logo
#

أحدث الأخبار مع #وودروويلسون

أفلام هوليوودية تمجد الانعزالية الأميركية "العائدة"
أفلام هوليوودية تمجد الانعزالية الأميركية "العائدة"

Independent عربية

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Independent عربية

أفلام هوليوودية تمجد الانعزالية الأميركية "العائدة"

هي بالنسبة إلينا في هذا الموضوع الذي فرضته علينا الظروف الغريبة التي يمر بها العالم منذ أيام قليلة لتفوق في قوة تأثيرها أموراً قد تكون أكثر غرابة منها تمر بنا في الأقل منذ مطالع الألفية الثالثة. هي بالنسبة إلينا هنا، ثلاثة أفلام عرضت في وقت متقارب خلال العقد الأول من هذه الألفية لتضعنا مرة واحدة أمام نمط من الذهنيات الأميركية كان قد خيل إلينا أنه غاب في النسيان منذ زمن السيناتور ماكارثي ولجنته التي أحدثت شروخاً مرعبة في التطور الذي كانت الذهنيات الأميركية قد عرفته خلال القرن الـ20، لا سيما بعد حربين عالميتين خاضتهما الولايات المتحدة وأخرجتها مما كان يبدو عزلة لها عن العالم مرة تحت وصاية الرئيس وودرو ويلسون ومرة ثانية تحت رعاية الرئيس روزفلت وكان العنوان واحداً: أميركا جزء من العالم بل جزء أساس يجده سنداً له في الملمات والكوارث الكبرى. غير أن الأفلام الثلاثة التي نستعيدها هنا لمناسبة "العزلة الجديدة" التي تنبني اليوم على يدي ساكن البيت الأبيض لتلخص ما يدور في أذهان ناخبيه أي ما يقارب نصف الأميركيين مقابل نصف آخر يتساءل غاضباً ولكن بقدر مرعب من الصمت: إلى أين يقودنا الرئيس دونالد ترمب؟ ما بعد سبتمبر! الأفلام الثلاثة التي نتناولها هنا هي "دوغفيل" للدنماركي لارس فون ترير، و"السمكة الكبيرة" للمهمش الأميركي تيم بيرتون، وأخيراً وبخاصة "القرية" للأميركي من أصل هندي نايت شيامالان. مما يعني أننا أمام أفلام تكاد تكون هامشية لكنها بالتحديد تدور في الهامش وبتحديد أكثر في قرى هي في نهاية الأمر كناية عن أميركا نفسها. وأكثر من ذلك، في مجابهة مع تلك الانعزالية الأميركية العائدة، وفي الأقل منذ أحداث سبتمبر الإرهابية في نيويورك، التي أعادت "الغريب" و"الشر الذي يمثله" إلى الواجهة متمثلاً هذه المرة بالعربي والمسلم، بعدما ظل الغريب والشرير طوال محطات عديدة من القرن الـ20 يابانياً أو شيوعياً أو أي ممثل لتلك الأمم التي تثير رعب الأميركيين حتى وإن كانوا منشقين عن بلدانهم وأعراقهم ومعتقداتهم الأصلية. وطبعاً لا بد لنا من أن نشير هنا إلى أنه حتى ولو كان أي من هذه الأفلام التي نتحدث عنها هنا، لا يدنو مباشرة من أحداث سبتمبر (أيلول) 2001 فإنها معاً، وتحديداً من خلال عنصر رئيس فيها، تطاول خلفية الأحداث سبتمبر إنما بالترابط مع تلك الذهنية الأميركية الانعزالية التي ترى الشر كل الشر في الغريب، والخير في الانغلاق على الذات، وغالباً حتى حدود مرضية. وهذا البعد تمثله في الأفلام الثلاثة معاً فكرة القرية، المعزولة جغرافياً غالباً، وبشكل طوعي إرادي في غالب الأحيان عن "العالم الخارجي". قرى رمزية طبعاً لسنا هنا في صدد قرى، رمزية في نهاية الأمر، تتعرض لغزو من الخارج، يدفع السكان إلى التماسك في ما بينهم للتصدي له على الطريقة التبسيطية. لكننا في صدد ثلاث قرى يمثل كل منها نمطاً من أنماط الانعزالية الأميركية. ففي "دوغفيل" تقوم القرية هادئة وسط الجبال الصخرية سلسلة جبال روكي وكان يمكن لحياتها الوديعة القائمة على التوافق بين شتى الشرائح والأفراد، أن تظل هكذا إلى الأبد. ولكن يحدث ذات يوم أن تصل إلى القرية، غريبة حسناء تستجير بها من مطاردة عصابة دموية لها. في البداية تستقبل القرية الفتاة لكنها على الفور تبدأ بإظهار رغبتها في لفظها ما دام ثمة في وجودها ما يحدث تبديلاً ولو بسيطاً في النسيج الاجتماعي المتجانس. في اختصار تصل الأمور إلى حد استبعاد الفتاة التي هي لم تسبب أي أذى للقرية وتكمن جريمتها الوحيدة في كونها غريبة. وفي النهاية تسلم القرية الفتاة إلى العصابة لنكتشف أن زعيم العصابة هو والد الفتاة التي بعد تفكير طويل تقرر الانتقام من القرية... كل القرية. إن في وسعنا طبعاً أن نجد في هذا الفيلم أبعاداً ميتافيزيقية تتجاوز الكناية الأميركية لتجابه حكاية السيد المسيح مع البشر الذين أتى لافتدائهم فصلبوه. لكن هذا البعد، يمكن هنا في هذا تنحيته جانباً بعض الشيء للتوقف عند البعد الأميركي، والقرية المنغلقة الظالمة ومجابهة الغريب بكل لؤم وكراهية. الشاعر في وول ستريت في قرية "السمكة الكبيرة" لتيم بورتون، ليس ثمة أصلاً موقف سلبي واضح من الغريب، حتى وإن كان هذا الغريب يشكل رعباً للسكان حتى خارج تلك القرية المثالية التي أقيمت وسط الغابات، لتمثل النقاء الأميركي الصرف. ولكن هل هي نقية هذه القرية إلى هذا الحد؟ أبداً يقول لنا تيم بورتون... بل الأدهى من هذا أن هذه القرية، التي ترمز إلى أميركا ما، يمكننا العثور عليها في آداب أميركية تعود إلى القرنين الـ18 والـ19، ولدى واشنطن خاصة على سبيل المثال في "سليبي هالو"، من خلال منحرف شرير، لكنه يعرف كيف يخفي انحرافه وشره خلف قناع النقاء المزيف إلى درجة يبدو معها أصيلاً إلى درجة أن السكان يخلعون أحذيتهم قبل وطء أراضيها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكما في "السمكة الكبيرة" سنكتشف أن شاعرها نفسه، الذي يمثل عادة صورة النقاء في مجتمع ما طالما أنه لم يقدم إلينا كشاعر متمرد بل كشاعر يمجد قريته وحياتها في صيغ وطنية أخاذة، هو في الوقت نفسه لص كبير يسرق المصارف ليتحول بعد ذلك إلى رجل أعمال كبير يضارب في وول ستريت. وهذا التحول ليس صدفة هنا، وكذلك ليس صدفة أن نجد كيف أن حسناء القرية الناعمة الهادئة تجسدها في الفيلم هيلين يوهان كارتر، التي تلعب في الفيلم نفسه دور الساحرة الشريرة. قرية وسط غابات مرعبة فماذا مقابل هذين الفيلمين هناك فيلم شيامالان الذي يحمل تحديداً اسم "القرية"؟ إنها الوجه الثالث لصورة أميركا. والوجه الذي بات، في رأي المخرج، جديراً بأن يصور بتركيز، بعد التغيرات التي راحت تطرأ على الذهنية الأميركية إثر حدث أيلول. ومن هنا تبدو الكناية الأميركية في "القرية" أكثر وضوحاً، حتى وإن كان مسار الفيلم يؤخر ظهورها حتى اللحظات الأخيرة. ومسار الفيلم هذا يتحدث هنا عن مجموعة من الناس تعيش معزولة عن العالم الخارجي الذي تفصلها عنه غابات مرعبة سنفهم أن سكانها وحوش يستفزهم اللون الأحمر، جرى بينهم وبين أعيان القرية اتفاق ضمني على حسن الجوار، شرط ألا يخرق أحد هذا الاتفاق. والخرق هو أولاً وقبل أي شيء آخر يقوم في دخول الغابات. طبعاً لاحقاً في الفيلم ستضطر حسناء عمياء إلى عبور الغابات، بعد ابتداء حمى الصراع ودخول الشر لدى أول خرق جزئي للاتفاق، وسنكتشف الحقيقة المروعة وهي أننا لسنا في القرون الوسطى، بل في القرن الـ20، وأن أعيان القرية، الذين ترعبهم المدينة هم الذين اخترعوا الحكاية من ألفها إلى يائها، من أجل إبقاء قريتهم في منأى من العصر ومن الأغراب ومن الحداثة، بعدما تعرضوا قبل ذلك لمساوئ المدنية الحديثة. نفاق جماعي مرة أخرى إذاً، ها نحن أمام ذهنية الانعزال الأميركية... وها هي السينما تكشف أبعاد هذه الذهنية، في إدانة واضحة لا لبس فيها ولا غموض. واللافت، في الحالات الثلاث، أن السينمائيين الذين يستخدمون أفلامهم لممارسة تلك الإدانة، هم مخرجون هامشيون ومن الخارج كما أشرنا، بشكل أو بآخر. ولكن هل يمكن حقاً لمن هو في الداخل أن يكتشف الحقيقة؟ أبداً وفق ما تقول لنا الأفلام الثلاثة معاً. فنفاق أهل "دوغفيل" ووعي الفتاة لا يتحرك إلا بتدخل رئيس العصابة الآتي من الخارج. ونفاق وضلال "سبكتر" تيم بورتون لا يتكشف إلا أمام الزائر إدوارد بلوم... أما حقيقة "القرية" لدى شيامالان، فلن تدرك إلا بفعل اكتشاف الهامشي مجنون القرية لها من ناحية، وإلا بعد وصول الحسناء العمياء إلى الخارج من ناحية ثانية. وفي يقيننا أن هذه الحقائق تكاد بدورها تقول لنا كثيراً عن أميركا، بل أكثر من عشرات الدراسات ومئات الخطب والشعارات. وربما في السياق نفسه، بقدر ما يمكن أن تقوله اليوم تلك الصور الاستعراضية، وإلى حد لا يطاق كما يقول بعض الإعلام الأميركي الأكثر وعياً، التي يرتبها الرئيس ترمب بنفسه وهو يهندس فيها حركاته وسكناته وصولاً إلى المشهد المعتاد الذي يصوره وهو يوقع على تلك المراسيم توقيعاً إذا كان يشبه شيئاً فإنه يشبه صورة تلك الشيكات الضخمة التي تصور بمبالغة مضحكة عادة، المبالغ التي يفوز بها هواة مدجنون في مسابقات تلفزيونية.

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟
أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

المغرب اليوم

time١٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • المغرب اليوم

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

تستدعي قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة طرح كثير من علامات الاستفهام وفي مقدمها: هل ترغب إدارته في قيادة العالم أم السيطرة عليه، من خلال منطلقات يمكن أن نسميها «أنانية قومية مفرطة»؟ تبدو واشنطن اليوم كأنها تنظر إلى العالم نظرة فوقية، تحمل كثيراً من ملامح الثأر، وهو ما تجلى في تصريح سيد البيت الأبيض: «إن أميركا تُنهب منذ أربعين سنة، وقد حان أوان تغيير الأوضاع». على أن الأدوات التي يبدو أن ترمب يسعى من خلالها لا تتسق مع الأفكار الرئيسية التي جعلها الرئيس الثامن والعشرون، وودرو ويلسون (1913 - 1921) مرتكزات للسياسات الأميركية الخارجية، والتي يمكن إجمالها في ثلاث نقاط: أولاً- الانسجام هو النظام الطبيعي للشؤون الدولية، وليس التحفيز السلبي، وإثارة القوميات أو صحوة الشعوبيات. ثانياً- إحداث التغيير بالقوة غير مقبول، وكل التحولات يتعين أن تحصل وفقاً لإجراءات تستند إلى القانون. ثالثاً- كل أمة بُنيت على مثل هذه المبادئ لن تختار الحرب أبداً، كما يرى ويلسون، والدول التي تفشل في الوفاء بهذه المعايير سوف تُقحم العالم في نزاع عاجلاً أم آجلاً. في هذا السياق، لا ينسحب مفهوم الحروب على الصراعات العسكرية فحسب، بل تعد الحروب التجارية ضرباً من ضروب المواجهات والنزاعات المؤكَّدة في أزمنة العولمة والقرية الكونية الواحدة. هنا ينبغي التساؤل: هل مساعي إدارة ترمب الأخيرة تصب في صالح ركائز ويلسون؟ وهل تتسق مع رؤى التعددية بوصفها شرطاً من شروط بناء مجتمع عالمي ذي مصالح مشتركة؟ باختصار، ومن دون الوقوع في فخاخ المحاصصات الآيديولوجية التي كشفت عنها ردَّات فعل التعريفات الجمركية الأخيرة، بدا العالم من جديد متشظياً بين فسطاطين؛ أميركا في ناحية، والبقية الباقية في جانب آخر، مما يعني هنا أننا عدنا إلى التساؤل الجوهري الذي طرحه في تسعينات القرن الماضي، حكيم أميركا ومستشارها القومي النابه، زبغنيو بريجنسكي، عن موقف أميركا من العالم، وهل تسعى إلى القيادة أم تبغي السيطرة. نجحت الولايات المتحدة الأميركية، خلال حقبة الحرب الباردة في نسج شبكة من التحالفات، ضمنت لها الحفاظ على القيادة الأميركية، من خلال نموذج الاعتماد المتبادل بين القوة والمبدأ، بوصفها خريطة طريق للوضع الجيوسياسي العالمي آنذاك. لكنَّ غرور القوة المفرطة، وسقوط الاتحاد السوفياتي، ربما فتحا الدرب واسعاً أمام دعاة الأحادية والانعزالية، ورفع الصوت عالياً «أميركا ليست شرطي العالم أو دَرَكَه». اليوم تبدو «MAGA» صنواً مباشراً، وإن بطريقة عصرانية، يقودها تيار «الرجعيون الأميركيون الجدد»، أولئك الذين يحلمون بنسف الدولة البيروقراطية الفيدرالية الأميركية في الداخل أول الأمر، وتالياً إعادة رسم معالم وملامح عالم جديد، السطوة والهيمنة والسيادة فيه لواشنطن، عالم من الجدران لا الجسور. قبل ثلاثة عقود استشرف بريجنسكي هذه المآلات، وعليه فقد بدا حائراً أمام مستقبل أميركا، وبخاصة حين تتعلق الخيارات الحقيقية بالكيفية التي يجب على أميركا أن تمارس هيمنتها وفقها، وكيف يمكن تقاسم هذه الهيمنة؟ ومع مَن؟ وإلى أي أهداف نهائية ينبغي تكريسها؟ وما الغرض المحوري للقوة العالمية غير المسبوقة لأميركا؟ أهمية الجواب تنبع من أنه سيحدد ما إذا كان الإجماع الدولي يقوِّي القيادة الأميركية، ويُضفي عليها صفة الشرعية، أو ما إذا كان التفوق الأميركي يعتمد بدرجة كبيرة على السيطرة الحازمة المرتكزة على القوة، عسكرية كانت أم سياسية. لا تبدو واشنطن اليوم تحظى بالإجماع الدولي الذي توافر لها ضمن المعسكر الغربي في مواجهة حلف وارسو لأكثر من أربعة عقود متتالية، وبخسارتها هذا الإجماع، تخاطر بأن تفقد قدرتها على الإمساك بزمام الشؤون العالمية، وتهديد شرعية وضعيتها بوصفها القوة الوحيدة في العالم. السيطرة هنا، ووفقاً لتيار الأوليغارشيين الجدد، سوف تستنزف مزيداً من القوة الأميركية، وتُفقدها مثالَها بوصفها مدينة فوق جبل، وتدفعها إلى التحول من وضع قوة عظمى فائقة التأثير والحضور، إلى قوة عظمى ناقصة، لن تنفكّ تتراجع وتفقد المكاسب الأممية التي أدركتها، عبر ثلاثة عقود ونصف، كانت تعد فيها الفاعل الأول في النظام العالمي الجديد. هل تحاول الإدارة الأميركية الحالية خلق سلطة أميركية تتجاوز الحدود القومية في عالم ينقصه حتى الحد الأدنى من الإجماع المطلوب لإيجاد مؤسسات أممية مشتركة ذات حضور ناجز لا عاجز؟ يبدو نموذج القيادة من خلال الشراكة طرحاً بعيداً عن مخيلة رجالات البيت الأبيض اليوم، مع أن الإدماج والكرم والأناة هي أهم العناصر الضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي، الذي لا ينفصل عن الأمن العالمي، ولا يمكن تحصينه إلا إذا وفَّرت واشنطن القيادة البنَّاءة من خلال نظام عالمي تعاوني لا تصادمي.

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟
أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

العرب اليوم

time١٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العرب اليوم

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

تستدعي قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة طرح كثير من علامات الاستفهام وفي مقدمها: هل ترغب إدارته في قيادة العالم أم السيطرة عليه، من خلال منطلقات يمكن أن نسميها «أنانية قومية مفرطة»؟ تبدو واشنطن اليوم كأنها تنظر إلى العالم نظرة فوقية، تحمل كثيراً من ملامح الثأر، وهو ما تجلى في تصريح سيد البيت الأبيض: «إن أميركا تُنهب منذ أربعين سنة، وقد حان أوان تغيير الأوضاع». على أن الأدوات التي يبدو أن ترمب يسعى من خلالها لا تتسق مع الأفكار الرئيسية التي جعلها الرئيس الثامن والعشرون، وودرو ويلسون (1913 - 1921) مرتكزات للسياسات الأميركية الخارجية، والتي يمكن إجمالها في ثلاث نقاط: أولاً- الانسجام هو النظام الطبيعي للشؤون الدولية، وليس التحفيز السلبي، وإثارة القوميات أو صحوة الشعوبيات. ثانياً- إحداث التغيير بالقوة غير مقبول، وكل التحولات يتعين أن تحصل وفقاً لإجراءات تستند إلى القانون. ثالثاً- كل أمة بُنيت على مثل هذه المبادئ لن تختار الحرب أبداً، كما يرى ويلسون، والدول التي تفشل في الوفاء بهذه المعايير سوف تُقحم العالم في نزاع عاجلاً أم آجلاً. في هذا السياق، لا ينسحب مفهوم الحروب على الصراعات العسكرية فحسب، بل تعد الحروب التجارية ضرباً من ضروب المواجهات والنزاعات المؤكَّدة في أزمنة العولمة والقرية الكونية الواحدة. هنا ينبغي التساؤل: هل مساعي إدارة ترمب الأخيرة تصب في صالح ركائز ويلسون؟ وهل تتسق مع رؤى التعددية بوصفها شرطاً من شروط بناء مجتمع عالمي ذي مصالح مشتركة؟ باختصار، ومن دون الوقوع في فخاخ المحاصصات الآيديولوجية التي كشفت عنها ردَّات فعل التعريفات الجمركية الأخيرة، بدا العالم من جديد متشظياً بين فسطاطين؛ أميركا في ناحية، والبقية الباقية في جانب آخر، مما يعني هنا أننا عدنا إلى التساؤل الجوهري الذي طرحه في تسعينات القرن الماضي، حكيم أميركا ومستشارها القومي النابه، زبغنيو بريجنسكي، عن موقف أميركا من العالم، وهل تسعى إلى القيادة أم تبغي السيطرة. نجحت الولايات المتحدة الأميركية، خلال حقبة الحرب الباردة في نسج شبكة من التحالفات، ضمنت لها الحفاظ على القيادة الأميركية، من خلال نموذج الاعتماد المتبادل بين القوة والمبدأ، بوصفها خريطة طريق للوضع الجيوسياسي العالمي آنذاك. لكنَّ غرور القوة المفرطة، وسقوط الاتحاد السوفياتي، ربما فتحا الدرب واسعاً أمام دعاة الأحادية والانعزالية، ورفع الصوت عالياً «أميركا ليست شرطي العالم أو دَرَكَه». اليوم تبدو «MAGA» صنواً مباشراً، وإن بطريقة عصرانية، يقودها تيار «الرجعيون الأميركيون الجدد»، أولئك الذين يحلمون بنسف الدولة البيروقراطية الفيدرالية الأميركية في الداخل أول الأمر، وتالياً إعادة رسم معالم وملامح عالم جديد، السطوة والهيمنة والسيادة فيه لواشنطن، عالم من الجدران لا الجسور. قبل ثلاثة عقود استشرف بريجنسكي هذه المآلات، وعليه فقد بدا حائراً أمام مستقبل أميركا، وبخاصة حين تتعلق الخيارات الحقيقية بالكيفية التي يجب على أميركا أن تمارس هيمنتها وفقها، وكيف يمكن تقاسم هذه الهيمنة؟ ومع مَن؟ وإلى أي أهداف نهائية ينبغي تكريسها؟ وما الغرض المحوري للقوة العالمية غير المسبوقة لأميركا؟ أهمية الجواب تنبع من أنه سيحدد ما إذا كان الإجماع الدولي يقوِّي القيادة الأميركية، ويُضفي عليها صفة الشرعية، أو ما إذا كان التفوق الأميركي يعتمد بدرجة كبيرة على السيطرة الحازمة المرتكزة على القوة، عسكرية كانت أم سياسية. لا تبدو واشنطن اليوم تحظى بالإجماع الدولي الذي توافر لها ضمن المعسكر الغربي في مواجهة حلف وارسو لأكثر من أربعة عقود متتالية، وبخسارتها هذا الإجماع، تخاطر بأن تفقد قدرتها على الإمساك بزمام الشؤون العالمية، وتهديد شرعية وضعيتها بوصفها القوة الوحيدة في العالم. السيطرة هنا، ووفقاً لتيار الأوليغارشيين الجدد، سوف تستنزف مزيداً من القوة الأميركية، وتُفقدها مثالَها بوصفها مدينة فوق جبل، وتدفعها إلى التحول من وضع قوة عظمى فائقة التأثير والحضور، إلى قوة عظمى ناقصة، لن تنفكّ تتراجع وتفقد المكاسب الأممية التي أدركتها، عبر ثلاثة عقود ونصف، كانت تعد فيها الفاعل الأول في النظام العالمي الجديد. هل تحاول الإدارة الأميركية الحالية خلق سلطة أميركية تتجاوز الحدود القومية في عالم ينقصه حتى الحد الأدنى من الإجماع المطلوب لإيجاد مؤسسات أممية مشتركة ذات حضور ناجز لا عاجز؟ يبدو نموذج القيادة من خلال الشراكة طرحاً بعيداً عن مخيلة رجالات البيت الأبيض اليوم، مع أن الإدماج والكرم والأناة هي أهم العناصر الضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي، الذي لا ينفصل عن الأمن العالمي، ولا يمكن تحصينه إلا إذا وفَّرت واشنطن القيادة البنَّاءة من خلال نظام عالمي تعاوني لا تصادمي.

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟
أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

الشرق الأوسط

time١١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

تستدعي قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة طرح كثير من علامات الاستفهام وفي مقدمها: هل ترغب إدارته في قيادة العالم أم السيطرة عليه، من خلال منطلقات يمكن أن نسميها «أنانية قومية مفرطة»؟ تبدو واشنطن اليوم كأنها تنظر إلى العالم نظرة فوقية، تحمل كثيراً من ملامح الثأر، وهو ما تجلى في تصريح سيد البيت الأبيض: «إن أميركا تُنهب منذ أربعين سنة، وقد حان أوان تغيير الأوضاع». على أن الأدوات التي يبدو أن ترمب يسعى من خلالها لا تتسق مع الأفكار الرئيسية التي جعلها الرئيس الثامن والعشرون، وودرو ويلسون (1913 - 1921) مرتكزات للسياسات الأميركية الخارجية، والتي يمكن إجمالها في ثلاث نقاط: أولاً- الانسجام هو النظام الطبيعي للشؤون الدولية، وليس التحفيز السلبي، وإثارة القوميات أو صحوة الشعوبيات. ثانياً- إحداث التغيير بالقوة غير مقبول، وكل التحولات يتعين أن تحصل وفقاً لإجراءات تستند إلى القانون. ثالثاً- كل أمة بُنيت على مثل هذه المبادئ لن تختار الحرب أبداً، كما يرى ويلسون، والدول التي تفشل في الوفاء بهذه المعايير سوف تُقحم العالم في نزاع عاجلاً أم آجلاً. في هذا السياق، لا ينسحب مفهوم الحروب على الصراعات العسكرية فحسب، بل تعد الحروب التجارية ضرباً من ضروب المواجهات والنزاعات المؤكَّدة في أزمنة العولمة والقرية الكونية الواحدة. هنا ينبغي التساؤل: هل مساعي إدارة ترمب الأخيرة تصب في صالح ركائز ويلسون؟ وهل تتسق مع رؤى التعددية بوصفها شرطاً من شروط بناء مجتمع عالمي ذي مصالح مشتركة؟ باختصار، ومن دون الوقوع في فخاخ المحاصصات الآيديولوجية التي كشفت عنها ردَّات فعل التعريفات الجمركية الأخيرة، بدا العالم من جديد متشظياً بين فسطاطين؛ أميركا في ناحية، والبقية الباقية في جانب آخر، مما يعني هنا أننا عدنا إلى التساؤل الجوهري الذي طرحه في تسعينات القرن الماضي، حكيم أميركا ومستشارها القومي النابه، زبغنيو بريجنسكي، عن موقف أميركا من العالم، وهل تسعى إلى القيادة أم تبغي السيطرة. نجحت الولايات المتحدة الأميركية، خلال حقبة الحرب الباردة في نسج شبكة من التحالفات، ضمنت لها الحفاظ على القيادة الأميركية، من خلال نموذج الاعتماد المتبادل بين القوة والمبدأ، بوصفها خريطة طريق للوضع الجيوسياسي العالمي آنذاك. لكنَّ غرور القوة المفرطة، وسقوط الاتحاد السوفياتي، ربما فتحا الدرب واسعاً أمام دعاة الأحادية والانعزالية، ورفع الصوت عالياً «أميركا ليست شرطي العالم أو دَرَكَه». اليوم تبدو «MAGA» صنواً مباشراً، وإن بطريقة عصرانية، يقودها تيار «الرجعيون الأميركيون الجدد»، أولئك الذين يحلمون بنسف الدولة البيروقراطية الفيدرالية الأميركية في الداخل أول الأمر، وتالياً إعادة رسم معالم وملامح عالم جديد، السطوة والهيمنة والسيادة فيه لواشنطن، عالم من الجدران لا الجسور. قبل ثلاثة عقود استشرف بريجنسكي هذه المآلات، وعليه فقد بدا حائراً أمام مستقبل أميركا، وبخاصة حين تتعلق الخيارات الحقيقية بالكيفية التي يجب على أميركا أن تمارس هيمنتها وفقها، وكيف يمكن تقاسم هذه الهيمنة؟ ومع مَن؟ وإلى أي أهداف نهائية ينبغي تكريسها؟ وما الغرض المحوري للقوة العالمية غير المسبوقة لأميركا؟ أهمية الجواب تنبع من أنه سيحدد ما إذا كان الإجماع الدولي يقوِّي القيادة الأميركية، ويُضفي عليها صفة الشرعية، أو ما إذا كان التفوق الأميركي يعتمد بدرجة كبيرة على السيطرة الحازمة المرتكزة على القوة، عسكرية كانت أم سياسية. لا تبدو واشنطن اليوم تحظى بالإجماع الدولي الذي توافر لها ضمن المعسكر الغربي في مواجهة حلف وارسو لأكثر من أربعة عقود متتالية، وبخسارتها هذا الإجماع، تخاطر بأن تفقد قدرتها على الإمساك بزمام الشؤون العالمية، وتهديد شرعية وضعيتها بوصفها القوة الوحيدة في العالم. السيطرة هنا، ووفقاً لتيار الأوليغارشيين الجدد، سوف تستنزف مزيداً من القوة الأميركية، وتُفقدها مثالَها بوصفها مدينة فوق جبل، وتدفعها إلى التحول من وضع قوة عظمى فائقة التأثير والحضور، إلى قوة عظمى ناقصة، لن تنفكّ تتراجع وتفقد المكاسب الأممية التي أدركتها، عبر ثلاثة عقود ونصف، كانت تعد فيها الفاعل الأول في النظام العالمي الجديد. هل تحاول الإدارة الأميركية الحالية خلق سلطة أميركية تتجاوز الحدود القومية في عالم ينقصه حتى الحد الأدنى من الإجماع المطلوب لإيجاد مؤسسات أممية مشتركة ذات حضور ناجز لا عاجز؟ يبدو نموذج القيادة من خلال الشراكة طرحاً بعيداً عن مخيلة رجالات البيت الأبيض اليوم، مع أن الإدماج والكرم والأناة هي أهم العناصر الضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي، الذي لا ينفصل عن الأمن العالمي، ولا يمكن تحصينه إلا إذا وفَّرت واشنطن القيادة البنَّاءة من خلال نظام عالمي تعاوني لا تصادمي.

الحروب ترخي سوادها على عيد الأمّ في عدة بلدان... حزن وقهر طويل
الحروب ترخي سوادها على عيد الأمّ في عدة بلدان... حزن وقهر طويل

يورو نيوز

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • يورو نيوز

الحروب ترخي سوادها على عيد الأمّ في عدة بلدان... حزن وقهر طويل

اعلان في الحادي والعشرين من آذار يحتفي معظم دول العالم بالأمهات . وفيما يتزامن هذا الاحتفاء مع بداية فصل الربيع، إلّا أنّ هذا الموعد السنوي ليس الوحيد للاحتفال بالأمهات وإبداء التقدير لدورهن. أسباب عديدة وعيد واحد ليست قصة واحدة تلك التي أوجدت العيد، رغم أن الاحتفالات متشابهة لجهة تقديم الهدايا والتعبير عن الامتنان للأمهات. وبين أسباب دينيّة كنسيّة وأسبابٍ تضامنيّة، وبين سنواتٍ متباعدة، نشأ ما يعرفه العالم اليوم بعيد الأم. منذ منتصف القرن العشرين، وتحديدا عام 1956 تكرّس هذا اليوم من آذار عيدًا للأمهات في مصر، ومنها انطلقت هذه الفكرة إلى الدول العربية. لكنّ قصة هذه المناسبة ترجع إلى مطلع القرن العشرين، وتفيد المصادر التاريخية بأن عام 1908 كان أول عام يحتفل فيه بعيد الأم، وكان ذلك في الولايات المتحدة، قبل أن يقرّ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون الأحد الثاني من شهر أيار / مايو عيدًا للأم وعطلة رسمية أمريكية. بلدان عديدة تسير اليوم وفق "العيد الأمريكي" للأم، ومن أبرزها أستراليا، وكندا، والصين، وإيطاليا، وبنغلادش، واليابان، وسويسرا، وتركيا، والفيليبين، وفنزويلا، وزامبيا، وألمانيا، وماليزيا، وغيرها من الدول. Related الولادة بالبيت وسيلة الامهات اللاتي يخشين عدوى فيروس كورونا بالمستشفيات "اكتئاب ما بعد الولادة"... خطر يحدق بالأمهات الجدد جراء إجراءات العزل المعتمدة بسبب فيروس كورونا خطة أوروبية لتدريب "الأمهات العازبات" وأبنائهن على الاندماج في المجتمع وتحقيق "استقلاليتهن المالية" تتقاطع بريطانيا مع هذه الدول في تخصيص أحد أيام الآحاد عيدًا للأم، لكن بتاريخ مختلف منذ القرن السادس عشر، وهو الأحد الأخير من شهر آذار / مارس من كل عام. أما النرويج فتنفرد في هذا العيد خلال الأحد الثاني من شباط / فبراير، فيما يكون هذا العيد "صيفيًا" في فرنسا والسويد، حيث يحتفي الفرنسيون بأمّهاتهم في الأحد الأول من حزيران / يونيو، بينما يحتفل السويديون بأمهاتهم في الأحد الأخير من الشهر نفسه. العيد المرّ في بلدان الحروب بينما تسود الاحتفالات في 21 آذار / مارس، يمرُّ هذا اليوم ثقيلًا ومحزنًا على قلوب أمّهات كثيراتٍ في عدد من البلدان المنهكة بالحروب والفقر والمجاعات. وفي بعض المناطق، كقطاع غزّة مثلًأ، تعاني الأمّهات من هذه الأمور مجتمعةً على نحوٍ كبيرٍ منذ بداية الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ تشرين الأول / أكتوبر 2023. تتحدّث منظمة الأمم المتحدّة للأمومة والطفولة –اليونيسيف– عن "فشل العالم في تغذية أكثر مليار فتاة مراهقة وامرأة"، وذلك في نظرتها إلى الواقع العالمي اليوم في عيد الأم. وتدعو اليونيسيف إلى كسر هذه الحلقة، من خلال "جعل الأطعمة المغذية ميسورة الكلفة، ومتاحة لكل فتاة مراهقة وامرأة، ودعم النساء قبل الحمل وأثناءه وبعده". هذا ما لا يصل إلى نساء غزة وخصوصا الأمّهات منهن. وفق تقرير أصدرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تُقتل اثنتين من الأمّهات في غزة كلّ ساعة، حيث امتد ذلك لأشهر عدّة منذ السابع من أكتوبر. وخلصت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في أحد تقاريرها، إلى أن نحو 70% من قتلى الحرب على غزة البالغ عددهم 46,960 حتى 19 يناير الماضي، هم من النساء والأطفال . وبحسب إحصاءات المكتب الإعلاميّ الحكومي في القطاع، تجاوز عدد القتلى من النساء بنيران الجيش الإسرائيلي 12 ألفا و316. المسؤولة الأممية ماريس غيمون لفتت في 18 من تموز / يوليو الماضي، إن أكثر من 6 آلاف أسرة فلسطينية فقدت الأم حتى تاريخ إدلائها بهذا التصريح في نيويورك. أم فلسطينية يبدو عليها الحزن والوهن جراء المعاناة من الحرب. AP Photo النسبة المرتفعة من القتلى تتكرّر بين الجرحى. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن " 70% من المفقودين في قطاع غزة والذين يبلغ عددهم حتى 18 يناير الماضي 14 ألفا و222 نتيجة الإبادة، هم من الأطفال والنساء". هذا المشهد يمتدُّ إلى لبنان، وإن بصورة مصغّرة. أرخت الحرب المدّمرة الأخيرة بظلالها، على فئة واسعة من الأمّهات لتحيل عيدهنّ إلى يومٍ حزينٍ جدًا. وفق أرقام وزارة الصحة اللبنانية، بلغ عدد الأطفال الذي قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي 316، فيما بلغ عدد القتيلات 790. كذلك، يمرُّ العيد هذا العام قاسيًا على آلاف الأمّهات اللواتي قتل أبناؤهن خلال مشاركتهم في المعارك في الحرب الأخيرة بجنوب لبنان. Related توصيات جديدة تشجع الأمهات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز على الرضاعة الطبيعية فيديو: لماذا بكى كيم؟ زعيم كوريا الشمالية يذرف الدموع في مؤتمر للأمهات مفرمة لحم لأمهات الجنود القتلى في أوكرانيا.. روسيا تثير الجدل في يوم المرأة العالمي شاهد: " حكومتنا غير مهتمة".. احتجاجات غاضبة لأمهات جنود إسرائيليين لوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل وليس بعيدا عن لبنان، ورغم سقوط النظام السوري السابق برئاسة بشار الأسد، تتواصل معاناة آلاف الأمّهات السوريات، وبرز في الأسابيع الأخيرة ما تعرضت له مناطق الساحل السوري من عمليات قتل طائفي، وكشفت الفيديوهات التي نشرها مقاتلون مرتبطون بالإدارة السورية الجديدة، عن مشاهد قاسية بحق أمهّات، أبرزها مشهد الأم التي كانت واقفة أمام جثامين ولديها وزوجها، بينما دعاها مسلحون إلى أخذ جثت ولديها. المشهد في السودان هذا العام لم يتغير عن الأعوام السابقة. وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم أعلن أخيرا "ارتفاع معدلات نسبة وفيات الأمهات والأطفال بالسودان نتيجة الصراع المسلح بالبلاد". وعرض الوزير أرقاما جديدة تشير إلى أن وفيات الأمهات بلغت 295 في كلّ 100 ألف حالة ولادة، فيما بلغت وفيات الأطفال 51 طفلا لكل ألف مولود. وبالإضافة إلى خطر الاغتصاب الذي تتعرض له السودانيّات بفعل الحرب وسيطرة الميليشيات، نشرت اليونيسيف تقريرا نبهّت فيه من وجود احتمالات لتعرض أطفال لا تتجاوز أعمارهم سنة واحدة للاغتصاب. ترى السودانيات أطفالهنّ يتعرضّن للجوع، وفي هذا السياق، توقعت اليونيسيف أن يعاني 3.2 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، بمن فيهم 770 ألفا يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أشد أشكال الجوع فتكاً، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للوفاة من المرض بمقدار 11 مرة. وبمعاناة مشابهة تستقبل الأمهات اليمنيّات عيدهن، حيث أشارت الأمم المتحدة إلى أن معدل وفيات الأمهات في اليمن هو الأعلى في الشرق الأوسط، وأشارت إلى أن 9.6 مليون امرأة وفتاة بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية لإنقاذ حياتهن، وأوضحت أن هؤلاء النساء يواجهن الجوع والعنف وانهيار نظام الرعاية الصحية، مما يزيد من معاناتهن. كذلك يعاني نحو مليون ونصف مليون امرأة يمنية حامل أو أم جديدة من سوء التغذية، ما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store