logo
#

أحدث الأخبار مع #سمر

«الشيطان بجناحات».. أحمد السقا يحذف تعليقه المثير للجدل بعد إعلان انفصاله
«الشيطان بجناحات».. أحمد السقا يحذف تعليقه المثير للجدل بعد إعلان انفصاله

العين الإخبارية

timeمنذ 6 أيام

  • ترفيه
  • العين الإخبارية

«الشيطان بجناحات».. أحمد السقا يحذف تعليقه المثير للجدل بعد إعلان انفصاله

في تطور جديد أعقب إعلان الفنان أحمد السقا انفصاله عن زوجته الإعلامية مها الصغير، أثار تعليق غير مباشر منه حالة من الجدل بين متابعيه. جاء ذلك بعدما نشر عبارة غامضة كتب فيها: "يا سمر أنا استحملت كتير، والملاك بجناحات، والشياطين برضه بجناحات"، وذلك ردًا على رسالة الدعم التي وجهتها إليه شقيقته سمر السقا. التعليق، الذي اعتبره البعض محمّلاً بالإيحاءات، حُذف بعد دقائق من نشره، ما زاد التكهنات حول دلالاته، خاصة وأنه جاء في وقت حساس عقب تأكيد خبر الانفصال، والذي أعلنه السقا بنفسه من خلال منشور على حسابه غير الرسمي بموقع "فيسبوك"، طالب فيه بعدم الخوض في تفاصيل الأزمة، مؤكدًا احترامه لطليقته وتمنياته لها بالتوفيق في حياتها القادمة. وكانت شقيقته سمر قد كتبت تعليقًا على خبر الطلاق عبر صفحتها الشخصية، دعت فيه إلى لمّ الشمل مجددًا بين السقا وزوجته السابقة، معتبرة أن "العين قد أصابتهم"، في إشارة إلى الحسد، وناشدت بأن يعودا لبعضهما من أجل أولادهما. في المقابل، فضّلت مها الصغير عدم الرد على إعلان السقا بشكل مباشر، واكتفت بنشر آية قرآنية على حسابها الرسمي على "إنستغرام"، تقول: "واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين"، في أول ظهور إلكتروني لها بعد انتشار الخبر. وتشير مصادر مقرّبة إلى أن الطلاق قد تم قبل نحو شهرين، إلا أن الطرفين لم يعلناه رسميًا سوى مؤخرًا، وسط تكهنات استمرت لفترة بشأن طبيعة علاقتهما، خصوصًا بعد غياب الصور المشتركة والتعليقات المتبادلة عبر المنصات الاجتماعية. aXA6IDEwNC4yNTIuNjUuMTU4IA== جزيرة ام اند امز CZ

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"
منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

جهينة نيوز

time١٩-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • جهينة نيوز

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

تاريخ النشر : 2025-05-19 - 11:50 am صدرت عن وزارة الثقافة عام 2024 رواية "وانشقّ القمر" للقاصّة والروائية "سمر الزعبي"، وهي من القطع المتوسط، تدور أحداثها على مدى 460 صفحة، بلغة عالية الشاعرية، ومع أحداث احتلّت حيِّزاً زمكانيّاً واسعًا ومتنوِّعاً. رواية نُسجت بدقّة عالية، ومن أهمّ ما يشدّ القارئ من التقنيات فيها هو الوصف الواضح والمهيمن على الرواية كلّها، كما أنَّ لتقنية لعبة السّرد والساردين نصيبَ الأسد أيضًا، لا سيما أنّ الرواية تنتمي إلى الرواية الجديدة -الحديثة- حيث الأبطال المشترَكون وحيث تيارُ الوعي وتعدُّدُ الأصوات. كما جعلت الروائية من استراتيجية "الماتريوشكا" مادة دسمة للقارئ الذي يحبّ الاستزادة من القصص والأحداث، فكانت ترسلُ قصصاً مؤطَّرة بين ثنايا الرواية. ولا يفوتنا ذكر أنّ الروائية طرحت عدّة قضايا اجتماعية نحو الفقر والصراع الطبقي والشرف والعرف والأخلاق والخيانة والعجز. رواية "وانشقّ القمر"، نزلت فيها الروائية "سمر الزعبي" إلى ساحة الأحداث، فغدت شخصية غير مشاركة في الأحدث لكنها مشاركة أو مسؤولة عن إلغاء فصول وإضافة أخرى على سبيل التحدي للشخصية الساردة التي أحالت "سمر" إليها دفّة الرواية؛ فأصبحت "سمر" ساردة من الدرجة الأولى، في حين تقاسم السرد من الدرجة الثانية كلٌّ من: رهف وعامر ومنار وسارة وجهاد ومروان. حيث قامت كلُّ شخصية بتقديم نفسها، واستلمت الحديث بضمير المتكلم حيث الرؤية السردية المصاحبة: "مع"، التي لا يعرف السارد فيها أكثر من الشخصية، ومثال ذلك تقديم سارة لنفسها "أنا سارة من تحبُّ رهف أنْ أعيد على مسامعها تفاصيل حكايتي مع جهاد، وأكرِّرها كلّما طلبت فتضحك ثمّ تبتسم شاردة الذهن. كنت سمينة جدّاً ولا يلتفت أحدٌ إليّ، فحرصت على ممارسة التمارين الرياضية زهاء خمس سنوات، (...) وقد اكتسبت مظهرًا جذّاباً." ص.ص19- 21. كانت الروائية تنتقل بين تقنيّات السَّرد بسلاسة، وتحوِّل الرؤى السردية من رؤية إلى أخرى، فتارة تكون رهف -على سبيل المثال- ساردةً من الدرجة الأولى مستخدمةً الرؤيةَ المصاحبةَ حيث الضمير أنا، وتارة أخرى تتحوّل إلى استخدام الرؤية من الخلف وهي في -غالب الأحيان- حالة الراوي العليم. ومن أهم التقنيات الصراع بين الروائية "سمر" والشخصية الرئيسية رهف حيث كانت تظهر بين الفينة والأخرى باستعمال صوت مغاير للأصوات الأخرى، وكانت تتمثل على الورق بخط غليظ مائل، تناقش الساردة من الدرجة الثانية رهف، وتهدِّدُها بحذف مقاطعَ أو إضافة أخرى، فتجادلها رهف بأنّها صاحبة القصة وهي المخوّلة بالتغييرات التي يجب إحداثها. وتختم الساردتان الرواية بمشهد صادم اتحدتا فيه، وكانت رهف تدير الدفّة بإحكام مظهرةً معلوماتٍ لم تكن سمر تعرفها، هكذا تسرّبت إدارة السّرد من "سمر" إلى رهف التي نجحت في هذا الانقلاب السردي، وأعطت الكاميرا في الفصل الأخير لـ"سمر" كي تسجِّل النهاية غير المتوقّعة التي تنسحب فيها "سمر" بكل إرادة مع إخبار رهف أنها تستطيع بجرّة قلم أن تنسف الرواية كلَّها. وتنسحبُ رهف بدورها تاركة الشخصياتِ والأحداثَ بين يدي القارئ، وتفرُّ إلى جواد بكامل وعيها، بخاتمة تفتح المجال لرواية أخرى من تأليف أحدهم. وفي إطار السّرد الشيِّق، وعند إدخال شخصية جديدة أو زيارة مكان جديد، تلجأ الروائية سمر الزعبي إلى تقنية الوصف الذي يكون الزمن فيه صفرًا، وبوجوده وبوجود الحوار -بنوعية الخارجي والداخلي- يتمّ تعطيل السّرد، فيعطي ذلك فرصة للقارئ كي يستريح. إنّه بمثابة تلك المصطبة أو الاستراحة التي يلجأ إليها القارئ ليلتقط أنفاسه بعد احتدام الأحداث وتسارعها حيناً وتباطُئِها حيناً آخر، وحقّقت الروائية سمر الزعبي هذا في مواطنَ عديدةٍ من الرواية وعلى ألسنة الساردين جميعِهم، نحو وصف الكثير: لبيت عامر ولشوارع عمان وسط البلد وبيت سارة ولمادبا وفسيفسائها ولجرش وأعمدتها... كما قامت منار بوصف عيادة الطبيب التاجر في المكان القذر، وصف عامر لبيت رهف، وصف مروان لمنار، وصف جهاد لحالة الفقر إبان طفولته.. جعلت الروائية من الوصف -على حدّ تعبير جيرار جينيت- زينة للنص وخادماً مطواعا للسرد. عمدت الكاتبة إلى قطع المشهد السردي وتعطيله بتقديم مشهد وصفي لمتلقيها تُقرِّب له فيه وضع عامر المادي عن طريق وصف بيته شديد التواضع: "عند مدخل الحارة حاويتان كبيرتان متقابلتان (...) صعدنا عدّة أدراج بلاطها مهشّم، ضرب البيت عفنٌ من الجهة الغربية وكسته أغبرة الطرق من الجهة الشرقية، ... فأصبح لوحة رمادية دون رسومات. أجمل ما في بيتهم غرفة الجلوس، التي هي غرفة الضيافة في الوقت نفسه، لأنّها واسعة بينما تضيق غرف النوم الثلاث عليهم، وأكبرها مساحة فيها سرير الوالدين، والاثنتان المتبقيتان فيهما فراش إسفنجي وخزائن حائط، بينما تفرّدت غرفة البنات بجهاز تلفاز إضافيّ (...) المطبخ صغير لا يكاد يتّسع لحركة شخصين في آن واحد. خشب خزائنه متآكل إلى حدٍّ ما وأبواب خزائنه تحت المجلى مخلوعة تماماً، ويظهر منها سطل النفايات، وبضع فوط ومواد كيميائية للتنظيف. تظلُّ غرفة الجلوس غرفة أنيقة بالقياس مع باقي الغرف. أرضيتها سيراميك، تلمع باستمرار، نظيفة للغاية، وبقية الغرف كذلك، لكن ما لحق بها من العفن وتشقُّق دهانها يوحي بخلاف الأمر، والحق أنّ كل شيء نظيف (...) نوافذها كبيرة متراصة (...) وقد ملأتها آمنة، أم عامر بأصص الورد، ونباتات من الريحان، والسجاد، والزنبق، على شبك حديدي ... وجعلت نبتة المديدة في الزوايا، فتعربشت على الشبك (...)" الرواية: ص.ص 62- 63. في هذا المشهد الوصفي الطويل جدا والذي جاء ملء صفحتين، على لسان رهف، تصف البيت المتواضع القابع في حيٍّ فقيرٍ يدل على حاله، وصف الحاويات ومنظرها ووصف الدرج المتآكل، ثم تدخل على وصف البيت من الداخل، أثاث متواضع وفرش إسفنجي ومطبخ قديم متآكل متهالك لكنه نظيف. تركز الروائية والساردة من الدرجة الأولى "سمر" عبر صوت الساردة من الدرجة الثانية "رهف" على مظهرَيْ الفقر والنظافة لعائلة عامر التي تعمل جاهدة وباستمرار على ضخ نبض الجمال والحياة والأناقة لتُبقي بيتها مريحاً، عن طريق الوصف بالتجزئة -وصف أجزاء البيت ركنًا تلو الآخر- حسب نمط الحواس وتحديدًا الرؤية، عرضت "رهف" لقارئها الوضعين: المادي والاجتماعي لحبيبها عامر، وكانت وظيفة الوصف هنا تفسيرية. وبالمقابل وصف عامر وهو سارد من الدرجة الثانية أيضاً فيلا رهف بدلاً من القول بأنّها من عائلة فاحشة الغنى، وبالتقنية ذاتها وبالنمط ذاته: "على جانبَي الفيلا من داخل الأسوار، أنشِئ بناءان من الدرج الضخم على بعد عدّة مترات يرتفعان لحدود منتصف الفيلا، أو أكثر بقليل، يأخذ كلّ منهما بالانحناء باتجاه الآخر وصولاً إلى الأرض، حيث تفصلهما مسافة عشرة مترات تقريباً، وفي أقصى ارتفاع يصل بينهما إنشاء مستطيل، أُعِدَّ كشرفة تطلّ على جهات الفيلا الثلاث". إنّ "العملية الوصفية حين تبدأ، سواء أكانت واقعية أم موهِمة بالواقعية، تفرض على الواصف اللّجوء إلى الانتقاء والاختيار، نتيجة ازدحام الأشياء والتفاصيل، الشيء الذي يحتِّم عليه تنشيط بعضها وتخدير البعض الآخر. ولا تتمّ عملية الانتقاء هذه ببراءة أبدا، وإنْ كانت تبدو أحيانًا كما لو كانت تلقائيّة؛ لأنّها بالضرورة ترسم أثرًا جليًّا للأبعاد المعرفيّة والسيكولوجية والإيديولوجية" "عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009، ص.31. والتوصيف ذاته كان على لسان رهف أيضاً في بيت سارة. كما جاء وصف عيادة الطبيب على لسان منار الساردة من الدرجة الثانية: "كان المبنى قذرًا للغاية، لا تطيق لمس دربزين الدرج، بقوائمه المرتفعة من الجنبات، صدئة ومهترئة، والدرج متهاوٍ، والبلاط مكسّرٌ، كأنَّ أحداً ما قام بتقشيره. تبرز منه نتوءات إنْ دُسْت عليها آذتك." واسترسلت في وصف عملية الإجهاض الصعبة جدا والسيئة والمؤلمة ألما يصل إلى جسد المتلقي وروحه. وهناك نموذج آخر للوصف بوظيفة أخرى وهي الجمالية أو التزيينية، وتكاد تكون مجانية، وبمثابة هدية معرفية للقارئ نحو وصف سارة ورهف لكلٍّ من جرش وفسيفساء مادبا والكنيسة والمكان البديل "أمراح سلامة" الذي تمّ وصفه عبر حوار في الصفحات: ص. ص 168- 170. لم يكن لهذا الوصف وظيفة تخدم الرواية بأكثر من استعراض معلومات تاريخيّة عن أماكنَ سياحيّةٍ في الأردن، لكنها لوحات فائقة الجمال: "توقفنا عند أيقونتَيْن في المكان عامّة، تفرّست بهما كأنّني أراهما للمرة الأولى، ثم عاد بنا يرينا شمعدانين مرتفعين، على رأس كلٍّ منهما طبقٌ كبير يحوي رمل صويلح، تتوزّع عليه الشّموع أحدهما للدعاء والآخر للترحم على الأموات"، و"تقدّمنا إلى الخارطة المرسومة بالفسيفساء على الأرض يميناً، ورُحنا نشير إلى الدّول والتضاريس التي تعبر عنها: الأردن، البحر الميت، فلسطين، لبنان، مصر، نهر النيل، البحر الأبيض المتوسط، فقد حفظناها عن ظهر قلب." في الوصف -كما نستخلص من الأمثلة أعلاه ووَفقاً لثقافة الروائية وانتمائها بعامة تحضر "هنا اللّسانيات والبلاغة يستعير منهما المفردات ليصف أقوال الشخصيات، وهناك البستنة يستعير منها الألفاظ ليصف نبات الطبيعة، وهنالك العمارة يستعير منها الكلمات ليصف مَعلمًا، وهناك التقنية يستعير منها المصطلحات ليصف آلة" Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981, pp 61-62. الوصف هو الرسم بالكلمات، فالكاتب المبدع هو الذي يصف بدقة وإتقان، وهو رسالة منه إلى متلقيه -قارئه- يوصل عبرها إليه مشاعر الشخصيات ويجعله يتفاعل معها، ويجعل القارئ يستقبل الأحداث التي يسردها من خلال الاسترسال في وصفها، فتبدو له -للقارئ- كأنها سرد للأحداث. هناك مشهد المبيت في بيت أهل سارة حيث ثلاث سيدات خرجن من بيوتهن هائمات دون هدف محدّد، وإن ذكرت سارة أنهن سيذهبن إلى جبل نيبو ولم يفعلن ذلك! بل زرن أماكن غير مبرمجة، هنا رسالة للقارئ تحمل بين طيّاتها مدى شقاء هذه السيّدات وضياعهن، رغم أنّهن تزوّجن مَنْ أحببن. وبين سرد متنوع الساردين، ووصف واسع متعدّد الأغراض، وحوار ماتع يعبر عن حالةٍ حينًا، وعن الإفصاح عن حدثٍ حينًا آخر، ويحمل طابعاً وصفيّاً في أغلب الأحيان، رسمت الروائية سمر الزعبي حيواتٍ تكادُ تصرخ بفرحة كلّما حصحص الحقّ، وأوشك القمر أنْ ينشقّ! المراجع: سمر الزعبي، وانشق القمر، وزارة الثقافة، ط1، الأردن 2024. عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009. Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981. تابعو جهينة نيوز على

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"
منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

الانباط اليومية

time١٩-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الانباط اليومية

منطق الرؤى السردية وسحر الوصف في "وانشق القمر" لـ"سمر الزعبي"

صدرت عن وزارة الثقافة عام 2024 رواية "وانشقّ القمر" للقاصّة والروائية "سمر الزعبي"، وهي من القطع المتوسط، تدور أحداثها على مدى 460 صفحة، بلغة عالية الشاعرية، ومع أحداث احتلّت حيِّزاً زمكانيّاً واسعًا ومتنوِّعاً. رواية نُسجت بدقّة عالية، ومن أهمّ ما يشدّ القارئ من التقنيات فيها هو الوصف الواضح والمهيمن على الرواية كلّها، كما أنَّ لتقنية لعبة السّرد والساردين نصيبَ الأسد أيضًا، لا سيما أنّ الرواية تنتمي إلى الرواية الجديدة -الحديثة- حيث الأبطال المشترَكون وحيث تيارُ الوعي وتعدُّدُ الأصوات. كما جعلت الروائية من استراتيجية "الماتريوشكا" مادة دسمة للقارئ الذي يحبّ الاستزادة من القصص والأحداث، فكانت ترسلُ قصصاً مؤطَّرة بين ثنايا الرواية. ولا يفوتنا ذكر أنّ الروائية طرحت عدّة قضايا اجتماعية نحو الفقر والصراع الطبقي والشرف والعرف والأخلاق والخيانة والعجز. رواية "وانشقّ القمر"، نزلت فيها الروائية "سمر الزعبي" إلى ساحة الأحداث، فغدت شخصية غير مشاركة في الأحدث لكنها مشاركة أو مسؤولة عن إلغاء فصول وإضافة أخرى على سبيل التحدي للشخصية الساردة التي أحالت "سمر" إليها دفّة الرواية؛ فأصبحت "سمر" ساردة من الدرجة الأولى، في حين تقاسم السرد من الدرجة الثانية كلٌّ من: رهف وعامر ومنار وسارة وجهاد ومروان. حيث قامت كلُّ شخصية بتقديم نفسها، واستلمت الحديث بضمير المتكلم حيث الرؤية السردية المصاحبة: "مع"، التي لا يعرف السارد فيها أكثر من الشخصية، ومثال ذلك تقديم سارة لنفسها "أنا سارة من تحبُّ رهف أنْ أعيد على مسامعها تفاصيل حكايتي مع جهاد، وأكرِّرها كلّما طلبت فتضحك ثمّ تبتسم شاردة الذهن. كنت سمينة جدّاً ولا يلتفت أحدٌ إليّ، فحرصت على ممارسة التمارين الرياضية زهاء خمس سنوات، (...) وقد اكتسبت مظهرًا جذّاباً." ص.ص19- 21. كانت الروائية تنتقل بين تقنيّات السَّرد بسلاسة، وتحوِّل الرؤى السردية من رؤية إلى أخرى، فتارة تكون رهف -على سبيل المثال- ساردةً من الدرجة الأولى مستخدمةً الرؤيةَ المصاحبةَ حيث الضمير أنا، وتارة أخرى تتحوّل إلى استخدام الرؤية من الخلف وهي في -غالب الأحيان- حالة الراوي العليم. ومن أهم التقنيات الصراع بين الروائية "سمر" والشخصية الرئيسية رهف حيث كانت تظهر بين الفينة والأخرى باستعمال صوت مغاير للأصوات الأخرى، وكانت تتمثل على الورق بخط غليظ مائل، تناقش الساردة من الدرجة الثانية رهف، وتهدِّدُها بحذف مقاطعَ أو إضافة أخرى، فتجادلها رهف بأنّها صاحبة القصة وهي المخوّلة بالتغييرات التي يجب إحداثها. وتختم الساردتان الرواية بمشهد صادم اتحدتا فيه، وكانت رهف تدير الدفّة بإحكام مظهرةً معلوماتٍ لم تكن سمر تعرفها، هكذا تسرّبت إدارة السّرد من "سمر" إلى رهف التي نجحت في هذا الانقلاب السردي، وأعطت الكاميرا في الفصل الأخير لـ"سمر" كي تسجِّل النهاية غير المتوقّعة التي تنسحب فيها "سمر" بكل إرادة مع إخبار رهف أنها تستطيع بجرّة قلم أن تنسف الرواية كلَّها. وتنسحبُ رهف بدورها تاركة الشخصياتِ والأحداثَ بين يدي القارئ، وتفرُّ إلى جواد بكامل وعيها، بخاتمة تفتح المجال لرواية أخرى من تأليف أحدهم. وفي إطار السّرد الشيِّق، وعند إدخال شخصية جديدة أو زيارة مكان جديد، تلجأ الروائية سمر الزعبي إلى تقنية الوصف الذي يكون الزمن فيه صفرًا، وبوجوده وبوجود الحوار -بنوعية الخارجي والداخلي- يتمّ تعطيل السّرد، فيعطي ذلك فرصة للقارئ كي يستريح. إنّه بمثابة تلك المصطبة أو الاستراحة التي يلجأ إليها القارئ ليلتقط أنفاسه بعد احتدام الأحداث وتسارعها حيناً وتباطُئِها حيناً آخر، وحقّقت الروائية سمر الزعبي هذا في مواطنَ عديدةٍ من الرواية وعلى ألسنة الساردين جميعِهم، نحو وصف الكثير: لبيت عامر ولشوارع عمان وسط البلد وبيت سارة ولمادبا وفسيفسائها ولجرش وأعمدتها... كما قامت منار بوصف عيادة الطبيب التاجر في المكان القذر، وصف عامر لبيت رهف، وصف مروان لمنار، وصف جهاد لحالة الفقر إبان طفولته.. جعلت الروائية من الوصف -على حدّ تعبير جيرار جينيت- زينة للنص وخادماً مطواعا للسرد. عمدت الكاتبة إلى قطع المشهد السردي وتعطيله بتقديم مشهد وصفي لمتلقيها تُقرِّب له فيه وضع عامر المادي عن طريق وصف بيته شديد التواضع: "عند مدخل الحارة حاويتان كبيرتان متقابلتان (...) صعدنا عدّة أدراج بلاطها مهشّم، ضرب البيت عفنٌ من الجهة الغربية وكسته أغبرة الطرق من الجهة الشرقية، ... فأصبح لوحة رمادية دون رسومات. أجمل ما في بيتهم غرفة الجلوس، التي هي غرفة الضيافة في الوقت نفسه، لأنّها واسعة بينما تضيق غرف النوم الثلاث عليهم، وأكبرها مساحة فيها سرير الوالدين، والاثنتان المتبقيتان فيهما فراش إسفنجي وخزائن حائط، بينما تفرّدت غرفة البنات بجهاز تلفاز إضافيّ (...) المطبخ صغير لا يكاد يتّسع لحركة شخصين في آن واحد. خشب خزائنه متآكل إلى حدٍّ ما وأبواب خزائنه تحت المجلى مخلوعة تماماً، ويظهر منها سطل النفايات، وبضع فوط ومواد كيميائية للتنظيف. تظلُّ غرفة الجلوس غرفة أنيقة بالقياس مع باقي الغرف. أرضيتها سيراميك، تلمع باستمرار، نظيفة للغاية، وبقية الغرف كذلك، لكن ما لحق بها من العفن وتشقُّق دهانها يوحي بخلاف الأمر، والحق أنّ كل شيء نظيف (...) نوافذها كبيرة متراصة (...) وقد ملأتها آمنة، أم عامر بأصص الورد، ونباتات من الريحان، والسجاد، والزنبق، على شبك حديدي ... وجعلت نبتة المديدة في الزوايا، فتعربشت على الشبك (...)" الرواية: ص.ص 62- 63. في هذا المشهد الوصفي الطويل جدا والذي جاء ملء صفحتين، على لسان رهف، تصف البيت المتواضع القابع في حيٍّ فقيرٍ يدل على حاله، وصف الحاويات ومنظرها ووصف الدرج المتآكل، ثم تدخل على وصف البيت من الداخل، أثاث متواضع وفرش إسفنجي ومطبخ قديم متآكل متهالك لكنه نظيف. تركز الروائية والساردة من الدرجة الأولى "سمر" عبر صوت الساردة من الدرجة الثانية "رهف" على مظهرَيْ الفقر والنظافة لعائلة عامر التي تعمل جاهدة وباستمرار على ضخ نبض الجمال والحياة والأناقة لتُبقي بيتها مريحاً، عن طريق الوصف بالتجزئة -وصف أجزاء البيت ركنًا تلو الآخر- حسب نمط الحواس وتحديدًا الرؤية، عرضت "رهف" لقارئها الوضعين: المادي والاجتماعي لحبيبها عامر، وكانت وظيفة الوصف هنا تفسيرية. وبالمقابل وصف عامر وهو سارد من الدرجة الثانية أيضاً فيلا رهف بدلاً من القول بأنّها من عائلة فاحشة الغنى، وبالتقنية ذاتها وبالنمط ذاته: "على جانبَي الفيلا من داخل الأسوار، أنشِئ بناءان من الدرج الضخم على بعد عدّة مترات يرتفعان لحدود منتصف الفيلا، أو أكثر بقليل، يأخذ كلّ منهما بالانحناء باتجاه الآخر وصولاً إلى الأرض، حيث تفصلهما مسافة عشرة مترات تقريباً، وفي أقصى ارتفاع يصل بينهما إنشاء مستطيل، أُعِدَّ كشرفة تطلّ على جهات الفيلا الثلاث". إنّ "العملية الوصفية حين تبدأ، سواء أكانت واقعية أم موهِمة بالواقعية، تفرض على الواصف اللّجوء إلى الانتقاء والاختيار، نتيجة ازدحام الأشياء والتفاصيل، الشيء الذي يحتِّم عليه تنشيط بعضها وتخدير البعض الآخر. ولا تتمّ عملية الانتقاء هذه ببراءة أبدا، وإنْ كانت تبدو أحيانًا كما لو كانت تلقائيّة؛ لأنّها بالضرورة ترسم أثرًا جليًّا للأبعاد المعرفيّة والسيكولوجية والإيديولوجية" "عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009، ص.31. والتوصيف ذاته كان على لسان رهف أيضاً في بيت سارة. كما جاء وصف عيادة الطبيب على لسان منار الساردة من الدرجة الثانية: "كان المبنى قذرًا للغاية، لا تطيق لمس دربزين الدرج، بقوائمه المرتفعة من الجنبات، صدئة ومهترئة، والدرج متهاوٍ، والبلاط مكسّرٌ، كأنَّ أحداً ما قام بتقشيره. تبرز منه نتوءات إنْ دُسْت عليها آذتك." واسترسلت في وصف عملية الإجهاض الصعبة جدا والسيئة والمؤلمة ألما يصل إلى جسد المتلقي وروحه. وهناك نموذج آخر للوصف بوظيفة أخرى وهي الجمالية أو التزيينية، وتكاد تكون مجانية، وبمثابة هدية معرفية للقارئ نحو وصف سارة ورهف لكلٍّ من جرش وفسيفساء مادبا والكنيسة والمكان البديل "أمراح سلامة" الذي تمّ وصفه عبر حوار في الصفحات: ص. ص 168- 170. لم يكن لهذا الوصف وظيفة تخدم الرواية بأكثر من استعراض معلومات تاريخيّة عن أماكنَ سياحيّةٍ في الأردن، لكنها لوحات فائقة الجمال: "توقفنا عند أيقونتَيْن في المكان عامّة، تفرّست بهما كأنّني أراهما للمرة الأولى، ثم عاد بنا يرينا شمعدانين مرتفعين، على رأس كلٍّ منهما طبقٌ كبير يحوي رمل صويلح، تتوزّع عليه الشّموع أحدهما للدعاء والآخر للترحم على الأموات"، و"تقدّمنا إلى الخارطة المرسومة بالفسيفساء على الأرض يميناً، ورُحنا نشير إلى الدّول والتضاريس التي تعبر عنها: الأردن، البحر الميت، فلسطين، لبنان، مصر، نهر النيل، البحر الأبيض المتوسط، فقد حفظناها عن ظهر قلب." في الوصف -كما نستخلص من الأمثلة أعلاه ووَفقاً لثقافة الروائية وانتمائها بعامة تحضر "هنا اللّسانيات والبلاغة يستعير منهما المفردات ليصف أقوال الشخصيات، وهناك البستنة يستعير منها الألفاظ ليصف نبات الطبيعة، وهنالك العمارة يستعير منها الكلمات ليصف مَعلمًا، وهناك التقنية يستعير منها المصطلحات ليصف آلة" Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981, pp 61-62. الوصف هو الرسم بالكلمات، فالكاتب المبدع هو الذي يصف بدقة وإتقان، وهو رسالة منه إلى متلقيه -قارئه- يوصل عبرها إليه مشاعر الشخصيات ويجعله يتفاعل معها، ويجعل القارئ يستقبل الأحداث التي يسردها من خلال الاسترسال في وصفها، فتبدو له -للقارئ- كأنها سرد للأحداث. هناك مشهد المبيت في بيت أهل سارة حيث ثلاث سيدات خرجن من بيوتهن هائمات دون هدف محدّد، وإن ذكرت سارة أنهن سيذهبن إلى جبل نيبو ولم يفعلن ذلك! بل زرن أماكن غير مبرمجة، هنا رسالة للقارئ تحمل بين طيّاتها مدى شقاء هذه السيّدات وضياعهن، رغم أنّهن تزوّجن مَنْ أحببن. وبين سرد متنوع الساردين، ووصف واسع متعدّد الأغراض، وحوار ماتع يعبر عن حالةٍ حينًا، وعن الإفصاح عن حدثٍ حينًا آخر، ويحمل طابعاً وصفيّاً في أغلب الأحيان، رسمت الروائية سمر الزعبي حيواتٍ تكادُ تصرخ بفرحة كلّما حصحص الحقّ، وأوشك القمر أنْ ينشقّ! المراجع: سمر الزعبي، وانشق القمر، وزارة الثقافة، ط1، الأردن 2024. عبد اللّطيف محفوظ، وظيفة الوصف في الرواية، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، ط1، 2009. Philippe Hamon: introduction à L'analyse du Descriptif, Hachette, Paris, 1981.

هل تذكر "فيروز خانوم" في "العشق الممنوع" … جمال وشياكة ورشاقة في الـ81
هل تذكر "فيروز خانوم" في "العشق الممنوع" … جمال وشياكة ورشاقة في الـ81

في الفن

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • في الفن

هل تذكر "فيروز خانوم" في "العشق الممنوع" … جمال وشياكة ورشاقة في الـ81

واحد من المسلسلات التركية الشهيرة في الوطن العربي كان مسلسل "العشق الممنوع" الذي عرض عام 2011 أي قبل 14 عاما، وضم عدد كبير من الشخصيات التي لا يزال الجمهور يتحدث عنها. وواحدة من هذه الشخصيات هي "فيروز خانوم" والدة سمر وقدمت شخصيتها الفنانة التركية نبهات شهري، التي لفتت الأنظار في أحدث ظهور لها لجمالها ورشاقتها وهي في سن الـ81. تابعوا قناة على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا حضرت نبهات شهري إحدى الفعاليات وظهرت أمام الصحافة وردت على أسئلتهم عن رشاقاتها وتحدث عن إطلالتها. نرشح لك: أمينة خليل ونادين نسيب نجيم وبيلا حديد من بينهم ... إطلالات مبهرة للنجوم في حفل افتتاح مهرجان "كان" السينمائي وقالت نبهات شهري أنها تحافظ على بشرتها وتهتم بها وتبتعد عن أي تجميل، وتحافظ على رشاقتها، أما ملابسها فقالت إنها لديها منذ 15 عاما ولا تزال تتماشى مع الموضة. وأكدت نبهات شهري أنها تعيش في هدوء مع عائلتها وتشعر بالسعادة، وطمأنت الجميع على صحتها خاصة بعد تعرضها الفترة الماضية لوعكة صحية، موضحة أنها تتمنى أن تعود العام المقبل في عمل جديد بعد غيابها لفترة. وتدور قصة مسلسل "العشق الممنوع" حول رجل الأعمال "عدنان زياكيل" الذي يقرر الزواج بعد مرور 11 سنة على وفاة زوجته الأولى ولديه طفلين هما نهال ومراد. ويتزوج "عدنان" من "سمر" الشابة الحسناء من عائلة مرموقة تصغره في السن، لتنتقل بعدها للعيش معه في قصره حيث يعيش قريب "عدنان" الشاب الوسيم "مهند" ومربية أولاده الأنسة وبعض الخدم، وتتصارع الأحداث بين إفلاس، وكراهية، وإجهاض، تنشأ خلالها علاقة محرمة بين "سمر" و"مهند" تعصف بالأسرة. اقرأ أيضا: #شرطة_الموضة: يارا نعوم بفستان شيفون لامع في حفل زفاف رامي عاشور من تصميم أيمن لحموني فتحي عبد الوهاب: عادل إمام من أكثر الناس التزاما ... وعبلة كامل يتعمل لها حساب ميمي جمال عن ارتباط دينا الشربيني بفنان: سألتها وقالتلي مظلومة محمود سعد: لماذا لم أتحدث إلى أبناء محمود عبد العزيز لا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشر حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم) جوجل بلاي| آب ستور| هواوي آب جاليري|

المصادفة
المصادفة

عكاظ

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • عكاظ

المصادفة

تابعوا عكاظ على لم يخطر يوماً في بال أيٍّ منّا أن نسير في الطريق كخطين متوازيين؛ لأننا ببساطة لم نكن يوماً لنفترق، كنت كالظل الذي يرافق خطواته، وكثيراً ما كان الظل يسبق صاحبه لهفة وشوقاً، هكذا تربينا معاً، لم يكن في تفكير أيٍّ منّا أنه غير الآخر، وأنه على الرغم من فارق التكوين بين جسدينا بأنوثتي وذكورته ندرك أنه يتوجب علينا أن نراعي عادات المجتمع، أن يكون لقاؤنا ضمن إطار العائلة، كان تكوين تفكيرنا يأخذنا إلى أبعد من حدود الجسد، وتلك الفواصل الموضوعة فيما بيننا، هكذا مرَّتْ سنوات العمر، وأصبحت أنا سمر الطالبة في الثانوية، وعمر الذي أصبح شاباً، وبدأت تظهر على وجهه علامات النضج، فصوته الذي كان يزقزق مثل العصفور أمام قفص شباكي، لأخرج للعب معه في الشارع تغيرت نبراته أصبح أكثر خشونة وجاذبية، وكان يتوجب علينا أن نفترق في المدرسة، وأن يصبح لكل منا أصدقاؤه، وهكذا بدأت تتباعد المسافة فيما بيننا، وتعلو جدران ابتعادنا، وزادت بانتقال والد عمر إلى مدينة أخرى بعدما تقاسمت العائلة إرث الجد وافترق الأبناء، وبذلك كانت القطيعة بيني وبين عمر، ومرت الأيام، وتعاقبت السنوات، وأنستني انشغالاتي تلك المرحلة من عمري، وابتعدنا كل في طريق، وعندما أنهيت دراستي الجامعية، وتمَّ تعييني مدرسة لمادة اللغة العربية التي أحببتها بسبب عمر الذي كان يحبُّها، على الرغم من ميله إلى الرياضيات، فهو كما كان يردّد دائماً: أحب أن أحسبها جيداً... وكنت أقول له: سأكون جدول الضرب الذي يقسم ظهرك، إن لم تتابع تحصيلك الدراسي، وانتهت الأخبار فيما بيننا، ولم نعد نلتقي، كبرنا وتخرج كل منّا.. أصبحت مدرسة، كان يقتضي مني ذلك أن أتوجه إلى الوزارة؛ لأعرف مكان تعييني، وفي أي مدرسة سيكون دوامي، كنت أسابق الريح فرحةً بأنني سأبدأ حياتي العملية وسأصبح مستقلة بقراراتي، وسأعلم طلابي الاعتماد على أنفسهم، وبدأت أفكار التدريس تمرُّ على مخيلتي، وكيف سأقف للمرة الأولى مدرسة أعلم اللغة العربية، وقد استغرق تفكيري كل الوقت الذي لم أشعر فيه بمسافة الطريق، لولا زمور صاحب الحافلة، ينبهني إلى أنه قد وصل إلى آخر خط في مساره... ضحكت من نفسي، وأنا أتمتم هل هذا وقت التأخير؟ وأردفت عسى في كل تأخير خير. إن استغراقي في حلم التدريس اضطرني أن أعود سيراً على الأقدام ما يساوي ربع ساعة من الزمن حتى وجدتني أمام باب الوزارة، وثمَّة جموع ممن يدخلون لمعرفة أسمائهم في التعيين والأماكن التي سيباشرون العمل فيها، اقتربت من لوحة الإعلانات كانت الأسماء تبرق، وقد غشى عيوني الدمع فرحاً باسمي الذي لم أشعر بجماله من قبلُ كما في هذه اللحظة، وبدأت أكرر اسم المدرسة، وأفرك عيني لا أصدّق، وقلت لعلها تشابه أسماء دخلت إلى الموظف: - مرحبا أستاذ. - أهلاً وسهلاً: ردَّ الرجل الخمسيني وابتسامة تعلو شفتيه. - وأردفت: أنا مدرسة، تعينت في مدرسة، أود معرفة اسمها بدقة. - استدار إلى الكمبيوتر وهو يردّد: ما اسم الآنسة؟ - قلت: سمر ورحت أراقب أصابعه، وهو يكتب اسمي، ها هو يضرب حروف اسمي: س م ر العامري. التفت إلي وهو يقول: مبارك أنت يا آنسة معينة في مدرسة الشهيد: عمر أحمد رابح، لم يتضح حرف الحاء، كأنه لم يصل إلى سمعي، علت غشاوة عيني أصبح المكتب يدور، والموظف الخمسيني يدور على كرسيه، وقد تحوَّل إلى ثلاثة أخيلة، ولم أستيقظ إلا في غرفة الإنعاش، كان هو عمر الذي أبعدتنا الأيام، ومن ثمَّ أرجعتنا لنلتقي من جديد كل يوم، ولكن باختلاف المواقع والحالات، وما زلت أذكر كلامه: «أحب أن أحسبْها جيّداً». أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store