أحدث الأخبار مع #أكرمعطا


قدس نت
منذ 16 ساعات
- سياسة
- قدس نت
فلسطين ... وسرديات مختلفة...!
بقلم: أكرم عطا الله بقلم أكرم عطالله : النقاش السياسي في لحظة أخلاقية فادحة يصبح غير أخلاقي بالنسبة لمن يدفعون الثمن بلا مقابل وطني أو في لحظات النزيف الدامي، هكذا بدا الأمر في هذه الإبادة التي تعرضت لها غزة التي تموت بأنين خافت أمام وجهات نظر فلسطينية خارجها غارقة في ترف النظريات التاريخية ومقارناتها، دون حساب لعواطف البشر ودموعهم وأرواح كانت لها أحلام وأرواح ومستقبل وذاكرة وعائلات تمزقت بالنزوح حيناً وبالموت أحياناً، أما الجوع الذي لا يتوقف عن أكل البشر فهو خارج الحسابات. هكذا بدت الأمور في هذه الحرب التي كشفت حجم تباين الفلسطينيين حيث لكل مكان سرديته الخاصة التي تزداد تباعداً، ولم يعد الفلسطيني موحداً حول ذاكرة واحدة كما العقود الأخيرة ولن يكون بعد هذه الحرب وبسبب نتائجها، صحيح أنه كانت هناك مؤشرات ووقائع لهذا التشتّت لكن الحرب على غزة كشفت أصعب مما كان متوقعاً، فقد أصبحت لغزة سرديتها الخاصة منذ عام ونصف العام، سردية الضحية التي ما كان يجب أن تندفع بهذا الجنون، هكذا يقيّم الغزيون فعل السابع من أكتوبر بعد أن فقدوا مدنهم وبيوتهم وذكرياتهم وتركوا خلفهم أبناءهم تحت الأنقاض، وتعرضوا لمجاعة شديدة الصعوبة ولخذلان أشد وطأة من كل شيء من الأخ والصديق والرفيق ليجدوا أنفسهم عرايا وحدهم تحت سماء التاريخ. في الداخل الفلسطيني، ظهرت سردية وسطية تقترب إلى حد ما من سردية غزة، فهي تدرك حجم الوحشية الإسرائيلية وتدرك أكثر أصول اللعبة وطبيعة المعادلة لمعرفتها بالعقل الإسرائيلي بحكم التعايش اليومي، وتدرك أن التعبير عن رأيها للحدث سيدفعها لواحدة من أكبر الخسارات وهي تقف في وضع استثنائي إذ تنتمي لشعب وتعيش في ظل سلطة تحتل هذا الشعب لتفضل الصمت حتى لا تستفز وحش القوانين ضدها وتجد نفسها خارج المكان، كما استفزت غزة وحش السلاح لتجد نفسها ومجتمعها على حافة المكان. وقد وجدت الضفة الغربية سرديتها المشتقة من واقع رفضها للاحتلال وتسعى للانتقام منه بأي شكل لتجد في السابع من أكتوبر ما يدغدغ لحظة عاطفية تجسدها عربدة المستوطنين وحواجز الجيش وحرق الزيتون وعنصرية الطرق وتمدد المستوطنة، دون أن تدقق كثيراً بمأساة غزة التي ستمتد لعقود أو تغرق في تفاصيل عاطفية يومية بل كان حكماً سياسياً لم ينتبه لأزمته الأخلاقية حين لا يتحمل وطأة الحدث. أما الخارج الأكثر بعداً عن الحدث والمتحرر من ضغط الاحتلال يرى فيه بطولة تجسدت في لحظة ما، ما يكفي أو يستحق سحق مدينة بمواطنيها وتاريخها مستدعياً من تجارب التاريخ والتضحيات البعيدة ما يسند سرديته بالشعار الكبير والتساؤلات على نمط: كل الشعوب دفعت أثمان التحرير أو هل تتوقعون حرية بلا ثمن؟ وغيرها من التساؤلات التي لا تستوي مع الانفصال عن المكان وشراكة الثمن، بل ترى أن الثمن الذي تدفعه غزة هو ثمن طبيعي لا يتعلق الأمر هنا بقراءة التاريخ بقدر ما يتعلق بتوزع الجغرافيا وعدالة الثمن. قبل عقود، حصل ما يشبه ذلك في النكبة الفلسطينية حين توزع الشعب الفلسطيني تحت أكثر من نظام حكم. ففي غزة، أصبح تحت الإدارة المصرية وفي الضفة تحت الإدارة الأردنية وفي الداخل وجد نفسه تحت حكم من طرد شعبه يتعرض لعملية أسرلة واختلفت المناهج الدراسية وفي الشتات أكثر كان الأمر متباعدا فنشأ تعدد الروايات، إلى أن جاءت منظمة التحرير في ستينيات القرن الماضي لتعيد صناعة رواية موحدة جسدت أهم ما حدث للفلسطينيين بعد النكبة وقد أدى احتلال اسرائيل لباقي فلسطين بعد النكسة إلى إعادة التواصل بين التجمعات الثلاثة ليكون ذلك مقدمة للانتفاضة الموحدة. إلى أن جاءت حركة حماس من رحم حركة الإخوان المسلمين وظلت خارج منظمة التحرير لتصنع لها سرديتها الخاصة الموازية. ومع انقلاب العام 2007 كان للفصل بين غزة والضفة دور في صناعة روايتين وثقافتين ومجتمعين ورؤيتين، إلى أن جاء السابع من أكتوبر وتداعياته التي أحدثت الشرخ الأكبر في الروايات الفلسطينية والأحداث. لذا لم يعد النقاش سهلاً بين فلسطينييْن أحدهما من غزة جائع خائف فقد نصف أسرته ولم يتمكن من دفنهم مع فلسطيني في العواصم يشعر بوخز البعد عن المكان ويعيش لحظة فخر السابع من أكتوبر ويكتفي بها دون أن يكون جزءا من التداعيات والأكلاف وليس مستعداً للنظر بالإستراتيجيات القائمة والقادمة إذا ما كان الفعل ونتائجه سيؤديان إلى الطريق الوحيد أم سيغلقان كل الطرق، هذا ليس مهماً. الخشية أن تنتهي هذه الحرب بتمزيق الشعب الفلسطيني لروايته التي حاول أن تكون موحدة على امتداد عقود مضت. فالنجاحات عادة تغطي على كل الأسئلة فيما الفشل يفتح على الكثير من الأسئلة. وهذه المرة غزة وحدها ترى الكارثة فيما بقية الفلسطينيين في العالم لا يشاركونها ذلك لذا أسئلة غزة نابعة من فشل فادح بدل أن يحرر أرضاً استدعى اسرائيل لاحتلال غزة، وأما بقية من فلسطين ترى البطولة التي تستحق مهما كلف الثمن. وما بين الكارثة والبطولة يتحول الفلسطينيون إلى شعوب وقبائل لا ليتعارفوا بل ليتعاركوا، هذه هي الحقيقة لكن الأهم أن فائض الترف السياسي في لحظة أخلاقية فادحة ينبغي أن يكون مشوبا بالحذر فقد يبدو أنه لا أخلاقي. جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت


قدس نت
منذ 4 أيام
- سياسة
- قدس نت
زيارة ترامب ... هامش ومراكز ...!
بقلم: أكرم عطا الله لا يحتاج الأمر للكثير من التفسير لمعرفة مدى هامشية الملف الفلسطيني، وسط زحمة أحداث المنطقة التي تتطاير فيها التريليونات التي تتجاوز في عرف العالم الحديث ومعاييره المستجدة حجم اللحم المتطاير في غزة. ولم يكف ما سال من الدم ليستدعي وقفاً فورياً لمأساة تنزف وينزف معها التاريخ العربي والعالمي من مخزونه الأخلاقي حد الانكشاف. كانت زيارة الرئيس الأميركي القادم من بعيد جغرافياً ومعرفياً وحضارياً من وراء المحيط، ومن وراء السياسات التقليدية وأعمدتها مجرد زيارة اقتصادية عقارية سجلت فيها واشنطن نجاحاً باهراً بصفقات هو سيد صناعتها، منذ أن أعلن في خطاب التنصيب عن عودة الزمن الأميركي المخضب بالمال، والمفتوح على كل الاحتمالات والطرق التي تؤدي إليه بلا ضوابط. فالزمن تغير والسياسة تنتقل بقفزات انتحارية من قادة الفكر لقادة الأمن، ثم تهبط لقادة المال والشركات، وحينها يمكن لنا أن نفهم في هكذا مناخات أن قطرة النفط أغلى كثيراً من قطرة الدم، وأن الشركة تحكم أكثر من المؤسسة، وأن لوبيهات المال أكثر قدرة من لوبيهات السياسة، والنتيجة أن لغة المصالح أعلى صوتاً من لغة المبادئ. منذ عقود كان الصراع الخافت في الوطن العربي يدور من وراء جدران عالية على الزعامة والريادة التي كانت بحكم عوامل التاريخ والجغرافيا تتركز في عواصم مركزية نشأت حضاراتها على ضفاف الأنهار القاهرة ودمشق وبغداد، ولكن في العقود الاخيرة عندما تكدس رأس المال العربي في الصحراء بعيداً عن الأنهار خرج هذا الصراع للعلن، حين انفتحت شهية الخليج لنقل القرار السياسي في عواصمها. كانت زيارة الرئيس ترامب الاقتصادية الكبيرة تحمل قدراً من تتويج الخليج زعيماً للمنطقة، كان أكثر تعبير عنها أن تتكفل الرياض برعاية دمشق كوليد صغير بحاجة لمن يأخذ بيده بعد أن كانت عاصمة مركزية يحسب لها ألف حساب. ما بين إعادة توزيع القوة في الإقليم حضور عواصم وغياب عواصم، وبين هامشية القضية الفلسطينية التي تجنبت الأطراف التوقف عندها لأن مطالبها أكبر من إمكانيات الرئيس الأميركي على دفعها. فالسعودية تطالب بدولة فلسطينية، وتلك خارج طاقة الرئيس غير المسكون بالسياسة والذي يتلاشى عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وخصوصاً أن الدولة بمجملها انتقلت لليمين وتعاهدت بتسعين عضو كنيست على رفض الدولة الفلسطينية، أما ان يطالب ترامب السعودية بالتطبيع، وهذا الأمر بات يتعارض مع طموحات الدولة بالريادة في الإقليم، فالسعودية تطمح لقيادة المنطقة وتدرك قيادتها أن واحداً من شروط الريادة التمسك بالحقوق الفلسطينية والإصرار عليها، فنشأ ما يشبه التوافق بلا اتفاق على ضرورة تنحية الملف حتى لا يعكر صفو الصفقات والأموال التي يحتاجها الاقتصاد الاميركي. زيارة ناجحة بامتياز لكل أطرافها، فقد حصلت تلك الاطراف على ما تبحث عنه، فقد حصل الخليج على الدور والزعامة، وحصلت أميركا على الاموال، وظلت الدول التي فشلت في إدارة نفسها وتعلقت بحلول تهبط عليها من السماء أو تعلقت بلقاءات دول وزعماء غيرها على هامش التاريخ الذي لا ينتظر ولا يرحم، في هذه الزيارة انكمش الفلسطيني الذي ملأ الدنيا ضجيجاً، فقد تجاوزته الأحداث وربما كان بحاجة لمن يذكره بأن لا حلول من الخارج، وأن ما سيسعف الفلسطيني هو الفلسطيني، وأن عليه أن يجلد ذاته حتى التورم لأنه كان المساهم الأكبر نتاج فائض الجهل الذي أديرت به القضية، لتصل إلى هذه الدرجة من البؤس المغمس بدم ونتاج الإدارات الطائشة والسياسات الطائشة والمغامرات الطائشة. لم يتم إعادة توزيع القوة على مستوى المنطقة فقط، والتي أيضاً في عالم المال تعود إسرائيل لحجمها الحقيقي مثقلة بصورة متوحشة تتجسد يومياً في غزة بما ترتكبه من إبادة، ففي عالم المال والشركات لا مجال لدولة، لا يعطي التاريخ كثيراً لدولة تعتاش على رعاية الدولة الكبرى، وهذا ما أظهرته حركة الأسابيع الأخيرة من سلوك الرئيس الأميركي الذي يعاني من فائض قوة، وتلك ربما تعطي ما يكفي من القوة للخليج الصاعد إذا اراد استثمار اللحظة وتكريس زعامة تبقى ناقصة دون فلسطين، فقد جاء الرئيس الأميركي ليطلب ما كان ينبغي أن يدفع فواتيره، ففي السياسة ليس هناك شيء بالمجان إلا لدى البسطاء. فقد كان توزيعاً للقوة أيضاً على مستوى العالم وإراداته بين أموال الخليج وترسانة واشنطن وأذرع التنين الصيني الذي يزحف بلا توقف مسابقاً الزمن ومصارعاً، هكذا بدا العالم في لحظة وهنت فيها دول القوميات، وغابت أوروبا عن المشهد وهي تجر نفسها بتثاقل في الشرق الأوكراني وفي فضاء عواصمها. على الفلسطينيين أن يقفوا طويلاً أمام حساب الضمير بما فعلوه بأنفسهم وبقضيتهم وبشعبهم الذي أثخنوه بما امتلكوا من قوة وجهل، وعلى فشلهم في امتحان الجدارة، وعلى حركة حماس أن تتوقف أمام إدارتها للسياسة وما فعلته لغزة وبغزة من سنوات طويلة، بدءاً من طرد السلطة والتسبب بانقسام أنتج حالة كاريكاتورية أفقدت الفلسطينيين هيبتهم وقوتهم الناعمة واحترامهم، وصولاً لمغامرة السابع من أكتوبر التي قصمت ظهر القضية، ليفقد الفلسطيني كل ممكنات قوته، ويتحول إلى متسول للطعام ومتوسل للسياسة على قارعة التاريخ، منتظراً من يذكره في قمم المال والصفقات في حالة يُتْم تسبب لنفسه بها عندما قتل أمه وأباه وهو يصارع على الوراثة. هكذا هو التاريخ لا يحمي الضعفاء، بل ويزيح عن طريقه المصابين بالكساح، وأهمه المصابون بالكساح العقلي ونحن الفلسطينيين نموذج لهذا. جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت


قدس نت
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- قدس نت
مأزق حماس الوجودي ومأساة الشعب ...!
بقلم: أكرم عطا الله وتستمر ساقية الدم في غزة بالدوران دون توقف لأن طرفيها يريدان الحد الأقصى غير الممكن حتى اللحظة. أحدهما يرفض استيعاب واقع هزيمة استدعاها لنفسه في ظل خلل فادح في السلاح وموازين قوى كانت شديدة الوضوح لمن يقرأ في السياسة، وطرف يعتبر أن ما حققه في العام ونصف الأخيرين يوفر له فرصة إعادة هندسة الواقع، معتمداً على قوة عسكرية تنتهي امتداداتها لكل مخازن السلاح المفتوحة الأكثر تطوراً في العالم والأكثر قدرة على القتل الفردي والجماعي. بات واضحاً أن إسرائيل الطرف الذي بات يملك زمام المبادرة أمام خصم بات ضعيفاً، إلى هذا الحد لا تكف اسرائيل عن التنصل وخداع الوسطاء وأهالي الأسرى، تهدد باجتياح غزة، وما بين بدايات الحرب وخوفه من الاجتياح كما قال عضو الكابينيت الحربي آنذاك بيني غانتس، وما بين استسهال الاجتياح الآن والتحضير له تكمن نتيجة الحرب. وهي النتيجة التي تترجم نفسها سياسياً وعلى طاولة التفاوض كما هو متعارف عليه في كل حروب التاريخ ومعاركه، إلا لدى الفلسطينيين الذي استدعوا كل هذا الخراب والهزيمة، وبات الاعتراف بها يشكل حرجاً لمن رفع سقف الكلام عالياً دون دراية أو معرفة بالأبجديات، ليجد الفلسطيني نفسه في غزة معلقاً على شجرة لا يتوقف عن النزيف. يبدو أن نتنياهو استطاع أن يضلل الجميع مؤجلاً الحديث عن اليوم التالي إلى حين صناعة اللحظة التي تمكنه من أن يقدمه. فقد كان مخادعاً وهو يترك للجيش في عهد غالانت - هاليفي أن يجرب حظه، لكنه كان يحتفظ برؤيته منتظراً صديقه ترامب للسيطرة على غزة، وها هو ترامب الذي أحدث ما يكفي من فوضى السياسة يعلن عن خطة تعيين «بول برايمر «جديد لغزة لكن الأمر لم يستقر بعد. «لا هدن مؤقتة» هكذا تعلن حركة حماس على لسان عضو مكتبها السياسي باسم نعيم، وبالنسبة لإسرائيل لا وقف للحرب دون تطبيق رؤيتها بإنهاء حكم حماس وتجريد غزة من السلاح، وفي كل الحروب تتوقف الحرب عندما يدرك الطرف الضعيف أن ليس بإمكانه الاستمرار، وأن في ذلك ما يرفع كلفة الخسارة، ولكن الأمر بالنسبة لحركة حماس يعتبر مسألة حياة أو موت، ليس فقط لطبيعة الصراع مع اسرائيل الذي لا يجب أن ينهزم فيه الفلسطيني، والذي فعلت الحركة عكسه لتستدعي الهزيمة. ولكن في الاعتراف بالهزيمة ما يخضعها لشروط تعني في مجملها إسدال الستار على فكرة الحركة التي تأسست كحركة مقاومة مسلحة، وأقنعت الناس بصوابية برنامجها العسكري وقدرته على تحرير الأرض، لتكتشف أنه تسبب بإعادة احتلال غزة وضياع ما كان من الأرض. بكل الظروف نحن أمام تساؤلات تقف أمامها حركة حماس وجدارة برنامجها، وهو يعتبر مبرر وجودها كدور وظيفي استدعاه التاريخ لتعبئة فراغ أحدثه فشل عملية التسوية عندما قدمت قمة كامب ديفيد صورة الفشل، وتنامت قدرة الحركة حين اندلعت الانتفاضة الأقرب لبرنامجها الصدامي والذي يعلن فشل المسار الذي ذهبت إليه حركة فتح، في ظل هذا المناخ تنامت حماس، لكن ما حدث في العام ونصف الأخيرين والفشل العسكري الذي تحقق وفداحة التكلفة يضع برنامج حماس أمام تساؤلات ستطال الحركة نفسها ودورها الوظيفي. فماذا ستقول في برنامجها لاحقاً إعداداً للتحرير؟ أم مفاوضات؟ لقد مست هذه الحرب بجدارة الفكرة والبرنامج والهيكل. هنا العقدة التي تكمن بها أزمة حركة حماس بالاعتراف بخطأ الاندفاعة أكثر مما يجب، ورفع مستوى الصراع للحد الأقصى ودفع المعادلة نحو صفرية لا تستطيع لا هي ولا الشعب تحمل تبعاتها، فالاعتراف يعني إقرار الحركة بإسدال الستار على تجربتها ومشروعها، لا يعني ذلك الإمعان في الإعلان الرسمي عن ذلك بل ضروري لفهم ما يحدث، وكيمياء السياسة لدى حركة كان لديها فائض من الحلم حد الوهم وقليل من العلم بالواقع والوقائع. لذا تقف الحركة أمام مأزق وجودي هو الأصعب منذ انطلاقتها، وصار ينسحب على الشعب الفلسطيني في غزة. ففي استمرار الحرب انتحار لا أمل منه، وفي الاعتراف وتحمل تبعاته انتحار لا يقل وطأة. لذا فقد باتت مساعدة حماس على الانسحاب من المشهد بهدوء مهمة وطنية بالدرجة الأولى تضمن إنزالها هي والغزيين عن الشجرة ووقف النزيف المستمر. إسرائيل لن تترك غزة بكل الظروف، ومن السذاجة أن نعتقد أن وقف الحرب وعودة الأمور مسألة ممكنة، ففي ذلك الاعتقاد ما يضمن استمرار النزيف حد الموت، اسرائيل تعمل منذ أسابيع في رفح لدفع الناس هناك، ومنذ أسابيع تناقش مسألة التحكم بالمساعدات بالتعاون مع الأميركي الذي لم يكن إعلانه في السابع من نيسان الماضي لدى استقباله نتنياهو «بالسيطرة على غزة « مجرد كلام عابر، بل جزء من خطة مدروسة بين الثنائي. فقد كان نتنياهو يعد لها مبكراً قبل أن يغادر بايدن، لذا كان يخفي خطة اليوم التالي بينما كانت الحركة الفلسطينية تحتفل قبل أسابيع بلافتة تكتب عليها «نحن اليوم التالي» هكذا تسير السياسة لدينا... ولديهم أيضاً..! جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت


قدس نت
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- قدس نت
هل تصلح الأحزاب الدينية للسياسة ؟
بقلم: أكرم عطا الله ربما كشفت الاندفاعة التي قامت بها حركة حماس قبل أكثر من عام ونصف العام عن طبيعة العقل المغامر الذي تدار به السياسة وصراعاتها لدى الإسلاميين بهذا القدر من التسطيح والتبسيط بعيداً عن إجراء الحد الأدنى للحسابات التي تتطلبها، بقدر ما يتعلق برؤية قاصرة مفعمة بالأيديولوجيا التي لا علاقة لها بواقع السياسة. أدرك الأوروبيون مبكراً كارثة الحكم الديني حين كان يدير الأرض بالمتخيل الديني ليحكم على القارة بالتخلف فأزاحوا سلطة الدين مرة وإلى الأبد لتبدأ نهضة القارة، أما ثيودور هرتسل الذي كان يراقب العالم من عواصمها مستفيداً من تجربة التاريخ وحالماً بإنشاء دولة لليهود كان واضحاً وحاداً وهو يضع أسس هذه الدولة في كتاب صغير ليطلب «حجر الحاخامات في كنسهم ومنع تدخلهم في السياسة». بعد ثلاثة أرباع القرن من محاولة إسرائيل إبعاد رجال الدين عن السياسة و»حجرهم في كنسهم» تسلل المتدينون للحكم وأصبح لهم وزراء بمرجعيات حاخامية لتبدأ إسرائيل مشوار هبوطها نحو الدول العالمثالثية، بإلغاء استقلال القضاء والصراعات الداخلية والنبذ الخارجي وأزمة التجنيد وأزمة صدام مكوناتها ومجموعة من الأزمات تتفجر تباعاً وتلك طبيعة الأشياء عندما تصل قوى دينية لمركز القرار. الدين مجموعة مبادئ ونظم ثابتة أما السياسة فهي حالة متحركة ترتبط بالتغيرات اليومية وانزياحات موازين القوى. وما بين استاتيكا الدين وديناميكا السياسة لا بد أن تصاب المجتمعات ذات الطبيعة الحية بسكتة الأيديولوجيا الثابتة ما يحكم عليها بالتراجع أو على الأقل بالصدام بين مكوناتها ما بين من يريد السكن في الماضي ومن يريد الذهاب نحو المستقبل، ما بين من يريد قراءة الواقع بوقائعه وما بين من يريد قراءة الواقع بغيبياته وما بين الأرض وبين السماء تكمن أزمة كثير من الشعوب التي حكمتها قوى دينية. للمرة الثانية يحدث هذا الفعل المغامر، قد سبق السابع من أكتوبر الذي لم يخضع لأي حسابات عقلية أو سياسية فعل مشابه قبل ربع قرن لقوة دينية وهي القاعدة ضربت برجي مركز التجارة العالمي وما بين غزوة بن لادن وغزوة 7 أكتوبر ربما يتضح لدينا طبيعة العقل الديني في فهمه للصراعات وإن كانت النتيجة وبالاً على المخططين، بل وكانت النتيجة مزيداً من الهيمنة الإقليمية والدولية للقوى التي تلقت الضربة فقد احتلت الولايات المتحدة باسم الغضب والانتقام للضربة أفغانستان وأسقطت الرئيس العراقي صدام حسين وأعدمته، أما إسرائيل فقد ضربت حزب الله بقوة وقتلت أمينه العام أيقونة المحور واحتلت غزة وشردت أهلها وقتلت عشرات الآلاف من سكانها ودمرت معالم الحياة فيها لعقود قادمة وها هي تضرب سورية وتهدد إيران وتتصرف كدولة مهيمنة إقليمياً. لا يتعلق الأمر هنا بطبيعة ما قامت به التنظيمات الإسلامية بقدر ما يتعلق بقراءة موازين القوة وتوقع ردة الفعل وهي الدرس الأول في السياسة ومدى استفادة أبناء المدرسة الدينية من التاريخ وقدرتهم على تحويله إلى ممارسة سياسية ناجحة، وهذا لم يتحقق في ظل الانبهار بالأيديولوجيا وتاريخها ومعاركها فكل صراعات التاريخ وحروبه العالمية ومعاركه الكبرى والصغرى وأسلحته ومناوراته وذكائه الصناعي الذي دخل كجزء من آلة الحرب لا تعني شيئاً لأبناء تلك المدرسة ففي الكثير من النقاشات يفاجئك الإسلاميون باستعادة تجربة معارك ما قبل السلاح، معارك الإرادة والشجاعة وتلك انتهت مع اختراع أول طلق ناري وبتنا أمام عصور مختلفة تتطلب سياسات مختلفة. هذه تصلح للقياس في فهم الإسلاميين لإدارة المجتمعات والتي تنتهي عادة بتراجيديا مؤلمة على نمط البطل في الأساطير اليونانية وخسارات فادحة، فالعقل الذي يدير صراعاته في القرن الحادي والعشرين بمنطق الغزوة باعتبار الغزوة مصطلحاً وفعلاً قديم هو عقل لا يصلح لإدارة المجتمعات بل لا تستطيع المجتمعات دفع كلفة بدائيته وتخيلاته على نمط حسابات الأرقام المنفصلة عن واقع السياسة وموازينها وفداحة تكلفتها إذا ما تم ارتكاب أدنى الأخطاء. انتهت غزوة مانهاتن بالقضاء على مخطِّطِها وتنظيمه وفكرته التي تمت ملاحقتها، ولم تنتهِ تداعيات غزوة السابع من أكتوبر بعد لكن إسرائيل اغتالت مخطِّطها وقضت على قوة تنظيمه وفكرته وحاضنته الاجتماعية لتقف حماس أمام مفترق يشبه النهايات. فهي غير قادرة على الاستمرار ولا التراجع ولا الثبات في المكان ولا مستقبل لها بعد هذه المغامرة الفادحة، فلا يمكنها العودة لحكم مرفوض من قبل الجميع وأولهم سكان قطاع غزة، ولا هي قادرة على الاختفاء من المشهد بمحض إرادتها لتقف أمام خيارين فإما النصر أو الشهادة، وطالما أن النصر غير متحقق فنحو الشهادة وهنا أيضاً نموذج كيف تقف الأيديولوجيا عائقاً أمام الحل الوسط والانسحاب بمرونة تحفظ ما تبقى من التنظيم أو من أهل غزة. الإقليم وتجاربه بعد زلزال غزة بحاجة لقراءة أخرى. صحيح أن معظم الأفكار والنظريات فشلت في المنطقة العربية لكن فشل الإسلاميين مختلف ليس فقط لأنه الأكثر فداحة بل لشدة انفصاله عن واقع السياسة، وهذا ما يقرؤه الغزيون في تصريحات زعماء الأحزاب الدينية الذي يحاولون ممارسة السياسة متأخراً ... أو تحت ضغط اللحظة ...! جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت


قدس نت
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- قدس نت
غزة.. أنين مدينة أكلتها المجاعة والنسيان !
بقلم: أكرم عطا الله لا شيء في المدينة سوى أناس فقدوا ملامحهم لأن شوارعها ضلت الطريق، لا شيء في المدينة سوى الجوع والعطش والخوف الذي سكن شاطئها لينتشر كلما تحركت الأمواج نحو الشرق مثل لهب يمتد من الشمال إلى الجنوب بلا توقف. كأن تاريخها أصبح وقتاً مستقطعاً بين حزنين وبين موتين وبين قذيفتين وبين رصاصتين تخطئان الطريق، لأن الرماة يراهنون دقة التصويب وتجارب الذكاء الصناعي. فحتى العلم الذي سُخر لخدمة البشر كان وبالاً على غزة. هكذا تعمل الأقدار كأنها تصفي حساب التاريخ الطويل لمدينة لا تتوقف عن النزيف منذ جرحها الأول. ماذا يمكن للعقل أن يخترع ما يواسي المذبحة؟ لقد جف الكلام ولم يعد سوى تكرار لرحلة المسيح الطويلة قبل أن يعلق شعبه على الصليب. فلا إسرائيل تنتظر حلولاً وهي ترى فيما يحدث فرصة التاريخ التي تأخرت ثلاثة أرباع القرن لتنقض مثل ذئب جائع ينتظر طريدته على المشروع الفلسطيني الذي تبلور في غزة، ولا حركة حماس على الجانب الآخر تنتظر أفكاراً، كم تعبت الناس وهي تقول وتكتب وتنصح، لكن حماس تريد أفكاراً داخل صندوقها الذي يضمن استمرار نفوذها وحضورها في معركة يائسة تحولت إلى مقتلة جماعية وبلا أمل يتبدى بعد عام ونصف. تعود الأمور لنقطة صفرها الأولى في مفاوضات تعيد طبخ الحصى لأطفال جوعى، وكم جاع أطفال غزة في أطول وأقسى مجاعة شهدها التاريخ الحديث، فقد أغلقت كل المعابر ولا شيء يدخل غزة لا غذاء ولا دواء. كيف يمكن للعقل البشري أن يشهد هذه الحقبة ويعيش وجع طفلة تتلوى باحثة عن كسرة خبز تهرب بها من تحت الطائرات والمدافع، هذا الوجع أصبح حلماً إن وجدت الكسرة ولكن الجوع أكثر كفراً كما قيل. لكن أية ثقافة يحملها أعضاء هذه الحكومة التي تتلذذ على العذاب بل وتهدد بفرطها إذا ما أدخلت أية مساعدات. لقد تعبنا وتعب الناس وتعبت الأقلام والصحف، وتعبت النساء والشيوخ وبكى الرجال ولا شيء يمكن أن يشرح للأطفال ما ذنبهم. لم تعد التكايا المذلة حتى قائمة، وكلما عادت الذاكرة للأواني التي ترتفع بأيدي أطفال بما يشبع مظاهرة الذل، يسيل القهر من القلب نزيفاً لا يتوقف مع استمرار المقتلة التي مازالت تجد لها متسعاً لأرض محروقة، فتعود من جديد لتحرق مرة أخرى في دائرة موت لا تتوقف. ماذا يعني أن يتم سحق جيل كامل من الأطفال وأن يتعرضوا لكل هذا العذاب؟ كيف يمكن أن يكون صفات شعب من هذا الجيل؟ ماذا يعني أن لا تعليم لهذا الجيل للعام الثاني؟ وبدلاً من التعليم يخلق الواقع تعليماً مشوهاً ينتجه الفقر والذعر، فدراسات علم الاجتماع تحسم بين العنف ومناطق الفقر، وأي فقر تعرضت له غزة وأي عنف متوحش لاحق الناس لعام ونصف بلا توقف؟ وأي جيل هذا الذي يعيش هذا العصر؟ وأي عصر هذا؟ كنا اعتقدنا أن الإبادة والموت الجماعي أصبحا جزءاً من التاريخ البدائي المتوحش لنكتشف أن العصر الحديث أكثر توحشاً. يقول نتنياهو إنه سيستمر في حربه حتى النهاية ويقف له شركاؤه بالمرصاد فيما لو فكر بالتوقف، هكذا يهدد سموتريتش وبن غفير بعد أن أصبحت الكاهانية مركزاً للقرار، ما يعني استمرار المقتلة غير آبهين بالحلول بعد أن تمكنوا من استعادة الجزء الأكبر من أسراهم، وفي المقابل يقول الناطق العسكري لحركة حماس إنها ستستمر بالقتال حتى النهاية ...! وعن أية نهاية يتحدث الرجل الذي يشاهد كل تلك الانكسارات والفظائع واللحم المتناثر، ألا يكون ذلك في صالح دولة الاحتلال التي لا تريد التوقف وتسير نحو الخلاص من غزة، مستغلةً تلك التصريحات والوجود الهامشي الذي لم يعد يؤثر في مسار الحرب إلا لصالح من يمتلك القوة. الهوة تزداد في المفاوضات وما بين من يعلن ضمان أمن إسرائيل لخمسة عقود وما بين من يقدم له فرصة هدنة لخمس أو سبع سنوات... وبعد ذلك؟ حرب أخرى؟ هنا معضلة كبيرة لا تعبر عنها سوى جحافل الأرامل واليتامى والأنين الذي يصعد إلى السماء. كيف أخذتنا العزة بالإثم لنصدق أننا قادرون على تغيير مسار التاريخ؟ كيف صدقنا نداءات خادعة بأن غزة قادرة على أن تحمي كل الفلسطينيين الذين كانوا يطالبونها بالتدخل قبل أن تأخذ أبناء غزة موجة من السذاجة لتفعل كل هذا وتكون تلك النتيجة. وهل يفيد كثيراً شتم إسرائيل أو توجيه الانتقادات لها أو تجريمها؟ لو فعل الناس ذلك سيبدون كأنهم مصدومون من فعلها المتوحش كأنها كانت دولة رحيمة. لكن من لم يستطع تغيير التاريخ عليه أن يفكر كيف يحتمي من العواصف ليقف من جديد لا أن يعاند الريح لينتهي ... لم يكن الأمر بعيداً، براءة لا تستوي مع مكر السياسة وموازينها...! جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت