسعينيات. يدرس البروفيسور بول باينز، "تغيير العلامة التجارية" لدى جماعات مثل "القاعدة"، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، و"الشباب"، و"بوكو حرام"، وغيرها من الجماعات التي تتبنّى أيديولوجيات متشدّدة. ويقول باينز لبي بي سي إن "القاعدة كانت أول علامة تجارية brand إرهابية عالمية"، إذ تجاوزت نطاقها الإقليمي، وسعت لصنع هوية عابرة للحدود، وعلامة قائمة على العنف والترهيب، والعداء للغرب والولايات المتحدّة والحداثة، وقد أسهمت في جذب بعض العناصر، لكنها في المقابل أثارت نفور فئات واسعة". ويلفت باينز إلى أن ذلك "لا يقتصر على الجماعات الإسلامية المتشدّدة، فاستخدام التطرّف في الدعاية السياسية يجد مكانته في أوساط اليمين المتشدّد في أوروبا والولايات المتحدة". يقول باينز إن قادة القاعدة بن لادن والظواهري غيّرا أسلوبهما من البدايات حين كانت الفيديوهات أقرب إلى الخُطب الوعظية. "إذا نظرت إلى تسجيل فيديو للقاعدة من عام 1998، سترين أنه أشبه بخطبة. يقف بن لادن وكأنه شيخ أو إمام يخاطب تلاميذه. وهذا النهج تغيّر، فخلال 10 سنوات بدأت تسجيلات القاعدة تستخدم رسومات حاسوبية، وصارت أقل رداءة من حيث جودة الصورة، وتحسّنت قيمة الإنتاج كثيراً." لاحقاً وبحلول عام 2012، اعتمد "تنظيم الدولة" أو "داعش" ما يسمّى "إدارة التوحش" وهو مصطلح إلى بثّ الرعب بواسطة تسيجلات الإعدامات العلنية والحرق وقطع الرؤوس. يؤكد باينز أنّ الجماعات الإرهابية تواجه معضلة فريدة بين الدفع بأجنداتها من خلال العنف وبين الحفاظ على دعم شعبي ضروري لاستمرارها، وهو ما يدفع شخصيات مثل الجولاني إلى إعادة النظر في تلك الأساليب، وتشكيل صورة أكثر قابلية. يقول بيش: "في بعض الحالات، يمكن توظيف مبادئ التسويق السياسي لإعادة صياغة الصورة، عبر الاعتراف بالأخطاء السابقة، ووضع رؤية جديدة للمستقبل، والعمل على كسب ثقة الداخل والخارج". في التاريخ أمثلة عدّة، منها كيف أعاد نابليون بناء صورته بعد نفيه الأول وعودته إلى فرنسا واستعادته الحكم لفترة قصيرة عرفت "بالمئة يوم". وفي التاريخ الحديث، نجد كيف بيل كلينتون بتجاوز فضيحته مع مونيكا لوينسكي بالتركيز على إنجازاته الاقتصادية والاجتماعية. صدر الصورة، Reuters التعليق على الصورة، أحمد الشرع في الجامع الأموي في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 التغيير والأمل في الواقع، يمكن لكلمة "تغيير" بحدّ ذاتها، أن تصبح علامة سياسية قوية، تجتذب الساعين إلى بديل. ويقول بيش: "كان 'التغيير' الشعار الأساسي لكير ستارمر (زعيم حزب العمال ورئيس الوزراء) في الانتخابات البريطانية الأخيرة. لقد خاض حملته كلّها على فكرة التغيير... فبعد 13 أو 14 عاماً (من حكم المحافظين)، كان الناس حقّاً يتطلعون إلى تغيير ما." من جانبه يوضح باينز أنّ التسويق السياسي يعتمد كثيراً على الرسائل العاطفية. يقول: "غالباً ما نتناول في التسويق السياسي مفهوم 'الأمل' مقابل 'الخوف'. هناك الكثير من الحملات التي ترتكز على الخوف، وأخرى على الأمل. وفي نهاية المطاف، إذا كنت تسعى إلى قبول ثوري بقائد ما أو إلى تحوّل جذري، فالأمل هو الرسالة الأنجع. أما الأنظمة السلطوية فعادةً ما تلجأ إلى توظيف الخوف". بهذا المعنى، يحاول أحمد الشرع أن يقطع مع ماضيه الإشكالي، والظهور بصورة "قائد وطني متمرّد" يسعى لتحرير البلاد. ويعلّق باينز: "إنه يقدّم نفسه الآن كما لو كان 'المخلّص'، ويحاول استبدال البذلة الجهادية بثوب القيادة الوطنية المقبولة دولياً". من منظور التسويق السياسي، يرى باينز أن عملية إعادة التشكيل هذه ليست عشوائية، بل تستند إلى فهم ما يريده الجمهور. يقول: "يلجأ السياسيون إلى استطلاعات الرأي ومجموعات التركيز لتحديد الرسائل الأكثر قبولاً لدى الناس، ثم يكرّرون تلك الرسائل على أمل أن تُصدّق."


سيدر نيوز
منذ 5 أيام
- سياسة
- سيدر نيوز
من تاتشر إلى أحمد الشرع: كيف يغيّر السياسيون صورتهم؟ ولماذا؟
وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، بأنه 'شاب جذّاب' و'رجل قوي' يتمتع بـ'ماضٍ قوي جداً'، وذلك عقب لقائهما في الرياض يوم أمس. وأثار التصريح جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، نظراً لأن الشرع كان يُعرف سابقاً باسم 'أبو محمد الجولاني'، زعيم 'هيئة تحرير الشام'، إحدى أقوى الجماعات الجهادية التي برزت خلال النزاع السوري، قبل أن ينهار حكم الرئيس بشار الأسد ويتولى الشرع السلطة أواخر عام 2024. وخلال الأشهر الماضية، تحوّل الشرع إلى وجه بارز للمرحلة الانتقالية في سوريا، بعد أن وضع خطابه الجهادي خلفه، وبدأ بالظهور بمظهر مدني. ومنذ الأيام الأولى لتولّيه المنصب، أجرى الشرع مقابلات مع وسائل إعلام دولية، واستقبل وفوداً رسمية في القصر الجمهوري بدمشق، كما ظهر في عدد من الأماكن العامة، وزار المسجد الأموي وسط تغطية إعلامية واسعة. في الواقع، لم يكن تحوُّل الجولاني من 'زعيم جهاديّ إلى سياسيّ معارض' أمراً حديثاً، 'بل تطوّر بعناية على مرّ السنين، وكان واضحاً لا في تصريحاته العامة ومقابلاته الدولية فحسب، بل أيضاً في مظهره المتغيّر'، تكتب زميلتنا المُختصّة بشؤون الجماعات الجهادية في 'وحدة المتابعة الإعلامية في بي بي سي' مينا اللامي، في مقال نشرته بي بي سي. قد تُشكّل التحوّلات التدريجية في صورة الجولاني، حالة نموذجيّة للدراسة من قبل المختصّين في التسويق السياسي، والباحثين في أسس صناعة الصورة العامة أو 'العلامة التجارية الفارقة' للسياسيين. على مواقع التواصل، يتسابق المعلّقون على قياس التغييرات في طول لحية الشرع وهندامه وطريقة كلامه؛ لكنّ هذا التحوّل ليس ظاهرة جديدة أو فريدة من نوعها، كما يخبرنا أستاذ التسويق في جامعة نوتنغهام كريستوفر بيش. يأخذُنا بيش إلى تجربة مماثلة خاضتها مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا في الفترة بين 1979 و1990. 'ففي السبعينيات، مع بداية صعود تاتشر سُلّم القيادة في حزب المحافظين، كانت تحتاج إلى تغيير صورتها كي تبدو مقنعة كرأس للدولة، ورئيسة وزراء محتملة'، يقول. استعانت تاتشر حينها بخبراء في العلاقات العامة والتسويق، لحياكة صورة محبوكة بعناية، تُمثّلها كشخصية تُلبّي متطلّبات القيادة؛ توحي بالثقة، وبالقدرة على الإمساك بزمام الحكم. باتت تختار ملابس تشي بالصلابة والودّ في آن واحد، وعدّلت نبرة صوتها الرفيعة، لتصير هادئة وثابتة، حتى أنّها غيّرت تسريحة شعرها. وهكذا تشكّلت علامة 'المرأة الحديدية'، وباتت صاحبة التأثير الأعمق على الحكم والسياسة في بريطانيا، لنحو عقدين من الزمن. على مثال زيلينسكي AFP كي لا نعود بالزمن كثيراً إلى الوراء، يمكننا أن نجد مثالاً راهناً في التسويق السياسي، حقّق نجاحاً، في علامة الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي. عُرف زيلينسكي في البداية، ككاتب وممثّل كوميدي، وحظي بشهرة في مسلسل بعنوان 'خادم الشعب'، يحكي قصة مواطن عادي يصبح رئيساً. ومع صعود نجمه في عالم السياسة، استخدم زيلنسكي خلفيته تلك، لتقديم نفسه كنموذج مغاير عن النخب السياسية التقليدية في أوكرانيا. بعد الغزو الروسي لبلاده، وبفضل خطاباته، وقمصانه الزيتية الرياضيّة الصيفية والشتوية، أصبح رمزاً للصمود في وجه العدوان، ومُمثّلاً للروح المعنوية للشعب الأوكراني. يقول أستاذ التسويق في جامعة لسيسيتر البريطانية البروفيسور بول باينز إن معرفة زيلينسكي العميقة بوسائل الإعلام، وكيفية عملها، وعلاقاته القوية بأقطابها، نظراً لخلفيته كممثل وامتلاكه شركة إنتاج، كلها عوامل ساعدته في إضفاء مصداقية على صورته العامة، وجعلت منه علامة فارقة. يقول باينز: 'قد يبدو الأمر غريباً، أن نرى ممثّلاً يُجسّد دور رئيس في مسلسل تلفزيوني، يصبح رئيساً حقيقيّاً لبلاده، لكن هذا الأمر من سمات عصر ما بعد الحداثة. امتلك زيلينسكي القدرات المطلوبة، وأظهر صفات بطولية واضحة، وعمل بجدّ كبير لكسب تأييد الجماهير حول العالم، فتحدّث في برلمانات دول عدّة، خصوصاً تلك التي تُعَدّ من أكبر المانحين، مثل ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وعلى الصعيد الداخلي، اتخذ خطوات لتعزيز معنويات شعبه وتحفيزه على القتال والدفاع عن وطنه'. AFP ما هو علم التسويق السياسي؟ يختلف السياق التاريخي لصعود تاتشر عن السياق الأوكراني أو السوري، فلكلّ بلد سياقه السياسي وأزماته الخاصة… ولكنّ الترويج لشخصيات القادة علمٌ قائم بذاته، ويمكن أن يحدث فرقاً حقيقياً في صعود تلك الشخصيات أو أفولها، بحسب المختصّين. ببساطة، يستعير التسويق السياسي قواعد ومبادئ التسويق التجاري ذاتها، ويطبّقها في عالم السياسة، عوضاً عن تطبيقها على ترويج السلع، أو العلامات الفاخرة، أو الرحلات السياحية، أو المنتجات الرياضية. ويُعنى التسويق السياسي ببناء صورة عامّة أو 'علامة تجارية فارقة'، تصير أشبه ببصمة للأحزاب والشخصيات والحركات السياسية، ويلعب بالتالي دوراً في مدى شعبيتها، ونظرة الجماهير لها، وإرثها. يقول الأكاديمي كريستوفر بيش إن جذور الترويج السياسي، قديمة جداً، تعود بحسب تعبيره إلى 'اليونانيين القدماء الذين كانوا يسوّقون برامجهم وتعهداتهم السياسية على ألواح منحوتة، ويجولون فيها بين المدن والقرى'. على مرّ القرون، 'تطوّر التسويق السياسي، خصوصاً بوجود الإعلام الحديث، واستخدام الملصقات، والراديو، والتلفزيون، للتواصل مع الناخبين، وصولاً إلى الإعلام الرقمي الذي غيّر بالكامل طريقة تواصل السياسيين مع الجمهور'. ويتابع: 'التسويق السياسي اليوم صناعة بملايين الدولارات، يستهدف الجماهير بدقّة، وله تأثير واسع. صناعة صورة عامة أو علامة فارقة في عالم السياسية، تعني صقل سردية متماسكة، تعكس قيم الشخصية أو الحزب، وتقدر على خلق رابط عاطفي مع المناصرين'. ويرتبط نجاح خطط التسويق السياسي، بالعمل بناءً على دراسات واستطلاعات رأي دقيقة، لفهم مزاج الجمهور. ويشير بيش إلى مجموعة مبادئ أساسية يحرص المسوّقون السياسيون المحترفون على تطبيقها لجعل العلامة السياسية فعّالة وناجحة. يقول: 'من الركائز الأساسية: التميّز عن المنافسين، والقدرة على تقديم رؤية وقيم واضحة. هناك أيضاً الأصالة والثقة، وضرورة أن يكون الجمهور قادراً على التماهي مع القائد، وأن يكون الأخير متصلاً بهموم الناس'. بحسب الأستاذ بيش، فإن حملتي باراك أوباما لانتخابات الرئاسة الأمريكية عامي 2008 و2012 تُعدّان حالتين نموذجيتين في تطبيق تلك المبادئ التسويقية بنجاح. اعتمد أوباما إطلالات مختلفة – ربطة عنق وملابس رسمية أمام شرائح من الجمهور، وأكمام مرفوعة بدون ربطة عنق أمام شرائح أخرى – لإظهار مرونة أكبر. يقول بيش: 'أراد أوباما الظهور أحياناً بشكل رسمي كرجل دولة، وأحياناً أخرى ببساطة وودّية ليكون أكثر قرباً من الناخبين'. AFP كذلك يشير بيش إلى مثال دونالد ترامب 'الذي نجح خلال الانتخابات الأخيرة بتقديم نفسه على أنه المستضعف، رغم أنه شغل منصب الرئيس لأربع سنوات سابقاً. كان من اللافت كيف استمرّ بتصوير نفسه كمرشّح ضدّ المؤسسة الحاكمة، مستخدماً الدعاوى القضائية المرفوعة ضدّه، والجدل المحيط بحملته، كوسيلة لتعزيز صورته كشخصية تعارض وتناضل ضدّ المنظومة السياسية الأمريكية القائمة'. هناك أمثلة معاصرة مشابهة، مثل رئيسة الوزراء النيوزلندية السابقة جاسيندا أردرن التي عزّزت صورتها كقائدة متعاطفة ولطيفة وقريبة، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي لقبت بـ 'ماما ميركل' في إشارة إلى أنها توحي بالطمأنينة. هناك أيضاً رجب طيب أردوغان الذي يربط صورته العامة بعظمة التاريخ الإمبراطوري العثماني، مع مخاطبة الحسّ القومي التركي، والدفاع الدائم عن القيم التركية التقليدية. كما نجد شخصيات أخرى أثرت صورتها العامة بشكل سلبيّ على مكانتها السياسية، ومن بينها، كما يقول بيش، رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك الذي بدت صورته العامّة 'كشخصيّة بعيدة المنال، ونخبوية، ومنفصلة عن عامة الشعب'. هالة القائد 'الذي لا يقهر' في الانتخابات الديمقراطية، ترتبط صناعة التسويق السياسي وخلق علامة brand للقادة والزعماء، بأهمية جذب الناخبين، وتحقيق نتائج أفضل في استطلاعات الرأي، وزيادة الشعبية، للفوز بالأصوات. ولكن، حتى في السياقات الشمولية أو القائمة على شخصية قائد واحد، هناك أيضاً حاجة لتسويق صورة عامّة دقيقة، 'لخلق هالة حول شخصية مُسيطرة، لا تُقهر، وتحظى بالولاء'، بحب البروفيسور بول باينز. في هذا السياق، يتحدّث بيش عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: 'ظهوره بزيّ الجودو أو على صهوة حصان بلا قميص، يرسل رسالة قوة وصلابة. إنها صور مدروسة لتدعيم علامة القائد القوي، حتى وإن لم يكن الهدف إقناع الناخبين بقدر ما هو ترسيخ الهيمنة'. الأمر ذاته ينطبق على زعماء آخرين يركّزون على الرمزية والمشهدية، مثل العروض العسكرية والاحتفالات الضخمة، لتعزيز الهوية القومية وإشعار المواطنين بأن القائد قوي ولا يهزم. على هذا المنوال، يصدّر الإعلام الكوري الشمالي صورة كيم جونغ أون كـ 'منقذ الأمة وحاميها'. ويقول باينز إن كلا الزعيمين يستخدمان 'صوراً مختارة بعناية لتعزيز هيمنتهما وترسيخ ما يشبه الرابط الأبوي بينهما وبين الشعب'. ماذا عن الجماعات المتطرّفة؟ في الثمانينيات، غالباً ما صورت وسائل الإعلام والحكومات الغربية المجاهدين الأفغان — المقاتلين الإسلاميين ضد الغزو السوفيتي — على أنهم مناضلون من أجل الحرية. لكن هذا التصور تغيّر جذرياً منذ التسعينيات. يدرس البروفيسور بول باينز، 'تغيير العلامة التجارية' لدى جماعات مثل 'القاعدة'، وتنظيم 'الدولة الإسلامية'، و'الشباب'، و'بوكو حرام'، وغيرها من الجماعات التي تتبنّى أيديولوجيات متشدّدة. ويقول باينز لبي بي سي إن 'القاعدة كانت أول علامة تجارية brand إرهابية عالمية'، إذ تجاوزت نطاقها الإقليمي، وسعت لصنع هوية عابرة للحدود، وعلامة قائمة على العنف والترهيب، والعداء للغرب والولايات المتحدّة والحداثة، وقد أسهمت في جذب بعض العناصر، لكنها في المقابل أثارت نفور فئات واسعة'. ويلفت باينز إلى أن ذلك 'لا يقتصر على الجماعات الإسلامية المتشدّدة، فاستخدام التطرّف في الدعاية السياسية يجد مكانته في أوساط اليمين المتشدّد في أوروبا والولايات المتحدة'. يقول باينز إن قادة القاعدة بن لادن والظواهري غيّرا أسلوبهما من البدايات حين كانت الفيديوهات أقرب إلى الخُطب الوعظية. 'إذا نظرت إلى تسجيل فيديو للقاعدة من عام 1998، سترين أنه أشبه بخطبة. يقف بن لادن وكأنه شيخ أو إمام يخاطب تلاميذه. وهذا النهج تغيّر، فخلال 10 سنوات بدأت تسجيلات القاعدة تستخدم رسومات حاسوبية، وصارت أقل رداءة من حيث جودة الصورة، وتحسّنت قيمة الإنتاج كثيراً.' لاحقاً وبحلول عام 2012، اعتمد 'تنظيم الدولة' أو 'داعش' ما يسمّى 'إدارة التوحش' وهو مصطلح إلى بثّ الرعب بواسطة تسيجلات الإعدامات العلنية والحرق وقطع الرؤوس. يؤكد باينز أنّ الجماعات الإرهابية تواجه معضلة فريدة بين الدفع بأجنداتها من خلال العنف وبين الحفاظ على دعم شعبي ضروري لاستمرارها، وهو ما يدفع شخصيات مثل الجولاني إلى إعادة النظر في تلك الأساليب، وتشكيل صورة أكثر قابلية. يقول بيش: 'في بعض الحالات، يمكن توظيف مبادئ التسويق السياسي لإعادة صياغة الصورة، عبر الاعتراف بالأخطاء السابقة، ووضع رؤية جديدة للمستقبل، والعمل على كسب ثقة الداخل والخارج'. في التاريخ أمثلة عدّة، منها كيف أعاد نابليون بناء صورته بعد نفيه الأول وعودته إلى فرنسا واستعادته الحكم لفترة قصيرة عرفت 'بالمئة يوم'. وفي التاريخ الحديث، نجد كيف بيل كلينتون بتجاوز فضيحته مع مونيكا لوينسكي بالتركيز على إنجازاته الاقتصادية والاجتماعية. Reuters التغيير والأمل في الواقع، يمكن لكلمة 'تغيير' بحدّ ذاتها، أن تصبح علامة سياسية قوية، تجتذب الساعين إلى بديل. ويقول بيش: 'كان 'التغيير' الشعار الأساسي لكير ستارمر (زعيم حزب العمال ورئيس الوزراء) في الانتخابات البريطانية الأخيرة. لقد خاض حملته كلّها على فكرة التغيير… فبعد 13 أو 14 عاماً (من حكم المحافظين)، كان الناس حقّاً يتطلعون إلى تغيير ما.' من جانبه يوضح باينز أنّ التسويق السياسي يعتمد كثيراً على الرسائل العاطفية. يقول: 'غالباً ما نتناول في التسويق السياسي مفهوم 'الأمل' مقابل 'الخوف'. هناك الكثير من الحملات التي ترتكز على الخوف، وأخرى على الأمل. وفي نهاية المطاف، إذا كنت تسعى إلى قبول ثوري بقائد ما أو إلى تحوّل جذري، فالأمل هو الرسالة الأنجع. أما الأنظمة السلطوية فعادةً ما تلجأ إلى توظيف الخوف'. بهذا المعنى، يحاول أحمد الشرع أن يقطع مع ماضيه الإشكالي، والظهور بصورة 'قائد وطني متمرّد' يسعى لتحرير البلاد. ويعلّق باينز: 'إنه يقدّم نفسه الآن كما لو كان 'المخلّص'، ويحاول استبدال البذلة الجهادية بثوب القيادة الوطنية المقبولة دولياً'. من منظور التسويق السياسي، يرى باينز أن عملية إعادة التشكيل هذه ليست عشوائية، بل تستند إلى فهم ما يريده الجمهور. يقول: 'يلجأ السياسيون إلى استطلاعات الرأي ومجموعات التركيز لتحديد الرسائل الأكثر قبولاً لدى الناس، ثم يكرّرون تلك الرسائل على أمل أن تُصدّق.' غير أن باينز يشدّد على أن نجاح مثل هذه الاستراتيجيات يعتمد في النهاية على أفعال حقيقية. 'فالسوريون مرّوا بسنوات من الحرب، ومن الصعب خداعهم بتعديلات شكلية؛ إذا لم يقدّم الجولاني (الشرع) ما يثبت صدق تحوّلاته، فقد يخسر فرصة ترسيخ علامته الجديدة. الناس ليسوا أغبياء'. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


الشارقة 24
منذ 7 أيام
- سياسة
- الشارقة 24
بعد قراره رفع العقوبات عن دمشق.. ترامب يلتقي رئيس سوريا في الرياض
الشارقة 24 - أ.ف.ب: التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء الرئيس السوري الانتقالي في أول اجتماع من نوعه منذ 25 عاماً، غداة إعلانه قرار رفع العقوبات عن دمشق التي رحبت بالخطوة واعتبرتها نقطة تحول محورية. وأفادت مسؤولة في البيت الأبيض بأن الزعيمين التقيا قبل اجتماع أوسع لقادة الخليج في الرياض خلال جولة ترامب في المنطقة. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية التركية الأربعاء، أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شارك عبر الفيديو في لقاء ترامب مع الرئيس السوري. وأتى لقاء ترامب في الرياض، الوجهة الخارجية الأولى له كزيارة دولة في ولايته الثانية، وأحمد الشرع الذي كان زعيم هيئة تحرير الشام، التي قادت الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر والذي بات رئيساً انتقالياً لسوريا، بعد كشف الرئيس الأميركي عن قرار رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن على دمشق. وأعلن ترامب الثلاثاء أنه قرر رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد استجابة لمطالب حلفاء الشرع في تركيا والمملكة العربية السعودية، في خطوة خلافية مع إسرائيل، حليفة واشنطن الوثيقة. وقال ترامب أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي "سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا من أجل توفير فرصة لهم" للنمو، وسط تصفيق حار للحضور ومن بينهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.


Independent عربية
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
الصراع المقبل على سوريا
خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، أطاح تحالف من فصائل متمردة بقيادة جماعة "هيئة تحرير الشام"، بصورة غير متوقعة، الديكتاتور بشار الأسد الذي حكمت عائلته سوريا على امتداد خمسة عقود. وورث النظام الجديد في دمشق بلداً دمرته حرب أهلية دامت 13 عاماً. وتولى أحمد الشرع، وهو زعيم الجماعة، زمام الأمور في سوريا، وتأمل القوى الأجنبية أن تنجح في توجيه سياساته. واستغلت دولتان جارتان للبلاد، هما إسرائيل وتركيا، فراغ السلطة فيها من أجل ترسيخ وجودهما هناك، وبدأتا بالفعل في التصادم معاً. وبرزت تركيا كقوة عسكرية مهيمنة في سوريا. فمنذ عام 2019، سيطرت جماعة "هيئة تحرير الشام" على إدلب شمال غربي سوريا، وساعدتها أنقرة بصورة غير مباشرة على امتداد أعوام، من خلال إقامة منطقة عازلة شمال سوريا وفرت الحماية للجماعة من قوات الأسد. والآن تريد تركيا تحقيق مزيد من النفوذ في البلاد حتى تتمكن من سحق أمل الأكراد [السوريين] في نيل الحكم الذاتي، وهو حلم ازدهر في سياق الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية، والقيام بالترتيبات اللازمة من أجل عودة 3 ملايين لاجئ سوري يعيشون في تركيا. ومع ذلك، فإن إسرائيل هي الأخرى تريد الحصول على مزيد من النفوذ في سوريا أيضاً. وعلى رغم توقيعها اتفاق فك الارتباط بوساطة أميركية مع سوريا عام 1974 في أعقاب حرب يوم الغفران (تشرين)، فإن الأسد تحالف بصورة وثيقة خلال العقود الأخيرة مع إيران، الخصم الرئيس لإسرائيل. وشكلت سوريا في عهده ممراً حيوياً تدفقت عبره الصواريخ الإيرانية وغيرها من الأسلحة إلى "حزب الله" اللبناني، مما أدى إلى تفاقم التوترات مع إسرائيل. وباعتبار أن هذا العداء المستفحل موجود منذ عقود، نظر القادة الإسرائيليون إلى إزاحة الأسد على أنها مكسب استراتيجي لم يكن متوقعاً، وراحوا يتسابقون للاستفادة من إطاحته بإنشاء مناطق عازلة ومناطق نفوذ غير رسمية جنوب سوريا. وتشعر إسرائيل بقلق خاص من الوجود التركي في البلاد، خشية أن تشجع أنقرة سوريا على إيواء مسلحين مناهضين لإسرائيل. وحاولت تركيا نشر الإسلام السياسي، كما أن لها تاريخاً من العداء لإسرائيل. على سبيل المثال، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إطار تهنئته بعيد الفطر خلال الـ30 من مارس (آذار) الماضي "[ندعو] الله أن يدمر إسرائيل الصهيونية". ويتزايد قلق القادة الإسرائيليين من أن طموحات تركيا في سوريا تتجاوز حدودهما المشتركة إلى داخل البلاد. وفي الثاني من أبريل (نيسان) الماضي قصفت إسرائيل عدة مواقع عسكرية سورية، بما في ذلك قاعدة التياس الجوية المعروفة باسم مطار التيفور (T4)، وذلك من أجل منع أنقرة من إقامة أنظمة دفاع جوي هناك. وتبدي إسرائيل اهتماماً بالغاً بأجواء جيرانها، إذ إنها شنت خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023، غارة جوية على إيران عبر المجال الجوي السوري. على رغم أن مخاوف إسرائيل الأمنية مشروعة، فإنه ينبغي عليها بذل قصارى جهدها بغية تجنب وقوع مواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا. ويجب على إسرائيل أن تضمن عدم تحول علاقتها مع أنقرة إلى ضحية لاندفاعها بهدف تعزيز موقعها العسكري في سوريا. ونظراً إلى تشتت قواتها وتراجع سمعتها الدولية، فإن آخر ما تحتاج إليه إسرائيل هو خلق عدو جديد. المناطق العازلة والتهديدات خلال تسعينيات القرن الماضي، وفي ظل تصاعد الآمال بالتوصل إلى سلام إسرائيلي-فلسطيني، تمتعت تل أبيب بعلاقات وثيقة مع تركيا، بيد أن صلاتهما تدهورت مع تراجع القوى العلمانية في كلتا الدولتين. وخلال عام 2010، على سبيل المثال، قتل الجيش الإسرائيلي تسعة ناشطين مدنيين وجرح 30 آخرين، توفي أحدهم خلال وقت لاحق، وذلك عندما اعترض سفينة تركية حاولت كسر الحصار البحري المضروب حول قطاع غزة، مما دفع أنقرة إلى خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب. واتهمت تركيا إسرائيل مرة تلو أخرى بارتكاب إبادة جماعية داخل غزة. وفي شهر مايو (أيار) 2024، أعلن أردوغان حظراً على التجارة مع إسرائيل على سبيل الاحتجاج على العمليات التي تقوم بها داخل القطاع. في غضون ذلك، يتهم الإسرائيليون أنقرة بالسماح لقادة حركة "حماس" الفلسطينية المسلحة، مثل نائب رئيس المكتب السياسي السابق للجماعة صالح العاروري، بالتخطيط لشن هجمات ضد إسرائيل من الأراضي التركية. ومع ذلك وعلى رغم كل خلافاتهما لا تريد تركيا ولا إسرائيل أن يعود النفوذ الإيراني إلى سوريا. من الواضح أن تركيا هي القوة الدافعة وراء النظام السوري الجديد، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى علاقاتها الطويلة مع جماعة "هيئة تحرير الشام"، وهي ساعدت قادة سوريا الجدد في التخطيط لإعادة الإعمار. ويبدو أيضاً أن أنقرة تسعى إلى إبرام اتفاق دفاع مع سوريا من شأنها أن توسع نفوذ تركيا، المتمركز حالياً شمال البلاد، لكي يتمدد إلى بقية البلاد. تشعر إسرائيل بقلق بالغ إزاء هذا المسار، وبرزت مدرستان فكريتان متنافستان حول كيفية إدارة العلاقات مع النظام السوري الجديد. وترى مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين أن على بلادهم اختبار العمل مع الشرع قبل اعتباره عدواً، إلا أن مجموعة أخرى تضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعتقد أنه من غير المرجح ظهور حكومة سورية مركزية معتدلة بقيادة إسلامية سنية، وأن على إسرائيل الاستعداد [للتعامل مع إدارة ستبدي لها] العداء، من خلال إنشاء مناطق نفوذ غير رسمية. بعد فرار الأسد من دمشق خلال ديسمبر 2024 سيطرت إسرائيل على منطقة عازلة جنوب غربي سوريا، متاخمة للجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان. وقصفت إسرائيل منذ ذلك الوقت مئات المواقع العسكرية السورية التي تخشى أن تستخدمها الحكومة الجديدة. وخلال الـ11 من مارس الماضي صرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بأن القوات الإسرائيلية ستبقى في سوريا "لفترة غير محددة"، لحماية التجمعات السكانية شمال إسرائيل. مراقبة الجوار يبدو أن الرغبة في تجنب تكرار الأخطاء التي بلغت ذروتها في هجمات السابع من أكتوبر 2023 الدموية، تمثل الدافع الجزئي على توغل إسرائيل في سوريا. ويرى القادة الإسرائيليون الآن أن المناطق العازلة أمر جوهري، ويأملون أن يسهموا بصورة فعالة في تشكيل البيئات الأمنية للدول المجاورة بدلاً من مجرد الرد على التطورات. كما أن كارثة "السابع من أكتوبر" دفعتهم إلى الحذر من العمل مع الإسلاميين من أي نوع. وتسامحت إسرائيل لأعوام عدة مع وجود زعيم "حماس" يحيى السنوار في غزة. وقد بنى لنفسه سمعة بأنه براغماتي في بعض الأحيان من خلال الابتعاد من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وهي جماعة إرهابية أكثر تشدداً، والسماح لعدد من سكان غزة بالعمل داخل إسرائيل. لكن في النهاية، دبر السنوار أعنف هجوم شهدته إسرائيل على الإطلاق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يبدو أن الدرس الذي استخلصه المسؤولون الإسرائيليون من تلك التجربة أنهم لا يستطيعون التسامح مع وجود أي جهاديين قرب حدودهم. وبعد اشتباك القوات السورية مع المتمردين العلويين الموالين للأسد خلال مارس الماضي، والذي أسفر عن سقوط مئات القتلى، قال كاتس إن الشرع "خلع القناع وكشف عن وجهه الحقيقي، إنه إرهابي جهادي من مدرسة 'القاعدة'". وعلى رغم أن للشرع جذوراً جهادية، إذ إن "هيئة تحرير الشام" بدأت كفرع انبثق عن "القاعدة"، فإنه نبذ التطرف بصورة علنية، مؤكداً أنه لا يسعى إلى مواجهة مع إسرائيل. إلا أن القادة الإسرائيليين الذين يتوقعون أن نظاماً معادياً سيرسخ أقدامه في دمشق، يعتقدون أن الشرع سيقول أي شيء لكي تُخفف العقوبات عن بلاده، ويخشون أن يغير موقفه بعد أن يحسن الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا. يرى القادة الإسرائيليون الآن أن المناطق العازلة أمر جوهري ومع ذلك، فإن "السابع من أكتوبر" ليس سوى جزء من القصة، فقد قال نتنياهو أيضاً إن استراتيجيته مدفوعة برغبة في حماية الأقلية الدينية الدرزية جنوب سوريا. وخلال أواخر أبريل/مطلع مايو الجاري، قتل أكثر من 100 سوري في اشتباكات بين مقاتلين إسلاميين سنة ومسلحين دروز. وفي الثاني من مايو الجاري قصفت إسرائيل دمشق، وأعلن نتنياهو وكاتس أنهما "لن يسمحا بإرسال قوات إلى جنوب دمشق أو بأي تهديد للدروز". يتأثر نهج إسرائيل تجاه سوريا أيضاً بالقلق بخصوص استمرار الوجود العسكري الأميركي داخل البلاد. وفي الثامن من ديسمبر 2024، أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي أن "سوريا في حال فوضى" وأن [بالأحرف الكبيرة] "الولايات المتحدة لا ينبغي أن يكون لها أية علاقة بها". وفي الـ18 من أبريل الماضي، أعلنت الحكومة الأميركية نيتها خفض عدد قواتها المتمركزة شرق سوريا من نحو 2000 إلى أقل من 1000، وتخشى إسرائيل أن يسمح الانسحاب الأميركي لتركيا بأن تهيمن بصورة أكبر على شمال سوريا، وربما داخل مناطق أبعد من ذلك. الحوار الصريح أفضل من الحرب لكن ينبغي على إسرائيل أن تحرص على أن تتفادى تحويل تركيا أو سوريا إلى عدو، وأن تترك مجالاً للحوار. ومن حق القادة الإسرائيليين أن يتعلموا الدروس من الإخفاقات الاستراتيجية التي شهدها "السابع من أكتوبر"، غير أن عليهم أيضاً الموازنة بين الاعتبارات الأمنية من جهة واستراتيجية طويلة المدى من جهة ثانية. قد تضع إسرائيل معايير واضحة لحكومة الشرع في شأن كيفية تعاملها مع الأقليات ومعالجة قضايا كتهريب الأسلحة والتخلص من الأسلحة الكيماوية. وإذا استوفيت هذه المعايير، فيمكن لإسرائيل حينها أن تدرس دعوة الولايات المتحدة والدول الأوروبية لتخفيف العقوبات على سوريا. كما قد تشجع إسرائيل الدول الأوروبية والخليج على الاستثمار هناك. وعلاوة على ذلك، يتعين على إسرائيل أن تعلن صراحة أنه لا توجد لديها أية أطماع في أراض أو مناطق داخل سوريا، وأن منطقتها العازلة ستكون موقتة ما دام أداء الحكومة الجديدة يحقق معايير معينة. إن استمرار الوجود الإسرائيلي في سوريا من شأنه أن يعزز موقف خصوم إسرائيل الذين يدعون أنها دولة محتلة. إن علاقة إسرائيل بالحكومة السورية الجديدة لها أهمية حاسمة، إلا أن الأهم من ذلك هو علاقتها بتركيا. فكلا البلدين حليف للولايات المتحدة ويتمتع بقدرات عسكرية قوية. وكان القصف الإسرائيلي لمطار التيفور بمثابة تذكير صارخ بمدى سرعة تصاعد الأمور، ويجدر بالبلدين أن ينظرا في إمكانية وضع خطوط حمراء، ويجب عليهما كحد أدنى الاتفاق على العمل ضمن مناطق نفوذ مختلفة داخل سوريا من أجل تجنب الأعمال العدائية. يثق ترمب بقدرته على تحسين العلاقات الإسرائيلية التركية، وأخبر نتنياهو أن لديه "علاقة جيدة جداً مع تركيا وزعيمها". يجب على ترمب أن يثني أردوغان عن نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا. ويمكن لترمب أيضاً مساعدة إسرائيل وتركيا على إيجاد سبل لخفض التصعيد. وقد يتعاون البلدان، على سبيل المثال، في مواجهة النفوذ الإيراني وتهريب الأسلحة. من الضروري أن تستخدم إسرائيل قنواتها الدفاعية والاستخباراتية للتواصل مع تركيا، وأن تستعمل وسائل غير مباشرة للتحدث مع السوريين. لقد عقد حتى الآن اجتماع واحد في الأقل معلن بين مسؤولين إسرائيليين وأتراك، وذلك داخل أذربيجان خلال أبريل الماضي. وينبغي على تركيا وإسرائيل البناء على هذا الحوار، ولا سيما أن كلاً منهما يؤكد عدم رغبته في حصول مواجهة عسكرية. لا بد أن يكون هدف إسرائيل هو تأكيد المخاوف الأمنية المشروعة من دون إثارة استياء أنقرة أو دمشق، وهذا التوازن مهم خصوصاً خلال فترة التقلبات الاستثنائية التي تمر بها سوريا، فالنظام الجديد لم يرسخ سيطرته على البلاد بعد، وتبدو مواقفه السياسية مرنة. وفي هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، وبعد إضعاف عدوهما المشترك إيران، يتعين على إسرائيل وتركيا السعي جاهدين من أجل صياغة نظام إقليمي جديد يعود بالفائدة المتبادلة على البلدين، ولا يفضي إلى صراعات. ديفيد ماكوفسكي مدير مشروع كوريت للعلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومحاضر مساعد في دراسات الشرق الأوسط داخل كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز. شغل بين عامي 2013 و2014 منصب مستشار أول للمبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في وزارة الخارجية الأميركية. سيموني سعيد مهر باحثة مساعدة في مشروع كوريت للعلاقات العربية الإسرائيلية داخل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. مترجم عن "فورين أفيرز"، السادس من مايو (أيار) 2025

القناة الثالثة والعشرون
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- القناة الثالثة والعشرون
ضباط أوكرانيون في اللاذقية.. نُذر مواجهة بين موسكو وكييف في الساحل السوري
كشفت مصادر خاصة في سوريا، عن وجود ضباط أوكرانيين في مدينة اللاذقية على الساحل السوري، برفقة ضباط أتراك، وعناصر من الفصائل التابعة لتركيا، مرجحة أن تتمحور مهمة هؤلاء بضرب الوجود الروسي في الساحل السوري، بالتنسيق مع الفصائل المسلحة الأجنبية، وخاصة الشيشانية التي تتواجد بكثافة في الساحل وتتقاسم مع الأوكرانيين كراهية وعداء الروس. وقالت مصادر أهلية وعسكرية متقاطعة لـ "إرم نيوز"، إن الضباط الأوكرانيين هم من الاستخبارات الأوكرانية، ويقيمون حاليا في فندق "ميرامار" مقابل الأكاديمية العربية، وفندق القصر في مدينة اللاذقية، وبحماية ومرافقة من ضباط أتراك وعناصر محلية مسلحة . وذكرت المصادر أن سوريا والساحل السوري بشكل خاص تحول في الآونة الأخيرة إلى بؤرة للاستخبارات الدولية في ظل الفوضى الكبيرة التي تشهدها البلاد، وفي ظل الفلتان الأمني والفصائلي غير الخاضع لأي سلطة. المصادر قالت إن وجود الضباط الأوكرانيين ليس جديدا في سوريا، فقد أسهم هؤلاء في المعارك التي أدت إلى إسقاط نظام الأسد، عبر تدريب عناصر هيئة تحرير الشام والمقاتلين الأجانب فيها، على استخدام الطيران المسير بفعالية ضد مواقع النظام. كما استهدف هؤلاء مواقع للقوات الروسية في سوريا قبل سقوط النظام، وإحداها كان مطار كويرس في شمال سوريا، والذي كان تحت سيطرة الروس. ووفقا للمصادر، تقتصر مهمة الضباط الأوكرانيين اليوم في تدريب الفصائل التي تضم مقاتلين أجانب، والمتمركزة في الساحل السوري، على ضرب القواعد الروسية في طرطوس وحميميم. لإشغال الروس ودفعهم للتفكير في التكاليف التي يمكن أن يدفعوها ثمنا لبقائهم في سوريا. وتربط المصادر بين وجود الضباط الأوكرانيين في اللاذقية وازدياد عمليات التحرش التي تقوم بها الفصائل المسلحة والمقاتلون الأجانب المنتشرون في الساحل السوري، خاصة في الأكاديمية البحرية بجبلة، وكتيبة الدفاع الجوي في عمريت بطرطوس، وهاتان النقطتان تمثلان الموقعين اللذين تخرج منهما الطائرات المسيرة باتجاه مطار حميميم وقاعدة طرطوس البحرية. وفي الآونة الأخيرة، يكاد لا يمر يوم من دون عملية إسقاط طائرات مسيرة للفصائل المسلحة من قبل القواعد الروسية في حميميم وطرطوس، حيث يراقب سكان الساحل يوميا عمليات تفجير وإسقاط الطيران المسير قرب هذه القواعد. وترجح المصادر أن القوات الروسية التي تعتبر الطرف الأقوى في الساحل السوري حتى اليوم، بسبب امتلاكها لأكبر قاعدتين عسكريتين في سوريا، تعرف كل ما يدور في هذه المنطقة، بما في ذلك وجود الضباط الأوكرانيين، لكن مرافقتهم من قبل الضباط الأتراك هو ما يؤجل استهدافهم من قبل الروس، فيما لم تستبعد المصادر أن يكونوا تحت المراقبة اللصيقة نظرا لتواجد الدوريات الروسية في اللاذقية. دور أوكراني كبير ولعبت أوكرانيا عبر خبرائها واستخباراتها دورا كبيرا في دعم قوات هيئة تحرير الشام في الفترة التي سبقت سقوط نظام الأسد، حيث كشف خبير عسكري سوري لـ "إرم نيوز" في سبتمبر الماضي، عن وصول ما يزيد على 250 مقاتلًا وخبيرًا عسكريًّا من "القوات الخاصة الأوكرانية" إلى سوريا. وقال الخبير العسكري كمال الجفا لـ"إرم نيوز"، إنه تأكد دخول العسكريين الأوكرانيين إلى مناطق تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"، وتتمثل مهمتهم بتدريب عناصرها على تصنيع الطائرات من دون طيار، والمشاركة في هجمات على القوات الروسية والسورية. وقال حينها، إنه جرى توزيع الخبراء الأوكرانيين على ورش صناعية، وعدة مواقع في مدينة إدلب وأرياف جسر الشغور لتصنيع الطائرات من دون طيار. ويبدو أن وكالة المخابرات العسكرية الأوكرانية، وفقًا للخبير، طورت خططا لشن هجمات سرية على القوات الروسية في سوريا باستخدام مساعدة سرية من "هيئة تحرير الشام"، التي تضم عددا كبيرا من الشيشان والأوزبك والتركستانيين، إذ يجتمع هؤلاء مع الأوكرانيين على حالة العداء الكبير لروسيا. وأشار الجفا إلى أن "إدخال ساحة معركة جديدة - على بعد آلاف الأميال من الحرب في أوكرانيا - مصمم لفرض تكاليف وخسائر على روسيا، وربما تجبر موسكو على إعادة نشر الموارد العسكرية من أوكرانيا، كما يعتقد الأوكرانيون". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News