logo
#

أحدث الأخبار مع #غاندي

"الهندوتفا": فكر متشدد يهدّد ديمقراطية الهند ويستهدف المسلمين
"الهندوتفا": فكر متشدد يهدّد ديمقراطية الهند ويستهدف المسلمين

ليبانون ديبايت

timeمنذ 7 أيام

  • سياسة
  • ليبانون ديبايت

"الهندوتفا": فكر متشدد يهدّد ديمقراطية الهند ويستهدف المسلمين

على الرغم من أن قضية كشمير المستمرّة منذ عام 1947 وحتى اليوم تُعتبر سببًا للصراع بين الهند وباكستان، إلا أن الأيديولوجيا القومية المتطرّفة "الهندوتفا" تكمن في أساس الأزمة التي تعيشها الهند داخل حدودها ومع الدول المجاورة. في الهند، أدّى وصول ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا (BJP)، الذي يُشكّل المركز الأيديولوجي للهندوتفا، إلى السلطة عام 2014، إلى تصاعد السياسات التمييزية للدولة ضد الأقليات، وخاصة المسلمين. وقد شجّعت سياسات مودي الإقصائية الجماعات القومية الهندوسية على مهاجمة المسلمين ومضايقتهم. إن تعديل ناريندرا مودي قانونَ المواطنة (CAA)، الذي يهدف إلى إقصاء المسلمين، واعتماد السجلّ الوطني للمواطنين (NRC) الذي يضرّ بهم، وإلغاء المادة 370 التي كانت تضمن الوضع الخاص لكشمير، بطريقة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية المسلمة في الإقليم، وهدم مسجد بابري – الذي شيّده الإمبراطور بابر – على يد الآلاف من القوميين الهندوس باستخدام الفؤوس والمعاول؛ كلها مؤشرات على أن أيديولوجية الهندوتفا باتت تحتل موقعًا مؤثرًا في الدولة مع وصول مودي إلى الحكم. وبالتالي، عندما نقوم بتقييم الأزمات الداخلية في الهند، والصراع الهندي الباكستاني، والنزاعات الممتدة في الجغرافيا الهندية، من خلال الحضور القوي لأيديولوجية الهندوتفا في مفاصل الدولة، فإننا نصل إلى استنتاجات جديدة ومختلفة. مرّةً أخرى، تكتسب العلاقة الوثيقة والإستراتيجية بين الهند و"إسرائيل"، والدعم القوي الذي تقدّمه "إسرائيل" للهند في صراعها مع باكستان، بُعدًا أعمق عندما يتم تحليلها في سياق التاريخ والجذور الأيديولوجية للهندوتفا. يمكن فهم التيارات القومية في الهند من خلال اتجاهين رئيسيين يتعارضان في الجوهر: الأول، هو التيار القومي الذي مثّله كل من المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو، والثاني هو تيار الهندوتفا الذي يُعدّ فيناياك دامودار سافاركار الأب الروحي له، وهو أيضًا الشخص الذي تُنسب إليه المسؤولية الفكرية عن اغتيال غاندي. يميل التيار القومي الذي قاده غاندي ونهرو إلى مناهضة الإمبريالية، ومعاداة الصهيونية، ويتسم بالشمولية والتعدّدية والديمقراطية. في المقابل، تتبنى الهندوتفا – كما صاغها سافاركار – أيديولوجيا قومية فاشية تمجّد الهُوية العرقية الهندية وتسعى إلى تعزيزها وتوسيع نفوذها. تعود أسس هذه الأيديولوجيا إلى كتاب سافاركار الذي نُشر عام 1923 بعنوان "أساسيات الهندوتفا"، حيث فرّق بين "الهندوسية" بوصفها ديانة، و"الهندوتفا" بوصفها مشروعًا سياسيًا شاملًا. في الكتاب، أكّد سافاركار أن "الهندوسية ليست الهندوتفا، وإنما تُعدّ جزءًا منها فقط"، موضحًا أن "الهندوتفا تشمل جميع مجالات الفكر والعمل الخاصة بالعرق الهندي، وتحيط بوجوده الكامل". كان فيناياك دامودار سافاركار مهتمًا بالصهيونية بشكل لافت، وقد تأثّر كثيرًا بأفكارها عند صياغة رؤيته للهندوتفا. يتجلّى هذا التأثر بوضوح في كتاباته وتصريحاته، ومنها تصريحه الذي انتقد فيه حكومة نهرو بسبب رفضها الاعتراف رسميًا بـ"إسرائيل"، إذ قال: "إذا اندلعت حرب بين الهند وباكستان غدًا، فإن معظم المسلمين سيقفون إلى جانب باكستان، لكن إسرائيل ستكون إلى جانبنا. لهذا السبب يجب على الهند أن تعترف بإسرائيل فورًا".

مزامير الاختلاف وترانيم الخلاف
مزامير الاختلاف وترانيم الخلاف

الشرق الأوسط

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

مزامير الاختلاف وترانيم الخلاف

«الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية» عبارة ليست عابرة، بل هي موروث يمكن البناء عليه. في زمن مزامير الاختلاف وترانيم الخلاف أصبح الناس يتجهون إلى الخلاف في أبسط أوجه الاختلاف في الرأي، ومنها تشتت النخب السياسية والثقافية وحتى التعليمية الأكاديمية، والأخيرة تنهج منهجاً علمياً في الاختلاف، مما جعل صعوبة في أي حوار يمكن أن ينشأ بين أطراف مختلفة الرؤى والآراء. (الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء) هذه كانت كلمات مهاتما غاندي رجل المقاومة بالسلام. وفي الحديث عن الفرق بين الاختلاف والخلاف، ذهب اللغويون للقول إن «الاختلاف هو أن يكون الطريق مختلفاً، والمقصود هو واحد، وأما الخلاف: فهو أن يكون كلاهما مختلفاً». ونظراً لأن أزمة الحوار تقع بين الاختلاف والخلاف في الآراء، فيصبح من الضروري معرفة السبب والمسبب في نزعة الاختلاف أو الخلاف في الحوار الذي هو دليل على حراك فكري مجتمعي يعبر عن الميول والتوجهات الشخصية المختلفة والمتنوعة، ويثري التجربة الإنسانية، شريطة أن يستند إلى تجارب وأسانيد، وليس بالضرورة أن يكون صواباً بالمطلق في جميع مواطنه، ولو أن الجميع اقتنع أنه لا أحد يملك الصواب في الرأي بالمطلق لوحده، والخطأ ليس من نصيب غيره، دائماً يكون شعاره «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، فحينها يسهل الحوار والنقاش، ويبقى فقط ضمن دائرة الاختلاف والتنوع، ولا يتحول إلى خلاف وخصام وعداوة قد تحتكر الوطن في مفهوم البعض، ففي وطني ليبيا اليوم أي حوار أو نقاش أو حتى جدال ينتهي باختلاف للرأي يكون مصير أصحابه الخلاف والقطيعة واللعنة والكره والحقد، وأحياناً التخوين والاقتتال؛ بسبب انعدام ثقافة تقبل الاختلاف والتنوع في الآراء، والقبول بأن الوطن أنا وأنت وليس «أنا أو أنت»، وللأسف هذا المناخ في أي اختلاف. وهذا الأمر نتج عن حالة استقطاب حاد تحوّل فيه اختلاف الآراء إلى خلاف وعداوة وخصومة، في حين أن الحرية التي هي أساس النظام الديمقراطي تتيح حرية الاختلاف، فالديمقراطية ترتكز على احترام الرأي الآخر والقبول بسيادة القانون. وفي حالة رفض السماع للرأي الآخر والإقرار بحق اختلافه تتزعزع إحدى ركائز النظام الديمقراطي، فالمرء لا بد له أن يخاطب نفسه ويتواصل معها قبل أن يتواصل مع الآخرين ليضمن نجاحه، فالتواصل الناجح مع المجتمع ينطلق من خلال التواصل الداخلي والتحاور مع النفس، وحتى الاختلاف معها لتهيئتها لقبول آراء أخرى، وكما قيل: «حين يبدأ المرء الخلاف مع نفسه، تصبح له قيمة نحو البدء في إصلاح النفس...». وهذا يعطينا فكرة نحو التفكير بطرق مختلفة حتى مع النفس، وهذا يسمح للشخص لوحده أو مع آخرين باستخدام ما يعرف بإمطار الدماغ Brain storming أو ما اصطلح عليه بـ«العصف الذهني»، وهي عملية يحاول الفرد من خلالها إيجاد حل لمشكلة، وهذا يسمح بتجديد الأفكار والآراء المختلفة وتنوعها، مما يسهل فكرة قبول الرأي الآخر، والتفكير بمنطق التفكير خارج الصندوق، والابتعاد عن حصر الذهن في قوالب وآراء فكرية جامدة ليس فيها روح ولا ديناميكية تجعلها تواكب العصر وترضي الجميع. اختلاف الآراء له قيمة مجتمعية في تنوع الفكرة وتنوع الحلول؛ لأن المجتمع في الأصل متنوع ومختلف وليس نسخة كربونية واحدة، فالاختلاف مناخ صحي للديمقراطية، ولكن حين يشيع الرأي الأوحد يصبح ذلك مناخاً خصباً لظهور الديكتاتورية، في نتيجة للخوف من الرأي الآخر، ورفض حتى الاستماع إليه، وحينها ننشد مزامير الاختلاف، ونرتل ترانيم الخلاف في انتظار بدء الصراع. ولعل خلاف الأمة التاريخي بدأ منذ اتساع رقعة الحَجر على الفكر وحرية الرأي، والتخبط والفوضى والمراهقة وعدم النضوج الفكري لاستيعاب الاختلاف في الرؤى، في حين مصلحة الوطن تستوجب أن يكون خارج تغطية فوضى الخلافات النفعية الخاصة، فتلك انتهازية واستبداد فئوي. في ظل تفشي حالة التصحر الفكري كالتصحر الجغرافي بسبب (النخبة) التي جلها ضمن حزب الكنبة وموقف المتفرج على ما يحدث من اختلاف، والاكتفاء بالصمت مع قليل من الثرثرة أحياناً، والتي تستثمرها لتحقيق مكاسب فئوية خاصة تجعل منها رهينة ترانيم الاختلاف.

تحطيم الآلهة... الـ"سوشيال ميديا" وإعادة اكتشاف عبدالناصر والقذافي
تحطيم الآلهة... الـ"سوشيال ميديا" وإعادة اكتشاف عبدالناصر والقذافي

Independent عربية

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • Independent عربية

تحطيم الآلهة... الـ"سوشيال ميديا" وإعادة اكتشاف عبدالناصر والقذافي

اللعبة لم تعد فقط لعبة التسجيلات النادرة أو الوثائق التي يكشف عنها بعد عشرات الأعوام، أو حتى استدعاء إرث قديم معروف ومحاولة نشره على أوسع نطاق، ولكنها وجهة نظر جديدة تضع عنواناً رئيساً ربما كان بعيداً تماماً من شخصيات سياسية أو حتى روحية بعينها... غاندي كان عنصرياً، وعبدالناصر له وجه آخر أكثر اعتدالاً، والقذافي كان استشرافياً. وقد تكون بعض تلك الأوصاف غير دقيقة أو تحمل بعضاً من المبالغة، ولكن ما يرسخ في الذاكرة الجمعية الـ"فيسبوكية" أو الشبكية (نسبة إلى شبكات الـ"سوشيال ميديا")، عادة ما يكون على هذه الشاكلة، وبخاصة بالنسبة إلى جيل لم يعاصر إرث هؤلاء، إلا أن الملاحظ بقوة أن هذه الوسائل أسهمت بقوة في إعادة تقديم وتعريف بعض الزعماء الغائبين عن المشهد للجمهور، ورسم صورة ذهنية مختلفة لهم. من غير المنصف أبداً اختزال بعض الحكام الذين قضوا أعواماً طويلة في مناصبهم، وتبنوا مواقف بناءً على ما يرون أنه يصب في مصلحة بلادهم وفقاً للظروف وقتها، في مجرد بضع كلمات تقدم في سياق ما، فالسياسة فن مضاد للجمود وهي ابنة المرونة والمراوغة، كما أن الحكم الموضوعي بعيد تماماً من طبيعة ما يسمى "الرأي العام" غير المتخصص، الذي ربما يسمع جانب لا بأس به منه هذه التفاصيل للمرة الأولى، في حين أن كثيراً منها كان معروفاً للمتابعين والمهتمين، ولكنه لم يواجه بتلك الجلبة وقتها، لأن السر في السياق والظرف التاريخي. كذلك هناك من يعتقد أن التجادل في شأن شخصيات كانت فاعلة ومؤثرة في زمن مضى مجرد لعبة إلهاء جديدة، لكن الثابت أن كل حلقة مرتبطة بأخرى، من ثم ما يسميه فريق معين إعادة اكتشاف قد يكون كذلك تماماً بالنسبة إليهم من دون أدنى مبالغة، مهما اختلفنا حول دقة هذا الوصف من عدمه. عبدالناصر ساداتياً الفهم العميق للحاضر يلزمه متابعة دقيقة لما مضى، ولعل التسجيل الأخير الذي يُتداول للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر (1918-1970)، ويعود تاريخه إلى 55 عاماً مضت، واحد من أكثر التسجيلات التي أحدثت ضجة لما يتمتع به الرجل من مكانة كبيرة في وجدان شرائح متعددة من الجماهير العربية. هو بنظر الكثيرين الثائر القومي العروبي صاحب الكبرياء الذي يقف مع القضايا العربية بكل قوته، ولديه ثبات لا يلين وأحلام بالعدالة للشعوب وكراهية للاحتلال بجميع صوره، سواء كان عسكرياً أم ثقافياً، وحواره مع الرئيس الليبي معمر القذافي (1942-2011)، الذي لا تزال أصداؤه حاضرة، وربما لم يهز صورته في هذا الصدد، ولكنه أوضح بالنسبة إلى بعض من غير المتخصصين أو من غير المطلعين تماماً على تاريخه الشخصي والسياسي وجهاً آخر له، أكثر هدوءاً وواقعية وصراحة، بعيداً من الصورة التي صُدِّرت للرجل. الرئيس المصري الراحل في هذا التسجيل، الذي يعرف المخضرمون في عالم السياسة أنه ليس جديداً ويتوافق مع بضعة تصريحات سابقة موثقة جاءت على لسانه، قدم صورة في نظر مجموعة من المتابعين قريبة من خلفه أنور السادات (1918-1981) في ما يتعلق بالرغبة في وضع أسلحة الحرب جانباً وحقن الدماء واستعادة الأرض، ومحاولة إيجاد طريقة لعدم استعداء الأميركيين الذين يؤازرون إسرائيل مهما كانت خطاياهما وعدوانها، حتى لو كانت هذه الطريقة هي الاعتراف بإسرائيل بل والسلام معها، في حين أن الرواية الشائعة لدى محبي عبدالناصر أن قرار السادات بالموافقة على بنود معاهدة "كامب ديفيد" يُعد خطيئة كبرى، تجعله بعيداً بمراحل من رؤية وتوجه وأفكار عبدالناصر، على رغم كونهما كانا صديقين مقربين سياسياً وإنسانياً. إعادة تصدير الواقع لم يكن حديث الرئيس عبدالناصر انهزامياً بقدر ما كان واقعياً ويدلل على رغبته الشديدة في استعادة سيناء، التي كانت محتلة آنذاك، كما أنه جاء خلال فترة حرب الاستنزاف الشديدة الوطأة وقبل أن يتخذ الرئيس القادم بعده (السادات) قرار الحرب ومن ثم الانتصار بثلاثة أعوام، عندما كان عبدالناصر وُرِّي الثرى. أستاذ الإعلام الدولي والصحافة بجامعة "دنفر" الأميركية كريم الدمنهوري، يرى أنه "بصورة عامة تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في إعادة تصدير الواقع"، مشيراً إلى مصطلح متداول يفسر هذا التوجه هو "مجتمع ما بعد الحقيقة، أي إن الحقيقة لم تعد مهمة ولا ثابتة، فكل فصيل لديه الحقيقة التي يتبناها. في الولايات المتحدة مثلاً وعلى المستوى السياسي، يتناول الليبراليون أمراً ما بمنحى معين فيما المحافظون يتناولونه بمنحى مناقض تماماً". ويعتقد الدمنهوري أن أكثر نظرية في مجال الإعلام تلائم هذه الظاهرة هي نظرية الأطر أو التأطير الإعلامي، أي وضع إطار ما لقضية أو حقيقة محددة لتظهر على غير طبيعتها أو بصورة منحازة، مما ينعكس على إدراك المتلقي، وقد يؤثر في توجيه الرأي العام بصورة كبيرة ما إذا اعتُمد على فكرة الضغط والتكرار عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام متعددة. رد الاعتبار بالعودة إلى السياسيين العرب، فقد نال السادات نصيباً كبيراً مما يمكن تسميته إعادة التقديم أو إعادة الاكتشاف بالنسبة إلى جماهير الـ"سوشيال ميديا"، والحديث هنا بالطبع لا يضم المتخصصين بل هؤلاء الذين يستشعرون جديداً في اللقطات التي تُتداول، ويُعاد تغليفها بعناوين براقة موجزة، تسهم بالفعل في التأثير بل وتحويل الآراء. والأمر يبرز بصفة قوية عادة مع ذكرى انتصارات حرب أكتوبر باعتباره قائدها، إذ تُفند لقاءاته التلفزيونية التي كان يُظهر فيها تحدياً وفراسة ومكراً خلال حديثه عن ومع المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين. ووصل الأمر إلى قراءة رسائل ملابسه وماذا كان يقصد من زخرفة ربطة عنقه، وهناك من تحدث عن ذكائه في إدارة اللعبة مع إسرائيل، إذ استعاد سيناء ووقع اتفاقاً ملزماً عدم الاعتداء، نظراً إلى أنه كان يعلم أن القوة الغربية والأميركية التي تقف وراء إسرائيل ستظل المهددة، وليس فقط الجارة قليلة المساحة والسكان، وهي أمور لمست شرائح أخرى قيَّمتها بعد أحداث حرب غزة، بل وهناك من ذهب إلى أنه كان على السلطات الفلسطينية وقتها القبول بمقترحات السادات التي كانت ستضمن لهم أجزاء أخرى من الأرض، وهي أمور كانت ستغير كثيراً في معادلة اليوم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تجاذب وجهات النظر التي تصب في هذا السياق حول السادات جعلت هناك موجة مما يمكن أن يطلق عليه "رد الاعتبار للسادات"، وهي موجة اتسعت ووصلت إلى دوائر متعددة، كما أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يحرص دوماً على الإشادة بصحة مواقف الرئيس الراحل، ولعل أبرزها ما جاء في خطابه خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023 خلال افتتاحه بعض مشروعات النقل، إذ قال "التاريخ أثبت صحة رؤية الرئيس السادات وما ذهب إليه، على رغم الإساءة الكبيرة والمقاطعة التي واجهها في ذلك الوقت"، مضيفاً "كل 10 أعوام تُكتب للسادات صفحة جديدة، ليُقال له أنت هزمت خصومك وأنت غير موجود، كل خصومك الذين أساؤوا إليك". من المستفيد؟ محاولات الفهم بعد مرور عقود ربما تكون أسهل كثيراً، لأن جميع جوانب الصورة واضحة، كما أن نتائجها أيضاً تكون أمراً واقعاً، لهذا قد يشعر من عاصر الشخصيات نفسها بالحيرة والارتباك، لأنه لمس تأثير القرارات والمواقف على الأرض وفي ظروف مختلفة تماماً، لكن ليس كل من أعيدت قراءتهم أُنصفوا، كما أن المتخصصين يبدون تحفظاً شديداً على "التسجيلات المسربة"، ويعدونها نوعاً من التضليل المتعمد المجتزأ من سياقه. بالتالي، ينبغي التريث قبل بناء رؤية حوله، إذ ترى الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية هبة جمال الدين أن التصريحات السياسية لكي يكون الحكم عليها موضوعياً، تتطلب نشرها بالكامل مع السياق التاريخي والموضوعي وسبب الحوار، أما الاجتزاء فهو رسالة في حد ذاته لتشويه صاحب التصريحات وإظهاره بمظهر مغاير للواقع ولمواقفه ووجهات نظره، ليبدو في صورة التدليس أو التلاعب أو الاستغلال، أو أنه يخدم مخططاً آخر خلاف ما هو معروف، فالاجتزاء يمكن أن يقلب المواقف تماماً ويشير إلى وجهات نظر مناقضة لفكر الشخص. وحتى الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمكن اقتطاع بعض تصريحاته ليبدو داعماً للقضية الفلسطينية على رغم أنه على النقيض من هذا النهج. وتتابع جمال الدين أنه في ما يتعلق بحوار الرئيسين الراحلين عبدالناصر والقذافي، أيضاً ينبغي طرح أسئلة تتعلق بالسياق التاريخي لتلك التصريحات، وهل وُظف الذكاء الاصطناعي خلالها للتلاعب أو التشويه، وبخاصة أن كلا الطرفين لم يعد موجوداً ولا يمكنه الرد. وتشدد المتخصص في مجال العلوم السياسية على أن الأهم أن نقرأ سياق نشر تلك المقاطع المجتزأة... لماذا الآن ونحن في حرب؟ مَن مِن مصلحته أن يضرب مفهوم القومية العربية بالأساس؟ وما هدفه في تقديم هذا الرأي المقتطع للأجيال الجديدة التي لم تعش زمن جمال عبدالناصر؟ هل الهدف توجيه الوعي لمصلحة هدف أخطر يخدم توقيت الحرب داخل المنطقة؟ هل تلك المقاطع جزء من الحرب النفسية؟ ولماذا اختيرت الـ"سوشيال ميديا" كمساحة لنشر تلك المقاطع؟ وحول دور المنصات تحديداً، تقول جمال الدين "من الضروري التأكيد أن وسائل التواصل الاجتماعي ساحة للنفاذ والانتشار تستهدف أكثر الأجيال الشابة، فمن أطلق تلك المقاطع يستهدف قوى الحركة من الأجيال الأحدث. الـ'سوشيال ميديا' وسيلة محايدة يمكن استخدامها في الخير أو الشر بحسب من يطوعها ويتلاعب بها، بالطبع مثل القنبلة يُمكن استخدامها في الخير أو الشر، فهي أداة تحقق غرض من يستخدمها سواء كان نزيهاً أم لديه أهداف أخرى لتوجيه أو تشويه أو حشد الرأي العام، وإن كانت تلك المقاطع تؤكد استمرار قوة تأثير الرئيس جمال عبدالناصر على رغم موته منذ عشرات الأعوام". القذافي استشرافياً الاسم الثالث الذي تكرر ذكره مراراً وارتبطت سيرته وتقاطعت مع كثير من الوقائع، هو الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الذي كان لا يزال شاباً مفتوناً بجمال عبدالناصر الرمز، الذي لقنه درساً في الحكمة وبعد النظر ربما لم يتعلمه بما يكفي، لما عُرف عنه من حماسته التي قد تصل إلى المبالغة، وخطاباته المتشعبة الشديدة الطول، وأحلامه السياسية البعيدة من الواقعية. لكنه أيضاً كان من الزعماء الذين وُضعوا في إطار مختلف بعض الشيء بعد مرور أكثر من عقد على انتهاء حقبته السياسية بعنف دموي، إذ بات القذافي محوراً لأحاديث ونقاشات في كثير من الصفحات، تتحدث عن رؤيته المستقبلية ووجهة نظره القاتمة التي باتت تتحقق بالنسبة إلى بعض، وهي تلك المتعلقة بالتكالب على تقسيم الشرق الأوسط وتفتيته تحت دعاوى كثيرة، إذ أشار المتابعون، الذين فوجئوا كثيراً مما سموه دقة التوقع، إلى أن القذافي اختُصر لأعوام في ألوان ملابسه وتجهمه وعصبيته، في حين كانت لديه آراء تحذيرية تتوافق كثيراً مع ما يجري على الأرض اليوم من تحركات سياسية، تزامنت مع الحرب الإسرائيلية على غزة. مبارك وبشار يحضر هنا أيضاً وبقوة اسم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك (1928-2020) كمفاوض بارع في أزمات شتى تعرضت لها المنطقة، إضافة إلى المقارنة بينه والرئيس السوري المعزول بشار الأسد، إذ أصر الأخير على التشبث بالحكم، متسبباً في تهجير وتشريد وقتل ملايين من أبناء الشعب السوري على مدى 13 عاماً، في حين تنحى مبارك بعد 18 يوماً فقط من الثورة على نظامه عن منصبه، مما كان له أثر هائل في حقن الدماء على رغم الأرواح التي سقطت طوال هذه الأيام. عبر عشرات صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أُعيد تداول حوارات وخطابات متعددة لمبارك تنم عن بعد نظر بالنسبة إلى منتقديه قبل مناصريه، لكن هل الأمر فقط نوع من الحنين لا أكثر، وبخاصة أن الظرف الإقليمي خلال الوقت الحالي أكثر تعقيداً، والمعايير الدولية نفسها أصبحت مهتزة مقارنة بما كان عليه الوضع إبان حكم الرئيس المصري الراحل، أم هي من جديد حيلة الاجتزاء والتكرار التي لها أثر بالغ في تثبيت عناصر معينة في الأذهان قد تُشوه الحقائق؟ المتخصصة في مجال العلوم السياسية نهى بكر تستعين في تفسير ما يحدث بإحدى مقولات المؤرخ الإنجليزي من أصل لبناني ألبرت حوراني، وهي أن التاريخ يعكس وجهة نظر من يكتبه، كأن يُبرز أحداثاً ويغفل أخرى بناءً على وجهة النظر التي يتبناها. وتوضح بكر "الفكرة هنا في المتلقي الذي قد يكون سلبياً معتمداً على التلقين، أو على العكس لديه القدرة على تحليل المعلومات، والخطر أن هذا التشتت والجدل يسهم في اهتزاز مفهوم الأجيال الجديدة للرمز والقدوة. وفي عصر الذكاء الاصطناعي هذا يمكن أن يحدث التضليل بسهولة، لذا ينبغي التوقف أمام كل شيء يُتداول، وتفسير سياقه لتحديد مدى صدقيته وهل تم التلاعب فيه، فمثلاً في ما يتعلق بتسجيل عبدالناصر، هنا ارتباك وزوبعة ورغبة في حصر الجماهير داخل دائرة الماضي من دون فائدة، لذلك فإن الوعي هنا مهم للغاية". عنصرية غاندي وانتهازية كينيدي بناء وجهة نظر جديدة أو إدراك ما لم يكن مدركاً يطاول أيضاً الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي (1917-1963)، إذ قدمته وسائل الإعلام على مدى عقود على أنه قائد معسكر الخير والرئيس الأيقونة الذي كانت تحلم به أميركا، وبعض يعده من أعظم السياسيين وأكثر رجال الإدارة الأميركية تمتعاً بحس إنساني، لكن هذه الرؤية نسفتها وقائع كثيرة تُداولت بصورة مكثفة حول تدميره لزوجته بخياناته المتكررة لها، وأنه كان مدمناً على المخدرات وانتهازياً تماماً، إذ كان لا يمانع الفصل العنصري ثم وجد أن معارضة هذا النهج ستفيد خطته الانتخابية فتحول على الفور، إضافة إلى الأزمة الكبرى حول علاقته بمارلين مونرو ومعاملته القاسية لها والأقاويل عن تورطه في قتلها، فهذا الجيل لم يعد يرى كينيدي الرئيس المثالي الحالم مثل الأجيال السابقة التي تابعت غموض واقعة اغتياله، مما أضفى عليه هالة جعلته يوضع في مكانة بعيدة من النقد. أما المهاتما غاندي (1869-1948) السياسي الهندي والمحامي والزعيم الروحي لحركة استقلال بلاده، فطالما برزت له صورة واحدة كرمز للزهد والتسامح وتبني مبدأ المقاومة السلمية، لكن بفضل التداول الواسع للجانب الآخر من الحقيقة أصبح هناك فريق آخر يضعه في مكانة عادية مثله مثل أي سياسي لديه ميول وتفضيلات تجعله غير عادل في أحكامه. لهذا، فإن غاندي "العنصري" أصبح وصفاً متداولاً في بعض دول أفريقيا بين الأجيال الجديدة بعدما أصبحت مؤلفات المهاتما، وتحديداً فصولها التي توصف بالعنصرية، تمتلئ بها مواقع التواصل الاجتماعي. لهذا، لم تتوقف دعوات إزالة تماثيله من المؤسسات الكبرى في غانا ومالاوي، وجاءت الاستشهادات من فقرات في كتبه وصف فيها الأفارقة بالهمج، إذ قضى داخل أفريقيا عقدين كاملين وتعامل مع شعوبها. ويذكِّر أستاذ الإعلام الدولي كريم الدمنهوري أيضاً بنموذج حي للشخصيات التي أعادت تقديم نفسها بنفسها، معتمدة على جيل لم يعاصر الحقائق السلبية التي كان يمكن أن تؤثر في سيرته، موضحاً أن الرئيس الفيليبيني بونغ بونغ (فرديناند ماركوس جونيور) حاز السلطة بعد انتخابات فاز فيها قبل نحو عامين، معتمداً على حملات وُجهت لجمهور "تيك توك" الشاب، وهي شريحة لا تعلم شيئاً عن خلفيته التاريخية، إذ استهدف جيلاً لم يعاصر أزمة والده الرئيس الفيليبيني السابق فرديناند ماركوس، الذي أُبعد عن البلاد خلال القرن الماضي بثورة شعبية بعد اتهامه بالفساد، "هذا حرفياً هو إعادة تصدير الواقع. لذا، فهذه الظواهر تتعلق عادة بالجمهور العام، لأن المتخصص المتعمق في شأن ما لا تؤثر في آرائه أية تأويلات أخرى".

عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما بتعليم اللغة لغير الناطقين بها
عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما بتعليم اللغة لغير الناطقين بها

الجزيرة

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الجزيرة

عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما بتعليم اللغة لغير الناطقين بها

"الثقافة ذاكرة الشعوب وعنوان حضارتها"، ما زالت هذه العبارة التي سمعتها من أحد الأساتذة الفضلاء في إحدى المحاضرات في الزمن الغابر ترنّ في أذني كلما طرق حديث الثقافة أبواب المجالس والحوارات، وأذكر جيدًا كيف شرح لنا آنذاك كيفية تشكيل الثقافة في المجتمعات، واكتسابها لدى الأفراد، فقال إن ثقافة كل منكم تعتمد على ما سيبقى في ذاكرته من الكتب التي طالعها والمعلومات التي سمعها، والمعارف التي عاينها، والحكايات التي كان من شأنها أن تبقى راسخة في نفسه وذاكرته من دون وعي منه أو إدراك. ويتسق هذا الحديث مع ما قاله المهاتما غاندي من أن "ثقافة الأمة تكمن في قلوب شعبها وأرواحهم". مما لا شك فيه أن الثقافة مرتبطة ببُنية الشعوب وهيكلها الأساسي، ويذهب بعض علماء الاجتماع إلى ربطها بالديمقراطية بوصفها نتيجة حتمية تعيشها الشعوب المثقفة بأشكالها كافة. وقبل الحديث عن ارتباط الثقافة بتعليم اللغة لا بد أن نعرج قليلا على علاقة الثقافة بالمجتمعات. ما العلاقة بين الثقافة والمجتمعات وكيف تتشكل؟ إذا اتفقنا على أن الثقافة أسلوب حياة، فلا بد أن ننتبه إلى أن لكل أمة من الأمم ثقافتها الخاصة بها، ولكل شعب من الشعوب طقوسه الثقافية المختلفة التي يتميز بها، ولأن اللغة وعاء الثقافة وحاملها وناقلها لا بد أن نرى انعكاسات الثقافة في اللغة نفسها، فهي أداة التواصل الأساسية بين أبناء المجتمع الواحد، وبينه وبين المجتمعات الأخرى، لتبادل أي نشاط معرفي أو فكري. إعلان ولكل مجتمع قواعده الخاصة التي تنظمه، وله معاييره في الحكم على السلوك وتقييم المعرفة. ولأن الثقافة تُكتَسب من المحيط نجد أن المرء يتشرب ثقافة مجتمعه الذي نشأ فيه، ومجتمعه الذي يعيش فيه، شاء أو أبى. المثقفون عناصر أساسية وفعالة في بناء المجتمعات، وهذا ما يجعل الثقافة بحد ذاتها ظاهرة إنسانية فحسب، تعتمد على الاجتهاد في تحصيل المعارف، والسعي إلى توسيع دائرة المدارك، وخلق أجواء إبداعية تقوم على تراكم التحصيل المعرفي بشتى مجالاته العلمية والفنية والأدبية. ولأن الثقافة مكتسب تراكمي، لا بد أن يحافظ المثقفون على ما جاء في تراثهم الثقافي، ليبنوا ويزيدوا عليه بالقدر الذي ينسجم مع ما جاء فيه انسجاما منطقيا يقوم على تفنيد الأفكار ومحاورة العقول وتصفية المعارف مما علق فيها من الشوائب، مع العمل على دعمها بالقيم الروحية إن أراد أو استطاع! وعند الحديث عن ثقافة الشعوب فإننا نقصد كل ما يتعلق بهم من عادات وتقاليد مجتمعية، وقيم أخلاقية وأخرى معيارية جمالية ذوقية، إذ تتجلى مظاهر ثقافة الشعوب في المأكل والمشرب والملبس والزينة، وكل ما له صلة بالحياة وأساليب المعيشة، وتظهر في احتفالاتهم وأعيادهم، لا سيما القومية والدينية منها، كما تبدو في أنواع الفنون التي يفضلونها ويهتمون بها، كالفنون الشعبية والرسم والموسيقا، وغير ذلك من الفنون التي وصف الكاتب الأميركي توماس وولف تحولها في تعريف الثقافة وارتباطها بالمجتمعات إلى معتقدات فقال إن "الثقافة هي الفنون التي ترقى إلى مستوى مجموعة من المعتقدات". وكلما كانت الشعوب أكثر انفتاحًا على ثقافات الآخرين تحلّت بقدرات عالية على الاتصال والتواصل، في حالات السلم والحرب على حد سواء. كذلك فإن الاختلافات الجوهرية بين الشعوب، وفقًا لعالمة الاجتماع الأميركية روث بندكت، ليست بيولوجية، بل ثقافية بحتة. وهذا التنوع الثقافي يُعدّ ثراء مجتمعيا وقوة جماعية. إعلان هل الثقافة نشاط مجتمعي مقصود لذاته؟ يمكن للإنسان أن يصنع ثقافته الشخصية، ويغذي مراجعه المعرفية، ويطور من علومه المكتسبة ومعارفه التي يطلع عليها بعمق أو بسطحية، غير أن ثقافة الشعوب ليست فعلًا واعيًا كبناء الثقافة الشخصية، إذ تتكون ثقافة الشعوب والمجتمعات بالزمن والتجارب والتراكم المعرفي لدى الشعوب، وبالتفاعل مع البيئة الحاضنة وما تفرضه من شروط، وما تجلبه بطبيعتها من انفتاح على الآخر أو انغلاق. كيف نميز المثقف من غيره؟ يعتمد معيار الحكم بالثقافة لشخص ما على كثرة معارفه واطلاعه، وقدرته على استحضارها واستعمالها في حديثه ومواقفه، ولكي يكون المرء مثقفًا راقيًا يجب أن يكون متنوع المشارب منفتحًا على ما لا يوافق هواه وأفكاره ومعتقداته، متفهمًا لطبيعة الاختلاف البشري، قادرًا على إظهار الموضوعية في تناول الأفكار ومعالجتها، وإلا فإنه سيكون أشبه بالبحار الذي يصر على بلوغ وجهته على الشاطئ الأبعد وقد ترامت به الأطراف وبدت له السواحل الأقرب. يقال إن دور المثقفين يقتصر على حل المشكلات بعد وقوعها، في حين تعتمد المجتمعات على العباقرة لمنع حدوث المشكلات من أصلها، فما رأيك؟ إن هذا الاعتقاد يؤطر دور المثقفين في المجتمعات ويجعلهم أشبه بالأدوات الإسعافية التي يلجأ إليها لحل المسائل العالقة والخلافات الشائكة، وحقيقة الثقافة وأهمية المثقفين في المجتمعات تتجاوز هذه المعاني إلى مساحات أوسع وأعمق بكثير. فالمثقفون هم واجهة المجتمعات ومرايا ها التي تعكس مدى رقيّها وثبات أعمدتها في بنيان الحضارة الإنسانية، إنهم أشبه بالأنوار التي تدور في أفلاك المجتمعات فتنير السبل وتهتدي بها الخُطا وتسمق القامات. كذلك فإن للثقافة ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق في عموم المجتمعات، تتفاوت أهميته وفقًا للمعتقدات الدينية والقوانين المجتمعية الناظمة. إعلان ما بين الثقافة والهوية وتعليم اللغة لغير الناطقين بها ترتبط الهوية بالسمات والخصائص والمقومات الجوهرية التي تجعل أي شعب مطابقًا لذاته، مميزًا من غيره من الشعوب والأمم، فالهوية ثقافة، والهوية لغة، والهوية دين ومعتقد، وبهذا المعنى فإن الهوية ليست محض فسيفساء جمالية خارجية، بل هي أساس جوهري في وجود الفرد والمجتمع، فالوجود الحضاري للإنسان في هذا الكون مرتبط بهويته ارتباطًا جذريا. وقد يتساءل القارئ: وما علاقة الثقافة بتعليم اللغة؟ علاقتهما وطيدة جدا! ويمكننا أن نقول إن العلاقة بينهما علاقة تكاملية. فحين تحاول تعلم لغة ما أو تعليم لغة ما ستكتشف مدى حضور ثقافة الشعوب وأهميتها في تعلّم اللغات، فالثقافة الشعبية حاضرة في تفاصيل اللغة حضورًا بارزًا، فهل يمكن لمن يتعلم اللغة العربية أن يغفل عن جدية حضور الثقافة الإسلامية لدى الشعوب العربية؟ حاول أن تتذكر معي كثيرًا من العبارات التي ترددها كل يوم للرد على الآخرين في مفاصل كثيرة من حياتك اليومية، ستدرك أن الدعاء -على سبيل المثال- حاضر في تفاصيل أحاديثنا حضورًا متسقًا وكثيفًا، حتى بات المتحدث لا يدرك اتصال هذه العبارات بالثقافة الدينية، وصار غير المتدينين يرددونها، بل حتى العرب من أصحاب الديانات الأخرى صاروا يرددونها بسبب هيمنة الثقافة المجتمعية والبيئة الحاضنة عليهم، كقولنا: ما شاء الله! وإن شاء الله. وسأزيدك من الشعر بيتًا، بعض المسلمين من غير العرب يستعملون هذه القوالب من دون إدراك تامّ لمعانيها! ولعلك عزيزي القارئ تتذكر حين حاولت تعلم لغة أجنبية أنك صادفت تفاصيل ومواقف لا تتناسب مع ثقافتك وعقيدتك، فحين نطالع كتابًا من كتب تعليم اللغات كتعليم الإنجليزية أو غيرها، سنجد بعض النصوص المعدّة للتعليم تتحدث عن ثقافات بعيدة عن معتقداتنا كلّ البعد، وسنجد بعض الحوارات التي تدور بين الأصدقاء وهم يحتسون أنواعًا مختلفة من الشراب في نادٍ أو مقهى ليلي، فتتعلم بذلك بعض الكلمات والمصطلحات التي لم ولن تستخدمها في حياتك بوصفك مسلمًا ملتزمًا. إعلان في حين نجد في كتب تعلم العربية حوارات تدور في المساجد، ونصوصًا أخرى تتحدث عن التاريخ الإسلامي، وتبث عبارات إيمانية تحمل معاني الاعتقاد الإسلامي بوصفه أمرا بدهيا، كالحديث عن الجهاد في سبيل الله ومكانة الشهداء مثلا. لذلك لا يمكن أن تنفصل لغة الشعوب عن أنماطها الثقافية وعاداتها وتقاليدها. إن تعلم لغة أي شعب من الشعوب يتصل اتصالا وثيقًا بالاطلاع على ثقافتها، فتعلم اللغات يعتمد على قراءة النصوص والمقالات وسماع الحوارات المختلفة في مواقف متنوعة من الحياة، وستدرك في رحلة تعلم لغة ما أنك في نهاية المشوار حصّلت معارف ثقافية حول أصحاب اللغة، واكتشفت أساليبهم في المعيشة ومنهجهم في التفكير ومعالجة الأمور ومحاكمتها، وستدرك أنك كوّنت فكرة واسعة عن الشعب نفسه وثقافته بمحض تعلّمك للغته، فاللغة في الحقيقة مرآة الشعوب التي تعكس ثقافاتها. وفي مجال تعليم اللغات يعمد مبرمجو المناهج التعليمية إلى بث ثقافات الشعوب في موادهم التعليمية، إذ يرون أن ذلك يبعث في نفوس الطلاب رغبة في اكتشاف الجديد ومعرفة ما يجهلونه من طبائع الشعوب وعاداتها، ويعد محفزًا على تعلم اللغة والإحاطة بها، فيغدو اكتساب اللغة حينذاك تحصيلًا تلقائيا، إذ يرغب الطالب بفهم أهل اللغة ومعرفة أهوائهم فيجد نفسه منكبًّا على تعلم لغتهم والاطلاع على ثقافتهم. ومن تجربتي الشخصية وجدت أن الطلاب ينكبّون على دروس القراءة والمحادثة بشوق مختلف عن دروس القواعد والإملاء، ففيها حكايات مسلّية وأفكار مختلفة عما ألفوه، كأنها نوافذ مغلقة تنفتح أمامهم على مغاليق الشعوب الأخرى، لا سيما إذا ما كان الموضوع يعكس أساليب المعيشة في المأكل والمشرب والملبس والاحتفالات، إذ تغدو مثل هذه الدروس أكثر جاذبية لدى الطلاب، بدافع الفضول أكثر من دافع الرغبة بتعلم اللغة. هل تعكس تعابيرنا اللغوية اليومية ثقافتنا؟ تشكل اللغة أرضًا خصبة لإظهار ثقافة الإنسان وسعة اطلاعه، ويقال في ما أُثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "إن الإنسان مخبوء تحت لسانه". والإنسان في الحقيقة نتاج أفكاره وخطراته، ولغته التي يلتزمها في كلامه ترسم صورته الذهنية لدى الآخرين، وأساليبه في الحديث والتعبير تبني لدى الآخرين انطباعًا عامًّا عن شخصيته وأدبه وثقافته، وتعكس خلفيته الثقافية ومشاربه الفكرية واعتقاداته الدينية أيضًا. إعلان فالكلمة مرآة العقل، وهي معيار السامع في الحكم على عقل المتحدِّث ومكانته، ويشهد لذلك قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أظلُّ أهاب الرجل حتى يتكلَّم، فإن تكلَّم سقط من عيني، أو رفع نفسه عندي"، ومثل ذلك العبارة الشهيرة التي تُنسب إلى الفيلسوف اليوناني سقراط: "تكلَّمْ حتى أراك". لذا يجب أن نكون على حذر عند التصدر للحديث، فكلماتنا ترسم وجوهنا وتحدد معالم شخصياتنا وتبني مكانتنا في المجتمع ولدى الآخرين.

عبارات تلهمك وتحفز طاقتك عن النجاح والتميز
عبارات تلهمك وتحفز طاقتك عن النجاح والتميز

مجلة سيدتي

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • مجلة سيدتي

عبارات تلهمك وتحفز طاقتك عن النجاح والتميز

مفهوم النجاح وسياقاته يختلف من شخص لآخر، على أن النجاح غاية يسعى الجميع لتحقيقها وعند الوصول لها يشعر الإنسان بالفخر والتقدير والتميز والمزيد من الثقة بالنفس، وعامة فالناجحون يتمتعون بالعديد من الصفات على رأسها الجد والاجتهاد والدأب كما أن لديهم أهدافاً واضحة ورؤية ثاقبة ورغبة شديدة في المنافسة، وفي خضم هذه الدائرة من الطموح التي لا تنتهي قد يجد الناجحون أنفسهم قد فقدوا بعضاً من الشغف والطاقة التي تحركهم، أو واجهوا بعض التحديات التي تباعد بينهم وبين نجاحاتهم وتعرقل طريق تطورهم ونموهم، وتقلل من قدراتهم فتُغير مجرى أمور حياتهم وتعقد تفاصيها، وللخروج من هذه الحالة واستعادة الشغف والتحفيز؛ "سيدتي" جمعت لك من موقع عبارات تشجعك وتحفز طاقتك عن النجاح والتميز واقتباسات تساعدك لاستعادة الشغف نحو إلهامٍ لا يُضاهى مفعم بالطاقة. توقف عن السلبية وانفض عنك غبار الكسل "لا يمكننا حل المشكلات بطريقة التفكير نفسها التي استخدمناها عندما توصلنا إليها" -ألبرت أينشتاين. "تعلم كما لو كنت ستعيش إلى الأبد، وعِش كما لو كنت ستموت غداً" -المهاتما غاندي. "ابتعد عن أولئك الذين يحاولون التقليل من طموحاتك. العقول الصغيرة تفعل ذلك دائماً، لكن العقول العظيمة تمنحك شعوراً بأنك قادر على أن تصبح عظيماً أيضاً" - مارك توين. "عندما تُسعد الآخرين، تحصل على المزيد من السعادة في المقابل. فكر جيداً في السعادة التي يمكنك تقديمها" -إليانور روزفلت. "عندما تغير أفكارك، تذكر أن تغير عالمك أيضاً" -نورمان فينسنت بيل. "لا تتحسن حياتنا إلا عندما نغتنم الفرص. أول وأصعب مخاطرة علينا خوضها هي أن نكون صادقين" -والتر أندرسون. "لقد منحتنا الطبيعة كل العناصر اللازمة لتحقيق صحة وعافية استثنائية، لكنها تركت لنا مهمة تجميع هذه العناصر معاً" -ديان ماكلارين. "التعليم لا يُغني؛ فالعالم مليءٌ بالمتعلمين المهملين. شعار "استمر" قد حل، وسيظل يحل، مشاكل البشرية" —كالفن كوليدج. "هناك ثلاث طرق ل لنجاح المطلق: الأولى أن تكون لطيفاً، والثانية أن تكون لطيفاً، والثالثة أن تكون لطيفاً" —السيد روجرز. "يرى المتشائم صعوبةً في كل فرصة. أما المتفائل فيرى فرصةً في كل صعوبة" -ونستون تشرشل. "إذا كنت تعمل على شيء تهتم به حقاً؛ فلا داعي لأن يدفعك أحد. الرؤية هي التي تجذبك" -ستيف جوبز. "التجربة مُعلمةٌ صعبة؛ لأنها تُعطي الاختبار أولاً، ثم الدرس بعد ذلك" -فيرنون ساندرز لو. "إن معرفة مقدار ما يجب معرفته هو بداية تعلم كيفية العيش" -دوروثي ويست. " تحديد الأهداف هو سر المستقبل الواعد" -توني روبنز. "ركِّز كل أفكارك على العمل الذي بين يديك؛ فأشعة الشمس لا تحرق إلا بعد تركيزها" -ألكسندر غراهام بيل. "إما أن تدير يومك أو يديرك يومك" -جيم رون. الفشل هو أول خطوة في طريق النجاح " النجاح ليس نهائياً، والفشل ليس قاتلاً: إن الشجاعة للاستمرار هي ما يهم" -ونستون تشرشل. "من الأفضل أن تفشل في إبداع أصلي من أن تنجح عمل منقول مقلد" -هيرمان ميلفيل. "الطريق إلى النجاح والطريق إلى الفشل متشابهان تقريباً" -كولن ر. ديفيس. "يأتي النجاح عادةً لأولئك الذين هم مشغولون جداً بحيث لا يبحثون عنه" -هنري ديفيد ثورو. "ابنِ النجاح من الفشل" -جون ميلتون. "الإحباط والفشل هما أقوى خطوات النجاح" -ديل كارنيجي. "لا شيء في العالم يُغني عن المثابرة؛ فالموهبة لا تُغني، كما أنه لا شيء أكثر شيوعاً من رجالٍ غير ناجحين يتمتعون ب الموهبة" -تشارلز ديكنز. "العبقرية لا تُغني؛ فالعبقرية التي لا تُكافأ تذوي مع الزمن" -جون كيتس. " النجاح هو راحة البال، وهي نتيجة مباشرة للرضا عن النفس بمعرفة أنك بذلت الجهد لتصبح أفضل ما تستطيع" -جون وودن. "لم أحلم بالنجاح قط، بل سعيتُ إليه" -إستي لودر. "النجاح هو الحصول على ما تريد، والسعادة هي أن ترغب في ما تحصل عليه" -دبليو بي كينسيلا. "لا تدع الأمس يشغلك كثيراً عن اليوم" -ويل روجرز. "تتعلم من الفشل أكثر مما تتعلم من النجاح. لا تدعه يوقفك. الفشل يبني الشخصية" -توماس ويات. "عندما نسعى جاهدين لنصبح أفضل مما نحن عليه، فإن كل شيء من حولنا يصبح أفضل أيضاً" -باولو كويلو. "يضيع معظم الناس الفرصة لأنها تبدو وكأنها عمل" -توماس إديسون. "إن تحديد الأهداف هو الخطوة الأولى في تحويل غير المرئي إلى مرئي" -توني روبنز. "سيشغل عملك جزءاً كبيراً من حياتك، والسبيل الوحيد للرضا الحقيقي هو أن تفعل ما تعتقد أنه عمل رائع" -توماس جيفرسون. "السبيل الوحيد للقيام بعمل رائع هو أن تحب ما تفعله. إن لم تجده بعد؛ فاستمر في البحث. لا تكتفِ بالبحث. وكما هي الحال في جميع أمور القلب، ستعرفه عندما تجده" -ستيف جوبز.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store