logo
الأردن وفلسطين ... عبء العروبة في زمن الصمت العربي

الأردن وفلسطين ... عبء العروبة في زمن الصمت العربي

لم تكن فلسطين يومًا مجرد قضية حدود أو أرض محتلة بالنسبة للأردن، بل كانت – وما زالت – جوهر الانتماء، وصُلب الرسالة، ونبض الهوية.
فمنذ تأسيس الدولة الأردنية، لم تُبْنَ سياستها على مصالح ضيقة أو حسابات آنية، بل قامت على فكر عروبي قومي أصيل، يرى في فلسطين امتدادًا للروح، وفي القدس عهدًا لا يُخان.
الأردن، حمل لواء القومية العربية منذ تأسيسه ، فكان جيشه منذ اللحظة الأولى يُعرف بـ'الجيش العربي' لا الجيش الأردني، في دلالة واضحة على أن حدوده لا تقف عند جغرافيته، بل تمتد حيث يكون الحق العربي مهددًا، وحيث تكون الكرامة منقوصة .
لم تكن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مجرّد شرف رمزي، بل مسؤولية تاريخية متجذرة، حَمَلها الهاشميون بكل ثبات وإخلاص.
ومنذ أكثر من قرن، تعاقبت مبادرات الترميم والدعم والرعاية للمقدسات، واستمرت الجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية، لوقف محاولات تهويد المدينة وتغيير طابعها العربي والإسلامي.
جلالة الملك عبد الله الثاني، بصفته صاحب الوصاية الهاشمية، لم يترك مناسبة إقليمية أو دولية إلا وجعل من القدس عنوانًا رئيس في خطاباته، مؤكدًا أن هذه القضية ليست موضوعًا للتفاوض أو المساومة.
غياب التنسيق العربي… ومضاعفة العبء الأردني
لكن الأردن، في وفائه للقضية، لم يجد من العرب تنسيقًا على مستوى التحديات، ولا دعمًا يُوازي حجم التضحيات.
فبينما كانت عمان تفتح ذراعيها للاجئين وتقدم الدعم السياسي والمعنوي للفلسطينيين، كان التنسيق العربي – في كثير من اللحظات الحرجة – غائبًا أو باردًا أو حتى معطلاً.
هذا الغياب لم يترك الأردن وحده في مواجهة الاحتلال فحسب، بل حمّله أيضًا أعباء اقتصادية واجتماعية متزايدة ، فتراكمت عليه الضغوط، وارتفعت نسب البطالة والفقر، دون أن يتنصل من مواقفه، أو يبيع مبادئه، أو ينسحب من خندق الكرامة العربية.
هل نتخلى حين يتخلى الآخرون؟
في هذا المشهد المؤلم، تتردد الأسئلة على لسان الأردنيين:
هل نُغلق الباب على القدس و نُسلِّم الراية حين تسقطها أيدي الآخرين؟
لكن الإجابة، التي باتت من ثوابت الدولة الأردنية، واضحة مطلقة : لا.
فالأردن ليس دولة تبحث عن دور، بل دولة تحمل رسالة ، والقدس ليست ورقة سياسية في يد الدبلوماسية الأردنية، بل عهدٌ ديني وتاريخي، وموقف قومي لا يُنتقص.
الهوية الوطنية الأردنية… عمقها العروبة لا التنازع
وسط هذه التحديات، تظهر بين الحين والآخر محاولات للتشكيك في وحدة الهوية الأردنية، تحت عناوين ضيقة لا تُعبّر عن حقيقة المشهد .لكن الحقيقة أن الهوية الأردنية، بما تحمله من تنوع اجتماعي وامتداد قومي، لم تُبنَ على الانغلاق، بل على الشراكة في المصير.
ومن يحمل القدس في قلبه، ويناصر فلسطين، ويؤمن بعدالة الأمة، فهو أردني بالمعنى الأعمق من مجرد الجنسية.
نهاية القول… لسنا من "القاعدين' حين قال بنو إسرائيل لنبيهم: "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون' كانوا يتخلون عن مسؤوليتهم أمام الله والتاريخ لكن الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الحر، لم يكن يومًا من القاعدين، بل من المقاتلين في ميادين الكرامة، والكلمة، والموقف، والدعم، والبناء.
وإذا كانت العروبة قد خانت بوصلتها في لحظات، فإن الأردن ما زال ممسكًا بها، ويدفع ثمن ذلك… لكنه يدفعه بفخر،لكن الوفاء، حين لا يُقابله سند، يتحول إلى نزيف ، والثبات، في ظل الانهيار من حوله، يتحول إلى عزلة مكلفة .
الأردن لا يطلب جزاءً ولا شكورًا… لكنه، بكل وجع، يستحق أن لا يُترك وحيدًا في ساحة الشرف .

Orange background

Try Our AI Features

Explore what Daily8 AI can do for you:

Comments

No comments yet...

Related Articles

صدور كتاب جديد للمفتي د. خالد البراج بعنوان: 'القاعدة الفقهية: الضرر يُزال"
صدور كتاب جديد للمفتي د. خالد البراج بعنوان: 'القاعدة الفقهية: الضرر يُزال"

Al Dustour

time39 minutes ago

  • Al Dustour

صدور كتاب جديد للمفتي د. خالد البراج بعنوان: 'القاعدة الفقهية: الضرر يُزال"

عمان - الدستور صدر حديثا للمفتي الدكتور خالد سليمان نصرالله البراج، من ملاك دائرة الإفتاء العام كتابا جديدا بعنوان - القاعدة الفقهية: الضرر يزال - ، من منشورات دار جليس الزمان للنشر والتوزيع في عمان . وجاء الكتاب في مائتي صفحة، وقد قدم له فضيلة الأستاذ الدكتور: محمود علي السرطاوي حفظه الله تعالى ،عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية الأسبق ، و جاء الكتاب في مقدمة ، وسبعة فصول ، تحدث فيه البراج عن أصل القاعدة والتأصيل الشرعي ، وذكر ألفاظ الحديث وتخريجه ، ثم الفروع الفقهية التي بنيت على الحديث ، وسببه ، وأهميته ، وأقوال العلماء فيه ، والمراد من القاعدة ، وأهميتها وشمولها ، وذكر القواعد المتفرعة منها ، مثل : الضرورات تبيح المحظورات، ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، لا يزال الضرر بالضرر ،إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمها ضرراً، درء المفاسد أولى من جلب المنافع، والحاجة تنزل منزلة الضرورة ، ثم الخاتمة ، وقد ذكر فيها أهم النتائج والتوصيات وسرد القاعدة الفقهية وما تفرع عنها من قواعد فرعية لتكون حاضرة في ذهن الفقيه أو الباحث لضرورتها ، ثم ذكر تعميما للفائدة بعض القواعد المتفرعة على القاعدة العامة الضرر يزال ولم يذكرها السيوطي وابن نجيم في كتابهما الأشباه والنظائر وقد جاءت في شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر، ولأهمية الكتاب قال فضيلة الأستاذ الدكتور: محمود علي السرطاوي حفظه الله تعالى في معرض حديثه وثنائه على الكتاب : فقد رغب إلي الأخ الفاضل الدكتور خالد البراج أن أكتب مقدمة لكتابه القيم الذي شرح فيه أكبر وأوسع قاعدة في القواعد الفقهية وهي قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار" وقد أفردها بالبحث في كتاب؛ نظرا لأهميتها للفقيه والمفتي والقاضي والباحث والدارس في علوم الشريعة الإسلامية، وقد أجاد المؤلف في بيان جميع متعلقات القاعدة من حيث أدلتها الشرعية ومعانيها اللفظية والقواعد الفقهية المتفرعة عنها والمسائل المخرجة على كل منها مع بيان تعليلاتها وآراء الفقهاء فيها حيثما لزم بيان آرائهم وقد اعتمد في كتابه على المراجع العلمية المعتمدة عند فقهاء المذاهب ولم يفته الرجوع إلى المراجع المعاصرة وتدوين ما استجد من المسائل المعاصرة ، كل ذلك بإسلوب سهل ممتع وعبارات فقهية رصينة خالية من الحشو الممل والاختصار المخل وبلغة سليمة. وقد وثق جميع المسائل من مظانها توثيقا علميا وفق المنهجية العلمية المعمول بها في الدراسات الفقهيه فجاء الكتاب محققا للغرض المقصود ومغنيا عن الرجوع إلى المطولات والمدونات من كتب التراث فمن رغب في اختصار الوقت وسرعة الحصول على الأحكام في المسائل المبنية على قاعدة " لا ضرر ولا ضرار " وما تفرع عنها من قواعد وما خرجه العلماء عليها من مسائل فإنه سيجد في الكتاب بغيته ومقصوده. يذكر ان للمفتي الدكتور خالد سليمان البراج مجموعة من الكتب السابقة المطبوعة والمنشورة، وهي : 1- الجمال القرآني في الإعجاز البياني . 2-فضيلة الإخلاص في الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة. 3- نفحات إيمانية في ظلال قضايا وأحداث ومناسبات دينية . 4- اضاءات تربوية في ظلال المناسبات الوطنية هو من اصدارات سلسلة التثقيف الشبابي وزارة الشباب . 6-ثلاث رسائل في أحكام الموتى .

لما تكون أرض المدرسة «وِرْثِة»
لما تكون أرض المدرسة «وِرْثِة»

Al Dustour

timean hour ago

  • Al Dustour

لما تكون أرض المدرسة «وِرْثِة»

للتعامل مع الإساءات والمسيئين طرق شتى، و»لكل شيخ طريقته». لكن مسيئي الأعياد والأفراح والإنجازات «قاريين ع شيخ واحد» تراه قابعا خلف المفردات، يسارية كانت أم يمينية! على اختلاف ترددات بذءاتهم ينضحون من إناء واحد، وإن تعددت جغرافيات ما يكشفه التشريح الجنائي السيبري لحسابات الذين لا يفرحهم ما يفرحنا ولا يسرهم إلا ما يضرنا. هم في الحالين، لم تفلح لا سراء ولا ضراء في الجمع بين الحسن وضده. صحيح إن الإساءات التي طفحت فيه بعض النفوس المريضة ليست جديدة، فكثير مما يفشيه الصغار -الجُهّال في اللهجة العراقية- ما هو إلا فيض من غيض -أو تراه غيظ- ما تعلموه من كبارهم ومدارسهم ودكاكينهم وشللهم. لا تخرج الدناءة ولا البذاءة أبدا من عباءة تحفظ عهد الله وآماناته وتراعي حرماته. لكنها للأسف تنسل من تلك العباءات التي تتسربل بما يسيء للأوطان ارتزاقا أو جهالة، سيما تلك الإساءات والافتراءات بحق البلاد التي أجارت وأغاثت وعفت وصفحت وسترت. لن أذكر أسماء المسيئين كرامة لهذا المنبر الكريم، فلا مجال للشخصنة هنا. ولذلك الأمر أهله من ذوي الاختصاص، لتأديب من أساء فهم الصبر الجميل. ما يعنينا جميعا في أفياء الاستقلال وظلال الدوحة الهاشمية والعرين الأردني العبدلي، هو ما وصفه قبل سنوات سيدنا عبدالله الثاني «الضغط من تحت» في حديث مع شباب البلد. حاشا لله أن يزاود من لا يملك المعرفة والمعلومة والخبرة على من تسنم المسؤولية من ذوي الاختصاص خاصة نشامى مكافحة الجرائم الإلكترونية، لكن الأمر صار أبعد وأعمق من مجرد تعبير مسيء يتم تأديبه بالغرامة أو الحبس أو كليهما. لن أشير للإساءات ولا المسيئين، بل على النقيض أستلهم الرد بنموذج نال شرف التكريم الملكي بعيد الاستقلال التاسع والسبعين لأردننا المفدى. إنه نموذج الجدة لطيفة المشاقبة. نشمية -كما قال كثيرون في التايم لاين الأردني- لم تتلق تدريبا ولا تأهيلا في المواطنة ولا الحوكمة ولا الجندرة ولم تشارك بفعاليات أهلية ولا رسمية، لا أمام الكاميرات ولا خلفها، حتى تبادر فتهدي قطعة من أرض ورثتها -ما اشترتها- بل ورثتها كابرا عن كابر، من شيوخ عشيرتها حتى أهدتها مدرسة تنشيء أجيالا تعرف كيف تصون الاستقلال وتحميه، من كل عدو وطُفَيْليّ أيا كان اسمه أو رسمه! الرد المفحم المبين على من أساء للاستقلال والمحتفلين به هو ليس الانشغال بسفاسف السفهاء، بل الاشتغال بما يغنينا عن أشكالهم ووجوه مشغليهم، أفلا شاهت الوجوه. وفيما نودع عيدا ونستعد لعيد، بين عيد الاستقلال وعيد الثورة العربية الكبرى بعد نحو أسبوعين، فسحة للتأمل إحصائيا في أراضي المدارس التي خرجت أجيالا في أردننا الحبيب. تراها في المفرق «وِرْثِة ما هي شَرْوِة»، كما في عطاء الحاجة لطيفة المشاقبة بارك الله في عمرها. وترى أراضي المدارس هبة هاشمية، مكرمة ملكية كما هي أرض الشميساني في عمّان في القلب منها، حيث مدارس راهبات الوردية. مسبحتنا الأردنية طويلة، مباركة مجيدة حباتها الثلاثينية والتسعينية في أيادي الموحدين المؤمنين، مسلمين ومسيحيين أردنيين. مسبحة لا انفراط لعقدها وعهدها العظيم، فأثمرت وأينعت ولله الحمد إنجازات صنعها الأردنيون على أرض الواقع لا الواقع الافتراضي لصالونات ومنصات «السايبر الهايبر»!!

الشرع من قلعة حلب: تحرير المدينة كان لحظة تصنعها الأمم مرة كل قرن
الشرع من قلعة حلب: تحرير المدينة كان لحظة تصنعها الأمم مرة كل قرن

Saraya News

timean hour ago

  • Saraya News

الشرع من قلعة حلب: تحرير المدينة كان لحظة تصنعها الأمم مرة كل قرن

سرايا - وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى قلعة حلب للمشاركة في فعالية "حلب مفتاح النصر"، التي تقام في قلب المدينة التاريخية، وسط حضور رسمي وشعبي واسع. وأكد الشرع، خلال كلمته في فعالية "حلب مفتاح النصر"، التي أقيمت في قلعة حلب التاريخية، أن استعادة المدينة شكّلت محطة فاصلة في مسار الصراع، واصفًا لحظة دخول القوات السورية إلى أزقتها بأنها "لحظة تصنعها الأمم مرة كل قرن". وقال الشرع مخاطبًا أهالي حلب: "يا أبناء حلب وبناتها من شيب الأمة وشبابها، يا من كتبتم بالدماء الزكية سطور المجد، ونسجتم من الصبر أشرعة الإقدام، وصغتم من عرق الكفاح قلائد العزة والرفعة". وأضاف أن حلب، التي "ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة"، كانت ولا تزال رمزًا للصمود ومحرابًا للبطولة، مضيفًا: "نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء، هذه المدينة التي كانت القلعة والجدار والشاهد على صمود سوريا في وجه أعدائها". وتحدث الشرع عن بداية معركة التحرير، قائلًا: "في هذه المدينة كانت الثورة صرخة صادقة وُلدت من رحم الألم، فحملها رجال صدقوا العهد وصانوا الوعد، عملوا في الخفاء ليصنعوا المجد، فكان لهم خير أثر في معركة التحرير". واستذكر الرئيس مشاعر الخسارة بعد سقوط المدينة، قائلاً: "كم تأثرت لخسارتها، وكم عزمت على استردادها، وكم حذرني الناس من دخولها، فقلت: ما من فتح أعظم من حلب وما من نصر يعدلها". وشدد على أنه كان على يقين بأن تحرير حلب هو مفتاح النصر، موضحًا: "هيأنا العدة وجهزنا الجيوش، ولم نخض حربًا كما خضناها من أجل حلب، ومع التوكل على الله وبدء قواتنا بالزحف نحو أسوارها بدأت حصون العدو تتهاوى". واختتم كلمته بتوصيف لحظة دخول القوات السورية إلى المدينة، بالقول: "عندما دخل الأبطال أول أزقتها، التفتُّ إلى رفاقي وقلت: هذه لحظة تصنعها الأمم مرة كل قرن". وتأتي الفعالية ضمن سلسلة من الأنشطة الوطنية والثقافية التي تسلط الضوء على رمزية مدينة حلب ودورها المحوري في الدفاع عن وحدة سوريا وسيادتها، بعد سنوات من المواجهة مع الجماعات المسلحة.

DOWNLOAD THE APP

Get Started Now: Download the App

Ready to dive into the world of global news and events? Download our app today from your preferred app store and start exploring.
app-storeplay-store