
"ما حذرنا منه قد وقع".. أزمة سيولة حادة تشل حركة المشاريع في العراق
شفق نيوز/ يواجه تنفيذ الموازنة الاستثمارية العراقية تحديات كبيرة، بسبب تأخر إطلاق التخصيصات المالية وعدم تمويل المقاولين، ما أدى إلى تعثر تنفيذ المشاريع في المحافظات العراقية.
وتشير التقديرات إلى أن تراكم مستحقات المقاولين تجاوزت 5 تريليونات دينار عراقي، وهو ما يعطل قدرتهم على الاستمرار في العمل أو الدخول في مشاريع جديدة، وفق خبراء في الشأن الاقتصادي.
ويدعو الخبراء إلى أهمية إعادة جدولة الأولويات التمويلية لضمان استمرار المشاريع ذات الضرورة الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن اعتماد نظام التمويل المرحلي للمشاريع الإنتاجية، إلى جانب تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحسين آليات تحصيل مستحقات الدولة غير النفطية لضمان وجود تدفقات نقدية مستقرة.
وفي هذا السياق، يقول عضو مجلس النواب العراقي، باسم نغيمش، إن "توقف المشاريع كان متوقعاً وحذرنا منه منذ إقرار الموازنة، وكان اعتراضنا على عدم دقة احتساب الأموال الكافية لتغطية مشاريع المحافظات، لأن أموال الأمن الغذائي هي الموجودة فقط في أمانات المحافظات، أما أموال مشاريع تنمية الأقاليم فهي ذرعات عمل أموالها غير موجودة في المحافظات بل في وزارة المالية كأمانات، لذلك توقعنا حصول هذه المشكلة وتوقف المشاريع".
ويضيف نغيمش لوكالة شفق نيوز، "كما أن هذه المشكلة لا تقتصر على الموازنة الاستثمارية فقط بل شملت حتى التشغيلية، حيث تعاني دوائر الدولة من نقص في تمويل استحقاقات بعض الموظفين للمناقلة والعلاوات والترفيعات واحتساب شهادة والمخصصات".
ويشير نغيمش وهو نائب عن محافظة واسط، إلى أن "المشاريع في المحافظات توقفت، وتطلب محافظة واسط 130 مليار دينار ذرعات عمل منجزة للمقاولين الذين اضطروا لتقديم طلبات توقف، لذلك على الحكومة المركزية تحمل مسؤوليتها وأخذ دورها بإيجاد الحلول المناسبة لمشكلة السيولة النقدية".
ويكشف نغيمش، "قبل أيام كان هناك لقاء مع وزيرة المالية التي اشتكت عند الطلب منها تمويل بعض المشاريع بعدم وجود سيولة نقدية، لذلك نخشى من عودة سيناريو عام 2014 باندثار المشاريع وبالتالي خسارة الدولة مبالغ طائلة".
وكانت وثيقة متداولة مذيلة بتوقيع وزيرة المالية العراقية، طيف سامي، أظهرت أثناء مخاطبتها مكتب رئيس الوزراء في 9 شباط/فبراير الجاري، بأن "الخزينة تعاني من عجز كبير في تمويل رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية".
لكن الوزارة عادت في بيان أمس الثلاثاء، وقالت فيه "عدم وجود أي عجز مالي يؤثر على نفقات الرواتب"، لافتة إلى "استمرار العمل على ضمان استقرار السياسة المالية وتوفير المستحقات وفق الخطط المعتمدة".
من جهته، يقول نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية، حسين السعبري، أن "الأزمة المالية واضحة، ومؤخراً كان للمقاولين وأًصحاب الشركات تظاهرة أمام وزارة التخطيط لعدم استلام حقوقهم من الذرعات".
ويشير السعبري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المقاول عندما ينجز نسبة معينة، يفترض على الحكومة المحلية ووزارة المالية صرف مقدار العمل الذي أنجزه، لكن اليوم هناك مشكلة مع المقاولين في أغلب المحافظات بهذا الخصوص".
ويؤكد، أن "الأزمة المالية صعبة، وأن ارتفاع الدين الداخلي إلى 82 تريليون دينار دليل على الأزمة الحالية، وأن عدم استطاعة الحكومة سداد هذه الديون سوف يتسبب بمشكلة تلقي بظلالها على الطبقات الوسطى والفقيرة، لأن عدم صرف الحكومة المستحقات للمقاول لن يصرف هو أيضاً مستحقات عماله".
وفي هذا الصدد، يحمل المحلل السياسي، عبد الله الكناني، "الحكومة المركزية والحكومات المحلية الإخفاق في تقديم المشاريع والخدمات للمواطنين وعدم الجدية في العمل، بسبب عدم وجود تخطيط صحيح ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب".
ويؤكد الكناني لوكالة شفق نيوز، أن "المتضرر في الأزمة هو المواطن فهو بين نار الحكومتين المحلية والمركزية، في وقت يتم صرف أموالاً طائلة على رواتب المسؤولين والنواب وعلى سفرياتهم وغيرها ما يؤثر على الموازنة العامة".
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، أن "توقف المشاريع الخدمية تعكس إشكالية أعمق تتعلق بآليات تمويل المشاريع، وضعف التخطيط المالي، وعدم الالتزام التام بقانون الإدارة المالية".
ويضيف عبد ربه لوكالة شفق نيوز، أن "الموازنة الاستثمارية للعراق لعام 2024 بلغت نحو 49 تريليون دينار، إلا أن تنفيذها يواجه تحديات كبيرة بسبب تأخر إطلاق التخصيصات المالية وعدم تمويل المقاولين".
ويوضح، أن "أزمة تمويل المقاولين إحدى العقبات الرئيسية، إذ يؤدي تأخير وزارة المالية في صرف المستحقات إلى تعثر التنفيذ، وتشير التقديرات إلى أن تراكم مستحقات المقاولين تجاوز 5 تريليونات دينار، وهو ما يعطل قدرتهم على الاستمرار في العمل أو الدخول في مشاريع جديدة".
ويتابع الخبير الاقتصادي، "كما أن عدم وجود خطة واضحة لتوزيع السيولة يؤدي إلى تعطيل بعض المشاريع ذات الأولوية بينما تستمر مشاريع أخرى ذات طابع أقل إلحاحاً، بالمقابل نعاني من تراجع واضح للمشاريع المنتجة، حيث لا تتجاوز نسبة الإنفاق على القطاعات الإنتاجية مثل المصانع والزراعة والطاقة 15% من إجمالي الموازنة الاستثمارية، مما يزيد من الاعتماد على الاستيراد ويحد من فرص تطوير الإنتاج المحلي".
ويدعو عبد ربه، إلى "إعادة جدولة الأولويات التمويلية لضمان استمرار المشاريع ذات الضرورة الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن اعتماد نظام التمويل المرحلي للمشاريع الإنتاجية بحيث تدار وفق مبدأ التمويل الذاتي التدريجي بدلاً من الاعتماد الكلي على الموازنة العامة".
ويكمل حديثه، "كما أن تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يسهم في دعم مشاريع البنية التحتية والصناعة والطاقة، إلى جانب تحسين آليات تحصيل مستحقات الدولة غير النفطية لضمان وجود تدفقات نقدية مستقرة".
ويحذر عبد ربه في نهاية كلامه، "من أن عدم وجود إصلاحات مالية سيجعل العراق يعاني من التأخيرات المستمرة في تنفيذ المشاريع، مما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة ويؤدي إلى مزيد من الهدر في الموارد وتراجع مستوى الخدمات الأساسية".

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Buratha News
21 minutes ago
- Buratha News
الهبوط الصامت... العوامل الخفية التي أسقطت الدولار في بغداد
شهد شهر أيار 2025 واحدة من أكثر مراحل التقلب استثنائية في سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، حيث تراجع سعر الدولار بشكل تدريجي ومثير، ما أثار موجة من التساؤلات في السوق، ودفع المختصين إلى تفكيك الأسباب التي تقف خلف هذا التحول المفاجئ. في هذا السياق، قدم أستاذ الاقتصاد في جامعة جيهان بمحافظة دهوك، نوار السعدي، اليوم الثلاثاء (27 أيار 2025)، تحليلًا مفصلًا لـ"بغداد اليوم" حول هذا التراجع، مبينًا أنه لا يمكن اختزال الظاهرة في سبب واحد، بل إنها نتيجة تراكب عوامل نقدية وتجارية وسلوكية وحتى سياسية إقليمية. تشبع السوق بالدولار.. من أين جاء الفائض؟ يقول السعدي إن أبرز ما يُلاحظ هو أن "المعروض من الدولار أصبح أعلى من المعتاد، لكن ليس بسبب ارتفاع إيرادات النفط كما يُعتقد، بل نتيجة عوامل أخرى، من أبرزها تزايد التحويلات المالية من الشركات الأجنبية، والاستثمارات غير النفطية، إضافة إلى عمليات تهريب الدولار العكسي من دول مجاورة تواجه شحًا في العملة الصعبة". هذا "الفيض المؤقت" من الدولار – بحسب وصفه – خلق حالة من التشبع في السوق العراقية، ما جعل الدولار متوفرًا بشكل يفوق الطلب عليه، وبالتالي دفع بسعره نحو الانخفاض. تحول سلوك المواطن.. هل فقد الدولار مكانته في الادخار؟ لكن المشهد لا يُفسّر فقط بمعادلة العرض والطلب التقليدية، بل أيضًا بسلوك الناس، كما يوضح السعدي، مضيفًا أن "المواطن العراقي بدأ يفقد الثقة بالدولار كأداة ادخار، ليس لأنه ضعيف عالميًا، بل لأن الدينار بدأ يُظهر استقرارًا ومكاسب ملموسة". هذا التحول دفع كثيرين إلى بيع ما لديهم من دولارات، وتحويلها إلى الدينار أو الذهب، ما ساهم في زيادة المعروض من الدولار وتقليل الطلب عليه، وبالتالي دعم الدينار بشكل غير مباشر. البنك المركزي يتدخل.. ويمتص السيولة يرى السعدي أن "سياسة البنك المركزي العراقي لعبت دورًا محوريًا في المشهد"، موضحًا أن المؤسسة النقدية قامت بـخفض الكتلة النقدية من الدينار بأكثر من 6 تريليونات دينار خلال أشهر قليلة، في خطوة تندرج ضمن ما يُعرف بـ"امتصاص السيولة". وهذه السياسة، بحسب تحليله، أدت إلى تقليل كمية الدينار المتاح في السوق، ما زاد من قيمته أمام الدولار، وخلق بيئة انكماشية ساعدت على ضبط التضخم وتعزيز ثقة المواطن بالعملة المحلية. انكماش الاستيراد.. وتبدل خارطة التجارة وبحسب السعدي، فإن جانبًا مهمًا من انخفاض سعر الصرف يرتبط كذلك بتراجع الاستيراد من بعض الدول الكبرى مثل الهند وتركيا والولايات المتحدة، رغم وجود استثناء ملحوظ في الواردات القادمة من الصين. ويُفسّر هذا التراجع إما بانخفاض الاستهلاك المحلي، أو بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق. وفي كلا الحالتين، ينخفض الطلب على الدولار المستخدم في تسديد أثمان الواردات، ما يخلق فائضًا نسبيًا في السوق المحلية، ويضغط على السعر نزولًا. مفاوضات خلف الكواليس.. هل خفّ الطلب على الدولار في تجارة إيران؟ اللافت في قراءة السعدي هو تحليله لما سمّاه "العامل الإقليمي الصامت"، حيث يشير إلى احتمال وجود مفاوضات غير معلنة بين طهران وواشنطن خففت من وطأة القيود المالية، ما أدى إلى تراجع حاجة بعض التجارات غير الرسمية (بين العراق وإيران) إلى الدولار. وهذا التراجع، بحسب قوله، قلّص الطلب على العملة الصعبة التي كانت تُستخدم في تمويل أنشطة ظلّية وغير شفافة، ما انعكس على السوق المحلي بوفرة الدولار وتراجع قيمته. هل يستمر الانخفاض؟.. المستقبل مرهون بعنصرين رغم هذا التراجع اللافت، لا يُجزم السعدي بأن الاتجاه سيستمر طويلًا، مبينًا أن مستقبل سعر الدولار في العراق "مرهون بعنصرين": استمرار السياسة النقدية الحالية بصرامة واستقرار، وقدرة السوق العراقية على الحفاظ على تدفق العملة الصعبة بعيدًا عن المضاربات أو الأزمات الإقليمية. ويختتم السعدي تحليله بالتحذير من أن أي اهتزاز في هذه المعادلات قد يُعيد السوق إلى نقطة الصفر، مؤكدًا أن "الثقة لا تُبنى فقط بالسياسات، بل أيضًا بالاستمرارية والشفافية".

Buratha News
2 hours ago
- Buratha News
حبس رئيس المطبعة السرية للتربية الكويتية وسيدتين لـ"تسريبهم الأسئلة"
أيدت محكمة الاستئناف الكويتية، اليوم الثلاثاء، حبس رئيس المطبعة السرية في وزارة التربية وموظفة ومعلمة، 3 سنوات، بعد إدانتهم في جريمة تسريب الاختبارات وتغريمهم مبالغ مالية. وكانت النيابة العامة الكويتية، قد أسندت إلى المتهم الأول، ويعمل رئيساً للمطبعة السرية الرئيسية بوزارة التربية، تهمة إفشاء معلومات سرية خاصة بوزارة التربية (هي اختبارات الفترة الثانية للصف الثاني عشر بالقسمين العلمي والأدبي)، التي يستوجب حفظ سريتها. وقام المتهم بتصوير نماذج الاختبارات المبينة بالأوراق من النماذج التالفة بمحرقة المطبعة، وأمدّ بها المتهمتين الثانية والثالثة، وذلك لتحقيق مصلحة خاصة لهما، بما ترتب عليه الإضرار بمصالح وزارة التربية وباقي الطلاب لعدم تحقيق مبدأ التكافؤ بينهم، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وفي شباط الماضي، قضت محكمة الجنح بحبس رئيس المطبعة السرية ومعلمة وموظفة في وزارة التربية لمدة 3 سنوات مع الشغل والنفاذ. وهذه ليست القضية الأولى في ملف تسريب أسئلة اختبارات الثانوية العامة، التي تشغل الكويتيين، فقبل يومين (25 أيار الحالي)، وبعد معلومات انتشرت عبر وسائل التواصل عن تسريب أسئلة اختبارات الثانوية العامة، نفت وزارة التربية "ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن تسريب امتحان مادة الفيزياء للصف الحادي عشر الثانوي. وأكدت أن "هذه الادعاءات عارية تماماً من الصحة، وتندرج ضمن محاولات مرفوضة لإثارة القلق وزعزعة الثقة بين الطلبة وأولياء الأمور". وفي 29 كانون الثاني 2023 دعا أعضاء في مجلس الأمة (البرلمان) السابق (الذي تمّ حله في 10 أيار 2024)، لإقالة جميع القياديين في وزارة التربية فوراً على خلفية الكشف عن عمليات غشّ جماعي تورطّ فيها 40 ألف طالب من طلاب الثانوية العامة، في عمليات منظمة هدفت لجني الأرباح، وحققت 3 ملايين دينار (نحو 10 ملايين دولار)، وفقاً للتحقيقات. وسبق هذه الحادثة، فضيحة أخرى، كشف عنها في تموز 2018، وعُرفت بقضية الشهادات المزوَّرة، وتتعلق بالكشف عن 400 شهادة جامعية يحملها مسؤولون وموظفون؛ بعضهم يتولّى مناصب مهمة، وآخرون في الجهازيْن الحكومي والخاص، بينهم عدد من المحامين، وهي شهادات وهمية جرى الحصول عليها مقابل مبالغ مالية. ووفق "وكالة الأنباء الكويتية" في 18 تموز 2018، فقد أعلنت وزارة التعليم العالي الكويتية عن "اكتشاف عدد من الشهادات المزورة الصادرة من إحدى الدول العربية لمختلف المراحل الجامعية في الأشهر الماضية، وإلقاء القبض على أحد الوافدين العاملين بالوزارة متواطئاً في ذلك". وأضافت أن التحقيق جرى بالتعاون مع إدارة معادلة الشهادات العلمية بالوزارة والمكتب الثقافي المختص، وأسفر عن تحويل كثير من أصحاب الشهادات المزوَّرة إلى النيابة العامة، إضافة إلى سحب معادلة الشهادات الصادرة من الوزارة خلال الأشهر الماضية (وقت الإعلان). وفي 10 كانون الأول 2023، كشفت لجنة تحقيق في مجلس الأمة السابق، أن 142 شخصاً لديهم شهادات جامعية مزوَّرة صادرة عن جامعات مصرية، وأن عملية التزوير جرت بمساعدة موظفين في المكتب الثقافي الكويتي بمصر.


Shafaq News
4 hours ago
- Shafaq News
العراق يقترب من الانهيار المالي.. واتهامات تطال المالية والمركزي
شفق نيوز/ لوحت اللجنة المالية النيابية، بوجود أزمة مالية حقيقية تلوح في العراق مستقبلاً، وسط تراجع أسعار النفط وغياب الإجراءات الوقائية والاحترازية القادرة على تفادي الأزمات الاقتصادية، وأكدت أن المؤشرات المالية والاقتصادية تشير إلى تفاقم العجز وتراجع السيولة، مما ينذر بتحديات جسيمة في المرحلة المقبلة، فيما يحمل خبراء الاقتصاد وزارة المالية والبنك المركزي مسؤولية أزمة السيولة النقدية. أسباب الأزمة المتوقعة وقال عضو اللجنة المالية النائب محمد الشبكي، لوكالة شفق نيوز إن "جميع المؤشرات الاقتصادية تؤكد اقتراب البلاد من أزمة مالية، تعود أسبابها الرئيسية إلى انخفاض أسعار النفط وتراجع السيولة النقدية، إلى جانب تراكم العجز في الموازنات، وتأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنات إلى البرلمان". وأوضح أن "العراق يفتقر إلى الأدوات المالية المستخدمة في معظم دول العالم للتحوط من الأزمات، مثل العقود الآجلة، والاستثمارات الخارجية، وصناديق الطوارئ"، مضيفاً أن "التحوطات المالية المتوفرة لا تكفي لأكثر من عامين فقط". وأشار الشبكي، إلى أن "الموازنة المخططة لعام 2025 كانت تبلغ نحو 200 تريليون دينار، فيما يُقدّر حجم الإنفاق بنحو 130 تريليون دينار"، مؤكداً أن "ما يتبقى منها يُفترض أن يُدوّر إلى العام المقبل". كما دعا إلى ضرورة وضع خطط عاجلة لزيادة الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 30% من إجمالي إيرادات الدولة، بينما لا تتجاوز حالياً نسبة 3 إلى 4%. وأضاف الشبكي: "نحتاج إلى تفعيل أدوات فنية وتقنية تدعم الاقتصاد العراقي، وحكومة تتخذ قرارات جريئة في مجال الجباية و استحصال الضرائب وفرض الرسوم، بعيداً عن التأثيرات السياسية والانتخابية". من يتحمل المسؤولية؟ من جانبه، حمّل الخبير الاقتصادي صالح الهماشي وزارة المالية والبنك المركزي العراقي مسؤولية أزمة السيولة النقدية، مشيراً إلى فشل المؤسستين في إيجاد آليات فعالة لإعادة تدوير العملة داخل النظام المصرفي، ما دفع المواطنين إلى اكتناز أموالهم في منازلهم، وفقدان الثقة بالمصارف رغم تفعيل الدفع الإلكتروني. وقال الهاشمي، لوكالة شفق نيوز، إن "غياب الدورة النقدية الصحية في البلاد أجبر الحكومة على اللجوء إلى الدين الداخلي والخزين الاستراتيجي"، لافتاً إلى أن "الكتلة النقدية المتداولة حالياً تبلغ نحو 127 تريليون دينار عراقي، 70% منها خارج الجهاز المصرفي وتُتداول بين المواطنين، و30% فقط في حيازة البنك المركزي". وأشار أيضاً إلى أن "الحكومات المتعاقبة لم تضع استراتيجية واضحة لإدارة الكتلة النقدية"، مضيفاً أن "البنك المركزي لا يزال يفتقر إلى رؤية مالية متكاملة بهذا الشأن". وتابع الهاشمي، حديثه قائلاً إن "الحكومة بدأت تشعر بخطورة الوضع، وشرعت بالاعتماد على الخزين الاستراتيجي أو إصدار طبعات نقدية جديدة عند انخفاض الكتلة النقدية المتاحة". كما لفت إلى أن تراجع أسعار النفط وخفض الإنتاج بموجب اتفاقات أوبك أثر بشكل مباشر على إيرادات الدولة، ما يدفع الحكومة إلى محاولة تحقيق التوازن المالي عبر السحب من الاحتياطات المالية. وفي تدوينة له على منصات التواصل الاجتماعي، أكد الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، أن الإيرادات النفطية العراقية، لشهر نيسان الماضي، تكفي فقط لتغطية الرواتب ونفقات شركات التراخيص النفطية. وقال المرسومي، إن "تراجع الصادرات النفطية العراقية وتراجع أسعار النفط الخام من 72.5 دولار في شهر آذار إلى 66.7 دولار للبرميل في شهر نيسان الماضي، أدى إلى انخفاض الإيرادات النفطية من 7.716 مليار دولار، إلى 6.738 مليار دولار، وذلك بنسبة انخفاض قدرها 15%". وكشفت وزارة النفط العراقية، أمس الاثنين، عن احصائياتها لصادرات الخام وإيراداتها المالية لشهر نيسان/ أبريل الماضي.