أحدث الأخبار مع #والهولوكوست


البوابة
منذ 6 أيام
- سياسة
- البوابة
تحقيق هولندي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة
يعتقد عدد متزايد من كبار علماء الإبادة الجماعية في العالم أن تصرفات الاحتلال في قطاع غزة تعد إبادة جماعية، بحسب تحقيق أجرته صحيفة "إن ار سي" الهولندية. إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة وأجرت الصحيفة مقابلات مع سبعة باحثين مشهورين في مجال الإبادة الجماعية، من ستة بلدان، بما في ذلك إسرائيل، وجميعهم وصفوا الحملة الإسرائيلية في غزة بأنها إبادة جماعية. وقال كثيرون إن أقرانهم في هذا المجال يتشاركون هذا التقييم، بحسب ما ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني اليوم السبت. وقال الباحث الإسرائيلي راز سيجال، للصحيفة، "هل يمكنني تسمية شخص أحترم عمله ولا يعتقد أنه إبادة جماعية؟ لا، لا توجد حجة مضادة تأخذ في الاعتبار جميع الأدلة." وقال البروفيسور أوجور أوميت أونجور، من جامعة أمستردام ومعهد "NIOD" لدراسات الحرب والهولوكوست والإبادة الجماعية، إنه: "على الرغم من وجود باحثين بالتأكيد يقولون إنها ليست إبادة جماعية، إلا أنني لا أعرفهم". وراجعت الصحيفة الهولندية 25 مقالة أكاديمية حديثة نشرت في "Journal of Genocide Research"، الرائدة في هذا المجال، ووجدت أن جميع الأكاديميين الثمانية في مجال دراسات الإبادة الجماعية يرون إبادة جماعية أو على الأقل عنف متعلق بإبادة جماعية في غزة.


عمان نت
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- عمان نت
خبير هولوكوست إسرائيلي: "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية ممنهجة في غزة بدعم أمريكي
في حوار مع صحيفة " إل موندو " الإسبانية، حذّر الأكاديمي البارز راز سيغال، المتخصص في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، من المنعطف الخطير الذي تشهده كلٌّ من "إسرائيل" والولايات المتحدة، مؤكدًا أنه يخشى على سلامته الشخصية بسبب مواقفه العلنية من الحرب على غزة. ويشغل سيغال، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، منصب أستاذ دراسات الإبادة الجماعية الحديثة في جامعة ستوكتون بولاية نيوجيرسي، وكان من أوائل من وصفوا ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية وفق التعريف الكلاسيكي"، وذلك في مقال نشره بتاريخ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعد أيام فقط من هجوم حماس في السابع من الشهر ذاته. وقال سيغال للصحيفة: "نعم، أخشى أن يأتوا من أجلي. قد يبدو هذا التصريح من زمن آخر، لكنه يعكس الواقع الراهن. إذا بدأ النظام يستهدف أشخاصًا مثلي، فسنكون قد دخلنا مرحلة جديدة وخطيرة. نحن نشهد انزلاقًا نحو استيلاء فاشي على السلطة". ورغم إدراكه لحساسية الظرف السياسي، شدد سيغال على تمسكه بمواقفه، تمامًا كما فعل حين أعرب مبكرًا عن إدانته لما وصفه بجريمة جماعية ترتكبها "إسرائيل" في غزة، متقدمًا بذلك على الاتهامات الرسمية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية، والتي اعتبرت في ثلاث مناسبات العام الماضي أن هناك "احتمالًا معقولًا" لارتكاب إبادة جماعية، بالإضافة إلى تقارير مماثلة صادرة عن خبراء أمميين، من بينهم المقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيزي. ويذكّر سيغال بأن خلفيته العائلية، كحفيدٍ لناجين من الهولوكوست، هي ما يدفعه إلى رفع صوته: "التاريخ لا يغفر، ومن واجبنا ألا نكرره، لا كضحايا ولا كصامتين". وحين سُئل عن المؤشرات التي دفعته إلى التحذير المبكر من إبادة جماعية في غزة، قدّم البروفيسور راز سيغال إجابة حاسمة مستندة إلى خبرة تمتد لأكثر من عشرين سنة في دراسة الإبادة والهولوكوست. قال سيغال: "من واجبنا التعرّف على علامات الإبادة مبكرًا وأخذ شعار لن يتكرر أبدًا على محمل الجد. الاعتراف المتأخر لا يكفي، فالاتفاقية الدولية تهدف إلى المنع لا التوثيق بعد فوات الأوان". وأشار إلى أن نزع الإنسانية من أبرز المؤشرات، واستشهد بتصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يؤاف غالانت في 9 تشرين الأول/ أكتوبر، حين وصف الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، ثم كررها في اليوم التالي الجنرال غسان عليان دون تمييز بين مدني ومقاتل. ويضيف أن الخطاب الإبادي اجتاح الإعلام، وترافق مع فرض حصار كامل على غزة، وتنفيذ حرفي للوعيد، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت. ويؤكد أن "النية عنصر جوهري"، وغالبًا ما تكون مستترة، "لكن في الحالة الإسرائيلية، التصريحات واضحة ومتكررة". ويشير لتصريح إسرائيل كاتس، في 19 آذار/ مارس، حين هدد سكان غزة بدمار شامل. ويضيف أن الأهم من التصريحات هو تنفيذها، ولدينا آلاف الفيديوهات لجنود يوثّقون جرائمهم بفخر، ما يعكس الوعي الكامل بنوايا القيادة. وعن أهمية استخدام مصطلح "إبادة جماعية" رغم صدور مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت بتهم جرائم حرب، أوضح البروفيسور راز سيغال أن الفرق جوهري، لأن الإبادة جريمة منفصلة بتعريف قانوني خاص، والأدلة على وقوعها باتت قوية. وقال إن محكمة العدل الدولية أصدرت ثلاثة قرارات – في كانون الثاني/ يناير وآذار/ مارس وأيار/ مايو – تفيد بأن من "المعقول" أن تكون هناك إبادة جارية. وأضاف أن هناك إجماعًا متزايدًا بين باحثي الهولوكوست وخبراء القانون، بمن فيهم أكاديميون إسرائيليون مثل عمر بارتوف وعاموس غولدبرغ، وكذلك وليم شاباس، الذي يرى أن الحالة تمثل إبادة واضحة. وأشار إلى أن استمرار تراكم الأدلة سيجبر القضاة في نهاية المطاف على الاعتراف بذلك، ما سيحدث هزة كبرى في بنية القانون الدولي. وعن سبب اعتبار توصيف الإبادة مفصليًا، قال سيغال إن تعريفها بعد الحرب العالمية الثانية صيغ لخدمة المنتصرين، وتجاهل جرائم الاستعمار. وأضاف أن "إسرائيل" تأسست على فكرة "فرادة" الهولوكوست، ما منحها حصانة قانونية دولية، واستخدام مصطلح "إبادة" اليوم يهدد تلك الحصانة. وبشأن 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وصف سيغال ما جرى بأنه جريمة حرب ومجزرة لا تُبرر، لكنه دعا لفهم السياقات. وقال: "إذا وُضع شعب تحت نظام قمعي وحصار طويل، فستظهر تمردات عنيفة. هكذا علّمنا التاريخ". وأكد أن أحداث غزة تمثل منطق "إسرائيل الكبرى" والمشروع الاستعماري. "بعد خطة ترامب، أيد 70 بالمئة من الإسرائيليين – ومعظمهم يهود – التطهير العرقي، وهذا يشمل الضفة أيضًا". ويرى أن ما يحدث ليس انتقامًا فقط، بل نتيجة إيديولوجيا استعمارية، وأن "إسرائيل" ليست استثناء، بل تكرر أنماطًا استعمارية سابقة. وأشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي بدأ ينهار: اضطرابات ما بعد الصدمة، وعنف متزايد، وتفكك أسري، ونزوح أطباء، وانهيار النظام الصحي، مع تقديرات بهجرة 100 ألف يهودي إسرائيلي لا ينوون العودة. "لا يمكن لدولة أن تبقى إذا كان بقاؤها قائمًا على العنف المستمر". تصريحات سيغال تتقاطع مع تحذيرات سابقة أطلقتها شخصيات إسرائيلية بارزة، حتى قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، من بينها الرئيس إسحاق هرتسوغ الذي قال في آذار/ مارس 2023 إن البلاد 'على شفا هاوية' وإن خطر 'الحرب الأهلية' بات ملموسًا. وقد تصاعدت التحذيرات بعد بدء العدوان على غزة، مع تفاقم الاستقطاب بين التيارات الدينية المتطرفة التي تؤمن بمشروع "إسرائيل الكبرى" وبين التيارات العلمانية. وعبّر رؤساء وزراء سابقون مثل إيهود أولمرت وإيهود باراك عن هذه المخاوف، والتي أيدها مؤخرًا 60 بالمئة من الإسرائيليين، وفق استطلاع حديث أصدره معهد سياسة الشعب اليهودي. ويقول سيغال: "أسأل عائلتي دومًا: هل تشعرون الآن بالأمان أكثر؟ والجواب دائمًا: لا. فكرة أن الحل الوحيد لأمن اليهود هو العيش في دولة يهودية لم تعد صالحة. لا يمكن أن تنعم بالأمان إذا كنت تضطهد ملايين البشر، وتصادر أراضيهم، وتخضعهم للاحتلال". وعن أهمية مفهوم "مجتمع المتفرجين" في دراسات الإبادة الجماعية، وسؤال حول ما إذا كان يمكن تصنيف موقف الحكومات الغربية من الحرب على غزة ضمن هذا الإطار، قدّم سيغال إجابة حاسمة. "في حالة الولايات المتحدة، لا يمكننا الحديث عن مجرد متفرج. نحن أمام شريك في الجريمة. ما يجري هو إبادة جماعية تُرتكب بشكل مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة. لولا الدعم الأمريكي -سواء من حيث تزويد الأسلحة أو توفير الغطاء الدبلوماسي- لما تمكنت إسرائيل من تنفيذ هذا المستوى من العنف". ويضيف سيغال، في ختام الحوار، أن المسؤولية لا تقع على واشنطن وحدها، بل تشمل أيضًا دولًا أوروبية بارزة: "ألمانيا، على سبيل المثال، تُعد أيضًا شريكًا في الجريمة. فبحسب القانون الدولي، كل من يزود دولة ترتكب إبادة جماعية بالسلاح، هو طرف مشارك في ارتكاب الجريمة. هذه ليست مسألة أخلاقية فقط، بل مسألة قانونية واضحة".


الغد
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الغد
عن "ضحايا الضحايا": نظرة في إنسانوية سعيد الأخلاقية في سياق إبادة غزة
ترجمة: علاء الدين أبو زينة أسامة مقدسي* - (تيارات يهودية) 17/2/2025 في الأشهر الخمسة عشر التي مرت منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كنت أقلّب النظر في تأكيد إدوارد سعيد أن الفلسطينيين هم "ضحايا الضحايا". وقد لخص المنظّر الأدبي الكبير هذه "المفارقة المعقدة" في طبعة العام 1992 من كتابه التاريخي "قضية فلسطين" The Question of Palestine. اضافة اعلان وكتب أن "الضحايا الكلاسيكيين لسنوات من الاضطهاد المعادي للسامية والهولوكوست أصبحوا في أمتهم الجديدة يضطهدون شعبًا آخر ويجعلون منه ضحية". وكما قال للروائي سلمان رشدي في العام 1986، فإنه "يتم التعامل مع أي نوع من النقد الموجه إلى إسرائيل على أنه مظلة لمعاداة السامية... في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، إذا قلتَ أي شيء على الإطلاق، كعربي من ثقافة إسلامية، سوف يُنظر إليك على أنك تنضم إلى معاداة السامية الأوروبية أو الغربية الكلاسيكية". ومع ذلك، ميّز سعيد نفسه كواحد من أوائل المثقفين الذين اجتازوا الهوة العميقة التي ميزت الخطابات العدائية للصدمة التاريخية التي شكلتها النكبة والهولوكوست على التوالي؛ وأصر على قناعته بأن تكوين فهم رحيم متعاطف للتجربة اليهودية الحديثة مع الاضطهاد المعادي للسامية في أوروبا يرتبط بالاعتراف الإيجابي بالتاريخ الفلسطيني والحقوق الوطنية الفلسطينية. بالنسبة لسعيد، يقدم التعاطف مع "المشكلة الكارثية التي تعنيها معاداة السامية"، كما وصفها في "قضية فلسطين" (الذي نشر في الأصل في العام 1979)، طريقة للخروج من مستنقع التنافس على وضع الضحية. ويعكس هذا التشابك في التعاطف قناعته بأن مصير الفلسطينيين والإسرائيليين ومستقبلهم مرتبطان حتمًا ببعضهما بعضا بسبب قضية فلسطين. اليوم، بعد 76 عامًا من القسوة المفرطة التي تمسّ كل جانب من جوانب الحياة الفلسطينية في كل أنحاء فلسطين التاريخية، بينما تشن إسرائيل حملة إبادة جماعية في غزة قتلت حتى وقت كتابة هذه السطور ما يقدر بنحو 64.260 فلسطينيًا وجرحت عشرات آلاف آخرين، أشعر بعدم ارتياح مع السؤال: هل ما تزال مقولة "ضحايا الضحايا" منطقية كصيغة أخلاقية - تاريخية؟ توفي سعيد قبل عقدين من الإبادة الجماعية الجارية الآن في غزة. ولم يكن بإمكانه، مثل كثيرين منا، أن يتخيل الهول الكامل لفظاعتها التي يتم بثها على الهواء مباشرة. وكما وصف الناجي من الهولوكوست، غابور ماتي Gabor Maté، الموقف: "يبدو الأمر كما لو أننا نشاهد أوشفيتز على 'تيك-توك'". وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن بوسع سعيد أن يتوقع المدى الكامل للدعم الذي ستقدمه المؤسسات، والقادة، والشخصيات العامة الرئيسية الغربية، بعدوانية، لمثل هذه الفظائع. لا انتشار الصور ومقاطع الفيديو للإبادة الجماعية، ولا مذكرات الاعتقال في حق القادة الإسرائيليين بسبب برامج الإبادة والتجويع الجماعيين التي صدرت عن "المحكمة الجنائية الدولية" (حيث الوضوح الصارخ للوحشية جعلها تصل أخيرًا، متأخرة، إلى عتبة ما يمكن لهذه الهيئة أن تفهمه)، ولا اتهام جنوب إفريقيا ما بعد الفصل العنصري في "محكمة العدل الدولية" للدولة الإسرائيلية بأنها ترتكب إبادة جماعية، زحزحت قيد أنملة معظم الحكومات الغربية عن حبها المتعجرف للصهيونية. بدلاً من ذلك، تجاهلت هذه الحكومات تمامًا الإنسانية الفلسطينية باسم الحداد على -والدفاع عن- ضحايا العنف اليهود الإسرائيليين. على النقيض من التعاطف الذي دعا إليه سعيد، رفض الغرب الليبرالي رفضًا قاطعًا النظر إلى الفلسطينيين على أنهم ضحايا أو ينطوون على أي أهمية أخلاقية أو تاريخية. بينما يُذبح الفلسطينيون بلا رحمة باسم أمن إسرائيل، هل الإسرائيليون حقًا ضحايا بالمعنى القومي الجماعي؟ أليس هناك تمييز أساسي بين كونك يهوديًا وكونك إسرائيليًا، وبالتالي بين تاريخ طويل من وضع الضحية الذي فرضه على اليهود مضطهِدون معادون للسامية في الغرب المسيحي، وبين المعاناة الإسرائيلية الأقرب زمانيًا في سياق العنف المناهض للاستعمار الذي أثاره استعمارهم لفلسطين؟ هل من المنطقي التفكير في السياسي الإسرائيلي العنصري، إيتمار بن غفير، الذي يقود حزبًا معاديًا للعرب يدعى "أوتسما يهوديت" (القوة اليهودية)، كضحية؟ بأي معنى يمكن اعتبار الجنود الإسرائيليين ضحايا في العام 2025؟ بأي منطق هم ضحايا عندما يكونون مسلحين حتى أسنانهم، ومزودين بما قيمته مليارات الدولارات من الأسلحة الأميركية، وبغطاء دبلوماسي أميركي غير محدود على ما يبدو، لتحدي الغضب الدولي من الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة؟ بأي معنى يكونون ضحايا عندما ينشرون بجذل صورًا لأنفسهم في أنحاء غزة التي دمروها -يظهرون فيها مبتسمين وهم يرتدون الملابس الداخلية المسروقة لنساء فلسطينيات بلا دولة، مهجرات ومشردات مرة أخرى، بعد أن دمروا حيواتهن وهدموا منازلهن وذبحوا أطفالهن؟ بأي معنى يكونون ضحايا وهم يبثون مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يضحكون بينما يدمرون الجامعات والمكتبات الفلسطينية؟ بأي منطق يكون المستوطنون اليهود الإسرائيليون ضحايا عندما يتجمعون لقطع الطريق ومنع وصول الطعام إلى الأطفال الذين يتم تجويعهم حتى الموت؟ ماذا عن الإسرائيليين الذين شاهدوا قصف غزة في العام 2014، وهم يجلسون بلا مبالاة، وكأنهم يشاهدون عرضًا مسرحيًا وليس كارثة إنسانية؟ ماذا عن أولئك الذين وقفوا مكتوفي الأيدي في العام 2006 أثناء القصف الإسرائيلي الوحشي للبنان بينما كان أطفالهم يوقّعون على قذائف المدفعية؟ أو أولئك الذين شاركوا في مجزرة الطنطورة، أو غطوا عليها خلال نكبة العام 1948؟ في مرحلة ما، سيكون من السخف الاستمرار في التفكير في هؤلاء الإسرائيليين كضحايا -إلا بمعنى أنهم قد يعتقدون حقًا بأنهم يقاتلون من أجل هزيمة الوحوش "البربرية"، كما تصور لهم عقولهم. ليس هذا بالتأكيد ما كان يشير إليه إدوارد سعيد عندما وصف الفلسطينيين بأنهم "ضحايا الضحايا". في الواقع، بينما سعى سعيد إلى رسم مسار يمكن من خلاله لليهود الإسرائيليين والفلسطينيين الاعتراف بالصدمة الجماعية لبعضهم بعضا، فإنه كان واضحًا بشأن أن ما يسعى إليه لم يكن تكافؤا سهلاً يحجب القوة غير العادية التي يمارسها الأولون على الأخيرين، ويخفي الضرر المعرفي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والبشري الناجم عن هذه الهيمنة المستمرة. في حين أن اليهود في أوروبا كانوا ضحايا معاداة السامية الغربية التي بلغت ذروتها في الهولوكوست، ما يزال الفلسطينيون ضحايا اليهود الصهاينة الإسرائيليين، وممكِّنيهم، ومساعديهم، وحلفائهم في الغرب، بمن في ذلك المسيحيون الصهاينة. وفي حين لم تكن للفلسطينيين يد في العنصرية النازية المعادية لليهود الحاسمة لتشخيص معاداة السامية الحديثة، لعب اليهود الإسرائيليون دورًا رئيسيًا في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم والقضاء المجتمع الفلسطيني، وتاريخه وحياته منذ العام 1948 وحتى الوقت الحاضر. ثمة اختلافات كبيرة في التسلسل الزمني، والتموقُع، وفي العلاقات بين الوكالة، والسبب، والنتيجة. حتى في حين أن مقولته "ضحايا الضحايا" تبقى في إطار واحد مفرد هو الوحشية التي عانى منها كلا الشعبين، يحرص سعيد على تأكيد أنها تُسمّي بشكل حاسم أيضًا الصعوبة الخاصة التي يواجهها الفلسطينيون، الذين، كما كتب في "قضية فلسطين"، "كان لديهم الحظ السيئ بشكل غير عادي المتمثل في أن يواجهوا.. الناس الأكثر تعقيدًا على الإطلاق من بين كل الخصوم من الناحية الأخلاقية، اليهود، بما خلفهم من تاريخ طويل من العيش كضحية وموضوع للإرهاب. إن الخطأ المطلق الذي يمثله الاستعمار الاستيطاني يصبح مخففًا إلى حد كبير -بل وربما يتبدد تماماً- عندما تكون فكرة بقاء اليهود المعتنَقة بإيمان متعصب هي التي تستخدِم الاستعمار الاستيطاني لتصويب مصيرها الخاص". يستحضر القادة الإسرائيليون بشكل روتيني تاريخ الهولوكوست والتجربة اليهودية لمعاداة السامية كهراوة يضربون بها منتقديهم، ويصرِفون بها الانتباه عن هول تجريدهم الفلسطينيين من إنسانيتهم، وتبرير العنف المتطرف الذي تتبناه الصهيونية الكولونيالية. إن إسرائيل تنتهك باستمرار القانون الدولي من خلال مصادرة الأراضي الفلسطينية، وتأسيس ما تسميه منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية، (تسيلم)، "نظام التفوق اليهودي والفصل العنصري من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط". لكننا عندما نرفض أسطورة الضحية الخالدة، كما يشير سعيد، تظهر صورة أكثر وضوحًا: إن "الضحايا في إفريقيا وفلسطين يُجرحون ويصابون بنفس الندوب، وبنفس النوع من الطرق". في حين أن عبارة سعيد الشهيرة تظل نقدًا حادًا يكشف عن هذا التعتيم على ترتيبات السلطة، يبدو أن محاولته لرسم طريق للمضي قدمًا عن طريق التعاطف المتبادل تنتمي إلى حقبة أخرى. ربما حان الوقت للجمع بين إنسانوية سعيد الأخلاقية وإنسانية الشاعر الفلسطيني العظيم محمود درويش. في قصيدته "قتلى ومجهولون"، كتب درويش: "أنا الضحية." "لا، أنا وحدي الضحية". لم يقولوا للمؤلف: "لا ضحيةَ تقتلُ الأخرى، هنالك في الحكاية قاتل وضحية". في هذا المقطع، يبلور درويش ما ألمح إليه سعيد فقط: مهما كانوا ضحايا في الماضي، ومهما حملوا معهم بصمة هذا الماضي، فقد تحول اليهود الإسرائيليون، من خلال أفعالهم، إلى نوع جديد من الموضوع. مع استثناءات حاسمة مثل المؤرخ إيلان بابي، الذي يذكّرنا بأن الانتماء العلماني إلى السلطة هو خيار يتم اتخاذه أو لا يتم اتخاذه فحسب، فإن اليهود الإسرائيليين هم الآن في وضع المضطهِدين. إنهم يعملون بشكل مستمر على جعل الفلسطينيين ضحايا. من الواضح أن اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين هم بشر، وكلهم يستحق المساواة والحرية، وهم مرتبطون ببعضهما بعضا. ولكن، في الوقت الراهن، ثمة واحد فقط هو المضطهِد (بكسر الهاء)؛ والآخر هو المضطهَد. وإذا لم نتمكن من الحفاظ على هذا التمييز الأخلاقي الأساسي والواضح بين القائم بالاضطهاد والخاضع للاضطهاد؛ بين القائم بالاستعمار وموضوع الاستعمار، فإن التاريخ يصبح أيقونة للمفارقة التاريخية بدلاً من كونه أداة لكسر النرجسية التي ينطوي عليها احتكار موقف الضحية الدائمة. كما كتب سعيد في "قضية فلسطين"، فإنه "لا يمكن أن تكون هناك طريقة لممارسة حياة بطريقة مرضية ينصب اهتمامها الرئيسي على منع الماضي من تكرار نفسه. بالنسبة للصهيونية، أصبح الفلسطينيون الآن مكافئين لتجربة سابقة عادت متجسدة في شكل تهديد حالي. والنتيجة هي أن مستقبل الفلسطينيين كشعب أصبح مرهونًا لهذا الخوف، وهو ما يشكل كارثة لهم ولليهود". ويقطّر درويش هذه الصيغة، ويوجهنا إلى النظر مباشرة إلى أي أناس هم الذين يعانون حقًا، وعلى يَد مَن ولماذا. ويذكرنا سعيد ودرويش معًا بأننا لسنا مضطرين لأن نكون سجناء الماضي -وبخلاف ذلك نكون جميعًا ضحية، وباسم كوننا ضحية يمكننا أن نفعل -وسوف نفعل- للآخرين نفس الأشياء الفظيعة التي ارتكبت في حقنا ذات مرة. *أسامة مقدسي Ussama Makdisi: مؤرخ أميركي من أصل فلسطيني، متخصص في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. يشغل حاليًا منصب أستاذ التاريخ وحامل كرسي المستشار في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. قبل انضمامه إلى بيركلي، كان أستاذًا للتاريخ وأول حامل لكرسي مؤسسة التعليم العربية-الأميركية في كلية الدراسات العربية بجامعة رايس في هيوستن، تكساس. تركز أبحاثه على التاريخ الثقافي والسياسي للشرق الأوسط، مع التركيز على الهوية والطائفية والقومية والحداثة. من أبرز مؤلفاته: "عصر التعايش: الإطار المسكوني وصناعة العالم العربي الحديث" (2019)، و"إيمان في غير محله: الوعد المكسور للعلاقات الأميركية-العربية، 1820-2001" (2010)، و"مدفعية السماء: المبشرون الأميركيون وفشل تحويل الشرق الأوسط" (2008)، و"ثقافة الطائفية: المجتمع والتاريخ والعنف في لبنان العثماني في القرن التاسع عشر" (2000). حصل على جوائز عدة، بما فيها جائزة ألبرت حوراني للكتاب من "جمعية دراسات الشرق الأوسط"، وجائزة جون هوب فرانكلين من "جمعية الدراسات الأميركية". نال في العام 2018 جائزة برلين، وقضى فصل الربيع كزميل في الأكاديمية الأميركية في برلين. *نشر هذا المقال تحت عنوان: اقرأ المزيد في