logo
#

أحدث الأخبار مع #المتنبي

مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه
مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 أيام

  • منوعات
  • الشرق الأوسط

مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه

«مصائب قوم عند قوم فوائد» هذا عجز بيتٍ يردده المحدثون بكثرة وصدره: «بذا قضت الأيام ما بين أهلها» ولقد ذهب العجز حكمة بل قل مثلاً سائراً بين الناس. ويندر ألا تجد قصيدةً للمتنبي إلا وفيها حكمة ولا نبالغ إذا قلنا إن حكمة المتنبي تنقلب مثلاً ليس له مضرب. وعدَّد ابنُ الشجري في أماليه أمثالاً لأبي الطيب المتنبي، جاءت في أعجاز أبيات. فمنها: أنَا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ المصائب تُصَغِّر عظائمها سواها، ويخشى الناس البللَ في أحوالهم الطبيعية، لكنَّ الغريق لا يأبهُ بحالٍ للبللِ. في القاموس المحيط: البلل: ابتلال الرطب. قال ابن وكيع، في «المنصف للسارق من المسروق» عن بيت المتنبي: هو مأخوذ من قول عدي بن زيد: لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصّان بالماءِ اعتصاري قُلتُ: ما أبعدَ بيت المتنبي من بيت ابن عدي! لا لجهةِ جمال المعنى، ولا لجهة جمال المبنى! وقال الواحدي والعُكبري: وهذا من قول بشار: كمزيل رجليه عن بللِ القطر وما حولَه من الأرضِ بحرُ قُلتُ: هو أجملُ من قول بشار. ومنها: وكُلُّ اغْتِيَابٍ جَهْدُ مَنْ مَا لَهُ جُهْدُ ذكر المتنبي جهدَ في العجز مرتين، الأولى بالفَتح؛ جَهْدُ، وَهي كمَا قالَ الوَاحِدي: المشقَّةُ. والثَّانيةُ بالضم؛ جُهْدُ، وهي: الطَّاقة. فِي «الذخائر والعبقريات»: «قالوا: غضبُ الجاهلِ في قولِه، وغَضبُ العاقلِ في فِعْلِه». قالَ بعض بني أُمَيَّة: «الغيبةُ جهد العاجز»، كمَا عند ابن وكيع. أمَّا «النظام في شرح شعر المتنبي»، ففيه: «قال المبارك بن أحمد: إنَّما أخذه من قولِ الإمامِ علي عليه السلام: الغيبة جهد العاجز». قُلتُ: الغيبةُ سلوكُ الدَّنيء. فَالمُتنبّي يُنكِرُ على نفسِه مجازاةَ عدوّه باغتيابِه، فهذَا جهدُ مَنْ لَا جهد لهُ، وَهو مشقةٌ يبذلُها من ليست لديهِ طاقة. واستشهدَ الواحديُّ والبَرقوقيُّ بقولِ الشَّاعر: وتَجهَلُ أَيدِينا وَيَحْلُمُ رَأيُنا وَنَشتِمُ بالأَفعالِ لا بالتَّكَلُمِ ونسبهُ البرقوقي إلى إياس بن قتادة، ووجدت النهشلي القيرواني (ت 405 هـ) في «الممتع في صنعة الشعر» ينسبه إلى معيذ بن علقمة. والصَّحيح أنَّه: معبدُ بن علقمة المازني، شاعر مخضرم، صحابي، شهد فتح مكة، وفاته نحو عام 70 هـ. والبيت السابق، مذكور في شعرِ الحَماسةِ. والحِلمُ: هو «الأناةُ والسَّكون مَع القدرةِ والقوة»، كَمَا فِي «الكُليات»، وعرفه الجُرجانيُّ بأنَّه: «الطُّمأنينة عِند سَوْرَةِ الغَضَب». ومنهَا: ليسَ التَّكَحُّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ قالَ أبو العلاء المعري: الكَحَل: أن تكونَ أشفارُ العينِ سوداءَ خِلقةً. والتَّكَحُّل: استعمالُ الكُحل. وصدر البيت قوله: لأنَّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لَا تَكَلَّفُهُ فما تمارسُه من حِلمٍ يأتي طبيعةً، بلا تكلُّفٍ، ولا تَصنُّعٍ. والفرقُ بينهما كالفرقِ بين من خُلقت أشفارُ عينيه سوداء، ومن وضعَ الكحل في عينيه. يُقال: لم تَكتحل عيناه بنومٍ؛ أي: لم يَنمْ. وفِي الأمثال: يسرقُ الكحلَ من العين. للماهر في الاختلاس. الكحلُ في العينِ الرمدة خسارة. أرادَ أن يكحلَها فأعمَاهَا.

فندق الجيروسالم.. قصر عثماني بأثاث مصري في قلب القدس
فندق الجيروسالم.. قصر عثماني بأثاث مصري في قلب القدس

الجزيرة

timeمنذ 5 أيام

  • ترفيه
  • الجزيرة

فندق الجيروسالم.. قصر عثماني بأثاث مصري في قلب القدس

"بأرض ما اشتهيتَ رأيتَ فيها فليس يفوتها إلا الكرامُ" ببيت الشعر هذا المحفور يدويا على باب خشبي والذي يعود للشاعر أبي الطيّب المتنبي، يستقبل فندق "جيروسالم" الذي يبعد بضع خطوات عن باب العمود نزلاءه وزوّاره. شُيّد الفندق إبّان العهد العثماني وبالتحديد في عام 1890 كقصر لعائلة شرف المقدسية، وفي عام 1960 وأثناء تقليب إحدى الصحف عثر المقدسي سامي سعادة على إعلان عن بيع هذا القصر-الذي تبلغ مساحة بنائه 200 متر مربع وحديقته 100 متر مربع، بالإضافة لتسوية صغيرة- فاشتراه، وكان يستخدم حينها كفندق. كان هذا البناء الأثري يستخدم خلال الحكم العثماني مقرا للجيش بهدف تعبئة الشباب للحرب العالمية الأولى، ولاحقا استخدم مدرسة إبّان الاحتلال البريطاني، ثم تحول إلى فندق إبّان الحكم الأردني وبقي كذلك حتى يومنا هذا. ورغم أن إصابات مباشرة بالقذائف أحدثت أضرارا في الجانب الشرقي من الفندق خلال حرب النكسة عام 1967، فإن البناء الأثري ظلّ صامدا حتى اليوم، وحرصت عائلة سعادة المقدسية على صيانته ورعايته بشكل يخطف أبصار النزلاء والزوّار الراغبين بالاستمتاع بأجواء تاريخية وتراثية استثنائية. يضم الفندق 14 غرفة ويحتوي على الكثير من المقتنيات الأثرية الفلسطينية من أثواب وأوان حجرية وفخارية ونحاسية، بالإضافة للمقاعد الخشبية العتيقة المزخرفة يدويا وأخرى مصنوعة من الخيزران. ويقع هذا الفندق الأثري في شارع "عنترة بن شداد"، وفي داخل كل غرفة يوجد شعر لهذا الشاعر، وخارج كل غرفة شعر لأبي الطيب المتنبي، أما أثاث الغرف فتمّ تصميمه وتفصيله خصيصا لصالح الفندق في مدينة دمياط المصرية، وعندما وصل إلى القدس قبل عقود كانت لدى صاحب الفندق المقدسي رائد سامي سعادة بعض الملاحظات والتعديلات فأُعيد الأثاث إلى مصر وأدُخلت عليه التعديلات قبل أن يُعاد مجددا إلى القدس. وبالخروج من الفندق يودّع هذا المقدسي النزلاء ببيت شعر آخر للمتنبي محفور على الباب وهو "يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ".

مقامة يا أمة ضحكت
مقامة يا أمة ضحكت

موقع كتابات

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • موقع كتابات

مقامة يا أمة ضحكت

يقول أبو الطيب المتنبي في بيت شعري من قصيدة هجاء : (( أغاية الدين أن تحفّوا شواربكم … يا أمة ضحكت من جهلها الأمم )) , حيث يخاطب المتنبي بهذا البيت أهل مصر , ويهجو فيهم تركهم ولاية ( كافور ) عليهم , وقد شرح أبو العلاء المعري البيت : (( مِن عادةِ أهل مِصر إحفاء الشَّوارب , يقول : اقتصرتُم منَ الدِّين علَى ذلك , وعطَّلتُمْ سائرَ أحكامه , ورَضِيتُم بولايةِ كافور عليكُم مَعَ خِسَّتِهِ , حتَّى ضَحِكَتِ الأُممُ مِنكم , واستهزؤُوا بكُم وبقلَّةِ عقلِكُم )) , يرفض الظلاميون ألأستشهاد بهذا البيت , وقالوا ان المتنبي كان مع شهرته تاجر كلام , إن أعطي مدح و إن منع ذم , ألا ان شاعرا آخر عاش في الفترة بين 1850-1897م , هو حسن حسني الطويراني , وجدناه يقول : (( إني أقول وحق ما أقول لهم…لكنهم جهلوا تحقيق ما فهموا , مني سماعا عباد الله واعتبروا… يا أمة ضحكت من جهلها الأمم )) . مشكلة الإنسان العربي أنه ترك حضارته وثقافته ومدنيته ويرفض بشدة مقارنة مجتمعه مع المجتمعات البدوية فى حينها أو مقارنة ‏المجتمعات الحديثة فى عصرنا , هنا تحاصره الخرافة ويتفق معها لأنها تنافق معتقداته وتجعله يرفض الوقائع المنطقية لأنها لا تتفق مع ‏مصالحه الغيبية , وتزداد حجم المأساة سوءاً عندما تصيبه الحيرة ولا يعرف إذا كان أختياره نعمة أم نقمة , إننا نحن المنتمين إلى هوامش النظام الرأسمالي العالمي , لا نزال نُرغَم على العيش في تخوم عصر الرأسمال التجاري , عصر ما قبل الصناعة , وكأن التاريخ قد توقف عندنا ليُعيد إنتاج بداياتهم , فيما هم – وقد صاروا مركزًا – ينعَمون بترف ما بعد الصناعة , حيث تسود المعرفة ويُستَبدَل العمل اليدويّ بالتقني والرقميّ , وحيث لا مكان إلا للقوة المهيمنة عبر المال والعقل والتكنولوجيا , نحن لا نُنتج , بل نَستهلك , ولا نُشارك , بل نُشاهد , إننا نلهث خلف سلعٍ لم نُسهم في خلقها , ونُفتن بأنماط حياة لم نكن طرفًا في صياغتها , نستهلك ما لا نصنع , ونتبنّى ما لا نُنتج , حتى تحوّلنا إلى سوقٍ مفتوح لتصريف الفائض الإمبريالي , وهذا هو الموضع الهامشيّ المَخزِيّ . الإنسان كائن مغفل وعنيد لا يقتنع بالعلم بسهولة بل يعاند ويدخل فى صراع مع المثقفين والعلماء , ومن الصعب فى عالمنا العربى تغيير ‏قناعة الناس الذين أغلقوا عقولهم عن فهم الواقع والتاريخ , الخرافات تنتشر بسرعة لأن المجتمع كله نشأ وتربى عليها فى مراكز العبادة ‏ومؤسسات التعليم , فأصبح الإنسان ينتظر المعجزات ولا يحب التغيير بل يوظفون الخرافة والأسطورة لصالح أفكارهم الجاهلية التى ‏سمعوها , يقول مالك بن نبى بوجود أفكار قاتلة وافكار ميتة , الإنسان الخرافى لديه أطمئنان كبير بأن الله سينصره على أعداءه لذلك ‏تجده يقتل ويدمر الآخر , وهو مستريح البال لأنه مجرد أداة لله ينفذ أوامره , فيلقى كل مشاعر اللوم على الله ولا يفكر فيها , من أجل ذلك ‏أنتشرت أمراض تعطيل التفكير الحقيقى والبحث عن أفكار وقصص خرافية تبيح لهم الثوابت والتأويلات والهروب من الواقع إلى الخيال ‏ومن الحقيقة إلى الوهم لأنهم يجدون راحة كبيرة حسب معتقداتهم فى الثبات الوجودى , والمشكلة الكبرى فى المجتمعات التى تربت على ‏أعتقادها فى قدرتها على تحقيق أطماعها والحصول على كل ما تحلم به وتتمناه حتى ولو كان الهيمنة والسيطرة على الآخر. الإيمان بأن الواقع الحاضر فى المجتمعات العربية هو حالة صحية طبيعية لا تسبب الشعور بسيادة الأنحطاط العقلى هو من أكبر ‏علامات إنتصار التخلف الجماعى , وفى إلقاء نظرة متمعنة لأفراد المجتمع سنجد أن نسبة كبيرة منه تعيش فى الماضى العربى الغريب عن ‏طبيعتها الإنسانية , تخلف نتيجة تصديق دجل رجال الدين المضللين ونخبة المثقفين المتعصبين لدينهم والخائفين من الثمن الذى يمكن ‏أن يدفعونه لو كشفوا وأعترفوا بتزوير التاريخ الدينى والعربى عامة , النظام السياسى علمهم الخوف من التعذيب ودخول المعتقلات ‏والسجون فالجميع أعتاد على النفاق والتقية التى يزرعها فى عقولهم رجال الدين المزعومين منذ الصغر.‏ ان العربى مثله كمثل المجنون الذى يعتقد أنه العاقل الوحيد فى العالم لأنه يتعلق بوهم أنه الوحيد خير الناس وأفضلهم , كيف ‏ستقنع المجنون بأن لا يعمل ولا يبتكر شيئاً بل يستهلك ثمرات العلم والمعرفة وقوت الحياة من الذين يكفرهم ؟‏ لقد أصبح الفكر العربى عقيماً منذ أن أعتاد النظر إلى الوراء , ليأخذ الآراء والأفكار والأحكام والفتاوى من الموتى فى قبورهم من مئات ‏السنين , والسبب أنهم أصبحوا مقدسون فى مجتمعه وبذلك يتلاشى التوقف للتفكير وتشغيل عقله حتى لا يصيبه التعب والإجهاد , حتى لا ‏يخطئ ويدخل فى دائرة العقاب الدينى الذى سجنه فيه رجال الدين , بل أقنعوه بأن الضمير والأخلاق من نتاج الدين لكن الحقيقة هى لا ‏علاقة لهم بالأديان , العربى مصاب بأزمة إدراك للحقائق وعلاقتها بالحاضر وعدم الوعى بأنه حصر مجتمعاته فى مجلدات نصوصية من ‏الماضى , يستقى منها علومه وترك حاضره الذى ينفجر من ثورة المعلومات الحقيقية التى تبنى حاضر ومستقبل البشرية , ويعتقد العربي بأن النور يأتى من صناديق الكتب العتيقة التى قدسوها ورفعوها فوق كل ‏عقل وعلم حديث أبتكره الإنسان العصرى , إن الماضى ورجالاته وموتى القبور لن يعودوا أبداً مهما رفعت دعواتك وصلواتك إلى كل آلهة ‏الكون فهل يتعقلون؟؟ إن الجهل هو وطن الأشقياء بكل وقاحة هيمنة أفكارهم , وأعتقادهم بأنهم أسياد وليسوا عبيد جهلهم الذين يتعبدون له صباح ومساء . قال الشاعر معروف الرصافي في وصف الجهل وآثاره ((أَلَا إِنَّ الْجَهْلَ دَاءٌ وَبِيلٌ∗∗∗وَعَاقِبَةُ الْجَهْلِ شَرُّوَبَالِ فَكَمْ أَهْلَكَ الْجَهْلُ قَوْمًا وَأَرْدَى∗∗∗وَأَوْرَثَهُمْ مَذَلَّةَ الْحَالِ )) .

‫ غذاء الروح والعقل
‫ غذاء الروح والعقل

العرب القطرية

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • العرب القطرية

‫ غذاء الروح والعقل

-A A A+ غذاء الروح والعقل «اقرأ» أوّل كلمة نزلت من كتاب الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، في دلالة جلية على أهمية القراءة وفضلها عند الله عز وجل، فقد جعل سبحانه وتعالى طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، وأمر بالقراءة لأنها وسيلة العلم التي تتحقّق بها الغاية من خلق الله للإنسان، وهي عبادته سبحانه وتعالى، وعمارة الأرض والخلافة فيها، كما أن القراءة ترتقي بمكانة الإنسان في الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}. ونتطرق هنا لماهية القراءة وفوائدها، فهي عملية عقلية تعني إدراك القارئ للنص المكتوب وفهمه واستيعاب محتوياته والحصول على المعلومات، وتحتاج إلى مهارات مثل: الكتابة والتحدث والاستماع، ولها فوائد عظيمة؛ منها أنها تخفف التوتر وتنشط الذاكرة وتطور المهارات الكتابية، وتبعث الشعور بالراحة والهدوء، وتنمي العقل والذكاء وتثري المفردات لدى القارئ، وتقوي مهارات التفكير، كما تعد القراءة وسيلة للترفيه والمتعة، وتساعد على زيادة التركيز، وتقليل خطر الإصابة بالزهايمر، وتعزز قدرة ووظائف الدماغ، ومن فوائد القراءة أيضًا تنمية مهارات التحليل والنقد، حيث يكتسب القارئ مهارة التفكير النقدي، فيصبح قادرًا على التفريق بين الكتاب الجيد والكتاب الرديء، والكاتب المميز الذي يعبّر عن أفكاره بدقة واحترافية من غيره، كما يكون قادرًا على التمييز بين أساليب الكتابة وتنوعها، ما ينعكس إيجابًا على حياته الخاصة، وبالتالي على المجتمع. القراءة حياة، فهي صانعة العقول وأساس تقدّم الأمم ونهضتها وصعودها سُلّم الرّقي والازدهار، كما أن الإنسان القارئ يعيش عمرًا معرفيًّا أكثر ممّن لا يقرأ، فالقراءة غذاء العقل والروح، يتعلّم منها الإنسان الأخلاق وكيفية التعامل مع الآخرين، وفهم ثقافات الأمم الأخرى.. لذا على كل شخص أن يُخصص جزءًا من وقته للقراءة، ولا يحرم نفسه من العيش في عالم آخر ممتع وجميل ومليء بالحكمة والمعرفة، ولن يجد الإنسان رفيقًا أفضل من الكتاب، فقد قال المتنبي: أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ * وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ في ظل عصر السرعة والتطور التكنولوجي الذي نعيشه، واختراع الأجهزة الإلكترونية والذكية التي لها وعليها، تراجعت القراءة بشكل ملموس وواضح، فالجيل الحالي يفضّل المقاطع المرئية، حيث تخدر الأجهزة الذكية الأدمغة، وتجعلها تفضّل كل سريع مختصر، وتحبب إليها كل مسلٍّ مضحك، بصرف النظر عن فائدته، مما يجعلنا وأبناءنا في دائرة الخطر؛ لذا لا بد أن نستعيد قيمة المكتبات في بيوتنا، كما يجب تحبيب أبنائنا في الكتب وقراء كل نافع ومفيد، فالمجتمع الذي تتعزز فيه القراءة كسلوك بشري هو المجتمع الذي يبشر بالنهوض والتقدم. معرض الدوحة الدولي للكتاب، الذي تقام فعالياته هذه الأيام، فرصة ذهبية لاقتناء الكتب الغنية بالمعرفة، وأخذ أبنائنا في رحلة ثقافية بين جنباته وأجنحته للاطلاع على الموروث العلمي القيم وعلى أحدث ما أبدعته البشرية من فكر، كما أن ما يقدمه المعرض من ندوات وأنشطة يُحبب في القراءة والثقافة والمعرفة ويحث عليها.. فاغتنموا الفرصة واقرأوا وعلّموا أولادكم قيمة القراءة وفضلها في رقي البشرية وتطورها. @

العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي
العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي

جريدة الرؤية

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • جريدة الرؤية

العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي

بدر بن خميس الظفري @waladjameel مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، حدث تحول جذري في المفاهيم الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك النظرة إلى العنصرية والتمييز على أساس اللون أو النسب، التي كانت سائدة في العصر الجاهلي. ومع ذلك، لم تختفِ العنصرية تمامًا من المجتمع العربي بعد الإسلام، بل استمرت بعض مظاهرها، خاصة مع اتساع الدولة الإسلامية وامتزاج العرب بغيرهم من الشعوب. وقد انعكس ذلك في الشعر؛ حيث نجد بعض الشعراء يمارسون العنصرية في أشعارهم، خاصة في سياق الهجاء، كما هو الحال مع المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي. ويُعدّ أبو الطيب المتنبي من أعظم شعراء العربية على مر العصور، وقد اشتهر بقصائده في المدح والفخر والحكمة. ومع ذلك، فقد مارس المتنبي العنصرية في بعض قصائده، خاصة في هجائه لكافور الإخشيدي، حاكم مصر في ذلك الوقت. كان كافور الإخشيدي عبدًا أسود من أصل حبشي، اشتراه محمد بن طغج الإخشيد، حاكم مصر، ثم أعتقه وقربه إليه حتى أصبح من كبار قادته. وبعد وفاة الإخشيد، تولى كافور الوصاية على ابنيه، ثم استقل بحكم مصر والشام. انتقل المتنبي إلى مصر سنة 346هـ، بعد أن ساءت علاقته بسيف الدولة الحمداني في حلب. وقد مدح المتنبي كافورًا في البداية بقصائد رائعة، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة. ومن أشهر قصائده في مدح كافور قصيدته التي مطلعها: كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا *** وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُن أَمانِيا وفيها يخاطب كافور قائلًا: أبا المِسكِ ذا الوَجهُ الذي كُنتُ تائِقًا // إِلَيهِ وَذا اليَومُ الذي كُنتُ راجيا أبا كُل طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ // وَكُل سَحابٍ لا أَخَص الغَواديا لكن عندما أيقن المتنبي أن كافورًا لن يحقق له طموحه في الولاية، غادر مصر غاضبًا، وبدأ يهجو كافورًا بقصائد لاذعة، استخدم فيها خطابًا عنصريًا يعير فيه كافورًا بلونه الأسود وأصله كعبد سابق. من أشهر قصائد المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي قصيدته المعروفة "عيد بأي حال عدت يا عيد"، التي نظمها بعد مغادرته مصر سنة 350هـ. وتعد هذه القصيدة نموذجًا صارخًا للخطاب العنصري في الشعر العربي، حيث استخدم فيها المتنبي ألفاظًا وعبارات تحط من قدر كافور بسبب لونه الأسود وأصله كعبد. تبدأ القصيدة بمطلع حزين يعبر فيه الشاعر عن حاله في العيد، وهو بعيد عن أحبته: عيدٌ بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ // بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ ثم ينتقل إلى هجاء كافور، مستخدمًا خطابًا عنصريًا صريحًا: أكُلَمَا اغْتَالَ عَبْدُ السُوءِ سيدهُ // أو خانه فله في مصر تمهيدُ صار الخصيُّ إمام الآبقين بها // فالحر مستعبد والعبد معبود في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى أصل كافور كعبد، ويتهمه بالخيانة والغدر بسيده الإخشيد، ويصفه بأنه "خصي" و"عبد السوء"، في إشارة عنصرية واضحة. ويستمر المتنبي في هجائه العنصري لكافور، مؤكدًا على أن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، مهما تغيرت ظروفه: العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ // لَوْ أنهُ في ثِيَابِ الحُرِّ مَوْلُودُ لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلا وَالعَصَا مَعَهُ // إن العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكيدُ في هذين البيتين، يؤكد المتنبي على نظرة عنصرية تجاه العبيد، معتبرًا أنهم "أنجاس مناكيد" لا يصلحون إلا بالعصا، وأن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، حتى لو ولد في ثياب الحر، في إشارة إلى أن أصله (العبودية) لا يمكن تغييره. ويتابع المتنبي هجاءه العنصري، مشيرًا إلى لون كافور الأسود بشكل مباشر: وَأن ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ // تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرعاديد مَنْ عَلمَ الأسْوَدَ المَخصِي مكرُمَة // أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصيدُ في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى لون كافور الأسود، ويصفه بأنه "مثقوب المشفر"، في تشبيه له بالحيوان، ويتساءل استنكارًا عمن علّم هذا العبد الأسود المكرمة، هل هم قومه البيض أم آباؤه الأشراف، في إشارة ساخرة إلى أن كافورًا لا أصل له ولا نسب. وفي قصيدة أخرى، يقول المتنبي هاجيًا كافورًا: وَإنكَ لا تَدْري ألَوْنُكَ أسْوَدٌ من // الجهلِ أمْ قد صارَ أبيضَ صافِيًا في هذا البيت، يسخر المتنبي من لون كافور الأسود، متسائلًا إن كان كافور لا يدري أن لونه أسود من الجهل، أم أنه يظن أن لونه قد صار أبيض صافيًا. ولفهم عنصرية المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي، لا بُد من النظر إلى الدوافع النفسية والاجتماعية التي كانت وراء هذا الهجاء العنصري. إذ من الناحية النفسية، كان المتنبي يتمتع بشخصية طموحة ومغرورة، وكان يرى نفسه أهلًا للإمارة والحُكم. وقد ذهب إلى مصر، كما أشرنا سابقًا، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة، كما يتضح من قوله في إحدى قصائده المادحة لكافور: وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجلٌ // فَيَرجِعَ مَلكًا لِلعِراقَينِ والِيًا لكن عندما خاب أمله ولم يحقق كافور طموحه، شعر بالإحباط والغضب، وتحول مدحه إلى هجاء لاذع، استخدم فيه كل ما يمكن أن يحط من قدر كافور، بما في ذلك لونه وأصله. من الناحية الاجتماعية، كان المتنبي ابن عصره، متأثرًا بالنظرة العنصرية السائدة في ذلك الوقت تجاه السود والعبيد. فرغم أن الإسلام جاء بمبادئ المساواة، إلّا أن المجتمع العربي في العصر العباسي لم يتخلص تمامًا من النظرة العنصرية تجاه غير العرب، خاصة السود والعبيد. وقد استغل المتنبي هذه النظرة العنصرية في هجائه لكافور، معتمدًا على أنها ستجد صدى لدى المتلقي في ذلك العصر. كما أن المتنبي كان يتمتع بقومية عربية مُتعصِّبة، وكان يرى في وصول عبد أسود مثل كافور إلى الحكم إهانة للعرب وللعروبة. وقد عبّر عن ذلك في قوله: ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ // يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ ولا تَوَهمْتُ أن الناسَ قَدْ فُقِدوا // وَأن مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ في هذين البيتين، يُعبِّر المتنبي عن استيائه من أن يعيش في زمن يسيء إليه فيه عبد مثل كافور، وهو محمود من الناس، ويتعجب من أن يُفقد الناس (يقصد العرب الأحرار) ويوجد مثل كافور (العبد الأسود). وهكذا، نجد أن العنصرية استمرت في الشعر العربي في العصور الإسلامية، رغم المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى المساواة. وقد تجلت هذه العنصرية بشكل خاص في شعر الهجاء؛ حيث كان الشعراء يستغلون الفروق العرقية واللونية في الهجوم على خصومهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store