أحدث الأخبار مع #والاتحادالأوربي،


العربي الجديد
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- العربي الجديد
حروب ترامب التجارية تضر ارتباط الخليج بالدولار
تسبّب حرب الرسوم الجمركية الواسعة التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعرض الدولار لتقلبات في سوق الصرف العالمية، ما يثير مخاوف من تأثر اقتصادات دول الخليج التي ترتبط عملاتها بشكل كبير بالعملة الأميركية. وقد تختار بعض الدول في ظل التوترات التجارية العالمية تعزيز احتياطاتها من الذهب لتقليل الاعتماد على الدولار، ما قد يؤثر على قيمته، بحسب تقرير نشرته مجلة "فوربس" الأميركية، مشيرة إلى أن هذه الأوضاع تدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى تسريع تنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط، ليساعدها ذلك على حفظ استقرار عملاتها حتى في ظل تراجع الدولار المحتمل. وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، مصطفى يوسف، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد حالياً حالة شديدة من عدم اليقين نتيجة التخبط في القرارات الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، التي تمثل أكبر اقتصاد في العالم، وهي حالة تأتي في ظل حروب تجارية تشنها واشنطن ضد شركائها التجاريين، ولا سيما كندا والمكسيك والاتحاد الأوربي، فضلاً عن الحرب التجارية الواسعة مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتزيد هذه الظروف من حدة التوترات الاقتصادية العالمية، وتعيد العالم، تحت إدارة ترامب، إلى حقبة الإمبريالية، بحسب توصيف يوسف، معتبراً أن الولايات المتحدة تسعى إلى فرض هيمنتها من خلال التهديد والمناورة بهدف استغلال الموارد الطبيعية للدول الأخرى بأبخس الأثمان، وفرض شروط قاسية عليها. ومن شأن ذلك تعزيز حالة صدام بين القوى الاقتصادية الكبرى، ما يُثير مخاوف كبيرة في الأسواق العالمية، بحسب تقدير يوسف، لافتاً إلى أن هذه التطورات تدفع باتجاه تراجع مفاهيم العولمة التي كانت سائدة في العقود الماضية، حيث تختفي فكرة التعاون وحرية تدفق السلع والخدمات، وبدلاً من ذلك تدخل الأسواق العالمية في مرحلة من الصدام والاضطراب، ما يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب. اقتصاد عربي التحديثات الحية بورصات الخليج في مهبّ الرياح الأميركية ويُوضح أن هذا الاتجاه يؤدي إلى ارتفاع مستمر في أسعار الذهب، بينما تفقد العملات الرئيسية، خاصة الدولار، بريقها مخزناً للقيمة. وإزاء ذلك يشكل ارتباط العملات الخليجية بالدولار، باستثناء الدينار الكويتي، عقبةً أمام تطور اقتصادات دول الخليج، بحسب يوسف، موضحاً أن هذا الارتباط يؤدي إلى تبعية اقتصادية غير مرغوبة، خاصة مع تراجع قوة الدولار أمام العملات الأخرى مثل اليورو واليوان. ويرى يوسف أن هذا الوضع يتطلب تحولاً نحو نظام يعتمد على العرض والطلب بدلاً من الربط الثابت بالدولار، لتمكين اقتصادات المنطقة من الانفتاح أكثر على الصين والاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن الربط بين العملات الخليجية والدولار، والذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، هو سياسة خاطئة تعود إلى حقبة السبعينيات وإلغاء قاعدة غطاء الذهب مقابل النقد. ويشدد يوسف على أن هذا النظام يحتاج إلى مراجعة شاملة لتحرير اقتصادات دول الخليج وتمكينها من التكيف مع التحديات الاقتصادية العالمية، ويخلص إلى أن ارتفاع أسعار الذهب وتخبطات إدارة ترامب هي مجرد بداية لتحديات أكبر ستواجه الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة.


جريدة الصباح
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الصباح
الداكي يدعو إلى تعبئة جماعية لإنجاح ورش العقوبات البديلة
أكد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن دخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ المرتقب في غشت المقبل، يمثل تحولا نوعيا في السياسة الجنائية والعقابية بالمغرب، مشددا على أن النيابة العامة معبأة لإنجاح هذا الورش الوطني الطموح. وجاء ذلك خلال افتتاحه، صباح اليوم (الأربعاء)، أشغال اليومين الدراسيين حول العقوبات البديلة، المنظمين من قبل رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوربا، وبالتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بفندق 'كونراد' بالهرهورة – الرباط. وأوضح الداكي أن القانون الجديد يشكل استجابة للتوجيهات الملكية السامية، سيما ما جاء في خطاب الملك محمد السادس بتاريخ 20 غشت 2009، الذي دعا فيه إلى تطوير الوسائل القضائية البديلة، من قبيل الوساطة والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة. واعتبر رئيس النيابة العامة أن العقوبات البديلة تمثل نقلة نوعية نحو نظام جنائي أكثر إنصافا وفعالية، يضع في صلبه إعادة إدماج المحكوم عليهم، ويخفف من الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية، خاصة قصيرة المدة، بما في ذلك الاكتظاظ السجني وكلفته الاجتماعية والاقتصادية. ويتيح القانون الجديد، حسب الداكي، اعتماد أربع عقوبات بديلة في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات: العمل من أجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية. ويمكّن القضاة من استبدال العقوبة الحبسية بهذه التدابير، مما يسمح للمحكوم عليه بالبقاء في محيطه الأسري والاجتماعي. وأبرز المسؤول القضائي أن القانون يمنح النيابة العامة صلاحيات مهمة، من بينها تقديم ملتمسات لاستبدال العقوبات الحبسية، وإحالة المقررات النهائية إلى قاضي تطبيق العقوبات، وتتبع مراحل تنفيذها. وفي هذا السياق، أشار إلى إصدار دورية توجيهية للقضاة، وتنظيم اجتماعات موضوعاتية ومساهمة النيابة العامة في إعداد المراسيم والنصوص التنظيمية المرتبطة بتنزيل القانون. وأكد الداكي أن رئاسة النيابة العامة بصدد إعداد دليل عملي لتطبيق العقوبات البديلة، سيتم تعميمه على القضاة، كما ستعمل على تنظيم دورات تكوينية لفائدة المعنيين بتنفيذها، مع مواكبة تنفيذها على المستويين الجهوي والمحلي، بتنسيق مع باقي المؤسسات الشريكة، وخاصة المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمندوبية العامة لإدارة السجون. وشكر الداكي، في كلمته، كافة الشركاء الوطنيين والدوليين، وفي مقدمتهم مجلس أوربا والاتحاد الأوربي، كما نوه بحضور وزير العدل والمندوب العام لإدارة السجون والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مشيدا بالتعاون المؤسسي الذي يطبع تنزيل هذا الإصلاح. وختم كلمته بدعوة جميع المتدخلين إلى الانخراط الفعال في النقاشات التي تعرفها هذه اللقاءات العلمية، والاستفادة من التجارب الدولية المعروضة، وذلك لضمان تنزيل سليم وفعال لهذا النص القانوني، الذي يشكل لبنة جديدة في مسار تحديث العدالة الجنائية بالمغرب، بما يخدم حقوق الإنسان ويكرس الأمن المجتمعي. جدير بالذكر أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، هو إطار تشريعي جديد يندرج ضمن الإصلاحات الكبرى التي تعرفها السياسة الجنائية بالمملكة، وقد صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.24.32 وتم نشره بالجريدة الرسمية عدد 7328 بتاريخ 22 غشت 2024، على أن يدخل حيز التنفيذ ابتداء من 22 غشت المقبل. ويهدف هذا القانون إلى إرساء منظومة متقدمة للعقوبات البديلة، تساهم في تقليص اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية، وتخفيف حدة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، مع تعزيز الطابع الإنساني للعدالة الجنائية. وقد نص القانون على أربعة أصناف من العقوبات البديلة، هي: العمل من أجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية، وتم إدراج مقتضياته ضمن مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية. وينتظر أن يحدث هذا القانون تحولا جوهريا في كيفية التعاطي مع العقوبة الجنائية، بما ينسجم مع التزامات المغرب الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان.


الصحراء
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الصحراء
الهجرة السرية.. حقائق الجغرافيا والديموغرافيا
خلال الاسابيع الأخيرة اشتعلت بعض صفحات مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، وانشغلت بالجدل واللغط حول إشكالية الهجرة غير الشرعية وتزايد أعداد الأجانب في بلادنا، وذلك إثر تسجيل جرائم اتهم فيها مهاجرون غير شرعيين من دول جنوب الصحراء، وبالتزامن مع قيام السلطات الموريتانية بإبعاد المئات منهم خارج الحدود، وشكل ذلك الجدل في قسط غير يسير منه تربصا بالمواقف الرسمية للبلد، وانسياقا وراء حديث "العاطفة الوطنية" غير المتسقة مع حقائق الواقع، وعاد بعضنا أدراجه ثانية ليتحدث عن "الإعلان المشترك" المؤسس للشراكة في مجال الهجرة بين بلادنا والاتحاد الأوربي، وبنفس لا يخلو من مغالطات سبق وأن روج لها إبان توقيع الإعلان المشترك، وذهب آخرون ـ سامحهم الله ـ إلى إعطاء عملية تسفير المهاجرين غير الشرعيين لبوسا عرقيا أو فئويا، دون برهان أو دليل. صحيح أنه ليس من الإنصاف أن يُعاتَب المرء أو تُسَفه أحلامه، إن هو أوجس في نفسه خيفة على البلد من فوضى المهاجرين السريين ونشرهم للجرائم والعبث بقيم المجتمع وأخلاقه، خصوصا وأنهم أثاروا إشكاليات وأزمات مفزعة على مرمى حجر منا، في بعض الدول من محيطنا الإقليمي، كالجزائر وتونس وليبيا، لكن تلك المخاوف لا تبرر الترويج للسناريوهات الافتراضية ولا الافتيات بالأحاديث المختلقة عن اتفاق ملزم ما أنزل الله به من سلطان، ولم يوقع لا مع الاتحاد الأوربي، ولا مع أي دولة أوربية على حدة. إعلان لا اتفاق وتفاديا للوقوع في براثين التخرصات وإلقاء الكلام جزافا على عواهنه، لا مندوحة أمامنا من الإحاطة بحقيقة "الإعلان المشترك"، الذي وقعته بلادنا مع الاتحاد الأوربي، (البون شاسع بين اتفاقية ملزمة تمر عبر البرلمان، وبين مسودة إعلان مشترك) وذلك بقراء تركن إلى النزاهة الفكرية والموضوعية المنصفة، فضلا عن التطرق للعوامل الداخلية والخارجية التي جعلت بلدنا محجا لآلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول الجوار ودول جوار الجوار، مع تجلية الفروق بين أصناف الأجانب المقيمين في بلدنا. فبخصوص الموقف الحكومي، يجب أن نعلم علم اليقين وأن ندرك أن الحقيقة التي لاريب فيها، هي أن ما تم توقيعه هو مجرد "إعلان مشترك" من عشر صفحات، ليس فيه أي نص ـ لا تصريحا ولا تلميحا ـ يشير إلى أن موريتانيا ستتخذ موطنا مؤقتا أو وطنا دائما للمهاجرين، ولا طريقا لإعادتهم وتسفيرهم إلى بلدانهم، وإنما نص على بعض أوجه التعاون وضرورة تعزيز الإجراءات في مجال محاربة ما سماها "الأسباب العميقة للهجرة غير الشرعية، عبر بلورة آفاق لتشغيل الشباب الموريتاني، خاصة من خلال التعليم والتدريب المهني والاستثمار، وتحسين المهارات والكفاءات الملائمة لسوق العمل، للشباب الموريتانيين". كما نص الإعلان على "تعزيز الجهود للوقاية من الهجرة غير الشرعية، من خلال حملات التوعية والتحسيس وإجراءات تسيير الحدود بوصفها عنصرا رئيسيا في مكافحة تهريب المهاجرين، والعمل على مكافحة ومتابعة شبكات تهريب المهاجرين وشبكات الاتجار بالبشر من خلال تحقيقات منسقة، وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية، فضلاً عن تعاونهما العملي، وتعزيز وسائل وقدرات السلطات المسؤولة عن تسيير ومراقبة وضبط الحدود، بالتعاون الوثيق بين موريتانيا وفرونتكس، طبقا لحاجيات موريتانيا التي تم تحديدها في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالتجهيز والتدريب، مع احترام سيادة موريتانيا". أما استضافة المهاجرين غير الشرعيين أو توطينهم مؤقتا أو بشكل دائم، فهي مزاعم وتلفيقات، تماما كالحديث عن الانتقائية الأثنية أو اللونية في ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين وتسفيرهن. ثلاثية الأجانب مع العلم أن موريتانيا تتعامل مع ثلاثة أصناف من المهاجرين أو المقيمين الأجانب على أراضيها، في مقدمتهم اللاجئون وهؤلاء يتمتعون بوضعية خاصة بموجب القانون الدولي، وتنظم الأمم المتحدة إجراءات إقامتهم وفقا للمنظومة القانونية الموريتانية، وأغلبهم من جمهورية مالي المجاورة، وينحدرون من أقاليمها الشمالية والوسطى، وهم في الغالب الأعم من الطوارق والعرب والفلان، الذين تشهد مناطقهم حروبا ومواجهات عنيفة بين الحكومة المالية وحلفائها الروس من جهة، وبين الجماعات المتمردة مثل تنسيقية الحركات الأزوادية التي تضم عدة حركات تقاتل من أجل استقلال اقليم أزواد عن مالي، والجماعات المتطرفة التي تنخرط في تنظيمي القاعدة وجماعة "الدولة الإسلامية" من جهة أخرى. اما الصنف الثاني فهم المقيمون الأجانب بصورة شرعية وهؤلاء يمتلكون وثائق إقامة، ولا يواجهون أي مشكلة أو مضايقة، ويبقى الصنف الثالث وهم المهاجرون غير الشرعيين، والذين تسللت أعداد كبيرة منهم إلى البلاد تلمسا للطريق نحو أوربا، أو سعيا للإقامة هنا بطرق غير قانونية، وهؤلاء هم الخطر الأمني والاجتماعي والاقتصادي المحدق. الإرهاب والديموغرافيا بيد أن السؤال المطروح الآن هو، لماذا هذا التدفق الكبير والإقبال الغزير من مهاجري إفريقيا الغربية وجنوب الصحراء على بلدنا، وهل من مميزات يسعى وراءها هؤلاء في موريتانيا لا يحظون بها في بلدانهم الأصلية، وهنا لا محيد عن عرض عدة عوامل متشابكة ومتراكمة، داخليا وخارجيا، وبسط بعضها لنفهم أسباب هذه الموجة من الأجانب الذين وصلت أعداد منهم إلى بلادنا، ومازال الآلاف يغالبون الإجراءات الأمنية ويصارعون أسباب المنع للوصول. فموريتانيا تعتبر من أكثر بلدان الساحل استقرار سياسيا وأمنيا، في حين تعاني أغلب دول الجوار وما قاربها، من ويلات الحروب الأهلية، وأنشطة الجماعات المتطرفة المسلحة، والاضطراب السياسي، لذلك يفر الكثيرون من جحيم تلك المآسي والحروب الأهلية، متلمسين أسباب الأمان في بلدنا، وربما تربصا للعبور نحو الضفة الأخرى، كما أن معظم بلدان الساحل وغرب إفريقيا تواجه شحا في الموارد الاقتصادية وانتشارا للفقر والبطالة، مع انفجار ديمغرافي مرهق للتنمية ومعيق للتقدم والازدهار، قياسا لبلدنا الذي يعتبر أقل بلدان الساحل سكانا، حيث لم يكمل حتى الآن تعداد سكانه المليون الخامس، بينما يزيد عدد السكان في مالي المجاورة على 23 مليونا حسب إحصائيات 2022، من بينهم 67% لم يتجاوزا الخامسة والعشرين من العمر، مع تزايد مضطرد في تعداد السكان بمعدل خصوبة وصل إلى 5,87 طفل لكل امرأة، تتقاذفهم مشاكل الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية والنشاطات المتصاعدة للجماعات المتطرفة في شمال ووسط البلاد. وفي السنغال بلغ عدد السكان حسب إحصائيات 2023 أكثر من 18 مليون نسمة، أكثر من 60% منهم لم تتجاوز أعمارهم 25 عاما، مع معدل للأمية بين السكان يبلغ أكثر من 40%، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر. وفي كوت ديفوار، تجاوز عدد السكان 31 مليون نسمة، حسب إحصائيات عام 2023، تقل أعمار أكثر من 60% منهم عن 25 عاما، كما تعاني البلاد من اضطرابات سياسية مزمنة، وصراعات بين المجموعات العرقية، فضلا أنشطة الجماعات المتطرفة التي بدأت تضرب في كوت ديفوار منذ عام 2016. أما في النيجر التي تعتبر من أكثر بلدان المنطقة فقرا، فيبلغ عدد السكان أكثر من 26 مليون نسمة، لا تتجاوز أعمار 70% منهم 25 عاما، مع معدل خصوبة هو الأعلى عالميا برقم يزيد على 7 أطفال لكل امرأة، وهو ما يعني تزايدا في عدد السكان بشكل سريع، مع تفاقم أزمة الاستقرار السياسي، وانتشار الفقر والأمية والحرب المستعرة مع الجماعات المتطرفة التي تحتل أجزاء من البلاد. ونفس الشي بالنسبة لبوركينافاسو، التي يناهز عدد سكانها 24 مليون نسمة، تقل أعمار 65% منهم عن 25 عاما، ويزيد عددهم كل سنة بنسبة 2.5% حسب احصائيات 2024، وتخوض حكومتهم حروبا ضروسا مع الجماعات المتطرفة التي تسيطر على قرابة نصف أراضي البلاد، فضلا عن انتشار الفقر والبطالة والأمية. وانطلاقا من هذه الوضعية وتلك الأرقام في دول الجوار وما حولها، ونظرا للموقع الجغرافي لبلادنا على شواطئ المحيط الأطلسي، قبالة ضفاف أوربا، كان من الطبيعي أن نكون قبلة لعشرات الآلاف من مواطني هذه البلدان، بحثا عن فرص أفضل للحياة ، وانتظارا لفرجة نحو أوربا، وهو ما يعني حاجتنا لأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذا التحدي المريع، والذي لا قبل لنا به إلا بالتعاون مع جهات أخرى تمتلك مقومات أفضل وقدرات أكثر وأجدى، في التصدي لتلك الظاهر المخيفة، وفي مقدمتها الاتحاد الأوربي الذي يشاطرنا ذات المخاوف والهواجس.


الوطن
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الوطن
الهجرة السرية.. حقائق الجغرافيا والديموغرافيا/ محمد محمود ولد ابو المعالي
خلال الاسابيع الأخيرة اشتعلت بعض صفحات مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، وانشغلت بالجدل واللغط حول إشكالية الهجرة غير الشرعية وتزايد أعداد الأجانب في بلادنا، وذلك إثر تسجيل جرائم اتهم فيها مهاجرون غير شرعيين من دول جنوب الصحراء، وبالتزامن مع قيام السلطات الموريتانية بإبعاد المئات منهم خارج الحدود، وشكل ذلك الجدل في قسط غير يسير منه تربصا بالمواقف الرسمية للبلد، وانسياقا وراء حديث "العاطفة الوطنية" غير المتسقة مع حقائق الواقع، وعاد بعضنا أدراجه ثانية ليتحدث عن "الإعلان المشترك" المؤسس للشراكة في مجال الهجرة بين بلادنا والاتحاد الأوربي، وبنفس لا يخلو من مغالطات سبق وأن روج لها إبان توقيع الإعلان المشترك، وذهب آخرون ـ سامحهم الله ـ إلى إعطاء عملية تسفير المهاجرين غير الشرعيين لبوسا عرقيا أو فئويا، دون برهان أو دليل. صحيح أنه ليس من الإنصاف أن يُعاتَب المرء أو تُسَفه أحلامه، إن هو أوجس في نفسه خيفة على البلد من فوضى المهاجرين السريين ونشرهم للجرائم والعبث بقيم المجتمع وأخلاقه، خصوصا وأنهم أثاروا إشكاليات وأزمات مفزعة على مرمى حجر منا، في بعض الدول من محيطنا الإقليمي، كالجزائر وتونس وليبيا، لكن تلك المخاوف لا تبرر الترويج للسناريوهات الافتراضية ولا الافتيات بالأحاديث المختلقة عن اتفاق ملزم ما أنزل الله به من سلطان، ولم يوقع لا مع الاتحاد الأوربي، ولا مع أي دولة أوربية على حدة. إعلان لا اتفاق وتفاديا للوقوع في براثين التخرصات وإلقاء الكلام جزافا على عواهنه، لا مندوحة أمامنا من الإحاطة بحقيقة "الإعلان المشترك"، الذي وقعته بلادنا مع الاتحاد الأوربي، (البون شاسع بين اتفاقية ملزمة تمر عبر البرلمان، وبين مسودة إعلان مشترك) وذلك بقراءة تركن إلى النزاهة الفكرية والموضوعية المنصفة، فضلا عن التطرق للعوامل الداخلية والخارجية التي جعلت بلدنا محجا لآلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول الجوار ودول جوار الجوار، مع تجلية الفروق بين أصناف الأجانب المقيمين في بلدنا. فبخصوص الموقف الحكومي، يجب أن نعلم علم اليقين وأن ندرك أن الحقيقة التي لاريب فيها، هي أن ما تم توقيعه هو مجرد "إعلان مشترك" من عشر صفحات، ليس فيه أي نص ـ لا تصريحا ولا تلميحا ـ يشير إلى أن موريتانيا ستتخذ موطنا مؤقتا أو وطنا دائما للمهاجرين، ولا طريقا لإعادتهم وتسفيرهم إلى بلدانهم، وإنما نص على بعض أوجه التعاون وضرورة تعزيز الإجراءات في مجال محاربة ما سماها "الأسباب العميقة للهجرة غير الشرعية، عبر بلورة آفاق لتشغيل الشباب الموريتاني، خاصة من خلال التعليم والتدريب المهني والاستثمار، وتحسين المهارات والكفاءات الملائمة لسوق العمل، للشباب الموريتانيين". كما نص الإعلان على "تعزيز الجهود للوقاية من الهجرة غير الشرعية، من خلال حملات التوعية والتحسيس وإجراءات تسيير الحدود بوصفها عنصرا رئيسيا في مكافحة تهريب المهاجرين، والعمل على مكافحة ومتابعة شبكات تهريب المهاجرين وشبكات الاتجار بالبشر من خلال تحقيقات منسقة، وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية، فضلاً عن تعاونهما العملي، وتعزيز وسائل وقدرات السلطات المسؤولة عن تسيير ومراقبة وضبط الحدود، بالتعاون الوثيق بين موريتانيا وفرونتكس، طبقا لحاجيات موريتانيا التي تم تحديدها في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالتجهيز والتدريب، مع احترام سيادة موريتانيا". أما استضافة المهاجرين غير الشرعيين أو توطينهم مؤقتا أو بشكل دائم، فهي مزاعم وتلفيقات، تماما كالحديث عن الانتقائية الأثنية أو اللونية في ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين وتسفيرهن. ثلاثية الأجانب مع العلم أن موريتانيا تتعامل مع ثلاثة أصناف من المهاجرين أو المقيمين الأجانب على أراضيها، في مقدمتهم اللاجئون وهؤلاء يتمتعون بوضعية خاصة بموجب القانون الدولي، وتنظم الأمم المتحدة إجراءات إقامتهم وفقا للمنظومة القانونية الموريتانية، وأغلبهم من جمهورية مالي المجاورة، وينحدرون من أقاليمها الشمالية والوسطى، وهم في الغالب الأعم من الطوارق والعرب والفلان، الذين تشهد مناطقهم حروبا ومواجهات عنيفة بين الحكومة المالية وحلفائها الروس من جهة، وبين الجماعات المتمردة مثل تنسيقية الحركات الأزوادية التي تضم عدة حركات تقاتل من أجل استقلال اقليم أزواد عن مالي، والجماعات المتطرفة التي تنخرط في تنظيمي القاعدة وجماعة "الدولة الإسلامية" من جهة أخرى. اما الصنف الثاني فهم المقيمون الأجانب بصورة شرعية وهؤلاء يمتلكون وثائق إقامة، ولا يواجهون أي مشكلة أو مضايقة، ويبقى الصنف الثالث وهم المهاجرون غير الشرعيين، والذين تسللت أعداد كبيرة منهم إلى البلاد تلمسا للطريق نحو أوربا، أو سعيا للإقامة هنا بطرق غير قانونية، وهؤلاء هم الخطر الأمني والاجتماعي والاقتصادي المحدق. الإرهاب والديموغرافيا بيد أن السؤال المطروح الآن هو، لماذا هذا التدفق الكبير والإقبال الغزير من مهاجري إفريقيا الغربية وجنوب الصحراء على بلدنا، وهل من مميزات يسعى وراءها هؤلاء في موريتانيا لا يحظون بها في بلدانهم الأصلية، وهنا لا محيد عن عرض عدة عوامل متشابكة ومتراكمة، داخليا وخارجيا، وبسط بعضها لنفهم أسباب هذه الموجة من الأجانب الذين وصلت أعداد منهم إلى بلادنا، ومازال الآلاف يغالبون الإجراءات الأمنية ويصارعون أسباب المنع للوصول. فموريتانيا تعتبر من أكثر بلدان الساحل استقرار سياسيا وأمنيا، في حين تعاني أغلب دول الجوار وما قاربها، من ويلات الحروب الأهلية، وأنشطة الجماعات المتطرفة المسلحة، والاضطراب السياسي، لذلك يفر الكثيرون من جحيم تلك المآسي والحروب الأهلية، متلمسين أسباب الأمان في بلدنا، وربما تربصا للعبور نحو الضفة الأخرى، كما أن معظم بلدان الساحل وغرب إفريقيا تواجه شحا في الموارد الاقتصادية وانتشارا للفقر والبطالة، مع انفجار ديمغرافي مرهق للتنمية ومعيق للتقدم والازدهار، قياسا لبلدنا الذي يعتبر أقل بلدان الساحل سكانا، حيث لم يكمل حتى الآن تعداد سكانه المليون الخامس، بينما يزيد عدد السكان في مالي المجاورة على 23 مليونا حسب إحصائيات 2022، من بينهم 67% لم يتجاوزا الخامسة والعشرين من العمر، مع تزايد مضطرد في تعداد السكان بمعدل خصوبة وصل إلى 5,87 طفل لكل امرأة، تتقاذفهم مشاكل الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية والنشاطات المتصاعدة للجماعات المتطرفة في شمال ووسط البلاد. وفي السنغال بلغ عدد السكان حسب إحصائيات 2023 أكثر من 18 مليون نسمة، أكثر من 60% منهم لم تتجاوز أعمارهم 25 عاما، مع معدل للأمية بين السكان يبلغ أكثر من 40%، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر. وفي كوت ديفوار، تجاوز عدد السكان 31 مليون نسمة، حسب إحصائيات عام 2023، تقل أعمار أكثر من 60% منهم عن 25 عاما، كما تعاني البلاد من اضطرابات سياسية مزمنة، وصراعات بين المجموعات العرقية، فضلا أنشطة الجماعات المتطرفة التي بدأت تضرب في كوت ديفوار منذ عام 2016. أما في النيجر التي تعتبر من أكثر بلدان المنطقة فقرا، فيبلغ عدد السكان أكثر من 26 مليون نسمة، لا تتجاوز أعمار 70% منهم 25 عاما، مع معدل خصوبة هو الأعلى عالميا برقم يزيد على 7 أطفال لكل امرأة، وهو ما يعني تزايدا في عدد السكان بشكل سريع، مع تفاقم أزمة الاستقرار السياسي، وانتشار الفقر والأمية والحرب المستعرة مع الجماعات المتطرفة التي تحتل أجزاء من البلاد. ونفس الشي بالنسبة لبوركينافاسو، التي يناهز عدد سكانها 24 مليون نسمة، تقل أعمار 65% منهم عن 25 عاما، ويزيد عددهم كل سنة بنسبة 2.5% حسب احصائيات 2024، وتخوض حكومتهم حروبا ضروسا مع الجماعات المتطرفة التي تسيطر على قرابة نصف أراضي البلاد، فضلا عن انتشار الفقر والبطالة والأمية. وانطلاقا من هذه الوضعية وتلك الأرقام في دول الجوار وما حولها، ونظرا للموقع الجغرافي لبلادنا على شواطئ المحيط الأطلسي، قبالة ضفاف أوربا، كان من الطبيعي أن نكون قبلة لعشرات الآلاف من مواطني هذه البلدان، بحثا عن فرص أفضل للحياة ، وانتظارا لفرجة نحو أوربا، وهو ما يعني حاجتنا لأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذا التحدي المريع، والذي لا قبل لنا به إلا بالتعاون مع جهات أخرى تمتلك مقومات أفضل وقدرات أكثر وأجدى، في التصدي لتلك الظاهر المخيفة، وفي مقدمتها الاتحاد الأوربي الذي يشاطرنا ذات المخاوف والهواجسهم.


الجزيرة
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- الجزيرة
كيف يفكر ترامب في موضوع الرسوم الجمركية؟
منذ وصوله للحكم وبدء فترة حكم ثانية قبل أقل من شهرين، لم يتوقف الرئيس دونالد ترامب ع ن توقيع أوامر تنفيذية، أو التعهد، بفرض تعريفات تجارية على كبار شركاء بلاده التجاريين سواء الحلفاء منهم مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوربي، والمنافسون وعلى رأسهم الصين، معلنا حربا تجارية في محاولة إعادة رسم قواعد التجارة الدولية. ويتسبب ما يقوم به ترامب من رفع التعريفات الجمركية في اضطراب كبير بأسواق المال داخل وخارج أميركا، ومع ذلك فهناك فئة من ملاك المصانع، التي أغلقت أبوابها بسبب صعوبة المنافسة مع رخص البدائل الصينية، تريد لترامب أن يزيد من تشدده ولجوئه لفرض المزيد من الرسوم الجمركية. وأجل ترامب فرض تعريفات بقيمة 35% على كل من كندا والمكسيك إلى الثاني من الشهر المقبل، وفرض تعريفة إضافية بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية، وهدد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 200% على منتجات الكحول من فرنسا ودول أوروبية أخرى، كما فرض تعريفات بقيمة 20% على واردات الحديد والألمنيوم. واتخذت بعض الدول من جانبها إجراءات انتقامية مشابهة بفرضها تعريفات جمركية على المنتجات الأميركية. ولا يترك ترامب فرصة إلا ويؤكد أن "التعريفات" (Tariffs) هي كلمته الإنجليزية المفضلة، وأنه لن يتردد في فرض المزيد منها كي تتوقف دول العالم عن استغلال الولايات المتحدة. إعلان وتعهد ترامب بالقضاء على العولمة التي بشرت بها وعملت على نشرها الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة. ويؤمن ترامب أن وجود عجز أو فجوة في ميزان التبادل التجاري الأميركي بين حجم الواردات والصادرات يعني بالضرورة ضعفا أميركيا، وهذا مبدأ لا يقتنع به أغلب الخبراء الاقتصاديين بالضرورة. عجز تجاري أميركي ضخم بلغ حجم العجز التجاري الأميركي مع دول العالم عام 2024 ما يقارب من 920 مليار دولار، وذلك بزيادة مقدارها 17% عن العام السابق عليه، طبقا لبيانات مكتب الإحصاء الفدرالي. وتعد الولايات المتحدة من أكبر دول العالم من حجم تجارتها الخارجية ولا تتفوق عليها سوى الصين. وبلغ حجم الصادرات الأميركية العام الماضي 3.2 تريليونات دولار، وبلغ حجم الواردات 4.1 تريليونات دولار. وكانت أكبر الفجوات التجارية مع الصين بمقدار (295 مليار دولار)، يليها الاتحاد الأوروبي بمقدار (235 مليار دولار)، ثم المكسيك (172 مليار دولار)، وفيتنام (123 مليار دولار)، ثم كندا بمقدار (64 مليار دولار). ودفع أداء الدولار القوي، وارتفاع قيمته أمام أغلب عملات دول العالم، إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات الأميركية، وارتفاع القدرة الأميركية على الاستيراد، مع ارتفاع نسبي في أسعار المنتجات الأميركية وهو ما يؤدي لانخفاض حجم الصادرات. وتأتي قطع غيار السيارات وأدوية إنقاص الوزن، والأجهزة الكهربائية، ومواد البناء والمواد الغذائية على رأس الواردات الأميركية، في حين تصدر أميركا الكثير من الخدمات، والسيارات والأسلحة والمحركات والمواد الزراعية وقطع الغيار والأجهزة الإلكترونية. جهل ترامب يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن جهل ترامب بكيفية حساب بيانات الناتج المحلي الإجمالي، يجعله يؤمن أن العجز التجاري هو شيء سيئ ويرى ترامب أن معاملات التجارة الدولة ما هي إلا معادلة صفرية تنتهي بفوز طرف وخسارة الطرف الآخر. وعلى العكس من أن أساس التجارة الدولية تعني أن كلا الطرفين قد يربحان من عملية التبادل، يرى ترامب أن التعريفات الجمركية يمكن استخدامها لإعادة الاعتبار لبلاده عالميا. ويتجاهل ترامب حقيقة أن بلاده، ورغم معاناتها من عجز تجاري ضخم، فإنها ما زالت صاحبة أقوى اقتصاد في العالم لأن حجم الاستثمار يفوق المدخرات، في وقت تحتفظ فيه الدول التي لديها فائض في الميزان التجاري بأموالها ومدخراتها في السندات الأميركية الدولارية. أهداف ترامب الثلاثة لا يخشى ترامب ما يكرره كبار مساعديه من أن رفع التعريفات الجمركية سيؤدي إلى زيادة الأسعار، ويرى أن ذلك سيدفع لترشيد الاستهلاك، وتشجيع عودة التصنيع لأميركا. وفي الوقت الذي يستبعد فيه العديد من المراقبين تحقيق أي من أهداف ترامب بخفض العجز التجاري الأميركي، يؤمن ترامب أن فرض هذه الرسوم تمكنه من تحقيق عدة أهداف، يمكن تلخيصها على النحو التالي: أولا: أداة التفاوض، ويؤمن ترامب أن فرض التعريفات يعد وسيلة للضغط على شركاء أميركا التجاريين، كما أنها ورقة مساومة مهمة. وعن طريق الضغط بالتعريفات الجمركية، حركت المكسيك وكندا عشرات الآلاف من جنودهما لتأمين حدود الدولتين مع الولايات المتحدة، والحد من عبور المهاجرين غير النظاميين والمخدرات إلى داخل الأراضي الأميركية. وبهذه الطريقة يسهم فرض العقوبات، أو التهديد بفرضها، من تحقيق أهداف ترامب غير التجارية. ثانيا: أداة عقابية، ويؤمن ترامب أنه يمكن التهديد بالعقوبات أو فرضها بالفعل على أي دولة تفكر في الخروج على قواعد النظام المصرفي العالمي، والتي يعد الدولار الأميركي هو عملتها المهيمنة. وحذر ترامب دولة مجموعة البريكس، وغيرها ممن يفكرون في تقليل استخدام الدولار الأميركي في معاملاتهم التجارية. ثالثا: أخيرا يؤمن ترامب أن فرض العقوبات يخدم أجندته الطموحة، والتي عبر عنها بوضوح في حملته الانتخابية، والتي تعد أساس حركة لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى (ماغا). ومن بين بنود هذه الأجندة حماية الصناعات المحلية، مثل صناعة الحديد والصلب من الممارسات التجارية غير العادلة المتمثلة في وجود بدائل مستوردة أرخص من نظيرتها الأميركية، إضافة لتشجيعه التصنيع داخل الولايات المتحدة بصفة عامة، وهو ما يخلق فرص عمل جديدة للقاعدة الشعبية الداعمة له وللجمهوريين. وفي النهاية لا تعكس الموازين التجارية طبيعة الاقتصادات الناجحة أو الفاشلة، وتعد ألمانيا، على سبيل المثال، دولة ذات فائض تجاري ضخم، إلا أن اقتصادها الكلي يتجه للهبوط، وعلى العكس يأتي النموذج الأميركي الذي يتقدم دول العالم في حجم العجز التجاري في وقت يشهد فيه الاقتصاد نموا كبيرا ونسب بطالة محدودة جدا.