أحدث الأخبار مع #يونيسكو


Independent عربية
منذ 4 أيام
- علوم
- Independent عربية
9 طرق يمارس فيها الذكاء الاصطناعي التمييز ضد النساء
عندما نفكر في تأثير الذكاء الاصطناعي على البشرية، يسارع الناس إلى طرح أسئلة وجودية تتعلق بفناء البشرية واستيلاء الروبوتات على العالم، لكن بدلاً من التركيز على تلك التحذيرات التشاؤمية عما قد يحدث مستقبلاً، هناك صورة خطرة من التمييز تحدث بالفعل الآن، في ظل غياب شبه كامل لأي ضوابط أو تنظيمات فعالة. هذا التمييز يؤثر في النساء وفئات مهمشة أخرى بطرق واقعية للغاية، تمتد من احتمالات قبول المصرف منحهم قرضاً إلى ترشيحهم للوظائف أو حتى حصولهم على تشخيص طبي دقيق لمشكلة صحية خطرة. وما لم نطالب بالمحاسبة الآن، فالخطر قائم بأن يجرنا الذكاء الاصطناعي إلى الخلف بسبب تكريس انعدام المساواة الموجود اليوم في أسس بناء عالمنا المستقبلي، والمؤشرات موجودة بالفعل على أن هذا ما يحدث في الواقع. التوظيف أفادت تقارير حديثة بأن 40 في المئة من شركات المملكة المتحدة تستخدم الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف، قد يبدو ذلك صورة غير مؤذية من ترشيد عملية تستهلك كثيراً من الوقت، ولا سيما أن أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على تقليص لائحة طويلة من المتقدمين للوظيفة عن طريق انتقاء "أكثرهم ملاءمة" لشركتكم، لكن هذا الانطباع يتغير طبعاً عندما تتوقفون عند طريقة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي هذه، فهي تلقن كميات هائلة من المعلومات كي تصبح قادرة على "تخمين" أي المتقدمين للوظيفة هم أكثر أشخاص يتوقع نجاحهم فيها، وهو ما يجعلها تفترض أحياناً (بسبب انعدام المساواة وقلة تمثيل بعض الفئات الموجودة في سوق العمل حالياً) أن الرجال البيض مثلاً هم أقوى المرشحين لتولي المناصب العليا. قد يقول المستفيدون من هذه التكنولوجيا إن هذه المشكة حلها بسيط، فما علينا سوى إخفاء الجنس الاجتماعي للمتقدمين بطلبات التوظيف عن أدوات الذكاء الاصطناعي، لكن حتى في هذه الحال، تبين أن التمييز يظل قائماً بصورة غير مباشرة، عبر تعرف النظام على كلمات ذات طابع جندري في السير الذاتية (ومنها مثلاً كرة "الشبكة" التي تهيمن عليها النساء أو اسم مدرسة للفتيات فقط)، مما يبقي النساء في موقع غير متكافئ، كما أن دراسة حديثة أخرى كشفت عن أن أدوات التوظيف بالذكاء الاصطناعي قد تميز أيضاً ضد المتقدمين بناء على أنماط حديثهم. وحتى قبل تقدم النساء إلى الوظيفة، بدأ الذكاء الاصطناعي بالتدخل في فرصهن بالحصول على عمل، إذ تبين أن خوارزميات الدعاية في "غوغل" قد تعرض على الرجال الباحثين عن عمل إعلانات وظائف لمناصب تنفيذية عليا تخصص لها أجور مرتفعة بمعدل ست مرات أكثر من النساء الباحثات عن عمل. توليد المحتوى أكثر من 100 مليون شخص يستخدمون "تشات جي بي تي" شهرياً، لكن البرنامج، كأمثاله من النماذج اللغوية الكبيرة ((LLMs، يعمل عن طريق استهلاك مجموعات ضخمة من البيانات لتوليد نصوص "تبدو بشرية" أو صور واقعية تبعاً للأوامر التي كتبها المستخدمون. وعندما تكون هذه البيانات مثقلة بالأحكام المسبقة، لا يجتر الذكاء الاصطناعي الذي يولد النصوص انعدام المساواة بل يعظمها أيضاً. ففي دراسة لـ"يونيسكو" حول المحتوى المولد عبر منصات الذكاء الاصطناعي التي تحظى بشعبية كبيرة وجدت أن هناك "إثباتاً لا لبس فيه عن التمييز ضد النساء في المحتوى الذي جرى إنشاؤه"، فالنماذج قرنت الوظائف المرموقة في "الهندسة" أو "الطب" مثلاً بالرجال، فيما خصصت للنساء وظائف "الخدمة المنزلية" أو حتى "البغاء". ومن المرجح أن يكبر أثر هذا التضخيم للسرديات التمييزية من النماذج اللغوية الكبيرة مع استخدامها أكثر فأكثر، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 30 في المئة من المحتوى التسويقي الخارجي لمنظمات كبرى سيولده الذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العام الحالي (بينما كان أقل من اثنين في المئة في 2022). طلبات القروض يسجل العالم حالياً فجوة ائتمانية بقيمة 17 مليار دولار، لها أثر ضخم في انعدام المساواة بين الجنسين، عندما لا تتمتع المرأة باستقلالية مادية، يتضاعف خطر تعرضها إلى مجموعة من المشكلات، بدءاً من العنف المنزلي ووصولاً إلى الزواج بالإكراه. ومع أن مطوري الخوارزميات وخبراء البيانات الذين يصممون أنظمة التقييم الائتماني هم في الغالب من الرجال، يعيشون في الولايات المتحدة، ومن ذوي الدخل المرتفع، فإنهم لا يمثلون الفئة المستهدفة من المستخدمين الذين تطبق عليهم هذه الأنظمة، ومع ذلك فهم من يحددون نتائجها النهائية. ونظراً إلى أن النساء عانين تاريخياً التمييز في قرارات الإقراض، فإن المخاوف تتزايد من أن الشركات التي تستخدم أنظمة ذكاء اصطناعي في التقييم الائتماني تكرس هذا التمييز الممنهج، مما يهدد بإقصائهن أكثر فأكثر عن الحصول على القروض والخدمات المالية الأخرى. العدالة الجنائية تستخدم سلطات قضائية عدة في الولايات المتحدة أداة تسمي "كومباس" Compas لمساعدتها في اتخاذ قرارات في شأن الإفراج عن الموقوفين قبل محاكمتهم أو الحكم عليهم، فيما تلجأ هذه الأداة إلى الذكاء الاصطناعي كي "تخمن" احتمالات إعادة اعتقال الشخص، لكن هذا النظام يستند إلى بيانات تتعلق بسجلات التوقيف السابقة، في بلد تعاني فيه المؤسسات عنصرية ممنهجة تجعل الشخص الأسود أكثر عرضة بخمس مرات من نظيره الأبيض للتوقيف من الشرطة من دون مبرر، لذا حتى عندما لا تأخذ الخوارزمية العرق في الاعتبار صراحة، فإنها تسهم في استمرار دورة الاعتقال العنصري. وتبين كذلك أن برنامج كومباس يبالغ في تقدير احتمالات تكرار النساء ارتكاب الجرائم، وهو ما يؤدي إلى إنزال عقوبات مجحفة في حق الجانيات اللاتي غالباً ما يكن ضحايا لاعتداءات جسدية أو جنسية. وفي المملكة المتحدة كشفت إحدى الدراسات أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعريف مناطق معينة على أنها بؤر للجريمة يدفع عناصر الشرطة إلى توقع حصول مشكلات عندما تجوب دورياتهم المكان، مما يزيد من احتمال توقيف الأشخاص أو اعتقالهم بدافع التحيز بدلاً من الضرورة الأمنية الفعلية. تقنية التعرف على الوجه يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متنامياً في تقنيات التعرف على الوجه، التي تستخدم في مجالات واسعة، من تطبيقات الشرطة إلى أنظمة دخول المباني، لكن الشركات التي تروج لهذه التقنية بوصفها تقدم "راحة غير مسبوقة" مطالبة بطرح السؤال: راحة لمن بالضبط؟ فعلى رغم الانتشار السريع لهذه التقنيات، إلا أن فعاليتها تتفاوت بصورة كبيرة بين المستخدمين، إذ أظهرت أبحاث أن منتجات التعرف على الوجه لدى شركات كبرى تسجل معدل خطأ يصل إلى 35 في المئة عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، في مقابل 0.8 في المئة فقط عند التعامل مع الرجال ذوي البشرة الفاتحة. الرعاية الصحية كشفت دراسة لكلية لندن الجامعية (UCL) عن أن نماذج الذكاء الاصطناعي التي أنشأت للتنبؤ بأمراض الكبد استناداً إلى تحليل الدم أكثر عرضة للخطأ في كشف المرض بمرتين لدى النساء في مقابل الرجال، وحذر كبير مؤلفي هذه الدراسة أن استخدام هذه الخوارزميات بصورة شائعة في المستشفيات للمساعدة في التشخيص قد يؤدي إلى تردي الرعاية التي تتلقاها النساء. وفي المقابل، في الولايات المتحدة، تبين أن إحدى الخوارزميات التي يشيع استخدامها في قطاع الرعاية الصحية للمساعدة في تحديد هويات المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية إضافية تعاني تمييزاً عرقياً كبيراً، إذ تفضل المرضى ذوي البشرة البيضاء على المرضى السود، وإن كان هؤلاء أشد مرضاً ويعانون مشكلات صحية مزمنة أكثر، وفقاً لدراسة نشرتها المجلة العلمية "ساينس". وبحسب تقديرات مؤلفي الدراسة، وصل الحال بالتمييز العرقي إلى درجة تقليص عدد المرضى السود الذين يحددون على أنهم بحاجة إلى رعاية إضافية بأكثر من النصف. العنف المنزلي تمكن مرتكبو العنف المنزلي من مضايقة ضحاياهم وإخافتهن باستخدام الذكاء الاصطناعي لاختراق أجهزة التكنولوجيا التي يمكن ارتداؤها والأجهزة المنزلية الذكية، والتلاعب بها. فكل الأجهزة، من ساعات اليد وحتى التلفاز قد تسهل المراقبة والملاحقة عن بعد، وهذا خطر كبير عندما تأخذ في الاعتبار التقديرات التي تشير إلى أن ما يقارب 125 مليار جهاز سيصبح متصلاً، بحلول عام 2040، بـ"إنترنت الأشياء" وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المراقبة من المعتدين الساعين إلى ترسيخ سيطرتهم وسطوتهم. العلاقات فيما نحاول التوصل إلى طرق لمعالجة التحيز ضد المرأة على منصات التواصل الاجتماعي، وتبعات هذا السلوك الذي يجرد المرأة من إنسانيتها، يحمل مئات ملايين الأشخاص تطبيقات "رفيقة" قائمة على الذكاء الاصطناعي تعيد تحويل النساء إلى أشياء "لا ترفض طلباً" للاستهلاك الذكوري. وتطبيقات الصديقات الحميمات من الذكاء الاصطناعي أو روبوتات الدردشة التي يروج لها مطوروها غالباً على أنها أفضل من النساء الحقيقيات (تؤمن لك علاقة ممتعة من دون تلك الإرادة الحرة المزعجة)، تقدم للرجال "امرأة" شبيهة بالمرأة الحقيقية بخنوع ويمكن تكييفها بحسب الرغبة، تجعلهم يزهون بأنفسهم وهي رهن إشارتهم متى أرادوا، ويمكنهم استخدامها (وإساءة معاملتها) بحسب رغبتهم. وفي الواقع، عدد كبير من الرجال يسيؤون التعامل مع هذه البرامج ويشاركون نبذات مصورة عن هذه الأفعال مع بعضهم بعضاً، لكي يكتشفوا من بينهم قادر على ارتكاب أكبر الإساءات في حق هذه البرامج. خلال العام الماضي فقط، سجل متجر "غوغل" لهواتف الآندرويد 100 مليون تحميل لـ11 برنامجاً للدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي تتصدر قائمة البرامج المثيلة، وهذا ليس مكسباً للرجال الوحيدين ولا للنساء اللاتي سيتلاقين بهم في وقت لاحق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إن كنا سنتصدى لانعدام المساواة المستشري في الذكاء الاصطناعي، علينا الاستعانة بمجوعات متنوعة من الأشخاص. فالتكنولوجيا نفسها ليست معادية للمرأة بحد ذاتها، لكن غالباً ما تسفر عن هذه النتائج غير المقصودة، وليس فقط بسبب البيانات المتحيزة والمليئة بالعيوب، بل أيضاً بسبب نقص التنوع في المجموعات التي تؤسس هذه البرامج وتستفيد منها. في الوقت الحالي، يعد تمثيل النساء ضعيفاً إلى أبعد الدرجات في كل جانب من جوانب أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطويره واستخدامه. وعلى الصعيد العالمي، لا تشكل النساء سوى 12 في المئة فقط من الباحثين في الذكاء الاصطناعي، ومع أنهن يقدن بعضاً من أكثر الجهود إثارة من أجل إنشاء ذكاء اصطناعي آمن وأخلاقي، إلا أن المجموعات التي تترأسها نساء لا تزال تحصل على تمويل من رأس المال الاستثماري أقل بست مرات من نظرائهن الذكور. يحمل الذكاء الاصطناعي وعداً بمستقبل جديد ولامع سيكون له تأثير إيجابي في العالم الحقيقي، ولكن ما لم نعط الأولوية للإنصاف والسلامة في مرحلة التصميم، بحيث يفضح الفكر المعيب القائم على التمييز والتحيز ويصحح، فإنه يمثل خطر إدامة التحيز المؤذي وإعادة كثيرين منا للعصور المظلمة، فلنأمل أن أحدهم يعير انتباهاً للتفاصيل الدقيقة. من كتاب لورا بيتس "عصر جديد من التمييز على أساس الجنس" الصادر في الـ15 من مايو (أيار).


Independent عربية
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
ما الذي يحمله ترمب لأزمة اليمن خلال زيارته إلى الخليج العربي؟
عقب عودته للبيت الأبيض إثر انتخابه لولاية رئاسية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، باشر الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بانتهاج سياسات صارمة ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، دشنها بتصنيف الحوثيين على لوائح الإرهاب العالمي كعنوان للنهج العملي المغاير الذي اختطته إدارته الجديدة ضد الجماعة الموالية لإيران، بعد أن تسببت في المشكلة اليمنية وأزمات المنطقة منذ أكثر من 10 أعوام. وما بين عودة ترمب للرئاسة وموعد الزيارة التي سيبدأها من الرياض، الراعية الأولى للحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، جرت كثير من المياه في نهر المنطقة العربية التي تقع القضية اليمنية في قلب تفاعلاتها، مما استدعى عودة التدخل العسكري الأميركي ضد الحوثيين منتصف مارس (آذار) الماضي على نحو أكثر جدية وحدية من سلفه جو بايدن، قبل أن يعلن في السابع من مايو (أيار) الجاري استسلام الميليشيات الحوثية عبر وساطة قادتها سلطنة عُمان، وأنقذت، وفقاً لقطاع واسع من اليمنيين، الجماعة المتمردة من تكبد مزيد من الخسائر البشرية والعسكرية، قبل شن القوات الشرعية اليمنية، بحسب ما كان متوقعاً، هجوماً برياً شاملاً ينهي سيطرتها، ثم أُتبع ذلك الإعلان عن قصف إسرائيلي طاول مينائي الحديدة وراس عيسى ومطار صنعاء وعدداً من المصانع الاقتصادية التاريخية، مما سبب دماراً وجرحاً وجدانياً لدى اليمنيين، جراء تدمير مقدرات بنوها على مدى الـ 60 عاماً الماضية. في قلب الأحداث وبالنظر إلى ملفات محورية سيناقشها ترمب خلال زيارته التي قال إنها ستكون تاريخية إلى السعودية والإمارات وقطر، وعلى رأسها أمن الخليج والملف الإيراني والطاقة وحزمة المشاريع الإستراتيجية والاقتصادية والدفاعية والتقنية مع الحليف الأميركي، سيبدأ ترمب جولته من السعودية، اللاعب الأبرز اليوم في الشرق الأوسط، مما يؤكد حضور الملف اليمني ضمن أجندات البحث، نظراً إلى ارتباط هذا البلد المنهك بالحرب بجملة من التطورات اللاهبة والمتصاعدة التي تشهدها المنطقة العربية، وقد يشهد بلورة رؤية للحلول الناجزة إثر عمليات التقارب والتفاهم السياسي التي شهدها الإقليم أخيراً. وقال السفير اليمني لدى "يونيسكو" محمد جميح إنه "بإدراج الحوثيين القضية اليمنية ضمن الملف الإيراني فلا بد من أن تكون لزيارة ترمب علاقة به، ولكن عبر العلاقة بالملف النووي الإيراني"، وصرح جميح لـ "اندبندنت عربية" بأن "الموضوع الإيراني سيكون حاضراً على طاولة المحادثات إضافة إلى البرنامج النووي والصواريخ الباليستية وموضوع الميليشيات، لأنه يندرج ضمن العنوان الأبرز للزيارة وهو أمن منطقة الخليج الذي عبثت به الأذرع الإيرانية كثيراً، وفي مقدمها التمرد الحوثي الآخذ في التصاعد". رمزية السعودية وبما أن الرياض التي تدعم الحكومة اليمنية الشرعية، ستستضيف ترمب، فلا بد، وفقاً لجميح، "من أن يكون الملف اليمني حاضراً بحكم الجوار وتداعيات الحرب التي قادها التحالف العربي وأمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة، وعندما نتحدث عن كل هذه الملفات، سواء الملف الإيراني أو العلاقات الأميركية – السعودية، وبخاصة الأمنية منها وأمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة في المحيط الهندي وباب المندب، فكل تلك الملفات تقع في قلب وصلب اهتمامات اليمن، وإن كان العنوان اليمني غير بارز في الزيارة لكن كل تلك العناوين ستؤطر لزيارة ترمب للمنطقة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) مقايضة العالم بأمنه ولا يمكن فهم المقاربة الترمبية لكل هذه الملفات على نحو الدقة، ولكن ما يهم الولايات المتحدة، كما أكدت أخيراً على نحو متواتر، هو كبح جماح النفوذ الإيراني وخصوصاً في ما يتعلق بالاعتداءات الحوثية في الممرات المائية وإسرائيل فقط، أي بمعزل عن القضية اليمنية الداخلية بين الميليشيات والسلطة الشرعية المدعومة من المجتمع الدولي، ولذلك يتوقع مراقبون أنه بمجرد التوصل إلى اتفاق مع الميليشيات يقضي بالالتزام بالتهدئة في ممرات التجارة العالمية ووقف قصف إسرائيل، فسترفع الأسرة الدولية يدها عن القضية اليمنية وتغض طرفها عن الحوثي إلى حد الاعتراف به تالياً كسلطة أمر واقع، يكرس إكمال فصول انقلاب الجماعة المتمردة الذي بدأته عام 2014 لتُترك وشأنها مع اليمنيين، وهو بحسب المستشار السياسي في الرئاسة اليمنية ثابت الأحمدي "ما تبحث عنه الجماعة الحوثية منذ تدخلها التدميري في المياه الدولية، أي مقايضة العالم بأمنه ومصالحه". وقال الأحمدي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إنه "حين نقرأ السياسة الأميركية اليوم، وبخاصة في الشرق الأوسط، نقرؤها من محددين رئيسين، أولهما الإستراتيجية الأميركية تجاه المنطقة، وثانيهما طبيعة شخصية ترمب ومزاجه الخاص، وهذا منطلق جديد أضيف للمرة الأولى كونه ذا مزاج متقلب، وبرنامجه في رأسه لا في صفحات المصفوفات المرسومة والبرامج المكتوبة كعادة الرؤساء السابقين"، مضيفاً أن "ترمب يستجلب المال، وهذا جل اهتمامه وتقريباً كل أولوياته، والآخر يطلب مصالح في مقابل المال، وهذا منطق سليم في التعاطي وفي التكامل أيضاً، أما في ما يتعلق بالملف اليمني فلا نستطيع الجزم بأي تكهن نظراً إلى تقلب مزاج الرجل الذي لا يتحرج من قول نعم ولا في الوقت نفسه، ولكنها قضية مرتبطة بملفات ملتهبة ينظر إليها في إطار عام يحدده مدى استجابة بعض السياسات المطروحة في شأنها، ومنها ملف المفاوضات الأميركية الإيرانية". ضمن حلول عامة من جهته يستبعد رئيس "مركز المستقبل اليمني للدراسات الإستراتيجية" فارس البيل أن تحمل هذه الجولة أي مشروع لحل المشكلة اليمنية، وقال إن "ترمب ينظر إلى ما يقوم به الحوثي كورقة ضغط تستخدمها إيران لتحسين شروطها التفاوضية لا أقل ولا أكثر"، وعلى رغم تصاعد حدة الصراع بين إيران وإسرائيل أخيراً في ساحة اليمن وما سببه ذلك من سخط متبادل بين تل أبيب وواشنطن، عقب وقف الأخيرة عملياتها ضد الحوثيين، يرى البيل أن "طبيعة المشكلة اليمنية لا تحظى بأي اهتمام من الإدارة الأميركية، بقدر ما تنظر إلى الميليشيات الحوثية كورقة في التفاوض مع إيران"، متوقعاً "مناقشة ملف اليمن في إطار المنطقة بصورة عامة، وقد يؤيد ترمب طبيعة الحل السلمي ولكن هذا سيعتمد على ما ستنتجه المفاوضات المقبلة مع إيران والتي ستجري مناقشة أبعادها في زيارة الرياض، بمعنى أنه إن كان هناك اتفاق مع إيران فأتصور أن انعكاساته ستدفع الإدارة الأميركية إلى تأييد العودة لخريطة الطريق أو أي حلول سياسية، أما في حال عدم الاتفاق فقد تعود الولايات المتحدة لشن عمليات عسكرية جديدة ضد ميليشيات الحوثي".


Independent عربية
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
خرائب متحف السودان القومي... للجنون طرائقه
ظهر دعامي (مجند في قوات "الدعم السريع") بعد احتلال "الدعم" لمتحف السودان القومي في يونيو (حزيران) عام 2023 على فيديو يستعرض تماثيله الأثرية "الوثنية" من عهود ما قبل الميلاد، ويقول "هذه التماثيل لا تمثلني. أنا لا أنتمي إليها. ما يمثلني ليس هنا". اشتهر الفيديو كفكاهة لأن الدعامي أخذ يشير إلى المومياوات في سباتها الأزلي، قائلاً "هؤلاء ضحايا الفلول. يقتلون خصومهم ويخفونهم هنا". ومهما كان الرأي في عبارته، فالدعامي أثار هنا مسألة الهوية السودانية إزاء تنوع ثقافات السودان. وسنأخذ في الحديث عن مسألته لاحقاً. عرض أحدهم فيديو طاف فيه عرصات متحف السودان القومي بعد استرداد القوات المسلحة لمبناه في الأسابيع الماضية. وبإيجاز لم يبقَ من محتوياته البالغة 100 ألف قطعة سوى بعض تماثيل صخرية ليست مما خف حمله. وتحطمت "الغرفة الحصينة" كما يسمونها، ونهبت الآثار الذهبية المودعة فيها بالكامل. وسهل للنهابة شغلهم أن كانت معظم مقتنيات المتحف مخزنة في صناديق انتظاراً لعمليات إنشاءات وصيانة مجدولة للمبنى، فأخرجوا المومياوات العائدة لـ2500 قبل الميلاد من توابيت حفظها ورموا بها على قارعة الصالة، وقال الصوت في الفيديو "هشموا مقتنيات لم يروا نفعاً منها وحرقوا أخرى". ورصد فريق آثاري فرنسي عبر الأقمار الاصطناعية عملية إفراغ المتحف من مقتنياته، إذ حُملت من المتحف إلى ثلاث شاحنات سارت إلى جهات خارج البلاد ذكروا منها جنوب السودان بالاسم، وانزعج الناس لأنه سرعان ما بدأ تسويق بعض الآثار الثقافية منسوبة إلى السودان على مواقع مثل "أي بي" ولم يثبت بالفحص أنها كذلك. ومن رأي الخبراء أن نهابي الآثار وزبائنهم لن يدخلوا بها السوق عاجلاً. وانتدبت جماعة من الآثاريين الأوروبيين نفسها للتربص بما يعرض من آثار للسودان في السوق، كما رتبت منظمتان أخريان لحفظ الآثار السودانية إلكترونياً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومما يطمئن أن الآثار التاريخية محمية بــ"اتفاقية اليونيسكو (1970) لمنع الاتجار غير المشروع في المقتنيات والآثار"، فملحق "القائمة الحمراء" الصادر عن المجلس الدولي للمتاحف قضى بصون الممتلكات الثقافية المعرضة للخطر، علاوة على وضع المنهوب منها على قاعدة بيانات الإنتربول للأعمال الفنية، بل مما يريح الخاطر أن المجلس التنفيذي لـ"يونيسكو" وعد قبل يومين بتقديم دعم متكامل للسودان في مجالات الثقافة والإعلام. كما قرر التعاون مع الإنتربول من أجل استعادة الآثار السودانية المنهوبة. وللعالم سوابق موفقة في مثل تلك القضايا، إذ منع قرار مجلس الأمن 2099 (2000) الاتجار في آثار العراق وسوريا، وتجاوبت معه دول كثيرة أعادت ما وقع بيدها. وصف أحدهم خراب متحف السودان القومي بأنه "ضرب للذاكرة الجماعية السودانية"، وصدق إلا أن جماعية هذه الذاكرة موضوع خلافي وهو خلاف ضرج السياسة السودانية لعقود. فتخريب المتحف ونهبه بلا رحمة جنون مما قال فيه شكسبير إن له طرائقه مع ذلك. فعبارة الدعامي عن غياب هويته العربية المسلمة في عروض المتحف هي هذه الطرائق من وراء جنون هدم معبد المتحف. وقال آخر منهم من "اللايفاتية"، أي من يطلون بالقول على الناس، هو عيسى ود أبوك يسخر ممن استنكر عليهم في "الدعم السريع" تدمير المتحف، فقال إن "تلك آثار من قدماء النوبة على النيل ولا تمت لهم بصلة لأنهم عرب ولهم إرث عائد لـ'جنيد' الذي تنتهي إليه أنساب شعب البقارة بكردفان ودارفور وتشاد"، وهم من وصفوا بأنهم حواضن "الدعم السريع". وزاد أنهم سيصنعون لـ"جنيد" تمثالاً يطل من فوق دوار "القندول" بالسوق العربية في الخرطوم. أما تمثال "ترهاقا" النوبي، في قوله، فأخذوه نحو تشاد إلى الأبد. ويستغرب المرء لماذا لم يمتنع الهادم للمعبد النوبي عن هدم معبد أقيم لوجه هويته العربية الإسلامية بخاصة، وهو متحف بيت الخليفة عبدالله، خليفة مهدي السودان على دولته (1885-1898)، وهو من صميم شعب التعايشة البقارة، إذ أفرغته "الدعم السريع" أيضاً من كل مقتنياته، حتى "سبحة الأمير عثمان دقنة وسيف الأمير أبو قرجة (من أمراء المهدية)"، وفق الصوت في الفيديو الذي عرض لدمار المتحف. وقال الصوت إنه "متحف أقامه الإنجليز، لا غيرهم، عام 1928، وهم من قتلوا الخليفة وأهلكوا دولته في عاصمته أم درمان نفسها". من أين لـ"الدعم السريع" طرائق الجنون تلك التي هدموا بها معابد وبيعاً؟ من أوحى لهم بها؟ وندلف هنا إلى سيرة خطاب الهوية الذي انعقد لا لعقود طويلة فحسب، بل تحت ظلال السيوف أيضاً. ودار حول أن المركز في الخرطوم، وفي تجليه الأسمى في دولة الإنقاذ (1989-2019)، فرض منذ عام 1956 هويته الثقافية الإسلامية العربية على الأمة، مما عطل كل هوية أخرى غيرها. فأثيرت مسألة تمييز اللغة العربية في الدولة والتعليم والإعلام على ثراء السودان في اللغات التي ربت على المئة لغة. ويعاب على المركز أنه اختار من بين "العلاقات الأزلية" للسودان تلك التي له مع مصر من دون مع تشاد مثلاً. كما أنه بادر إلى عضوية الجامعة العربية مبادرة لم يرعَ فيها التكوين العرقي السوداني. وصارت القضية الفلسطينية التي التزمتها حكومة الخرطوم قضية عربية خالصة لا ناقة للسودانيين فيها ولا بعير. وفي مضمار التعليم يشتكي بعضهم من كتاب المطالعة الوحيد في المرحلة الابتدائية الذي يقوم بدور البطولة فيه "الجمل" الشمالي، أداء وصورة ومجازاً، في حين أن الجمل حيوان غريب جداً على بعض أقاليم السودان التي يستذكر تلاميذها هذا الكتاب، بل بلغ التظلم درجات قصوى في مثل استنكار أن تستأسد النخلة في شوارع الخرطوم العاصمة بينما شجر السودان كثير. ولا غرو أن احتقن الهامش بغبن كثير كان من وراء الحرب المتطاولة التي خيمت على سماء السودان منذ استقلاله. وأوحت هذه المظلومية من سوء إدارة التنوع الثقافي للباحث عشاري محمد محمود أن يعرف هذا التنوع على غير ما اعتدنا. فبدلاً من إحصاء مفرداته قال إن التنوع الثقافي هو غبن، أي وعي بالوفرة المهدرة، وهو نوع الوعي الخليق، متى أحسن المرء تزكيته، بأن ترشد به السياسة نحو مقاصدها. لكن لابس هذا الغبن استثمار نيء له من قبل الجماعات الليبرويسارية العربية المسلمة في المركز نفسه، مما شكت منه الباحثة عبير محمد خير في رسالتها للدكتوراه المعنونة "تسييس الإثنيات وأثره على الأمن القومي" (1989-2020). بالطبع لا مناص من السياسة في إدارة مظلومية الهامش، لكن ثمة فرقاً بين هذا التسييس وبين الاستثمار في غبن التنوع لأغراض معارضة موقوتة. فعزت عبير محمد محقة هذا التسييس إلى افتقاد النخب كثيراً من الأسس والأطر المؤسسية التي كان يجب أن توظف في حل إشكالات التنوع. ومن هذه الأطر النظرية التي قاربوا بها غبن التنوع أن دخلوا على هذا الغبن للجماعات المغلوبة بطريقين، فجاؤوا له أولاً بطريق معارضة النظم الديكتاتورية المطولة التي لم تصعب عليهم العمل في ميادينهم التقليدية في النقابات والاتحادات فحسب، بل أدخلت حكومة الإنقاذ منها في روعهم أنها الميادين التي تحسن الشغل فيها بأحسن منهم لأن من ورائها حركة "الإخوان المسلمين" الضليعة في العمل الجماهيري. ووقعت هذه القوى الليبرويسارية على مظلومية الهامش بعد أن تجردت من حقول نشاطها السياسي المركزية مكرهة وطائعة ومختارة معاً. ولم تتحالف مع الغبن كوعي بل كمظلمة. أما الباب الآخر الذي دخلت به هذه القوى على غبن الهامش، فبنظرية العرق النقدية التي تركز على هوية الجماعات الأقلية فيها والمتظلمة من نير الجماعة الغالبية أو المتسلطة، أي من باب الهوية. وعلى رغم نفع النظرية لهذه الجماعات المغلوبة مما جرى وصفه بـ"الآخر"، أي آخر الجماعات الغالبة، فإنها كرست لهذا الآخر على حساب التاريخ المشترك والرغبة في العيش معاً. ولأن الليبرويساريين تنكبوا طريق هذه الرؤية الجامعة فقد هرعوا في حركة سياسات الهوية وغبنها، وغاب عنهم الحس بما يواثق بين السودانيين كمواطنين وما يربطهم كأمة. وهي شكوى فيلسوف أميركي في نعيه الليبرالية الأميركية. فالنظرية العرقية النقدية وغيرها منعت الليبراليين، في قوله، من تنشئة رؤية طموحة لأميركا ومستقبلها تلهم سائر المواطنين. وعليه خسر الليبراليون رهان الأمة لأنهم "تراجعوا إلى كهوف كانوا حفروها لأنفسهم في ما كان جبلاً عظيماً"، أي في أمة كبيرة. والشيء بالشيء يذكر، فخطة الليبرويسارييين التي ركزت على سياسات الهوية هي عودة بسيطة لسياسات الإدارة الاستعمارية المعروفة بـ"المناطق المقفولة" حيال التنوع في السودان أرادوا أو لم يريدوا. فحال الإنجليز دون اختلاط جنوب السودان وجبال النوبة ومنطقة النيل الأزرق (والأخيرتان مما يعرف حالياً بـ"الجنوب الجديد") بالشمال الموصوف بالعربي المسلم. واتجه الاستعمار من أجل ذلك إلى بناء وحدات قبلية أو عرقية مغلقة في تلك المناطق، قائمة من حيث البنية والتنظيم على العوائد المحلية والعقائد والأعراف التقليدية المحلاة بالتبشير المسيحي. وكانت من وراء تلك "الكرنتينات" الخشية أن تصاب تلك المناطق في خلطتها بالثقافة العربية الإسلامية بنوع سفاحي من الاستعراب كما حدث تاريخياً لشمال السودان. وبعض شكوى هذه الهوامش من مظلوميتها التاريخية عائد لسياسة المناطق المقفولة. فقال الأكاديمي كمال عثمان صالح إنه قد ضاعت الفرص على أبناء جبال النوبة في الترقي بصفوف القوات المسلحة السودانية لأن الإنجليز، لما خشوا أن يستعرب النوبيون جراء خدمتهم في الجيش، فصلوهم عنه. وانتهى كمال عثمان صالح إلى لوم الإنجليز لحجب أبناء جبال النوبة عن التنافس على النطاق القومي "لأنهم أولوا حربهم ضد التعريب فائق عنايتهم، في حين لم يولوا رقي النوبة عشر معشار تلك العناية". متحف السودان هو الجبل العظيم الذي جاءته الدعامة بغبن الكهف الذي لم يرقَ إلى وعي بالجبل يأذن لهم بتعليق لوحتهم الثقافية ضمن أخريات. ولم يُعقد اتفاق بين المركز والهامش في السودان لم يغِب فيه الجبل عن حسابات الكهوف. فاتفاق "سلام جوبا" (2020) بين الحكومة الانتقالية وحركات دارفور المسلحة وحلفائها حال استثنائية في التشبث بالكهف من دون الوطن، حتى إنها طالبت بأن يكون لها ممثلون في إدارة الخرطوم لأنهم شركاء فيها ما دام أنها كانت عاصمتهم. وتلك وصاية جردت المدينة من إدارة نفسها بنهج الديمقراطية نفسه الذي أرادته الحركات لكهوفها. ولعل أبلغ تجليات الكهف من دون الجبل هي دولة كاودا في جبال النوبة التي استعصم فيها عبدالعزيز الحلو، زعيم الحركة الشعبية - شمال منذ عام 2011، فإما قبل الجبل بالعلمانية، وإما غادر لا يلوي على شيء. خراب متحف السودان القومي جنون إذا شئت. وللجنون طرائقه، كما قال شكسبير والتي حاولنا رفع الغطاء عنها هنا.


Independent عربية
١٨-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- Independent عربية
شمال الرياض وسلمى تنضمان إلى شبكة "يونيسكو" العالمية للـ "جيو بارك"
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) أمس الخميس انضمام موقعي "شمال الرياض جيوبارك" و"سلمى جيوبارك" إلى شبكة الـ "جيو بارك" العالمية، وذلك بعد ترشيحهما خلال الاجتماع التاسع للمجلس المعني الذي عقد يومي الثامن والتاسع من سبتمبر (أيلول) 2024 في فيتنام. ويمثل هذا الانضمام ثمرة جهود "المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر" الذي يعمل على تسجيل 13 موقعاً جيولوجياً ضمن الشبكة العالمية عبر تطويرها وحمايتها، دعماً للتنوع البيئي وتعزيزاً لمستهدفات التنمية السياحية في المملكة. ماهي شبكة الـ "جيو بارك"؟ تُعرف الـ "جيو بارك" بأنها مناطق تحوي تكوينات جيولوجية فريدة تمثل سجلاً طبيعياً لأحداث وتحولات مرت بها الأرض عبر العصور، وتعد هذه المناطق مرجعاً لفهم الماضي واستشراف الحاضر والمستقبل من خلال الربط بين الجيولوجيا والمجتمعات المحلية والثقافة والطبيعة. وتُعد مواقع الـ "جيو بارك" وجهات مثالية لمحبي المغامرة والجولات الاستكشافية ورحلات السير ورصد النجوم، إضافة إلى ما توافره من أنشطة تعليمية وبرامج تراثية، وتتميز شبكة الـ "جيو بارك" العالمية التابعة لـ "يونيسكو" بتركيزها على التراث الجيولوجي إضافة إلى عناصر رئيسة مثل التعليم وحماية المواقع الطبيعية والتراث الثقافي والتنمية المستدامة، وتشكل هذه المقومات نقاط التقاء مع مواقع التراث العالمي ومحميات المحيط الحيوي التي تُشرف عليها "يونيسكو" أيضاً. أهمية الانضمام إلى شبكة "جيو بارك" العالمية يمثل إعلان انضمام موقعين من السعودية إلى شبكة "جيو بارك" العالمية قيمة مضافة تحمل في طياتها كثيراً من الفوائد، أبرزها الاعتراف الدولي الذي يعزز الحضور العالمي لتلك المواقع ويبرز أهميتها الجيولوجية والثقافية، كما يسهم في تنشيط الحركة العلمية والتعليمية عبر جذب البعثات الأكاديمية من الباحثين والطلاب لإجراء دراسات متخصصة في هذه المواقع، مما يشكل دعماً مباشراً للترويج للتراث الثقافي وتعزيز جهود حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومع انضمام "سلمى جيو بارك" و"شمال الرياض جيو بارك" إلى الشبكة العالمية أصبحت السعودية ضمن قائمة محدودة لا تتجاوز 50 دولة على مستوى العالم تمتلك مواقع جيولوجية مدرجة ضمن هذه الشبكة، وبهذا الإنجاز تسجل السعودية نفسها كأول دولة في الشرق الأوسط تُدرج موقعين في القائمة، بينما كانت المملكة المغربية قد سبقتها بتسجيل موقع واحد. وفيما أعرب الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر خالد العبدالقادر عن فخره بهذا الإنجاز الذي يمثل اعترافاً دولياً بجهود الرياض في حماية تراثها الطبيعي والتاريخي، أكد مدير مبادرة "جيو بارك السعودية" المهندس حسام التركي أن إدراج الموقعين يعزز الفخر بالهوية الثقافية والطبيعية الوطنية، ويعكس التزام السعودية بدورها الريادي في صون التراث الجيولوجي ودعم مسارات التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعد علامة فارقة في مسار المبادرات البيئية التي تتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة وحماية الموارد الطبيعية. "سلمى" و"شمال الرياض" يعكسان ثراء السعودية الجيولوجي ويقع "سلمى جيو بارك" على بعد 80 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة حائل ويمتد على مساحة تقدر بـ 3145 كيلومتراً مربعاً، ويحتضن جبال سلمى التي تعد من أبرز معالم الجذب السياحي في المنطقة، حيث ترتفع أعلى نقطة فيه إلى 1200 متر فوق مستوى سطح البحر، ويضم معالم تاريخية وطبيعية ذات أهمية بارزة ومن بينها مدينة فيد ودرب زبيدة العائدان للعصور الوسطى، إضافة إلى مصادر المياه والمزارع، فضلاً عن الفوهات البركانية التي تنتشر في أرجاء المنطقة مثل فوهة طابة والهتيمة والحمراء التي تشكل قيمة جيولوجية فريدة، ويمثل الـ "جيو بارك" أيضاً موطناً غنياً للتنوع الأحيائي من نباتات وحيوانات. أما "شمال الرياض جيو بارك" فيجمع بين التكوينات الطبيعية الاستثنائية والبعد التراثي العريق، ويضم تشكيلات من الصخور الرسوبية التي تعود لملايين السنين، إضافة إلى سلاسل جبلية وهضاب تشكل مناظر طبيعية خلابة وتوفر تجارب تسلق ومغامرات مميزة، ويعد وجهة مثالية لهواة الجولات الاستكشافية ورحلات السير ورصد النجوم إضافة إلى البرامج التعليمية والأنشطة التراثية. 13 موقعاً مستهدفاً وتشترط شبكة الـ "جيو بارك" العالمية التابعة أن تكون المواقع المدرجة ذات أهمية جيولوجية وطبيعية على مستوى عالمي مع التزامها بمفاهيم الحماية والتعليم والتنمية المستدامة، إضافة إلى ارتباطها بالتراث الثقافي والمجتمع المحلي، كما تشجع هذه المواقع على السياحة البيئية بما يعزز الاستفادة المستدامة من الموارد الطبيعية. ويعمل "المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر" على تطوير وحماية هذه المواقع ضمن خطة تستهدف تسجيل 13 موقعاً جيولوجياً في السعودية ضمن الشبكة العالمية. تنوع جيولوجي استثنائي وتزخر السعودية بتنوع جيولوجي يجعلها من بين أغنى المناطق عالمياً من حيث التكوينات الصخرية التي تشكل سجلاً طبيعياً موثقاً لتاريخ الأرض، ويبرز في هذا السياق "الدرع العربي" والغطاء الرسوبي والحرات البركانية التي تعود لنحو 30 مليون عام، فضلاً عن الصحارى والكثبان الرملية الشاسعة وفي مقدمها الربع الخالي، أحد أكبر البحار الرملية المتصلة في العالم، مما البلاد ثروة طبيعية وعلمية نادرة ويجعلها مرجعاً علمياً لدرس تاريخ الأرض، وعامل جذب سياحي بفضل ما تزخر به من معالم طبيعية وتاريخية، كما يسهم إدراج هذه المواقع في تعزيز الفخر المجتمعي والهوية المحلية، ويدعم السياحة الجيولوجية المستدامة ويعزز حضور السعودية على خريطة الجيولوجيا العالمية.


Independent عربية
٠٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
الدبلوماسية... أو الحرب اللطيفة على العنف
ورد في الميثاق التأسيسي للـ"يونيسكو" أنه ''لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام''، وباتت هذه الجملة التعريف غير المباشر لما تهدف إليها الدبلوماسية العالمية لرسم العلاقات بين الدول المتنازعة أو الحليفة أو المحايدة. وعلى رغم أن ظهور اللغة الدبلوماسية يعود إلى العلاقات البدائية الأولى بين الجماعات البشرية المتنقلة بحثاً عن الماء والكلأ، فإنها لا تزال حتى يومنا هذا الوسيلة الأرقى للتواصل السياسي وأداة لبناء الجسور وتوجيه الرسائل وتجنب النزاعات أو وقفها في بعض الأحيان. لكن السنوات الأخيرة شهدت تصدعاً في هذا الإطار التقليدي، مع لجوء بعض الزعماء والرؤساء إلى إنتاج لغاتهم الخاصة للتواصل مع الدول الأخرى، وأخرجوا إلى العلن ما يدور داخل الغرف المغلقة التقليدية، وظهرت اتصالات واتفاقات غالباً ما كانت تبقى سرية. وكثير من هذا الإفصاح الدبلوماسي كان ذا تأثير سلبي بسبب تناقضه مع قواعد الدبلوماسية المتعارف عليها، وكان آخر هذه المظاهر اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، والذي أظهر ضرباً لقيم الدبلوماسية القديمة بين الدول أمام أعين الكاميرات التي تنقل الحدث مباشرة إلى جميع مواطني العالم. قبلها كان استدعاء ترمب لملك الأردن على حين غرة لطرح مشروع "ريفييرا غزة" واحدة من صور إبعاد الطرق والوسائل الدبلوماسية المعتادة أو الكلاسيكية. ماذا تعني الدبلوماسية؟ نحدد الشخص الدبلوماسي أو غير الدبلوماسي بناء على كيفية تقديمه لنفسه ولأفكاره، أو لتعبيره عن رأيه أمامنا في أمر قد يخصنا أو لا، ونقصد بذلك أنه لطيف أو غير لطيف. الأمر نفسه ينطبق على العلاقات بين الدول وفي المجتمع الإنساني العام، إذ يُستخدم مصطلح "دبلوماسي" للإشارة إلى الأشخاص الذين يعملون لمصلحة أو بالنيابة عن جهات دولية تعترف ببعضها بعضاً وبشرعيتها من أجل إدارة العلاقات المتبادلة ذات الطابع غير العنيف. أي كأننا توافقنا على أن الدبلوماسية هي ضد العنف، أو أنها وسيلة لمنع العنف قبل وقوعه أو لوقفه بعد اندلاعه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في العلوم الاجتماعية التي تتناول الإنسان البدائي يقال إن العدائية كانت مسيطرة بين البشر الذين يلتقون أثناء بحثهم عن الغذاء، كما هي حال الرئيسيات من الحيوانات اليوم، وهذا ما كان يؤدي إلى سيطرة مجموعة من دون أخرى على مصادر الغذاء وطرد الجماعة الأخرى. لكن مع توافر الغذاء بما يكفي هذه الجماعات صار بالإمكان وضع قواعد لتوزيعه بما يبعد العنف كوسيلة للسيطرة ولضمان البقاء. أو ربما بدأ الأمر في أول اتصالات "دبلوماسية" بين المجموعات المتصارعة عبر الاتفاق على هدنات من أجل استعادة جثث المحاربين القتلى نتيجة العنف المتبادل، فتكون الدبلوماسية حاجة ناتجة من العنف نفسه. يرى باحثون في علم اجتماع الإنسان البدائي أن هؤلاء الدبلوماسيين الأوائل كانوا يتمتعون بصفات بقيت هي نفسها السمة المميزة للثقافة الدبلوماسية عبر العصور، فهم غير مسلحين بالضرورة، ويسعون إلى تحقيق أهدافهم بالإقناع، كما كانوا يُعتبرون في مأمن من الأذى من الطرف الآخر. وهذا من حيث المبدأ، على رغم وجود استثناءات كثيرة عن المبدأ العام. أدى استقرار المجموعات البشرية إلى التفاعل مع المجموعات المجاورة لها بسبب الحاجة إلى تبادل البضائع والمنتجات والحيوانات والأسرى من الفريقين نتيجة النزاعات السابقة التي لم تختف نهائياً حتى زمننا المعاصر. وأدى اتساع المجتمعات المستقرة وتطور عمليات التبادل وتضخمها إلى الحاجة لإبرام اتفاقيات سلام، وكان لا بد من أن يتمتع المبعوثون لإقامة هذا السلام وإبرام هذه الاتفاقيات بسلطات معينة تفوق سلطات بقية أفراد الجماعت، بالتالي إلى مكانة اجتماعية أرفع وإلى معرفة بالقضايا المطروحة. وبحسب بعض الدراسات كان يتم إبقاء هؤلاء المبعوثين كرهائن لضمان تنفيذ الاتفاقيات. الدبلوماسية في الإمبراطوريات القديمة كشفت ألواح اكتشفت في تل العمارنة في مصر عن الطريقة التي أدارت بها البلاد علاقاتها مع جيرانها ومع الكيانات البعيدة في الشرق الأدنى خلال الألفية الثانية قبل الميلاد. قبل ذلك كانت السجلات اليونانية القديمة حول العلاقات الدبلوماسية في العالم الهيليني معروفة في القرون الأخيرة قبل الميلاد. وفي الإمبراطورية الهندية القديمة كان كتاب المستشار السياسي "كوتيليا" المعروف باسم "أرثاشاسترا" خلال عهد سلالة الماوريا قد ترجم إلى لغات عدة في العالم القديم، وكان هذا الكتاب من المدارس الأولى في فن إدارة الدولة وتحسين وتقوية العلاقات الدبلوماسية. أما السجلات الصينية فتبرز الدبلوماسية بين الإمبراطوريات المتحاربة، مما يوضح كيف أدت ضرورات الممارسة الدبلوماسية إلى ظهور أنماط تفكير وسلوك شكلت جوهر الثقافة الدبلوماسية الصينية حينها وفي زمن الإمبراطوريات القديمة، وقد كانت أسساً لممارسات دبلوماسية ما زالت سارية حتى اليوم. أما الإمبراطورية الرومانية فأقامت علاقاتها الدبلوماسية مع جيرانها وفقاً للقانون الروماني للأمم، وهو شكل من أشكال القانون الدولي الذي فرضته روما من طرف واحد. ومع انهيار الإمبراطورية الرومانية سادت الفوضى في أوروبا الغربية قروناً عدة، لكن الفاعلين الرئيسين استمروا بإقامة علاقات سلمية تتوسط المواجهات العنيفة. وفي عهود الإمبراطوريات الإسلامية الأولى بعد الفتح الإسلامي تشطت الدبلوماسية بعد الفتوحات القائمة على القتال والغزو، وفي المراحل المختلفة وتحديداً بعد الامتداد الهائل للإمبراطورية الإسلامية حتى أوروبا خلال الخلافة العباسية وقبل ذلك خلال السيطرة على إسبانيا في دولة الأندلس، فقد كان لا بد من الدبلوماسية الإسلامية مع كل ممثلي الشعوب التي تعرضت للغزو. وبعد تفكك الخلافة إلى كيانات متعددة انخرطت في علاقات دبلوماسية مع الدويلات والولايات والممالك والإمارات المتفرقة التي تتمتع بحكم ذاتي في شرق وغرب الإمبراطورية الممتدة في كل الاتجاهات. وفي غالب الأحيان كانت هذه العلاقات الدبلوماسية تتمتن وتثبت وتدوم نتيجة لحروب دموية مترافقة مع الغزو الإسلامي وتمدد الإمبراطورية الجديدة. وكانت هذه العلاقات الدبلوماسية الجديدة القائمة على القوة والسيطرة وانتصار فئة على أخرى أو الناتجة من الحاجة إلى وقف العنف وإرساء السلام بعد حروب طويلة ودموية في سائر أنحاء الأمم والمجتمعات السياسية القديمة، بمثابة الحجر الأساس والمدماك لخلق وتثبيت قواعد الثقافة الدبلوماسية الكلاسيكية التي ما زالت معظم قواعدها متبعة حتى اليوم في الزمن الحديث، مع بعض التطوير الذي يتناسب مع تغيير أشكال الحكم وأنظمته والانتقال من نظم الإمبراطوريات الممتدة جغرافياً والخاضعة لسلطة مركز واحد، إلى الدولة- الأمة الصغيرة ذات الحدود والمصالح المتلاصقة والمتضاربة والمتنافسة. تحولات القرن العشرين الشكلية جرى التحول في الثقافة الدبلوماسية الكلاسيكية مع ظهور البعثات الدبلوماسية الدائمة في أوروبا خلال عصر النهضة. وكان وجود بعثات عدة في المكان نفسه يتطلب الالتزام ببعض قواعد البروتوكول الأساسية. ولم يقتصر عمل الدبلوماسيين على التعامل مع الكيانات المضيفة، بل كانت هناك أيضاً علاقات بين مختلف البعثات، مما أدى إلى ظهور ما يمكن تسميته بـ"السلك الدبلوماسي". في التبادلات الدبلوماسية الكلاسكية أو ما قبل الحديثة كان يتم اختيار الدبلوماسي من خلفية اجتماعية راقية وربما من عائلة معينة انتمى أفرادها العمل في السلك الدبلوماسي عبر الأجيال، وغالباً ما يكون على ثقافة عالية في الفنون والتاريخ وربما القانون، على أن يتحلى بشخصية جذابة وأخلاق راقية، وأن يتحدث لغات عدة في الأقل منها اللاتينية ثم الفرنسية بشكل إلزامي، وغيرها من اللغات التي ترتفع أهمية بارتفاع قوة وسيطرة الأمة أو الدولة الناطقة بها، فكانت الإسبانية والبرتغالية في عصور معينة، كما هي الآن اللغة الإنجليزية مثلاً. وفي أحيان كثيرة كان على الدبلوماسي الكلاسيكي لكي يؤدي مهامه كرسول لبلاده لدى الأمم الأخرى على أكمل وجه، أن يقوم بتمويل مقره وموظفيه من ماله الخاص، وأن يكون متزوجاً من سيدة ذات مستوى مماثل قادرة على القيام بدور المضيفة المرموقة، فالعمل في السلك الدبلوماسي الكلاسيكي مهنة عائلية أو اجتماعية مرموقة ومتوارثة، وبها تتم الدلالة على الدولة التي يمثلها هذا الدبلوماسي، وكلما ارتفع في رقيّه الشخصي ورقيّ بعثته كلما كان ذلك مرآة للدولة التي يمثلها. لم يطرأ تغيير كبير على الدبلوماسية الكلاسيكية لقرون عدة، إلا في ما خص هوية الدبلوماسيين وسلطاتهم والمهام المطلوبة منهم، فانتقلت الهيئات الدبلوماسية من كونها مجموعة المبعوثين الشخصيين للحكام وكبار المسؤولين إلى فئات من الموظفين العموميين التابعين لوزارات الخارجية في الحكومات الوطنية، والقاطنين في سفارات بلادهم داخل الدول المستضيفة، وبات مبنى السفارة وقطعة الأرض التي يبنى عليها بمثابة جزيرة مكانية وسياسية تابعة للدولة الأم، وتتمتع الهيئات الدبلوماسية بحصانات سياسية وقانونية لا يمكن للدول المتضيفة التعدي عليها وإلا سيعتبر الأمر تعدياً على الدولة التابعة لها تلك البعثة الدبلوماسية. بعد الحرب العالمية الأولى لم يكن للدبلوماسيين دور أساسي في إبرام معاهدات السلام لعام 1919، حيث تولى السياسيون هذا الأمر بأنفسهم. وهذا أمر طبيعي خلال حرب هائلة ومدمرة يعلو فيها صوت السلاح على كل ما عداه، فتخفت الأدوار الدبلوماسية في مثل لهذه الحالات ليحل الدور على الجنرالات والسياسيين لإبرام المعاهدات أو لوضع اتفاقات السلام أو الاستسلام الناتجة من الحرب. كما بدأ ظهور الدبلوماسية الاقتصادية نتيجة لأزمة الركود الاقتصادي العالمي الكبير في ثلاثينيات القرن الـ20، فارتفع شأن أنواع مختلفة من دبلوماسيي وزارات الخارجية، لتشمل وزارات الاقتصاد والتجارة والصناعة التي أفرزت أنواعاً جديدة من الدبلوماسيين يتولون مهاماً مرتبطة بالتفاهمات والمساومات والمعاهدات التجارية والاقتصادية، وعلى رغم اختلاف أدوارهم عن دور الدبلوماسي السياسي الكلاسيكي، فإن هذا النوع من الجديد صار جزءاً ثابتاً من الهيئات والبعثات الدولية، حتى إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.