
بعد الرسوم الجمركية ما أدوات ترمب الأخرى في الحرب التجارية؟
بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء الماضي عن مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية، يستعد العالم بالفعل لما قد يأتي لاحقاً في إطار مساعيه إلى إجبار شركائه التجاريين على تنفيذ أوامره.
وبصفتها المركز المالي للعالم ومصدر العملة الاحتياط العالمية، تمتلك الولايات المتحدة عدداً من الأدوات التي يمكن لترمب استخدامها للضغط على الدول الأخرى، بدءاً من بطاقات الائتمان ووصولاً إلى توفير الدولار للبنوك الأجنبية.
في حين أن استخدام هذه الأسلحة غير التقليدية سيكلف الولايات المتحدة نفسها ثمناً باهظاً، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، يقول مراقبون إنه لا ينبغي استبعاد مثل هذه السيناريوهات المرعبة.
وسيكون هذا صحيحاً على نحو خاص إذا لم تنجح الرسوم الجمركية في خفض العجز التجاري الأميركي مع بقية العالم، وهي نتيجة يراها كثير من الاقتصاديين محتملة نظراً إلى أن التوظيف شبه الكامل في الولايات المتحدة أدى إلى نقص حاد في العمالة.
وردت الصين أمس الجمعة على رسوم ترمب، مما أدى إلى انخفاض الأسهم الأميركية بصورة كبرى، وتعميق الأزمة.
وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، باري إيتشنغرين "يمكنني أن أتخيل بسهولة أن السيد ترمب... يشعر بالإحباط ويحاول تنفيذ أفكار غريبة، حتى لو لم يكن هناك منطق لها".
اتفاق مارالاغو
تتمثل خطة الإدارة الأميركية غير السرية في إعادة التوازن التجاري من خلال إضعاف الدولار، ومن بين طرق تحقيق ذلك إشراك البنوك المركزية الأجنبية في جهد منسق لإعادة تقييم عملاتها.
ووفقاً لورقة بحثية أعدها ستيفن ميران، مرشح ترمب لرئاسة مجلس مستشاريه الاقتصاديين، قد يحدث هذا في إطار اتفاق مارالاغو، في إشارة إلى اتفاق بلازا لعام 1985 الذي وضع سقفاً للدولار وإلى منتجع ترمب في فلوريدا.
وأشارت الورقة البحثية الصادرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى أن الولايات المتحدة ستستخدم التهديد بالرسوم الجمركية وإغراء الدعم الأمني الأميركي لإقناع الدول برفع قيم عملاتها مقابل الدولار، من بين تنازلات أخرى.
لكن الاقتصاديين يشككون في أن يحظى اتفاق من هذا القبيل بقبول في أوروبا أو الصين، نظراً إلى اختلاف الوضع الاقتصادي والسياسي الآن بدرجة كبيرة عما كان عليه قبل أربعة عقود.
وقال الزميل البارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي موريس أوبستفيلد "أعتقد أن هذا سيناريو مستبعد للغاية".
وأوضح أوبستفيلد أن الرسوم الجمركية قد فرضت بالفعل، مما يلغي استخدامها كتهديد، وأن التزام الولايات المتحدة الأمن العالمي قد ضعف بسبب غموض موقفها في شأن أوكرانيا. وأضاف أن من غير المرجح أن يستسلم محافظو البنوك المركزية في منطقة اليورو واليابان وبريطانيا لاتفاق سيجبرهم على رفع أسعار الفائدة والمخاطرة بالركود.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دعم الدولار
في حال الإخفاق في التوصل إلى اتفاق، قد تميل إدارة ترمب إلى استخدام أساليب أكثر حدة، مثل استغلال مكانة الدولار كعملة عالمية للتداول والادخار والاستثمار.
وبحسب أوبستفيلد وبعض المشرفين والمحافظين ببنوك مركزية، قد يتخذ هذا شكل التهديد بوقف تدفقات الاحتياط الاتحادي إلى البنوك المركزية الأجنبية الذي يسمح لها باقتراض الدولارات مقابل ضمانات بعملاتها المحلية.
يعد هذا مصدراً أساساً للتمويل في أوقات الأزمات، عندما تتعثر أسواق المال ويلجأ المستثمرون إلى الدولار كملاذ آمن.
وسيؤدي سحبه إلى زعزعة سوق الائتمان بالدولار الذي تبلغ قيمته تريليونات الدولارات خارج الولايات المتحدة، وسيؤثر سلباً في البنوك في بريطانيا ومنطقة اليورو واليابان بصورة خاصة.
وتقع بالطبع ما تسمى خطوط المبادلة هذه في يد الاحتياط الاتحادي، ولم يشر ترمب قط إلى تلك الأداة، لكن تحركاته في الآونة الأخيرة لاستبدال موظفين رئيسين، بما في ذلك في الهيئات التنظيمية، تثير قلق المراقبين.
وقال مؤسس شركة "ثين آيس ماكرو إيكونوميكس" الاستشارية، سبيروس أندريوبولوس "لم يعد من المستبعد أن يشكل هذا تهديداً هائلاً في مفاوضات أوسع نطاقاً"، لكنه عبر عن اعتقاده أن مثل هذه الخطوة ستؤدي مع مرور الوقت إلى تراجع مكانة الدولار كعملة عالمية موثوقة.
بطاقات الائتمان
تخفي الولايات المتحدة ورقة رابحة أخرى في جعبتها، ألا وهي شركات الدفع العملاق، بما في ذلك شركتا بطاقات الائتمان "فيزا" و"ماستركارد".
في حين طورت اليابان والصين، بدرجات متفاوتة، وسائل دفع إلكترونية خاصة بهما، تعالج الشركتان الأميركيتان ثلثي مدفوعات البطاقات في منطقة اليورو التي تضم 20 دولة.
وتشكل مدفوعات تطبيقات الهاتف المحمول، التي تهيمن عليها شركات أميركية مثل "أبل" و"غوغل"، ما يقارب عشر مدفوعات التجزئة.
أدى هذا التحول إلى وضع الأوروبيين في موقف دفاعي في سوق ضخمة، تجاوزت قيمتها 113 تريليون يورو (124.7 تريليون دولار) في الأشهر الستة الأولى من العام الماضي.
وإذا اضطرت "فيزا" و"ماستركارد" إلى إيقاف خدماتهما، كما فعلتا في روسيا بعد هجومها على أوكرانيا بفترة وجيزة، لاضطر الأوروبيون إلى استخدام النقد أو التحويلات المصرفية المرهقة في التسوق.
قالت كبيرة الاقتصاديين لشؤون أوروبا في مركز أبحاث "كونفرنس بورد" ماريا ديميرتزيس "إن تحول الولايات المتحدة إلى موقف عدائي يمثل انتكاسة كبيرة".
وصرح البنك المركزي الأوروبي بأن هذا يعرض أوروبا لخطر "الضغط والإكراه الاقتصاديين"، مشيراً إلى أن اليورو الرقمي قد يكون الحل، لكن خطط إطلاق هذه العملة الرقمية لا تزال قيد البحث، وقد يستغرق طرحها أعواماً.
ويدرس المسؤولون الأوروبيون كيفية الرد على تصرفات ترمب، لكنهم يخشون إثارة مزيد من التصعيد، وقد يفرضون رسوماً جمركية خاصة بهم أو يلجأون إلى إجراءات أكثر صرامة، مثل تقييد وصول البنوك الأميركية إلى الاتحاد الأوروبي.
مع ذلك قد يكون اتخاذ مثل هذه الخطوات الجذرية صعباً نظراً إلى النفوذ الدولي لـ"وول ستريت"، إضافة إلى خطر رد فعل عنيف ضد البنوك الأوروبية العاملة في الولايات المتحدة، ومع ذلك صرح بعض المسؤولين التنفيذيين في البنوك الدولية لـ"رويترز" بأنهم قلقون من خطر رد الفعل العنيف من أوروبا في الأشهر المقبلة.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Independent Arabia
an hour ago
- Independent Arabia
إدارة ترمب تنهي كل العقود المالية مع جامعة هارفرد
تنوي الإدارة الأميركية إلغاء كل العقود المالية الموقعة مع جامعة هارفرد والتي تصل قيمتها بحسب الصحافة إلى 100 مليون دولار، في إطار مساعي الرئيس دونالد ترمب إلى إجبار الجامعة العريقة على الخضوع لإشراف غير مسبوق. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى اليوم الثلاثاء في تأكيد لمعلومات نشرتها وسائل إعلام محلية، إن الإدارة الأميركية "ستبعث رسالة إلى الوكالات الفيدرالية اليوم تطلب منها حصر عقودها مع 'هارفرد' وإن كان من الممكن إلغاؤها أو تحويلها إلى جهات أخرى". وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملة شرسة ضد جامعة هارفرد التي ترفض منحه حق الاطلاع على الطلاب الذين يجري قبولهم وأعضاء هيئة التدريس الذين تستعين بهم، وقال ترمب أمس الإثنين إنه سيفوز في هذه المواجهة مع الجامعة الأشهر في العالم، والتي يريد منعها من قبول الطلاب الأجانب. وأعلنت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم الخميس الماضي سحب شهادة "برنامج الطلاب والزائرين" من جامعة هارفرد، لكن قاضياً فيدرالياً سارع إلى تعليق الإجراء، ونشر الملياردير الجمهوري العازم على فرض مبادئه القومية والمحافظة على أوساط لتعليم والبحث والثقافة، عدداً من الرسائل الغاضبة ضد "هارفرد" على منصته "تروث سوشال". وتتهم الحكومة الأميركية الجامعة الواقعة في كامبريدج بولاية ماساتشوستس بالتسامح مع تنامي أجواء معاداة السامية داخل حرمها الجامعي، ونشر الأيديولوجيات التقدمية الخاصة بحركة الـ "ووك" التي تنادي خصوصاً برفض التمييز بأشكاله كافة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويستخدم المحافظون هذا المصطلح بدلالات سلبية للإشارة إلى سياسات تعزيز التنوع وتيارات البحث الأكاديمي حول التمييز على أساس الجنس أو الانتماء العرقي، فيما تتهم إدارة ترمب أيضاً "هارفرد" بالارتباط بالحزب الشيوعي الصيني، وقال رئيسها آلان غاربر في مقابلة إذاعية اليوم "لا أعرف بالضبط ما هي دوافع الحكومة، ولكنني أعلم أن بعض الناس منضمون إلى معركة ثقافية"، داعياً كل الجامعات الأميركية إلى "الوقوف بثبات" في مواجهة الحملة الحكومية. واقتطعت الحكومة الفيدرالية أكثر من ملياري دولار من تمويل "هارفرد" مما أدى إلى توقف بعض برامج الأبحاث في الجامعة التي تصنف ضمن أفضل الجامعات في العالم، ووفقاً لها فقد خرّجت 162 من الحائزين جوائز نوبل، وتستقبل هذا العام نحو 6700 طالب دولي، أو ما يعادل 27 في المئة من إجمال الطلاب. وتعد الجامعة التي تتقاضى من كل طالب فيها رسوماً دراسية سنوية بعشرات آلاف الدولارات الأغنى داخل الولايات المتحدة، وقُدرت قيمة أموالها بنحو 53.2 مليار دولار عام 2024.


Asharq Al-Awsat
an hour ago
- Asharq Al-Awsat
ترمب: بوتين «يلعب بالنار»
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، عن نظيره الروسي فلاديمير بوتين إنه «يلعب بالنار»، مجدداً هجومه على نظيره الروسي بسبب تعثر جهود السلام في أوكرانيا. وتأتي أحدث تعليقات ترمب عقب بعض من كبرى الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي الشامل في فبراير (شباط) عام 2022. وقال ترمب في منشور على منصة «تروث سوشيال»: «ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لولا وجودي لحدثت بالفعل أمور سيئة جداً لروسيا، وأنا أقصد ذلك تماماً. إنه يلعب بالنار!». وكان ترمب قد انتقد بوتين، الأحد، وكتب على «تروث سوشيال» أن نظيره الروسي «جُن جنونه»، ويطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة على مدن أوكرانيا «من دون أي سبب». وقال إنه «يقتل الكثير من الناس دون داعٍ، وأنا لا أتحدث فقط عن الجنود»، محذراً من أن أي محاولة للسيطرة على أوكرانيا كلها «ستؤدي إلى سقوط روسيا». وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» وشبكة «سي إن إن» قد أفادتا بأن ترمب يدرس فرض عقوبات جديدة على روسيا هذا الأسبوع، مؤكدين في الوقت نفسه أنه لا يزال بإمكانه تغيير رأيه. ومع أن ترمب دائماً ما كان يبدي إعجابه ببوتين، فإنه أظهر في الأسابيع الأخيرة استياءً متزايداً تجاه موقف موسكو خلال مفاوضات الهدنة المتعثرة مع كييف.


Okaz
2 hours ago
- Okaz
وسط مخاوف من اندلاع حرب.. الجيش الأمريكي يعزز قواته في شمال أوروبا
تابعوا عكاظ على دفع الجيش الأمريكي بتعزيزات إلى الجبهة الشمالية لأوروبا خوفاً من اندلاع حرب بين روسيا ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو). ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، فإن تدريبات الجيش الأمريكي على جزيرة سويدية أصبحت محور خطة تسلح جديدة لستوكهولم التي تبعد نحو 200 ميل عن مدينة كالينينغراد الروسية. وأشارت الصحيفة إلى أنه ينتظر أن تضم 4500 جندي في أوقات الحرب، واستعملتها قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في 21 مايو الجاري، لإطلاق صواريخ من منظومة متنقلة، مبينة أنه رغم أن القذائف التدريبية التي أطلقتها قوة من 12 من المارينز سقطت في بحر البلطيق، فإنها بعثت برسالة واضحة إلى روسيا مفادها أن الجيش الأمريكي يواصل تعزيز وجوده في شمال أوروبا. وأفادت الصحيفة أن إدارة ترمب تسعى إلى جعل الناتو أكثر «فتكاً»، وأن شمال أوروبا تعد ساحة اختبار لهذا التوجه، التي يواجه فيها الحلف روسيا من جهتين. وأبدى بعض المسؤولين الأوروبيين قلقهم من تراجع التزام الولايات المتحدة بالتحالف عبر الأطلسي، في ظل انتقادات ترمب للحلف وتصريحاته بشأن تقليص الانخراط العسكري الأمريكي في الخارج، مع أن قادة عسكريين أمريكيين يؤكدون أن موقفهم لا يزال ثابتاً. أخبار ذات صلة وأوضح نائب رئيس أركان العمليات في الجيش الأمريكي في أوروبا وأفريقيا العميد أندرو ساسلاف، للصحيفة، أن وجهة نظر الجيش الأمريكي لم تتغير، مبيناً أنه يمارس العمل منذ وقت طويل بما يكفي لكي لا ينشغل كثيراً بالتقلبات السياسية أو الرسائل التي لا تأتي في صورة أوامر. وتعتبر المناطق الشمالية ودول البلطيق محوراً مهماً في خطط الحرب الأمريكية، نظراً لأهمية طرق الشحن والممرات البحرية، والأراضي، واحتياطيات الطاقة في تلك المنطقة بالنسبة للغرب في عصر جديد من الصراع الجيوسياسي، كما تُعد دول البلطيق من بين الأكثر تشدداً داخل الناتو تجاه روسيا، وتتصدر الجهود الأوروبية لإعادة التسلح وزيادة ميزانيات الدفاع، بما في ذلك دعم القوات المسلحة الأوكرانية. وانضمت القوات الأمريكية والبريطانية إلى نظيراتها من الدول الاسكندنافية ودول البلطيق للمناورة التي امتدت على مدى ثلاثة أسابيع، وكذلك التدريب على سيناريوهات حرب محتملة، شملت تدريبات بالذخيرة الحية، وعمليات إنزال جوي فوق الدائرة القطبية في النرويج. وبحسب الصحيفة، فإن الهدف من هذه المناورات ردع أي عدوان روسي، وتعزيز دمج الحلفاء في هذا الركن الإستراتيجي من أوروبا، بما في ذلك فنلندا والسويد، العضوان الجديدان في حلف الناتو. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} قوات أمريكية.